بسم الله الرحمن الرحيم

وعليه نتوكل وبه نستعين

الحمد لله الذي لا يحيط به نعت ولا يحده وصف ولا يحويه خطاب ولا يبلغ كنهه إطناب نحمده حمداً لا يحصيه عد ولا ينتهي أمده إلى حد على ما أولانا من مننه المتتابعة واسبغ علينا من نعمه الظاهرة والباطنة ونصلي ونسلم على أبواب الرحمة ومصابيح الهدى والعروة الوثقى أمناء البلاد والحجج على العباد محمد خاتم النبيين واله وصحبه البررة الميامين وبعد جهد وعناية وقد ساعدني التوفيق الإلهي واللطف الرباني ببركة من لذنا بجواره الحجة الدامغة والنبأ العظيم والبلاغ المبين أبي الأئمة ونجاة الأمة علي بن أبي طالب  عليه السلام  أن أكتب رسالة مشتملة على أمهات المسائل الشرعية ومهماتها قد أوضحت بها الفرائض الإلهية وشرحت فيها النواميس الدينية راجياً من الله تعالى أن أصيب بها الواقع لأنال الأجرين وداعياً منه تعالى أن يفوز العامل بها في النشأتين وقد سميتها(بأسس التقوى لنيل جنة المأوى) وقد رتبتها على مقدمة ومطالب وخاتمة أما المقدمة فهي تشتمل على أمور سبعة :

 

 

      

الأمر الأول

 في شروط التكليف وطرق معرفتها

إن التكليف الشرعي إنما يثبت على الإنسان بشروط ثلاثة :

القدرة والعقل والبلوغ فإذا حصلت هذه الشروط وجب عليه الفحص فان علم بالتكليف أو قامت الحجة المعتبرة عنده عليه وليس فيه حرج عليه استحق الثواب بموافقته والعقاب على مخالفته وان لم يعلم به لا إجمالا ولا تفصيلاً ولم تقم الحجة المعتبرة عنده عليه كان معذوراً في عدم الإتيان به.

وتعرف القدرة بالتمكن من فعل الشيء وتركه وكونه تحت اختياره وجوداً وعدماً.

ويعرف العقل بالتميز بين مضار الأشياء ومنافعها وصالحها و فاسدها ومعرفة خواصها وآثارها واستنتاج غائبها من حاضرها وطلب فوائدها من مقدماتها.

ويعرف البلوغ في الصبي بخروج اللحية أو نبات الشعر الخشن على العانة التي حول الذكر ولا اعتبار بالزغب والشعر الضعيف وهكذا يعرف بالاحتلام أو بالقدرة على المواقعة والإنزال أو إكمال خمس عشرة سنة هلالية.

ويعرف البلوغ في الصبية بالحيض أو الحمل أو بالاحتلام أو الاستعداد لقبول الفحل أو بإكمال تسع سنين هلالية.

الأمر الثاني

في ان المكلف إما أن يكون مجتهداً أو مقلداً أو محتاطاً وطريق معرفة اجتهاد المجتهد وأخذ المسائل منه

انه لا يجوز للإنسان فعل عبادة أو معاملة من دون استناد إلى دليل شرعي وإلا كان من المتسامحين والمتجرين ومن أتى بذلك مدخلاً له في الشريعة كان من العاصين ولا شك عندنا انه من الفاسقين ومن هذا الباب اخذ الأحكام من الأدلة مع عدم الأهلية والقابلية فلابد أن يكون المكلف في غير الأمور اليقينية له إما مجتهداً عارفاً بأخذ الأحكام الشرعية من أدلتها التفصيلية على أسس صحيحة أو محتاطاً مع العلم بطرق الاحتياط وعدم وقوعه في الخلاف أو مقلدا لمجتهد جامع للشرائط والصفات.ويعرف اجتهاد المجتهد وجامعيته للشرائط والصفات بالبينة الشرعية أو بالعلم الوجداني من أي سبب كان من شياع أو مخالطة أو اطلاع على مؤلفاته وكتبه أو اختباره في بعض المسائل الفقهية أو نحو ذلك.وأما طريق أخذ المسائل من المجتهد فهو أما بالعلم الوجداني أو بالسماع منه أو بالبينة الشرعية أو بإخبار العدل الواحد الموثوق به أو من رسالته العملية مع الأمن من الغلط أو الخطأ فيها كأن كانت مصححة أو ممضى العمل بها منه.

وينبغي التنبيه على أمور:

(أحدها)انه للمكلف أن يحتاط أو يجتهد أو يقلد عند العمل بالحكم الشرعي ويجوز له أن يعمل بقطعه ويقينه ولا يجوز له أن يتبع هواه وخياله ونزعة نفسه وشهواته.

(ثانيها)لو عمل الجاهل بدون أن يحتاط أو يجتهد أو يقلد وكان عمله مطابقاً للواقع أجزأه.وإذا انكشف له انه خلاف الواقع وجب عليه الإعادة أو القضاء.وإذا شك في صحته بعد انتهاء العمل أو خروج وقته بنى على صحته.

(ثالثها)إذا علم المكلف بفوات قسم من الواجبات عليه ولكنه لا يدري بمقدارها أتى بالقدر المتيقن منه نظير من علم بأنه لم يصلِّ أو انه صلى صلاة فيها مخالفة للواقع ولكنه لا يدري انها كانت خمس سنين أو ثلاث سنين كان عليه الإتيان بالقدر المتيقن اعني قضاء ثلاث سنين.

(رابعها)إذا عرض للجاهل الشك في أثناء عمله فان أمكنه الاحتياط احتاط كما لو شك في وجوب القنوت عليه ولم يحتمل انه مفسد لصلاته فانه يحتاط بإتيانه للقنوت.وان لم يمكنه الاحتياط فالأولى له إتمام عمله برجاء الواقع ويرجع لمرجعه بعد ذلك لمعرفة الواقع.

(خامسها)يجوز العمل بالاحتياط لمن يتيقن أو قام عنده الدليل المعتبر على انه مبرئ للذمة أو قلد من يجوز له العمل به.

(سادسها)الاحتياط من المجتهد إذا كان معه الفتوى منه سواء كان مسبوقا بها أو ملحوقاً بها لم يجب العمل به وكان للعامي العمل بالفتوى.وإذا كان بدون فتوى جاز للمقلد العمل به أو الرجوع لغيره.

وأما إذا كان بنحو الفتوى كما إذا أفتى له باجتناب الإناءين المعلوم إجمالا بنجاسة أحدهما فلا يجوز الرجوع لغيره فيها.

(سابعها)تقليد المجتهد عبارة عن الاستناد والاعتماد على قول المجتهد في مقام العمل بالحكم الشرعي.

(ثامنها)أن المجتهد الذي يصح تقليده والمرجعية العامة له الأولّى فيه أن يكون جامعاً لأمور الرجولية والاجتهاد المطلق والعقل والبلوغ والعدالة وكونه امامياً أثني عشرياً طاهر المولد حياً ضابطاً كاتباً متكلماً سامعاً مبصراً متبصراً حراً ورعاً فيه الأهلية والقابلية والكفاءة التامة لتدبير شؤون المسلمين ومهتماً بأمورهم بحيث يصح لان تلقى على عاتقه مقاليد الحكم والمرجعية الدينية والرئاسة العامة والتولي للأمور الدينية والدنيوية.

(تاسعها)تثبت جامعية الشخص لشرائط صحة تقليده بأمور:

الأول – بالعلم الحاصل من المعاشرة أو من الشياع أو من الاختبار أو غير ذلك من الأسباب الموجبة للعلم فان القطع حجة من أي سبب كان.

الثاني – بشهادة العدلين.

الثالث – بحكم الحاكم الجامع للشرائط.

(عاشرها)يصح البقاء على تقليد الميت برجوعه للحي في ذلك وعلى الحي أن يبين له مقدار ما يبقى عليه من فتاوى الميت.

الأمر الثالث 

في أول الواجبات على الإنسان

انه أول ما يجب على العبد المكلف تحصيل اليقين والاعتقاد بأصول بمعنى التدين بها الإيمان ولا يكفي في ذلك الظن أو الحدس ولا يجزي التقليد أو التخمين وهي خمسة التوحيد والنبوة والمعاد الجسماني والعدل والإمامة وتخص الثلاثة الأولى باسم أصول الدين وبأصول الإسلام وتحصيل اليقين بهذه الخمسة من أهم التكاليف الشرعية وهو مقدم على جميع الواجبات الدينية ولا تجب معرفتها بالطرق التي ذكرها الفلاسفة وحررها المتكلمون من دور وتسلسل وترتيب صغرى وكبرى.

 

التوحيد

بل يكفي في معرفة(توحيده)تعالى ونفي الشريك عنه وما يتبعها من معرفة الصفات الإيجابية والسلبية النظر إلى هذا الكون بعظمته التي لا تحد وسعته التي لا تتناهى وما فيه من العوالم العلوية والأنواع السفلية ذات الصنع المحكم والتقدير المتقن قد تمشت على أسس منظمة وقوانين ثابتة وحدود معينة على طول المدة وبعد الزمن دون أن يعتريها الفساد أو يختل فيها النظام فان في ذلك دلالة واضحة وحجة ساطعة على وحدانية خالقها في ربو بيته ونفي الشريك له في ملكوتيته لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا .نعم هي والله آيات باهرة ودلائل واضحة مزيلة لغشاوة بصائر الناظرين وحجة موقظة لقلوب الغافلين وبرهان ساطع على وحدانية رب العالمين :" إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنْ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ" وكيف لا تكون آيات على وجود الخالق واتصافه بالوحدانية.وبراهين على تحليه بأبهى الصفات الكمالية وتجليه بأعظم النعوت الجمالية والجلالية فانا لو نظرنا إلى مخلوق منها وهو الإنسان وتدرجه في هذه الحياة من ماء مهين مستقره في ظلمات الأرحام إلى علقة حمراء في احفظ مغرس واتقن مغرس ثم انتقاله من طور إلى طور في أحسن حراسة واكمل عناية حتى إذا صار خلقاً عجيباً وصنعاً بديعاً في جوٍ هادئ وعيش هنيء وبلغ من لبثه مداه واستغنى عن موطنه ومرساه خرج من تلك الظلمات بين أحضان أبويه وتحت رعاية والديه إلى أن تشتد قواه ويستغني بنفسه عمن سواه فليت شعري هل يعقل أن يكون هذا كله بلا صانع حكيم وعالم قدير ومدبر بصير فتبارك الله احسن الخالقين.

هذا ويمكن إثبات اكثر الصفات بصريح الآيات ومتواتر الروايات بعد إثبات الواجب وعدله إلا أنه يجزي العبد معرفة أنه تعالى جامع لصفات الكمال ومنزه عن صفات النقصان ولو بنحو الإجمال.

النبوة

ويكفي في النبوة معرفة ان الرسول من قبل الله إلينا بلا واسطة من البشر لتبليغ الأحكام الشرعية والتكاليف الإلهية هو محمد  صلى الله عليه وآله وسلم  بن عبد الله بن عبد المطلب لدعواه النبوة مع ظهور المعجزات الباهرة على يده وصدور الآيات البينة منه وكيف لا ولدينا اليوم كتاب الله حجة بالغة على ممر الدهور ومعجزة دامغة على مدى الأزمان والعصور وفرقاناً أخرس البلغاء وقرآناً إلهياً عجزت عن معارضته الفصحاء إلى غير ذلك من جريان الماء من أصابعه عند عطش القوم –وإخباره بموت النجاشي يوم موته – وإنبائه بقتل الفئة الباغية لعمار بن ياسر.وانشقاق القمر له عندما طلب أهل مكة أن يريهم معجزة تدل على رسالته ونبوته.وتضليل الغمام وتسبيح الحصى,وتكليم الموتى والبهائم ونحو ذلك من المعجزات التي أحصتها كتب السير ورويت متواترة في صحيح الأثر ويكفي دليلا على عصمته  صلى الله عليه وآله وسلم  انه لو جاز عليه السهو والخطأ والنسيان والعصيان لم يحصل الوثوق بصحة قوله ولا تطمئن النفوس بصدقه فتنتفي فائدة بعثه وصح لنا العذر عند مخالفة أمره ونهيه ولا يجب معرفة نسب النبي  صلى الله عليه وآله وسلم  ولا أزواجه ولا أولاده وكمية عمره ومكان ميلاده.

المعاد الجسماني

ويكفي في المعاد الجسماني العلم بأنه تعالى يعيد الأبدان إلى حياتها بعد موتها ويرجع الأجسام إلى هيئتها الأولى بعد تفرق أجزائها فكأن الناس نيام قد انتبهوا من رقدتهم وغائبون قد آبوا من رجعتهم إذ لولا ذلك لضاع جزاء المحسنين وذهب حق المظلمين واستوى حال المطيع والعاصي والمحسن والمسيء والظالم ولم تبق ثمرة لإرسال الأنبياء ولم يحسن الوعد والوعيد ولا الترغيب والتهديد ولا تحقق الثواب والعقاب ولزم الكذب على الله حيث أخبر بالمعاد.وهذه الثلاثة أصول الدين والإسلام فمن أنكر واحداً منها أو شك فيه ولم يكن متديناً به كان من الكافرين ومستحقاً للعذاب في يوم الدين.

 

الإمامة

ويكفي في الإمامة معرفة أن الرياسة العامة على جميع المكلفين في أمور الدنيا والدين نيابة عن النبي  صلى الله عليه وآله وسلم   بعد موته تكون للأئمة الاثني عشر E إماما بعد إمام معصومين عن الخطأ والخطيئة متقدمين على أهل زمانهم بالفضل والفضيلة منزهين عن كل نقص ورذيلة حيث يجب على الله تعالى من باب اللطف على عباده أن يخلق لهم شخصاً تركن له النفوس ولا تشمئز منه الطباع وتطمئن به القلوب ويرشدهم إلى طريق الهدى ويردعهم عن طريق الغي والردي وإلا لضل كما ضلوا ولزل كما زلوا وان يكون ظاهراٍ بينهم يأمرهم وينهاهم إلا أن يختفى لشوكة الظالمين وسطوة الجائرين كما اتفق لعيسى وبولس وإدريس   كيف لا والناس بعد الرسول لا يمكنهم حفظ الأحكام ولا استفادتها من القرآن لما فيه من المتشابه الذي لا يدرى مبينه ومجمل لا يعرف تفصيله وعام لا يعلم مخصصه ومنسوخ لا يميز ناسخه فهم محتاجون لشخص حافظ لها لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحاط بها علماً كي يرجع إليه عند اشتباه الأمر وعدم معرفة الحكم هذا من جهة ومن جهة أخرى ان البشر لما كانت طبائعهم متباينة وأهواؤهم مختلفة وعقولهم متفاوتة مع شدة احتياج بعضهم لبعض في أمر المعاش وشؤون الحياة فلابد لهم من شخص يردعهم عما فيه الفساد ويرشدهم لما فيه الصلاح والإصلاح وإلا لوقعوا في هرج ومرج وشغب وسغب وعند ذا يؤول العالم إلى الخراب ويحل به الفساد والدمار قال جدي كاشف الغطاءS ما حاصله انه كيف يجعل الله للبدن حاكماً يدبره وهو القلب ويدع العالم الإنساني بلا رئيس يدبره أم كيف يوجب الله نصب الوصي على الميت لئلا تختل المواريث وتضيع الحقوق ولا ينصب لهذه الخلائق من يدبر أمرهم ويصلح شأنهم وكيف يوصي النبي  صلى الله عليه وآله وسلم   بجزئيات أمواله وكيفية تجهيزه وغسله وتكفينه والصلوة عليه ودفنه ويدع هذا الأمر العظيم فوضى بينهم ومهمل عندهم.ألا وإن في الآيات الباهرات ما يدل على خلافة علي  عليه السلام بعد الرسول ما فيه الكفاية وان في الأخبار المتواترة على إمامته ما فيه غنى وقناعة فمن ذلك قوله تعالى : " إِنَّمَا وَلِيُّكُمْ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ" وقوله تعالى : " إِنَّمَا أَنْتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ"وقد اعترف المفسرون بأن المراد بالذين آمنوا وبالصادقين وبالهادي هو علي بن أبي طالب  عليه السلام وروي عن الخوارزمي في المناقب عن البصري انه كان يقرأ هذه الآية في سورة الحجرات(هذا سراط علي مستقيم)بإضافة سراط إلى علي وبقول معناه هذا صراط علي بن أبي طالب ودينه مستقيم فاتبعوه ولا يخفى ان الاعتبار يساعد على هذه القراءة فانه لو قرأ السراط بالتنوين و(على)حرف جر داخل على ياء المتكلم يلزم أن يكون السراط على الله تعالى مع ان السراط يكون إلى الله تعالى لا عليه تعالى ولذا التزم بعض المفسرين التأويل فيها والتجأ بعضهم إلى قراءتها(علي)بالضم من العلو وهو أيضا غير وجيه لأن السراط لا يوصف بالعلو بحسب العرف والمحاورة وانما يوصف بالاستواء والاستقامة . وأما الأخبار فلا يمكن حصرها كخبر الغدير وحديث الطائر المشوي وخبر الخلافة وحديث المنزلة وغير ذلك من الأخبار المروية من عدة طرق بلغت حد التواتر المفيد لليقين لمن اطلع عليها(واما باقي الأئمة   عليه السلام  )فهم الحسن عليه السلام ثم أخوه الحسين ثم ابنه علي زين العابدين ثم ابنه محمد الباقر ثم ابنه جعفر الصادق ثم ابنه موسى الكاظم ثم ابنه علي الرضا ثم ابنه محمد الجواد ثم ابنه علي الهادي ثم ابنه الحسن العسكري ثم ابنه الحجة المنتظر الذي اسمه اسم النبي وهو الحجة علينا في هذا العصر استتر خوفاً من أمراء الجور ولازال ولا يزال حياً إلى أن يأذن الله بالخروج والظهور له فتمتلئ به الأرض عدلاً وقسطاً بعد ما ملئت ظلماً وجورا فهم العترة الطاهرة الذين امرنا الله تعالى باتباعهم والتمسك بهم لنص كل سابق منهم على اللاحق مع ظهور المعاجز الباهرة والآيات البينة منهم.ويكفي في إثبات إمامتهم ما روي بطرق صحيحة معتبرة عن جابر بن عبد الله الأنصاري أنه قال لما أنزل الله تبارك وتعالى على نبيه  صلى الله عليه وآله وسلم  :" يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ" قلت يا رسول الله عرفنا الله فأطعناه وعرفناك فأطعناك فمن أولي الأمر الذين أمرنا الله بإطاعتهم قال هم خلفائي يا جابر وأئمة المسلمين من بعدي أولهم أخي علي ثم الحسن ثم الحسين ثم علي بن الحسين ثم محمد بن علي وستدركه يا جابر فإذا أدركته فأقرأه مني السلام ثم جعفر بن محمد ثم موسى بن جعفر ثم علي بن موسى ثم محمد بن علي ثم علي بن محمد ثم الحسن بن علي ثم محمد بن الحسن يملأ الأرض قسطاً وعدلا كما ملئت جوراً وظلماً.وكفى دليلاً على ذلك ما رواه أكابر علماء السنة كجمال الدين في روضة الأحباب فانه روى الحديث المتقدم عن جابر.وكالحمويني في فرائد السمطين قال قدم يهودي يقال له مغثل على النبي  صلى الله عليه وآله وسلم  ليسلم على يده فسأل اليهودي النبي عن وصيه بعده فقال له  صلى الله عليه وآله وسلم  ان وصي علي بن أبي طالب وبعده الحسن وبعده الحسين وتتلوه تسعة أئمة من صلبه فقال اليهودي سمهم لي يا محمد فقال  صلى الله عليه وآله وسلم  إذا مضى الحسين فابنه علي فإذا مضى علي فأبنه محمد فإذا مضى محمد فابنه جعفر فإذا مضى جعفر فابنه موسى فإذا مضى موسى فابنه على فإذا مضى علي فابنه محمد فإذا مضى محمد فابنه علي فإذا مضى علي فابنه الحسن فإذا مضى الحسن فابنه الحجة محمد المهدي طوبى لمن احبهم وتبعهم والويل لمن أبغضهم وخالفهم.وكصاحب ينابيع المودة فانه نقل عن صاحب المناقب أن النبي  صلى الله عليه وآله وسلم  عندما سأله جندل عن أوصيائه الذين يستمسك بهم من بعده قال  صلى الله عليه وآله وسلم  أوصيائي إثنا عشر فقال جندل سمهم فقال  صلى الله عليه وآله وسلم  أولهم سيد الأوصياء أبو الأئمة علي ثم ابناه الحسن والحسين فاستمسك بهم ولا يغرنك جهل الجاهلين فإذا انقضت مدة الحسين فالإمام ابنه علي ويلقب بزين العابدين فبعده ابنه محمد فبعده ابنه جعفر فبعده ابنه موسى فبعده ابنه علي فبعده ابنه محمد فبعده ابنه علي فبعده ابنه الحسن فبعده ابنه محمد يدعى بالمهدي فيغيب ثم يخرج يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلما طوبى للمقيمين على محبتهم أولئك الذين وصفهم الله في كتابه وقال هدى للمتقين,وكموفق بن أحمد الخوارزمي المعروف بأخطب خوار زم في كتابه المسمى بالفضائل فانه روى عن رسول الله  صلى الله عليه وآله وسلم  انه قال لما اسري بي إلى السماء قال لي الجليل جل جلاله قال يا محمد اني خلقتك وخلقت علياً وفاطمة والحسن والحسين والأئمة من ولد الحسين من نوري وعرضت ولايتكم على أهل السموات والأرض فمن قبلها كان عندي من المؤمنين ومن جحدها كان عندي من الكافرين يا محمد تحب أن تراهم فقلت نعم يا رب فقال التفت إلى يمين العرش فنظرت فإذا علي وفاطمة والحسن والحسين وعلي ومحمد وجعفر وموسى وعلي ومحمد وعلي والحسن والحجة ابن الحسن قائما في وسطهم كأنه كوكب دري بينهم فقال يا محمد هؤلاء حججي على عبادي وهم أولياؤهم.وكصاحب كفاية الطالب فانه نقل عنه الحديث المتقدم للشيخ يوسف البحراني في كشكوله عن رسالة يوحنا:وكفى شاهداً على ذلك ما رواه أكابر علماء السنة وثقاتهم كأحمد بن حنبل في مسنده وأبو الفرج المعافا بن زكريا البغدادي شيخ البخاري وعبد الله بن الضحاك بن منده ان النبي  صلى الله عليه وآله وسلم  قال للحسين هذا ابني إمام ابن إمام أخو إمام أبو أئمة تسعة تاسعهم قائمهم: وروى الخوارزمي وأبو بكر الراهبي والحمويني وغيرهم من رواة أهل السنة أن النبي  صلى الله عليه وآله وسلم  قال للحسين أنت سيد وابن سيد أبو السادة أنت إمام ابن إمام أبو الأئمة أنت حجة ابن حجة أبو الحجج التسعة من صلبك تاسعهم قائمهم.وروى الزمخشري وهو من أكابر علماء العامة أن النبي  صلى الله عليه وآله وسلم  قال فاطمة مهجة قلبي والائمة من ولدها أمناء ربي وحبل ممدود بينه وبين خلقه من اعتصم به نجا ومن تخلف عنه هوى:ويرشدك إلى ذلك ما رواه ثقاة العامة كمسلم في صحيحه وأحمد في مسنده والحاكم في مستدركه والسيوطي في جامعه وابن المغازلي في مناقبه وابن عساكر في كتابه والحمويني في فرائده وصاحب جمع الفرائد والطبراني والثعلبي وغيرهم من مشاهير الرواة ان رسول الله  صلى الله عليه وآله وسلم  قال مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها هلك وقد روى الثقاة من أهل السنة كابن حنبل في مسنده والثعلبي في تفسيره وأبى داود في سننه والترمذي في صحيحه والبزار في مسنده وعبد الله في زيادات المسند وموفق بن احمد الخوارزمي في الفضائل وابن ماجة وابن المغازلي ومحمد الكنجي في كفاية الطالب والطبراني وأبو نعيم في الحلية وإسحاق بن راهويه انه قال النبي  صلى الله عليه وآله وسلم  إني تركت فيكم ما أن تمسكتم به لن تضلوا بعدي الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي وفي الصواعق المحرقة لابن حجر وهو من أكابر علماء الشافعية ومحدثيهم ان هذا الحديث رواه نيف وعشرون صحابياً.وروى أبو نعيم في الحلية ومحمد بن يوسف الشافعي الكنجي في كفاية الطالب وابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة وغيرهم من مشاهير علماء أهل السنة ومحدثيهم انه قال رسول الله  صلى الله عليه وآله وسلم  من سره أن يحي حياتي ويموت مماتي فليوال عليا

 

من بعدي وليقتد بالأئمة من بعده فانهم عترتي خلقوا من فاضل طينتي فويل للمكذبين من أمتي لا أنالهم الله شفاعتي(1) ويرشدك إلى ذلك ما رواه مشاهير علماء أهل السنة ومحدثيهم كالبخاري في صحيحه وكالحميدي في الجمع بين الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم  قال يكون بعدي اثنا عشر أميرا كلهم من قريش وروى مسلم في صحيحه والحميدي في الجمع بين الصحيحين وأبو داود في سننه وغيرهم من رواة أهل السنة أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم  قال لا يزال الدين قائماً حتى تقوم الساعة ويكون عليكم إثنا عشر خليفة كلهم من قريش وروى الحمويني في فرائد السمطين أن رسول الله  صلى الله عليه وآله وسلم  قال إن خلفائي وأوصيائي وحجج الله على الخلق بعدي إثنا عشر أولهم علي وآخرهم ولدي المهدي.وأنت إذا نظرت بعين الإنصاف إلى هذه الأحاديث الدالة على كون الخلفاء أثنى عشر خصوصاً الأخير منها ورأيت أنه لا يمكن حملها على الخلفاء من أصحابه بعده لقلتهم عن الاثني عشر ولا يمكن حملها على خلفاء بني أمية أو بني العباس لكونهم اكثر من العدد المذكور فعند ذلك يحصل لك الجزم بان المراد منها هو أئمتنا الأثنا عشر لا غيرهم لعدم صحة حملها على إرادة غيرهم.

العدل

ويكفي في(العدل) معرفة أن الله منزه عن ارتكاب القبيح فلا يجور على عباده ولا يظلم منهم أحدا لغناه عن فعل القبيح وقوته على إتيان الحسن ولجمعه لصفات الكمال على انه لو جاز عليه الظلم لم يبق لنا الوثوق بوعده ووعيده ولا الاعتماد على إطاعة أمره ونهيه وكيف لا يكون اعدل العادلين مع ان من كان له أدنى بصيرة لا يرضى أن ينسب إليه الظلم فكيف بمن هو رب الأرباب ومن إليه المرجع والمآب.

الأمر الرابع

لزوم تعلم الواجبات

 يجب تعلم أجزاء العبادات وشرائطها وموانعها ومقدماتها ليحصل له العلم بالبراءة إذ لولاه لأحتمل نقصان العمل المأمور به أو وجود المانع فيه نعم يكفي العلم الإجمالي باشتمال المأتي به على الشروط وعدم الموانع وان لم يعلم أن كل ما يأتي به له دخل فيه أم لا ومن هذا الباب وجوب تعلم مسائل الشك والسهو فانه إنما يجب تعلمها إذا لم يحصل له الجزم بإتيان المأمور به بدون التعلم ولم يمكنه الاحتياط أما إذا كان يحصل له الجزم بدون تعلمها أو أمكنه الاحتياط فلا يجب عليه التعلم إلا بعنوان ثانوي يوجب تعلمه.وأما المعاملات فهي صحيحة لو طابقت الواقع إلا انه يجب عليه أن يتعلم ما يحتاج إليه منها لأن لا يقع في المحرمات كالربا وكالبيع الفاسد نعم لو علم بنحو الإجمال صحة المعاملة التي يحتاجها لم يلزم عليه العلم التفصيلي.

الأمر الخامس

في حكم المكلف إذا عرض عليه الشك في أثناء عمله

انه لو عرض على المكلف العامي شيء في أثناء عمله أوجب شكه فلا يخلو أما أن يحتمل انه مبطل لعمله كما لو خرج منه مذي أو وذي في أثناء الصلاة وتخيل انه مبطل للعمل أو لا يحتمل ذلك كأن عرض له بعض الأشياء التي يعلم انها ليست بمبطلة للعمل كما لو أعاد البسملة في الصلاة سهواً ولا يعلم الوظيفة والعلاج وعلى كلا الوجهين أما أن يكون قاصراً في ترك التعلم أو مقصَّراً فإن كان قاصراً واحتمل فساد العمل جاز له رفع اليد عن العمل كما يجوز له إتمامه برجاء الواقع إذا كان عبادياً ثم عند التمكن يرجع لمجتهده يستوضح منه الحال فإن كان عمله مطابقاً لفتواه أجزأه وإلا أعاده وان كان مقصراً وجب عليه المضي في العمل حيث كان العمل مما يحتمل انه يحرم قطعه وإبطاله فهو مؤاخذ بالإبطال على تقدير كونه إبطالاً محرماً كما هو القاعدة في كل جهل لم يكن معذوراً فيه وأما الوجه الثاني بقسميه فيحرم فيه الإبطال إذا كان العمل مما يحتمل انه يحرم إبطاله وإلا فلا.

 

الأمر السادس

فيما يجب على المكلف عند بلوغه

يجب على المكلف المستكمل لشرائط التكليف عند بلوغه أن يأتي بجميع التكاليف التي تثبت للعبد بمجرد حصول أسبابها إذا كانت تلك الأسباب قد حصلت منه قبل البلوغ فلو مسّ ميتا قبل بلوغه وجب عليه الغسل بعد بلوغه ولو أصابت النجاسة يده قبل البلوغ وجب عليه تطهيرها بعده ولو سرق أو غصب أو أتلف شيئاً في صباه وجب عليه تفريغ ذمته منه كما انه يجب عليه الختان وملاحظة جميع ما جرى منه من المعاملات من الأخذ والعطاء والبيع والشراء ونحوها فما كان منه غير مطابق للواقع فرغ  ذمته منه وإلا فلا.

الأمر السابع

في التوبة وشروطها

ان التوبة وهي الندم على ارتكاب الذنب السابق والعزم على ترك المعاودة إليه واجبة بحكم العقل والنقل أما العقل فلأنها دافعة للضرر الذي هو العقاب الأخروي ودفع الضرر واجب بحكم العقل وأما النقل فلقوله تعالى : " وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ" وقوله تعالى : " وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ" ثم التوبة تارة تكون عن ذنب يتعلق به تعالى لا غير فان أمكن تداركه كترك الصلاة والحج والزكاة فلابد في التوبة من تداركه والتخلص منه وان لم يكن تداركه كشرب الخمر فهذا يكفي في التوبة عنه الندم عليه والعزم على عدم العود إليه وتارة تكون التوبة عن ذنب يتعلق بحق إنسان فان كان أخذ مالاً وجب رده لمالكه أو لوارثه وان لم يتمكن راجع فيه الحاكم الشرعي وان كان الذنب قصاصاً وجب أن يسلم نفسه للمجني عليه أو لوارثه ليقتص منه أو يسلم له الدية.وإن كان الذنب إضلال الغير في الدين أو الفتوى وجب إرشاده وإعلامه بالخطأ.

المطالب

أما مطالب الرسالة فأربعة الأول في العبادات والكلام فيها في عشرة مقاصد الطهارة والصلاة والزكاة والخمس والصوم والاعتكاف والحج والعمرة والجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وقد تسمى هذه العشرة بفروع الدين ولا تقبل إلا بالولاية لأهل البيت   عليه السلام .

المقصد الأول

في كتاب الطهارة

إن الطهارة من الأقذار والنظافة من الأوساخ من ضروريات الحياة وعليها تتركز سعادة الفرد في مبدئه ومنتهاه إذ بإزالة الادناس تحط أثقال النجاسة عن النفوس وبذهاب القذارة تتمتع الأرواح بخفة الأبدان ويتبع ذلك أن ترفل الأمة بأروقة الصحة وتهنأ بأبراد العافية وقد ندب لها الشرع المبين حيث قال الله تعالى في محكم كتابه العزيز: " فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ" وفي الحديث النبوي الشريف(بني الدين على النظافة وان الطهور نصف الإيمان) وعن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام (تنظفوا بالماء من الريحة المنتنة فان الله يبغض من عباده القاذوره)وفي الحديث الشريف عن رسول الله  صلى الله عليه وآله وسلم  انه قال لأنس(يا أنس أكثر من الطهور يزد الله في عمرك فان استطعت أن تكون بالليل والنهار على طهارة فافعل فأنت إذا مت على طهارة مت شهيداً) وعن على بن ساباط قال سمعت أبا الحسن  عليه السلام يقول أربعة من أخلاق الأنبياء:التطيب والتنظيف وحلق الجسد بالنورة وكثرة الاطروقة.

 

الماء

لما كان أهم ما يقع به التطهير هو الماء لذا بدأنا الكلام به وهو أما مطلق:وهو ما يصدق عليه اسم الماء بلا تجوز ولا قرينة.

ومضاف وهو بخلافه كالمعتصر من الأجسام كماء العنب أو الممزوج بها مزجاً يسلبه الإطلاق كماء المرق والمضاف ليس بمطهر من الحدث ولا الخبث وينجس جميعه بملاقاته للنجاسة قل أو كثر إلا إذا كان جارياً من العالي إلى السافل فأن السافل لو أصاب النجاسة لا ينجس العالي منه وهكذا لو كان يخرج بشدة من الأسفل إلى الأعلى أو يجري بشدة من المساوي إلى مساويه لا ينجس إلا ما لاقى النجاسة فقط.

الماء المطلق

الماء المطلق هو طاهر بنفسه ومطهر من الحدث والخبث ويتنجس بجميع أنواعه وأقسامه إذا تغير لونه أو طعمه أو ريحه بملاقاة النجاسة تغيراٍ حسياً كما انه يطهر جميع أنواعه وأقسامه إذا زال تغيره المذكور بالماء المعتصم كالكر والمطر ولا يلزمه المزج ولا فرق بين أنحاء الاتصال إلا إذا كان الماء المعتصم به أسفل والماء المتنجس أعلى يجري عليه فانه لا يطهر بهذا الاتصال الماء المتنجس الأعلى.

الماء الجاري

والماء المطلق على أقسام منها الماء الجاري وهو السائل عن نبع على الأرض وما بحكمه وهو كل ما كان له مادة متصلة به ولا ينجس كثيره ولا قليله بملاقاة النجاسة إلا إذا غيرت أحد أوصافه الثلاثة.لونه أو طعمه أو ريحه بشرط اتصاله بالمادة فلو انقطع اتصاله بالمادة كان حكمه حكم الراكد قليله ينجس بمجرد الملاقاة للنجاسة وكثيره البالغ حد الكر لا ينجس بذلك إلا إذا غيرت النجاسة أحد أوصافه ولو تنجس الماء الجاري بتغير أحد أوصافه الثلاثة بملاقاة النجاسة فهو يطهر بزوال التغيير ولو من نفسه ما دام متصلاً بالمادة.

ماء الحمام وماء الحنفيات

ومنها ماء الحمام وهو بمنزلة الجاري يطهر بعضه بعضاً إذا كان له مادة ومنه الموجود في الحياض الصغار المتصلة بالخزانة البالغة قدر الكر فانه لا تنجس بملاقاة النجاسة إلا إذا تغير أحد أوصافه الثلاثة بملاقاتها.ومثله ماء الحنفيات المستعملة هذا اليوم في البيوت والمحلات العامة فانه طاهر مطهر إلا إذا غيرت النجاسة أحد أوصافه الثلاثة وهكذا ماء الحياض أو الأواني المتصل بماء الحنفية فأن حكمه حكم الجاري.

ماء المطر

ومنها ماء المطر وهو الجاري من السماء بحد يصدق عليه المطر عرفاً سواء جرى على وجه الأرض أو من الميزاب أم لا ولا ينجس حال نزوله مطلقاً قليلاً كان أو كثيراً ما لم تتغير أحد أوصافه الثلاثة بملاقاة النجاسة.

ماء البئر

ومنها ماء البئر النابع عن مادة دون العاري عن النبع ودون المجتمع فيه المياه من المطر وغيره وسمي بئراً وهو بمنزلة الجاري عاصم معتصم لا ينفعل بملاقاة النجاسة إلا بالتغير المذكور سواء كان بقدر الكر أو اقل وإذا تنجس بالتغير المذكور ثم زال تغيره ولو من قبل نفسه طهر لأن له مادة ولا يحكم بنجاسته بمجرد قربه من البالوعة.

الكر

ومنها الماء البالغ كراً وهو طاهر مطهر لا ينجس هو ولا أي طرف منه بملاقاة النجاسة إلا إذا غيرت أحد أوصافه المذكورة ولا يطهر إذا زال تغيره من نفسه ولو بتصفيق الرياح أو بوقوع أجسام طاهرة موجبة لزوال تغيره وإنما يطهر إذا اتصل بماء كر أو بأحد المياه المتقدمة مع زوال تغيره بالنجاسة.

والكر ألف ومائتا رطل بالعراقي.والرطل مائة وثلاثون درهماً والدرهم ستة دوانق والدانق ثمان حبات من أوسط حب الشعير وهو بحسب العيار الاسلامبول اثنتا عشر وزنة وأربع حقق ونصف حقة وبحسب البقالي عبارة عن ثلاث وزنات ونصف وأربع حقق إلا أوقية وبحسب العطاري إحدى عشر وزنة وتسع حقق.

ولا فرق في الاكتفاء بهذا الوزن بين خفيف الماء وثقيله ولا بين الصافي والخليط بغيره من الطين ونحوه إلا إذا كان خليطاً غير معتاد بحيث كان فرداً من الماء غير متعارف.أما مساحته فهي ثلاث أشبار ونصف عرضاً في ثلاث أشبار ونصف عمقاً فيكون المجموع اثنين وأربعين شبراً وسبعة أثمان الشبر بشبر مستوي الخلقة.

 

الماء القليل

ومنها الماء القليل الذي لم يبلغ الكر ولم يتصل بالمادة وينجس جميعه ولو بملاقاة طرفه للنجاسة فإذا لاقى طرفه العالي النجاسة تنجس السافل أيضا وبالعكس.ويستثنى من ذلك أمور منها إذا كان الماء القليل جارياً من الأعلى إلى الأسفل فان الأعلى لا ينجس بملاقاة الأسفل أو كان جارياً بدفع وقوة فان طرفه المدفوع نحوه إذا لاقى نجاسة لا ينجس الطرف الآخر منه ومنها ماء الاستنجاء المستجمع للشرائط فانه طاهر كما سيجيء إن شاء الله ومنها الماء المتخلف على المحل المغسول بعد الغسل أو العصر فانه طاهر كما سيجيء إن شاء الله تعالى.

الماء المستعمل في رفع الحدث والخبث

الماء سواء كان كثيراً أو قليلاً المستعمل في الوضوء واجباً كان أو مندوباً طاهر مطهر من الخبث ومن الحدث الأصغر والأكبر وهكذا المستعمل ي كل غسل طاهر سواء كان على وجه القربة كغسل اليد من الطعام أو عنه أو لم يكن كغسل البدن الطاهر أو غسل الثوب الطاهر أو الآنية الطاهرة من الأوساخ وهكذا المستعمل في ألاغسال المندوبة أو الواجبة إذا لم يكن على البدن نجاسة وإلا تنجس الماء إذا كان قليلاً دون ما إذا كان كراً ولا فرق في ذلك بين غسل الجنابة والحيض والنفاس والاستحاضة ومس الميت والغسل الذي وجب بنذر ونحوه نعم الماء المستعمل في غسل الأموات إذا كان قليلاً لا يصح استعماله لنجاسته.

وأما الماء المستعمل لرفع الخبث فإن تغير أحد أوصافه الثلاثة بالنجاسة فلا إشكال في نجاسته وعدم رفعه للحدث سواء كان كثيراً معتصماً أو لا وان لم يتغير أحد الأوصاف الثلاثة فلا يخلو أما أن يكون كثيراً معتصماً فلا إشكال في طهارته ورفعه للحدث والخبث وإن كان قليلاً ولم يتغير أحد أوصافه الثلاثة بالنجاسة فالمستعمل منه لإزالة النجاسة نجس فإذا أصاب شيئاً وكان فيه عين النجاسة كان حكمه حكم المتنجس بها وإن لم يكن فيه عين النجاسة اكتفي بتطهيره بغسله مرة واحدة وأما المستعمل لطهارة المحل بعد إزالة النجاسة فهو ليس بنجس فإذا أصاب غير محل النجاسة لم يتنجس به والمتخلف منه في محل النجاسة طاهر فلو غسل الإنسان أحد أجزاء بدنه ثم تقاطر من الغسلة المطهرة قطرات على بدنه أو ثوبه لم يتنجس وهكذا لو كان طرف الباب الأعلى نجس فما يصيب أسفل الباب من الغسلة المطهرة لا يوجب نجاسته.

وأما الماء المستعمل في الاستنجاء من البول والغائط فالمعتصم منه كالجاري والكر طاهر مطهر من الحدث والخبث ما لم يتغير أحد أوصافه الثلاثة و أما القليل منه فهو طاهر بالنسبة إلى المستنجي وغيره وتطهر اليد بتبعه وإن كان مزيلاً لعين النجاسة ولا فرق بين ما كان ماء استنجاء الصبي أو المجنون أو بين غيرهما ولا بين سبق الماء إلى المحل وبين سبق اليد ما لم يتحقق الاعراض بحيث تعد نجاسة اليد نجاسة خارجية ولا بين أن يخرج مع ما يستنجي منه أو بعده بعض الأجسام الطاهرة كالوذي والحصى والدود ونحوها أو لم يخرج معه شيء ولا بين تعدي النجاسة عن المحل المعتاد وبين غيره ما لم يخرج عن صدق اسم الاستنجاء عليه عرفاً من دون تسامح ولا بين المسلوس والمبطون وغيره ولا بين ما كان من المخرج الطبيعي وبين غيره إذا صدق على غسله اسم الاستنجاء عرفاً كما إذا صار معتاداً.هذا كله بشرط عدم تغيره بأحد أوصاف النجاسة وبشرط عدم تنجس المحل أو الماء بنجاسة أخرى كالدم والمني ونحوهما وبشرط عدم بقاء عين ما يستنجي منه حساً في ماء الاستنجاء بعد الانفصال كأن يكون موضع التخلي غير موضع الاستنجاء كما في حسنة الأحول(أخرج من الخلاء فاستنجي)وبشرط عدم نجاسة الأرض التي استنجى فيها.

الاسئار

أسئار الحيوانات كلها طاهرة ما عدا سؤر نجس العين كالكلب والخنزير ويكر سؤر كل ما لا يؤكل لحمه ما عدا المؤمن والهرة وفي مضمرة سماعه(هل يشرب سؤر شيء من الدواب أو يتوضأ منه قال  عليه السلام أما الإبل والغنم والبقر فلا بأس)والحائض يكره استعمال سؤرها في الوضؤ إذا كانت غير مأمونه من مباشرة النجاسات.هذا كله إذا خلا موضع الملاقاة عن النجاسة وإلا كان السؤر نجساً مطلقاً.

 

النجاسات

   وقبل الخوض فيها نذكر ما روي عن أبي عبد الله  عليه السلام فيما يخصها تبركاً ففي المحكى عن الاختصاص عن محمد بن عبد الله عن بعض أصحابه قال قلت لأبي عبد الله  عليه السلام لم حرم الله الخمر والميتة والدم ولحم الخنزير فقال ان الله تبارك وتعالى لم يحرم ذلك على عباده وأحل لهم ما سواه من رغبة منه فيما حرم عليهم ولا رهبة مما احل لهم ولكنه خلق الخلق وعلم ما تقوم به أبدانهم وما يصلحهم فاحل لهم وأباحه تفضلاً منه عليهم لمصلحتهم وعلم ما يضرهم فنهاهم عنه وحرمه عليهم ثم أباحه للمضطر واحل له في الوقت الذي لا يقوم بدنه إلا به فأمر أن ينال منه بقدر البلغة لا غير.ثم قال  عليه السلام أما الميتة فانه لا يدنو منها أحد ولا يأكل منها إلا ضعف بدنه ونحل جسمه وذهبت قوته وانقطع نسله ولا يموت إلا فجأة.وأما الدم فانه يورث أكله الماء الأصفر ويبخر الفم وينتن الريح ويسيء الخلق ويورث الكلب والقسوة للقلب وقلة الرأفة والرحمة حتى لا يؤمن أن يقتل ولده ووالديه ولا يؤمن على حميمه وعلى من صحبه.وأما لحم الخنزير فان الله مسخ قوماً في صور شتى شبه الخنزير والقرد والدب.وأما الخمر فانه حرمها لفعلها وفسادها وقال ان مدمن الخمر كعابد وثن تورثه الارتعاش وتذهب بقوته وتهدم مروءته وتحمله على أن يجسر على المحارم من سفك الدماء وركوب الزنا ولا يأمن إذا سكر أن يثب على محارمه.واليك أعيان النجاسات.

البول والغائط

     (الأول والثاني)من النجاسات البول والعذرة سواء كانا خارجين من الموضع المعتاد أم لا من كل حيوان نجس العين أو كان غير مأكول اللحم كالإنسان وغيره صغيراً كان أو كبيرا برياً أو بحرياً ولا فرق في حرمة أكله بين أن تكون بالأصالة أو بالعرض كالجلال وموطىء الإنسان لكن بشرط ان يكون ذا نفس سائله والمراد بالنفس(السائلة) الدم الذي يجتمع في العروق ويخرج إذا قطع منها بقوة ودفع ويقابله ما لا نفس له سائلة كالسمك وهو ما يخرج دمه عند القطع رشحاً ويستثنى من ذلك بول الطيور وخرؤها وان كانت غير مأكولة اللحم حتى الخفاش منها فانهما طاهران وهكذا الحيوان الذي يحرم أكله لداء قد صار فيه كما لو أصاب الشاة داء يوجب سمية لحمها بحيث يهلك من أكله فانه وان صار مما يحرم أكله قطعاً إلا انه لا يحكم عليه بنجاسة بوله وعذرته ومثله ما حرم أكله بغصب أو نذر أو عهد وأما البول والغائط مما يؤكل لحمه فطاهران حتى الحمار والبغل والخيل والدجاج وهكذا تكون طاهرة فضلات كل حيوان ليس له نفس كالوزغة والسمك المحرم.

ولو شك في شيء انه بول أو عذرة أو غيرهما من الأشياء الطاهرة كما لو رأى بللاً على الأرض ولم يدرِ انه بول أو ماء فهو طاهر.ومثله ما لو رأى بولاً أو عذرة وشك في انها من حيوان مأكول اللحم أو من حيوان محرم اللحم فهو أيضا طاهر كما إذا لم يعلم ان هذا البول بول إنسان أو حمار,ومثله ما إذا شك في بول أو عذرة من انها من ذي النفس السائلة أم لا كما لو شك في ان هذه الفضلة فضلة فأرة أو خنفساء فإنها طاهرة أيضا ومثله ما لو تردد الحيوان بين كونه مأكول اللحم أم لا كما لو تردد الحيوان بين كونه غنماً أو خنزيراً لبعض العوارض الخارجية كظلمة أو جهل فأن بوله أو خرأه طاهر.ومثله ما لو تردد بين كونه ذا نفس سائلة أم لا كالحية التي لا يعلم انها لها نفس سائلة أم لا.

المني

(الثالث) من النجاسات المني من كل حيوان ذي نفس سائلة ادمياً كان أو غيره حلالا كان أكله أو حراماً ذكراً كان أو أنثى ويلحق به البلل المشتبه قبل الاستبراء كما سيجيء إن شاء الله. وأما مني ما لا نفس له سائلة فهو طاهر وأما المذي.والودي.والوذي الذي لم يخالطه دم.ورطوبة الفرج.والدبر والقي والبلغم فهي طاهرة إلا إذا كانت من نجس العين.

 

المذي والودي والوذي

والمذي:الماء الرقيق الخارج عند الملاعبة أو التقبيل أو النظر بلا دفق أو فتور وهو في النساء اكثر من الرجال وفي الحديث ان المذي ما يخرج قبل المني.

والودي:هو ماء ثخين ابيض يخرج من الذكر بعد البول ,

والوذي:هو الماء الخارج عقيب إنزال المني وفي الحديث هو ما يخرج من الأدواء بالدال المهملة جمع داء وهو المرض والجميع طاهرة كما تقدم.

ولو خرج منه بلل وشك في انه مني أم لا فان كان بدفق وشهوة وفتور فهو مني ان كان الشخص الخارج منه صحيحاً.وإن كان مريضاً أو امرأة كفت الشهوة وهي الهيجان المستتبع لحركة أعضاء التناسل نحو العمل الذي يعقبه عادة الفتور وليس هو مجرد الشوق الشديد نعم يستثنى من هذا صورة ما إذا كان الرجل المجنب بالإنزال قد اغتسل قبل أن يستبرىء بالبول فان البلل الخارج منه المشتبه يحكم عليه بأنه مني واما المرأة فلا يحكم على البلل الخارج منها بعد الغسل قبل أن تستبرىء بأنه مني.هذا كله إذا علم الحال اما مع جهل الحال بان كان البلل لم يعلم انه حال خروجه جامعاً للصفات المذكورة أم لا فان تردد بين المني والبول فهو نجس وعليه غسل الجنابة والوضوء للصلاة إن لم يعلم الحالة السابقة وله أن يكتفي مطلقاً بالغسل الواحد للكون على الطهارة وان تردد بين البول والمني وشيء طاهر كالمذي فلا شيء عليه إذا كان قد استبرأ.

الدم

   (الرابع)من النجاسات الدم من كل حيوان نجس العين أو ذي نفس سائلة حل اكله أو حرم صغيراً كان أو كبيراً قليلاً كان أو كثيراً برياً أو بحرياً أو طائراً عدا المتخلف في الذبيحة المذكاة.والدم المتكون في كل حيوان كذلك نجس كالعلقة.وكذا الدم المتكون لا في حيوان كدم البيضة للحيوان المذكور واما دم ما لا نفس له سائلة كالسمك والبراغيث والبق فهو طاهر.و أما الدم المتخلف في الذبيحة المذكاة فهو طاهر بشرط خروج ما تعارف خروجه من مثلها وبشرط ان يكون متخلفاً في ذبيحة مأكول اللحم كالمعز والضأن والإبل والبقر دون غير مأكول اللحم كالسبع ونحوه وبشرط أن يكون متخلفاً في الجزء المحلل اكله منها دون المحرم كالطحال وبشرط أن لا يخالطه شيء من الدم المسفوح بالرجوع إليه بعد الخروج كما لو كان رأس الحيوان في مكان مرتفع يوجب رجوع الدم الخارج إليه واختلاطه بالمتخلف أو جذب المذبوح نفسه جذبا موجبا لرجوع الدم الخارج منه إلى باطنه على خلاف العادة وبشرط ان يغسل الدم المسفوح منها والمنحر ويد الذابح وآلته لئلا تلاقي المتخلف فتنجسه.

وليس من الدم المتخلف في الذبيحة دم الجنين الذي يكون في بطنها وكانت ذكاته بذكاتها وانما دمه محكوم بالنجاسة.

ولو شك في مائع انه دم أو غيره من الأجسام الطاهرة بنى على طهارته ولو علم بأنه دم وشك في انه من ذي النفس السائلة أم من غيرها مما لا نفس له كما لو رأى دماً في ثوبه وشك انه من الرعاف أو البق أو البرغوث فهو أيضا محكوم بالطهارة ومثله ما لو شك في الدم من جهة الشك في الحيوان المعلوم حقيقته في انه من ذي نفس سائلة أم لا كالحية والتمساح إذا شك في دمهما كذلك ومنه يظهر طهارة ما يخرج من الجروح والدماميل من المائع الأصفر إذا شك في انه دم أم لا ومثله في الطهارة ما إذا حك جسده فخرجت رطوبة يشك في انها دم أو قيح.

الميتة

(الخامس)من النجاسات الميتة سواء كانت بالقتل أو حتف الأنف أو الذبح على وجه غير شرعي من حيوان نجس العين أو طاهرها بشرط ان يكون من ذي النفس السائلة بريا كان أو بحريا مأكول اللحم أو لا حتى الإنسان قبل تغسيله سواء كان قبل برده أو بعده إلا إذا اغتسل قبل موته برجم أو قود أو نحوهما ومثله الشهيد بين يدي النبي  صلى الله عليه وآله وسلم  أو الإمام  عليه السلام أو نائبه بل كل من قتل في سبيل الله في كل جهاد بحق ولو في حال الغيبة كما لو دهم المسلمين عدو يخاف منه على بيضة الإسلام فان جميع ذلك طاهر لا يجب التطهير بمسه بخلاف المقتول في حرب قطاع الطريق أو عن ماله أو عرضه فانه ليس بعد جهادا ومحاماة عن الدين فيكون حكمه حكم ميتة الإنسان وفي حكم المغسل بعد الموت من حيث الطهارة الميمم بعد الغسل أو المحرم المغسل أو الذي غسله الكافر عند فقد الممائل أو الذي غسل بلا مزج الخليطين لتعذرهما أو اقتصر فيه عن الأقل من الغسلاة الثلاث لأعواز الماء ولا يطهر شيء من بدن الميت مما حل فيه الروح إلا بعد إكمال غسله فلو مسه قبل إكمال غسله وجب عليه الغسل(بالضم).والميتة النجسة من الإنسان وغيره حالها كحال سائر النجاسات لا يتنجس ملاقيها إلا برطوبة مسرية.

 

أجزاء الحيوان

وكلما ينجس من صنوف الحيوان بموته فما انقطع عن جسده وانفصل عنه وكان مما تحله الحياة فهو نجس حياً كان ذلك الحيوان المقطوع منه أم ميتاً كما لو قطع من الإنسان أو سائر الحيوانات يده أو رجله دمن الأجزاء غير المعقد بها الميانة من الحي التي تعد من فضلات البدن وأوساخه كالبثور والثالوث وما يعلو الجراحات والدماميل وغيرها عند البرء وما يحصل في الأظفار وما يتطاير من القشور عند الحك وما يعلو على الشفه ونحو ذلك فان جميع ذلك طاهر.ومثلها الأعضاء إذا يبست عند اتصالها بالبدن ثم انفصلت بعد ان برأ محلها فإنها ليست بنجسة ومثلها التي خرجت منها الروح كأعضاء المفلوج وبعض أعضاء من كان في حال النزع فما دام متصلة بالبدن فهي من توابعه تكون طاهرة ما دام البدن حياً وتنجس بموته أو بالانفصال عنه إذا لم تعد من فضلات البدن.و أما ما كان من أجزاء الحيوان مما لم تحله الحياة كالعظم والشعر والقرن والسن والمنقار والظفر والحافر والظلف والصوف والوبر والريش فهو طاهر سواء كان الحيوان المفصول عنه حيا أو ميتا. نعم ما كان منها ملاقٍ للميتة برطوبة مسرية يغسل منه موضع الملاقاة لتنجسه بها.و أما ما خرج من ميتة الحيوان مما لا يعد من أجزائه وأعضائه فهو طاهر كالبيض من الدجاجة الميتة إذا اكتست القشر الغليظ وكالانفحة من بطن الجدي الميت.وكاللبن الذي يحلب من الشاة الميتة كل ذلك فيما إذا كان الحيوان ليس بنجس العين وإلا فجميع ذلك نجس منه.

السقط والجنين

أما السقط والجنين فان كان قبل ولوج الروح فهو طاهر عيناً يتنجس بملاقاة النجاسة كما لو خرج من بطن أمه وأمه ميتة.وعليه فالسقط من الإنسان قبل ولوج الروح فيه لا يوجب مسه الغسل على الماس ولا يجب التطهير عليه إذا لم يكن متنجساً وهكذا السقط من الحيوان نعم السقط بعد ولوج الروح فيه إذا مات فهو ميتة فيكون حكمه حكمها.

ميتة ما لا نفس له

و أما ميتة ما لا نفس له سائلة حتى الوزغ والعقرب نعم يستحب استحباباً مؤكداً التجنب عما وقعا فيه فقد ورد في الوزغ انه لا ينتفع بما يقع فيه وفي العقرب بإراقة الماء الذي ماتت فيه ويمكن استفادة استحباب التجنب عن كل ما وقع فيه ميتة طاهرة ثبت استحباب النزح لها لو وقعت في ماء البئر.

هذا ولو شك في شيء انه من أجزاء الحيوان أم أجنبي عن الحيوان كما لو تردد شيء بين انه لحم حيوان أو مطاط فهو طاهر وكذا لو علم انه من أجزائه وشك في انه من ذي النفس السائلة أم لا كما لو تردد الجلد بين كونه من ذي النفس السائلة أم لا فهو طاهر وعليه فما يؤخذ من بلاد الكفر إذا احتمل فيه انه من غير ذي النفس السائلة فهو طاهر.

الكلب والخنزير

(السادس والسابع) من النجاسات الكلب والخنزير البريان دون البحريين فان البريين نجسان عيناً ولا فرق في الكلب بين كونه كلب صيد أو ماشية أو الحائط أو غيرها كما لا فرق بين أجزاء الكلب والخنزير في النجاسة بين ما تحله الحياة وبين غيرها فكما ان لحم الكلب نجس فهكذا شعره وعظمه وظفره كما انه لا فرق بين أجزائهما حال اتصالها بهما أم حال انفصالها عنهما وهكذا رطوبتهما وفضلاتهما.ولو شك في حيوان انه منهما أو من الحيوانات الطاهرة فهو طاهر.

وقد اثبت الفن ان في لحم الخنزير دودة لا يتجاوز طولها 3ملمترات تقيم في عضلات هذا الحيوان فعندما يأكل الإنسان لحم الخنزير وتهضمه معدته يخرج منه هذا الدود ثم يتزاوج وتبيض كل أنثى مئات البيض ثم ينمو هذا البيض إلى ديدان صغيرة تخترق جدران الأمعاء وتذهب إلى  عضلات جسم الإنسان خاصة عضلات الصدر والظهر والرقبة وعند ذا يبتلي الإنسان بسوء الهضم وفقدان الشهية والغثيان والقيء والإسهال ثم يشعر المريض بآلام مبرحة في العضلات ويعسر منه التنفس ويخشن الصوت وتصطك الأسنان بحيث يعسر تحريكها وتجمد العينان ويتشنج الذراعان والساقان ويصاب المريض بحمى يصحبها عرق غزير ثم تسوء حالة المريض ويموت بين الأسبوع الرابع أو السادس.

 

المسكرات

(الثامن)من النجاسات الخمر وكل شراب مسكر فالعصير المتخذ من الكرم.والنقيع المتخذ من الزبيب.والبتع المتخذ من العسل.والمزر المتخذ من الشعير.والنبيذ المتخذ من التمر ونحوها من الاشربة المسكرة نجسة منجسة قد أمر الشارع بالتجنب عنها لأنها أم الويلات والإحن والإضرار والمحن ومصدر الأمراض المزمنة والآلام المرهقة قد عم بلاؤها المال والنسب وشمل وبالها العرض والشرف طالما أقامت فتناً خرساء عمياء فرقت بها شمل الأحبة والأصدقاء وحولت بها نفوس الإخلاء إلى أشد الأعداء أقفرت وأفقرت بفعلها الدار والديار والتهبت بنارها الدرهم والدينار وكثيراً ما أصيب عشاقها من جرائها بعسر الهضم المزمن نتيجة لما تحدثه فيهم من النزلات المعدية والمعوية ويصاب الكبد منها بتشحم غير قابل للعلاج وبخراجات تزداد بزيادة المشروبات ويصاب القلب بالسكتات القلبية والمخ بالضمور بسبب تأثر أوعيته الدموية وخلاياه وتورم بعض أعضائه مما ينتهي بالجنون غالباً هذا من ناحية تأثيرها على صحة البدن وأما تأثيرها على النسل فقد دلت التجارب انها طالما سببت العقم وولدت في الأولاد البلاهة ونقصان العقل وتشويه الخلقة خصوصاً الذين ببدأ الحمل بهم وقت ان يكون الأب والأم تحت تأثير المسكر هذا قطرة من بحر نتائجها السيئة وسوء نتائجها ولكل قاعدة شذوذ والشاذ لا يبني عليه الحكم ولا يجعل مقياساً للعمل.

المرجع في الاسكار

ولما كان الميزان في عروض النجاسة للمسكرات المشروبة هو الاسكار فلابد من بيان ما هو المرجع فيه فتقول ان المرجع في الاسكار هو العرف كسائر الموضوعات العرفية وعند الشك يعمل فيه بمقتضى الأصول كما في نظائره من الموضوعات العرفية التي أخذت في الأحكام الشرعية ولم يحددها الشارع المقدس وقد يعرف الاسكار بأنه حالة تبعث على نقص العقل وضعفه حتى تعطله عن تميز الأمور الحسنة عن القبيحة مع نشوة النفس وزهوها وقيل ان السكر يشبه الجنون والإغماء يشبه النوم كما ان المدار فيه على المتعارف من الأمزجة فالذي اعتاد على المسكر حتى اصبح لا يؤثر فيه أو لمرض في مزاجه يكون حكم المسكر ثابتاً له تحريماً ونجاسة وهكذا ما اسكر كثيره فقليله وان لم يسكر نجس حرام شربه.

السبيرتو

ان ما تعارف التعقيم به في هذه الأيام من السبيرتو طاهر وعليه فالعطور الممزوجة بالسبيرتو طاهرة وهكذا القلونية والتنريود نعم لو مزج مائع بأحد المشروبات المسكرة كالخمر كان متنجساً بامتزاجه بذلك المشروب ومع الشك فالحكم هو الطهارة.

المسكرات الجامدة

ان المسكرات الجامدة كالبنج والحشيشة والأفيون كما ينقل عن بعضهم طاهرة ولو عرض للخمر أو سائر الأشربة المسكرة الجمود لم تخرج عن حكم النجاسة.ولو شك في مائع انه مسكر أم لا فهو طاهر كما لو وقع على ثوبك مائع وترددت في انه خمر أم لا فهو طاهر وهكذا لو أخذت شيئاً من شارب الخمر وشككت انه أصابه الخمر أم لا فهو طاهر.

 

العصير العنبي

أما العصير العنبي وهو الماء الخارج من العنب بنفسه أو بعصر أو دق تنقيع أو غير ذلك فهو طاهر وليس بحرام شربه قبل غليانه.وحد الغليان هو القلب بأن يصير أعلاه أسفله و أسفله أعلاه.وبعد الغليان بنفسه أو بالنار أو بالشمس أو غير ذلك لا يتنجس ولكن يحرم استعماله إلى ان يذهب ثلثاه بالنار أو بالشمس أو بالهواء أو غير ذلك أو يصير خلا وبعد ذهاب ثلثيه أو صيرورته خلا يحل استعماله نعم لو حدث فيه وصف الاسكار بأي حال كان اتصف بالنجاسة كما يتصف بالحرمة.

ولو مزج العصير العنبي بغيره وغلى فان استهلك العصير جاز استعماله لانتفاء الحرمة المحكوم بها على العصير بانتفاء موضوعها وان لم يستهلك فبالغليان يحرم حتى يذهب ثلثاه.

ولو اغلي العنب من غير أن يخرج منه مائه لم يحرم إلا إذا طرأ عليه الاسكار.

ولو شك في تحقق الغليان للعصير جاز استعماله وهكذا لو شك في عروض الاسكار له فانه لم يحكم بنجاسته.

العصير الزبيبي وغيره

وأما عصير الزبيب والتمر والحصرم وباقي الفواكه كالماء المتخذ من السفرجل والتفاح والرمان وغيرها فان الجميع طاهر سواء كان قبل غليانه أو بعده ما لم يعرض عليه عارض الاسكار.وعليه فلو القي الزبيب في شيء من المطبوخات حتى غلى وتفرق لم ينجس ولم يحرم استعماله.

الفقاع

(التاسع)من النجاسات الفقاع وهو الشراب المتخذ من الشعير ومنه البيرة المعروفة ومنه المزر المعروف بالبوزة وقد ورد فيه انه الخمر بعينها وكيف لا يأمر الشارع بالاجتناب عنه وأضراره لا تحصى وأقلها صرعه للرأس وإيذاءة للمعدة وتأثيره على العصب و إفساده للطعام وتوليده للنفخ.وليس منه ماء الشعير الذي يستعمله الأطباء في علاج الأمراض الناشئة من الحرارة واليبوسة.

ولو شك في شيء انه فقاع أو مائع طاهر فهو محكوم بالطهارة .

الكافر

(العاشر)من النجاسات الكافر سواء كان منكراً للألوهية أو مشركاً بها ولا فرق في النجاسة بين أجزائه التي تحلها الحياة والتي لا تحلها الحياة كالشعر والظفر ونحوهما وبين الجزء المتصل به والمنفصل عنه حال كفره ويلحق به في النجاسة الغلاة والنواصب.ففي الحديث ان الله لم يخلق خلقاً انجس من الكلب وان الناصب لنا أهل البيت لأنجس منه.

ومن شك في كفره فهو طاهر نعم الآثار المرتبة على إسلامه لا تثبت له كحل ذبيحته وتملكه للمسلم وهكذا الآثار المرتبة على كفره لا تثبت له كاستنقاصه واخذ الجزية عليه و إباحة أمواله.هذا كله إذا لم تكن إمارة شرعية تعين ذلك وليس له حالة سابقة من إسلام أو كفر وإلا فيحكم بمقتضى الإمارة وعلى طبق الحالة السابقة.

عرق الإبل الجلالة

 (الحادي عشر) من النجاسات عرق الإبل الجلالة دون غيره من باقي الحيوانات الجلالة كما ان جسم الإبل الجلالة وسائر فضلاته طاهرة ما عدا البول والعذرة و الحاصل ان الحيوانات الجلالة يحرم أكل لحمها وأما هي فطاهرة وسائر فضلاتها طاهرة ما عدا البول والغائط وانما يستثنى من ذلك عرق الإبل الجلالة فقط فانه نجس وأما لعابها وسؤرها ونحو ذلك فهو طاهر.

والجلالة هي التي تتبع عذرة الإنسان في أكلها وكان أغلب علفها منها حتى ظهر النتن في لحمها ولبنها وعرقها دون التغذي بغيرها من النجاسات والمتنجسات ولو بملاقاة العذرة فلا يجري على المتغذي بملاقي العذرة حكم الجلالة.

ما الحق بالنجاسات وهو ليس بنجس

قد عد جملة من الفقهاء S من النجاسات عرق الجنب من الحرام والحق طهارته كعرق الجنب من الحلال سواء كان الجنب رجلاً أو امرأة وسواء كانت الجنابة من زنا أو لواط أو وطىء بهيمة أو حائض أو كانت حرمة الجنابة من جهة الصوم أو الاستمناء باليد نعم لو كان الموطأ أو الواطىء نجساً عيناً كالمشرك أو الميتة كان العرق المتصل بهما نجساً.

 

(ومنها)لبن الصبية فقد قيل بنجاسته دون لبن الصبي ولكن الظاهر طهارته.

(ومنها)الدود المتولد من العذرة والميتة أو غيرهما من النجاسات فقد ذهب بعض الفقهاء إلى نجاسته ولكن الظاهر طهارته وفي خبر علي ابن جعفر  عليه السلام انه سال أخاه  عليه السلام عن الدود يقع من الكنيف على الثوب يصلى فيه قال  عليه السلام لا باس إلا ان ترى فيه أثرا فتغسله.

(ومنها)القي:فقد نقل عن بعض علمائنا نجاسته ولكن الظاهر طهارته وقد سأل أبو عبد الله  عليه السلام عن القي يصيب الثوب ولا يغسل قال  عليه السلام لا باس.

(ومنها)الحديد فانه قد نسب لبعض نجاسته حتى ان بعضهم يتجنب أكل البطيخ ونحوه إذا قطع بالحديد ولكن الظاهر طهارته نعم يستحب مسح الرأس أو الأظافر بالماء بعد حلقه أو قصها بالحديد.

وقد ورد ما طهرت كف فيها خاتم حديد.وفي آخر ما طهر الله يداً فيها حلقة حديد.

(ومنها)بول الخيل والبغال والحمير فقد ذهب بعض فقهائنا إلى نجاسته ولكن الظاهر هو طهارته.

الممسوخ من الحيوانات

وقد عد بعض الفقهاء S من جملة النجاسات الحيوانات الممسوخة وهي التي حول الله صورتها التي كانت عليها إلى صورة اقبح من الأولى ويكون المراد بالممسوخ لههنا الحيوانات التي على صورة الممسوخة الأصلية وإلا فهي لم تبق أكثر من ثلاثة أيام بناء على المحكي عن الصدوق S مرسلا في كتابه من لا يحضره الفقيه وهي حسب ما ذكره بعض الفقهاء الضب والفارة والقرد والخنزير والفيل والذئب والأرنب والوطواط والجريث والعقرب والو زغ والزنبور والطاووس والخفاش والزمير والمارماهي والوبر والورس والدعموص والعنكبوت والقنفذ وسهيل والزهرة وهما دابتان من دواب البحر وينسب لجدي كاشف الغطاء S انه زاد الكلب والحية والقطاية والبعوض والقملة والعيفيقا والخنفساء.والحق أنها طاهرة ما عدا الكلب والخنزير.

أحكام النجاسات

(منها)ان كل ما تقدم من النجاسات إذا لاقى جسماً طاهراً برطوبة مسرية ولو في أحدهما تنجس موضع الملاقاة من ذلك الجسم الطاهر دون ما إذا كانا جافين فانه لا يتنجس الطاهر بملاقاة النجس.وأما إذا لاقاه مائع غير معتصم كالماء القليل أو المضاف فانه ينجس جميعه بملاقاته للنجاسة ويستثنى من ذلك العالي الجاري على السافل كماء الميزاب والسافل الجاري نحو العالي كالفوارة بل والمساوي الجاري بدفع نحو مساويه فانه لا ينجس إلا موضع الملاقاة وما يجري منه.

ويستفاد مما ذكرناه أمور(إحداها)ان التراب المتنجس اليابس إذا أصاب الثوب أو الفرش أو البدن كما لو أطاره الريح عليه لم يتنجس وكفى نفضه عنه ولا يضر احتمال بقاء شيء منه بعد زوال القدر المتيقن منه.

(ثانيها)ان الإناء أو الإبريق ونحوها إذا وضعا على الأرض النجسة وكان في أسفله ثقب يخرج منه الماء فان كان الماء يجري على الأرض فلا ينجس ما في الإناء والإبريق وان كان واقفاً ومتصلاً بما في الإبريق والإناء تنجس ما فيهما (ثالثها)لو جمد المائع كما لو جمد الدهن أو الماء اختصت النجاسة بموضع الملاقاة نظير الثوب المرطوب والأرض المرطوبة فان لا ينجس منهما إلا موضع الملاقاة.ولو شك في رطوبة الملاقي للنجس كثوب إذا شك في رطوبته أو علم بوجودها وشك في سرايتها أو علم بكونها مسرية سابقاً وشك في ذلك لاحقاٍ حكم بالطهارة.ومنه يظهر حكم الحشرات كالذبابة الواقعة على النجاسة إذا شك في وجود الرطوبة المسرية فيها عند وقوعها على البدن أو الثوب أو الفرش فانه يحكم بطهارة الجميع.

(ومنها)ان كل متنجس حتى لو كانت عين النجاسة قد زالت عنه بالمسح ولم يبق فيه شيء منها وحتى لو كان متنجساً بالمتنجس ينجس ملاقيه على نحو ما ذكرناه في تنجيس النجاسة لملاقيها لكن لا يجري عليه أحكام النجاسة التي تنجس بها فلو تنجس الثوب بملاقاته للثوب المتنجس بالبول لا يجب فيه تعدد الغسل وهكذا لو تنجس الماء بملاقاته للإناء المتنجس بالولوغ لم يكن يجب فيه التعفر.

(ومنها)انه يجب إزالة النجاسة قليلها أو كثيرها عن الثوب والبدن حتى ما لا تحله الحياة منه كالشعر للصلاة الواجبة أو المندوبة بل كل ما يتستر به كالكر باس والجلود واللحاف والحصير إذا تستر بها للصلاة بل كل ما يلبسه المصلي فانه يجب أن لا يكون نجساً ولا متنجساً ويستثنى من ذلك أمور:

(أحدها)اللباس الذي لا تتم به الصلاة وحده كالقلنسوة والعرقجين والجوراب والتكة والخلخال فانه لو كانت متنجسة حال الصلاة لم تبطل الصلاة بها.نعم إذا كانت مأخوذة من نجس العين أو من الميتة لم تصح الصلاة بها فلو فرض ان القلنسوة التي لبسها في الصلاة كانت من جلد الميتة أو من شعر الكلب أو الخنزير لم يجز الصلاة فيها لأن الأدلة إنما دلت على استثناء خصوص الملبوس المتنجس الذي لا تتم به الصلاة دون الملبوس النجس فيبقى تحت الأدلة المانعة من الصلاة في اللباس النجس.

(ثانيها)المحمول النجس كالقارورة التي فيها البول وكالجلد الميتة يجعل بيتا للساعة أو للنظارة فانه يجوز حمله في الصلاة وعليه فسير الساعة اليدوية إذا كان محكوما عليه بكونه من الميتة فلا يجوز لبسه في الصلاة وانما يجوز حمله.وهكذا يجوز حمل المتنجس في الصلاة كالثوب المتنجس إذا كان حاملا له في الصلاة لا لابسا له وهكذا السكين المتنجسة والدراهم المتنجسة فانه يجوز حملها في الصلاة ولا تبطل الصلاة بها وهكذا القلنسوة والجوراب إذا كانت متنجسة فانه يجوز حملها في الصلاة كما يجوز لبسها فيها لعدم الدليل على المنع من ذلك كله وهكذا يجوز للمرأة أن تصل شعرها بشعر غيرها على كراهة.

(ثالثها)دم الفروج والجروح والدماميل قليلها وكثيرها فانه يجوز فيه الصلاة لمن أصيب بها سواء كان الدم على بدنه أو على ثوبه ولا يجب عليه ان يغسلهما أو يبدل ثوباً بثوب آخر ولا يلزم التحفظ من الزيادة والتعدي وان تيسر بتعصيب أو نحوه حتى تبرأ.ولا فرق في ذلك بين أن تكون الإزالة فيها تحرج عليه أم متيسرة له.كما لا فرق بين ان يتعدى الدم في البدن أو الثوب موضع الجرح والقرحة أو لم يتعدّه ففي الخبر: (يصلي وان كانت الدماء تسيل).كما لا فرق بين القروح والجروح الظاهرية والباطنية.وعليه فيكون دم الأسنان عند قلعها ودم الفصد ودم الشقوق التي توجد في حلقة الدبر ودم البواسير والنواسير من الدماء المعفو عنها وان سألت إلى الظاهر نعم ورد في دم الرعاف إذا أصاب الرجل وهو في الصلاة انه ينفتل فيغسل انفه ويعود في صلاته كما ورد في دم البكارة انها تغتسل وتصلي.كما لا فرق بين عدم اختلاط الدم المذكور بأجسام طاهرة أو اختلاطه بها مما تعارف اختلاط الجروح والقروح بها كالأدوية التي توضع للجروح والقروح والعرق من الأجسام المختلط به.كما لا فرق بين أن يكون الجرح والقرح بتعمد من نفسه أو بمباشرة غيره أو بعارض سماوي.ولو خرج دم من الباطن ولم يحرز انه من جرح أو قرح لم يحكم بالعفو عنه.

وكما يعفى عن الدم كذلك يعفى عن القيح المتنجس الخارج مع الدم المذكور.هذا كله قبل البرء أما بعده فيجب إزالة الدم والقيح المتنجس ولا تصح الصلاة فيهما إلا إذا كان الدم أقل من الدرهم كما سيجيء إن شاء الله

كما ان ما ذكرناه من العفو عن دم القروح والجروح إذا لم تصبهم نجاسة أخرى كالبول والخمر وإلا لم يعف عنها قليلة كانت أو كثيرة لأن المعفو عنه هو النجاسة الدموية فقط.

(رابعها)الدم الذي هو اقل من الدرهم سعة لا وزناً فانه يجوز فيه الصلاة سواء كان على الثوب أو البدن سواء كان الثوب ملبوساً أو محمولاً وسواء كان الدم مجتمعاً أو متفرقاً وسواء كان من دم الإنسان نفسه أو من دم غيره إنسانا كان أو حيواناً أو غيره كدم البيضة وسواء تلطخ أحد وجهي الثوب بالدم أو كلا وجهيه والمدار على أوسعهما.نعم يستثنى من ذلك دم غير مأكول اللحم ودم نجس العين كالكلب والخنزير والكافر والميتة ودم الحيض وحكي الإجماع على استثناء دم الاستحاضة والنفاس.

والمراد بالدرهم هو الدرهم الوافي والقدر المتيقن هو ما كان بمقدار عقد الوسطى الأعلى.

ولو زال عين الدم الذي هو أقل من الدرهم وبقي أثره فالعفو عنه في الصلاة ثابت.

ولو أصاب الدم نجاسة أخرى كما لو أصابه البول فلا يعفى عنه في الصلاة حتى لو كان دون الدرهم.

ولو تنجس مائع بالدم وأصاب البدن أو الثوب منه ما هو اقل من الدرهم عفي عنه.وهكذا لو وقع مائع طاهر في الدم واستهلك فيه بحيث لم يخرج الدم عن مسماه لم يتغير حكم الدم في العفو عما قل عن الدرهم.ولو كان الدم الذي هو في الثوب أو البدن مترددا بين كونه مما عفي عنه أو مما لم يعف عنه كدم الحيض جاز الصلاة فيه.وكذا لو كان مترددا بين كونه اقل من درهم أو اكثر لعوارض خارجية كأن كان الدم متفرقاً أو خطاً مستقيماً فأن علم بالحالة السابقة من الكثرة والقلة بنى عليها وإلا فيبني على العفو عنه إذا لم يكن أحد أطراف المعلوم بالإجمال وإلا لم يجز له الصلاة فيه.

(خامسها)ثوب المرأة التي لها قميص واحد ولها مولود يبول عليها فانه يجوز لها أن تصلي في قميصها المذكور بشرط أن تغسله في اليوم مرة.

(سادسها)يعفى عن النجاسة التي على الثوب المضطر إليه بدنه حال الاضطرار لأن الضرورات تبيح المحذورات.

(سابعها)يعفى عن النجاسة للمبطون والمسلوس والمستحاضة على تفصيل سيأتي ان شاء الله في محله.

(ومنها)انه لو رأى نجاسة في ثوب الغير أو على بدن الغير لا يجب عليه إعلامه بها.ففي صحيحة محمد بن مسلم قال سألته  عليه السلام عن الرجل يرى في ثوب أخيه دماً وهو يصلي قال  عليه السلام لا يؤذيه حيى ينصرف.بل يجوز أن يبيع أو يعطي المتنجس بدون الإعلام بأنه متنجس إذا لم تكن المنفعة المقصودة منه مشروطة الطهارة فالدهن المتنجس أو العجين المتنجس إذا باعه أو وهبه يخبر بتنجسه.وأما لو أراد بيع الفرش المتنجس أو الكتاب أو الثوب المتنجس فلا يجب الإعلام بالنجاسة.ففي المحكي عن كتاب قرب الإسناد قال سألت الصادق  عليه السلام عن رجل أعار رجلا ثوباً فصلى فيه وهو لا يصلي فيه قال  عليه السلام:لا يعلمه.قلت:فإن أعلمه قال يعيد.

(ومنها)وجوب حفظ المساجد عن النجاسات بمعنى حرمة تلويثها بالنجاسة ووجوب إزالتها عنها بجميع أجزائها من أرضها وسقفها وجدرانها وأبوابها وشبابيكها وكل ما عد من أجزائها وجوباً كفائياً فوريا فورية عرفية.

(ومنها) وجوب إزالة النجاسة عن الأواني في مقام استعمالها بما هو مشروط بالطهارة كالأكل والشرب والغسل والوضوء إذا استلزم استعمالها تنجس المأكول والمشروب والماء الذي فيها.

(ومنها)حرمة أكل وشرب النجس والمتنجس.نعم لا بأس بذلك للأطفال إذا لم يكن مضراً لهم وإلا يجب على الولي أن يردعهم عنها كما يحرم سقيهم المسكرات.

(ومنها)إنه يجب إزالة النجاسة للطواف واجباً كان أو مندوباً.نعم يعفى من ذلك ما عفي من النجاسات في الصلاة.

(ومنها) وجوب إزالة النجاسة عن مكان سجود الجبهة في الصلاة دون باقي الأعضاء إلا إذا كانت النجاسة تسري لبدنه أو ثوبه.

(ومنها)إن النجاسة وهكذا الطهارة تثبت بالعلم الوجداني وبالاستصحاب وبالبينة وبإخبار الواحد إذا كان خبره يورث الوثوق والاطمئنان وبإخبار ذي البد إلا في العصير إذا أخبر ذو اليد انه طبخ وذهب ثلثاه وكان ظاهر الحال يخالفه فانه لا يقبل قوله.

(ومنها)إن النجاسة إذا تعددت فإن تساوت في الحكم تداخل مقتضاها وان اختلفت في الحكم كانت الطهارة تابعة لأكثرها أثراً فمثلاً لو أصاب الثوب مني ودم كان الواجب بعد الإزالة لعينهما هو الغسل مرة واحدة ولو أصابه بول ومني كان الواجب في مقام تطهير الثوب هو الغسل مرتان لأن البول يقتضي ذلك.

 

المطهرات

الماء

(الأول منها) هو الماء المطلق دون المضاف ويشترط في التطهير به سواء كان كثيراً أو قليلاً أمور:

(أحدها)وصول الماء إلى المحل الذي وصلت إليه النجاسة من ظاهر المتنجس أو باطنه.فلو كان الماء لا يصل إلى باطن المتنجس كالذهب والفضة والرصاص إذا تنجست عند ذوبانها ثم إنجمدت فانه يغسلها لا يطهر إلا ظاهرها دون باطنها.

(ثانيها)زوال عين النجاسة حتى لو غسل المتنجس عدة غسلات وكانت عين النجاسة باقية لم يطهر ذلك المتنجس.نعم بقاء أثر النجاسة كالريح والطعم واللون لا يمنع من الطهارة بالغسل.فالمتنجس بالدم إذا بقي لون الدم فيه لا يمنع من تطهيره بالغسل وهكذا بقاء رائحة الميتة بل لا يضر حتى بقاء خشونة المحل إذا كانت عين النجاسة قد زالت.

(ثالثها)بقاء المتنجس على حقيقته التي هو عليها إذ لو خرج عن حقيقته بالتطهير لم يكن التطهير له بل لغيره فمثلا إذا كان الطين أو السكر أو القند متنجساً بنجاسة ممتزجة بجميع أجزائه فإن طهارته إنما تكون بالغسل له بالماء على نحو يصل الماء لجميع الأجزاء المتنجسة وحينئذ تذهب حقيقة الطين والسكر والقند لانتشار أجزائها في الماء واختلاطها به وعنده لم يكن هذا الغسل غسلاً وتطهيراً لها لانتفاء الموضوع نظير استهلاك البول في الماء الكثير فانه ليس بتطهير للبول.

(رابعها)عدم صيرورة الماء مضافاً فلو كان المتنجس عند غسله وتطهيره يصير الماء مضافاً لم يطهر بهذا الماء فلو كان المتنجس عند إلقائه في الكر يصير ماء الكر مضافاً لم يطهر بهذا الماء وهكذا لو صار عند صب الماء عليه مضافاً.نعم لو صار بعد الغسل به مضافاً طهر به.

(خامسها)أن لا يتغير أوصاف الماء الثلاثة اللون والطعم والرائحة بنجاسة المتنجس عند غسله وتطهيره بالماء,فلو تغير الماء بنجاسة المتنجس قبل انتهاء الغسل به لم يطهر بهذا الماء ولا يكفي عدم تغير الماء قبل ملاقاة المتنجس بل لابد من عدم تغيره إلى حين تحقق الغسل به.نعم لو تغير الماء بالمتنجس دون نجاسته أو تغير بالنجاسة بعد تحقق الغسل به لم يضر ذلك بطهارة المتنجس.

(سادسها)طهارة الماء المستعمل في  التطهير قبل الغسل به.

(سابعها)التعفير في الولوغ فانه شرط للتطهير سواء كان بالقليل أو المعتصم.ويختص (التطهير بالماء القليل)بشروط زائدة على هذه المذكورات فانه لابد فيه مع الشروط المذكورة أمور:

(أحدها) الغسل بالماء دون الصب بعد إزالة عين النجاسة:والغسل يختلف بحسب اختلاف الموارد,ففي بعض الموارد يحتاج تحققه إلى عصر المغسول وفي بعضها إلى كبسه أو تغميزه أو فركه أو دقه أو تثقيله ونحو ذلك مما يوجب صدق الغسل عرفاً,والميزان هو صدق الغسل بأي نحو كان دون الصب.ولو فرض في مورد صدق الغسل بالصب كفى.

والحاصل انه من المواضيع العرفية يتبع في تحققها نظر العرف ويستثنى من ذلك بول الصبي قبل أن يأكل الطعام سواء أصاب البدن أو الثوب وأبوال ما لا يؤكل لحمه إذا أصابت البدن فانه يكفي الصب عليها وإن فرض أن الغسل لا يصدق عليه كما سيجيء إن شاء الله,هذا إذا كان التطهير بالماء القليل وأما إذا كان بالماء المعتصم كالكر والمطر فلا يعتبر في التطهير به الغسل بل يكفي استيلاء الماء على المتنجس بعد إزالة عين النجاسة وإن لم يصدق الغسل.

(ثانيها)ورود الماء على المتنجس فلو ألقي المتنجس على الماء القليل لم يطهر به.نعم في التطهير بالمعتصم كالمطر والكر لا يعتبر فيه ذلك.

(ثالثها)تعدد الغسل أو الصب وهو معتبر في التطهير من البول وتطهير الأواني بالماء القليل بعد إزالة عين النجاسة فقط,أما في باقي النجاسات وفي غير الأواني من المتنجسات وفي التطهير بالماء المعتصم فلا يجب تعدد الغسل في التطهير بعد إزالة عين النجاسة.

(رابعها)إزالة الغسالة المزيلة لعين النجاسة بالعصر ونحوه ولو بالتجفيف بحيث لم يبق منها إلا الذي لم يعتد به عرفاً كالباقي بعد العصر والباقي على البدن بعد إزالة النجاسة عنه بالماء فانه لا يضر بالتطهير بالماء القليل وأما في الماء المعتصم فلا يعتبر ذلك.

 

التطهير من البول

 يعتبر في التطهير من البول بالماء القليل إذا أصاب الثوب أو كل ما يرسب فيه البول كالفرش ونحوه الغسل مرتين وإذا أصاب البدن أو كل ما لا يرسب فيه البول كالحجر الأملس الصلب الصب مرتين ولا فرق في ذلك بين بول الإنسان أو غيره من أبوال ما لا يؤكل لحمه.نعم بول الصبي قبل أن يأكل الطعام يكفي الصب عليه بالماء مرة واحدة سواء أصاب البدن أو الثوب أو نحوهما ويستثنى من ذلك كله الأواني فان لها حكم خاص سيجيء إن شاء الله عن قريب كما إن الاستنجاء من البول يجيء الكلام فيه إن شاء الله عن قريب.

والظاهر أن ما ذكرناه إنما هو بعد زوال عين النجاسة بالجفاف أو الماء أو غير ذلك.والغسل أو الصب المزيل للعين لا يحسب منها وماؤه نجس بخلاف الواقع بعده من الغسل أو الصب فهو طاهر كما تقدم إن الغسلة المزيلة نجسة والمطهرة طاهرة.ولا يقوم مقام الغسلتين أو الصبتين استمرار صب الماء,و أما التطهير بالماء المعتصم كالكر والمطر فلا يعتبر فيه ذلك بل يكفي فيه استيلاء الماء على موضع النجاسة بعد إزالة عينها.

التطهير من سائر النجاسات

وسائر النجاسات ما عدا البول يكفي في التطهير منها بعد إزالة عينها بأي نحو كان الغسل مرة واحدة في الماء القليل وفي الماء المعتصم يكفي بعد إزالة عينها استيلاء الماء عليها ما عدا الأواني فان لها حكماً خاصاً سيجيء إن شاء الله عن قريب,وهكذا المتنجس بالمتنجس بها فان حكمه حكم المتنجس بسائر النجاسات.

تطهير الأواني

يعتبر في تطهير الأواني المتنجسة بالماء القليل غسلها بالماء ثلاث مرات بعد إزالة عين النجاسة عنها بأي نحو كان والغسلة المزيلة للعين لا تحسب منها,ويستثنى من ذلك أمران:

(أحدهما)الإناء الذي ولغ فيه الكلب فانه لا يطهر إلا بغسله بالتراب مرة ثم بالماء مرتين ويلحق بالولوغ لطع الكلب للإناء ولا يلحق بذلك عرق الكلب ولا سائر رطوباته ولا إدخال أعضائه في الإناء بل حكم ذلك حكم سائر النجاسات إذا أصابت الإناء كما لا يلحق بالإناء باقي الأشياء التي تتنجس به بل حكمها حكم المتنجس بسائر النجاسات من الغسل مرة.ويجزي الغسل بالتراب ولو بواسطة الآلة كما لو كان راس الإناء ضيقاً.ولا يجب التكرار لو ولغ فيه عدة كلاب قبل التطهير.

(ثانيها)الإناء المتنجس بشرب الخنزير منه والإناء الذي مات الجرذ فيه فانه يعتبر في تطهيرهما غسل الإناء سبعاً.وأما إناء الخمر وإن كان ورد في تطهيره الدلك باليد مع غسله ثلاث مرات لكن الظاهر أن المراد بالدلك إزالة عين النجاسة فيكون حكمه حكم المتنجس بسائر النجاسات ولا خصوصية له عليها.هذا كله في تطهير الأواني بالماء القليل,أما تطهيرها بالماء المعتصم فيكفي فيه استيلاء الماء عليها مرة واحدة فيما عدا ولوغ الكلب فانه لابد من الغسل بالتراب أول مرة ثم غسله في الماء المعتصم مرة واحدة.

تطهير العجين ونحوه

إذا أصاب ظاهر العجين نجاسة دون باطنه فانه يطهر بعد إزالة عين النجاسة عنه بصب الماء عليه أو استيلاء الماء المعتصم عليه.و أما إذا تنجس باطنه كما لو عجن بماء متنجس فيمكن تطهيره بأن يخبز أو يجفف نفس العجين ويوضع في الماء المعتصم كالكر ونحوه حتى يعلم وصول الماء إلى سائر الأجزاء المتنجسة.وفي مرسلة الصدوق قال دخل أبو جعفر  عليه السلام الخلاء فوجد لقمة خبز في القذر فأخذها وغسلها ودفعها إلى مملوك معه فقال  عليه السلام:تكون معك لآكلها إذا خرجت فلما خرج قال  عليه السلام للمملوك:أين اللقمة؟قال أكلتها يا ابن رسول الله  صلى الله عليه وآله وسلم  .فقال  عليه السلام انها ما استقرت في جوف أحد إلا وجبت له الجنة فاذهب فأنت حر فاني أكره أن استخدم رجلا من أهل الجنة.

 

المائعات المتنجسة

 هي كما عرفت لا تطهر وإذا استهلكت بالماء المعتصم خرجت عن الإضافة وصارت ماءاً مطلقاً ومعه تنتفي حقيقتها.نعم لو أمكن إخراجها بعد ذلك منه كانت طاهرة كما يقال في ماء الحصرم إذ استهلك في كر فانه بعد غليانه يبقى ماء الحصرم وحينئذ فيكون طاهراً,وهكذا الدهن المتنجس إذا وضع في ماء يبلغ كراً وقد غلى فيخلط الدهن به حال غليانه فإن الدهن بعد برودة الماء يجمد ويكون طاهراً ما لم يخرج الماء عن الإطلاق.

تطهير الذهب والفضة

  وهكذا علم حال الذهب والفضة والأواني الفرفورية أو الزجاجية فانها إن تنجس ظاهرها أمكن تطهيرها بالماء القليل والكثير وإن تنجس ظاهرها وباطنها كما لو صنعت من مادة متنجسة كان ظاهرها يطهر بالماء القليل أو الكثير دون باطنها لعدم وصول الماء إليه فلو زال ظاهرها كأن كثر استعماله وظهر من باطنها المتنجس شيء وجب تطهيره.

تطهير الأرض

 وهكذا يعلم حال الأرض المتنجسة والخزف والآجر والترب التي يسجد عليها والحبوب كالحنطة والشعير والسمسم المتنجسة فان النجاسة إن كانت لم تنفذ إلى باطنها ازيل عينها وصب عليها الماء وقد طهرت حتى الأرض لان ماء الغسالة المطهرة كما عرفت طاهر.نعم إزالة عين النجاسة يكون بغير الماء إذا كان الماء ينفذ فيها لان ماء الغسالة المزيل للعين نجس كما عرفت,وإن كانت النجاسة قد نفذت لباطنها فلابد من تطهيرها من استيلاء الماء المعتصم كالكر والجاري على أجزائها المتنجسة بحيث يصل إليها دون أن يخرج عن الإطلاق ولو بوضعها مدة في الماء المعتصم.ومنه يعلم حال الصابون إلا انه يخفف الأمر فيه إنه لو تنجس بعد صيرورته صابوناً لم تصل النجاسة إلى باطنه كما ذكر لي ذلك بعض الأفاضل ولا اقل من الشك وهو كاف في المقام .

تطهير اللحوم ونحوها

أما اللحوم والشحوم واللبن الرائب والجبن إن تنجس ظاهرها فيكفي غسل ظاهرها ولا تمنع الدسومة التي عليها من التطهير فانها كالدسومة لتي علي بدن الإنسان ولو تنجس ظاهرها وباطنها فمقتضى ما ذكرناه هو عدم الطهارة ما لم يعلم بوصول الماء المطهر لباطنها كأن توضع في الماء المعتصم حتى ينفذ في أعماقها.نعم يمكن أن يمنع من وصول النجاسة لباطن اللحم والشحم حتى لو طبخ في متنجس وإنما البخار والحرارة هي التي تطبخ باطنه ويكفينا في هذا المقام الشك وحينئذ يمكن تطهيره فيمكن تطهيره بالماء القليل بصبه وقد ورد عن أبي عبد الله  عليه السلام ان أمير المؤمنين  عليه السلام سأل عن قدر طبخت فإذا في القدر فأرة قال:يراق مرقها ويغسل اللحم ويؤكل.

تطهير الثوب المصبوغ

  ومما ذكرنا يعلم حال الثوب المصبوغ بالمائع المتنجس فان الصبغ إن لم يكن له جرم وإنما هو لون فقط كان حكم الثوب حكم الثوب المتنجس بالنجاسة وإن كان له جرم فلابد في تطهيره من حصول العلم بنفوذ الماء إلى جميع أجزائه على نحو لا يوجب خروج الماء عن الإطلاق إلى الإضافة وهكذا حال الصبغ على البدن إذا كان متنجساً كالحناء ونحوها مما يصبغ الشعر به فانه بعد إزالة جرمه وإن بقى لونه يطهر البدن منه بالماء.

تطهير الملح والسكر

وهكذا يعلم حال السكر والقند والملح فانه لا يطهر حتى بالكثير إذ أنه لا ينفذ إليه الماء إلا وصار مضافاً فيكون الماء حال التطهير به مضافاً وقد عرفت انه لابد وان يكون مطلقاً.إلا إذا تنجس ظاهره وأمكن إزالة عين النجاسة منه.

 

فائدة مهمة

 انه قد ظهر مما قدمناه انه بعد إزالة عين النجاسة عن المتنجس سواء كان البدن أو الثوب أو الفرش أو الإناء أو غير ذلك فعند غسله وتطهيره إذا أصاب الماء ما اتصل بالمحل المتنجس أو المحل المنفصل عنه أو المحل المنضم إليه لم يتنجس به لأن ماء الغسالة المطهرة كما تقدم منا ليس بنجس فلو كان زنده متنجساً وبعد إزالة عين النجاسة عنه صب عليه الماء وأصاب كفه لم يتنجس كفه.وعليه فما تعارف هذه الأيام في غسل الكأس والقدح بعد إزالة عين النجاسة من أن يوضع فيه الماء ثم توضع اليد على أعلاه ثم الماء فيه وهكذا بصنع ثلاث مرات فالمتقاطر منه على الإنسان والذي أصاب اليد ليس بنجس.

التطهير بالاستنجاء

وهو تطهير مخرج البول أو الغائط.ويعتبر في تطهير مخرج البول أن يكون غسله بالماء دون غيره ويكفي في الغسلة الواحدة المزيلة لعين النجاسة.ولا فرق بين مخرج البول للذكر أو الأنثى أو الخنثى وبين المخرج الطبيعي وغيره والمعتاد وغيره.ولا يجب دلك مخرج البول عند تطهيره إلا إذا صار مع البول شيء لا يزول إلا بالدلك كالمذي.ومع الشك في صيرورة مثل ذلك مع البول يبنى على عدمه.وأما تطهير مخرج الغائط فيكفي فيه الغسل بالماء لما ظهر منه إذا تلوث بالغائط عند خروجه منه دون باطنه فانه لا يجب غسله بإدخال الأصابع في الدبر.ويكفي الغسلة الواحدة الموجبة لنقاء المحل من الغائط ولا يضر بقاء الرائحة أو اللون بعد نقاء المخرج بالماء.وعليه فما تعارف في هذه الأيام في الفنادق الحديثة من إيجاد مقعد يخرج منه الماء بقوة منقية لمخرج الغائط يكون مطهراً للمخرج.ويجزي في خصوص التطهير من الغائط دون البول الأحجار المزيلة لعين النجاسة بشروط:

(أحدها)أن لا تكون الأحجار أقل من ثلاثة وان زالت عين النجاسة بأقل من ذلك ولا يكفي استعمال الحجر الواحد من ثلاث جهات من غير فرق بين استيعاب الأحجار للمحل في كل مسح وبين توزيع المسحات على أجزاء المحل:

(ثانيها)إن لا يتعدى الغائط عن المخرج على وجه لا يصدق عليه الاستنجاء.

(ثالثها)أن تزداد الأحجار على الثلاثة إذا لم تذهب عين الغائط بالثلاثة حتى تزول العين.

(رابعها)أن لا تكون الأحجار متنجسة ويمسح بالموضع المتنجس منها.

(خامسها)أن لا تكون في الحجر رطوبة مسرية وإلا لتنجست تلك الرطوبة ويكون ما يستنجي به متنجساً.

(سادسها)أن لا يكون مع الغائط نجاسة أخرى كأن خرج معه دم أو أصابه من الخارج نجاسة كالبول.ويقوم مقام الأحجار بالشروط المذكورة غيرها من الأجسام الطاهرة القالعة للنجاسة كالكرسف والخزف والخرق ففي صحيحة زرارة ان علي بن الحسين عليه السلام كان يتمسح من الغائط بالكرسف ولا يغتسل ويستثنى من ذلك الروث والعظم والأعيان النجسة والأجسام الصقيلة التي لها صيقلة وملامسة تمنع من قلع النجاسة بها الذي هو شرط التطهير.وعليه فيصح الاستنجاء من الغائط بالكاغد المزيل لعين النجاسة بشروط الستة المذكورة.نعم لا يجوز الاستنجاء بالأجسام التي لها حرمة تمنع من الاستهانة بها.

ويلحق في المقام مطلبان الأول في التخلي والثاني في الاستبراء:

التخلي

ويجب في التخلي أن يجلس المتخلي بحيث لا يرى عورته إنسان ولو لظلمة أو بعد عن الناس أو عدم الناظر ويستثنى من ذلك الزوج بالنسبة لزوجته وللزوجة بالنسبة لزوجها والمملوكة بالنسبة لمالكها إذا كان يجوز له وطؤها والمحللة بالنسبة إلى المحلل له والطفل غير المميز والمضطر سواء كان في حال التخلي أو غيره.والعورة في الرجل هي الدبر والقضيب والبيضتين,وفي المرأة هي الدبر والفرج.

وهكذا يحرم عند التخلي استقبال القبلة  واستدبارها في الأبنية والصحارى ولا يحرم ذلك عند الاستنجاء.والمراد بالاستقبال وبالاستدبار هو المعنى العرفي لاستقبال البدن واستدباره لا الاستقبال والاستدبار بالعورة فقط.

 

كيفية الاستبراء وفائدته

وفائدة الاستبراء بعد البول صحياً هو عدم تخلف البول في المجرى إذ تخلفه فيه ينتج أمراضا مرهقة والتهابات مزمنة بل له نوع تأثير على النسل حيث يختلط بالمني فيفسد الرحم ويؤثر على جهازه وانتاجه.وفائدته الشرعية هي عدم جريان حكم البول على الرطوبة المشتبهة الخارجة من المجرى بعد البول والأفضل فيه أن يخرط بالوسطى من يده اليسرى من المقعد إلى أصل الذكر أعني الانثيين ثلاثاً ويعصر من اصل الذكر إلى طرفه ثلاثا ثم ينتره ثلاثاً.ولا يعتبر في التنحنح.والصبر قبله هنيئة وإذا شك من لم يستبرء أنه خرجت منه رطوبة مشتبهة أم لا بنى على عدم الخروج وإن ظن الخروج.وليس على المرأة الاستبراء.والقول بأنها تستبرء عرضاً أو تصبر قليلا وتتنحنح وتعصر فرجها عرضاً لا دليل عليه والرطوبة الخارجة منها محكومة بالطهارة وعدم الناقضية للوضوء.

تطهير الميت

قد عرفت إن الإنسان إذا مات تنجس ولكن تغسيله ثلاث مرات الأولى بماء مصاحب للسدر والثانية بماء مصاحب للكافور إلا إذا كان محرماً فلا يجعل فيه والثالثة بماء القراح كغسل الجنابة موجب لتطهيره وعدم نجاسته على تفصيل سيجيء إن شاء الله في مبحث الاغسال وتقدم قسم منه في مبحث الميتة.

الشمس

(الثاني من المطهرات) الشمس وإنما هي تطهر الأرض بتوابعها من الرمل والحصى والتراب والمعدن وتطهر الأبنية بتوابعها كالجداران والآجر والشبابيك والجص والقير والطين وتطهر النباتات والأشجار بتوابعها كالأوراق والأثمار والأزهار,لكن كل ذلك ما دامت تابعة لمواضيعها المذكورة فإذا انفصلت عنها لم تطهر بها وتطهر الحصر والبواري وكل ما لا تجري العادة بنقله كالظروف المثبتة في الأرض.ولا فرق في التطهير بالشمس بين البول وسائر النجاسات ولكن يشترط في التطهير بها أمران:

(أحدهما) زوال عين النجاسة منها ولذا لا تطهر الشمس المجزرة ولا الكنيف لوجود عين النجاسة فيها.

(ثانيهما) أن يحصل التجفيف عن النجاسة بإشراق الشمس عليها ولو بفعل المكلف بأن يرش الماء على موضع النجاسة.وبعبارة أوضح لابد من رطوبة المحل ليستند ذهاب النجاسة إلى إشراقها وأصابتها فلو جف قبل الإشراق ثم أشرقت الشمس عليه لم يطهر كما لو جف ما تحت الظل وإن استند إلى حرارة الشمس لم يطهر.وهكذا لو وضع حصير على حصير أو حجر على حجر وكانا متنجسين لم يطهر بالشمس إلا ما أصابته منهما دون الآخر.نعم إذا كانت رطوبة النجاسة التي أصابت الأرض أو الحصير ونحوهما قد أثرت في الباطن وجف الظاهر والباطن بإشراق الشمس على الظاهر طهر الظاهر والباطن جميعاً.كما انه يكفي في مطهرية الشمس استناد الجفاف إليها عرفاً فلا يقدح مدخلية الريح أو حرارة الهواء فيه بحسب الدقة العقلية إذا كان يصدق عرفاً استناد التجفيف إلى إشراق الشمس.

الاستحالة

(الثالث من المطهرات) الاستحالة إلى الطاهر وهي الانتقال من حقيقة إلى حقيقة أخرى لا مجرد طريان أسم آخر بل كلما انتقل النجس أو المتنجس إلى موضوع آخر عند العرف بحيث يكون في نظرهم انه تبدل إلى موضوع مغاير له لا انه تبدل حال من حالاته أو صفة من صفاته.إلا انه قد تقدمت الإشارة إلى ان عد مثل ذلك من المطهرات مبنى على التسامح ،وكيف كان فالبول والغائط بل وسائر الأعيان النجسة إذا استحالت إلى بخار أو دخان أو رماد كان طاهرا وهكذا الماء النجس إذا استحال بولاً أو لبناً أو عرقاً أو لعابا لحيوان مأكول اللحم يكون طاهراً.ومن هذا الباب صيرورة الغائط والبول والدم والغذاء النجس جزءا من البقول أو الأثمار أو الحبوب فانها تكون طاهرة.وهكذا لو استحالت العذرة دوداً فأن الدود يكون طاهراً.ومثل ذلك الكلب والخنزير وسائر الأعيان النجسة إذا وقعت في التراب أو الملح فاستحالت ترابا أو ملحا فانه يكون طاهرا.نعم لو كانت رطوبة مسرية تعدت نجاستها إلى الملح أو التراب الذي وقعت فيه بخلاف ما إذا لم تكن رطوبة مسرية كان الجميع طاهراً,ومع الشك في وجود الرطوبة المسرية فالأصل الطهارة للشك في عروض النجاسة على التراب أو الملح.ولا فرق في ذلك بين الأعيان النجسة وبين المتنجسة ولو شك في ان المستحيل إليه حقيقة أخرى عند العرف أم لا يحكم أيضا بالطهارة كما لو شك في ان صيرورة الخشب المتنجس فحماً من قبيل تبدل الموضوع إلى موضوع آخر عند العرف أو من قبيل تبدل الحالات والصفات فانه يحكم بالطهارة أيضا.

 

الانقلاب

(الرابع من المطهرات)الانقلاب والفرق بينه وبين الاستحالة هو ان التبدل فيها إنما يكون تبدلاً بالحقيقة كصيرورة الخشب رماداً بخلاف الانقلاب فان التبدل فيه إنما يكون بالوصف أو الحال مع بقاء الموضوع وكيف كان فالانقلاب إنما يطهر الخمر بل سائر المسكرات المائعة إذا انقلبت خلاً بنفسها أو بالعلاج بشرط عدم تنجسها بنجاسة أخرى كأن وقع عليه دم أو نحوه.ومتى طهرت بانقلابها خلاً يتبعها في الطهارة إناؤها والآلات المصاحبة لها المتصلة بها حال الانقلاب دون المنفصلة عنها في هذا الحين وهكذا يطهر الانقلاب سائر الأجسام التي جعلت في المسكرات بانقلابها خلاً كالملح والخل التي تجعل في الخمر لقلبه خلاً.ولو نقص المسكر عن الإناء بعد كونه مملوءاً به فانقلب المسكر خلاً طهر الجزء الأعلى من الإناء ولا يجب ثقب الإناء من أسفله لإخراج الخل.ولو استهلك الخمر في الخل تنجس الجميع وعلى هذا تنزل رواية أبي بصير عنه  عليه السلام عن الخمر يجعل خلاً قال  عليه السلام لا بأس إذا لم يجعل فيها ما يغلبها.ولو شك في الانقلاب يحكم بالنجاسة.

ذهاب الثلثين

 (الخامس من المطهرات)ذهاب الثلثين وهو إنما يكون مطهراً للعصير العنبي عندما يكون مسكراً.ولا فرق في ذهاب الثلثين بالنار أو بالشمس أو بغير ذلك كما لا فرق بين ذهاب ثلثيه بالمساحة أو الكيل أو الوزن ومع الاختلاف تقدم المساحة وكما يطهر العصير المسكر بذهاب ثلثيه كذلك يطهر بتبعه انائه الذي ذهب فيه ثلثاه والآلات التي يزاولها العامل حال ذهاب ثلثيه.ولو شك في اسكار العصير بنى على عدمه.ولو شك في ذهاب الثلثين بنى على عدمه.

الانتقال

(السادس من المطهرات)الانتقال وهو قريب من الاستحالة فانه عبارة عن حلول النجس في محل آخر حكم الشارع بطهارته عند نسبته لذلك المحل ويعتبر فيه صدق النسبة إلى ذلك المحل الآخر على سبيل الحقيقة فلو شك في صدق النسبة بعد الانتقال كما إذا دخل شيء من النجاسات في بطون بعض الحيوانات المأكولة اللحم ولم يستقر فيها حتى يعلم صدق نسبته إليها لم يحكم بالطهارة كما لو شرب الحيوان الدم ولم يستقر في جوفه حتى ذبح واخرج منه كان الدم باقيا على نجاسته لعدم إحراز صدق نسبته إليه ولهذا كان دم العلق بعد مصه من الإنسان نجس بخلاف دم البق والبرغوث والقمل والحر مس وأشباهها.ولا فرق بعد صدق النسبة حقيقة بين الحيوان  وبين غيره ولا بين الدم من النجاسات وبين غيره فلو شرب الشجر أو النباتات متنجسا طهر لصدق النسبة للشجر والنبات حقيقة والتحقيق إن الانتقال إذا لم يرجع إلى تبدل الموضوع عند العرف لم يكن مطهراً و أما دم البق والبرغوث فهما طاهران لورود الأخبار بذلك.ولعل من ذلك نقل عين الميت أو يده أو نحو ذلك إلى الحي.

الإسلام

(السابع من المطهرات)الإسلام وهو موجب لطهارة الكافر سواء كان اصليا أو مرتداً ملياً أو فطرياً.ويكفي في إسلامه إظهاره للشهادتين إذا لم يعلم ويقطع بمخالفته لاعتقاده وعقيدته.ويطهر أيضا ما يتبعه من بصاقه وعرقه ودمعة عينه ونحو ذلك.

التبعية

(الثامن من المطهرات)التبعية وهي إنما تكون في الأشياء التي لا تنفك عن المطهر(بالفتح)حال تطهيره بحيث يكون حكم الشارع بالطهارة للمتبوع مقتضياً لطهارتها وليس منها تبعية أولاد الكفار لآبائهم في الطهارة إذا اسلموا وانما طهارتهم لإسلامهم بإسلام آبائهم نظير أولاد المسلمين فتكون طهارتهم بالإسلام كنجاستهم بالكفر.نعم منها تبعية ظروف المسكرات وآلاتها للمسكرات في الطهارة إذا انقلبت خلاً بشرط كونها متصلة بالمتبوع حال الانقلاب وغير متنجسة بنجاسة أخرى ومثلها تبعية اليد المباشرة للغسل وآلة الدق فيما لا يعصر والغسالة الباقية بعد العصر فإنها تطهر تبعاً لطهارة المغسول وقد أشرنا إلى جملة من الأشياء التي تطهر بالتبع وسنشير إن شاء الله إلى جملة أخرى منها عند البحث عن متبوعها.

 

الزوال

(التاسع من المطهرات)الزوال وهو يكون مطهرا في موارد ثلاثة :

(إحداها)الحيوانات الصامتة فان زوال عين النجاسة عن الحيوانات الصامتة مطلقاً ما ظهر منها وما بطن مطهر لها فلو زال عين النجاسة عنها بأي نحو كان صار موضع النجاسة طاهرا.فالهرة إذا أكلت النجس أو المتنجس ثم زال أثره عن فمها طهر فمها.وهكذا منقار الدجاجة بل حتى الحيوانات المتكونة في النجاسات كالجعل ونبات وردان والدود فإذا زال عنها عين النجاسة كانت طاهرة.ولذا لو وقع الحيوان غير مأكول اللحم في المائعات وخرج منها حياً لا يحكم بنجاسته مع العلم بان مخرجه قد تنجس بالبول أو العذرة أو المني وان جسمه قد تنجس بدم الولادة.ولو شك في أن عين النجاسة أو المتنجس زالت عن الحيوان أم لا بنى على زوالها وكان محكوما بالطهارة ولا وجه لاستصحاب النجاسة.

(ثانيها)باطن الإنسان فان زوال عين النجاسة عن باطنه مطهر له وان كانت الرطوبة الملاقية لعين النجاسة موجودة ولا فرق في جميع ما ذكرناه بين ورود النجاسة عليه من الخارج أو من الداخل.

(ثالثها)زوال التغيير عن الجاري والبئر والمطر وغيرها مما تقدم في مبحث المياه فأن زوال التغير عنها موجب لطهارتها فراجع ذلك وفي عد هذا من المطهرات مبني على المساحة.

الاستبراء

(العاشر من المطهرات) استبراء الحيوان الجلال فانه مطهر لعرقه النجس ولبوله ولخروجه وموجب لحلية أكله.والمراد بالحيوان الجلال الذي هو قابل للطهارة وحلية الآكل بالاستبراء هو خصوص الحيوان المأكول اللحم ذي النفس السائلة المتغذي بعذرة الإنسان تغذية توجب صدق الجلال عليه عرفاً دون المتغذي بغيرها من النجاسات والمتنجسات فانه لا يحرم أكله إلا إذا صار من الخبائث ودون نجس العين فانه بالاستبراء لا يطهر. والاستبراء الموجب لطهارة الحيوان الجلال وحلية أكله يختلف باختلاف الحيوانات فالناقة تحبس وتغذي أربعين يوماً والبقرة عشرين والشاة عشرة أيام والبطة خمسة أيام والدجاجة ثلاثة أيام وفي غيرها تحبس وتغذي حتى يزول وصف الجلل عنها وسيجيء إن شاء الله زيادة توضيح وفروع في كتاب الأطعمة والاشربة.ويكون الاستبراء علامة للطهارة فيما لو كان بالخرطات بعد البول أو فيما كان بالبول بعد خروج المني فانه يكون إمارة على طهارة ما يخرج بعده من الرطوبة المشتبه على تفصيل تقدم في الاستبراء من البول وسيجيء إن شاء الله في الاستبراء من المني.

 

الغيبة

(الحادي عشر من المطهرات)غيبة الإنسان المسلم المكلف العالم بالنجاسة فانها توجب طهارة بدن الإنسان وما يتعلق به من الثياب والفرش والظروف ونحوها مع احتمال طرو الطهارة عند غيبته أما إذا لم يحتمل التطهير في حقه أو احتمل ولكن اخبر ببقاء النجاسة أو كان لم يعلم بالنجاسة فيحكم عليه بالنجاسة.وأما إذا اخبر بالتطهير أو صدر منه فعل يقتضي التطهير عند نفسه كالصلاة فيحكم عليه بالطهارة ولا يخفى ان عد الغيبة من المطهرات من باب المسامحة حيث انها من الطرق المثبتة لها والكاشفة عنها.

الأرض

  (الثاني عشر من المطهرات)الأرض وهي مطهرة لمخرج الغائط بالاستنجاء بالحجر منها.ومطهرة لميتة الإنسان بالتيمم بها.والإناء الولوغ بغسله بترابها مع غسله مرتين بالماء كما تقدم تفصيل ذلك كله.ومطهرة لباطن القدم والخف بل كل ما يتعارف المشي به كالقبقاب والنعل بل كل ما يستعان به على المشي عند العرف كالعكازة وعصى الأعمى ونعل الدابة وخشبة الاقطع وركبته وفخذ المقعد ويدي من يمشي على يديه وعجلات وسائط النقل.والباطن هو ما تستره الأرض حال الاعتماد عليها.ويلحق به حواشيه وحافاته التي يتعارف إصابة النجاسة لها حال المشي فهي تطهر بالأرض كالباطن.ولا فرق في تطهير ذلك بالأرض بين مسحه بها أو بالمشي عليها كما لا فرق بين أن يكون تنجسه بالنجاسة الحاصلة بالمشي على الأرض أو الحاصلة من غيره كما لو خرج من باطن رجله دم،كما لا فرق في الأرض بين التراب والحجر والرمل وبين المبلطة بالأسمنت والجص والنوره والقير نعم لا يكفي المشي على الفرش والحصير والبواري والزرع مما لا بعد من أجزاء الأرض.وهكذا لا فرق بين الأرض المتنجسة وبين الطهارة فان المشي والمسح بكل منهما موجب للطهارة ما لم تسر نجاسة أخرى منها لباطن الممسوح بها والمشي به عليها.كما لا فرق في حصول الطهارة بالمشي أو المسح بين أن يكون في باطن القدم رطوبة قد جفت بالمشي أم لم تكن رطوبة نعم يشترط في الطهارة بالأرض أمور(أحدها)جفاف الأرض بنحو لا توجد فيها رطوبة مسرية فانه لو كانت فيها رطوبة غير مسرية لم تكن مضرة.وإذا شك في جفافها لا يحكم بكونها مطهرة إلا إذا علم بان الحالة السابقة على هذه الحال كانت جافة فتستصحب

(ثانيها) زوال عين النجاسة حتى لا يبقى من أجزاء النجاسة الأجزاء التي تزول عادة بالمشي أو بالمسح ولا يضر بقاء الأجزاء التي يتعذر زوالها عادة لو فرض وجود مثل هذه الأجزاء كما لا يضر بقاء الرائحة ولا كدورة اللون ولا الرطوبة الخالصة من الأجزاء المذكورة ولا الأجزاء الأرضية التي تلصق بحسب العادة بالنعل عند المشي على الأرض أو المسح بها ولا يعتبر زوال عين النجاسة بالمشي أو المسح بل لو كانت قد زالت قبل ذلك أو لم يكن لها جرم كالبول والماء المتنجس ثم حصل المشي أو المسح كفى ذلك في حصول التطهير

(ثالثها)عدم تنجس الأرض بنجاسة مسرية لباطن الممسوح بها والمشي به عليها.

الخروج

(الثالث عشر من المطهرات)الخروج والمطهر منه على أقسام ثلاثة (أحدها)هو خروج الدم من الذبيحة بالمقدار المتعارف فانه مطهر لما بقي في جوفها على القول بان الدم في الباطن نجس والا فيكون الخروج مانعاً من تنجسه

(ثانيها)خروج المقادير المنصوصة من البئر لوقوع النجاسات فيها على القول بنجاستها بها

(ثالثها)خروج ماء الغسالة فانه مطهر للباقي منها لو كان نجساً.

الشهادة

(الرابع عشر من المطهرات)الشهادة وهي مطهرة لميتة الإنسان فقد تقدم ان الشهادة بين يدي النبي  صلى الله عليه وآله وسلم  والإمام  عليه السلام أو نائبة بل كل من قتل في سبيل الله في كل جهاد بحق ولو في حال الغيبة كما لو دهم المسلمين عدو يخاف منه على بيضة الإسلام فان الشهادة في جميع ذلك موجبة لطهارة الشهيد.

 

الوضوء

وهو مستحب في نفسه فيصح الإتيان به قربة إلى الله تعالى وفي الحديث عن إمامنا الرضا  عليه السلام :أمر بالوضوء وبدأ به قبل ليكون العبد طاهراً إذا قام بين يدي الجبار في مناجاته إياه مطيعاً له فيما أمره نقيا من الادناس والنجاسة.مع ما فيه من ذهاب الكسل وطرد النعاس وتزكية الفؤاد.ووجب ذلك على الوجه واليدين والرأس والرجلين لأن العبد إذا قام بين يدي الجبار فإنما ينكشف من جوارحه ويظهر ما وجب فيه الوضوء.انه بوجهه يسجد ويخضع.وبيده يسأل ويرغب ويتبتل ويرهب وبرأسه يستقبل في ركوعه وسجوده.وبرجليه يقوم ويقعد ووجب الغسل على الوجه واليدين والمسح على الرأس والرجلين لأن العبادة العظمى إنما هي الركوع والسجود وهما إنما يكونان الركوع والسجود بالوجه واليدين لا بالرأس والرجلين.وإن الخلق لا يطيقون في كل وقت غسل الرأس والرجلين يشتد ذلك عليهم في البرد والسفر والمرض.وغسل الوجه واليدين أخف من غسل الرأس والرجلين وإنما وضعت الفرائض على قدر اقل الناس طاقة من أهل الصحة ثم عم فيها القوي والضعيف.وان الرأس والرجلين ليس هما في كل وقت باديين وظاهرين كالوجه واليدين لموضع العمامة والخفين.ووجب الوضوء مما خرج من الطرفين خاصة ومن النوم دون سائر الأشياء لأن الطرفين هما طريق النجاسة وليس للإنسان طريق تصيبه النجاسة من نفسه إلا منهما فأمروا بالطهارة عندما تصيبهم تلك النجاسة من أنفسهم وأما النوم فان النائم إذا غلب عليه النوم استرخى ويفتح كل شيء منه.ولم يأمروا بالغسل من هذه النجاسة كما أُمِروا بالغسل من الجنابة لأن هذا شيء دائم غير ممكن للخلق الاغتسال منه مما يصيب ذلك ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها والجنابة ليس هي أمرا دائماً وانما هي شهوة يصيبها إذا أراد ويمكنه تعجيلها وتأخيرها للأيام.الحديث والتعرض للوضوء يقع في مباحث ثلاثة الأول في كيفيته الثاني في موجباته الثالث فيما يجب له.

المبحث الأول كيفية الوضوء وما يعتبر فيها

 النية

ولابد في كيفية وكمية الوضوء من أمور (الأول منها)النية ولا يخرج العبد من عهدة التكليف بالوضوء بمجرد إتيانه بأفعاله بدونها بخلاف الطهارة الخبيثة فانها لا يعتبر في صحتها ذلك.ويكفي في تحققها أن يقصد المكلف في نفسه الإتيان بالوضوء بداعي التقرب إلى الله تعالى وإن كان غير ملتفت إلى ذلك تفصيلاً بل يجزيه انه لو سئل عن داعي عمله والدافع له نحوه لأجاب بأنه التقرب إلى الله ويلزم فيها تعيين العمل.ويكفي فيه انه لو سئل عنه لأجاب بأنه الوضوء لا اللعب أو التنظيف ويلزم حصولها قبل الشروع في أفعال الوضوء بحيث تكون الأفعال قد وقعت عنها كما يلزم استدامتها إلى انتهاء الوضوء بحيث لا ينتقل في أثناء عمله إلى نية الخلاف أو التردد في العمل.ولو نوى الخلاف في الأثناء ثم ارتدع عن قصده قبل أن تفوته الموالاة فأتم الوضوء كان مجزياً له.ولا يجب في النية إخطارها في الذهن ولا إحضار صورة العمل فيه.كما لا يجب فيها قصد رفع الحدث أو استباحة الصلاة أو نحوها مما هو مشروط بالطهارة.ولا يجب نية الوجوب ولا الندب ولا نية وجههما ولا قصد الغاية التي من أجلها أمر بالوضوء.ولا يجب التلفظ بالنية والنطق بها.ولا يضر قصد ترجيح بعض

 

أفراد الوضوء على بعض بعد إتيان اصل الوضوء بداعي القربة وامتثال الأمر فله أن يختار الوضوء بالماء المسخن والمكان الحار والوقت الخاص والكيفية الخاصة لاستلذاذه بها بعد قصده بنفس الوضوء التقرب إلى الله تعالى كما لا يضر لو قصد أثرا مباحاً مرتباً على الوضوء بقصد التقرب كقضاء حوائجه وطول عمره,والحاصل أن هنا أقساماً ثلاثة (الأول)أن تكون الضمائم إلى قصد القربة مباحة كالتنظيف والتبريد والتسخين وله صور أربع(الأولى)أن يكون الداعي إلى اصل العمل هو التقرب وامتثال الأمر ولكن رجح بعض الأفراد على بعض لغايات وأغراض مباحة فيكون المقصود بالأصالة هو القربة والمقصود بالتبع هو خصوصية الفرد الذي اختاره المكلف وهذه الصورة لا إشكال في صحتها(الثانية)عكس ذلك بان يكون المقصود بالأصالة هو الغرض الدنيوي والقربة مقصودة بالتبع كأن يأتي بالوضوء للتنظيف ثم بقصد القربة تبعاً له وهذه لا إشكال في فسادها(الثالثة)أن يكون قاصداً لمجموعها ابتداء بحيث يكون كل منهما جزء علة حتى انه لو انفرد أحدهما على الآخر لم يقدم على العمل فان كانت الضميمة أتى بها بقصد القربة فلا إشكال في صحة العمل وإن لم يأتِ بها بقصد القربة فالأكثر على بطلان العمل ولكن الحق هو صحة العمل لانه أيضا قد حصل به القرب لله تعالى وهذا المقدار كافٍ في تحقق العبادية ولا دليل على وجوب تجرد النية عن الضمائم إذا لم تكن محرمة كما حققناه وبهذا صح زيارة الحسين  عليه السلام لمن قصد الزيارة والتنزه وصح الحج الاستحبابي والتنزه وصح الحج الاستحبابي ممن يحج مرة ثانية بقصد التنزه أو التجارة مع القربة وإن كان قد وجهنا ذلك بتوجيه آخر وهو ان المقدمات والمكث يقصد بها ذلك دون نفس الزيارة والحج(الرابعة)أن يكون كل منهما علة يترتب عليها الفعل لو فرض انتفاء الآخر بحيث لو لم يكن أحدهما لاقدم على العمل بداعي الآخر كما لو فرض ان بدنه قذر وعليه غسل الجنابة فان الأمر بالغسل مع تنظيف بدنه كل منهما علة لإتيان الغسل بحيث لو فرض عدم قذارة بدنه لأتى بالغسل من جهة الجنابة كما لو فرض عدم الجنابة لأتى بالغسل من جهة القذارة والظاهر خلافا لبعضهم هو صحة العمل(القسم الثاني)وهو ما يكون الضمائم من قبيل الأمور الراجحة شرعاً كتعليم الغير للوضوء ومن هذا الباب قصد الإمام بإظهار تكبيرة الإحرام إعلام القوم وضم الصائم إلى نية القربة بصومه قصد الحمية وضم معطي الصدقة إلى قصد القربة إعطاء الغير لها وهذا أيضا يتصور فيه تلك الصور الأربع والحكم فيها كالحكم في القسم الأول.(القسم الثالث)وهو ما تكون الضمائم من قبيل الأمور المحرمة كالرياء فانه قد ورد فيه (اتقوا الله في الرياء فانه الشرك بالله.ان المرائي يدعى يوم القيامة بأربعة أسماء يا فاجر يا كافر يا غادر يا خاسر حبط عملك وبطل أجرك فلا خلاص لك اليوم فالتمس أجرك ممن كنت تعمل له)والحاصل انه لا ريب في إبطال الرياء للعمل إذا كان علة مستقلة أو جزء علة أو كان مع قصد القربة كل منهما علة لولا الآخر كما لا ريب في صحة العبادة إذا لم يقصد شيء من ذلك ولكن يسره أن رآه الناس مشتغلاٍ بهذه العبادة ففي صحيحة زرارة عن أبي جعفر  عليه السلام قال (سألته عن الرجل يعمل الشيء من الخير فيراه إنسان فيسره ذلك قال لا بأس ما من أحد إلا وهو يحب أن يظهر له في الناس الخير إذا لم يكن صنع ذلك لذلك)كما لا ريب لو أتى ببعض أجزاء الوضوء رياءاً ثم تداركه بأن أعاد ذلك الجزء بنية القربة لم يبطل الوضوء إذا لم يلزم فوات الموالاة.

غسل الوجه

(الثاني من الأمور) المعتبرة في الوضوء غسل الوجه وهو منتهى منابت الشعر في مقدم الرأس إلى الذقن طولاً وما دارت عليه الوسطى والإبهام عرضاً.وما خرج عن ذلك ليس من الوجه المطلوب غسله نعم يغسل مقدار يسيرُ منه من باب المقدمة.ولا عبر بالانزع والأصلع والاغم ولا بطويل الأصابع ولا بقصيرها بل يرجع كل منهم إلى أمثاله في ذلك الوجه من مستوي الخلقة بمعنى يلاحظ ما يناسب الوجه من الأصابع حتى يكون بينهما نسبة كنسبة ما بينهما في مستوي الخلقة فيغسل ما يغسله.ويجب أن لا يكون حاجب على وجه يمنع من غسله فلو كان على شعر عينيه كحل له جرم أو على حاجبيه صبغ له جرم وجب إزالته.ولا يجب الفحص عن الحاجب بل مجرد احتمال عدمه كاف في صحة غسل وجهه نعم لو شك في حاجبية الموجود وجب تحصيل اليقين برفع حاجبيته كالسوار على المرأة والخاتم في يد الإنسان.ويكفي في غسل الوجه الغسل من الأعلى بإجراء الماء عليه ولو بواسطة اليد مبتدءاً من منابت الشعر ومنتهياً إلى طرف الذقن ولهذا جاز أن يغمس الوجه في الماء ناوياً غسله من الأعلى إلى الأسفل وان لم يمر يده عليه.ولا يجب في غسل الوجه غسل النزعتين وهما البياضان المكتنفان بالناصية على الجبينين وهكذا لا يجب غسل الصدغين ولا بياض الأذنين وهو البياض الذي بين العذار والأذن ولا يجب غسل فاضل اللحية عن الوجه فشعرها الخارج عن حد الوجه طولا أو عرضاً لا يجب غسله في الوضوء كما لا يجب تخليل ما أحاط به شعر اللحية من الوجه خفيفة كانت اللحية أو كثيفة ولا أهداب العين ولا الشارب ولا الحاجب ولا العنفقة بل يكفي غسل ظاهرها بإجراء  الماء عليه ولا يجب ايصال  الماء إلى ما تحتها،وهكذا لا يجب غسل الباطن عرفاً كباطن المنخرين والعينين والشفتين.

 

غسل اليدين

 (الثالث من الأمور) المعتبرة في الوضوء غسل اليدين وكل ما عد من أجزائهما وتوابعهما كالإصبع الزائد والشعر واللحم الزائد ويجب أن يكون غسلهما من المرفقين إلى أطراف الأصابع مقدماً اليمنى على اليسرى كما هو المتعارف بين الناس فلو نكس أو لم يدخل المرفق في الغسل أو قدم اليسرى أعاد الغسل الباطل لليد إذا لم تفت الموالاة و الا بطل وضوؤه ولا يجب غسل بواطن الأظافر ولا غسل غوامض الجروح والقروح وهكذا كل ما عد من البواطن فانه لا يجب غسله إلا إذا صارت من الظواهر ولو قطعت اليد مما دون المرفق وجب غسل الباقي من المرفق حتى الموضع الذي ظهر بالقطع وان قطعت مما فوق المرفق سقط غسلها.ولو كان له يد زائدة وجب غسلها ويجب إزالة الحواجز المائعة لوصول الماء إلى بشرة اليد أو أظافرها فلا يصح الوضوء بالأصباغ التي لها جرم كالإصباغ المتعارفة في هذا اليوم للأظافر حيث أنها تمنع من وصول الماء لسطح الأظافر عند الوضوء نعم لا بأس بالإصباغ التي ليس لها جرم كلون الحناء ونحوها كما لا يضر طول الأظافر في صحة الوضوء إلا انه يجب غسلها تبعاً لليدين ولا يضر الوسخ الموجود بينها وبين الجلد إذا كان من البواطن وأما ما ينجمد من القيح أو الدواء على الجروح والقروح فان عد من الفضلات والأوساخ لا من الأجزاء لليد وأمكن أزالتها وجب ان حجزت عن وصول الماء ولم يكن يصدق معها غسل البشرة وإلا فلا يجب وهكذا الأوساخ ان حجزت عن وصول الماء ولم يصدق معها غسل البشرة و أمكن إزالتها وجب و إلا  فلا. 

مسح الرأس

(الرابع من الأمور)المعتبرة في الوضوء مسح مقدم الرأس.وهو ربعه الملاصق للجبهة ولا يجزي غسله كما لا يجزي المسح على العمامة والقناع وغيرها من الحواجز ولو كانت رقيقة.ويكفي في المسح المذكور صدق مسماه عرفاً بأن يسمى في العرف مسحاً باليد على شيء من مقدم الرأس من دون فرق بين الرجل والمرأة.ويجب أن يكون المسح بفضل ما بقي في اليد من ماء الوضوء وان لم يكن الغسل بها كما لو غسل للوضوء وجهه ويديه بالغمس أو بالوقوف تحت الميزاب ويجب أيضاً أن يكون بالكف سواء كان براحتها أو بأصابعها وسواء كان باليمنى أو اليسرى ومع عدم الكف يمسح بما بقي بعد قطعها.ويصح المسح ولو كان على الرأس رطوبة أو بلل أو عرق أو غيرها من الأوساخ والادهان إذا لم تمنع من صدق المسح عليه عرفاً على سبيل الحقيقة كما ان وجود الماء الكثير على اليد من الوضوء لا يمنع من المسح بها على الرأس.ويجوز مسح الرأس من الأعلى إلى قصاص الشعر أو بالعكس كما يجوز طولاً وعرضاً كما يجوز على بشرة مقدم الرأس وعلى الشعر النابت عليها و أما الشعر غير النابت عليها فلا يجزي المسح عليه ولو كان متدلياً عليها كما لا يجزي المسح على ما كان متدليا من الشعر على الجبهة وان كان نابتا عليها والميزان في المقام هو صدق المسح على مقدم الرأس.

مسح القدمين

 (الخامس من الأمور)المعتبرة في الوضوء مسح ظاهر القدمين إلى الكعبين دون باطنهما وصفحتيهما ببقية نداوة الوضوء في الكفين.والكعب هو العظم البارز في ظهر القدم ويسمى بقبة القدم وعليه يقع شراك النعل العربي غالباً.وحد المسح بحسب الطول من أطراف الأصابع إلى كعب القدم وبحسب العرض لا حد له بل يكفي مسماه.ويعتبر في المسح عدم الحائل من خف وغيره إلا للتقية أو الضرورة كثلج يخاف على رجليه منه.وشعر القدم ليس من الحائل فيصح المسح عليه ولا يجب تخليله وإيصال نداوة الوضوء إلى البشرة.كما يعتبر في المسح أيضا حصول تأثر القدم بنداوة اليد الماسحة ولا تضر كثرة النداوة فيها كما لا يضر وجود الرطوبة في القدم إذا لم تكن مانعة من صدق المسح بنداوة الوضوء في اليد.ويجوز مسح القدمين منكوساً بان يمسح من الكعب إلى رؤوس الأصابع كما يجوز مسحهما معا دفعة واحدة أو يقدم اليمنى على اليسرى أو اليسرى على اليمنى كما يجوز الاكتفاء بمسح يد واحدة لهما أو مسح اليمنى باليد اليمنى واليسرى باليد اليسرى أو مسح اليمنى باليد اليسرى واليسرى باليد اليمنى وإن قطع بعض موضع المسح وبقي بعضه وجب المسح على الباقي وإذا قطع موضع المسح بأجمعه سقط المسح عن القدم ولا يسقط الوضوء عن المكلف.

 

الترتيب

(السادس من الأمور)المعتبرة في الوضوء الترتيب في أفعال الوضوء فأول ما يبدأ بغسل الوجه وبعده اليد اليمنى وبعدها اليد اليسرى وبعدها بمسح مقدم الرأس وبعده يمسح ظاهر القدمين ولا يقدم بعضها على بعض فلو خالف بطل الوضوء ولو جهلاً أو نسياناً.نعم لو أتى بشيء من أفعال الوضوء دون ما هو مقدم عليه أعاده مع ما هو مقدم عليه فلو غسل اليمنى دون أن يغسل الوجه غسل الوجه وأعاد غسل اليمنى ولو غسل اليسرى دون اليمنى غسل اليمنى وأعاد غسل اليسرى وهكذا الكلام فيما لو مسح الرجلين دون الرأس أعاد ما فعله بعد فعل ما هو مقدم عليه بل لو غسل الذراعين ومسح الرأس والرجلين دون أن يغسل الوجه غسل الوجه وأعاد الجميع.وأما لو أتى بشيء من أفعال الوضوء بعد ما هو متأخر عنها أعاد ما قدمه من الأفعال دون ما أخره منها كما لو أتى بغسل الوجه بعد أن غسل اليمنى فقط ولا يجب أن يعيد غسل الوجه وهكذا إذا بدأ بيساره قبل يمينه ومسح رأسه ورجليه ثم التفت إلى ذلك أعاد غسل يساره ومسح رأسه ورجليه دون أن يعيد غسل يمينه وعلى هذا فقس الباقي إلا انه لابد فيما ذكرناه من بقاء الموالاة بين أفعال الوضوء إذ لو كانت الموالاة غير محفوظة كان اللازم أعادة الوضوء من الأول ولا فرق في جميع ما تقدم بالنسبة إلى مخالفة الترتيب بين العضو وبين بعضه فمن ترك شيئا من الوجه إلى أن غسل يمينه ثم التفت إلى ذلك أعاد غسل وجهه ويمينه.وقد عرفت فيما سبق أنه لا ترتيب بين مسح الرجلين فان شاء قدم اليمنى على اليسرى وإن شاء العكس وإن شاء مسحهما دفعة واحدة وهكذا لا ترتيب في أجزاء العضو وإنما المعتبر صدق الغسل له من الأعلى إلى الأسفل عرفاً.

الموالاة

(السابع من الأمور )المعتبرة في الوضوء الموالاة وهي وصل أفعال الوضوء بعضها ببعض بحيث لا يؤخر بعضها عن بعض إلى أن يجف ما تقدم عليه فإن فرّق في الأفعال وجف ما سبق أعاد الوضوء وان لم يجف بنى عليه وأكمل وضوءه.ولو حصل الجفاف لا من جهة التأخير بل من جهة حرارة مزاجه أو الهواء اليابس أو حرارة المكان لم يبطل وضوؤه إذا كان بين الأفعال متابعة واتصال عرفي.والحاصل ان الموالاة تحصل بأحد أمرين أما بعدم الجفاف أو بالمتابعة والاتصال العرفي الموجب لصدق وحدة العمل عند العرف فإذا حصل أحد هذين الأمرين فقد حصلت الموالاة المعتبرة في الوضوء.والجفاف المبطل للوضوء هو جفاف جميع الأعضاء المتقدمة لا خصوص العضو الذي يليه ما هو فيه.وعليه فلا يبطل الوضوء تأخير غسل اليسرى إلى أن جفت اليمنى ولكن الوجه لم يجف كما لا يبطله جفاف بعض أجزاء الأعضاء السابقة كما لو جف بعض الوجه واليمنى عند تأخيره لغسل اليسرى.ولا فرق في اعتبار الموالاة بين الغسل والمسح.

المباشرة

(الثامن من الأمور)المعتبرة في الوضوء المباشرة بأن يأتي بأفعال الوضوء بنفسه ولا يصح أن يتولاها عنه غيره فلا يصح أن يغسل وجهه أو يديه شخص آخر ولا أن يستعين بالغير في مسح رأسه أو رجليه.ويجوز أن يتولى مقدمات الأفعال غيره كان يسخن له الماء ويقدم له الإناء أو يصب على كفه الماء ليغسل به وجهه ففي صحيحة أبي عبيدة (وضأت أبا جعفر  عليه السلام وقد بال واستنجى ثم صببت عليه كفاً فغسل به وجهه وكفاً غسل به ذراعه الأيسر ثم مسح بفضل الندى رأسه ورجليه)هذا كله في صورة الاختيار وأما في صورة الاضطرار فيتولى الغير غسل وجه المتوضىء ويديه وفي المسح يأخذ يد المتوضىء ويمسح بها رأسه ورجليه ويكون الغير بمنزلة الآلة التي يستعان بها على ذلك فيجوز أن يكون صبيا أو مجنوناً أو حيواناً معلمًا.والنية تكون على المتوضىء لا على الغير الذي تولى وضوءه والمراد بالاضطرار في المقام ما يعم الحرج والعسر فلو تمكن من غمس العضو في الماء لم يجز تولية غسله ولو توقف على أجرة وجب دفعها إلا مع الإجحاف بماله فانه من الحرج.

 

صفات الماء المستعمل في الوضوء

(التاسع من الأمور)المعتبرة في الوضوء أن يكون الماء المتوضؤ به جامعاً للصفات الآتية(الأولى)الإطلاق فلا يصح الوضوء بالماء المضاف كماء الورد وغيره وما روي عن أبي الحسن  عليه السلام من نفي البأس بالتوضؤ بماء الورد.لعله(بكسر الواو)أو المراد به الماء الموضوع فيه الأزهار بحيث لم يخرج عن الإطلاق فانه لا إشكال في جواز الوضوء به(الثانية)الطهارة فلا يصح الوضوء بالماء المتنجس(الثالثة)أن لا يكون مستعملا في رفع الخبث حتى المستعمل في الاستنجاء فانه لا يصح الوضوء به.ولا فرق في ذلك بأجمعه بين صورة الانحصار وبين عدمه ولا بين صورة الجهل والسهو والنسيان والعمد فإن الوضوء في ذلك كله باطل إذا كان الماء أقل من كر وإلا فلا إذا لم يتغير أحد أوصافه الثلاثة(الرابعة)إباحة استعمال الماء فلا يصح بالماء المغصوب أو الماء الذي كان استعماله مضراً به ضرراً محرماً أو كان يخاف الضرر المذكور باستعماله أو كان الماء في آنية مغصوبة أو آنية ذهب أو فضة لا يمكن التوضؤ منها إلا بإرتماس الأعضاء فيها على وجه يتحقق بفعله فيها غسل العضو والتصرف فيها فان الوضوء في جميع ذلك باطل إلا إذا كان ناسياً أو جاهلاً بموضوع الغصب والضرر أو بحكمه وهو الحرمة عن قصور لا أن يكون جهله بالحكم عن تقصير.وأما مع الحرج في استعمال الماء أو لزوم استعماله لأمر محرم أو مزاحمة استعماله بواجب آخر فالوضوء صحيح وإن كان الفرض هو التيمم وقد حكي الإجماع على وجوب التيمم في صورة ما لو كان على بدنه نجاسة ومعه ماء يكفيه لإزالتها أو للوضوء ولا يكفي لمجموعها.ويكفي في إحراز رضا المالك الإذن السابق منه أو الفحوى أو شاهد حال قطعي ولا يلزم الرضا الفعلي بل يكفي العلم بأنه لو التفت المالك إلى تصرفه بالماء لرضي به.ويجوز الوضوء والغسل من الأنهار الكبار وإن لم يعلم رضا المالكين لها إلا إذا منعوا من ذلك.ولا فرق في اعتبار الإباحة في استعمال الماء بين صورة الانحصار وعدمه.

إباحة المكان

 (العاشر من الأمور)المعتبرة في الوضوء إباحة المكان بمعنى الفراغ الشاغل للجسم حتى الهواء والفضاء المحيط به من فوقه فلو كان هذا مباحاً له صح وضوؤه وإن كان الموضع الذي يستقر عليه مغصوباً ومن هنا يتضح صحة الوضوء على البساط المغصوب المفروش في ملكه أو الوضوء بنعال مغصوب مع كون الفراغ الذي شغله مباحاً.والأراضي الوسيعة يجوز الوضوء فيها وان لم يعلم رضى مالكيها.ولا يبطل الوضوء أو الصلاة وقوعهما تحت الخيمة المغصوبة لأنه ليس تصرفاً فيها وان كان الجلوس تحتها للوقاية من الحر أو البرد.وهكذا الاستضاءة بالضوء المغصوب.

سعة الوقت

(الحادي عشر من الأمور)المعتبرة في الوضوء كون الوقت متسعاً للوضوء والصلاة إذا كان إتيانه لأجل تلك الصلاة كأن يقصد امتثال الأمر المتعلق بالوضوء من حيث الأمر بهذه الصلاة أو لاستباحة هذه الصلاة فلو قصد ذلك بوضوئه مع ضيق الوقت بطل وضوؤه.نعم لو توضأ والحال هذه لغاية أخرى أو بقصد القربة صح وضوؤه.

وضوء ذوي الأعذار

وقد يسمى بالوضوء الاضطراري وهو على أقسام (منها)وضوء التقية وكيفيته أن يكون على طبق مذهب المتقى منه(ومنها)وضوء المسلوس والمبطون وسيجيء إن شاء الله الكلام فيه(ومنها)وضوء الاقطع وهو من قطعت بعض أعضاء وضوئه أو أحد أعضاء وضوئه فانه يسقط الحكم بالنسبة للمقطوع من العضو(ومنها)وضوء ذي الجبيرة أو مطلق الحاجب وكيفيته ان من كان على أحد أعضاء وضوئه جبيرة:وهي الألواح ونحوها مما يشد على العظام المكسورة فان أمكنه معها غسل البشرة في مواضع الغسل ومسحها في مواضع المسح بلا مشقة من ضرر أو خوفه أو ألم أو عسر وجب ذلك.وإن لم يمكنه ذلك فان كانت الجبيرة على العضو الذي يجب مسحه في الوضوء كالرجلين ولم يكن مقدار منه خالياً عنها بحيث يصح المسح عليه وحده وجب المسح عليها ولا يصح تكرار الماء أو وضع المحل في إناء الماء أو صبه عليه لإيصال الماء إلى البشرة بل اللازم هو مسح الجبيرة في موضع المسح إلا إذا كان في موضع المسح مقدار من الواجب بلا جبيرة فانه يجب المسح عليه بمقدار الواجب كما لو كانت الجبيرة على إبهام رجله فانه يمسح من أطراف باقي أصابعه بالمقدار الواجب مسحه.وإن كانت الجبيرة على العضو الذي يجب غسله فان أمكن بلا مشقة ايصال الماء إلى البشرة بوضع موضع الجبر من العضو  في الماء حتى يصل إلى الجلد وجب ذلك وإلا أجزأ المسح على الجبيرة ففي الحديث عن أمير المؤمنين  عليه السلام قال سألت رسول الله  صلى الله عليه وآله وسلم  عن الجبائر تكون على الكسير كيف يتوضأ صاحبها وكيف يغتسل إذا أجنب قال يجزيه المسح بالماء عليها في الجنابة والوضوء قلت فان كان في برد يخاف على نفسه إذا افرغ الماء على جسده فقرأ رسول الله  صلى الله عليه وآله وسلم  :" لا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا.

 

ويشترط طهارة الجبيرة وعدم غصبيتها ولا يضر نجاسة باطنها أو غصبيته ولو كان ظاهرها نجساً طهرها أو جعل بدلها أو وضع عليها خرقة طاهرة على وجه تعد عرفاً من أجزاء الجبيرة فانه أيضا نحو تطهير للجبيرة ان لم يكن في ذلك مشقة وحرج عليه وإلا كان حكمه التيمم.ولو كانت غصباً ولا يمكنه استرضاء المالك ولا إبدالها ولا وضع خرقة عليها تعد جزءا من الجبيرة انتقل حكمه إلى التيمم ولابد من استيعابها بالمسح إن كانت في الأعضاء التي تغسل ولا يجب استيعاب الثقوب والخيوط والطرائف.ويكفي المسح بامرار اليد عليها بأجمعها حال كون اليد مبتلة مرة واحدة من غير أعمال جد وجهد.ولا يلزم المسح عليها بنداوة الوضوء إذا كانت في مواضع الغسل بل إن شاء بها أو شاء بغيرها.وأما إذا كانت في مواضع المسح وجب أن يكون المسح عليها بنداوة الوضوء لا بماء جديد.وهكذا لا يلزم غسل الخط المحيط بالجبيرة إذا كان فيه مشقة وحرج كما لا يلزم مسحه.ولو زادت الجبيرة عن موضع العلة بالمقدار المتعارف كفى المسح عليها.ولو زادت على المتعارف فان أمكن بلا مشقة غسل البشرة في مواضع الغسل أو مسحها في مواضع المسح فهو المتعين وإلا أجزأ المسح عليها.ولا فرق فيما ذكرنا بين كون الجبيرة على تمام العضو أو على بعضه ولا بين كونها على جميع أعضاء الوضوء أو بعضها فان حكمه المسح عليها ولا ينتقل فرضه إلى التيمم كما لا فرق فيما ذكرنا بين الوضوءات الواجبة وبين المستحبة كما لا فرق فيما ذكرنا بين الوضوء والغسل والتيمم فإذا كان عليه الغسل أو التيمم مسح على جبائره كما في الوضوء كما يدل على ذلك إطلاق رواية كليب الاسدي عن أبي عبد الله  عليه السلام في الرجل إذا كان كسيرا كيف يصنع بالصلاة قال إن كان يتخوف على نفسه فليمسح على جبائره وليصل.ويلحق بالجبيرة مطلق الحاجب الذي وضع على البدن للعلاج ويتعذر إزالته أو يتعسر كالمرارة التي توضع على الإصبع أو اللطوخ أو الضماد أو الخرق التي يضمد بها الجروح أو غير ذلك مما يجعل على الكسر أو الجرح أو القرحة أو الحريق أو الوجع أو الرض أو الخلع وهكذا يلحق بها كل ما التصق بالجرح ونحوه من خرقة أو قطن أو كاغد أو نحوها بل يلحق بالجبيرة كل ما التصق بأعضاء الوضوء ولو لغير العلاج كالقير إذا التصق بأعضاء الوضوء وتعسر إزالته.ولو شق عليه مسح الجبيرة أو الحاجب أو بعض مواضع الوضوء لنجاسته أو تضرره بالماء أو خوفه أو غير ذلك كما في صورة وجع العين وجب عليه التيمم ولا يجوز له الاقتصار على غسل ما حول العضو وأما الجروح والقروح والكسور بل كل داء في العضو كان مكشوفاً ليس عليه جبيرة ولا غيرها فان كان من الغوامض الملحقة بالبواطن غسل ما حولها في موضع الغسل ومسح حولها على مواضع المسح إن لم يكن في ذلك مشقة عليه والا كان فرضه التيمم.وإن لم يكن من الغوامض وكان يخاف الضرر أو كان عليه حرج ومشقة في إصابة الماء له كان فرضه التيمم.

المبحث الثاني في موجبات الوضوء              

وفد يعبر عنها بأسباب الوضوء وقد يعبر عنها بنواقضه وقد يعبر عنها بالإحداث الموجبة له ومرادهم بها ما يوجب الوضوء وحده لا غير و أما الذي يوجبه مع غيره فسيجيء الكلام فبها في مبحث الاغسال وهي خمسة أمور:

(أحدها)خروج البول من الإنسان سواء خرج من الموضع المعتاد له أم لا وسواء انسد الموضع الطبيعي له أو لا وسواء قل أو كثر وسواء خرج منه بنفسه أو بالواسطة كما إذا أخرجته الآلة ولو خرج من القبل شيء غير البول كالمذي والوذي والودي والحصى والقيح والدم عدا الدماء الثلاثة فان لها حكماً خاصاً لم يوجب الوضوء إلا إذا كان مستصحباً للبول فانه يوجب الوضوء لا بنفسه بل بواسطة ما استصحبه من البول وهكذا لو خرج بول الأغلف من الغلفة دون الحشفة لم يوجب الوضوء.ولو شك في خروج البول منه بنى على عدمه إلا إذا خرج منه بلل مشتبه قبل الاستبراء فانه موجب للوضوء.

(ثانيها)خروج الغائط من الإنسان مطلقاً سواء كان من الموضع المعتاد أو من غيره انسد الموضع المعتاد أم لا ولا فرق بين أن يكون خروجه بنفسه أو بالواسطة فلو ادخل خشبة في أسته فاخرج بها شيئاً من الغائط انتقض وضوؤه نعم لابد أن ينفصل الغائط من مخرجه دون ما إذا برز وهو متصل بالمقعد غير منفصل عنها كما يتفق في بعض أهل البواسير حيث قد تخرج مقعدتهم وربما كان فيها شيء من الغائط فيعود إلى الباطن بعودها وأما لو تدلى عن المقعدة ثم أرجعه بطل وضوؤه لصدق الخروج عليه بخلاف الأول والميزان هو صدق خروج الغائط ومع الشك فالأصل عدمه.ولو خرج من دبر الإنسان حصى أو حباً أو نوى أو دماً أو دوداً أو ماء الاحتقان أو نحوها لم يبطل وضوؤه لخروج ذلك الشيء من الغائط معها و أما إذا خرجت وعليها رطوبة محضة ليست من الغائط فلا يبطل وضوؤه ومع الشك بنى على العدم.

 

(ثالثها)خروج الريح المعروف من الإنسان فلو ادخل في الدبر ريحاً ثم خرج لم يوجب الوضوء ولا فرق في إيجابه للوضوء بين خروجه من الدبر أو من غيره وسواء كان له صوت أو رائحة أو لا.ولو شك في خروجه بنى على عدمه.

(رابعها) كلما أوجب زوال العقل كالنوم والجنون والإغماء والسكر فإذا أوجبت هذه الأمور ذهاب العقل فقد أوجبت الوضوء ولا فرق في إيجاب ذلك للوضوء بين عروضه للشخص قاعداً أو قائماً أو على أي حال كائنا.ومع الشك في عروضه بنى على عدمه ولذا لا توجب الخفقة أو الخفقتان الوضوء ما لم يتيقن بالنوم وهكذا لا يوجبه الذهول أو الفرح أو الغفلة أو البهت ما لم تبلغ حد ذهاب العقل.

(خامسها)الاستحاضة وسيجيء إن شاء الله تفصيل الكلام فيها في موجبات الغسل ولا يوجب الوضوء وحده ما عدا هذه الخمسة فلا يوجبه القي ولا النخامة ولا الرعاف ولا تقليم ظفر ولا حلق شعر ولا القيلة ولا الملاعبة ولا مس القبل ولا مس الدبر ولا مس الكلب ولا أكل ما مسته النار ولا إنشاد الشعر الكثير الباطل ولا كلام الفحش ولا الكذب ولا الغيبة ولا قتل البق أو البرغوث أو الذباب ولا نتف الإبط ولا مصافحة الكافر ولا نسيان الاستنجاء ولا الضحك في الصلاة ولا التحليل إذا أدمى وان كان في بعضها يستحب الوضوء.

اجتماع موجبات الوضوء

ولو اجتمع على المكلف موجبات الوضوء يجزيه وضوء واحد سواء كانت متحدة النوع كأن نام عدة مرات أو بال عدة مرات أو مختلفة النوع كأن نام وبال وتغوط وسواء حصلت منه دفعة واحدة كأن بال وتغوط في زمان واحد أو تدريجاً فانه في جميع الحالات يكفيه وضوء واحد ينوي به القربى إلى الله تعالى ولا يتعدد الوضوء بتعددها.

المبحث الثالث في ما يجب له الوضوء

 والمراد به هو ما كان الوضوء شرطاً لصحته شرعاً أو شرطاً لجوازه شرعاً وهو أمور أربعة:

(الأول)الصلاة فان الطهارة شرط فيها سواء كانت يومية أو غيرها فريضة أو نافلة تماماً أو قصراً قضاء أو أداء نعم لا يلزم الوضوء في الصلاة على الجنائز ولا في سجدتي السهو ولا في سجود التلاوة ولا في سجود الشكر ويلحق بالصلاة أجزاؤها المنسية فيجب لها الوضوء كما يجب للصلاة ففي الصحيح يقضي ذلك بعينه.وفي(موثقة الساباطي)في الرجل ينسى سجدة فذكرها بعد ما قام وركع قال  عليه السلام يمضي في صلاته ولا يسجد حتى يسلم فإذا سلم سجد مثل ما فاته.

(الثاني)الطواف الذي هو فريضة فانه يعتبر في صحته الطهارة دون المندوب ففي صحيح محمد بن مسلم قال أحدهما  عليه السلام عن رجل طاف طواف الفريضة وهو على غير طهور قال  عليه السلام يتوضأ ويعيد طوافه وان كان تطوعاً توضأ وصلى ركعتين.

(الثالث)مس كتابة القرآن الشريف فانه لا يجوز مسها الا للمطهرين سواء كانت مجتمعة أو متفرقة وسواء كتبت بالحروف العربية أو غيرها من الحروف كالسريانية والكوفية وسواء كانت على القراطيس أو على غيرها من الصخور والدراهم والدنانير ونحوها.ويجوز للصبيان والمجانين مس كتابة القرآن بلا طهارة كما يجوز كذلك مس تفسيره وكتابة ترجمته بلغة أخرى كما يجوز أيضا مس الكلمات المشتركة بين القرآن الشريف وغيره إذا كتبت لا بقصد القرآن وإلا حرم مسها بدون طهارة.وأما باقي الكتب المنزلة كالتوارة والإنجيل فيجوز مسها.

(الرابع الإقامة)للصلاة فانه يشترط فيها الطهارة فلا تصح بدونها دون الأذان فانه يصح من المحدث ولا بد ان نلحق بمباحث الوضوء فوائد تتميماً للحاجة واليك بينانها:

ما يستحب في الوضوء

 ان ما يستحب إتيانه في الوضوء أمور كثيرة من جملتها التسمية عند وضع اليد في الماء أو صبه عليها والمضمضة والاستياك بأي شيء كان ولو بالإصبع والاستنشاق ثلاثاً وقراءة الأدعية المأثورة وان يبدأ الرجل بظاهر الذراع والمرأة بباطنه وقراءة سورة القدر.

 

ما يستحب له الوضوء

ان الوضوء مستحب بنفسه فيصح الإتيان به قربة إلى الله تعالى من دون توصل لغاية من الغايات.نعم يتأكد استحبابه إذا أتى به لغاية من غاياته وهي كثيرة ومنها دخول المساجد وصلاة الأموات وسجود الشكر والنوم وورود المسافر على أهله ودخول الزوج على الزوجة أو الزوجة على الزوج ومقاربة الحامل والكون على الطهارة وأكل الجنب وشربه .

ما يكره في الوضوء

من جملتها الاستعانة بالغير في المقدمات القريبة ومن الآنية المفضضة أو التي فيها التماثيل وبماء البئر إذا وقعت فيه نجاسة ولم ينزح المقدم منه وقد ورد النهي عن الوضوء بالماء الذي تسخنه الشمس معللاً ذلك بأنه يورث البرص كما قد ورد النهي عن الوضوء بالماء الاجن أي الذي قد تغير لونه وطعمه.

ما يكره له الوضوء

 والمراد بالكراهة هي الكراهة التي توجد في سائر العبادات والوضوء الذي يؤتى به بقصد استباحة الأمور المكروهة كالوضوء الذي جيء به لاستباحة الصلاة المكروهة فانه إذا أتى به لذلك كان الوضوء مكروهاً بكرا هتها.

ما يحرم في الوضوء

قد تقدم بعض ما يحرم في الوضوء أو أتى به بقصد المشروعية ومنه الغسلة الثالثة فقد ورد انها بدعة فيأثم الآتي بها لو أتى بها بقصد المشروعية أما لو لم يقصد بها المشروعية فلا أثم عليه ولكنه يبطل وضوءه لو مسح بمائها لأنه ليس ببلة الوضوء.وهكذا الكلام في تكرار المسح إلا انه لو كرره لم يبطل وضوؤه لصدق المسح ببلة ماء الوضوء نعم لا بأس بصب الماء على مواضع الغسل ثلاثا أو اكثر لأجل تحقق الغسل أو تكرار المسح احتياطاً.

ما يحرم له الوضوء

وهو كل ما قصد به استباحة أمر لم يجعله الشارع لذلك كما لو قصد بوضوئه استباحة الصلاة التي كان وقتها مضيقاً بحيث لا يسع الوقت لها مع الوضوء.ومنه ما لو قصد بالوضوء امرأً محرماً كمن قصد بوضوئه الرياء المحرم أو توضأ لاستباحة لعب القمار.

أحكام الوضوء

 يجوز الاكتفاء بالوضوء الواحد لغايات متعددة بأن يصلي به صلاة الواجبة والمندوبة ويمس كتابة القرآن وغير ذلك من الغابات التي يكون واجباً لها أو مستحباً ولا يشترط في ترتبها عليه أن يلاحظ علية كل غاية له والتوصل به إليها لا تفصيلا ولا أجمالاً بل لو قصد واحدة ترتب الباقي عليه كما لو قصد بوضوئه دخول المسجد أو مس القرآن فانه يصح له بهذا الوضوء ان يقيم ويصلي ويطوف ويدخل على زوجته بل لو قصد به غاية خاصة ثم عدل عن إيقاعها صح أن يترتب الباقي عليه فلو قصد بوضوئه مس كتابة القرآن ثم بعد الوضوء عدل عنها صح له الدخول في الصلاة والطواف والمساجد وغير ذلك من الغايات نعم في صورة النذر للوضوء لغاية خاصة يجب في سقوط النذر أن يأتي بالوضوء لتلك الغاية فلو نذر أن يتوضأ لقراءة القرآن وجب في إسقاط هذا النذر الإتيان بالوضوء لقراءة القرآن لان المنذور كان هو ذلك ويترتب عليه باقي الغايات وبهذا ظهر أن الوضوء بنية التجديد أو الاحتياط إذا انكشف فساد الوضوء الأول يباح به جميع الغايات كما ظهر ان الوضوء إذا كان واجبا لدخول وقت الصلاة وتوضأ لغاية من الغايات المندوبة يكون وضوؤه صحيحاً وهكذا لو توضأ قبل الوقت قاصداً القربة لله تعالى أو أحد غايات الوضوء ثم دخل الوقت يكون وضوؤه صحيحاً وكذا لو توضأ بنية الندب ثم دخل الوقت ونوى الوجوب ببقية الأجزاء صح وضوؤه نعم وضوء الحائض للذكر ووضوء الجنب للنوم والجماع والأكل والشرب ووضوء ماس الميت لجماع أهله لا يستباح به الغايات التي يمنع منها الحيض والجنابة ومس الميت كالصلاة ومس كتابة القرآن إلا انه لو انكشف ان كل واحد منهم ليس بجنب ولا بماس للميت ولا بحائض وإنما كان محدثاً بالحدث الأصغر يكون وضوؤه يباح به جميع الغايات ولا يلزم عليه إعادته لدخول الصلاة ومس الكتابة والطواف ونحوها.

 

الشكوك في الوضوء

وفي حكمها الظن غير المعتبر شرعاً والوهم أما الظن المعتبر شرعا فهو في حكم اليقين وهي على أقسام:

(منها)الشك في الطهارة من الوضوء من جهة احتمال وقوع الحدث بعدها كأن شك بعد ما توضأ في انه نام أو خرج منه ريح أو بول أو نحو ذلك من موجبات الوضوء أم لا وحكمه يبني على بقاء الطهارة.نعم لو كان ظنه بالحدث من الظنون المعتبرة أو كان شكه في بقاء الطهارة من جهة خروج رطوبة مشتبه بالبول ولم يكن مستبرءا من البول بنى على الحدث

(ومنها)الشك في الطهارة بعد اليقين بالحدث أو الظن المعتبر بالحدث أو الشك في الطهارة والحدث دون أن يعلم أيهما اسبق ولم يعلم تأريخ حدوث أحدهما أو علم تأريخ الحدث وجب عليه التطهير لما كانت الطهارة شرطاً له لاستصحاب الحدث في الأول والثالث والرجوع لقاعدة الاشتغال في الثاني بعد تعارض الاستصحابين فيه لو كانا جاريين.نعم لو علم تاريخ حدوث الوضوء بنى على الطهارة.

(ومنها)الشك في فعل من أفعال الوضوء وقد تجاوز محله وهو في حال الوضوء ومقتضاه الإتيان بما شك فيه ثم بما بعده فلو شك في غسل وجهه وهو في حال غسل اليسرى غسل وجهه ثم يده اليمنى ثم اليسرى ويتم وضوؤه.وأما لو شك في شرط من شرائط الوضوء بعد تجاوز محله وهو في حال الوضوء فيمضي في وضوئه ولا يعتني بشكه فلو شك عند غسل اليسرى في الموالاة بين غسل الوجه وبين اليد اليمنى أو الترتيب بينهما أو شك في النية بقاءا عند فعلها فلا يعتني بشكه ومضى في وضوئه وهكذا إذا شك في طهارة العضو أو الماء أو إضافته بعد انتقاله للعضو الآخر لا يعتني بشكه بالنسبة لما تقدم من الأفعال و أما بالنسبة إلى ما يأتي من الأفعال فيجب عليه إحراز طهارة العضو والماء وعدم إضافته أما باليقين أو بالظن المعتبر أو بالأصل وبهذا يجمع بين صحيحة زرارة وموثقة ابن أبي يعفور بجعل الأولى مخصصة للثانية.

(ومنها)الشك في حدوث شيء من نوا قض الوضوء كالنوم والريح فانه قد تقدم لا يعتني بشكه لو كان بعد الوضوء وهكذا لا يعتني بشكه فيها لو كان في أثناء الوضوء.

(ومنها)الشك في شيء من أفعال الوضوء سواء كان من أجزائه أو شرائطه بعد الفراغ من الوضوء فانه لا يعتني بشكه ويبني على صحة وضوءه سواء تبدل وضعه أم لا فلو توضأ وهو جالس وشك في الوضوء بعد أن فرغ منه قبل أن يتحرك من محله فلا يعتني بشكه لأنه قد فرغ من حال التوضىء ودخل في حال غيرها.ولو شك في أحد أفعال الوضوء وغفل عن كونه شاكاً فيه حتى فرغ من الوضوء أعاد وضوءه أما لو شك فيه ثم بعد الفراغ شك في انه أتى بالمشكوك في محله أم لا لم يعد وضوءه ولا فرق فيما ذكرناه بين أن يكون شكه في الفراغ من دون سبب سابق أو نشأ من سبب سابق مقارن للفعل بحيث لو كان ملتفتاً إليه حال الفعل لكان شاكاً فيه كما لو قطع بأنه لم يحرك خاتمه عند غسل يده للوضوء بعد الفراغ ولكنه احتمل وصول الماء للبشرة التي تحته أو التفت بعد الفراغ إلى وجود شيء مشكوك الحاجبية فان وضوءه صحيح ولا يجب عليه إعادته.ومنه يظهر انه لو كان على أحد أعضاء وضوئه نجاسة وبعد الوضوء شك في انه طهره وتوضأ أم لا بنى على صحة وضوئه وبقاء نجاسة العضو فيطهر كل ما لاقاه برطوبة أو لاقاها الماء الذي غسل موضع النجاسة به.وهكذا لو علم بنجاسة الماء ثم بعد وضوئه منه شك في انه طهر بالاتصال بالكر ونحوه ثم توضأ منه أم لا بنى على صحة وضوئه ونجاسة الماء فيغسل كل ما لاقاه ذلك الماء ويجري هذا الحكم في وضوء ذوي الأعذار أيضا فلو شك في مسح الجبيرة بعد فراغه من الوضوء كان وضوؤه صحيحا ولا يجب عليه إعادته.

 

(ومنها)شك من كثر شكه في الوضوء فانه لا يعتني بشكه سواء تعلق شكه في الأجزاء أو الشرائط أو الموانع وسواء كان حال الإتيان بالوضوء أو بعد الفراغ من الوضوء وسواء كان حال اشتغال بالمشكوك فيه أو بعد تجاوز محله فانه في جميع هذه الحالات لا يعتني بشكه أصلا إذ يرجع على التحقيق للوسوسة التي طالما عبثت بالعقول وأفسدت الأفكار والمعتقدات وهي وان كانت قد تنشا من ضعف المعدة تارة ومن ضعف الأعصاب أخرى إلا أنها قد يجعلها الشيطان وسيلة لذهاب الإيمان من معدنه وتحليق طائره عن وكره وقد ذكر لها الأطباء أنواعا من العلاجات إلا أن علاجها الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم فقد قال الله تعالى في محكم كتابه : " وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنْ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ" .وقد روي عن الصادق  عليه السلام أن النبي  صلى الله عليه وآله وسلم  قال لمن شكا إليه كثرة الوسوسة حتى لا يعقل ما صلى من زيادة أو نقصان:إذا دخلت في صلاتك فاطعن فخذك اليسرى بإصبعك الأيمن المسبحة ثم قل بسم الله وبالله توكلت على الله أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم فانك تطرده عنك.وفي رواية أخرى إذا أحسست به فتعوذ بالله منه واتفل على يسارك ثلاثاً وعن الصادق  عليه السلام مر بيدك على صدرك وقل بسم الله وبالله محمد رسول الله ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم اللهم امسح عني ما أحذر يقول ذلك ثلاثا بعد أن يمر يده على بطنه فانه تعالى يذهب الوسوسة.وعن ابن عباس انه شكا إليه بعضهم الوسوسة وقال إذا وجدت في قلبك شيئاً فقل هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم.

مبحث الغسل

الغسل بضم الغين وسكون السين اسم مصدر وبفتحها مصدر (غَسَلَ يَغسِل) إذا طهر الشيء بالماء و أزال وسخه,والفرق بين المصدر واسمه ان اسم المصدر هو الدال على نفس الحدث مع عدم نسبته لفاعله فهو يدل على نفس الماهية في حد ذاتها بقطع النظر عن صدورها عن الفاعل.والمصدر هو الدال على الحدث باعتبار صدوره عن فاعله وانتسابه إليه.وفي عرف الشرع أو المتشرعة نقل(الغسل)بضم الغين إلى أفعال مخصوصة بشرائط مخصوصة فلا يسمى عندهم غسل اليد بالغسل(بالضم)وانما يسمى بالغسل بفتحها.

فائدة الغسل

اثبت العلم ان لغسل البدن بالماء فوائد جليلة ومنافع عظيمة فهو ينشط به الدورة الدموية.وتقوى به القوى الجسدية والعقلية.ويزيد الشهوة للطعام وتحسن به عملية الهضم والتنفس للمسام ويزيل الإفرازات الجلدية كالعرق والمواد الدهنية التي يكون ببقائها تلتصق الأقذار بالجسد ويتمركز الغبار على الجلد وينسج هباء الألبسة على البشرة ولولا أزالتها لكانت حياة الإنسان عرضة لأهم الأخطار والإضرار لما يحدث بسبب بقائها من قشور جلدية تمنع من إفراز العرق من البدن وتحجب من تنفس المسام في الجسد.

وقد دلت التجارب العلمية ان الجلد إذا طلي بمادة تمنع من خروج إفرازاته وانسدت بها مسامه مات الإنسان كما يموت إذا منع منه الهواء فان الجلد يقوم بمساعدة الرئتين في التنفس إذا لم تنسد مسامه أضف إلى ذلك ما ينتج من بقاء الأوساخ على الجلد من التخديش والحك والالتهابات والبثور والروائح الكريهة باختمار الأوساخ فيه كما أثبتت التجربة ان الغسل يخفف درجة الحرارة في الأبدان وتقوى به الأعصاب في الأجسام إلى غير ذلك من آثار الاغسال العظيمة ومحاسنها الجليلة ولذا قد أوجبه الشارع الأعظم في عدة مواطن وندب إليه في كثير من المواضع,واليك الكلام فيها والله الموفق للصواب.

 

الغسل الواجب

 الغسل مستحب بنفسه فيصح أن يأتي به قربة إلى  الله تعالى ولكنه قد يجب على الحي نفسه بأسباب ستة:الجنابة والحيض وبعض أقسام الاستحاضة والنفاس ومس الأموات بعد بردهم بالموت وقبل تطهيرهم بالغسل والنذر كأن نذر الغسل للجمعة أو للعيدين ونحو ذلك ويجب على الحي لغيره كغسل الأموات ويتأكد استحبابه في موارد كثيرة سيجيء إن شاء الله تعالى الإشارة إليها.

غسل الجنابة

الجنابة بفتح الجيم لغة البعد ونقلت في عرف الشرع أو المتشرعة إلى نزول المني أو ما بحكمه كإدخال الحشفة في الفرج بلا إنزال من باب نقل اسم السبب للمسبب لانه بهما يحصل البعد عن العبادة والمراد في السنة الفقهاء برفع الجنابة هو رفع أثرها وهو البعد المذكور الحاصل بسببها.

الأمر الأول الموجب للجنابة

ثم ان الجنابة تحصل عند الشرع بأمرين(أحدهما)نزول المني من الرجل إلى خارج البدن سواء كان من الموضع الذي يعتاد خروجه منه أو من غيره وسواء كان بالوطيء أو بغيره وسواء كان قليلا أو كثيراً وسواء كان بالاختيار أو بدونه وسواء كان عند النوم أو بدونه وسواء كان مع الشهوة والدفق والفتور أو بدونها وفي حكمه البلل المشتبه الخارج بعد غسل الجنابة مع عدم الاستبراء بالبول فلو خرج مني الرجل من غيره كما لو خرج مني الرجل من فرج المرأة بعد غسلها لم يجب عليها الغسل وانما يجب عليها التطهير للموضع الذي أصابه.وهكذا لو تحرك المني من محله ولم يخرج لم يجب الغسل وأما المرأة لو أمنت فالظاهر استحباب الغسل عليها مؤكداً وتطهر ما أصابه منها.

الشك في الجنابة

إذا شك الإنسان في جنابته لم يجب عليه الغسل ولا يحكم بجنابته كما لو رأى المني على ثوبه أو فراشه ونحو ذلك واحتمل انه من غيره أو من جنابة سابقة قد اغتسل لها أو احتمل انه جامع ولم يغتسل أو رأى شيئا على بدنه أو ما يخصه واحتمل انه ليس بمني فانه في جميع ذلك لا يجب عليه الغسل ولا يحكم بجنابته وكذا لو احتمل بأنه جامع وأمنى ثم استيقظ ولم يرَ شيئا على بدنه فانه ليس عليه الغسل ولا يحكم بجنابته ولو رأى المني على بدنه وقطع بأنه خارج منه ولكنه شك في انه من جنابة سابقة على غسله باقية بعد غسله أو أنها جنابة جديدة وجب عليه الغسل للجنابة لانه يعلم إجمالا أما بفساد غسله من الجنابة السابقة أو وجوب غسل جديد عليه ولو رأى المني على ثوبه أو فراشه وعلم انه من جنابته ولكنه شك في أنها كانت من جنابته التي اغتسل منها أو جنابة حدثت بعد الغسل فليس عليه الغسل وهو محكوم بالطهارة من الحدث الأكبر.وأما بعده فان جهل تاريخ الغسل والجنابة اغتسل للجنابة بنية الاحتياط وتوضأ بنية الاحتياط للصلاة ويمكنه ان يكتفي بغسلة واحدة قربة إلى  الله تعالى للكون على الطهارة وأما لو علم تأريخ أحدهما بنى عليه ورتب الآثار عليه وأما الصلاة الواقعة منه في الأثناء فان كان الشك المذكور حصل بعدها فلا يجب عليه أعادتها ويستثنى من ذلك أمور(أحدها)إذا كان شكه في الجنابة مسبوقاً بالعلم بها بأن كان يعلم بأنه أجنب وشك في الاغتسال منها فانه يحكم بجنابته وان كانت الصلاة الواقعة بين جنابته وبين شكه المذكور صحيحة بأن كان الشك المذكور حدث بعد الصلاة(ثانيها)إذا خرج منه البلل المشتبه بعد غسل الجنابة مع عدم استبرائه منها بالبول فانه يحكم بجنابته(ثالثها)إذا كان البلل قد خرج منه بشهوة ودفق وفتور جسد حتى لو كان احمراً أو اصفراً كما لو اكثر من التفخيذ فانه يحكم بجنابته إذا كان صحيح الجسم وأما إذا كان مريضاً فيحكم بجنابته إذا خرج منه البلل بشهوة وعليه فلو تجرد البلل المشتبه عن الشهوة والفتور في الرجل الصحيح لم يكن البلل جنابة.ولو تجرد البلل المشتبه في الرجل المريض عن الشهوة لم يجب الغسل.وأما المرأة فيحكم بكون النازل منها منياً إذا نزل بشهوة لكنك قد عرفت عدم وجوب الغسل عليها ولكن عليها ان تطهر ما أصابه

(رابعها)البلل الخارج بعد الاحتلام فانه ان كان المحتلم صحيحاً يحكم بجنابته ان كان البلل المذكور كثيراً.وأما ان كان قليلاً لم يحكم بجنابته ولو خرج البلل المشتبه بعد الاحتلام ولكنه كان خروجه بعد الانتباه من النوم ولم يكن بشهوة ودفق وفتور الجسد فهو ليس بجنابة.هذا إذا كان المحتلم صحيحاً وأما إذا كان مريضاً فيحكم بجنابته حتى لو كان البلل الخارج قليلا وحتى لو خرج بعد الانتباه من النوم.

 

الأمر الثاني الموجب للجنابة

(الأمر الثاني الموجب للجنابة)الجماع وان لم ينزل قبلاً أو دبراً للمرأة وهو يتحقق بإدخال الحشفة في القبل أو الدبر بحيث تغيب فيه فانه بذلك يجب الغسل على الرجل والمرأة ويكون كل منهما يترتب عليه أحكام الجنابة فلو وضع ذكره على قُبل المرأة أو دبرها لم يجب عليه ولا على المرأة الغسل إذا لم يتحقق الإدخال.ومقطوع الحشفة إذا أدخل آلته وجب عليه وعلى المرأة الغسل.كما ان من قطعت بعض حشفته إذا ادخل باقيها بحيث تكون قد غابت في الفرج وجب الغسل.ولا فرق في وجوب الغسل على الواطي بين كونه صغيراً أو كبيراً عاقلاً أو مجنوناً.مختاراً أو مكرهاً ادخل تمام الذكر أو بعضه بحيث تغيب الحشفة ادخله ملفوفاً بخرقة أو مطاط أو نحوهما أو غير ملفوف.ولا فرق في وجوب الغسل على المرأة الموطوءة بين ان تكون حية أو ميتة صغيرة أو كبيرة مكرهة أو مختارة مجنونة أو عاقلة فانه يجب الغسل عليها.نعم الصبي والصبية والمجنون والمجنونة يجب الغسل عليهم إذا اجتمعت فيهم شرائط التكليف هذا في الجُماع للمرأة.

وأما الوطء للغلام بالإدخال في دبره فمع خروج المني من الواطىء أو الموطوء يجب الغسل على الخارج منه وأما مع عدم خروج المني من أحدهما فيجب الغسل على من أمنى وعلى من لم يخرج منه المني الاحتياط بالجمع بين الغسل والوضوء إذا كان قبل الوطء محدث بالحدث الأصغر وأما إذا كان محدث بالحدث الأكبر فيكفيه الغسل.وأما ان كان قبل الوطء غير محدث لا بالأصغر ولا بالأكبر بان كان متطهراً منهما فبعد الوطء الاحوط هو الغسل فقط وهكذا إذا وطيء البهيمة فانه مع خروج المني يجب عليه الغسل ومع عدم خروجه فالاحوط الجمع بين الغسل والوضوء إذا كان قبل الوطء محدثاً بالحدث الأصغر وأما إذا كان محدث بالحدث الأكبر فالاحوط عليه هو الغسل وأما ان كان طاهراً قبل الوطء فبعد الوطء الاحوط عليه الغسل فقط ويمكن ان يكتفي في جميع الصور بغسل واحد يأتي به للكون على الطهارة لما قررناه من كفاية الغسل عن الوضوء الواجب.

أحكام الجنابة

(الأول)انه يحرم على المجنب قراءة آية السجدة من كل واحدة من سور العزائم وهي أربعة:سورة اقرأ وسورة النجم وسورة حم تنزيل من الرحمن المسماة بسورة السجدة أو فصلت.وسورة آلم تنزيل الكتاب المسماة بسورة السجدة أيضا(الثاني)الاحوط للمجنب عدم مس كتابة المصحف الشريف واسم الله تعالى وسائر أسمائه وصفاته المختصة به و أسماء الأنبياء  صلى الله عليه وآله وسلم  و الأئمة  عليه السلام المختصة بهم وأما غير المختصة فكذلك إذا قصد باستعمالها ذاتهم الشريفة(الثالث)يحرم على المجنب وضع شيء في المساجد ويجوز له أخذ شيء منها كما يحرم عليه الجلوس في المساجد والمكث فيها ويجوز له اجتيازها بالدخول من باب والخروج من أخرى إلا المسجد الحرام ومسجد الرسول  صلى الله عليه وآله وسلم  فانه يحرم عليه ذلك.والاحوط عدم دخوله المشاهد المشرفة.

(الرابع)إذا زالت آثار المسجدية زالت أحكامها فيجوز للمجنب المكث فيها وهكذا فيما شك في كونه جزءاً للمسجد لم يرتب عليه آثار المسجدية.

 

(الخامس)انه يجوز للإنسان أن يأتي أهله وان لم يجد الماء وكان الوقت للصلاة قد دخل فيصح منه التيمم ولا كذلك الوضوء فلا يجوز للمكلف أن يبطل وضوءه باختيار إذا كان الوقت قد دخل ولم يجد الماء

(السادس)انه تحرم الصلاة  على المجنب واجبة كانت أو مستحبة اداءاً أو قضاءاً وهكذا تحرم عليه صلاة الاحتياط.والاحوط عدم إتيان سجدتي السهو مع الجنابة.نعم لا تضر الجنابة في صلاة الأموات ولا في سجود السهو وكيف كان فعلى المجنب لو أراد الصلاة أو صلاة الاحتياط أو سجدتي السهو الغسل وان لم يتمكن فيتيمم.

(السابع)حرمة الطواف.

(الثامن)حرمة الصوم عليه وسيجيء إن شاء الله بيان ذلك في كتاب الصوم.

ما يكره للمجنب

 يكره للمجنب أمور(منها)الآكل والشرب حتى يتوضأ ولا اقل من أن يغسل يديه ويتمضمض ويستنشق ويغسل وجهه فانه يخاف عليه من البرص والفقر لو لم يفعل ذلك و(منها)قراءة ما زاد على سبع آيات من القرآن الشريف و(منها)مس المصحف عدا كتابته و(منها)النوم على الجنابة دون أن يغتسل أو يتوضأ أو يتيمم عند عدم وجدان الماء و(منها)أن يختضب وهو جنب أو يجنب وهو مختضب وفي بعض الأخبار ان الحناء إذا أخذت مأخذها لا يكره أن يجامع.وفي المروي عن مجالس الصدوق وخصاله وكره أن يغشى الرجل المرأة وقد احتلم يغتسل من احتلامه الذي رأى فان فعل وخرج الولد مجنوناً فلا يلومن ألا نفسه.

كيفية الغسل

 ولغسل الجنابة كيفيتان(إحداهما)وتسمى بالترتيب والأولى فيها والاحوط أن يبدأ بغسل الرأس مع الرقبة ثم غسل الجانب الأيمن مع الرقبة والسرة والعورة قبلاً ودبراً ثم غسل الجانب الأيسر مع الرقبة والسرة والعورة قبلاً ودبراً أيضا ناوياً بذلك كله تحصيل الغسل المطلوب لله تعالى تقرباً لله تعالى ولو خالف في ذلك بأن قدم غسل الأيمن على غسل الرأس أعاد غسل الأيمن وهكذا لو قدم غسل الأيسر على الأيمن فالاحوط إعادة غسل الأيسر ولا يلزم على المجنب أن يبدأ بغسل العضو من أعلاه إلى أسفله بل يجوز أن يغسله منكوساً فله في غسل رأسه أن يبدأ بغسلة من أي مكان كان من أسفله أو وسطه أو أعلاه نعم الاحوط أن يؤخر غسل الرقبة عن غسل الرأس.وهكذا في غسل الجانب الأيمن أو الأيسر فان له أن يبدأ في كل منهما من الأسفل أو الأوسط أو الأعلى.ولا يجب على المجنب الموالاة بين غسل الأعضاء فله أن يؤخر غسل جانبه الأيمن عن غسل رأسه بعد جفافه بمدة من الزمن وله كذلك أن يؤخر غسل جانبه الأيسر بعد جفاف الأيمن بمدة من الزمن.نعم عليه أن يكمل غسله عند أداء ما يتوقف على الطهارة من الجنابة كالصلاة والطواف ونحوهما.

ولو ارتمس في الماء ناوياً به غسل العضو صح كأن ارتمس في الماء ناوياً غسل رأسه صح وهكذا يصح ذلك في كل من الجانبين.ولو كان في الماء ثم أخذ كفاً من الماء وغسل رأسه ورقبته ثم ارتمس في الماء ناوياً غسل جانبه الأيمن ثم ارتمس ناوياً غسل جانبه الأيسر أجزأه ذلك وكان غسلاً ترتيبياً كما أن له أن يغط رأسه في الماء إلى رقبته ناوياً به غسل رأسه ثم يغط بدنه إلى شحمي أذنيه ويحرك بدنه ناوياً غسل جانبه الأيمن ثم يحرك بدنه ناوياً غسل جانبه الأيسر فانه يصح منه ذلك الغسل ترتيباً ويصح ذلك حتى لو كان في ماء اقل من الكر وأما صاحب الجبيرة أو الحاجب الذي يعسر زواله فانه يجزيه المسح عليها أو عليه كما تقدم سابقاً .

 

(الكيفية الثانية)لغسل الجنابة الارتماس في الماء وهو عبارة عن تغطية بدنه بأجمعه في الماء ولو تدريجاً بأن يرمس كل عضو عضو في الماء حتى يستولي الماء على جميع بدنه ويكون ابتداء الغسل رمس أول عضو منه وآخر الغسل هو رمس العضو الذي به يستولي الماء على جميع بدنه.وعليه فابتداء النية للغسل الارتماسي من رمس أول عضو منه في الماء وانتهائها برمس آخر عضو منه الذي يتحقق به رمس جميع البدن في الماء.ولا يضر في الغسل أن يقع في أثنائه تخليل الماء لبشرة العضو التي لم يصل إليها الماء كما لا يضر بالغسل التصاق باطن القدم على ارض قعر الماء نعم الواجب هو تغطية سطح الماء لبدنه بعد أن أوصل الماء لظاهر بشرة كل جزء منه بحيث لو تبين بعد خروجه من الماء عدم وصول الماء لبعض البشرة أعاد الغسل مرة ثانية.ولا يضر في الارتماس كون الماء المرتمس فيه اقل من كر ولا يكون الغسل ارتماسياً بالوقوف تحت ماء المطر الغزير أو تحت الدوش الكبير وان استوعب البدن ولو كان تحت الماء وأراد الغسل الارتماسي حرك بدنه للغسل تحت الماء بحيث يصدق عليه عرفاً انه قد صدر منه الغسل الارتماسي وصاحب الجبيرة أو الحاجب الذي يعسر زواله يكفيه الارتماس.

ما يعتبر في غسل الجنابة

يعتبر في غسل الجنابة سواء كان ارتماسيا أو ترتيبياً أمور(الأول)نية التقرب به لله تعالى من ابتداء الغسل إلى منتهاه بان تكون مرتكزة في نفسه ولا يلزم استحضارها لكنه لو التفت لرأى نفسه انه قاصد القربة بغسله هذا لله تعالى وقد تقدم في نية الوضوء سابقاً ما ينفعك هنا.

(الثاني)إيصال الماء لبشرة البدن بإزالة الحواجز والموانع وتخليل الشعر ونحوه إذا منع وصول الماء إلى البشرة.ولا يجب الفحص عن الحاجب بل مجرد احتمال عدمه كاف في صحة الغسل.

نعم لو شك في حاجبية الموجود كالسوار على المرأة والخاتم في يد الإنسان وجب تحصيل اليقين برفع حاجبيته والاحوط غسل الشعر على البدن مع بشرته النابت عليها ولا يجب غسل البواطن كباطن الأنف ونحوه .

والاحوط غسل ما شك في كونه من الظواهر أو من البواطن وان كان الحق عدم وجوب غسله لكونه من قبيل دوران الأمر بين الأقل والأكثر والغسل والوضوء والتيمم هي المطلوبة لا ان المطلوب أمر معنوي وهذه محصلاته.وأما صاحب الجبيرة أو صاحب الحاجب الذي يعسر زواله فيجزيه المسح عليها أو عليه كما تقدم سابقاً .

(الثالث)الاحوط في صحة الغسل تطهير المحل من النجاسة حين غسله ولا يجب تطهير البدن من النجاسة قبل الشروع في الغسل بل يجوز له أن يطهر كل عضو قبل غسله ولا يضر بصحة الغسل تنجس المحل بعد غسله.فلو تنجس رأسه بعد غسله بالغسل الترتيبي لا يعيد غسل رأسه بل يمضي في غسله.

(الرابع)يشترط في الماء الذي يغتسل به ما يشترط في ماء الوضوء من الإطلاق والطهارة.وعدم الضرر في استعماله ضرراً موقعاً في التهلكة وإذا حصل له الخوف من ذلك صح تيممه بدل الغسل.وإباحة الماء وإباحة الإناء الذي يقع فيه الغسل كالحوض الذي يرتمس فيه أو يغسل فيه غسلاً ترتيبياً بحيث يتحد التصرف في الإناء مع فعل الغسل.وعدم استعمال الماء في رفع الخبث إذا كان اقل من كر كما تقدم في الماء المستعمل في الوضوء.

(الخامس)سعة الوقت للغسل والصلاة.ولو شك في سعة الوقت بل وحتى لو خاف فوته كان عليه الغسل للاستصحاب.

نعم في صورة ما إذا لم يكن عنده الماء وخاف فوت الوقت لو طلب الماء كان عليه التيمم لصحيحة زرارة.

(السادس)إباحة المكان الذي يغتسل فيه إذا اتحد التصرف في المكان مع فعل الغسل.

(السابع)المباشرة للغسل بنفسه لا بواسطة الغير كما تقدم في الوضوء الا عند الاضطرار أو الحرج فانه يجوز أن يتولى غيره غسله.

أحكام غسل الجنابة

 (أحدها)ان غسل الجنابة يجزي عن الوضوء فلا يجب معه الوضوء لا قبله ولا بعده.بل الظاهر ان كل غسل الواجب منه والمندوب كغسل الجمعة يجزي عن الوضوء.

(ثانيها)ان الغسل الترتيبي قد يتعين بأمر عارض يقتضي تعينه كما في الصوم وكما إذا لم يرض مالك الماء بالارتماس فيه ونحو ذلك كما ان الارتماسي قد يتعين بأمر عارض كما في ضيق الوقت أو عدم رضاء صاحب الماء بالغسل الترتيبي فيه ونحو ذلك.

(ثالثها)الماء القليل يجوز أن يغتسل فيه ارتماساً وترتيباً وأن يتوضأ منه بعد الاغتسال فيه  كل ذلك ما لم يتنجس بإصابته للنجاسة كالمني ونحوه.

(رابعها)لو شك في وقوع الغسل منه بنى على عدم وقوعه منه.ولو علم بوقوعه منه وبعد الفراغ منه شك في وقوعه على الوجه الصحيح بنى على صحته.وإذا شك في وقوع غسل رأسه أو في شرط من شرائطه وقد دخل في غسل غيره أو شك في وقوع غسل الشق الأيمن أو في شرط من شرائطه وقد دخل في غيره بنى على وقوعه وصحته بل ولو شك في غسل الأيسر وقد دخل في غيره وكان من عادته أن لا يرتكب ذلك الغير إلا بعد أن يوقع غسل الطرف الأيسر على نحو الصحة بنى على وقوعه وصحته كما إذا كان من عادته لبس ثيابه النظيفة بعده.وأما لو شك في أحدها قبل الدخول في غيره أتى به.

ثم انه لو شك في وقوع الغسل منه بعد ان صلى بنى على صحة صلاته واغتسل للصلاة الأخرى ولو شك في أثناء الصلاة في وقوع الغسل منه فالاحوط إتمام صلاته ثم يغتسل ثم يعيد صلاته وان كان الظاهر انه يتم صلاته ويغتسل للصلاة الآتية لأن الحق ان الشرط للصلاة هو نفس الغسل أو نفس الوضوء والشك في أحدهما في أثناء الصلاة شك بعد تجاوز المحل لهما من قبيل الشك في الشرط المتقدم نعم لو كان الشرط هو الطهارة وقلنا انها أمر معنوي مسبب عن الغسل والوضوء لا انها عبارة عن نفس الغسل والوضوء كان عليه إعادة الصلاة لأن الشك فيهما يكون شكا في محله لا بعد تجاوز محله.

(خامسها)انه لو اغتسل باعتقاد سعة الوقت ثم ظهر له ضيقه وان وظيفته التيمم فان كان قصد بالغسل التقرب لله تعالى من جهة مطلوبيته المطلقة صح منه الغسل وأما لو قصد امتثال المطلوبية الغيرية للغسل بحيث لو لم تكن هذه المطلوبية الغيرية لم يفعل الغسل كان الغسل باطلاً.ولو تيمم باعتقاد ضيق الوقت فبان سعته أعاد صلاته لعدم مشروعية التيمم.نعم في صورة ما إذا لم يكن عنده الماء وخاف فوت الوقت بطلب الماء كان عليه التيمم ولا إعادة عليه لو ظهر الخلاف لأن مشروعية التيمم هو خوف فوت الوقت كان متحققا.

(سادسها)انه لو احدث أثناء غسل الجنابة بالحدث الأصغر أتم الغسل ولا يجب عليه أعادته كما انه لا يجب عليه أن يتوضأ لما يشترط فيه الطهارة كالصلاة ونحوها إلا إذا احدث بعد الغسل.وأما إذا احدث في أثناء غسل الجنابة بحدث الجنابة استأنف الغسل وهكذا كل حدث تخلل أثناء رافعه وأما إذا احدث في أثنائه بحدث اكبر غير الجنابة جاز له رفع اليد عن الغسل الذي بيده ويأتي بغسل جديد لهما كما سيجيء في الأمر السابع من كيفية النية للاغسال المتعددة ولا يحتاج إلى الوضوء لما عرفت من كفاية الغسل الواجب والمستحب عنه.

(سابعها)ان غسل الجنابة يجزي عن غيره من الاغسال الواجبة والمستحبة كما يجزي عن الوضوء فلو اغتسل للجنابة ناوياً لغسله عن لجنابة أجزأه غسله عن غسل الجمعة وعن غسل مس الميت ورؤية المصلوب وعن كل غسل ثبت في حقه واجباً كان أو مستحباً وكذا المرأة لو اغتسلت للجنابة ناوية لغسلها عن الجنابة أجزأها عن غسل حيضها ونفاسها وجمعتها وعن كل غسل واجب أو مستحب بل يجوز لمن اجتمع عليه اغسال متعددة سواء كانت جميعها مستحبة أو بعضها مستحبة أن يغتسل غسلاً واحداً ينويه لكل واحد منها تفصيلاً كأن ينوي ان غسله هذا للجنابة وللجمعة ولمس الميت وغير ذلك ويجوز له ان ينوي لكل واحد منها أجمالا كأن ينوي ان هذا غسله لما تحقق في حقه من الأسباب التي تقتضي الغسل على إجمالها من دون تشخيص لها.وهكذا يجوز له ان ينوي بغسله رفع الحدث عنه أو استباحة ما يشترط فيه الطهارة عن الحدث كالصلاة.وكذا يجوز ان ينويه قربة إلى الله تعالى فانه يجزي عن الجميع ولا يلزم عليه ان ينويه عن الجنابة كما انه يجزي غسله المذكور عن الوضوء وان لم تكن عليه جنابة فيما ثبت عليه من الاغسال لما عرفت من كفاية الغسل الواجب والمستحب عن الوضوء.

(ثامنها)انه إذا كانت عليه جنابات متعددة أجزأه غسل واحد عنها ينويه عنها تفصيلاً أو أجمالا بل لو نواه عن الأخيرة أيضا يجزيه عن الباقي.

(تاسعها)إذا علم ان عليه اغسالاً واجبة أجمالا يجزيه ان يأتي بغسل واحد ينويه عما في ذمته من الاغسال وان لم يعينها.

 

مستحبات غسل الجنابة

  (أحدها)الاستبراء للرجل بالبول سواء أتزل أو أجنب بالاحتلام أو بالإدخال وان لم ينزل وذلك بأن يبول قبل الغسل فانه إن لم يبل وخرج منه بلل مشتبه بالمني وجب عليه إعادة الغسل ولا يجب عليه إعادة الصلاة الصادرة منه بعد الغسل وقبل خروج البلل.ولو خرج من المرأة بلل مشتبه تحتمل غير البول والمني لم يجب عليها الغسل وهو طاهر لاصالة الطهارة وإذا علمت ان الخارج منها مني أو بول بان تردد بينهما غسلت ما أصاب بدنها منه.وحكي الاستحباب للمرأة أن تستبرىء بالبول قبل الغسل ومع عدم البول فبالاجتهاد ولو شك في اصل خروج البلل لم يجب عليه الفحص ولا يجب عليه الغسل.ولو بال الرجل قبل الغسل بدون أن يستعمل الخرطات ثم بعد الغسل خرج منه بلل فان لم يحتمل انه بول فلا شيء عليه وان احتمل انه مني.وأما ان احتمل انه بول تطهر منه وتوضأ للصلاة الآتية ولا يعيد ما سبق عليه من الصلاة ونحوها.ولو علم إجمالا بان الخارج منه أما بول وأما مني ولم يحتمل انه مذي أو غير ذلك فان كان الخارج المذكور بعد الغسل وكان قد استبرأ بالبول والخرطات قبله فعليه ان يجمع بين الوضوء والغسل وان كان الخارج المذكور بعد الغسل احتياطاً ويكفيه الغسل وحده للكون على الطهارة ولكن لم يستبرىء بالبول قبله فعليه الغسل فقط وان كان الخارج المذكور بعد الغسل ولكن قد استبرأ بالبول دون الخرطات كان عليه الوضوء فقط.وأما لو كان الخارج المذكور بعد الوضوء وقد إستبرأ قبله من البول بالخرطات فيجب عليه أيضا الجمع بين الغسل والوضوء .ولو كان الخارج المذكور بعد حدث الجنابة قبل الغسل فعليه الغسل فقط.ولو كان الخارج المذكور بعد الحدث الأصغر قبل الوضوء كان عليه الوضوء فقط.ولو كانت عادته الاستبراء قبل عمل وقد أتي بالغسل بعد ذلك العمل ثم شك بعد الغسل في وقوع الاستبراء منه فالظاهر البناء على وقوعه.وان كان الاحوط الاستبراء واعادة الغسل.

(ثانيها)غسل اليدين ثلاثاً قبل الغسل والأولى ان يكون من المرفقين.

(ثالثها)المضمضة بالماء والاستنشاق منه قبل الغسل وبعد غسل اليدين والأولى الإتيان بهما ثلاثاً كغسل اليدين.

(رابعها)استحباب ان يكون الماء في الغسل الترتيبي بمقدار صاع.والصاع أربعة إمداد والمد رطلان وربع بالعراقي.والرطل مائة وثلاثون درهماً.وكل درهم نصف مثقال وربع عشرة بالصيرفي فيكون الصاع بالصيرفي ستمائة وأربعة عشر مثقالا وربع المثقال.

(خامسها)انه لما كان يجتزي بالغسل بمس الماء للجسد وصبه عليه وجريانه عليه كان إمرار اليد على الأعضاء وتخليل الحاجب غير المانع من وصول الماء لزيادة استظهار وصول الماء لسائر البدن مستحباً.

(سادسها)التسمية قبل الغسل والأولى أن يقول بسم الله الرحمن الرحيم.

(سابعها)الدعاء في حال الاشتغال بالغسل بالمأثور وهو اللهم طهر قلبي وتقبل سعيي واجعل ما عندك خيراً لي اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين.

الحيض

من موجبات الغسل الحيض وهو لغة السيل مطلقاً أو بقوة وقد صرحت كتب اللغة بإطلاقه على الدم السائل من الرحم أيضا.وكونه على سبيل الحقيقة أو المجاز محل كلام والحق هو الأول لوجود امارة الحقيقة فيه والأصل عدم النقل.وكيف كان فالحيض الذي هو محل الكلام هو الدم الذي خلقه الله تعالى لتربية الولد نظير تربية الزرع بالماء يستمد به الولد من أمه الغذاء بواسطة سرته كما تستمد المزروعات الماء من عروقها فإذا وضعت الحامل حملها انقلب ذلك الدم إلى اللبن لاغتذاء الحمل منه فإذا خلت الحامل من الحمل والرضاع بقي ذلك الدم بلا مصرف فيستقر في مكانه بحسب استعداد مزاجها للحرارة.ودم الحيض أمر معروف كالبول والمني وله صفات مخصوصة يعرف بها في الشرع عند الاشتباه وهي انه حار عبيط أي(خالص طري)اسود أو احمر يميل للسواد يخرج من الرحم بدفع وحرارة وحرقة منتن أي(ذي رائحة كريهة)ويسمى بالبحراني نسبة إلى البحر وهو اسم لقعر الرحم.ويسمى بالمحتدم أي (الحار)بشرط ان لا يكون خروجه قبل تسع سنين فانه لو خرج قبلها فهو ليس بحيض.وبشرط أن لا يكون خروجه بعد الستين في القرشية وبعد الخمسين في غيرها فانه في هذه الموارد لا يكون حيضاً شرعاً وان كان في الدم تلك الصفات وهو بخلاف دم الاستحاضة فانه اصفر بارد فاسد رقيق يخرج من عرق في أقصى الرحم يسمى بالعاذق وهذه الأوصاف هي علامات لدم الحيض والاستحاضة ويرجع إليها في تمييز أحدهما عن الآخر إلا إذا قام الدليل في مورد على خلافها كما هو الشأن في سائر الامارات كما لو رأت المرأة الدم بالصفات المذكورة ولكنها تقطع بكونها غير مكملة لتسع سنين فلا يحكم بكون الدم حيضاً.نعم مع الشك في إكمالها لتسع سنين وقد رأت الدم بالصفات المذكورة يحكم بكون الدم حيضاً وانها قد بلغت.

 

والحاصل ان تلك الصفات المذكورة من الكواشف والعلامات لدم الحيض شرعاً عند الاشتباه كما أن الدفق علامة للمني عند الاشتباه وكما ان حسن السلوك علامة للعدالة عند الاشتباه فلو حصل بعضها عند الشك في الدم كان طريقاً لثبوت كونه حيضاً عند الشرع إلا إذا قام الدليل في مورد على خلاف ذلك كالمثال المتقدم وكما في الدم الذي يكون بعد تجاوز العشرة وكما في الدم الذي تراه المرأة القرشية بعد إكمال الستين والمرأة غير القرشية بعد إكمال الخمسين فانه في هذه الموارد ما تراه المرأة من الدم ليس بحيض وان كان بصفات دم الحيض.والمراد بالسنة ما يحصل به الدور إلى خصوص ذلك الوقت من ذلك اليوم فانه بذلك تتم السنة فلو ولدت عند زوال الشمس من رابع شعبان فبدوران الدور عليها إلى ذلك الوقت من ذلك اليوم بان جاء الرابع من شعبان من السنة المقبلة ودخل الزوال تمت السنة.والمراد بالقرشية:المرأة المنسوبة من طرف الأب إلى قبيلة قريش التي ينتهي نسبها إلى النظر بن كنانة بن خزيمة أحد أجداد النبي  صلى الله عليه وآله وسلم  كما ان الدم قد يكون حيضاً وليس بالصفات المذكورة كالدم الذي تراه المرأة أيام العادة ولم ينقطع قبل إكمال ثلاثة أيام أو رأته قبل أيام العادة بيومين ولم ينقطع قبل إكمال ثلاثة أيام منها وكالدم الذي تراه المرأة بعدم دم الحيض ولم يتجاوز المجموع منه ومن الحيض عشرة أيام  فإن الدم المذكور يكون حيضا وان لم تكن فيه صفات دم الحيض.

ثم لا يخفى انه لو كان بتحليل الدم يعرف الحيض من غيره صح الرجوع إلى المحلل في معرفة ذلك.وينبغي التنبيه على أمور:

(إحداها)ان حصول صفة واحدة من صفات دم الحيض تكفي في تحقق دم الحيض.وعليه فلا بد في دم الاستحاضة من فقد جميع صفات دم الحيض.

(ثانيها)ان الحمل أو الرضاعة لا تمنع من حدوث الحيض فالحامل مطلقاً كغيرها في إمكان حدوث الحيض فيها والمرضعة مطلقاً كغيرها في إمكان وجود الحيض فيها فإذا رأت المرضعة أو الحامل الدم فهي كغيرها في كونه حيضاً لو جمع صفات الحيض وشرائطه.

(ثالثها)لا يشترط في تحيض المرأة كون خروج الدم من الفرج بل اللازم هو خروجه من الرحم إلى فضاء الفرج سواء خرج من الفرج أم لا.فلو قطعت المرأة بخروج دم الحيض إلى فضاء الفرج جرى عليها أحكام الحيض وإذا شكت في حدوثه في فضاء الفرج فالأصل عدم تحيضها وليس بلازم عليها الفحص عن حدوثه في فضاء الفرج بإدخال القطنه أو بالإصبع.

(رابعها)يصح الرجوع للمحلل الفني الطبي إذا كان يحصل الاطمئنان بقوله في تمييز الدم في انه دم حيض أو استحاضة أو قرح أو جرح أو نفاس أو عذرة لا سيما عند فقد المميزات الشرعية.

قواعد كلية في الحيض

اقل الحيض واكثره

(إحداها)ان اقل الحيض ثلاثة أيام بلياليها متوالية بحيث يكون الدم مستمراً خروجه من الرحم فيها ولو إلى فضاء الفرج بحيث لو أدخلت القطنه خرجت ملطخة ولو بالصفرة ولو بعد الصبر هنيئة فلو كان اقل من ذلك لم يكن ما رأته المرأة من الدم حيضاً.وهكذا لم يكن من الحيض ما لو رأت الدم ثلاثة أيام متفرقة.ويتحقق اليوم ولو بتلفيق فمن الزوال إلى زوال اليوم الثاني يحسب يوماً واحداً وان كان ملفقاً من يوم الأحد ويوم الاثنين فيكون مجموع مدة اقل الحيض 72 ساعة يستمر فيها خروج الدم واكثر الوقت الذي يقع فيه الحيض عشرة أيام متوالية وما زاد عليها فهو ليس بحيض.

 

أقل الطهر وأكثره

(ثانيها)اقل الطهر من الحيض عشرة أيام ولا حد لاكثره.فلو رأت الدم قبل ان يمضي على انقطاعه عشرة أيام لم يكن بحيض جديد آخر بل هو من الحيضة الأولى نعم يستثنى من ذلك صورة ما إذا كانت الحيضة الأولى قد بلغت عشرة أيام فان هذا الدم الذي رأته المرأة قبل تمام عشرة أيام الطهر يكون استحاضة.وعليه لو رأت دم الحيض خمسة أيام وانقطع عنها ستة أيام ثم رأت بعدها الدم كانت ستة الأيام من الطهر والدم الذي رأته بعدها ليس بحيض.نعم لو رأت الدم بصفة دم الحيض بعد طهرها عشرة أيام فهو حيض.

النقاء المتخلل أيام الحيض

(ثالثها)النقاء المتخلل بين أيام الحيضة الواحدة الواقع بعد ثلاثة أيام من الحيض يكون من الحيض فلو نقت يوما أو اكثر أو اقل بعد استمرار الحيض ثلاثة أيام ثم رأت الدم يوما أو بعض يوم أو اكثر كان الجميع حيضة واحدة بشرط أن لا يتجاوز المجموع من ثلاثة أيام الحيض والنقاء وما بعده من الدم عن عشرة أيام.

الصفرة التي تراها المرأة

(رابعها)ان ما تراه المرأة من الصفرة ان كان في أيام عادتها فهو حيض وان كان ما رأته من الصفرة قبل الحيض بيوم أو يومين متصلة بالحيض بنحو الاستمرار فهو من الحيض سواء كانت ذات عادة أم لا نعم ذات العادة بمجرد رؤية الصفرة قبل عادتها بيوم أو يومين تتحيض بخلاف غيرها فانها لا تتحيض لعدم إحرازها القبلية فتعمل عمل المستحاضة فان انكشف بعد ذلك اتصالها بالحيض قضت صومها ورتبت عليها آثار الحيض وان كان ما رأته من الصفرة بعد الحيض أو بعد العادة أو لم تكن لها أيام عادة فهو ليس من الحيض.

من تجاوز فيها الدم عن عشرة أيام

(خامسها) ان من تجاوز فيها الدم عن عشرة أيام فأما أن يتخلل بينها النقاء فلا يخلو الحال من أن يكون النقاء المتخلل بينها عشرة أيام فصاعداً أو اقل من ذلك فعلى الأول فالدمان ان كان كل منها قد بلغ الثلاثة وكانا بصفة دم الحيض كان كل منهما حيضاً مستقلاً وان كان أحدهما اقل من الثلاثة فالذي هو اقل ليس بحيض وهكذا إذا كان قد كمل كل منهما الثلاثة ولكن كان أحدهما ليس بصفة دم الحيض ولا واقع في أيام العادة أو في بعضها دون الآخر فالذي بصفة دم الحيض أو واقع في أيام العادة أو في بعضها فهو من الحيض بخلاف ذلك الآخر هذا كله إذا كان النقاء المتخلل قد بلغ العشرة.

وأما إذا كان النقاء المتخلل غير بالغ العشرة وكان المجموع المركب من الدم الأول والنقاء والدم الثاني اكثر من العشرة فان كان أحد الدمين دون الآخر جامعاً لصفات الحيض وشروطه أو كان في أيام العادة أو في بعضها ولم يكن اقل من ثلاثة أيام كان هو الحيض والآخر مع النقاء ليس بحيض.وان كان كل منهما جامعاً لصفات الحيض وشرائطه فالدم الأول هو الحيض دون الآخر وأما إذا كان كل منهما ليس بصفة دم الحيض ولا في أيام العادة ولا في بعضها فليس أحدهما دم حيض هذا كله فيما لو تخلل النقاء بين الدم المتجاوز للعشرة وأما إذا لم يتخلله النقاء وكان الدم مستمراً حتى تجاوز العشرة فان كانت ذات عادة وقتية وعددية تحيضت في أيام عادتها حتى لو كان الدم بغير صفات دم الحيض وما عدا ذلك فهو ليس بحيض حتى لو كان بصفات دم الحيض.وما إذا كانت ذات عادة وقتية بأن عرفت أول وقتها أو وسطه أو آخره وجهلت العدد تحيضت بالقدر المعروف المتيقن لديها بأنه من الحيض فمثلاً إذا عرفت ان أول وقت عادتها هو الخامس من الشهر ولكنها لا تدري انه إلى العاشر منه أو إلى الأكثر من ذلك تحيضت من الخامس إلى العاشر لا إلى الأكثر من ذلك وهكذا لو عرفت بان وسط عادتها هو اليوم الخامس ولكنها لا تدري بأن ما قبله وما بعده ثلاثة أيام أو اكثر تحيضت من ثلاثة أيام قبل الخامس وثلاثة أيام بعد الخامس لا اكثر من ذلك وهكذا لو عرفت ان آخر عادتها اليوم الخامس من الشهر ولكنها لا تدري ان ما قبله أربعة أيام أو اكثر تحيضت من أول الأربعة قبل الخامس لا اكثر.وأما إذا كانت ذات عادة عددية وجهلت الوقت تحيضت بعددها ووقت تحيضها هو ما إذا رأت الدم جامعاً لصفات دم الحيض فتتحيض عند رؤيته بمقدار عادته وان كان في الأثناء زالت صفات دم الحيض عنها وما إذا كان الدم كله جامعاً لصفة دم الحيض فتتحيض بمقدار عددها من أول رؤيته والباقي استحاضة وأما إذا كان الجميع ليس بصفة دم الحيض فليس عليها ان تتحيض.هذا كله في ذات العادة بأقسامها الثلاثة فيما إذا استمر فيها الدم حتى تجاوز العشرة.وأما إذا لم تكن ذات عادة وقد استمر بها الدم حتى تجاوز العشرة.بان كانت مبتدئة اعني التي أبتدأ الدم فيها أو مضطربة اعني التي لم تستقر لها عادة بل وحتى لو كانت متحيرة اعني التي نسيت وقت عادتها وعددها فان اختلف الدم بالصفات تحيضت بما فيه صفات دم الحيض فتجعله حيضاً دون ما عداه ومع عدم اختلاف الدم في الصفات ترجع لعادة نوع النساء اللاتي من أقاربها اللاتي يحصل الظن المعتد به بتعيين أيام حيضها فيها وتستظهر بيوم واحد.ومع اختلافهن تتحيض في الشهر الذي رأت فيه الدم عشرة أيام وفي الأشهر المتصلة به ثلاثة أيام.

 

والمراد بالشهر هو من ابتداء رؤية الدم إلى ثلاثين يوما.

ثم ان ما ذكرناه في غير ذات العادة من الرجوع لصفات دم الحيض إنما يصح إذا كان ما فيه صفات دم الحيض غير زائد على عشرة أيام ولا اقل من ثلاثة أيام متوالية وان لا يكون الدم غير الجامع لصفات دم الحيض اقل من عشرة أيام.

كما ان الظاهر ان ما ذكرناه في غير ذات العادة إنما هو فيما إذا لم يكن الدم بأجمعه غير جامع لصفات الحيض وإلا فلا دليل على كون بعضه حيضاً بل يكون المجموع استحاضة.

رؤية الدم في الشهر اكثر من مرة

(سادسها)إذا رأت المرأة الدم الجامع لصفات الحيض في الشهر اكثر من مرة مع فضل اقل الطهر بينها كان كل من ذلك الدم حيضاً سواء كانت ذات عادة أم لا فيمكن في الشهر الواحد أن ترى الدم أول الشهر بصفة دم الحيض منه ثلاثة أيام متوالية ثم تطهر عشرة أيام ثم ترى الدم بصفة دم الحيض ثلاثة أيام متوالية ثم تطهر عشرة أيام ثم تراه بصفة دم الحيض ثلاثة أيام متوالية ثم تطهر بعد عشرة أيام فيكون في الشهر الواحد قد حاضت ثلاث حيضات.نعم لو كان أحد الدماء في أيام العادة كان حيضاً وان لم يستجمع صفات الحيض.وهكذا لو رأت الدم بصفة دم الحيض ثلاثة أيام ثم بعدها رأت الدم بصفة الاستحاضة إلى مدة لم تبلغ عشرة أيام ثم رأت بعدها الدم بصفة دم الحيض بحيث كان المجموع لم يبلغ عشرة أيام كان الجميع حيضاً وان كان الدم الوسط ليس بصفة دم الحيض.وأما لو بلغ المجموع اكثر من عشرة أيام كان الدم الأول هو الحيض والباقي استحاضة.

لزوم تفحص المرأة عن نقائها من الحيض

(سابعها)إذا انقطع دم الحيض عن المرأة عند تمام عشرة أيام اغتسلت وطهرت من الحيض ولا حاجة للتفحص عن خلو الرحم من الحيض.وهكذا لو انقطع قبل العشرة ولكنها تيقنت خلو الرحم من الحيض فانها تغتسل ويجرى في حقها أحكام الطهر من الحيض,وأما إذا انقطع الدم قبل العشرة واحتملت بقاءه في الباطن فعليها ان تستبري بان تلصق بطنها  بالحائط وترفع رجلها وتستدخل قطنه بيضاء ونحوها فان خرج عليها شيء من الدم فهي لم تطهر وان لم يخرج شيء من الدم فقد طهرت.ولا عبرة بخروج الصفرة على القطنه وإذا لم تتمكن من الاستبراء تبقى تعمل عمل الحائض حتى تتيقن خلو باطن الرحم من الدم.

أقسام الحائض

الحائض المبتدئة                       

الحائض اما ان تكون مبتدئة وهي التي لم تر الدم سابقاً ويكون هذا الدم أول ما رأته وحكمها انها بمجرد رؤية الدم الجامع لصفات الحيض تتحيض فان استمر بها الدم إلى ما بعد العشرة فإلى العشرة حيض وما زاد عليها ليس بحيض وان كان الدم انقطع قبل إكمال ثلاثة أيام فهو ليس بحيض وقضت صلاتها.هذا كله إذا كان الدم الذي رأته جامعا لصفات دم الحيض وإلا فهو ليس بحيض.نعم لو رأت الصفرة قبل حيضها بيوم أو يومين فان علمت استمرارها لحيضها تحيضت وأما إذا لم تعلم ذلك فتعمل عمل المستحاضة فان استمرت الصفرة إلى أيام الحيض كانت الصفرة حيضاً وكان عليها قضاء الصوم.

الحائض المضطربة

وهي التي ترى الدم مكرراً لكن لم تستقر لها عادة لا وقتية ولا عددية فحكمها كالمبتدئة فبمجرد رؤيتها للدم وهو جامع لصفات الحيض تحيضت وإلا فلا.وهكذا يجري في حقها ما سبق من باقي أحكام المبتدئة.

 

الحائض الناسية

وهي التي نسيت عادتها وتحيرت في معرفتها وتسمى بالمتحيرة فحكمها كالمبتدئة فبمجرد رؤيتها للدم جامعاً لصفات الحيض تحيضت وإلا فلا وهكذا يجري في حقها ما سبق من باقي أحكام المبتدئة.

الحائض ذات العادة الوقتية والعددية

الحائض ذات العادة هي التي ترى الدم مرتين متماثلتين فان كانت المرتان متماثلتين في الوقت والعدد معاً كأن رأت الدم في أول الشهر أربعة أيام مثلا وفي أول الشهر الآخر أيضا أربعة أيام سميت بذات العادة الوقتية والعددية.وحكمها انها بمجرد أن ترى الدم في أيام عادتها ولو في آخرها تتحيض سواء كانت حاملاً أم لا وسواء كانت مرضعاً أم لا وسواء كان الدم بصفات دم الحيض أم لا وحتى لو رأت الصفرة أو الكدرة في أيام عادتها فهي تتحيض فإذا علمت بعد ذلك عدم كونه حيضا  كأن انقطع قبل ثلاثة أيام قضت ما تركته من العبادات الواجبة على الأحوط. وهكذا إذا رأت الدم بصفات دم الحيض قبل أيام العادة بقليل بنحو يصدق عليها انها تعجلت عادتها تتحيض بمجرد الرؤية.وأما لو كان الدم المرئي قبل العادة بغير صفات الحيض كأن كان اصفراً فان كان قبل أيام العادة بيوم أو يومين واستمر إلى أيام العادة فهو من الحيض وإلا فلا،وعليه فبمجرد رؤية ذات العادة الصفرة قبل أيام العادة بيوم أو يومين تتحيض.بخلاف غيرها وأما إذا رأت الصفرة بعد أيام العادة فهي ليست بحيض هذا كله لم يستمر بها الدم بعد أيام العادة اما إذا استمر بها الدم بعد أيام العادة استظهر بان تعمل عمل الحائض إلى مدة عشرة أيام من حين رؤيتها للدم فان انقطع قبل تمام العشرة وخلا رحمها من الدم بان استبرأت ولم يظهر على القطنه شيء من الدم كان الجميع حيضاً حتى ما كان من الدم في أيام استظهارها وان استمر الدم ولو بان كان في باطن رحمها وتجاوز العشرة كان الحيض خصوص أيام العادة وما عداه ليس بحيض.وأما إذا رأت الدم بعد العادة ولم تكن قد رأته في أيام العادة فان كان بصفات دم الحيض تحيضت بمجرد رؤيته وإلا فلا.وهكذا لو رأت الدم قبل أيام عادتها بأيام كثيرة بحيث لا يصدق عليها انها تعجلت عادتها كما لو رأته قبل أيام عادتها بخمسة عشر يوماً فان كان بصفات دم الحيض تحيضت بمجرد رؤيته وإلا فلا.

ثم انها قد تنقلب عادتها إلى عادة ثانية كما لو رأت الدم مرتين متماثلتين على خلاف العادة الأولى.وأما لو رأته مرتين على خلاف العادة الأولى ولكنهما لم يكونا متماثلين كان المتبع هو العادة الأولى.وأما لو رأته مرات متعددة على خلاف الأولى كانت مما لا عادة لها وتلحق بالمضطربة.

الحائض ذات العادة الوقتية فقط

إذا رأت الحائض دم الحيض مرتين متماثلتين في الوقت فقط كما إذا رأت الدم من أول الشهر إلى خمسة أيام وفي الشهر الآخر من أوله إلى سبعة أيام سمي بذات العادة الوقتية وحكمها حكم الأولى اعني ذات العادة العددية الوقتية في انها تتحيض بمجرد الرؤية بالقدر المتيقن وتستظهر إلى عشرة أيام فان لم يتجاوز الدم العشرة كان الجميع حيضاً وان تجاوزها فالقدر المتيقن من أيامها هو الحيض وما عداه ليس بحيض هذا كله لو كانت قد رأت الدم وأما لو رأت بعد القدر المتيقن من أيامها صفرة فالصفرة ليست بحيض إلا إذا رأت بعدها دماً جامعاً لصفات الحيض ولم يتجاوز المجموع عشرة أيام فأن الجميع يكون حيضاً كما عرفت سابقاً وقد تنقلب عادتها كما ذكرناه في ذات العادة الوقتية العددية.

الحائض ذات العادة العددية

إذا رأت الحائض دم الحيض مرتين متماثلتين في العدد فقط دون الوقت كأن رأت الدم من أو الشهر إلى خمسة أيام وفي الشهر الآخر رأت الدم في وسطه إلى خمسة أيام سميت ذات العادة العددية وحكمها كالمبتدئة فإذا رأت الدم وكان جامعاً لصفات الحيض تحيضت بمجرد الرؤية بعدد أيام حيضها فان تجاوز الدم العدد استظهرت إلى العشرة فان تجاوز الدم العشرة فخصوص أيام العدد يكون الدم حيضاً دون ما عداه وان لم يتجاوز فالمجموع يكون حيضاً حتى ما كان في أيام الاستظهار هذا إذا كان ما رأته بعد العدد دماً وأما إذا رأت صفرة أو كدرة فهما ليسا بحيض إلا إذا كان قد رأت بعدهما دماً بصفات ولم يتجاوز العشرة فالمجموع حيضُ كما عرفته فيما تقدم وقد تنقلب عادتها كما ذكرنا في ذات العادة الوقتية والعددية.

 

الشكوك في الحيض

أحدها إذا شكت المرأة ابتداء في خروج شيء منها فالأصل الطهارة من الحدث والخبث.

ثانيها إذا خرج من المرأة شيء ابتداء وشكت في كونه دما أو غيره من الفضلات فالأصل الطهارة من الحدث والخبث لان الفضلات الخارجة من الفرج طاهرة لا ينجس بها البدن ولا يجب عليها التفحص.

ثالثها إذا شك في بلوغ المرأة أو في يأسها أو في كونها قرشية فالأصل العدم أي عدم بلوغها وعدم يأسها وعدم قرشيتها.

رابعها إذا رأت الدم على ثوبها أو بدنها وعلمت بخروجه منها ولكنها شكت في كونه من رحمها أو من مكان آخر فان الأصل طهارتها من حدث الحيض أو غيره دون الخبث.

خامسها إذا خرج الدم ابتداء من الرحم ولم يكن بعد وضع الحمل ولم تعلم بأنه حيض أو استحاضة أو غيرهما فان كان في أيام العادة أو بصفة دم الحيض فهو حيض وان كان بصفة دم الاستحاضة فهو استحاضة وإلا فالأصل الطهارة منهما.وأما ان علمت إجمالا انه إما حيض أو استحاضة احتاطت بترك ما يحرم على الحائض وفعل ما يجب على المستحاضة.

سادسها إذا افتضت البكر واشتبه الدم بدم العذرة أي(البكارة)أو بدم الحيض ولم يحتمل غيرهما وجب عليها الفحص بإدخال قطنة في الفرج وتدعها ملياً ثم تخرجها برفق فان خرجت القطنه مطوقة بالدم فهو دم البكارة وان خرجت منغمسة بالدم فهو حيض وأما إذا احتمل انه دم استحاضة أو حيض أو عذرة فان خرجت القطنه منغمسة بالدم وكان الدم فيه صفات دم الحيض أو في أيام العادة فهو حيض وان كان فيه صفات دم الاستحاضة فهو استحاضة وان خرجت القطنه مطوقة فهو دم عذرة.وأما لو كان متردداً بين دم العذرة والاستحاضة فقط فان خرجت القطنه مطوقة فهو دم عذرة وان خرجت منغمسة فهو دم استحاضة.

نعم لا يجب عليها الفحص مع احتمال كون الدم استحاضة ولها الرجوع إلى الأصول من استصحاب الحالة السابقة وان لم تكن لها حالة سابقة فالى أصالة الطهارة من حدث الاستحاضة لان الدليل إنما دل على وجوب الفحص عليها في خصوص ما إذا تردد الدم بين العذرة وبين الحيض فقط.

سابعها إذا تردد الدم بين كونه حيضاً أو دم قرحة استلقت المرأة على قفاها ثم ترفع رجليها ثم تدخل إصبعها الوسطى فان خرج الدم من الجانب الأيسر فهو من الحيض وان خرج من الجانب الأيمن فهو من القرحة.

أحكام الحائض

للحائض أحكام تثبت لها حال حيضها سواء انقطع عنها الدم أم لا وسواء ماتت أيام الاستظهار أم لا إلا ما استثنى كما سيجيء إن شاء الله.

منها انها يحرم عليها العبادات المشروطة بالطهارة من الحدث كالصلاة والصوم والطواف والاعتكاف من دون فرق بين الفريضة والتطوع والأصالة والتحمل.

ومنها ان الاحوط للحائض ترك مس كتابة القرآن الشريف و أسماء الله تعالى وصفاته المختصة به وسائر أسماء الأنبياء (ص) و الأئمة   عليه السلام  حتى غير المختصة بهم إذا قصد بها ذاتهم الشريفة لا سيما إذا كان في مسها توهيناً لهم.

ومنها انه يحرم على الحائض قراءة آية السجدة من كل واحدة من سور العزائم وهي أربعة اقرأ والنجم وحم تنزيل من الرحمن وألم تنزيل الكتاب والاحوط عدم قراءة سورها أيضا.

ومنها انها لا تدخل المساجد إلا مجتازة لها ولا تقعد فيها ولا يجوز لها الاجتياز في المسجدين الحرمين المسجد الحرام ومسجد الرسول  صلى الله عليه وآله وسلم  ولو أصابها الحيض وهي في أحد المسجدين المذكورين تتيمم وتخرج منه والاحوط إلحاق المشاهد المشرفة بالمساجد فلا تدخلها الا مجتازة لها.

 

ومنه إذا حاضت في أثناء الصلاة بطلت صلاتها ولو شكت في حدوث الحيض في أثنائها لا تبطل صلاتها ولا يجب عليها الفحص كما هو الحال في سائر المبطلات

ومنها على الحائض ان تسجد لقراءة السجدة الواجبة أو لأستماعها ويجوز لها ان تسجد للشكر أو للسجدة المستحبة

ومنها يحرم على الرجل والحائض المقاربة قبلاً وكذا دبراً على الأحوط ويجوز الاستمناء بنحو التقبيل والضم والعناق وتكره المقاربة لو طهرت من الحيض قبل ان تغتسل كما ان الاحوط لها ان تغسل فرجها قبل الوطء وإذا جاءها الحيض حال المقاربة وجب على الرجل المبادرة لتركها ويستحب للرجل لو وطئ الحائض الكفارة والمشهور انها دينار لو كان الوطؤ في أول الحيض ونصف دينار في وسطه وربع دينار في آخره،ولو كانت الموطوءة مملوكة فقد حكي الإجماع على ان الكفارة ثلاثة امداد من الطعام مصرفها لكل مسكين مد.

ومنها ان الحائض لا يصح طلاقها ولا ظهارها في حال حيضها على تفصيل يجيء ان شاء الله في كتاب الطلاق والظهار .

ومنها ان غسل الحيض كغسل الجنابة مستحب نفسي بمعنى انه يصح إيقاعه للكون على الطهارة وهو يجب على الحائض بعد انقطاع الحيض للأعمال التي يشترط فيها الطهارة من الحدث كالصلاة والصوم ويعلم انقطاعه اما بالوجدان أو بالاستبراء بالقطنة أو بمضي عشرة أيام كما تقدم.وكيفية غسل الحيض مثل كيفية غسل الجنابة في الارتماس والترتيب فان غسل الجنابة والحيض واحد.ولا يحتاج إلى الوضوء معه فإذا اغتسلت الحائض بعد طهرها جاز لها كل ما حرم عليها من جهة الحيض.ويجزي غسل واحد عن الحيض والجنابة وغيرهما من الاغسال حتى المستحبة بان تنوي الغسل عن الجميع أو عما تحقق فيها من أسباب الغسل أو تنوي به القربة إلى الله تعالى بل حتى لو نوته عن الحيض يجزيها عن باقي الاغسال الواجبة والمستحبة الثابتة عليها.والظاهر ان نفقة غسل الزوجة على الزوج ونفقة غسل الأمة على سيدها.

ومنها وجوب قضاء ما فاتها من الصوم الواجب في حال الحيض على تفصيل يأتي في كتاب الصوم إ، شاء الله ولا يجب عليها قضاء الصلاة اليومية وصلاة الآيات والصلاة والصوم المنذورين في وقت معين على تفصيل سيجيء إن شاء الله في محله.

ومنها أحكام الحائض في الحج وستجيء إن شاء الله في كتاب الحج.

ما يستحب للحائض

يستحب للحائض التحشي بمعنى جعل شيء في الفرج يقيها من تلطخ بدنها وثيابها أو أشياء أخرى بدم الحيض,وان تتوضأ في أوقات الصلاة وتستقبل القبلة وتذكر الله وتسبحه وتحمده وتقرأ القرآن كما في بعض الروايات ويستحب لها الاغسال المسنونة كغسل الجمعة والتوبة والإحرام وغيرها.

ما يكره للحائض

ذكر الكثير من الفقهاء انه يكره للحائض الخضاب وقراءة القرآن وحمله ولمس هامشه وما بين سطوره.

الاستحاضة

ومن موجبات الغسل دم الاستحاضة في بعض أقسامه,والاستحاضة مصدر استحاض مأخوذ من حاض وهي تستعمل تارة في نفس الدم وأخرى في خروجه وجريانه.وقد عرفت في مبحث الحيض ان دم الاستحاضة اصفر بارد رقيق يخرج من أقصى الرحم عكس الحيض وقد عرفت ان هذه الأوصاف علامات لدم الاستحاضة يرجع إليها في تمييزه إلا إذا قام الدليل على خلافها كالدم قبل البلوغ تسعا أو في الزائد على العشرة أو في الأقل من ثلاثة أيام أو فيما إذا لم يتخلل اقل الطهر بينه وبين سابقه والدم الذي تراه المرأة بعد اليأس فان هذه الدماء إذا لم تكن دم قرحة أو جرح أو عذرة أو نفاس فإنها استحاضة سواء كانت بهذه الصفات أو لم تكن بهذه الصفات وكالدم الذي تكون فيه صفات دم الاستحاضة لكنه قد رأته المرأة في أيام عادتها فانه دم حيض وليس باستحاضة وعند اشتباه الدم بين كونه استحاضة أو حيضاً أو نفاساً أو جرحاً أو قرحاً أو عذرة يرجع إلى المميزات فان كان جامعاً لصفات دم الاستحاضة فهو استحاضة وإلا فلا.ويمكن الرجوع إلى أهل التحليل الطبي في معرفة ذلك لو أمكن ولا سيما مع فقد المميزات.

 

أقسام الاستحاضة

والاستحاضة على ثلاثة أقسام قليلة وقد تسمى بالصغرى,ومتوسطة وقد تسمى بالوسطى وكثيرة وقد تسمى بالكبرى.

والاستحاضة القليلة هي التي يصيب الكرفس أي القطنه شيء من الدم دون ان يغمس القطنه أو يملأ أحد طرفيها.وحكمها عند حدوثها أن تحتشي بالقطنة وتضع عليها الخرقة لئلا تسقط القطنه وان عليها الوضوء لكل صلاة فريضة أو نافلة حتى صلاة الآيات والصلاة المقضية والمعادة للجماعة فان عليها الوضوء لكل واحد منها وليس عليها تجديد الوضوء لصلاة الاحتياط والأجزاء المنسية وسجود السهو ولا دليل على لزوم تبديل القطنه أو تطهيرها عند كل صلاة فيجوز لها إبقاؤها على حالها,وباطن الفرج لا تضر نجاسته نعم ظاهر الفرج حكمه أو أصابه الدم حكم سائر البدن لو أصابه الدم النجس وان كان الاحوط تبديلها عند كل صلاة.وأما الخرقة التي توضع على القطنة للمحافظة عليها من السقوط فهي لم تتنجس كما هو الفرض ولو تنجست من الخارج فان كانت من قبيل اللباس كان حكمها في لزوم الطهارة حكم سائر الملبوسات في الصلاة وإلا فهي من قبيل المحمولات ولا يلزم عليها تجديد الوضوء ولا الغسل لمس كتابة القرآن وقراءة العزائم واللبث في المساجد مطلقاً ويجوز وطؤها ويصح صومها لأنها إذا عملت بما عليها كانت بحكم الطاهرة فلها الاكتفاء بوضوئها للجميع وأما الطواف فالظاهر عدم لزوم تجديد الوضوء له وانما يلزم تجديده لصلاة الطواف نعم تحتاج إلى الوضوء أو الغسل فيما يتوقف على الطهارة من المذكورات وغيرها مع عروض أسبابهما من الجنابة أو البول أو النوم أو نحوهما بل يجوز لها الإتيان بما لا يتوقف على الطهارة من المذكورات كدخول المساجد وقراءة العزائم والصوم والوطء لها ولو لم تأتِ بما عليها من وظائف الاستحاضة.

وأما الاستحاضة المتوسطة فهي التي لم يخرج الدم من الكرفس أي (القطنة)إلى طرفها المقابل الملاصق للخرقة الموضوعة عليها وكان قد غمس الدم القطنة واستولى عليها أو على أحد أطرافها.وحكمها ان تغتسل غسلاً واحداً بعد حدوثها لصلاة ذلك اليوم التي تقع بعدها فمثلاً لو حدثت قبل صلاة الصبح اغتسلت لصلاة الصبح وتتوضأ لباقي الصلوات من ذلك اليوم.

وهكذا لو استحاضت بالاستحاضة المتوسطة بعد الزوال اغتسلت غسلاٍ واحداً بعد الزوال لصلاة الظهر وتوضأت لباقي كل صلاة في ذلك اليوم وهكذا لو استحاضت الاستحاضة المتوسطة قبل صلاة العشاء اغتسلت للعشاء فان استمرت الاستحاضة لليوم الثاني اغتسلت لصلاة الصبح من ذلك اليوم الثاني وتوضأت لباقي الصلاة في ذلك اليوم والحاصل ان عليها ان تجدد الوضوء لكل صلاة واجبة كانت كالصلاة اليومية وكصلاة الآيات وكقضاء الصلاة أو مستحبة كالنوافل ونحوها نعم لا يجب عليها تجديد الوضوء لصلاة الاحتياط ولا للأجزاء المنسية ولا لسجود السهو.

والظاهر ان عليها ان تبدل القطنة عند كل غسل من كل يوم أو تطهرها ولا يجب عليها تبديلها عند كل صلاة وان كان الاحوط ذلك وأما الخرقة فلا يجب عليها تبديلها لعدم تلوثها بالنجاسة.

ثم ان أحتشاءها  بالقطنة يكون بعد الغسل ثم تجعل على القطنة خرقة ولا يلزم الوضوء للصلاة التي تقع بعد هذا الغسل ولا لصلاة الاحتياط ولا للأجزاء المنسية ولا لسجود السهو ويلزم الوضوء لغيرها من الصلاة سواء كانت واجبة كصلاة الآيات أو المنذورة أو القضاء أو كانت مستحبة كالنوافل.وإذا أخلت المستحاضة المذكورة بشيء من وظائفها بطلت صلاتها وإذا فعلت ما عليها من الأعمال من الغسل والوضوء وتبديل القطنة كانت بحكم الطاهرة.وليس عليها تجديد الوضوء أو الغسل لمس كتابة القرآن والطواف ونحوهما مما يتوقف على الطهارة وانما عليها تجديد الوضوء لصلاة الطواف نعم تحتاج  إلى الوضوء أو الغسل فيما يتوقف على الطهارة مع عروض أسبابهما عليها كالجنابة والبول والنوم ونحوها فمثلاً إذا عرضت عليها الجنابة وجب عليها الغسل منها للصوم والمس لكتابة القران الشريف والطواف والاجتياز في المسجدين والمكث في المساجد ونحوها مما يتوقف عليه الطهارة من الحدث الأكبر.ومثلاً إذا عرض عليها البول أو الغائط أو النوم أو نحوها وجب عليها الوضوء لمس كتابة القران والطواف ونحوهما مما يتوقف على الطهارة من الحدث الأصغر فان المستحاضة المذكورة بالنسبة إلى ما عدا الصلاة بمنزلة الخلية من الدماء حكمها سواء أتت بما عليها من الوظائف كالغسل والوضوء وتجديد القطنة أم لا.نعم لو أتت بما عليها من الوظائف المذكورة كانت طاهرة لا تحتاج إلى تجديد الطهارة لما عدا الصلاة مما يتوقف على الطهارة ألا إذا حدثت أسبابها كالنوم وأما ما لا يتوقف على الطهارة كدخول المساجد وقراءة العزائم والصوم فيصح منه كما يصح من الخلية من الدماء بشرائطها كالخلو من الجنابة ونحوها ولو لم تأتِ بما عليها من وظائف الاستحاضة ويصح وطؤها ولو لم تأتِ بما عليها من الوظائف ولا يجب عليها ان تغتسل قبل الوطء نعم يستحب لها ذلك كما يستحب لها ان تنظف نفسها وتغسل ظاهر فرجها من باب استحباب تنظيف المرأة لزوجها وتزينها له.

وأما الاستحاضة الكبرى والمسماة بالكثيرة فهي التي يخرج فيها الدم من طرف القطنة الملاصق للفرج إلى الطرف الآخر الملاصق للخرقة الموضوعة عليها بحيث يصيب الدم الخرقة المذكورة.وحكمها ان تغتسل لصلاة الصبح ولا يجب عليها الوضوء لها وتغتسل لصلاة الظهر والعصر وتجمع بينهما ولا يجب الوضوء لهما وتغتسل للمغرب والعشاء وتجمع بينهما ولا يجب عليها الوضوء لهما ثم بعد غسلها وقبل صلاتها تستدخل قطنة ثم تضع عليها الخرقة للمحافظة عليها من السقوط وتستوثق من نفسها في عدم خروج الدم ثم تأتِ بالصلاة بعد ذلك ويستحب لها تأخير صلاة الظهر إلى آخر وقت فضيلتها وتعجيل العصر في أول وقت فضيلتها وهكذا في صلاة المغرب والعشاء,ويجوز لها التفريق بين العصرين والعشاءين إلا أنها تغتسل حينئذ لكل صلاة.

ثم انه يجب عليها تبديل القطنة أو تطهيرها عند كل غسل وان كان الاحوط تبديلها عند كل صلاة ,ويجب عليها تبديل الخرقة أو تطهيرها عند كل غسل وعند كل صلاة إلا إذا كان الدم عليها اقل من الدرهم وان كان الاحوط تبديلا عند كل صلاة مطلقاً سواء كان الدم عليها اقل من الدرهم أو اكثر.

وإذا حدثت الاستحاضة الكبرى بعد صلاة الفجر فان انقطعت قبل الظهرين وجب غسل واحد للظهرين دون العشاءين وان انقطعت بعد الظهرين وجب الغسل للعشاءين.ولو نسيت الغسل لصلاة الفجر أو عصت أو نامت وجب عليها الغسل عند قضائها.مادامت مستحاضة وهكذا الحال بالنسبة للعصرين والعشاءين فانه عند قضائهما يجب عليها الغسل مادامت مستحاضة.

ثم انه لا يجب على المستحاضة المذكورة إذا أتت بوظائفها ان تجدد الوضوء ولا الغسل لباقي الصلاة الواجبة كصلاة الآيات أو الصلاة القضائية ولا للصلاة المستحبة ولا يجب عليها تجديد الوضوء والغسل للطواف ولا لصلاته ولا لكل ما يتوقف على الطهارة كمس كتابة القرآن ونحوه مما يتوقف على الطهارة.

 

نعم تحتاج إلى تجديد الوضوء أو الغسل للمذكورات مع عروض أسبابهما من الجنابة أو البول أو النوم أو نحوها سواء أتت بالأعمال المطلوبة منها للصلاة أم لا فإذا عرضت عليها الجنابة وجب عليها الغسل من الجنابة للصوم والمس والطواف والمكث في المساجد وإذا عرض عليها البول أو الغائط وجب عليها الوضوء لمس كتابة القرآن والطواف ونحوهما كل ذلك سواء أتت بما عليها من الأعمال من الغسل وتجديد الخرقة والقطنة لصلاتها أم لا فان المستحاضة المذكورة بالنسبة لما عدا الصلاة بمنزلة الخلية من الدماء حكمها هذا بالنسبة إلى ما يتوقف على الطهارة وأما بالنسبة إلى ما لا يتوقف على الطهارة كالمكث في المساجد وقراءة العزائم والصوم فيصح منها كما يصح من الخلية من الدماء بشرائطها كالطهارة من الجنابة ونحوها حتى إذا لم تأتِ بما عليها من وظائف استحاضتها ويصح وطؤها ولو لم تأتِ بما عليها من الوظائف ولا يجب عليها ان تغتسل قبل الوطء نعم يستحب لها ذلك كما يستحب لها تنظيف فرجها وغسله من باب استحباب تنظيف المرأة لزوجها وتزينها له.

 

كيفية غسل الاستحاضة و إجزائه عن باقي الاغسال

ان غسل الاستحاضة كغسل الجنابة يصح فعله للكون على الطهارة وقربة إلى الله تعالى.وكيفيته مثل كيفية غسل الجنابة في الارتماس والترتيب ولا يحتاج إلى الوضوء معه.ويجزي غسل واحد عن الاستحاضة والحيض والجنابة والجمعة وغير ذلك من موجبات الغسل الوجوبي أو الاستحبابي بان تنوي الغسل الواحد عن كل منها تفصيلاً أو إجمالا أو القربة لله تعالى بل حتى لو نوته عن الاستحاضة اجزأ عن باقي الاغسال الواجبة والمستحبة الثابتة عليها.

أحكام المستحاضة

(أحدها)ان غسل المستحاضة كغسل الحيض الذي هو مثل غسل الجنابة فيعتبر فيه ما يعتبر فيهما.وكيفيته في الترتيب والارتماس مثلهما.والظاهر أجزاء غسل الجنابة عنه.

(ثانيها)أنها لو أحدثت بالحدث الأصغر كخروج الريح أثناء غسلها أتمته وليس عليها إعادته ولا الوضوء لما بعده مما يعتبر فيه الطهارة وان كان الاحوط ذلك.ولو أحدثت بالأكبر كالجنابة فالاحوط لها استئناف الغسل ناوية انه لهما إلا إذا حدثت الاستحاضة الكبرى أثناء الغسل للوسطى فأنها تنتقل وظيفتها إلى الكبرى فتستأنف الغسل للاستحاضة الكبرى.

(ثالثها)أنها يجب عليها قبل الشرع في شيء من أعمال المستحاضة ان تختبر حالها بإدخال القطنة والصبر بمقدار ما تستوضح الحال من أن استحاضتها صغيرة أو متوسطة أو كبيرة ثم تأتي بوظيفتها من الوضوء للصلاة أو الغسل ومع تعذر الاختبار يسقط وجوبه وترجع للأصول لشمول أدلتها للمقام وفي المقام يؤخذ بالقدر المتيقن من خروج الدم القليل ونفي الزائد عليه بالأصل إذا لم يكن لها حالة سابقة وإلا استصحبت الحالة السابقة من القلة والكثرة.

(رابعها)يجب عليها بعد الغسل الاستظهار وهو التحفظ من خروج الدم والتعدي إلى خارج الفرج رأساً أن أمكن مع عدم حصول الضرر بذلك بحشو الفرج بالقطنة أو نحوها وشدها بخرقة وإذا لم يحتبس الدم بذلك وغلب سيلانه وضعت ما يحبسه.والحاصل ان عليها أن تستوثق من نفسها بعد الغسل.هذا إذا كان عليها الغسل وان كان عليها الغسل وان كان عليها الوضوء فالاحوط ان تستوثق من نفسها بوضع القطنة والخرقة قبل الوضوء ولو قصرت في الاستيثاق وخرج الدم في أثناء الصلاة استوثقت وإعادة صلاتها.وان كان خروج الدم لا لأجل التقصير في الشد والاستيثاق بل كان لغلبة الدم وكثرته فان كان من جهة إنتقال الاستحاضة من الأدنى إلى الأعلى كأن كانت قليلة أو متوسطة فصارت كثيرة فينقلب حكمها إليها.وان كان لا يوجب الانتقال فالظاهر العفو عنه ولا يجب إعادة الصلاة.

(خامسها)انه يعفى الثوب والخرقة والفرج وسائر أجزاء البدن من هذا الدم في الصلاة إذا كان اقل من الدرهم أو كان في شيء محمولاً.

(سادسها)لا يلزم على المستحاضة في سجود السهو واعادة أفعال الصلاة المنسية وصلاة الاحتياط إعادة الوضوء ولا الغسل.

وإما إعادة الصلاة احتياطاً أو الصلاة المعادة جماعة أو قضاء الصلاة أو صلاة الآيات أو صلاة النافلة فيلزم عليها تجديد الوضوء لكل منها فيما إذا كانت صغرى أو وسطى ولا يلزم عليها الغسل لها ألا إذا حدث سببه كالجنابة ونحوها وأما في الكبرى فلها الإتيان بذلك بلا وضوء ولا غسل إذا لم تحدث ما يوجبهما من البول والجنابة ونحوهما بعد غسلها لصلاتها اليومية وقد تقدم تفصيل ذلك في أقسام الاستحاضة فلتراجع.

(سابعها)يجب عليها الغسل أو الوضوء عند إتيان الصلاة ولا يضر فصل بينهما وبين الصلاة بتطهير ظاهر الفرج من الدم وحشوه بالقطنة وتبديل الخرقة وجعل ما يمنع من سيلان الدم والإتيان بمقدمات الصلاة من الأذان والإقامة ودخول المساجد وانتظار الجماعة وتحصيل الساتر ونحو ذلك.

ويجوز لها الفصل بين الوضوء أو الغسل وبين ما يتوقف على الطهارة كمس كتابة القرآن والطواف ونحو ذلك إذا لم تحدث ما يوجب الطهارة في الأثناء كالبول والجنابة ونحوها كما تقدم.

(ثامنها)أن مجرد حدوث الاستحاضة ولو قبل دخول وقت الصلاة موجب لأعمالها من الغسل والوضوء لخصوص ما بعده من الصلاة فلو انقطع الدم قبل الشروع في وظائفها لتلك الصلاة ولا تجب وظائفها للصلاة التي بعد تلك الصلاة.ولو انقطع الدم بعد الشروع في وظائفها سواء كان الانقطاع في أثناء الطهارة من الوضوء أو الغسل أو بعدهما وقبل الصلاة أو في أثناء الصلاة أو بعد انتهاء الصلاة فلا يجب عليها استئناف الغسل ولا الوضوء ولا إعادة الصلاة وان كان الاحوط هو إعادة الغسل أو الوضوء والصلاة.

(تاسعها)يصح الصوم من الاستحاضة ولا تمنع الاستحاضة من صحته فيصح إتيانه من المستحاضة وان لم تقم بوظائفها.وان كان الاحوط أن تأتي بوظائفها عند صومها.

(عاشرها)انقطاع دم الاستحاضة المتوسطة والكبرى لا يوجب الغسل كما يوجبه انقطاع دم الحيض ولا انقطاع دم الاستحاضة الصغرى يوجب الوضوء كما يوجبه انقطاع البول نعم الاحوط هو ذلك.

(الحادي عشر)إذا انقلبت الصغرى إلى الوسطى أو إلى الكبرى أو انقلبت  الوسطى إلى الكبرى انقلبت وظيفتها إليها سواء كان قبل الشروع في وظائف المنقلب عنها أو في أثنائها وتستأنف الوظائف من الأول على طبق المنقلب إليها من الغسل والصلاة وغيرها مما تقدم ذكره في أقسام المستحاضة،وأما لو كان الانقلاب بعد إتمام الصلاة فلا يجب عليها الاستئناف ولكن عليها أن تأتي بوظائف الصلاة الآتية على طبق المنقلب إليها وأما لو انقلبت الاستحاضة من الأعلى إلى الأدنى كان عليها أن تأتي بوظيفة الاستحاضة الأعلى المنقلب عنها لصلاتها وتأتي للصلاة الآتية بعدها بوظيفة الاستحاضة الأدنى المنقلب إليها.

(الثاني عشر)المستحاضة الكثيرة والمتوسطة يجب عليها في اليوم من الغسل والوضوء ما ذكرناه سواء رأت الدم قبل صلاة الصبح فانقطع قبل الغسل ثم رأته عند الظهر فانقطع قبل الغسل له وللعصر ثم رأته قبل العصر فانقطع قبل صلاة العصر ثم رأته عند المغرب فانقطع قبل الغسل أم كان الدم مستمراً في ذلك اليوم لان الأدلة ظاهرة في ان وظيفتها اليومية هو ذلك سواء كان الدم مستمراً في ذلك اليوم أو متقطعاً.وليس لنفس انقطاع الدم غسل نعم في المتوسطة لا يخلو الأمر من الاحتياط في وجوب الغسل عند رؤيتها الدم جديداً في وقت الصلاة بعد انقطاعه ولكن يمكن ان يقال أن ظاهر أدلتها أن مجرد رؤية الدم المذكور في كل يوم موجب للغسل الواحد له في ذلك اليوم والوضوء لكل صلاة في ذلك اليوم سواء وجد الدم متقطعاً أو مستمراً وهكذا في كل يوم.

(الثالث عشر)المستحاضة إذا لم تتمكن من استعمال الماء أو لم تجده انقلب حكمها إلى التيمم فهي تتيمم بدل الغسل وتتيمم بدل الوضوء.

(الرابع عشر)انه في خبر الحلبي ما يدل على أنها يستحب لها أن تتطيب وتستجمر بالدخنة أو غير ذلك.

 

النفاس

ومن موجبات الغسل النفاس(بكسر النون)وهو في اللغة اسم لوضع المرأة مولودها وتسمى المرأة إذا ولدت نفساء بضم النون وفتح الفاء أو بفتح النون وسكون الفاء أو بفتحهما،ومثناها نفساوان والجمع نفاس بكسر النون أو ضمها مع فتح الفاء ونفساوات ونفس ونفاس ونوافس

ونقل في اصطلاح الفقهاء والمتشرعة إلى نفس الدم الذي يقذفه الرحم بسبب الولادة مقارناً  الخروج أول جزء من الولد أو في أثناء خروجه أو بعد خروجه.وهكذا الدم الذي يخرج مع ما كان مبدأ لنشو الولد كالمضغة والعلقة ولو شكت في الولادة أو في كون الخارج مبدأ لنشو الولد لم يحكم على الدم بأنه نفاس ولا يجب عليها الفحص عن انها ولدت أم لا أو خرج منها مبدأ النشو أم لا.وأما الدم المذكور فيرجع في تشخيص كونه حيضاً أو استحاضة أو غيرهما إلى المشخصات المذكورة في باب الحيض والاستحاضة

ولو ولدت أو خرج منها مبدأ نشو الولد ولم تر دماً فليس لها نفاس.

 

الدم الخارج عند الطلق

أن الدم أو الصفرة الخارجين من الرحم عند أيام الطلق قبل خروج شيء من الولد وقبل خروج مبدأ نشو الإنسان هما ليس بنفاس ولا حيض ولا استحاضة وانما هما دم المخاض وهو من فتق الرحم فلا يمنع كل منها من فعل الواجبات كالصلوات ونحوها حتى انها لو غلب عليها وجع الطلق ولم تقدر على الصلاة فعليها قضاؤها بعد طهرها من النفاس.نعم لو كانت حائضاً واستمر الدم حتى عند الطلق جامعاً لشرائط دم الحيض ولم يتجاوز المجموع عشرة أيام كانت محكومة بالحيض وانما كلامنا في الدم الذي خرج ابتداء عند الطلق فانه لا يحكم عليه بأنه حيض ولا استحاضة وانما هو دم مخاض والمرأة معه طاهرة من الحدث وانما هي متنجسة بالخبث وهو دم المخاض.

حد دم النفاس في القلة والكثرة

ولا حد لاقل النفاس فيمكن أن يكون لحظة واكثره إلى عشرة أيام مبدأها من بعد وضعها بمعنى انها لا تزيد أيام نفاسها من بعد ولادتها على عشرة أيام فهي إذا رأت دم النفاس بعد وضعها فان انقطع قبل كمال العشرة وقد نقى رحمها منه فالجميع دم نفاس إلا إذا تيقنت بعدم كون الدم نفاساً كلا أو بعضاً وان استمر الدم من بعد وضعها إلى أزيد من عشرة أيام فان كانت ذات عادة كان دم نفاسها بمقدار أيام عادتها وما بعدها استحاضة إلى عشرة أيام ثم ترجع بعد هذه العشرة إلى مشخصات الدم من كونه حيضاً أو استحاضة أو غيرهما وان لم تكن ذات عادة سواء كانت مضطربة أو مبتدئة أو متحيرة كان دم نفاسها عشرة أيام مبدأها من بعد وضعها الا إذا تيقنت بعدم كون الدم نفاساً كلا أو بعضاً.ثم ان الأيام التي بعد عشرة النفاس تكون استحاضة إلى عشرة أيام.

ثم ترجع بعد هذه العشرة إلى مشخصات الدم من كونه حيضاً أو استحاضة أو غيرهما.

مبدأ قعود النفساء

أن ملخص ما تقدم أن مبدأ دم النفاس هو خروج الدم مع خروج المولود ولو ببعض أجزائه وبه يرتب عليها أحكام النفساء وهو مبدأ حساب أيام النفاس حتى لا تتجاوز العشرة من بعد وضعها لمولودها.وعليه فيمكن أن يكون مدة نفاسها أزيد من عشرين يوماً كما لو خرج بعض المولود وخرج معه الدم ولم تضعه المرأة أربعة عشر يوماً ثم وضعته بعد الرابع عشر وبقي الدم مستمراً من بعد وضعها إلى عشرة أيام فان مدة النفاس حينئذ تكون أربعة وعشرين يوماً.وينبغي التنبيه على أمور.

(أحدها)أن الدم لو تأخر خروجه بعد الولادة بأيام فمع إحراز كونه دم نفاس رتب عليه آثاره ويكون مبدأ أيام النفاس أول خروجه وان لم يحرز ذلك فيرجع للمميزات المتقدمة في الحيض والاستحاضة.هذا ولكني راجعت بعض الأطباء من أهل الاختصاص بأمراض النساء والولادة فمنع من تأخر خروج دم النفاس عن الولادة بأكثر من يوم وقال انه لا يمكن ذلك.

(ثانيها)انه لو كان في خلال العشرة من ولادتها رأت دم النفاس ثم نقيت من الدم وطهر رحمها منه ثم رأت الدم وانقطع على العشرة أو قبلها فالمشهور أن الجميع حتى أيام النقاء الواقعة بين الدمين محكوم بالنفاس كما في الحيض.ولكن عند مراجعتي لبعض الأطباء المختصين قال لا يمكن أن يقع النقاء بين دم النفاس الواحد في العشرة الأولى بعد الوضع.وكيف كان فالحق انه لا دليل لنا على ان الدم الثاني الواقع بعد النقاء دم نفاس بل يمكن أن يكون استحاضة لو كان النقاء اقل من عشرة وان كان النقاء اكثر من عشرة فيرجع في تشخيصه من كونه حيضاً أو غيره إلى المشخصات المذكورة في باب الحيض والاستحاضة عند الاشتباه.

 

(ثالثها)أن الحيض يمكن أن يكون قبل النفاس ولا يشترط الفصل بينهما بأقل الطهر وهو عشرة أيام.وأما بعد النفاس فلا يقع الحيض إلا بعد الفصل بينه وبين النفاس بأقل الطهر وهو عشرة أيام فإذا اتصل الدم بدم النفاس كان استحاضة.

(رابعها)لو ولدت اثنين أو أزيد فان كان دفعة واحدة كان لها نفاس واحد نظير ما لو ولدت ولداً واحداً.وان انفصلت ولادة كل منهما عن الآخر كان لكل منهما نفاس مستقل الا إذا وقعت الولادة الثانية في أثناء النفاس من الأولى فانه يكون النفاس للثانية ويحسب له عشرة أيام من بعد الولادة الثانية.

(خامسها)لو خرج الولد متقطع الأجزاء في فترات قصيرة أو طويلة فان الدم الذي تراه عند خروج أجزائه دم النفاس إلى ان تضعه بكامله فيحسب لها بعد ذلك أيام نفاسها إلى العشرة فان انقطعت قبل كمالها فالجميع نفاس وان زاد على العشرة فيكون نفاسها بمقدار أيام عادتها وان لم تكن لها عادة كان نفاسها بمقدار عشرة أيام كما تقدم بيانه.

وجوب الاستبراء على النفساء

إذا انقطع دم النفاس قبل تمام العشرة عن المرأة ظاهراً واحتملت بقاءه داخل الرحم فلا تغتسل حتى تستبرئ بأن تلصق بطنها بالحائط وترفع رجلها وتستدخل قطنة بيضاء أو نحوها فان خرج شيء من الدم فهي لم تطهر وان لم يخرج شيء من الدم فقد طهرت وإذا لم تتمكن من الاستبراء تعمل عمل النفساء حتى تتيقن خلو باطن الرحم من الدم.ولا عبرة بخروج الصفرة.وليس على النفساء الاستبراء إذا بلغ الدم عشرة أيام ولا على من قطعت بنقاء رحمها من دم النفاس.

ما يجب على النفساء

 (منها)الغسل فانه يجب على النفساء الغسل عند انتهاء نفاسها بنقائها من النفاس قبل العشرة وعند انتهاء العشرة إذا استمر الدم وتجاوز العشرة.ويصح فعله للكون على الطهارة وقربة لله تعالى.وكيفيته مثل كيفية غسل الجنابة في الارتماس والترتيب ولا يحتاج إلى الوضوء معه.ويجزي غسل واحد عن النفاس والجنابة والجمعة وغير ذلك من موجبات الغسل الوجوبي أو الاستحبابي بأن تنوي الغسل الواحد عن كل منها تفصيلاً أو إجمالا أو القربة لله تعالى بل حتى لو نوته عن النفاس أجزأ عن باقي الاغسال الواجبة والمستحبة الثابتة عليها.

(ومنها)وجوب قضاء الصوم عليها دون الصلاة بعد انتهاء نفاسها كما تقدم في أحكام الحيض.

 و(منها)وجوب السجود لقراءة آية السجدة الواجبة أو لاسماعها.

ما يحرم على النفساء

   (منها)العبادات المشروطة بالطهارة من الحدث فإنها تحرم عليها كالصلاة والصوم والاعتكاف.

و(منها)وطؤها فانه يحرم عليها وعلى الرجل المقاربة قبلاً ودبراً ويجوز وطئها عند انتهاء نفاسها وبعد غسلها ويجوز قبل غسلها على كراهة.

و(منها)طلاقها وظهارها فانه يحرم طلاقها وظهارها ما دامت في نفاسها على تفصيل يجيء في كتاب الطلاق والظهار.

و(منها)قراءة آيات السجدة المتقدم حرمة قراءتها على الحائض فان الأصحاب قد أفتوا بحرمة قراءتها عليها.

و(منها)مس كتابة القرآن الشريف و أسماء الله تعالى وصفاته المختصة به وسائر أسماء الأنبياء  صلى الله عليه وآله وسلم  والأئمة  عليه السلام فان الاحوط أن لا تمس شيئاً من ذلك.

و(منها)دخول المساجد فان الأصحاب قد أفتوا بحرمة دخولها المساجد إلا مجتازة لها ولا تقعد فيها.ولا يجوز لها الاجتياز في المسجدين الحرمين على ما تقدم في باب الحيض.

ما يستحب للنفساء

(منها)استحباب الوضوء في أوقات الصلاة والجلوس في المصلى والاشتغال بذكر الله تعالى بقدر الصلاة فان الأصحاب قد أفتوا بذلك.

و(منها)استحباب الكفارة في وطئها كما تقدم في الحائض بناء على ما نقل من الإجماع على اشتراك الحائض والنفساء في الأحكام الشرعية.

 

ما يكره على النفساء

(منها)كراهة الوطء بعد انتهاء النفاس وقبل الغسل.

(ومنها)كراهة الخضاب فان الأصحاب قد أفتوا بذلك.

(ومنها)قراءة القرآن فان الأصحاب قد أفتوا بذلك.

مس الميت وكيفية الغسل منه 

ومن موجبات الغسل مس الإنسان الميت سواء كان الميت مسلما أو كافراً كبيراً أو صغيراً عاقلاً أو مجنوناً حتى السقط إذا ولجته الروح فانه يجب بمسه الغسل وسواء كان الماس مضطراً أو مختاراً وسواء كان مغسلاً له أم غير مغسل له وكيفية الغسل المذكور مثل كيفية غسل الجنابة ارتماساً أو ترتيباً.ولا يبطل الغسل بالحدث الأصغر في أثنائه.نعم لو مس الميت في أثنائه بطل الغسل وأعاده مرة ثانية ويشترط في وجوب الغسل بالمس أن يكون المس لجسده بعد برد تمام جسده وقبل تمام اغساله الثلاثة وفيما عدا ذلك لا يجب الغسل بمسه.ويتفرع على ذلك انه لا يجب الغسل بمس الميت إذا لم يكن إنسانا ولا بمس الإنسان الميت إذا كان المس لغير جسده كشعره أو طرف ظفره أو عضو متصل به قد خرجت منه الروح قبل موته بحيث لا يعد مسه مساً لجسده.وهكذا لا يجب الغسل إذا مس جسد الميت وفيه حرارة ولو في بعضه ولا بمسه بعد تمام اغساله الثلاثة ولا بمس ثيابه دون جسده ولا بمس فضلاته كعرقه ودمه والوسخ المجتمع عليه وعذرته وبوله.ثم انه لا فرق في إيجاب المس للغسل بين أن يكون مع الرطوبة أو لا.نعم المس إنما يوجب نجاسة اللامس إذا كان مع الرطوبة كما تقدم في نجاسة الميتة.

مس القطعة المبانة من الإنسان

ويلحق بالإنسان الميت القطعة المبانة من الإنسان الحي أو الميت التي فيها العظم فانها إذا مسها الإنسان حتى لو كان الماس نفس المقطوع منه فانه يجب عليه الغسل وبهذا يظهر لك عدم وجوب الغسل بمس السرة المقطوعة من الطفل وأما العظم المجرد أو الذي عليه لحم لا يعتد به فمسه لا يوجب الغسل إلا إذا صدق على مسه انه مس للميت ولا يبعد ذلك في مس الهيكل العظمي وسيجيء إن شاء الله تعالى في مبحث غسل الأموات في مسألة تغسيل القطعة المبانة من الإنسان ما ينفعك في المقام.

الشك في المس

لا يجب الغسل على الإنسان إذا شك في تحقق المس للميت أو في كون الممسوس إنسانا أو غيره أو في كونه حياً أو ميتاً أو قبل برده أو بعده أو كان الممسوس جسده أو غيره من ثوبه أو شعره أو نحوهما.ولو علم بكون الممسوس جسد الإنسان الميت وانه بعد برده وشك في تغسيله فالواجب على الماس الغسل وأما إن علم بأنه غسل ولكن شك في تقدم غسله على مسه أو تأخر عنه فلا يجب عليه الغسل.

أحكام الماس للميت

(أحدها) ان الماس للميت لا يجوز له الإتيان بشيء مما يشترط فيه الطهارة من الحدث الأصغر كالصلاة والطواف الواجب ومس كتابة القرآن ومس أسماء الله تعالى ونحو ذلك إلا إذا اغتسل ويجوز له الإتيان بما يشترط فيه الطهارة من الحدث الأكبر بدون الغسل كدخول المساجد والمشاهد المشرفة وقراءة العزائم ونحو ذلك فانه يجوز للماس للميت ذلك وإن لم يغتسل والحاصل ان حال المس للميت حال الحدث الأصغر.

(ثانيها)تكرر المس لا يوجب تكرر الغسل على الماس ولو كان المس لأموات متعددين.

(ثالثها)ان المرأة إذا ولدت الطفل الميت الذي ولجته الروح بمجرد مماستها له بشيء من بدنها ولو بفرجها يجب عليها غسل المس.

(رابعها)ان الماس يكفي غسله عن الوضوء وعن باقي الاغسال الواجبة والمندوبة كما تقدم في الغسل عن الحيض وعن الجنابة,ويكفي في نيته قصد القربة والكون على الطهارة.

 

هذا وقد تعارف عند الفقهاء ذكر الأحكام المتعلقة بالأموات واحتضارهم واليك جملة منها مما هو محل الابتلاء.

الاحتضار

الاحتضار مصدر مأخوذ من المبني للمفعول من اُحتضِر إذا حضره الموت بمعنى السوق:وهو الشروع في نزع الروح من البدن أعاننا الله عليه ورزقنا الراحة لديه.وعنده يوجه المسلم كبيراً كان أو صغيراً رجلاً أو امرأة شيعياً أو غيره من المسلمين إلى القبلة بأن يلقى المحتضر على ظهره ويجعل وجهه وباطن رجليه إلى القبلة بحيث لو جلس كان وجهه للقبلة ويراعي فيه الاستقبال كذلك إلى ما بعد موته ومن بعد موته إلى حين رفعه من مكانه وينبغي أن يكون ذلك بإذن الولي مع إمكانه.ويستحب حين الاحتضار تلقينه وتفهيمه ومتابعة المحتضر الملقن بلسانه وقلبه بالشهادتين وشهادة أن لا الله إلى الله وأن محمداً رسول الله والإقرار بالأئمة الاثني عشر واحداً بعد واحد وسائر الاعتقادات الحقة وكلمات الفرج ففي الخبر أن أمير المؤمنين  عليه السلام قال إذا حضر أحدا من أهل بيته الموت قال  عليه السلام قل لا اله إلا الله الحليم الكريم لا اله إلا الله العلي العظيم سبحان الله رب السماوات السبع ورب الارضين السبع وما بينهما ورب العرش العظيم والحمد لله رب العالمين فإذا قالها المريض قال اذهب ليس عليك شيء,وعن رسول الله  صلى الله عليه وآله وسلم  من كان آخر كلامه لا الله إلا الله دخل الجنة.ويستحب قراءة يس والصافات وسورة الأحزاب وآية الكرسي إلى هم فيها خالدون وآية السحرة وهي :" إِنَّ رَبَّكُمْ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ"  الآية بل مطلق قراءة القرآن كما ذكره علماؤنا الإعلام ويكره أن يمس حال الاحتضار فانه يوجب أذاه.وأن يحضر عنده الجنب والحائض قال جدي كاشف الغطاء S والنفساء وأن يتكلم عنده بالكلام الزائد وأن يبكى عنده وان يحضره عملة الموت وأن يخلى عنده النساء وحدهن خوفا من صراخهن عنده.

ما يستحب بعد الموت

ذكر جملة من العلماء أموراً يستحب فعلها بعد الموت(1)تغميض عينيه(2)وتطبيق فمه(3)ومد يديه إلى جنبه(4)ومد رجليه(5)وتغطيته(6)واسراج المصباح عنده إذا مات ليلاً(7)واعلام المؤمنين بموته ليحضروا جنازته(8)والتعجيل في دفنه إلا إذا شك في موته فانه يؤخر دفنه إلى اليقين بموته.وقد ورد في الغريق وصاحب الصاعقة انهما لا يدفنان إلى ثلاثة أيام إلا أن يجيء منهما ريح تدل على موتهما فانهما يدفنان قبل إكمال ثلاثة أيام. 

ما يكره بعد الموت

ذكر جملة من العلماء اموراً يكره فعلها بعد الموت.

منها-تثقيل بطن الميت بالحديد أو غيره وابقائه وحده ففي الخبر لا تدعن ميتك وحده فان الشيطان يعبث في جوفه.

ما يجب بعد الموت

يجب بعد الموت تغسيل الموتى وتحنيطهم بالكافور وتكفينهم والصلاة عليهم ودفنهم ووفاء ذمتهم وتنفيذ وصاياهم وتسلم أموالهم لورثتهم الشرعيين.

تجهيز الميت

ان الواجبات المتعلقة بتجهيز الميت من تغيسله وتحنيطه وتكفينه والصلاة عليه ودفنه كلها من الواجبات الكفائية تجب على المكلفين ويسقط وجوبها عن الباقين عتد قيام الاخرين ولكن الزوج اولى بزوجته فيها حرة كانت أو امة والمالك اولى بعبده وكذا بأمته بعد زوجها.واولى الناس بالميت في ميراثه هو الأولى من غيره بعد الزوج والمالك.ويتفرع على ذلك ان على الغير أن يستأذن من الولي في قيامه بها ويكفي العلم برضاه بقيام الغير بها من غير فرق بين الإذن الصريح أو الفحوى أو شاهد الحال القطعي أو الاطمئناني بل يكفي العلم بالرضاء الشأني من غير حاجة للرضاء الفعلي بل يكفي اعراضه واسقاطه لهذا الحل.ولو تعدد المالك أو الوارث كانت الأولوية ثابتة لهم جميعاً ولو اوصى الميت بقيام غير الولي بالتجهيزات أو ببعضها فليس الواجب تنفيذ وصيته وانما هو حق يرجع للاولياء المذكورين ويعذر الغير عند الشارع إذا لم يقم بها لقطعه بقيام الغير بها أو اطمئنانه أو ظنه المعتبر بذلك وإذا شك في وقوعها صحيحة من الغير بنى على صحتها حتى مع الظن بعدم صحتها.

 

نفقة تجهيز الميت

ان مؤونة التجهيز للميت كالسدر والكافور وكفنه وماء الغسل واجرة حمله وحفارة ارضه وقيمة الأرض للدفن فيها وما يؤخذ على ذلك من الضريبة ونحوها بل حتى المستحبات من التجهيز التي يكون تركها هتكا لحرمة الميت يخرج القدر اللازم منها بحسب حال الميت من اصل تركة الميت لا من ثلثه قبل الديون والوصايا ولا تجب على المسلمين بل حتى على من يجب نفقة الميت عليه ويستثنى من ذلك أمران:(أحدهما)كفن الزوجة فانه على زوجها دون باقي مؤونة تجهيزها فانها من اصل تركتها(ثانيهما)مؤونة تجهيز المملوك فانها على مالكه هذا كله في القدر اللازم من التجهيز واما اللازم فهو يخرج من ثلثه لو اوصى به أو اوصى ولم يعين صرف ثلثه في شيء وإلا فهو موقوف على إجازة الورثة الكبار في إخراجه من مالهم.ومع فقر الميت وعدم تمكنه تبذل مؤونة التجهيز من بيت مال المسلمين لو أمكن ويجوز مع عدم تمكن ان يعطى الميت لمن يقوم بأمره من الزكاة ما يجهزه به وإذا لم يوجد له ولد ولا من يقوم بأمره جهزه بنفسه صاحب الزكاة من الزكاة.

تغسيل الميت

أما تغسيل الميت فهو واجب كفائي على كل مسلم ومسلمة سواء كان الميت كبيراً أو صغيرا حتى السقط الذي تم له أربعة اشهر فانه يجب تغسيله وتكفينه وكذا تحنيطه على الاحوط ودفنه كل ذلك بالنحو والكيفية التي تصنع للكبير ولا تجب الصلاة عليه.وهكذا يجب تغسيل الميت المخالف التي عندنا ولو قاموا بتغسيله بالكيفية التي عندهم أجزأ ذلك ولا يجب علينا إعادة الغسل.ولا يغسل الشهيد ولا يكفن و إنما يصلى عليه على تفصيل نذكره إن شاء الله تعالى في الجهاد.وهكذا لا يغسل الميت الكافر والناصبي والخارجي ولا يكفنون ولا يصلى عليهم ولا يدفنون.وهكذا لا يغسل من وجب عليه القتل قصاصاً أو رجماً إذا اغتسل فبل قتله على تفصيل نذكره عن شاء الله تعالى في الحدود والقصاص.

كيفية غسل الميت

يغسل الحي الميت المسلم بثلاثة أغسال كل واحد منها يكون بكيفية غسل الجنابة الترتيبي.ويجوز أن يتولى عملية الغسل أكثر من واحد كأن يقوم كل واحد بأحد الاغسال وكان يقوم كل واحد بغسل قسم من الميت.

(الأول)منها غسله بماء وفيه شيء من السدر بحيث يصدق عليه انه ماء فيه سدر فلا يكفي اقل المسمى من السدر بحيث يستهلك عند إلقائه بالماء والاحوط عدم خروج الماء عن اطلاقه ومع عدم السدر يسقط غسله المذكور وان كان الاحوط غسله بالماء القراح بدله.

(الثاني)منها غسله بماء وفيه شيء من الكافور بحيث يصدق عليه انه ماء فيه كافور فلا يكفي اقل المسمى من الكافور بحيث يستهلك بعد إلقائه في الماء والاحوط عدم خروج الماء عن اطلاقه واما مع عدم وجود الكافور فيسقط غسله المذكور وان كان الاحوط غسله بالماء القراح بدله.هذا في غير المحرم واما المحرم فانه لا يجوز للغاسل أن يمسه بالطيب فلا يصح تغسيله بماء فيه كافور ولا شيء من الطيب ولا يحنط بالكافور ونحوه ولا فرق في ذلك بين أن يكون احرامه احرام حج أو عمرة ولا بين الواجب ولا بين المستحب إلا إذا كان الميت قد خرج عن احرامه بالتقصير كما في العمرة أو بعد السعي كما في الحج فانه يغسل بالماء الذي فيه شيء من الكافور ولا يلحق بالمحرم في هذا الحكم المعتكف ولا المعتدة عدة الوفاء.

(الثالث)منها غسله بماء القراح البحت غير المخلوط بالسدر والكافور.

 

عدم التمكن من الاغسال الثلاثة

هذا عند التمكن من الاغسال المذكورة,واما مع فقد الخليطين ووجود الماء فعليه غسل واحد واما مع فقد الماء أو فقد الغاسل أو تعسر استعمال الماء كما لو كان الميت غير قابل للغسل حتى يصب الماء عليه كالمجدور والمحروق ومقطع الأعضاء ونحو ذلك فعليه أن ييمم الميت بتيمم واحد بدل غسله بالاغسال الثلاثة والاحوط أن ييممه بدل كل غسل ثم ييممه بدل الجميع.وتيممه يكون بضرب باطن كفي الميت على الأرض دفعة واحدة ويمسح بباطن كفي الميت الجبهة والجبينيين ثم يمسح ظاهر كفي الميت بباطن الأخرى مقدماً اليمنى على اليسرى كما في تيمم الحي.هذا مع التمكن وإلا كان تيممه بضرب الحي باطن نفس كفيه على الأرض ثم يمسح بهما جبهة الميت ثم يمسح بهما ظاهر كفي الميت مقدما مسح ظاهر الكف اليمنى بباطن كفه اليسرى على مسح ظاهر الكف اليسرى بباطن كفه اليمنى.واما إذا كان عنده من الماء ما يكفي لغسل واحد صرف ذلك الماء في الغسل مع السدر واما إذا كان عنده ما يكفي لغسلين صرف الماء في الغسل مع السدر وفي الغسل مع الكافور ولا تيمم عليه.واما إذا كان عنده من الماء ما يكفي لغسل واحد ولا يوجد عنده الخليطان صرفه في الغسل الثالث.

ما يعتبر في غسل الميت وأحكامه

يعتبر في الاغسال الثلاثة للميت أمور:

(أحدها)نية القربة واستدامتها ولو حكما إلى انتهاء الغسل الثالث وتجب على المغسل سواء كان واحداً أو متعددا ولا تجب على المعين له.

(ثانيها)عدم صحة تقديم هذه الاغسال بعضها على بعض فلو خولف اعيد الغسل على نحو يحصل به الترتيب.فلو غسل بماء الكافور قبل الغسل بماء السدر أعاد الغسل بماء الكافور وهكذا لو قدم الغسل بماء القراح على أحدهما أعاده.

(ثالثها)إزالة النجاسة العارضة على بدن الميت قبل الشروع بغسله بحيث يرد الغسل على البدن الطاهر من النجاسة على الاحوط.

(رابعها)طهارة الماء واطلاقه واباحته.

(خامسها)إباحة السدر والكافور ومكان الغسل وانائه.

(سادسها)ستر عورة الميت فانه يحرم النظر إليها ولكن لو نظر إليها المغسل لا يبطل الغسل.

(سابعها)أن لا يحلق شعره ولا ينتف ولا يقص ولا يمشط ولا تقص اظافره ولا تخلل.

(ثامنها)لو سقط من بدن الميت شيء من جلده أو شعره أو ظفره أو سنه أو نحو ذلك يجعل معه في كفنه ويدفن.

(تاسعها)لا يجوز ختن الميت إذا كان غير مختون.

(عاشرها)أن يكون المغسل مسلماً ومع فقده يغسله من ماثله من الكتابي أو الكتابية بعد أن يغتسل ذلك الكتابي أو الكتابية وأن يكون اثنى عشريا ويجوز أن يكون مخالفاً مع فقده.وأن يكون عاقلاً,والاحوط أن يكون بالغاً.وأن يكون مماثلاً للميت في الذكورية والانثوية.ومع عدم المماثل يلف الميت بثيابه ولا يغسل سواء كان رجلاً أو امرأة ويستثنى من ذلك موارد:

 

(الأول)الطفل والطفلة الذي لا يزيد عمرهما على ثلاث سنين فانه يجوز أن يغسلهما غير المماثل لهما في الذكورية والانوثية وإن وجد المماثل لهما.ولا يلزم أن يكون التغسيل لهما من تحت الثياب بل يجوز مع التجرد عن الثياب.ولو غُسّل من تحت الثياب لا يلزم تطهيرهما منها بعد تمام الغسل.

(الثاني)الزوج والزوجة فيجوز لكل منهما تغسيل الآخر حتى مع وجود المماثل وحتى مع تجرد كل منهما من الثياب وان كان المستحب أن يكون الغسل من وراء الثياب كما انه يجوز النظر من كل منهما لعورة الآخر على كراهة,والأولى أن توضع خرقة أو نحوها على العورة فان إبداءها خلاف الآداب التي يقتضيها الإسلام.ويلحق بالزوجة المطلقة في عدتها ولا يلزم تطهير الميت بعد انتهاء غسله من الثياب الموضوعة عليه أو الخرقة الموضوعة على عورته.

(الثالث)المحارم وهي كل من يحرم نكاحه مؤبداً من جهة النسب كالأم والأخت والبنت ونحوها أو برضاع كالأم والأخت الرضاعيتين ونحوهما أو بالمصاهرة كأم الزوجة وزوجة الأب وبنت الزوجة المدخول بها ونحوها فانه يجوز أن يغسلن الرجل المحرم عليهن وأن يغسلهن.والاحوط أن يكون مع فقد المماثل وفقد الزوج والزوجة وأن يكون من وراء الثياب.

(الرابع)تغسيل المولى أمته إذا لم تكن مزوجة ولا معتدة ولا مبعضة فانه قد حكى نفي الخلاف عن ذلك وتغسيل الأمة مولاها فقد حكي عن الكثير جوازه وليس المهم بيان الصحيح في ذلك إذ ليس محل ابتلائنا في هذا الزمان.

تنجس بدن الميت

لا يجب إعادة الغسل إذا تنجس بدن الميت في أثناء غسله أو بعده سواء كان تنجسه بخروج نجاسة منه حدثية كالبول والمني أو غير حدثية كالدم أو بملاقاة نجاسة خارجية ولكن يجب أن يطهر بدنه بالماء إذا لم يكن فيه تعسر.ولو أصابت النجاسة كفن الميت بقرض الكفن أو يطهر بالماء إذا لم يكن فيهما تعسر وإلا بدل الكفن.

المكان والآلات المباشرة للميت عند تغسيله

ان الموضع الذي يغسل عليه الميت كاللوح والسرير والدكة والثوب الذي يغسل من تحته والخرقة التي يستر بها عورته ويد الغاسل والإناء الذي يغترف منه لغسله لا يجب تطهيرها بعد كل غسلة من الغسلات الثلاثة وإن كان الاحوط تطهيرها.

كفاية غسل الميت عن باقي الاغسال

يجزي غسل الميت عن غسله للجنابة والحيض والنفاس والاستحاضة ومس الميت،فلو كان الميت عليه الاغسال المذكورة سقطت عنه بتغسيله بالاغسال الثلاثة المذكورة.

القطعة المبانة من الميت

ما تقدم إنما كان فيما يصدق عليه الميت بدون إضافة والكلام هنا فيما يصدق عليه الميت بإضافة الجزء أو القطعة كيد الميت ورجله وقلبه وعينه وكقطعة منه وجزء منه,وبهذا ظهر لك ان الميت الذي قطعت أصابعه أو أكل السبع منه وبقي ما يصدق عليه انه الميت يكون حكمه ما تقدم ولا يدخل في محل الكلام.إذا عرفت ذلك فنقول ان القطعة المبانة من الإنسان حياً كان أو ميتاً إذا كانت خالية من العظم لا يجب الغسل بمسها كما تقدم وهكذا لا يجب تحنيطها ولا تكفينها ولا الصلاة عليها.والمشهور هو لفها بالقطنة واتفق الأصحاب على دفنها.

واما إذا كان فيها عظم غير صدر كاليد والرجل فقد تقدم وجوب الغسل على الماس لها والاحوط غسلها كالميت نفسه ولفها في الخرقة ودفنها ولا يجب الصلاة عليها ولا تحنيطها.

واما إذا كانت عظماً أو عظاماً مجردة عن اللحم غير الصدر فكذلك نعم ان كانت العظام عبارة عن الهيكل العظمي سواء كانت متصلة أو منفصلة يمكن جمعها وسواء كانت معها اللحم أو مجردة كاكيل السبع والطير إذا بقيت عظام هيكله العظمي فانه يجب جمعها وتغسيلها وتحنيط ما يوجد معها من محال التحنيط على الاحوط وتكفينها بالقطع الثلاث والصلاة عليها ودفنها .

واما إذا كانت القطعة المبانة مشتملة على القطعة من الصدر التي فيها القلب أو هي القطعة وحدها مجردة أو مع اللحم فالواجب تغسيلها وتحنيط ما يوجد معها من محال التحنيط على الاحوط وتكفينها بالقطع الثلاث والصلاة عليها ودفنها.

نعم ما يوجد في ايدي المسلمين من الهياكل العظمية كما في المدارس الطبية ويشك في كونها من أموات المسلمين لا يجب فيها ذلك,ونظير ذلك ما يشترى من أسواقهم.

 

فيما يستحب في تغسيل الميت

ذكر الفقهاء رضوان الله عليهم اموراً يستحب فعلها في تغسيل الميت.

(منها)وضع الميت عند إرادة تغسيله على مكان عالٍ من دكة أو سرير أو نحو ذلك.

(ومنها)وضعه مستقبل القبلة بأن يوجه إليها كحال احتضاره بأن يكون مستقبلاً بباطن رجليه ووجهه القبلة.

(ومنها)نزع قميصه من طرف الرجل.

(ومنها)أن بحفر حفيرة لغسالته.

(ومنها) أن يكون تغسيله تحت الظلال من سقف  أو خيمة.

(ومنها) تليين أصابعه ومفاصله بالرفق إذا لم يكن في ذلك صعوبة بعد التغسيل.

(ومنها)أن يلف الغاسل على يده اليسرى خرقة يغسل بها فرج الميت بالسدر والاشنان ثلاث مرات قبل تغسيله من غير أن يرى عورته.

(ومنها)مسح بطنه برفق قبل كل غسل من الغسلين الاوليين إن لم يكن حبلى.

(ومنها)أن يبدأ في كل من الاغسال الثلاثة بالشق الأيمن من لحيته ورأسه.

(ومنها)أن يقف الغاسل إلى جانبه الأيمن.

(ومنها)ان يدي الغاسل يغسلهما إلى المرفقين بعد كل من الغسلين الاوليين ثم يدي الغاسل يغسلهما إلى المنكبين ثلاث مرات ويغسل رجليه إلى الركبتين بعد غسله الثالث للميت قبل أن يكفنه.

(ومنها)أن يجعل الغاسل الميت بعد الفراغ من تغسيله في ثوب نظيف لينشفه.

(ومنها)أن يوضيء الميت قبل الغسلة الأولى وضوء الصلاة.

(ومنها)أن لا يظهر الغاسل عيباً رآه في يد الميت،فان ذلك من تأدية الأمانة عنده.

(ومنها)أن يقول الغاسل عند تغسيله يا رب عفوك عفوك ،وإذا قلبه قال اللهم هذا بدن عبدك المؤمن قد أخرجت روحه وفرقت بينهما فعفوك عفوك.

ما يكره في التغسيل

ذكر الفقهاء رضوان الله عليهم أموراً مكروهة في باب تغسيل الميت

(منها)أن يقعد الميت حال الغسل.

(ومنها)جعل الغاسل للميت بين رجليه وقد تقدم انه يستحب أن يجعله على جانبه الأيمن.

(ومنها)تسخين الماء الذي يغسل به الميت إلا للضرورة.

تحنيط الميت

 يتحقق تحنيط الميت شرعاً بمسح مساجده السبعة بالكافور الطاهر المباح ذي رائحة المسحوق ولو بدون قصد القربة.والمراد بالمساجد السبعة هي المواضع التي يسجد بها المصلي من الجبهة واليدين والركبتين وإبهامي الرجلين والمقدار من الكافور الذي يحنط به ما يصدق معه الاسم ويكون التحنيط بعد الغسل أو التيمم بالذي هو بدل الغسل وقبل التكفين والفرد الكامل منه أن يمسح بكافور مقداره ثلاثة عشر درهماً وثلث(أي سبعة مثاقيل صيرفية)المساجد السبعة وطرف الانف ومفاصله كلها ورأسه ولحيته وعنقه وصدره ومنكبيه ومرافقه وظهر كفيه وموضع القلادة وباطن القدمين وموضع الشراك من القدمين وعلى الركبتين وقرجه وآباطه وأصول أفخاذه.ولا فرق في ذلك بين الميت الصغير وبين الكبير وبين الذكر وبين الانثى وبين الحر وبين العبد إلا المحرم فأنه لا يجوز تحنيطه كما تقدم في مبحث غسل الميت بالكافور.ومع عدم التمكن من الكافور تسقط مطلوبية الحنوط.ويكره وضع الحنوط على النعش واتباع النعش بالمجمرة ويستحب خلط الحنوط بتربة الحسين  عليه السلام في غير المواضع المنافية لأحترام التربة وان يبدأ أولا بتحنيط الجبهة.

تكفين الميت

يجب وجوباً كفائياً تكفين الميت المسلم على المكلفين سواء كان الميت رجلاً أو امرأة أو خنثى أو كبيراً أو صغيراً حتى السقط إذا تم له أربعة اشهر والواجب من الكفن ثلاثة أثواب:

أحدها:(المئزر)بكسر الميم ثم سكون الهمزة ويسمى في اللغة بالأزار وفي اللغة المتعارفة فعلا تسميته بالوزرة وبالفارسية(لنك)وهو قطعة من القماش يلف بها وسط الإنسان ويجزي منه ما يستر ما بين السرة والركبة.

 

ثانيها:القميص وهو القطعة من القماش يستر بها الإنسان من اعلي كتفيه إلى عورته.

ثالثها:الإزار وهو القطعة من القماش التي يلف بها جميع بدن الميت طولاً وعرضاً, ويجزى منه ما يمكن أن يوضع أحد جانبيه على الأخرى في العرض ويشد طرفاه في الطول بالخيط.

ما يعتبر في التكفين

يعتبر في التكفين أمور:

(أحدها)نية القربة على ما قيل والحق عدم اعتبارا.

(ثانيها)الستر للبدن به ولو بمجموعه ولو بواسطة طليه بما يصير به ساتراً كالنشاء.

(ثالثها)عدم كون الكفن مغصوباً حتى في صورة إنحصار الكفن به ولا نجساً حتى عند الإنحصار به كجلد الميتة وكالثوب المحاك من شعر الخنزير ولا متنجساً كما لو كان الثوب متنجساً بالدم أو البول سواء كان مما يعفى عن نجاسته في الصلاة أم لا حتى عند الانحصار به.ولا حريراً حتى عند الانحصار به للرجال ولا للنساء إلا إذا كان مخلوطاً باكثر منه مما يصح التكفين به كالقطن ونحوه.ولا من كسوة الكعبة حتى عند الانحصار بها ولا مما لا يجوز الصلاة فيه عند عدم الانحصار به على الاحوط.

التنبيه على أمور

  (أحدها):انه إذا لم يتمكن من الاثواب الثلاثة وتمكن من واحد منها يقدر الازرار ثم القميص ثم المئزر وان لم يتمكن إلا بقدر ما يستر به العورة تعين سترها.

(ثانيها):أن الكفن إذا تنجس ولو بعد الوضع في القبر غسل أو قرض إلا إذا تعذر قرضه كأن صار محل النجاسة واسعاً بحيث لو قرض خرج اسم الكفن عنه وإذا تعذر الغسل والقرض بدل الكفن.

(ثالثها)كفن أقارب الشخص ليس عليه وان كان ممن تجب نفقته عليه بل يخرج من أصل مال الميت وان لم يكن له مال أخذ له الكفن من بيت مال المسلمين إن أمكن وألا يدفن عارياً إلا الزوجة فأن على الزوج كفنها سواء كانت غنية أو فقيرة وسواء كانت كبيرة أو صغيرة مدخولاً بها أو غير مدخول بها منقطعة أو دائمة مطبعة أو ناشزة وهكذا يثبت الكفن على الزوج للزوجة حتى إذا كان صغيراً أو مجنوناً أو محجوراً عليه لسفهه غاية الأمر أن الولي يعطي عنه الكفن لزوجته.

نعم يشترط في وجوبه على الزوج اولاً عدم موتهما معاً وثانياً عدم منع التصرف في ماله بحجر لفلس أو برهن وثالثاً يساره ولو بأرثه من زوجته إلا كان الكفن في تركه الزوجة ورابعاً عدم تعيين الزوجة كفنها بالوصية بل لعل مجرد اسقاطها لهذا الحق عن الزوج هو كاف في عدم وجوبه عليه وخامساً عدم التبرع بالكفن لها من الغير.

(رابعها):كفن المملوك وسائر مؤن تجهيزه على مولاه.

(خامسها):يستحب بذل الكفن للميت المؤمن.

ما يستحب في التكفين والكفن

 (منها)العمامة للرجل ويجعل طرفاها تحت حنكه ويجعل طرفها الأيمن على جانب صدره الايسر وطرفها الايسر على جانب صدره الأيمن.

(ومنها)الخمار للمرأة وقد يسمى بالقناع وبالمقنعة وهو القطعة من القماش التي تغطي به المرأة رأسها وخرقة تشد على ثدييها تضمهما بها إلى صدرها وتشدها على ظهرها.

(ومنها)الخرقة للرجل والمرأة التي تسمى في السنة الفقهاء بالخامسة يشد بها اسفله ويضم فخذيه بها للتحفظ عما يخرج من الميت,وفي بعض الأخبار تحديدها عرضاً بقدر الشبر ونصفه وطولاً بثلاثة اذرع ونصفها.

(ومنها)الحبرة للرجل والمرأة ويستحب أن تكون يمانية.

(ومنها)جعل القطن بين الرجلين لستر العورتين بعد وضع شيء من الحنوط عليه.

(ومنها)وضع القطن في مواضع يخاف خروج شيء منها كالمنخرين والحلق والدبر والفرج والجرح.

(ومنها)أن يكون الكفن من القطن ومن اجود الاكفان وأن يكون ابيضاً الا الحبرة منه فان في بعض الأخبار ان النبي  صلى الله عليه وآله وسلم  كفن في حبرة حمراء وان يبدأ بمد الشق الايسر من الازرار والحبرة على الأيمن ثم يمد الأيمن على الايسر وان يكون من خالص مال الميت وطهوره لا من مشتبهاته قد احرم فيه أو صلى فيه وان يطيب الكفن بشيء من الكافور أو الذريره بعد خلطهما بتربة الحسين  عليه السلام وأن يمسح الكفن بضرائح الأئمة  عليه السلام  بعد تطهيره بماء الفرات أو ماء زمزم وان يخاط الكفن بخيوطه إذا احتاج إلى الخياطة.

 

(ومنها)أن يعد كفنه قبل موته في بيته ويكرر النظر إليه.

(ومنها)جعله حال التكفين مثل حال الصلاة عليه.

(ومنها)ان يكتب على حاشية الكفن اسمه والشهادتين والأقرار بالأئمة الأثنى عشر وبالبعث والثواب والعقاب.

(ومنها) استحباب أن يكتب على الكفن البيتان المعروفان.

(ومنها)ان يكتب عليه ما يرجى به النفع من غير قصد الورود.قال جدي كاشف الغطاء ويستحب أن يكتب بتربة الحسين  عليه السلام إن أمكن وإلا فبغيرها الاشرف فالاشرف.

(ومنها)وضع الجريدتين الخضراوين في كفن الميت سواء كان صغيرا أو كبيراً ذكراً أو انثى محسنا أو مسيئاً وذلك بأن يجعل إحداهما في جانب الميت الأيمن من عند الترقوة ملصقة باجمعها ببدنه والثانية في الجانب الايسر عند الترقوة فوق القميص باجمعها تحت للفافة.والترقوة:هي العظم الذي هو أعلى عظام الصدر الواقع بين الكتف وبين ثغرة النحر,والافضل أن يكونا بقدر عظم ذراع اليد وإذا لم يتيسر جريد النخل جعل مكانهما عود السدر والا فمن عود الخلاف وإلا فمن عود الرمان وإلا فمن عود كل شجر رطب ويجزي وضعهما في القبر مع الميت كما هو ظاهر بعض الأخبار .ولو ترك وضعهما في القبر وضعاً على القبر فانه يخفف بهما العذاب ما دامتا خضراوين.ويستحب أن يكتب عليهما بتربة الحسين  عليه السلام اسم الميت واسم أبيه وانه يشهد أن لا الله إلا الله وان محمداً رسول الله  صلى الله عليه وآله وسلم  وأن الأئمة من بعده أوصياؤه ويذكر اسماءهم واحداً بعد واحد.والمعروف في هذه العصور كتابة ذلك عليهما بالسكين ولا باس به.

المكروهات في الكفن والتكفين  

        (منها)عمل الأكمام والأزرار له إذا كان جديداً وإذا كفن في قميصه الملبوس له قطعت أزراره وأبقيت أكمامه.

(ومنها)ما هو المعروف بين الأصحاب من قطعة بالحديد وبل خيوطه بالريق.

(ومنها)تجمير الأكفان وهو تبخيرها بدخان الأشياء الطيبة.

(ومنها)أن يكون الكفن أسوداً شكلاً أو كتابة.

(ومنها)أن يكون الكفن يصدق عليه اسم الكتان.

(ومنها)المماكسة في شراء الكفن وهي عبارة عن المماطلة في تنقيص ثمنه.

(ومنها)أن الكفن الجديد تكون القطعة منه قطعاً متعددة لا قطعة واحدة.

التشييع

يستحب أعلام الناس بموت الميت ليشهدوا جنازته ويصلوا عليه ويستغفروا له.ويستحب الإسراع إلى ذلك،وقد ورد بأنه بقدر ما يمشي الرجل مع الجنازة يؤجر على ذلك،بل قد روي عن رسول الله  صلى الله عليه وآله وسلم  أن من شيع جنازة فله بكل خطوة حتى يرجع مائة ألف ألف حسنة وتمحى عنه مائة ألف ألف سيئة ويرفع له مائة ألف ألف ملك يستغفرون له حتى يرجع فان شهد دفنها وكل الله به ألف ملك يستغفرون له حتى يبعث من قبره.وللتشيع آداب ومكروهات من أراد الاطلاع عليها فليراجع الكتب المطولة.

الصلاة على الميت

تجب الصلاة كفائياً على الميت من المسلمين حتى الفاسق منهم وحتى القاتل نفسه عمداً والمرجوم وحتى الصبي من أولادهم إذا بلغ ست السنين دون الكافر والمغالي والناصب والخارجي وأولادهم والمصلوب ينتظر إنزاله إلى ثلاثة أيام فأن انزل وجب تجهيزه من غسله وتكفينه والصلاة عليه ودفنه وتستحب الصلاة على المولود الذي لم يبلغ ست السنوات إذا أستهل.

ويلحق بالميت المسلم من وجد ميتاً في دار الإسلام أو كان لقيطاً فيها إلا إذا قطع بعدم إسلامهما.ويأتي بالصلاة على الميت فرادى وجماعة وينوي بها كل واحد منهم الوجوب إذا لم يكن من سبقهم بالإتيان بها قد فرغ منها وإلا فينوي الاستحباب.ويصح نية القربة من الجميع من دون تعيين الوجوب أو الاستحباب وقد تقدم الكلام منافي مبحث غسل الميت في القطعة المبانة من الميت ما ينفعك هنا.

 

الصلاة على أموات متعددين 

الأفضل إذا تعددت الجنائز أن يصلي على كل واحد منها منفرداً ويجوز تشريكهم في صلاة واحدة سواء كانوا متحدين في الصنف كرجلين أو رجالاً أو مختلفين في الصنف كرجل مع امرأة وكبير مع صغير وموافق في المذهب مع مخالف.وكذا لا فرق بين اتحاد الصلاة عليهما في الوجوب والاستحباب أو مع الاختلاف كأن كانت الصلاة على أحدهما مستحبة كالمعادة فانه في جميع ذلك يصح تشريكهم في صلاة واحدة إلا انه بعد التكبير الرابع يأتي بضمير التثنية أن كان الميت اثنين أو كانا مختلفين في الذكورة والأنوثة فيقصد بالضمير المثنى الميتين أو الجنازتين وأما أن كان الميت أكثر من أثنين أتى بضمير الجمع مذكراً قاصداً بذلك الأموات أو مؤلثاً قاصداً بذلك الجنائز كما سيجيء أن شاء الله تعالى في بيان كيفية الصلاة على الأموات عند بيان ما يقال بعد التكبيرة الرابعة.ويجوز أن يخصص كل واحد منهم أو منهما بالدعاء.والوضع للجنائز عند الصلاة عليها بصلاة واحدة يكون بنحوين.

(أحدهما):أن يوضع الجميع امام المصلي جنازة بعد أخرى واحدة بعد واحدة،فتحصل صفوف متعددة بعضها أثر بعض كل صف عبارة عن جنازة واحدة.وإذا أتفق أن كان الأموات رجالاً ونساءً استحب أن توضع النساء مما يلي القبلة وبعدهن الرجال مما يلي المصلي بحيث يكون المصلي يلي الرجال،وإذا كان معهم صبيان استحب جعل الصبيان بعد النساء وبعد الصبيان الرجال والمصلي يلي الرجال.

(ثانيهما)أن يجعل الجميع صفاً واحد بأن يجعل رأس كل جنازة محاذي إلية الجنازة الأخرى حتى يحصل شبه الدرج ويقوم المصلي وسط الصف ولا يضر طول الصف وأن لزم منه تأخر ميمنة الصف خلف المصلي وأن كان الموتى رجالاً ونساءً وأريد جمعهم بهذا النحو الثاني يبدأ بالرجال فيجعل رأس الثاني إلى إلية الأول حتى يفرغ من الرجال كلهم ثم يجعل رأس المرأة إلى إلية الرجل الأخير ثم يجعل رأس المرأة الأخرى إلى إليه الأولى حتى يفرغ منهم كلهم ثم يقوم المصلي في وسط الرجال فيصلي عليهم.

كيفية الصلاة على الميت

ويكفي فيها بعد النية ولو بقصد القربة المطلقة وتعيين الميت ولو يكون هذا الذي أمامه خمس تكبيرات بعد الأولى منها الشهادتان كأن يقول اشهد أن لا إله إلا الله واشهد أن محمداً عبده ورسوله،وبعد الثانية الصلاة على النبي وآله والصلاة على الأنبياء والمرسلين،كأن يقول اللهم صل على محمد وآل محمد وصل على جميع الأنبياء والمرسلين،وبعد الثالثة الدعاء للمؤمنين والمؤمنات كأن يقول اللهم أغفر للمؤمنين والمؤمنات،وبعد الرابعة الدعاء للميت كأن يقول اللهم أغفر لهذا المسجى بين أيدينا وأن كان امرأة(لهذه المسجاة)وأن شك في الرجولية والأنوثية جاز له أن يذكر اسم الإشارة والضمائر قاصداً بذلك الشخص وأن يؤنثها قاصداً يذلك الجثة والجنازة بل حتى مع المعلومية يجوز له ذلك بالقصد المذكور وأن كان الميت اثنين يقول اللهم أغفر لهذين المسجيين أو الميتين أو لهاتين الجنازتين أو الجثتين بين أيدينا وأن كان الميت أكثر يقول اللهم أغفر لهؤلاء الأموات أو الجثث أو الجنائز بين أيدينا وأن كان الميت من المستضعفين أو لا يعرف حاله يقول اللهم أغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم وأن كان الميت طفلاً يقول اللهم أجعله لأبويه ولنا سلفاً وفرطاً وأجراً ثم يكبر الخامسة وينصرف.ولله قول السيد بحر العلوم في درته.

 

شهادتان وصلاة ودعا                 للمؤمنين وله مودعا

وأما الصلاة على الميت العدو لله والنافق والجاحد للحق فهي أربع تكبيرات يدعو بعد الرابعة عليه كأن يقول اللهم انا لا نعلم منه إلا أنه عدو لك ولرسولك اللهم فاحش قبره ناراً واحش جوفه ناراً وعجل به إلى النار،ويجوز في الادعية المذكورة بين التكبيرات أن تكون بعبارات أخرى تؤدي معناها بل يجوز الزيادة عليها بما شاء من الدعاء ويجوز قراءة آيات من القرآن والأدعية في الصلاة على الميت مع المحافظة على صورة الصلاة والاحوط كون الأدعية المذكورة بين التكبيرات باللغة العربية ويجوز له أن يقرأ الأدعية المذكورة بالكتاب وليس في صلاة الميت أذان ولا إقامة ولا قراءة سورة ولا ركوع ولا سجود ولا قنوت ولا التشهد ولا التسليم ولا يعتبر فيها الطهارة من الحدث والخبث فيجوز للجنب والحائض الصلاة على الجنازة.

الصلاة جماعة على الميت

يصح الصلاة على الميت جماعة والاحوط فيها أن يكون الإمام جامعاً لشرائط الإمامة من البلوغ والعقل والأيمان والعدالة وطهارة المولد وأن يكون رجلاً للرجال ويجوز إمامه المرأة بأن تقوم في وسطهن في الصف معهن فتكبر ويكبرن بل الاحوط إجماع شرائط الجماعة من عدم الحائل بين الإمام والمأمومين وعدم علو مكان الإمام وعدم كونه جالساً مع قيام المأمومين وعدم البعد بين المأمومين وبين الإمام أو بعضهم عن بعض ولا يتحمل فيها الإمام عن المأمومين شيئاً من الصلاة فعلى المأمومين القراءة والتكبيرات ويصح قصد كل منهم الوجوب إذا لم يكن قد فرغ من الصلاة على الميت قبلهم وإذا كان المأموم واحداً استحب له أن يقف خلف الإمام لا إلى جانبه ولا أذان فيها ولا أقامة.

شروط الصلاة على الميت

ولابد من مراعاة أمور في الصلاة على الميت ولو على جهة الاحتياط.

(أحدها)أن تكون بعد الغسل والتكفين أو ما يقوم مقامهما قبل الدفن واما بعده فيصح أن يأتي بها بعنوان الدعاء للميت.

(ثانيها)أن يقوم بها المؤمن.

(ثالثها)أن تكون بأذن الولي سواء كان الولي واحداً أو متعدداً امرأة أو رجلاً

(رابعها)وضع الميت مستلقياً لا مكبوباً على وجهه ولا على أحد جانبيه.

(خامسها)أن يكون رأس الميت إلى يمين المصلي ورجلاه إلى يساره إلا المأموم فلا يعتبر فيه ذلك. 

(سادسها)أن تكون الجنازة أمام المصلي والمصلي محاذياً لها بلا تباعد فاحش فلا تصح على الميت الغائب ولا على الميت الذي بينه وبين المصلي حائل.ولا يضر كون الجنازة في تابوت أو نحوه كالثوب والغطاء ولا يضر فصل المأمومين ولا يضر البعد عن المصلي مع تعدد الجنائز والصلاة عليها مرة واحدة.

(سابعها)أن يكون المصلي مستقبلاً للقبلة مع التمكن ومع عدمه يسقط الاستقبال ومع عدم المعرفة للقبلة يصلي إلى أربع جهات.

(ثامنها)أن لا يكون أحدهما أعلا من الأخر كما لو كان الميت في الدار والمصلي أعلا السطح.

(تاسعها)أن يكون المصلي قائماً إذا كان متمكناً من القيام.

(عاشرها)أن يعين الميت الذي يصلي عليه ولو بكونه الحاضر أمامه أو الذي يصلي عليه هذا الإمام.

(الحادي عشر)قصد القربة.

 

(الثاني عشر)إباحة المكان.

(الثالث عشر)انها تفسد بكل ما يخل بصورتها وصدق اسمها كترك الموالاة بين التكبيرات وكفعل اللهو واللعب وكالاضطراب المخل بصدق القيام وكالتكلم الكثير في أثنائها.

(الرابع عشر)أن تكون الصلاة بعد التغسيل والتكفين والحنوط.

(الخامس عشر)أن يكون الميت مستور العورة عند تعذر الكفن ولو بنحو حجر أو لبنة.

(السادس عشر)أن يكون لباس المصلي حلالاً.

مستحبات الصلاة على الميت

تستحب عند الصلاة على الميت أمور:

(منها)الطهارة من الحدث ولو بالتيمم.

(ومنها)أن يقف المصلي عند وسط الميت أن كان رجلاً عند صدره أن كان امرأة إلا أن يكون مؤتماً بغيره.

(ومنها)استحباب نزع النعلين على ما في المحكي عن المدارك من أنه مذهب الأصحاب ولا بأس بلبس الخف.

(ومنها)رفع اليدين عن كل تكبيرة من التكبيرات الخمس.

(ومنها)اختيار المواضع المعتادة للصلاة على ما في الذكرى من إسناده للأصحاب.

(ومنها)إيقاعها جماعة وإذا كان المأموم واحداً استحب له أن يقف خلف الإمام.

(ومنها)كثرة الدعاء فيها للميت وللمؤمنين.

(ومنها)أن يقول قبل الصلاة(الصلاة)ثلاث مرات على ما ذكره بعضهم.

ما يكره في الصلاة على الميت

يكره في الصلاة على الميت إيقاعها في سائر المساجد إلا في مسجد بيت الله الحرام.

الدفن

يجب وجوباً كفائياً دفن موتى المسلمين حتى أطفالهم ويستأذن من وليه في قيام الغير به كما تقدم في مبحث الغسل ولا يعتبر فيه قصد القربة فهو لو صدر من الصبي أجزأ ويكفي في الدفن ستره في الأرض ومواراته فيها بحيث لا تصل إليه السباع ولا تشم رائحته الأحياء ووضع الميت في السرداب وسد بابه بحيث يحفظ فيه من السباع وخروج رائحته يكون من قبيل ستره في الأرض.ونقل الإجماع من غير واحد على كراهية دفنه في الأرض بتابوته وإذا مات في السفينة ولم يقدر على دفنه في الأرض يغسل ويكفن ويحنط ويصلى عليه ويوضع في وعاء ويشد رأس الوعاء ويلقى في الماء ومع تعذر الوعاء والخوف من ظهور الرائحة يغسل ويكفن ويحنط ويصلي عليه وتثقل رجليه ويلقى في الماء في مكان يأمن فيه من أكل الحيوانات له.

ويجب في الدفن وضع الميت على جانبه الأيمن مستقبلاً القبلة بحيث تكون مقاديمه للقبلة كالوجه والصدر والبطن وغيرها من مقاديم البدن حتى أن ولد المسلم لو مات في بطن الكافرة الميتة وجب دفنه مستقبلاً القبلة بوجهه بأن تدفن أمه في مقابر المسلمين مستديرة للقبلة فان الولد إذ ذاك يكون مستقبلا للقبلة لكون وجه الولد في بطن أمه يكون إلى ظهرها.

أحكام الميت إذا لم يبلغ

إذا سقط الولد ميتاً فان كان قد ولجته الروح وجب بمسه الغسل على الماس وإذا لم تلجه فلا،ثم أنه أن كان قد تم له أربعة اشهر وجب تغسيله وتكفينه وتحنيطه على الاحوط ودفنه كل ذلك بالنحو والكيفية التي تصنع للكبار.ولا تجب الصلاة عليه إلا إذا بلغ ست السنين فانه تجب عليه الصلاة وأما إذا لم يتم له أربعة أشهر فلا يغسل ولا يكفن ولا يصلى عليه والاحوط لفه بخرقة ودفنه بدمه.نعم يستحب الصلاة على المولود إذا مات بعد أن أستهل.

 

ينبغي التنبيه على أمور

(أحدها)إن مؤونة الدفن والإلقاء في البحر تخرج من اصل التركة إلا المملوك فان مؤونة تجهيزه على المالك كما تقدم في تجهيز الميت.

(ثانيها)يسقط وجوب استقبال الميت للقبلة إذا لم يتمكن من الدفن للقبلة كما لو وقع في بئر ولم يمكن اخراجه منها فانه يسقط غسله وتكفينه ولكن يصلى عليه ثم يسد ويجعل قبراً له.

(ثالثها)إذا مات ولد الحامل في بطن أمه فان أمكن إخراجه صحيحاً دون الضرر على أمه ولو بالآلة وجب ذلك وإلا فيخرج بالأرفق فالأرفق به وبامه ولو بتقطيعه ولو ماتت الحامل وكان في بطنها ولد حي شق بطنها من الجانب الذي يكون أسلم للولد إخراجه منه بمعرفة أهل الخبرة وبعد إخراج الولد منها تخيط بطنها.

(رابعها)إذا وجد بعض أجزاء الميت بعد دفنه لم ينبش بل تدفن إلى جانبه.

(خامسها)يكره إخفاء موت الإنسان عن أقاربه إلا لمصلحة تقتضي ذلك.

(سادسها)يستحب بذل الأرض لدفن المؤمن والكفن له والمباشرة لحفر قبره وتغسيله.

مستحبات الدفن

 وهي كثيرة:

(منها)أن يكون عمق القبر إلى الترقوة.

(ومنها)أن بجعل للقبر اللحد من طرف القبلة في الأرض الصلبة يوضع فيه الميت.واللحد عبارة عن الحفر في قعر القبر إلى جانبه ويستحب في اللحد أن يكون مما يلي القبلة بمقدار جسد الميت طولاً وعرضاً وبمقدار ما يجلس فيه الميت عمقاً وأن يجعل للقبر الشق في الأرض الرخوة يوضع فيه الميت.والمراد بالشق هو أن يحفر في قعر القبر شبه النهر يوضع فيه الميت ثم يسقف عليه.

(ومنها)أن لا يفاجأ بالميت القبر فان للقبر أهوالاً عظيمة بل توضع الجنازة أسفل من القبر بذراعين أو ثلاثة ويصبر عليها قليلاً ثم تقدم إلى القبر قليلاً ويصبر عليها هنيئة ثم تقدم إلى شفير القبر مكان الرجلين فان باب القبر مما يلي الرجلين ثم يسل الميت للقبر سلاً بأن يدخل الميت القبر وليه أو من شاءه وليه حال كونه طاهراً مكشوف الرأس نازعاً رداءه ونعله وخفه ويكون إدخاله للميت من طرف رأسه طولاً وفي بعض الروايات ما يدل على أن المرأة توضع جنازتها على القبر من طرف اللحد ثم تنزل في القبر عرضاً وعند سل الميت من نعشه إلى قبره يقول السال له بسم الله وبالله وعلى ملة رسول الله اللهم إلى رحمتك لا إلى عذابك ثم بعد وضعه في القبر يقول الواضع له اللهم عبدك وابن عبدك وابن أمتك نزل بك وأنت خير منزول به.وبعد وضعه في لحده يقول بسم الله وفي سبيل الله وعلى ملة رسول الله  صلى الله عليه وآله وسلم  ويتعوذ من الشيطان الرجيم ويقرأ سورة الحمد والمعوذتين وقل هو الله أحد وآية الكرسي.ثم يجعله في لحده ويحل عقدة الكفن من عند رأسه ويكشف عن وجهه ويجعل خده على الأرض ويعمل له وسادة من التراب ويجعل خلف ظهره مدره أي الطين لئلا يستلقي على قفاه ويجعل أمام وجهه تربة الحسين  عليه السلام بمقدار اللينة ثم يسد اللحد باللبن ويحكم بالطين أو نحوه لحفظ الميت من التراب وبذلك ينقطع عن أهله وماله ويبقى له عمله الصالح،نسأله تعالى بجاه من لذنا بجواره أمير المؤمنين  عليه السلام أن يرحمنا برحمته وينزل علينا الطافة.

(ومنها)خروج المباشر للدفن من طرف الرجلين ويقول وهو ينفض يديه من التراب إنا لله وإنا إليه راجعون ثم يحث التراب عليه بكفه ثلاث مرات ويقول اللهم إيمانا بك وتصديقاً بكتابك هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله ويجوز فرش القبر بالساج ونحوه بل دفنه مع التابوت بل فرشه بالقطيفة ونحوها على كراهة في ذلك إلا مع نداوة الأرض فلا كراهة.

(ومنها)تلقينه بالعقائد الحقة كأن تقول يا فلان بن فلان اسمع افهم ثلاث مرات إذا سئلت فقل الله ربي ومحمد نبي والإسلام ديني والقران كتابي وعلي إمامي والحسن إمامي(حتى تذكر الأئمة   عليه السلام  )ثم تعيد القول ثم تقول أفهمت يا فلان ثبتك الله بالقول الثابت وهداك الله إلى صراط مستقيم وعرف بينك وبين أوليائك في مستقر رحمته.

(ومنها)أن يقول أربعون رجلاً من المؤمنين ممن حضر جنازته اللهم انا لا نعلم منه إلا خيراً وانت اعلم به منا،ففي الخبر أنه مما يدل على غفران ذنوبه بذلك.

 

المستحب في القبر

رفع القبر عن الأرض بمقدار أربعة أصابع مفرجات وأن يربع ولا يسنم بأن يجعل ذا زوايا أربعة ويسطح وأن يعلم بان يجعل على القبر علامة يعرف بها أنه قبره كأن يكتب عليها أسمه واسم أبيه وأن يرش عليه الماء بأن تستقبل القبلة وتبدأ من عند الرأس وتدور به على قبره من أربع جوانبه حتى ترجع إلى الرأس من غير أن تقطع الماء فان فضل من الماء شيء فصبه على وسط القبر.ثم بعد الرش يضع المشيع أصابع يده مفرجات على القبر من جهة الرأس مستقبلاً للقبلة ويغمز كفه ويتأكد الوضع المذكور بالنسبة لمن لم يصل على الميت ويقرأ سبع مرات انا أنزلناه في ليلة القدر ويستغفر له ثم يدعو له ولو بأن يقول اللهم جاف الأرض عن جنبيه واصعد اليك روحه ولقه منك رضواناً واسكن قبره من رحمتك ما تغنيه عن رحمة سواك ثم يلقنه الولي أومن يأذن له الولي تلقينا بعد تمام الدفن بعد ذهاب المشيعين بصوت عالٍ بنحو ما تقدم من التلقين فانه على ما روي أنه يوجب عدم سؤال منكر ونكير له فقد روى جابر عن الباقر  عليه السلام على ما هو المحكي عن التهذيب:ما على أحدكم إذا دفن ميته وسوى عليه وانصرف عن قبره أن يتخلف عند قبره.ثم يقول يا فلان بن فلان أنت على العهد الذي عاهدناك به من شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وأن علياً أمير المؤمنين إمامك وفلان وفلان حتى ينتهي إلى أخرهم فأنه إذا فعل ذلك قال أحد الملكين قد كفينا الوصول إليه ومسألتنا إياه فأنه لقن حجته فينصر فان عنده ولا يدخلون إليه.

المكروه في القبر

ذكر العلماء أموراً تكره في القبر:

(منها)دفن أكثر من ميت في قبر واحد.

(ومنها)فرش داخل القبر بالساج أو الحجر أو نحو ذلك بل وبالقطيفة أو بالثوب ونحوها بل دفنه مع التابوت إلا إذا كانت الأرض ندية فلا كراهة.

(ومنها)نزول الرجل في قبر ولده بل نزول كل من يخاف عليه من الجزع.

(ومنها)أن يهيل ذو الرحم على أقاربه التراب.

(ومنها)أن يجعل على القبر من غير ترابه وتطينه من غير طينه وعن بعضهم تقييد الكراهة بوقت الدفن.

(ومنها)تسنيم القبر والاحوط تركه.

(ومنها)الجلوس على القبر والاتكاء عليه.

(ومنها)البول والتغوط على القبر أو بين القبور.

(ومنها)الضحك بين القبور.

نقل الميت لبلد آخر

 يكره نقل الميت لبلد آخر إلا المشاهد المشرقة كالنجف الاشرف وكربلاء وغيرهما من المشاهد المشرقة فانه مستحب إلا إذا استلزم النقل تغير الميت وتفسخه وانتشار رائحته وغير ذلك مما يوجب هتك حرمته.هذا قبل الدفن وأما بعد الدفن فلا يجوز نقله لمكان آخر إلا لمصلحة الميت كالخوف عليه من احتراقه بالنار أو غمر المياه له ويجوز نقله للمشاهد المشرقة بعد دفنه إلا إذا أستلزم نقله لها تفسخه أو انتشار رائحته أو نحو ذلك مما يوجب هتك حرمته أما لو أوصى بالنقل فقبل الدفن لا إشكال فيه إذا لم يوجب محرماً كالهتك ونحوه وأما بعد الدفن فمشكل تنفيذ وصيته.

ما يستحب لزائر القبر

ويستحب زيارة القبور الموتى ففي الخبر زوروا أمواتكم فأنهم يفرحون بزيارتكم وهي تحصل بمجرد الحضور عند القبر ولو لم يذكر شيئاً ويستحب لمن زار قبر أخيه المؤمن أن يجلس عند قبره واضعاً يده على القبر مستقبلاً للقبلة ويقرأ أنا أنزلناه سبع مرات ويطلب المغفرة له ويقول اللهم ارحم غربته وصل وحدته وأسكن إليه من رحمتك ما يستغني بها عن رحمة من سواك والحقه بمن يتولاه وفي العروة أنه يستحب أن يقرأ الحمد والمعوذتين والتوحيد وآية الكرسي كل منها ثلاث مرات إلا أني لم أجد ذلك في الوسائل وإنما الذي وجدته هو قراءة ذلك عند وضعه في لحده ويستحب لمن زار قبور المؤمنين أن يقول السلام عليكم يا أهل الديار ثلاثاً أن يقول السلام على أهل الديار من المؤمنين والمسلمين رحم الله المستقدمين منا والمستأخرين وأنا أن شاء الله بكم لاحقون وأن يقول بسم الله الرحمن الرحيم السلام على أهل لا آله إلا الله من أهل لا آله إلا الله يا أهل لا آله إلا الله كيف وجدتم قول لا آله إلا الله من لا آله إلا الله يا لا آله إلا الله أغفر لمن قال لا آله إلا الله محمد رسول الله علي ولي الله وأن يقرأ من القرآن ولو آية ويهدي ثوابها لهم والدعاء لهم بالرحمة والمغفرة ويستحب زيارتهم في عصر كل خميس وغداة السبت ويوم الاثنين وأن يقرأ لهم سورة يس ويستحب عند زيادة قبر الوالد أو قبر الوالدة الدعاء لهما ويطلب من الله تعالى حاجته وأن يقرأ يس

 

ما يستحب أن يصنعه المصاب ويصنع له

 يستحب لصاحب المصيبة الصبر عليها وأن يسلي نفسه بتذكر موت النبي  صلى الله عليه وآله وسلم  وان يقول إنا لله وإنا إليه راجعون أو يضيف إلى ذلك والحمد لله رب العالمين اللهم أجرني على مصيبتي وأن يتصدق أول ليلة من الدفن ويستحب تعزية المصاب وحمله على التصبر والتسلي عن المصيبة ولو بأن يقول له أحسن الله عزاءك أو عظم الله أجرك بل ولو مجرد رؤية صاحب المصيبة له وإرسال الطعام إلى أهل الميت ثلاثة أيام من موته وفي الكافي عن الباقر  عليه السلام يصنع لأهل الميت مأتم ثلاثة أيام من يوم مات.

صلاة ليلة الدفن أو صلاة الهدية

ولها كيفيات إلا أن المعروف منها إنها ركعتان ينوي أنه يصلي صلاة ليلة دفن فلان قربة إلى الله تعالى ويقرأ في الأولى الحمد وآية الكرسي إلى وهو العلي العظيم وفي الثانية الحمد وسورة القدر عشر مرات وبقول بعد الصلاة اللهم صل على محمد وآل محمد وأبعث ثوابها إلى قبر فلان ووقتها ليلاً بعد الدفن.

إظهار الحزن على الميت بالنوح ونحوه

والكفارة على الشق أو الجز

يجوز إظهار الحزن بالبكاء على الميت وبالنوح عليه بذكر أوصافه نظماً أو نثراً بشرط أن يكون ذلك صدقاً أو بنحو المبالغة ويسمى بالنوح بالحق لا كذباً كأن يوصفه بالكرم وهو بخيل وبالتقوى وهو فاسق ويسمى بالنوح بالباطل ويكره النوح ليلاً.ويجوز أخذ النائحة أو النائح الأجرة على نوحه ويحرم إظهار الحزن على الميت باللطم على الصدور وبضرب الخدود ونتف الشعر وبالويل وهو النداء بالويل كأن يقول واويلاه أو بالتعويل وهو الصوت المرتفع بالبكاء وبشق الجيوب إلا على الأب والأخ والزوج على ما في بعض الأخبار وفي الخبر ما يدل على أن الرجل لو شق ثوبه على زوجته أو ولده فعليه كفارة اليمين من إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة ولو جزت المرأة شعرها في المصيبة فعليها كفارة شهر رمضان من عتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين أو إطعام ستين مسكيناً.

النبش

يحرم نبش قبر المسلم وهو كشف جسده بعدما كان مستوراً بالدفن وعليه فلو وضع في تابوت مسدود من صخر أو نحاس أو خشب في القبر وأهيل عليه التراب فلو أخرج التابوت من تحت التراب ولم يفتح لم يكن ذلك بنبش لأنه لم يظهر جسد الميت وهذه الكيفية أحسن الكيفيات فيما لو أريد توديع الميت ووضعه أمانة في التابوت لنقله للمشاهد المشرقة.

ويستثنى من ذلك أمور:

(أحدها)لو دفن في مكان مغصوب أو كفن بثوب مغصوب عمداً أو جهلاً بالغصب أو نسياناً مع عدم رضا المالك ببقائه فيه أو معه مال الغير مع عدم رضا مالكه بدفنه معه فانه يجوز لمالك المال نبش الميت لأخذ ملكه ومؤونة النبش على الدافن ولكنه إذا دفن في ملكه برضاه لا يجوز له ولا لورثته أن يرجعوا في أذنهم بنبشه وإخراجه.

(الثاني)لو دفن الميت بلا كفن أو كفن بوجه غير صحيح أو دفن بلا غسل أو تبين بطلان غسله أو دفن على غير القبلة فأنه يجوز نبشه للإتيان بذلك على الوجه الصحيح إذا لم يخف على الميت فساده أو تناثر لحمه أو هتك حرمته.

(الثالث)إذا توقف إثبات حق من الحقوق الشرعية على نبشه كقسمة ميراثه أو اعتداد زوجته أو القصاص له.

 

(الرابع)إذا دفن في مقبرة لا تناسبه كما إذا دفن في مزيلة أو بالوعة أو في مقبرة الكفار أو خيف عليه من الاحتراق أو أن تغمره المياه أو يجرفه السيل أو من أكل السبع له أو إخراج العدو له.

(الخامس)إذا أريد نقله للمشاهد المشرقة أو لامر راجح شرعاً ولم يوجب ذلك تفسخ الميت أو انتشار رائحته أو هتك حرمته ولو أوجب ذلك فلا يجوز نقله حتى لو اوصى بذلك.

الاغسال المستحبة

قد عرفت ان الغسل مستحب بنفسه فيصح أن يأتي به قربة إلى الله تعالى ولكنه يتأكد استحبابه في انواع كثيرة انهاها بعضهم إلى ما يقارب المائة.

(منها)غسل الجمعة ووقته من طلوع الفجر الثاني من يوم الجمعة واخر وقته الزوال وبالزوال يخرج وقته فيأتي به قضاء ما بين الزوال إلى الليل فان فاته قضاه يوم السبت ويجوز تعجيل غسل الجمعة باتيانه في يوم الخميس إذا خاف فوته منه يوم الجمعة.

(ومنها)الغسل في شهر رمضان فانه يستحب في اليوم الأول منه وفي ليالي الافراد من شهر رمضان ويتأكد الاستحباب في أول ليلة منه وفي ليلة النصف منه وفي ليلة سبع عشرة وتسع عشرة واحدى وعشرين وثلاث وعشرين وخمس وعشرين وسبع وعشرين وتسع وعشرين منه ويستحب في ليالي الازدواج في العشرة الاخيرة منه ويستحب في ليلة ثلاث وعشرين غسلاً آخر في آخرها.

(ومنها)الغسل في الاعياد كيومي العيدين الاضحى والفطر ووقته من طلوع الفجر الثاني إلى الغروب ويستحب أيضا في ليلتهما وكيوم الغدير وكيوم مولود النبي صلى الله عليه وآله وسلم  ويوم النيروز ويوم المباهلة ويوم تاسع ربيع الأول ويوم دحو الأرض وهو اليوم الخامس والعشرون من ذي القعدة.

(ومنها)غسل يوم التروية.

(ومنها)غسل يوم عرفة.

(ومنها)غسل رجب فانه يستحب الغسل في أول يوم منه وفي وسطه واخره ويوم المبعث وليلته على ما حكى عن مصباح الكفعمي ومصباح الشيخ L .

(ومنها)الغسل يوم النصف من شعبان.

(ومنها)الغسل للدخول لحرم مكة المكرمة أو لنفسها أو لمسجدها أو للكعبة المعظمة.

(ومنها)الغسل لدخول حرم المدينة أو لنفسها أو لمسجدها.

(ومنها)الغسل للاحرام وعند بعضهم للطواف وللوقوف بعرفات وللوقوف بالمشعر وللذبح وللنحر وللحلق.

(ومنها)الغسل عند لقاء كل امام وعن كتاب جدنا كاشف الغطاء استحباب الغسل لزيارة سيدة النساء مولاتنا فاطمة الزهراء سلام الله عليها أو لزيارة أحد لمعصومين من الأنبياء أو اوصيائهم.

(ومنها)الغسل لطلب الحاجة على ما في الفقه الرضوي.

(ومنها)الغسل لصلاة الاستخارة.

(ومنها)الغسل لاخذ تربة الحسين  عليه السلام .

(ومنها)الغسل للسفر لا سيما لزيارة الحسين  عليه السلام .

(ومنها)غسل الاستسقاء.

(ومنها)الغسل للتوبة من الذنب.

(ومنها) الغسل لصلاة الانتصار على الظالم ولصلاة الخوف من الظالم فمن أراد معرفة ذلك فليراجع مكارم الاخلاق.

 

(ومنها) الغسل لقتل الوزغ وفي الحديث عن النبي  صلى الله عليه وآله وسلم  اقتلوه ولو في جوف الكعبة وفي آخر من قتله فكانما قتل الشيطان.

(ومنها)غسل المولود.

(ومنها)الغسل برؤية المصلوب ما دام مصلوبا لا بعد انزاله من الصلب إذا قصد إلى رؤيته فنظر إليه دون ما إذا اتفق رؤيته أو قصد رؤيته لغرض شرعي كاداء شهادة ونحوها هذا إذا كان مصلوبا بظلم فانه يستحب ذلك في أي يوم قصد ذلك فنظر إليه واما إذا كان مصلوبا بحق ان المصلوب بحق يستحب رؤيته إلى مدة ثلاثة أيام لا فيما بعدها.

(ومنها)الغسل على من تعمد ترك صلاة أحد الكسوفين مع احتراق القرص فانه يستحب له الغسل عند قضائها ويحتمل أن يكون  هذا هو غسل التوبة من الذنب المستحب لأنه بتعمد التاخير يكون عاصيا.

(ومنها)الغسل على من مس ميتا مغسلاً.

التيمم

(مسوغاته):

وهي ثمانية:أحدها عدم وجود الماء الكافي لاداء الوظيفة من الغسل أو الوضوء ويجب إحراز فقده بالعلم الوجداني أو الأطمئناني ثم انه قد تقدم انه يجوز للإنسان أن يأتي اهله وان لم يجد الماء وكان الوقت للصلاة قد دخل فيصح منه التيمم ولا كذلك الوضوء فلا يجوز للمكلف أن يبطل وضوءه باختياره إذا كان الوقت قد دخل ولم يجد الماء نعم المسافر مطلقاً إذا كان في الفلاة واحتمل وجود الماء في جوانب مكانه وكانت الأرض فيها إرتفاع وغلظ فيكفي فيها الطلب والفحص عن الماء قدر غلوة سهم أي ابعد حد يصل إليه السهم وإن كانت سهلة فغلوة سهمين وأما إذ علم بعدم وجود الماء أو حصل له الاطمئنان والوثوق فلا يجب عليه الطلب واكثر ما قدر به غلوة السهم(480)ذراعاً بذراع اليد الذي هو عبارة عن المقدار الذي يكون من المرفق إلى طرف الاصابع واقل ما قدر به ثلاثمائة ذراع ويكفيه الأقل من التقديرين كما انه يكفيه بأن يفحص بهذا المقدار في الفلاة التي هو فيها في جهاتها ونواحيها التي يحتمل فيها الماء ويكون مجمع سيره في البحث عن الماء مقدار غلوة أو غلوتين لا انه يجب عليه أن يفحص في كل جهة من الجهات الاربع بمقدار غلوة أو غلوتين وانما الواجب عليه أن يكون مجموع فحصه ومشيه لتحصيل الماء في نواحي مكانه واطرافه المحتمل وجود الماء فيها انه لو جعل خطا مستقيما لكان بمقدار غلوة سهم في الأرض الحزنة وغلوة سهمين في السهلة كما انه يكفيه الفحص لمذكور إذا لم يزل عن مكانه حتى لو صدر منه قبل الوقت وحتى لو انتقض تيممه في الوقت فانه يتيمم ولا يفحص نعم لو زال من مكانه واحتمل وجود الماء وجب عليه الفحص المذكور ثم انه لو ترك الفحص عن الماء مع سعة الوقت وتيمم وصلى صحت صلاته إذا تأتّى منه قصد القربة وتبين عدم وجود الماء.كما انه لو فحص وتيمم وصلى ثم تبين وجود الماء عنده تصح صلاته:كما انه لو خاف ضيق الوقت فترك الفحص وتيمم وصلى ثم تبين له سعة الوقت للفحص صحت صلاته,اما لو ترك الفحص عن الماء باعتقاد انه لا ماء عنده أو نسيانا وصلى ثم تبين له وجود الماء فلا تصح صلاته فيعيدها في الوقت أو خارجه لفقده شرط التيمم.

موارد عدم وجوب الفحص عن الماء

لا يجب الفحص عن الماء في موارد:

(أحدها)عند ضيق الوقت ولو بسوء اختياره بحيث لو اشتغل بالفحص عن الماء لخرج وقت الصلاة فانه عليه التيمم ولا يفحص عن الماء بل خوف ضيق الوقت كاف لصحة صلاته بالتيمم حتى لو تبين بعد صلاته سعة الوقت لفحصه عن الماء.

(ثانيها)إذا خاف على نفسه أو ماله أو عرضه من مرض أو سبع أو لص ونحوها فانه لا يجب عليه الفحص.

(ثالثها)إذا خاف على نفسه التخلف عن القافلة والضلال في الطريق فاته لا يجب عليه الفحص.

(رابعها)إذا كان في الفحص حرج عليه أو ضرر فيه فانه يسقط وجوبه ويصح منه التيمم بدون الفحص.

(الثاني)من مسوغات التيمم عدم التمكن من استعمال الماء الموجود لكونه في بئر ولم يكن عنده ما يستسقى به كالدلو والحبل أو لعجز عن استعمال الماء كالكبر ونحوه ولا يسوغ التيمم إذا كان يتمكن من حصول الماء ولو بالحفر أو بواسطة صرف المال بنحو لا يضر بحاله وشأنه ولا حرج فيه ولا ضرر.

(الثالث)من المسوغات للتيمم الضرر المعتد به عند العقلاء على نفسه أو على عضو من أعضائه باستعمال الماء.

(الرابع)من مسوغات التيمم الخوف من الضرر المعتد به الذي هو عبارة عن الفزع الموجب لتشويش النفس من الضرر المذكور كالخوف من المرض ومن العطش أو من اللص أو السبع أو نحو ذلك على نفسه وذويه والنفوس المحترمة حتى دوابه وهكذا لو خاف على نفسه من البرد الذي لا يحتمل عادة فانه في جميع ذلك يسوغ له التيمم وإذا أقدم على الطهارة المائية غير مبالٍ بذلك فطهارته صحيحة إلا في صورة إلقاء نفسه بالتهلكة باستعماله الماء فان الطهارة المائية غير صحيحة.وإذا أمكن التحرز من الضرر المذكور أو البرد المذكور بتسخين الماء أو بلبس الثياب أو نحو ذلك لم يصح التيمم وإذا خاف الضرر أو البرد المذكورين وتيمم ثم أنكشف له عدمهما فان كان قبل الصلاة تطهر بالطهارة المائية وصلى وأن كان بعد الصلاة صحت صلاته ولكنه يتطهر بالطهارة المائية للصلاة المستقبلة كما أنه إذا لم يخف الضرر ولم يعتقده ولم يظنه وتطهر بالطهارة المائية ثم تبين له وجوده صحت طهارته وصلاته بها.ويجوز لمن يخاف الضرر أو يعتقده بالفعل أن يعتمد الجنابة ويتيمم ولا إعادة عليه وأن استحب ذلك.

(الخامس)من مسوغات التيمم الحرج والمشقة في وجدان الماء أو في استعماله في الطهارة المائية وأن لم يكن ضرر أو خوفه ولو خالف وتطهر بالماء صحت طهارته:

(السادس)من مسوغات التيمم مزاحمة واجب فعلي مع الطهارة بالماء كما لو كان عنده ماء لا يكفي إلا لإزالة النجاسة عن بدنه أو ثوبه المنحصر به أو لتحصيل الطهارة بالغسل به أو الوضوء به فانه يزيل النجاسة بالماء ثم يتيمم ولو خالف وتطهر بالماء بطلت طهارته المائية نعم لو أمكن صرف الماء في الوضوء أو الغسل وجمع الغسالة على نحو تكفي لتطهير الثوب وجب ذلك:

(السابع)من مسوغات التيمم ضيق الوقت عن الطهارة بالماء بمعنى أنه لو تطهر خرج وقت الصلاة بحيث لا يستطيع اتيانها بتمام احزائها الواجبة في الوقت.ولا ينفع وقوع بعض اجزائها الواجبة في الوقت في صحة الطهارة بالماء بل عليه التيمم إذا كان بالطهارة المائية لم يتمكن من اتيان تمام أجزاء الصلاة الواجبة في الوقت.وهكذا إذا ضاق وقت المستحب عن الإتيان به مع الطهارة المائية فانه يصح التيمم منه لفعل ذلك المستحب كما لو ضاق وقت صلاة الليل مع وجود الماء.ولو شك في ضيق الوقت أو علم بالمقدار الباقي من الوقت وشك في كفايته للطهارة المائية مع الصلاة تطهر بالطهارة المائية وصلى بها وإذا علم بضيق الوقت ولكنه خالف وتطهر بالطهارة المائية فان كان لاجل خصوص هذه الصلاة الذي ضاق وقتها فطهارته باطلة واما إذا أتى بالطهارة المائية لغاية أخرى كالكون على الطهارة أو مس كتابة القرآن أو لنحو ذلك وتحقق منه قصد القربة صحت طهارته والصلاة بها وان وقعت الصلاة أو بعضها خارج الوقت وهكذا لو جهل ضيق الوقت وتطهر بالطهارة المائية وصلى بها وانكشف ضيقه صحت طهارته وصلاته واما لو علم بسعة الوقت وتطهر بالماء وانكشف ضيق الوقت فان أتى بالطهارة المائيةلخصوص هذه الصلاة لم تصح منه الطهارة ولا الصلاة واما إذا أتى بالطهارة للكون على الطهارة أو لغاية أخرى من غايات الطهارة أو لسائر غاياتها التي يصح تحققها بها على نحو الأجمال صحة طهارته المائية وصلاته,ثم ان المتيمم من جهة ضيق الوقت كما تصح له الصلاة بهذا التيمم كذلك تصح له به سائر الغايات إلى ان تنتهي صلاته,فيجوز له مس كتابة القرآن في أثناء الصلاة.

(الثامن) من المسوغات عدم إمكان استعمال الماء لمانع شرعي كما لو كان يتضرر بأستعماله أو كان الماء أو آنيته مغصوبة ولم يوجد غيره أو كان في آنية فضة أو ذهب ولم يوجد غيره ولا يتمكن من تفريغه عنهما إلى ظرف آخر لعدم وجوده عنده أو كان استعماله متوقفاً على سلوك طريق محرم فانه عليه التيمم.

 

شرائط ما يصح التيمم به

(الشرط الأول)أن يكون من جنس الأرض مطلقاً سواء كان ترابا ابيضا أو أحمراً أو أصفراً أو رملاً أو حجراً أو مدراً أو غيرها مما يصدق عليه اسم الأرض كالبحصى وحجر الرحى والجص والنورة والطين الأرمني وبالطين المطبوخ كالخزف والآجر واللبن والأرض السبخة إذا لم يعلها الملح والسمنت إذا كان مصنوعا من المذكورات وقد سألنا بعض أهل الخبرة فقال انه مصنوع من الحجر والرمل وعليه فيصح التيمم به وإذا لم يقدر من التيمم على الأرض فليتيمم من شيء مغبر كلبد فرسه وثوبه أو عمامته فان له أن يتيمم من غبارها إذا لم يمكن نفضها وجمع غبارها بحيث يمكن التيمم به وإلا لزم ذلك.والحائط المكون من المذكورات يصح عليه التيمم وهكذا يصح التيمم على الأرض إذا كانت ندية بحيث لم تبلغ حد الطين والوحل ولم تكن مبتلة أي فيها بلت ماء وإذا لم يجد شيئا من ذلك فليتيمم على الطين إذا لم يمكن تجفيفه والا لزم تجفيفه والتيمم عليه ولا يجوز التيمم بالنباتات والأشجار ولا بالمعادن كالملح والذهب والفضة وبالجواهر كالعقيق والياقوت ولا بالرماد واما الثلج فلا يصح التيمم به واذا أمكن الغسل به بحيث يبل به الجسد انتقل حكمه إلى الطهارة المائية وهكذا إذا أمكن اذابته إذا لم يكن بذلك حرج عليه أو ضرر وهكذا لا يجوز التيمم بالارض إذا اختلطت بما لا يجوز التيمم به إلا إذا كان مستهلكاً بها ومع فقد الجميع كان فاقداً للطهورين فلا تجب عليه الصلاة في الوقت ويجب عليه قضاؤها.

(الشرط الثاني)أن يكون ما يتيمم به طاهرا فلا يصح التيمم بالمتنجس سواء علم بنجاسته أم لا وسواء كان الطاهر ممكن الحصول أم لا ولو اشتبه النجس بغيره تيمم بهما إذا كانا جافين ومواضع التيمم جافة.

(الشرط الثالث)إباحة ما يتيمم به والمكان الذي يكون التيمم تصرفا فيه فلا يصح التيمم بالمغصوب ولا بالمكان المغصوب الذي يكون التيمم فيه تصرفاً به نعم يصح ذلك مع الجهل بالغصبية أو مع نسيانها إذا كان الناسي غير الغاصب نفسه ولا يصح من الجاهل بحرمة الغصب أو ببطلان التيمم إذا كان قاصراً لا مقصراً والمحبوس في مكان مغصوب يجوز أن يتيمم فيه ويجوز أن يتيمم به.

ما يستحب في ما يتيمم به

يستحب فيما يتيمم به أمور:

(أحدها)أن يعلق ما يتيمم به باليد.

(ثانيها)أن ينفض اليدين بضرب إحداهما على الأخرى عما يتيمم به بعد ضربهما عليه.

(ثالثها)أن يكون ربى الأرض وعواليها.

ما يكره فيما يتيمم به

أفتى الأصحاب بكراهة التيمم بالارض السبخة وبالرمل وبالمهابط الأرض وبالارض الموطوءة.

ما يعتبر في التيمم

يعتبر في التيمم أمور:

(إحداها النية بأن يأتي به قربة إلى الله تعالى وأن تكون النية عند ضربه للارض بحيث يصدر منه الضرب للارض للتيمم عن نية التقرب لله بالتيمم ويجب استدامتها حتى الفراغ ولو حكماً بمعنى انه لا ينوي نية تنافيها ولا يلزم فيه نية الاستباحة أو الرفع أو نية البدلية عن الوضوء أو الغسل سواء كان التيمم بدل غسل الجنابة أو الحيض أو الاستحاضة أو غيرها.ولا يجب قصد الغاية التي من اجلها شرع في حقه التيمم إذ التيمم مستحب نفسي عند وجود مسوغاته فيصح أن يأتي به عند وجود مسوغاته قربة إلى الله تعالى كالوضوء والغسل غاية الأمر ان الوضوء والغسل مستحبان بذاتهما مطلقاً والتيمم مستحب بذاته عند بدليته عنهما بمعنى عند وجود مسوغاته وقد تقدم في نية الوضوء سابقاً ما ينفعك هنا.

(ثانيها)ضرب الأرض بباطن لكفين معاً دفعة واحدة أي ايقاعهما بباطنهما على ما يتيمم به كذلك ولا تضر نجاسة باطن الكفين الا إذا كانت مسرية لما يتيمم به فانه إذا كانت مسرية ولا يمكن تجفيفها يممه الغير بان يضرب الغير كفيه على الأرض ثم يمسح بهما وجه المتيمم ثم كفيه وهكذا مقطوع الكف أو الكفين من الزند واما لو بقي من الكف أو الكفين شيء تيمم به وقد تقدم أنه يستحب التيمم على ربى الأرض وعواليها وأن يعلق بالكفين ما يتيمم به وأن ينفضهما بعد ضربهما على الأرض بضرب إحداهما الأخرى.

(ثالثها)أن يمسح بباطن كفيه على الوجه أعني الجبهة والجبينين بأن يكون مسحه بهما بحسب الطول من قصاص الشعر إلى طرف الحاجبين الأعلى وطرف الانف الأعلى المقارن للحاجبين أعني طرفه الواقع في أعلى الوجه لا الأعلى بحسب النتوء والارتفاع وبحسب العرض من الطرف الخارج للحاجبين إلى طرفهما الآخر ويعتبر في المسح إمرار الماسح وجره على الممسوح وسكون الممسوح ولا تضر حركة الممسوح الجزئية التي لا تمنع من صدق الممسوح عليه.ولا يلزم في المسح بهما مسح كل جزء منهما بكل جزء من الجبهةوالجبينين بل يكفي أن يصدق عرفاً إنه مسح بمجموعهما مجموع الجبهة والجبينين على سبيل التوزيع نظير مسح الدهن للبدن ونظير ما يقال ركب لقوم دوابهم.ويلزم من باب المقدمة ادخال شيء من الأطراف الأربعة لتحصيل القطع بحصول ما يجب مسحه ولا يلزم التعمق والتدقيق في المسح بل المناط فيه صدق مسح المجموع بالمجموع عرفاً..والزائد في الجبهة أو الجبينين يمسح أيضا.والشعر النابت على الجبهة أو الجبينين لا يجب إزالته وأما المتدلي عليهما من الرأس فيجب رفعه.ولا يعتبر وحدة المسح واتصالها فيجوز رفع يده في أثناء المسح ثم وضعها لاتمام المسح بلا فصل تذهب معه الموالاة.وإذا كان على الماسح أو الممسوح جبيرة أو حائل مسح بهما او عليهما وإذا وجد الجرح وتعسر المسح كان من فاقد الطهورين.

(رابعها)مسح فوق الكف اليمنى بباطن اليسرى من الزند إلى أطراف الأصابع ثم مسح فوق الكف اليسرى بباطن اليمنى أيضاً من الزند إلى أطراف الأصابع ويعتبر في صدق المسح إمرار الماسح وجره على الممسوح وسكون الممسوح ولا تضر حركة الممسوح الجزئية إذا لم تمنع من صدق الممسوح عليه.ويلزم ادخال شيء من أعلى الزند في المسح لتحصيل القطع بحصول ما يجب مسحه ويكفي في المسح الصدق العرفي ولا يلزم المداقة في المسح ولا يلزم مسح باطن الشقوق والفرج الحادثة في ظهر الجلد ولا ما بين الأصابع.ولا يلزم ضرب الأرض مرة ثانية للمسح المذكور اعني مسح الكفين بل تكفي الضربة الأولى التي كانت لمسح الوجه بمعنى أنه تكفي ضربة واحدة لمسح الوجه والكفين سواء كان التيمم بدل الوضوء أو بدل الغسل نعم يصح أن يأتي بضربة ثانية لمسح الكفين بنحو الاحتياط أو بنحو الاستحباب لفتوى بعض علمائنا بأستحبابها ويمسح الزائد في الكف من اصبع أو غيره ولا يمنع الشعر النابت على ظهر الكف من المسح عليه فلا تجب إزالته.ولا يعتبر وحدة المسح واتصاله فيجوز رفع اليد في أثناء المسح ثم وضعها لأتمام المسح بلا فصل تذهب معه الموالاة.وإذا كان على الماسح أو الممسوح جبيرة أو حائل وفي إزالتها حرج مسح بهما أو عليهما وأما إذا وجد جرح في أحدهما بحيث يكون حرجاً المسح به أو عليه فاظاهر انه من فاقد الطهورين.

(سادسها)المباشرة للتيمم بنفسه بأن يتولى تيممه بنفسه بحيث يسند فعل التيمم إليه مستقلاً لا إلىغيره مستقلا ولا إليه والى غيره على سبيل الاشتراك هذا في حال الاختبار وأما في حال الاضطرار والعجز عن المباشرة فالواجب هو أن ييممه الغبر على نحو الاستعانة بذلك الغير كما يستعين بالآلة بأن يضرب الغير كفي المتيمم الأرض ثم يمسح بهما وجه المتيمم ثم يمسح ظهري يديه بالكيفية المتقدمة.وعليه فالذي يتولى النية هو المتيمم لا المستعان به على التيمم.نعم الميت ينوي عنه الغير التيمم بالكيفية المذكورة هذا مع التمكن من ضرب كفيه الأرض بواسطة الغير أما إذا لم يتمكن من ذلك فالمتعين هو ضرب كفي ذلك الغير على الأرض ثم المسح بكفي ذلك الغير وجه المتيمم وظهري كفيه بالكيفية المعتبرة المتقدمة.

(سابعها)الموالاة أعني المتابعة العرفية بين أجزائه من الضرب على الأرض ثم المسح بالكفين على الوجه ثم المسح بكل واحد منهما على ظهر الأخرى بحيث يعد عرفاً أنه متشاغل بالتيمم غير مفرق بين أجزائه.

 

(ثامنها)الترتيب بين أجزائه بتقديم ضرب الكفين ثم مسح الوجه بهما ثم مسح ظهر الكف اليمنى بباطن الكف اليسرى ثم مسح ظهر الكف اليسرى بباطن الكف اليمنى ولو خالف الترتيب عمداً أو سهواً أو نسياناً أو جهلا بطل التيمم.

(تاسعها)الابتداء في مسح كل عضو من أعضاء التيمم وهي الوجه والكفين من الأعلى ثم يتنزل إلى ما يليه حتى ينتهي إلى الأسفل على ما هو المنقول عن المشهور إلا أنه لا دليل عليه نعتمد عليه.

(عاشرها)عدم الحائل بين الماسح والممسوح مع عدم التمكن من رفع الحائل يجب المسح عليه كما في الوضوء والغسل مع الجبيرة فيجب نزع الخاتم وغيره من الحواجب وان لم يتمكن مسح عليه.

أحكام التيمم صحة التيمم في سعة الوقت

(الأول)انه يصح التيمم في سعة الوقت مع وجود المسوغ للتيمم وان ظن ارتفاع المسوغ في آخره نعم يستحب التأخير.

صحة التيمم للكون على الطهارة قبل الوقت أو لغاية من الغايات

(الثاني)يصح التيمم قبل دخول وقت الصلاة عند وجود العذر المسوغ له للكون على الطهارة أو لغاية من الغايات وتصح الصلاة به بعد دخول وقتها نعم حكى الإجماع غير واحد على عدم صحته قبل وقت الصلاة إذا قصد به إتيان نفس الصلاة بعد دخول وقتها والا لو قصد به غير ذلك صح وصحت الصلاة به بعد دخول وقتها.

البدلية العامة للتيمم عن الوضوء والغسل

(الثالث)يستباح بالتيمم جميع الغايات المشروطة بالطهارة المائية فيجب عند وجود المسوغ له لكل ما وجب لأجله أو الوضوء أو الغسل ويستحب لكل ما أستحب أحدهما لأجله فيصح التيمم عند وجود المسوغ له بدلا عن الغسل الواجب لللبث في المساجد ودخول المسجدين ومس كتابة القرآن وقراءة العزائم والصوم للجنب والحائض والنفساء والمستحاضة ويصح التيمم عند وجود المسوغ له بدلا عن الوضوء الواجب للصلاة ونحوها مما يشترط فيه الطهارة عن الحدث الأصغر ويصح التيمم عند وجود المسوغ له بدلا عن الوضوء المستحب كالوضوء لقراءة القرآن وكوضوء الجنب للاكل والنوم ووضوء الحائض للذكر في أوقات صلاتها وهكذا يصح عند وجود المسوغ له بدلا عن الأغسال المستحبة كما قد عرفت انه يصح للكون على الطهارة.

إذا قصد بالتيمم غاية واحدة صح له

الإتيان بسائر الغايات

(الرابع)واو أتى بالتيمم لغاية كان بحكم الطاهر وجاز له أن يأتي بجميع الغايات المشروطة صحتها أو جوازها أو كمالها به فلو أتى بالتيمم عند مشروعيته لمس كتابة القرآن استباح به جميع الأفعال التي تكون الطهارة شرطاً لصحتها كالصلاة المستحبة أو كما لها به كقراءة القرآن أو بجوازها كاللبث في المساجد.ولو ساغ له التيمم وتيمم لصلاة الظهر يجوز له أن يصلي العصر والمغرب وغيرها بذلك التيمم ما لم ينتقض التيمم بأحد نواقض الطهارة المائية أو بزوال المسوغ له وبهذه ظهر لك أن التيمم لأجل ضيق الوقت لا يبيح إلا الصلاة التي ضاق وقتها فقط دون غيرها من الغايات بعد تمام تلك الصلاة وأما في أثناء الصلاة فيجوز له ارتكاب ما يتوقف على الطهارة من مس كتابة القرآن وقراءة العزائم ونحو ذلك.

صحة التيمم لصلاة القضاء والنوافل

(الخامس)يجوز التيمم عند وجود المسوغ له للنوافل ولصلاة القضاء وان فاتته بالطهارة المائية ولا يلزم عليه تأخيرها إلى زوال العذر.نعم في الصلاة الاستيجارية لا يجوز ذلك.

لا يجب إعادة الصلاة عند زوال

المسوغ للتيمم

(السادس)لا يجب إعادة الصلاة الواجبة الحاضرة الفائتة أو المنذورة الموقتة أو غير الموقتة أو الآيات أو النوافل المرتبة أو غيرها التي صلاها بالتيمم الصحيح بعد زوال العذر لا في الوقت ولا في خارجه مطلقاً نعم يستحب له ذلك ويتأكد الاستحباب في موارد احتياطاً.

(أحدها)فيمن تعمد الجنابة مع الخوف من استعمال الماء لمرض فانه يستحب له احتياطاً أن يعيد صلاته.

 

(ثانيها)من تيمم لصلاة الجمعة أو لصلاة العيد لمنع كثرة الزحام من الوضوء لهما فانه يستحب له الإعادة.

(ثالثها)من فوت عليه الطهارة المائية عمداً حتى ضاق الوقت وصلى وتيمم فانه يستحب له إعادة الصلاة احتياطاً سواء كان تفويته للطهارة من جهة انه أخر الصلاة معتمداً إلى أن ضاق وقته عن الطهارة المائية أو من جهة انه ترك الفحص عن الماء عمداً إلى أن ضاق وقته ثم تبين له وجود الماء في محل الطلب أو من جهة انه اراق الماء الموجود عنده مع العلم بعدم وجوده بعد ذلك أو كان على طهارة وأحدث بالحدث الأصغر أو الأكبر مختاراً مع العلم بعدم وجود الماء عنده أو حدث العذر له عن الطهارة المائية فانه في هذه الصور يجب عليه التيمم وصلاته صحيحة به ولكنه يستحب له الإعادة احتياطاً وان حرم عليه ما صنعه في بعضها من التفويت والتعجيز لنفسه عن إتيان الطهارة المائية.

صحة الصلاة المتعددة بتيمم واحد

(السابع)يصح أن يأتي بعدة صلوات بأوقاتها المختلفة وجميع ما يتوقف على الطهارة بتيمم واحد إذا لم ينتقض تيممه بزوال العذر أو بأحد نواقض الطهارة المائية من بول أو جنابة أو ريح أو نحوها نعم إذا تيمم وزال عذره كأن وجد الماء أو ارتفع الحرج أو نحو ذلك قبل أن يصلي فانه ينتقض تيممه فلا تصح منه الصلاة بتيممه المذكور.

التيمم بدل الغسل لا يحتاج إلى الوضوء

(الثامن)إذا تيمم بدلاً عن الغسل فلا يحتاج إلى الوضوء حتى لو تمكن منه ولا إلى تيمم آخر بدلاً عنه سواء كان التيمم بدلا عن غسل الجنابة أو غيره من الاغسال الواجبة أو المستحبة فان عليه في الجميع تيمماً واحد بدلاً عن الغسل وسيجيء أن شاء الله في نواقض التيمم ان المتيمم بدل الغسل لو أحدث بالحدث الأصغر كأن بال،فعليه الوضوء فقط ولا حاجة لان يعيد تيممه بدل الغسل.

إذا اجتمعت أسباب متعددة للطهارة كفى تيمم واحد

(التاسع)إذا اجتمعت أسباب متعددة للوضوء كخروج الريح والبول والغائط فيكفي تيمم واحد بدلاً عن الوضوء كما في الوضوء نفسه وهكذا إذا اجتمعت أسباب متعددة للغسل كالجنابة والحيض ومس الميت يكفي تيمم واحد بدل الغسل كما في الغسل نفسه ولا حاجة للوضوء ولا للتيمم مرة أخرى.

إذا نذر النافلة ولم يتمكن من الطهارة المائية

(العاشر)إذا نذر نافلة موقتة أو مطلقة فمع وجود المسوغ للتيمم يأتي بها بالتيمم سواء كان يرجو زوال العذر أم لا.

عدم جواز استيجار من وظيفته التيمم

(الحادي عشر)لا يجوز استيجار من وظيفته التيمم للصلاة عن الميت مع وجود من يقدر على الطهارة المائية.

صرف الماء في الطهارة عن الخبث

(الثاني عشر)انه مع دوران الأمر في صرف الماء في الطهارة أو في رفع الخبث عن البدن أو الثوب المنحصر به الصلاة يقدم رفع الخبث إلا إذا أمكن الجمع بأن يتطهر بالماء ويجمع الغسالة ويطهر بها الثوب.

 

نواقض التيمم

ينتقض التيمم الذي هو بدل الغسل بالحدث الموجب للغسل.وهكذا ينتقض التيمم الذي هو بدل الوضوء بالحدث الذي ينتقض به الوضوء وهكذا ينتقض التيمم بزوال المسوغ له كزوال فقدان الماء وكزوال المرض أو الحرج ونحو ذلك واما التيمم الذي هو بدل الحدث الأكبر فلا ينقضه الحدث الأصغر ما دام عذره عن الغسل باقياً فالمتيمم بدلاً عن غسل الجنابة إذا خرج منه الريح أو البول نحو ذلك من الاحداث الموجبة للوضوء فقط فالواجب عليه ما دام العذر عن غسله موجوداً هو الوضوء لو كان متمكناً منه وإلا تيمم بدلاً عن نفس الوضوء واما إذا زال عذره عن الغسل أغتسل بلا حاجة للوضوء من دون فرق في جميع ما ذكرناه بين وقوع الانتفاض قبل وقت العبادة أو بعد دخول وقتها غاية الأمر أن الأعمال المتوقفة على الطهارة الصادرة منه بذلك التيمم قبل الانتفاض تكون صحيحة لا إعادة لها وانما لا يصح أن يأتي بالاعمال المتوقفة على الطهارة بذلك التيمم بعد الانتفاض.وأما لو تحقق الانتفاض بعد الدخول في العمل المتوقف على الطهارة وقبل تمامه كالطواف ونحوه فالظاهر هو بطلان العمل ووجوب إعادته إلا الصلاة فانه لو تيمم لفقدان الماء ثم أصاب الماء بعد أن يركع للركعة الأولى أو كان الوقت ضيقاً يمضي في صلاته وقد صحت وليس عليه الأعادة وان أصاب الماء قبل ذلك الوقت واسعاً قطعها وتطهر بالماء لصلاته.ثم انه لو وجد من تيمم بدل الغسل الماء بقدر الوضوء لا ينتفض غسله وليس عليه الوضوء إلا إذا أحدث بالحدث الأصغر بعد التيمم المذكور فان عليه الوضوء دون التيمم بدل الغسل ما دام العذر عن الغسل موجوداً.

الشكوك في التيمم

لا ريب انه إذا علم بعد الفراغ من الصلاة بأنه ترك جزءاً من التيمم وجب عليه إعادة التيمم والصلاة واما لو علم ذلك بعد الفراغ من التيمم وجب عليه الإتيان بذلك الجزء وبما بعده فيما إذا لم نفت الموالاة ومع فوتها يجب إعادة التيمم من الأول.وأما إذا شك بعد الفراغ من التيمم أو من الصلاة في اتيان جزء أو شرط لم يعتن بشكه وبنى على صحة تيممه وإذا شك في أثناء التيمم قبل الفراغ منه في جزء أو شرط فان كان بعد تجاوز محله بنى على أتيانه وأتى بالباقي من تيممه وان كان قبل تجاوز محله أتى به وبالباقي من تيممه من غير فرق في ذلك بين التيمم الذي هو بدل الغسل أو بدل الوضوء وإذا شك في حاجبيه الموجود في بعض مواضع التيمم قبل الشروع فيه فحاله حال الوضوء والغسل في وجوب الفحص حتى يحصل اليقين بعدمه واما إذا شك بعد الفراغ في حاجبيه الموجود صحة تيممه وإذا شك في وجود الحاجب فلا يجب عليه الفحص ولو شك بعد الفراغ فتيممه صحيح.

دائم الحدث لمرض أو المسلوس والمبطون ونحوهما

من لا يقدر لمرض على حبس بوله أو غائطه أو ريحه أو نومه في طهارته وصلاته كالذي به السلس والبطن تطهر لكل صلاة بالطهارة المطلوبة منه كالوضوء والغسل والتيمم وأتى بالصلاة بعد الطهارة بلا تراخٍ ويجوز له أن يأتي بالأذان والاقامة للصلاة.ولا تنقض طهارته ولا صلاته بالحدث المذكور حتى لو وقع في أثنائهما.ويجوز له المبادرة للصلاة وأن أحتمل أن مرضه المذكور يزول في أخر الوقت أو وسطه ولا يجب عليه الإعادة ولا القضاء للصلاة بعد برئه من مرضه.وهكذا يتطهر لطوافه ولمس كتابه القرآن ولصلاة الزيارة أو غير ذلك مما يتوقف على الطهارة.ويجوز لصاحب المرض المذكور أن يجمع بين الصلاتين بطهارة واحدة كأن يجمع بين الظهر والعصر بوضوء واحد قبل الظهر وهكذا يجوز له أن يجمع كذلك بين المغرب والعشاء.وعلى صاحب المرض المذكور عند اتيانه بالطهارة والصلاة أو غير ذلك مما يتوقف على الطهارة أن يتحفظ من تعدي بوله وغائطه بقدر الامكان ولو كلفه بذل المال ما لم يبلغ حد الحرج فعلى صاحب السلس أن يجعل كيساً لذكره يمنع من تعدي البول كأن يكون الكيس من مادة النايلون أو المطاط أو يجعل فيه القطن أو غير ذلك من الحفائظ وعلى صاحب الغائط ان يشد خرقة أو نحوها على دبره تمنع من تعدي الغائط مهما أمكن ما لم يبلغ حد الحرج كأن يجعل فيها القطن أو نحوه أو تكون الخرقة من مادة غير ناقلة كالنايلون والمطاط.ولا يجب على المسلوس والمبطون تطهير الحشفة ولا الدبر ولا تبديل الحفيظة لكل صلاة وانما عليه ذلك قبل جعله للحفيظة أن يطهر بدنه حتى الحشفة والدبر إذا لم يكن فيه عليه حرج فإذا جعل الحفيظة لم يجب بعد ذلك تطهير الحشفة ولا الدبر ولا تبديل الحفيظة ولا غسلها إلا إذا اصبحت غير حافظة.

 

المقصد الثاني

كتاب الزكاة

وله الحمد والمنة

قال الله تبارك وتعالى :" إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ"  صدق الله العلي العظيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف المخلوقين محمد خاتم النبين وعلى آله وصحبه الغر الميامين.

وجوب الزكاة

وبعد فلا ريب في وجوب الزكاة شرعاً فانها من ضروريات الشريعة المحمدية وأحدى الدعائم الخمس للديانة الإسلامية وقد قرنها الله تعالى بالصلاة في كتابه العزيز بما يبلغ اثنين وثلاثين آية على ما قيل وهذا ما يدل على شدة طلبها وتأكد وجوبها.

فوائد وجوبها

ولو عملت بها الحكومات ونفذتها السلطات لسدت بها حاجات الفقراء والمساكين وخفت حينذاك وطئت السجون وقلت الشرور وتقلصت دعاية المذاهب المتطرفة.فان الفقر على ما ذكره علماء الاجتماع يدفع أصحابه نحو صنوف الجرائم وتروج في آفاقه متطرفات المذاهب.وفي الأثر كاد الفقر يكون كفراً ولا زال يشن حرباً شعواء على الغنى والثراء ويحدث صراعاً بين الفقراء والاغنياء اعقب نتائج وخيمة وآثاراً وبيلة كان مئالها فناء النفوس واراقة الدماء والفتن الصماء والملمات الخرساء وفي عقيدتي أن الزكاة أحسن حل لهذه المعركة الدائرة بين الفقر والغنى والجدة والعرى التي طالما تجاوز فيها أحد الفريقين حدوده الادبية والطرف الآخر حدوده الانسانية.وكيف لا يخمد تشريع الزكاة لهب هذه الحرب الضروس وبها تجعل للغني على الفقير يد الطول والاحسان وتخلق في الفقير نحو الغني نفسية الشكر والامتنان وعند ذا تتبادل بينهما لطائف العطف وروائع الحنان ويصبحان في جو مشبع بروح التعاون والاخوة هذا يرعى ذاك بفضل بره وذاك يرعى هذا بجميل صنعه وطيب معروفه فيتبدل الموقف إلى أحسنه واطيبه.فبينما الفقير يتلمظ للوثبة على الغني وإذا به يرجو الخير له والتوسعة عليه.

وقت تشريع الزكاة

وقد شرع الله تعالى هذا الحل العادل لتلك الخصومة في شهر رمضان وقد قيل انه في السنة الثانية من الهجرة وفي الخبر الصحيح عن أبي عبد الله انه لما نزلت آية الزكاة: " خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ" في شهر رمضان أمر مناديه فنادى في الناس ان الله تبارك وتعالى قد فرض عليكم الزكاة كما فرض عليكم الصلاة.ثم لم يتعرض لشيء من أموالهم حتى حال عليه الحول من قابل فصاموا وافطروا فامر مناديه فنادى في المسلمين ايها المسلمون زكوا اموالكم تقبل صلاتكم.

فضل الزكاة وثوابها

ويكفي في ما حكي عن وصية أمير المؤمنين  عليه السلام انه قال الله الله في الزكاة فانها تطفىء غضب الرب وعن أبي عبد الله  عليه السلام حصنوا اموالكم بالزكاة وداووا مرضاكم بالصدقة وما تلف مال في بر أو بحر الا بمنع الزكاة وفي حديث عن رسول الله  صلى الله عليه وآله وسلم  لا تزال أمتي بخير ما لم يتخاونوا وادوا الامانة وأتوا الزكاة وإذا لم يفعلوا ذلك ابتلوا بالقحط والسنين.وعن أبي الحسن الرضا  عليه السلام ان الله أمر بثلاثة مامورة بها ثلاثة أخرى أمر بالصلاة والزكاة فمن صلى ولم يزك لم تقبل منه صلاته وامر بالشكر له وللوالدين فمن لم يشكر والديه لم يشكر الله تعالى وامر باتقاء الله وصلة الرحم فمن لم يصل رحمه لم يتق الله تعالى.ويدل على فضلها مضافا إلى ذلك ما ورد في فضل الصدقة فان الزكاة من أجلى افرادها وقد ورد ان الصدقة باليد تنفي ميتة السوء وتدفع سبعين نوعاٍ من البلاء وفي الخبر ان صدقة الليل تطفي غضب الرب وتمحو الذنب العظيم وتهون الحساب وصدقة النهار تنمي المال وتزيد في العمر وان الصدقة إذا بكر(1) بها وقت شر ما ينزل من السماء في ذلك اليوم وان الصدقة تزيد في المال وانها تقضي الدين وتخلق البركة,وقد عللت ذلك في مجلس الدرس بأنها من جهة دفعها البلاء والامراض التي تحرق المال كما تحرق النار الخشب اليابس لذا كان عطاؤها يولد البركة في المال.

 

عقاب تارك الزكاة

واما العقاب على تركها فيكفي دليلا عليه قوله تعالى :" وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ" وقوله تعالى : " مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ" وقوله تعالى : " أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ" وقوله تعالى : " وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَالَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِي وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِي يَالَيْتَهَا كَانَتْ الْقَاضِيَةَ مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِي هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِي خُذُوهُ فَغُلُّوهُ ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ إِنَّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ" وقوله تعالى: " وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ" وفي المحكي عن الكافي في الصحيح عن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله انه قال ما من أحد يمنع من زكاة ماله شيئا الا جعل الله ذلك يوم القيامة ثعبانا من نار مطوقا في عنقه ينهش من لحمه حتى يفرغ من الحساب ثم قال  عليه السلام هو قول الله تعالى سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة بمعنى ما بخلوا به من الزكاة وفي مضمون هذا الخبر أخبار كثيرة من طرق الخاصة والعامة وفي بعضها يطوق بحية قرعاء تأكل من دماغه كما في كتابي الكافي والفقيه عن ايوب بن راشد قال سمعت ابا عبد الله يقول مانع الزكاة يطوق بحية قرعاء تاكل من دماغه وفي الخبر عن رفاعة انه سمع ابا عبد الله يقول ما فرض الله على هذه الأمة شيئا اشد عليهم من الزكاة وفيها تهلك عامتهم.

استحباب الزكاة على الرحم

في الخبر أي الصدقة افضل قال  عليه السلام على ذي الرحم الكاشح أي العدو وفي خبر آخر لا صدقة وذو رحم محتاج.والفرق بين الصدقة والهدية ان الصدقة روعي في آخذها الحاجة والهدية روعي فيها الاكرام وروي عنهم   عليه السلام  ان بالهدايا تطيب القلوب.

الضغث

وكما تجب الزكاة في المال كذلك يجب الضغث بعد الضغث في يوم حصاد الزرع والضغث هم القبضة من المال فيعطي المسكين القبضة من السنبل ثم المسكين حتى يفرغ من الحصاد.وهكذا تجب الحفنة بعد الحفنة من التمر يوم الجذاذ أي يوم قطفه وقطعه إذا حضر المسكين اما إذا لم يحضره المسكين أو ادخله إلى بيته فلا يجب عليه ذلك وهو المراد من قوله تعالى : " وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ".

الحق المعلوم

وكما تجب الزكاة في المال يستحب استحباباً مؤكداً ان يقدر الإنسان في ماله مقداراً خاصاً على قدر طاقته وسعة ماله يعطيه مرتبا ان شاء في كل يوم وان شاء في كل جمعة وان شاء في كل شهر يداوم عليه فيصل به رحماً ويقوي به ضعيفاً وهو الحق المعلوم المذكور في الكتاب الشريف بقوله عز من قائل : " وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ " أي المتعفف عن السؤال.

الباب الأول

في زكاة الأموال

ثم الكلام في الزكاة يقع في بابين لان الزكاة اما ان تتعلق بالمال وتسمى زكاة المال أو تتعلق بالابدان وتسمى بزكاة الفطرة وزكاة الخلقة والكلام هنا في زكاة المال وفيه فصول.

 

الفصل الأول

فيما تجب فيه زكاة المال

وتجب في تسعة أشياء الغلات الأربعة الحنطة والشعير والتمر والزبيب بانواعها.والانعام الثلاثة الابل بانواعها من العراب والبخاتي والبقر بانواعه حتى الجاموس ما عدا الوحشي منها والغنم بانواعه من الضأن والمعز ولا فرق في الجميع بين الذكر والانثى.والنقدين الذهب والفضة بانواعهما وما شك في كونه منها كالعلس حيث يشك في انه من الحنطة.والسلت الذي يشك انه من الشعير فلا تجب فيه الزكاة وهكذا لا تجب في الحيوان المتولد من حيوانين زكويين إذا لم يطلق عليه اسم حيوان زكوي.وتجب الزكاة في الحيوان إذا اطلق عليه اسم حيوان زكوي ولو تولد من حيوانين غير زكويين محرمين لان الأحكام تدور مدار الاسماء التي اخذت في موضوعاتها ولا تجب الزكاة في غير ما ذكرنا من التسعة كالذرة والارز المسمى بالتمن والحمص إلى الآخر في النصاب فإذا وجد عنده الجاموس ضم إلى البقر في النصاب نعم النوع لا يضم إلى الآخر في النصاب فالبقر لا يضم  الابل والشعير لا يضم إلى  الحنطة في النصاب.

الفصل الثاني

في الشروط العامة لوجوب الزكاة في المال

(أحدها)البلوغ فان البلوغ الذي ذكرناه في صدر الرسالة شرط لوجوبها كسائر التكاليف الشرعية فلا تجب الزكاة في اموال الجنين ولا الصبي حتى لو اتجر بها ولا فرق في ذلك بين النقدين والغلات وغيرهما من الأموال الزكويه.ولا يجب على الولي اخراج الزكاة منها ويعتبر البلوغ في تمام الحلول بالنسبة للاموال التي يعتبر في زكاتها مرور الحول عليها فلو بلغ في أثناء الحول لم تجب عليه الزكاة فيها وانما يستأنف الحول من حين البلوغ.واما الأموال التي لا يعتبر فيها الحول كالحنطة والشعير فيعتبر البلوغ زمان تعلق الزكاة بها فلو بلغ بعد زمان التعلق لا تجب عليه الزكاة فيها.والحمل إذا سقط ميتا يستأنف الحول من رجع له المال من حين رجوعه في الأموال التي يعتبر فيها الحول واما التي لا يعتبر فيها الحول فيجب عليه زكاتها لو تعلقت بها الزكاة بعد رجوعها إليه لانه قبل ذلك ممنوع من التصرف فيها.

الشرط الثاني العقل

(ثانيها)العقل فلا زكاة على اموال المجنون مطلقا ولا يجب على وليه اخراج الزكاة منها الا إذ جن بعد تعلق الزكاة فانه على الولي ان يخرجها ويعتبر كمال العقل في تمام الحول فيما يعتبر فيه الحول فلو عرض عليه الجنون في أثناء الحول لم تجب الزكاة ووجب استئناف الحول من حين عود العقل إليه.وذلك لوضوح ان الأدلة الدالة على اعتبار الحول إنما تدل على اعتباره في ما كان مستجمعا لبقية الشرائط واما فيما لا يشترط في الحول فيعتبر كمال العقل حال التعلق.والنائم والساهي والسكران والمغفل والمغمى عليه تجب عليهم الزكاة مع اجتماع شرائط وجوبها فلو عرضت هذه الأمور على شخص في أثناء الحول أو حين التعلق لم تمنع من وجوب الزكاة في امواله.نعم لو كان عروضها موجبا لفقد شرط من شرائط الزكاة أو عرضت عليه قبل تعلق الزكاة ثم استمرت ولم تزل حتى مات لم يجب اخراجها.فلو فرض ان شخصا قبل انتهاء الحول بساعة مثلا اغمي عليه أو كان نائما ثم انتهى الحول وهو كذلك حتى مات لم يجب في ماله الزكاة.لان التحقيق عندنا ان الزكاة حكم تكليفي انتزع منه الحكم الوضعي لا إنه حكم وضعي انتزع منه الحكم التكليفي والإجماع المدعى دليل لبي لم يعلم شموله لهذا الفرد.

الشرط الثالث القدرة

(ثالثها)القدرة على الامتثال وهي شرط عقلي لصحة التكليف بالزكاة كما هو الحال في سائر التكاليف والمقدار المعتبر منها هنا كون المكلف ممن يقدر على ان يصرف الزكاة في مواردها فيما يستقبل من الأزمنة ولو بعد سنين وهذا الشرط غير اشتراط التمكن من التصرف الذي سيجيء إن شاء الله الكلام فيه.

 

الشرط الرابع الحرية

(رابعها)الحرية فلا تجب الزكاة على اموال المملوك سواء قلنا انه يملك المال أو قلنا باباحة التصرف له.وهكذا لا يجب على السيد ان يزكي اموال مملوكه.نعم اموال السيد إذا كانت تحت حراسة المملوك وحفظه وجب على السيد اخراج زكاتها.وكذا لا تجب الزكاة على المكاتب المشروط والمطلق الذي لم يؤدِ شيئا.ولو تحرر من المكاتب شيء ولو جزء يسير وجبت الزكاة في نصيبه إذا كان نصيبه جامعا لباقي شرائط الوجوب.ويعتبر في الحرية استمرارها من مبدأ الحول إلى حين تعلق الزكاة فيما يعتبر فيه الحول وحصولها حين التعلق فيما لا يعتبر فيه الحول.وذلك لان الأدلة الدالة على اعتبار الحول المنساق منها اعتباره فيما كان مستجمعا لبقية الشرائط كما هو الحال في سائر أدلة الشرائط.

الشرط الخامس

التمكن من التصرف مع الملكية  للعين

 (خامسها)التمكن من التصرف حال ملكيته للمال بمعنى أن يكون المال الذي يملكه تحت يده عرفا غير محجوب عنه ولا ممنوع من الانتفاع به لا عقلا ولا شرعا سواء كان مجتمعا أو متفرقا متباعدا أو متقاربا فانه يلاحظ المجموع فإذا كان بالغا للنصاب وجبت الزكاة ولا يلاحظ كل على حده فإذا فرض ان الزرع حال انعقاد حبه وتسميته حنطة أو شعيرا كان مغصوبا من المكلف فلا تجب فيه الزكاة لا على الغاصب لانه ليس بمالك ولا على المغصوب منه لانه ليس بمتمكن من التصرف فيه وان كان بعد ذلك رجع لمالكه.والحاصل انه لا بد في وجوب الزكاة من التمكن من التصرف فيما ملكه طول الحول فيما يشترط فيه الحول وحال تعلق الوجوب فيما لا يعتبر فيه الحول ويعتبر التمكن من التصرف فعلا في وجوب الزكاة ولا يكفي لقدرة على التمكن من التصرف كالمال المسروق الذي يقدر أن يحصله بالمخاصمة أو بالسرقة فانه لا تجب عليه زكاته ولا تجب عليه المخاصمة لانقاذه وتزكيته.ولا تجب الزكاة في المال المجحود والمحجوز والمرهون سواء تمكن من فكه ولم يفكه أم لا وهكذا لا تجب في المال لمفقود والضال بمقدار يصدق عليه عرفا انه خرج من يده وانقطعت سلطنته عليه ولا تجب الزكاة في المال الغائب الذي ليس بيده ولا بيد وكيله ولا تجب الزكاة في المال الموهوب الا بعد قبضه لانه إذ ذاك يملكه ويتمكن من التصرف به ويحسب الحول له بعد قبضه.ولو رجع الواهب قبل وجوب الزكاة في أثناء الحول سقطت الزكاة عن الواهب والمتهب(اعني قابل الهبة)وهو الموهوب له.ولو رجع الواهب بعد وجوب الزكاة وتعلقها بالمال كما لو رجع بعد انقضاء الحول زكي المال ولا يضمن الزكاة المتهب.ولا تجب الزكاة على الموصى له في المال الزكوي الموصى به الا بعد قبوله الوصية ووفاة الموصي ولا تجب زكاة المال المقترض(بفتح الراء)على المقرض(بالكسر)وانما تجب على المقترض(بالكسر)بعد قبضه فلو اقترض أحد الأعيان الزكوية البالغة للنصاب وبقيت عنده حولا وجب عليه زكاته.ولا تجب الزكاة على الدائن وان أمكنه استيفاء الدين نعم لو بذله له المديون وخلّى بينه وبينه وجبت الزكاة فيه.ولا تجب الزكاة في المال الموروث حتى يكون تحت تصرف الوارث ولا في المال المودع مع عدم وصول المودع له لا بنفسه ولا بوكيله ولا في المال المدفون في محل لا يهتدي إليه.ولا تجب الزكاة على المحبوس عن ماله إلا إذا لم يمنع من التصرف فيه فانه تجب عليه ولا تجب الزكاة في الأعيان المشتركة إذا لم تبلغ حصة كل واحد منهم النصاب وان بلغ المجموع نصابا نعم لو بلغ حصة احدهم النصاب وجبت عليه الزكاة ولا تجب الزكاة في العين المحبسة ولا في العين الموصى بمنفعتها بعد الموت ولا في العين المستأجرة كما لو استأجر من الابل ما بلغ نصابا فانه لا تجب الزكاة لا على المستأجر ولا على المؤجر نعم لو كان المؤجر يتمكن من التصرف في اعيانها وجبت الزكاة عليه ولا في المال الذي تركه نفقة لأهله وقد مضى عليه حول كامل وهو غائب عنهم بحيث لم يكن متمكنا من التصرف فيه وهكذا لا تجب الزكاة في المال إذا نذر التصدق بعينه كأن نذر ان حاصل هذه البستان للفقراء أو نصف حاصلها لهم فان ما تعلق به النذر لا تجب فيه الزكاة.وإذا كان النذر أثناء الحول وكان متعلقا بمجموع النصاب أو ببعضه انقطع الحول ويحسب الحول من بعد الوفاء بالنذر كأن نذر في أثناء الحول إعطاء الفقراء هذه الغنم أو بعضها فانه لا تجب الزكاة في المنذور.(وتوضيح المقام وتحقيقه)انه تارة ينذر الكلي من دون تعينه في المال الزكوي كأن ينذر إعطاء الفقراء اربعين شاة من دون تعين لها بهذه الغنم

 

الخاصة عنده فان الزكاة في هذه الصورة تجب فيما عنده من الغنم ويجب عليه الوفاء بالنذر ولو بأن يشتري من الخارج إذ غايته يكون بمنزلة الدين عليه ووجوب النفقة عليه ونحو ذلك فانه لا يمنع من وجوب الزكاة عليه,(وتارة)ينذر العطاء من غنمه هذه وتمر بستانه هذا.وهذا يتصور على وجوه (الأول)أن يكون نذره بعد تعلق الزكاة به كأن نذر بعد انقضاء الحول إعطاء غنمه بأجمعها ونذر بعد حصول التمر إعطاءه للفقراء ففي هذه الصورة تجب الزكاة بأن يدفع قيمتها ويفي بالنذر لتعلق كلا الخطابين به وتمكنه من الامتثال ولا وجه لسقوط أحدهما(الثاني)أن ينذر ذلك قبل تعلق الزكاة سواء كان نذره مطلقا منجزا فعليا كأن ينذر عطاء غنمه فعلا أو كان موقتا بوقت يحصل قبل تعلق الزكاة أو مشروطا بشرط يحصل قبل تعلق الزكاة كأن ينذر عطاء غنمه يوم الجمعة أو عند برء ولده وكان ذلك قبل انقضاء الحول ففي هذه الصورة باجمعها يجب عليه أن يفي بنذره ولا تجب عليه الزكاة في المال وينقطع الحول به سواء تعلق النذر بتمام النصاب أو ببعضه إذا لم يكن غير المال المنذور بمقدار النصاب سواء وفى بنذره أو عصى ولم يفٍ به لانقطاع الحول بالنذر إلى حين العصيان لعدم تمكنه من التصرف فيه إلى ذلك الحين.نعم إذا قلنا بعدم وجوب القضاء في النذر استأنف الحول من حين العصيان لتمكنه من التصرف واما إذا قلنا بوجوب القضاء فلا لعدم تمكنه من التصرف(الثالث)أن يكون النذر مقيدا بوقت يحصل بعد تعلق الزكاة أو معلقا بشرط يحصل بعد تعلق الزكاة فالظاهر وجوب الزكاة عليه لانه كان متمكنا من التصرف فيه لعدم مخاطبته بالوفاء بالنذر والا لتقدم المشروط على شرطه.ولم يكن له تسلط على سائر التصرفات من نقل وغيره .لا دليل على انه يلزم ابقاء الموضوع للتكليف على المكلف.نعم لو قصد من نذره ابقاء المال وصرفه في الصدقة في الوقت المذكور مثلا وجب عليه لمحافظة على هذا المال ويمنع من التصرف فيه بسائر التصرفات من نقل وغيره وليس عليه زكاته نظير ما إذا نذر انه بعد شهر يتصدق بهذا المال وقصد بذلك ابقاءه إلى شهر ثم يتصدق به فانه يكون ممنوعا من التصرف فيه.اما لو قصد انه على تقدير بقائه بعد شهر فهو يتصدق به فيجوز له سائر التصرفات به ولا يمنع شرعا من نقله للغير وهكذا لو لم يقصد أحدهما فانه لا يلزم عليه المحافظة عليه لعدم قصدها في النذر.وهكذا لا تجب الزكاة في العين الموقوفة وانما نماء الوقف الخاص فهو كسائر الأعيان المملوكة تجب فيه الزكاة عند توفر الشروط فلو انتجت الانعام الموقوفة على شخص وحال الحول على اولادها وهي بالغة للنصاب وجبت فيها الزكاة وكذا إذا بلغت غلة النخيل الموقوفة على شخص نصابا وجبت فيها الزكاة وإذا كانت موقوفة على أشخاص لابد من بلوغ حصة كل واحد منهم نصابا والا فتجب على البالغ حصته نصابا والا فلا تجب وان كان المجموع اكثر من نصاب وهكذا تجب الزكاة في نماء الوقف العام لو اتفق انحصار الموقوف عليه في شخص وقبضه ومع عدم الانحصار والقبض فلا زكاة فيه لفقد الملكية بدون القبض.

الشرط السادس النصاب

(سادسها)النصاب للمال الزكوي وهو الحد من المال الذي تجب فيه الزكاة بمقدارها ولا فرق بن كون المال مجتمعا أو متفرقا.ولو شك في بلوغ المال الزكوي النصاب لم يجب الفحص لمعرفة تعلق الزكاة به ولا تجب عليه زكاته كما لو كانت عنده دراهم مغشوشة فيها فضة لم يعلم بلوغها للنصاب لم يجب عليه تصفيتها لمعرفة بلوغها النصاب وهكذا لو كانت عنده حنطة أو شعير أو تمر أو زبيب وشك في بلوغه النصاب لم تجب عليه زكاته.

 

النصاب في الإبل

والنصاب في الإبل اثنا عشر نصابا(الأول)الخمس من الإبل وهو أول نصب الإبل فإذا بلغت خمسا وجب فيها شاة ولا يجب فيما دونها ولا في الزائد عليها شيء إلى  أن تبلغ (النصاب الثاني)وهو العشر من الإبل وفيه شاتان وليس في الزائد عليه شيء إلى  ان تبلغ (النصاب الثالث)وهو خمسة عشر وفيها ثلاث شياه وليس في الزائد شيء إلى ان تبلغ(النصاب الرابع)وهو عشرون وفيها اربع شياه وليس في الزائد شيء إلى أن تبلغ(النصاب الخامس)وهو خمس وعشرون وفيه خمس شياه إلى ان تبلغ(النصاب السادس)وهو ست وعشرون وفيها بنت مخاض وهي الناقة الداخلة في السنة الثانية فان لم يكن عنده ابنة مخاض فأبن لبون ذكر وهو الداخل في السنة الثالثة وإذا لم يكن عنده أحدهما تخير في دفع قيمة أحدهما.وليس في الزائد شيء إلى ان تبلغ(النصاب السابع وهو ست وثلاثون وفيها بنت لبون وهي الناقة الداخلة في السنة الثالثة وليس في الزائد شيء إلى ان تبلغ(النصاب الثامن)وهو ست واربعون وفيها حقه(بكسر الحاء وتشديد القاف)وهي الداخلة في السنة الرابعة وليس في الزائد شيء إلى أن تبلغ(النصاب التاسع)وهو إحدى وستون وفيها جذعة(بفتح الجيم)وهي الداخلة في السنة الخامسة وليس في الزائد شيء إلى أن تبلغ(النصاب العاشر)وهو ست وسبعون وفيها بنتُ لبون وليس في الزائد شيء إلى ان تبلغ(النصاب الحادي عشر)وهو إحدى وتسعون وفيها حقتان وليس في الزائد شيء حتى تبلغ(النصاب الثاني عشر)وهو إحدى وعشرون ومائة فإذا بلغت ذلك كان للمالك التخير بين أن يعد ما عنده من الإبل خمسين ويعطي عن كل خمسين خمسين حقة أو يعدها اربعين اربعين ويعطي عن كل اربعين بنتاً لبوناً حتى لو بلغت الإبل مائة واربعين جاز له عدها خمسين خمسين ويعطي حقتين ويكون الاربعون عفواً.هذا هو الميزان في النصاب وهو بلوغ العدد لا زيادة الجزء(وتوضيح)ذلك مثلا ان النصاب الثاني عشر هو بلوغ إحدى وعشرين ومائة فلو كان يملك عشرين ومائة ونصف بعير لم يكن النصاب الثاني عشر عنده موجودا بل يكون النصاب الموجود عنده هو الحادي عشر وهكذا الكلام في باقي الأنصبة.ولا يجزي عن اناث الإبل ذكورها وإن كانت الذكور اكبر سنا منها فلا يجزي عن الجذعة الجذع ولا عن بنت المخاض ابن المخاض ولا عن بنت اللبون وابن اللبون نعم إذا كانت الفريضة ابنة مخاض ولم تكن عنده أجزأ عنها ابن لبون.

النصاب في البقر

ثلاثة(الأول)ثلاثون فلا يجب فيما دونها شيء أصلا وفيها تبيع أو تبيعه وهما ما دخلا في السنة الثانية ولا يجب فيما زاد عليه شيء أصلا حتى تبلغ(النصاب الثاني) وهو اربعون وفيه مسنة وهي ما دخلت في السنة الثالثة ولا شيء في الزائد عليه حتى تبلغ(النصاب الثالث)وهو ستون فصاعداً فإذا بلغت ذلك وجب عدها ثلاثين ثلاثين أو اربعين اربعين أو عدها بهما معا بمعنى ثلاثين واربعين بما يكون اكثر استيعاباً والتخير فيما توافقا في الاستيعاب فلو بلغت ستين كان فيها تبيعان وإذا بلغت سبعين كان فيها تبيع ومسنة وإذا بلغت ثمانين كان فيها مسنتين فإذا بلغت كان فيها ثلاث تبيعات وإذا بلغت المائة كان فيها تبيعان ومسنة وإذا بلغت مائة وعشرين فالمالك مخير بين عدها ثلاثين ثلاثين فيعطي اربع تبيعات أو عدها اربعين اربعين فيعطي ثلاث مسنات لان كلاً من العددين يستوعب الجميع.

النصاب في الغنم

خمس(الأول)اربعون وفيها شاه ولا يجب فيما دونها شيء ولا فيما زاد عليها شيء حتى تبلغ(النصاب الثاني)وهو إحدى وعشرون ومائة وفيها شاتان وليس فيما زاد عليه شيء حتى تبلغ(النصاب الثالث)وهو مائتان وواحدة وفيها ثلاث شياه وليس ما زاد عليه شيء حتى تبلغ(النصاب الرابع)وهو ثلثمائة وواحدة وفيها اربع شياه وليس فيما زاد عليه شيء حتى تبلغ(النصاب الخامس)وهو اربعمائة فصاعداً فإذا بلغت ذلك فيؤخذ من كل مائة شاة بالغا ما بلغ وليس على ما دون المائة شيء أصلا.

النصاب في الذهب

اثنان(الأول)عشرون ديناراً أي مثقالا شرعيا وفيها نصف دينار وهو عبارة عن عشرة قراريط ولا يجب فيما دونها شيء ولو كان مما يتسامح فيه عرفا فان الميزان بلوغ الخالص منه ذلك ولا فيما زاد عليها شيء حتى تبلغ(النصاب الثاني)وهو أربعة وعشرون ديناراً فصاعدا فإذا بلغت ذلك اخذ من العشرين نصف دينار ومن كل أربعة دنانير بعد العشرين عشرة دنانير اعني قيراطين بالغا ما بلغ وليس على مادون الأربعة شيء من دون فرق في ذلك بين الذهب الجيد أو الردىء.والعشرون ديناراً بالجنيه الانجليزي اثنا عشر جنيها وثمن جنيه.وبالصير في خمسة عشر مثقالا صيرفيا وفيها ربع مثقال صيرفي وثمنه اعني تسع حبات صيرفي.لان المثقال الشرعي عبارة عن ثلاثة ارباع الصيرفي فكل ثلاثة مثاقيل صيرفية عبارة عن أربعة مثاقيل شرعية والليرة العثمانية على ما قيل مثقال صيرفي ونصف وحبتان وأنها بالمثقال الشرعي مثقالان قال جدي الهاديS المثقال الشرعي ثلاثة ارباع الصيرفي والمثقال الصيرفي اربع وعشرون حبة وهو مثقالنا الآن سنة1343 اعني المثقال العجمي لا العربي لانه ست وعشرون حبة:والليرة العثمانية مثقال ونصف وحبة ونصف وفيها من الخليط ثلاث حبات فيكون صافيها مثقالا ونصفا الا حبة ونصفا بالمثقال الصيرفي ويكون صافيها بالمثقال الشرعي مثقالين الا حبة ونصفاً:والخمسة عشر مثقالا بالصيرفي من الذهب الخالص تكون عشر ليرات وخمس عشرة حبة:وثلاثة المثاقيل من الذهب الخالص بالمثقال الصيرفي ليرتان وثلاث حبات انتهى.

 

النصاب في الفضة

اثنان(الأول)مائتا درهم وفيها خمسة دراهم ولا يجب فيما دونها شيء ولو كان مما يتسامح فيه عرفا فان الميزان بلوغ الخالص منه ذلك ولا فيما زاد عليها شيء حتى تبلغ(النصاب الثاني)وهو مائتان واربعون درهما فصاعدا فإذا بلغت ذلك أخذ من  المائتين خمسة دراهم ومن كل اربعين بعد المائتين درهما واحدا بالغا ما بلغ وليس فيما دون الأربعين شيء من دون فرق بين الفضة الجيدة والرديئة.والدرهم نصف مثقال شرعي وخمس المثقال والعشرة منه سبعة مثاقيل شرعية.والمائتان منه مائه واربعون مثقالا شرعياً وبالصيرفي مائة وخمسة مثاقيل صيرفية لان الدرهم نصف المثقال الصيرفي وربع عشره فالأربعون درهم عبارة عن واحدٍ وعشرين مثقالا صيرفيا.وخمسة الدراهم عبارة عن مثقالين صيرفيين ونصف مثقال وثمنه.وقد تقدم في مبحث الكر أن الدرهم ستة دوانيق والدانق ثمان حبات من أوسط حب الشعير قال جدي الهادي S المائة وخمس مثاقيل بالصيرفي من الفضة الخالصة تكون أربعا وأربعين ربية ونصف مثقال عبارة عن خمس الربيه تقريبا:والواحد والعشرون مثقالا بالصيرفي من الفضة الخالصة تسع ربيات إلا تسع حبات فيكون الاسدس الربية تقريبا انتهى.ولا يضم أحد النقدين إلى الآخر في حساب النصاب بل اللازم بلوغ كل منهما حد النصاب نعم أصناف المسكوكات الذهبية يضم بعضها إلى بعض وهكذا الفضية ولو مزج أحد النقدين بالآخر كأن سبك الدينار المتعامل به من الذهب والفضة لم تجب الزكاة الا أن يبلغ أحدهما خالصا قدر النصاب وكذا لو كانت الدراهم والدنانير مغشوشة أو ممزوجة من الذهب والفضة بجنس آخر من نحاس أو رصاص أو نيكل أو نحوها لم تجب الزكاة فيه الا أن يبلغ قدر الخالص منه نصاباً.ولو شك في بلوغ النصاب.أو عدمه لا تجب الزكاة ولا تجب التصفية عن الغش لمعرفة بلوغ النصاب ولو علم أن الذهب والفضة في دراهمه المغشوشة كل منهما قد وجبت فيه الزكاة وأن أحدهما على الاجمال اكثر من الآخر كما لو علم أن قدر أحد النقدين ستمائة والآخر اربعمائة الا انه لم يشخص الأزيد أخرج زكاة ستمائة ذهب وستمائة فضة ويجزي أن يخرج قيمة ستمائة مما هو ادنى قيمة وأربعمائة من الأعلى قيمة لأن التحقيق عندنا أن الزكاة مقدار من مالية العين لا نفس العين ولو شك في النقد انه ذهب أو فضة أو ليس فيه شيء منهما لم تجب فيه الزكاة ولا يجب الفحص.

النصاب في الغلات الأربعة

(والنصاب في الحنطة والشعير  والزبيب والتمر)هو أن يبلغ كل واحدة منها خمسة أوسق فصاعداً ولا يجب فيما دونها شيء حتى لو كان مما جرت العادة من ممازجته للنصاب من تراب يسير أو تبن كذلك أو الشعير كذلك في الحنطة أو بالعكس أو نحو ذلك فان الميزان بلوغ الخالص منه ذلك المقدار بعد إخراج حصة الحكومة فإذا بلغ كل واحد منها هذا المقدار فصاعدا ففيما سقي بعلاج كالرشا والدوالي والنواضح والمضخة فيه نصف العشر وما سقي بغير علاج كما لو سقي بنهر ولو بالكري أو بسماء ففيه العشر.والوسق ستون صاعا والصاع أربعة أمداد.والمد على ما هو المشهور رطلان وربع بالوزن العراقي.ورطل ونصف بالوزن المدني ستة أرطال.وعليه فيكون النصاب للغلات بالوزن العراقي سبعمائة والفين رطلا وبالوزن المدني ثمنمائة والف رطلا.ويكون النصاب للغلات بالمد مائتين والف مد.والرطل العراقي عبارة عن ثلاثين

 

ومائة درهم.وعبارة عن إحدى وتسعين مثقالا شرعياً وعبارة عن ثمانية وستين مثقالا صيرفيا وربع والنصاب للغلات بالعيار البقالي المتعارف في هذه الأعصار والذي تكون الحقة منه ثلاثة وثلاثون وتسعمائة مثقال صيرفيا وثلث مثقال يبلغ ثمان وزنات وخمس حقق ونصف حقة إلا ربع أوقية وبالكيلوات على حساب أن الوزنة البقالي مئة كيلو فيكون النصاب للغلات ثمانمائة وأثنين وعشرين كيلو وستمائة وستة وخمسين غراماً وربع غرام أي نصف كيلو وثمنه وربع ثمنه وبالعيار الاسلامبول الذي تكون حقته ثمانين ومائتين مثقالا يكون نصاب الغلات سبعا وعشرين وزنة وعشر حقق وخمس وثلاثين مثقالا ولا يحسب في نصاب التمر أم جعرور ولا معافارة وهما نوعان رديئان من التمر وهكذا لا يحسب في نصاب التمر ما يترك للحارس من عذق أو عذقين لعياله.    

الفصل الثالث

في شرائط وجوب الزكاة الخاصة وفيه مباحث ثلاثة.

المبحث الأول

في شرائط زكاة الأنعام الخاصة

ويشترط في وجوب الزكاة في الأنعام وهي الإبل والبقر والغنم بانواعها السابقة الذكر مضافا إلى الشرائط الستة العامة المتقدمة الذكر أمور آخر.

السوم

الأول أن تكون الأنعام سائمة طول الحول والسوم هو الرعي في المرعى من العشب ونحوه كالقصيل واصول السنابل ويقابله العلف كما لو اخذ لها حنطة أو شعير ونحو ذلك واطعامها لها.وهو من المواضيع التي يرجع فيها إلى العرف واللغة بمعنى أن يصدق انها سائمة طول الحول فلا يضر علفها غير المانع من الصدق كالعلف بعد رجوعها من المرعى آناً ما.ولا يضر في تحقق السوم مصانعة الظالم واعطاؤه الاجرة على رعيها في المرعى كما لا يضر في صدق السوم ما لو استأجر ارضا ذات عشب أو اشتراها وأرسل الانعام فيها فرعت منها فان الرعي في المرعى يكون سوما سواء كان المرعى مستأجراً أو ملكاً أو مباحا صانع الظالم أو غيره على الرعي فيه أم لا.وهكذا من السوم إرسال الغنم في الزرع المعد لغير الرعي وكان ارسال الغنم فيه مما يصلح الزرع.ولا يضر في صدق العلف كون العالف لها مالك أو اجنبي من مال نفسه أو مال غيره كان علفها باختياره أم لا كان علفها لمانع من السوم كالمطر أو العدو أو نحو ذلك أم  لا ولو شك في تحقق السوم فان علم به سابقا وجبت الزكاة والا فلا تجب.واما أولاد الأنعام وتسمى بالسخال فلا يضر في تحقق السوم فيها عدم استغنائها عن امهاتها في الرضاعة فمدة عدم فطامها تحسب من الحول ويكون ابتداء الحول فيها من حين نتاجها لا من حين فطامها واستغنائها من أمهاتها واستقلالها بالرعي.ولا فرق بين المرتضعة بين السائمة والمعلوفة نعم لو علفت بعد فطامها أثناء الحول استأنف الحول من حين سومها.

الشرط الثاني

حولان الحول عليها

(الشرط الثاني)لزكاة الانعام حولان الحول عليها عند مالكها جامعة لشرائط الوجوب وهو يتحقق بدخولها في الشهر الثاني عشر ولا يعتبر انقضاؤه عليها بمعنى انه مجرد إذا جاء الشهر الثاني عشر عليها وهي جامعة للشرائط وجبت فيها الزكاة وجوبا مستقرا ولا يضر فقد الشروط بعد دخوله.فلو ملك النصاب بعد يوم من الشهر فبمجرد دخول اليوم الثاني بعد الهلال الحادي عشر تجب الزكاة عليه لدخولها بذلك في الثاني عشر وعلى هذا فقس ما عداه.فلو فرض ان ملك النصاب في اليوم الرابع بعد الهلال وجبت عليه الزكاة بدخول اليوم الخامس بعد الهلال الحادي عشر وهلمجرا فانه في الجميع تجب الزكاة وجوباً مستقراً ولكن بقية الشهر الثاني عشر تحسب من الحول ويبتدىء الحول الثاني بعد انتهاء الثاني عشر وتمامه.ولو نقصت الأنعام عن النصاب أو أبدلت الأنعام بمثلها قبل دخول الثاني عشر ولو بقليل كأن أبدل الغنم بغنم مثلها في أثناء الحول سقطت الزكاة عنها وأستأنف الحول لها ولو كان ابدالها للفرار من وجوب زكاتها عليه.وهكذا تسقط الزكاة عنها لو فقدت بعض شروط الوجوب قبل دخول الثاني عشر كأن زال سومها أو لم يتمكن من التصرف فيها أو وهبها لغيره ونحو ذلك فانه يستأنف لها حولا جديداً ولا يحسب ما سبق من الحول.ولو إرتدّ المسلم عن فطرة أو مات قبل دخول الثاني عشر استأنف الحول وارثه ولا يحسب من الحول ما مضى ولو جمع الفقير من الزكاة نصابا وحال عليه الحول وجبت فيه الزكاة كما إذا اكتسب به ربحأ زائداً على مؤونة سنته وجب فيه الخمس.وإذا كان ما تعلق به الزكاة فاضل مؤونة سنته أخرجت الزكاة قبل الخمس.

 

ولو ولدت الأنعام في أثناء الحول فان كانت أولادها نصاباً مستقلاً بمعنى أنها لو فرض ملكها له مع النصاب الذي عنده دفعة واحدة كان فيه الزكاة أيضا كما في النصاب الذي عنده نظير ما لو كان عنده خمس من الإبل فأولدت له في أثناء الحول خمسا أو كان عنده أربعون فاولدت له في أثناء الحول ثلاثين أو أربعين ففي هذه الصورة يحسب لكلٍّ حولا مستقلا فالأمهات لها حول من حين ملكها والأولاد لها حول من حين نتاجها وهكذا يفعل في باقي السنين.

وأما إذا كانت الأولاد ليست بنصاب مستقل ولكن كانت مكملة للنصاب الذي عنده بعد إخراج الزكاة منه بمعنى انها بانضمامها يحصل نصاب ثانٍ كما إذا ولدت ثلاثون من البقر إحدى عشرة بقرة في أثناء الحول أو ولدت ثمانون من الغنم أثنين وأربعين شاة في أثناء الحول ففي السنة الأولى يحسب الحول للأمهات وعند انتهاء حول الأمهات يحسب الحول لجميع الأمهات مع الأولاد وبعبارة أوضح أنه في عام ولادتها يحسب حول الأمهات فقط وبعدها يحسب للجميع.واما إذا كانت الأولاد ليست بنصاب  مستقل ولا مكملة للنصاب فهو عفو ولا مدخلية للحول فيها لا في السنة الأولى ولا في غيرها سواء كانت الأولاد بمقدار النصاب الذي عنده كما لو كان عنده أربعون شاة فاولدت له أربعين فان الأربعين ليست بنصاب مستقل ولا بمكملة للنصاب لان الثمانين ليس فيها الا شاة واحدة كالأربعين.أو كانت الأولاد أقل كما لو أولدت له ثلاثين شاة فعلى كل تكون الاولاد عفواً ليس عليها شيء ولا مدخلية للحول فيها ومن هذا القبيل ما لو أولدت الإبل عنده البالغة ستة وعشرين خمساً لأن الخمس مع هذا العدد ليس بنصاب مستقل ولا مكملة للنصاب.ومن هذا يعرف الحكم ما لو كانت الأمهات ليست بنصاب فأولدت أولاداً بلغت بها النصاب فانه يحسب الحول للجميع من حين الولادة.ومثل أولاد الأنعام في الحكم ما لو ملك من جنس ما عنده من النصاب بشراء أو ارث أو هبة أو نحو ذلك ومثل ذلك أيضا ما لو جمعت شروط الزكاة بعض الأنعام بعد فقدها في أثناء الحول كما لو سامت المعلوفة في أثناء الحول.

الشرط الثالث

عدم كون الأنعام عوامل

(الشرط الثالث)لوجوب الزكاة في الأنعام ألا تكون عوامل طول الحول فلا تجب الزكاة في المتخذة للسقي والدياسة والركوب وحمل الأثقال ونحو ذلك فمتى صارت عوامل لم تجب فيها الزكاة واستأنف لها الحول من حين عدم العمل وفي  الصحيح إنما الزكاة على السائمة المرسلة في مرجها عامها.وهو من المواضيع العرفية التي يرجع فيها إلى العرف ومع الشك في كونها عاملة فالزكاة واجبة ان لم تكن حالتها السابقة عاملة.ولا يكفى القصد إلى العمل فلو شراها للعمل ثم لم يعمل بها إلى أن دخل الشهر الثاني عشر وجبت فيها الزكاة مع اجتماع باقي الشرائط.

 

 

المبحث الثاني

في شرائط زكاة الذهب والفضة الخاصة

ويشترط في وجوب الزكاة في الذهب والفضة مضافا إلى الشرائط الستة العامة المتقدمة الذكر أمور آخر.

 

الشرط الأول

أن يكونا مسكوكين

الشرط الأول أن يكون الذهب والفضة مسكوكين بسكة المعاملة سواء كانت سكة إسلام أو غيرها وسواء كانت السكة بالكتابة أو بغيرها من الأشكال وسواء كان التعامل بها في جميع البلدان أو مختصا ببعضها كالربية الهندية.نعم لا بد من التعامل بها فعلا دون ما هجر التعامل بها كالمجيدي العثماني فان ظاهر الأخبار هو وجوب الزكاة فيما فيه منفعة التعامل ففي الخبر لا تجب الزكاة فيما سبك الا ترى ان المنفعة قد ذهبت.فلا تجب الزكاة في الاوراق التي يتعامل بها كاوراق العملة العراقية والايرانية ولا في سبائك الذهب ولا في التبر ولا في نقار الفضة ولا في المنقوشين بكتابة أو نحوها للزينة أو التبرك ولا للتعامل بها.وهكذا لا تجب الزكاة في الذهب والفضة إذا تعامل بهما ولم يكونا مسكوكين وهكذا لا تجب الزكاة في المسكوك منهما إذا محيت سكته بحيث لم يبق فيه اثر لسكته أصلا حتى انه اصبح لا يصلح للتعامل به.ولا تجب الزكاة في الأواني والآلات المصنوعة من الذهب والفضة سواء كانت محللة أو محرمة كآلات اللهو والأواني المتخذة للشراب.ولا تجب الزكاة في الحلي المصنوع من الذهب والفضة سواء كان محللا للمرأة أو محرما كالخاتم من الذهب للرجل وسواء كان الحلي متخذا من الدراهم أو الدنانير كالقلادة المعلق بها الدنانير أو الدراهم أم من غيرها فانه لا تجب في ذلك الزكاة.ولو سبكت الدراهم أو الدنانير أو صاغها حليا قبل حلول الحول فرارا من الزكاة صح ذلك ولم تجب عليه الزكاة.

الشرط الثاني

حولان الحول على النقدين

(الشرط الثاني)لوجوب الزكاة في الذهب والفضة حول الحول عليهما عند مالكهما جامعين لشرائط الوجوب.والحول يتحقق بدخولهما في الشهر الثاني عشر ولا يعتبر انقضاؤه عليهما كما تقدم ذلك في حول الأنعام.فلو نقص عن النصاب قبل تمام الحول أو تبدلا ولو بالمجانس أو سبكهما لم تجب الزكاة فيهما سواء كان التبديل أو النقيصة أو السبك بقصد الفرار من الزكاة أو لغير ذلك

الشرط الثالث

عدم جعلهما نفقة لاهله

 (الشرط الثالث)لوجوب الزكاة في الذهب والفضة عدم جعلهما نفقة لاهله في حال كونه غير مقيم عندهم فانه لو مضى عليهما الحول وهما جامعان لشرائط الوجوب وكانا قد جعلهما نفقة لأهله ولم يكن مقيما عندهم لم تجب فيهما الزكاة وان كان متمكنا من التصرف فيهما.

المبحث الثالث

في الشرائط الخاصة لزكاة الغلات الأربع

وهي الحنطة والشعير والتمر والزبيب.ويشترط في وجوب زكاة هذه الغلات الأربع بانواعها مضافا إلى الشرائط الستة العامة المتقدمة الذكر أمور آخر.

الشرط الأول

صدق اسم الغلة عليها

(الشرط الأول)ان تكون تمرا وزبيبا وحنطة وشعير فلا تجب في الغلة إذا كانت بسرا أو حصرما أو عنبا أو رطبا إذا لم يصدق عليه اسم التمر ولا في الحبوب قبل انعقاد حبها.والحاصل ان الميزان هو صدق اسم الحنطة والشعير والتمر والزبيب فإذا صدق الاسم وجبت فيها الزكاة والا فلا.وعليه فقبل صدق اسمها للمالك أن يتصرف بها ما شاء بدون الضمان لزكاتها حتى مع التفريط ولو نقلت بناقل شرعي عن ملكه وجبت زكاتها على المنتقل إليه الذي صدق اسمها عنده.ووقت اخراج الزكاة منها هو وقت صدق اسمها عليها بحيث يجوز للمالك دفع زكاة الحبوب قبل أن تقطف ودفع زكاة التمر والزبيب قبل أن يقطع.ويجوز تاخير اخراج زكاتها إلى زمان تقسيمها بين الشركاء بحسب العادة وهو زمان قطفها وتصفية الحبوب من التبن والقشر بما جرت العادة في تقسيم حاصل الزراعة وثمر الاشجار بين الشركاء فلو أخرها عن ذلك مع وجود المستحق بدون مجوز شرعي كان ضامناً لو تلفت اما قبل هذا الوقت وعند صدق الاسم فيضمن لو تلفت بتفريط منه.

 

الشرط الثاني

ملكية الغلة قبل وقت الوجوب

     (الشرط الثاني) لوجوب الزكاة في الغلات أن يكون ملكها حال تعلق الزكاة بها مسبب عن سبق ملك عليها الا انه مسبب عن ابتياع أو هبة أو إرث أو نحو ذلك وبتعبير آخر أن يدخل وقت وجوب الزكاة والغلة كانت مملوكة له وعليه فلو حدث ملكه لها حال وجوبها بابتياع أو هبة أو إرث أو غير ذلك كأن قارن انتقالها إليه وقت صيرورتها زبيبا أو تمرا أو حنطة أو شعير فلا تجب على المنتقل إليه لزكاة لأنه لم يحصل له الشرط المذكور وهو سبق الملكية ولا تجب أيضا على المنتقل منه لأنه لم يحصل الخامس من الشروط العامة لوجوب الزكاة وهو إمكان التصرف مع الملكية حال تعلق الزكاة.وبهذا ظهر لك ان هذا الشرط غير الشرط الخامس فان هذا الشرط هو الملكية قبل تعلق الزكاة ولو بآن واحد والشرط الخامس هو الملكية مع إمكان التصرف حال التعلق.

فلا وجه لما توهمه بعضهم من انه عينه.وعلى هذا فقد ظهر لك صحة ما في كتاب جدنا كاشف الغطاء S من ان عمال الزراعة والبساتين من حافظ أو نجار أو سماد وغيرهم ان ملكوا الحصة من العين قبل تعلق الزكاة بها كأن يكون لهم سهم في اصل الزراعة أو سهم قبل تعلق الزكاة بها واستمر إلى حين التعلق وجبت عليهم الزكاة وألا فلا.

الشرط الثالث

ألا تكون من حصة السلطان

(الشرط الثالث)لوجوب الزكاة في الغلات ألا تكون الغلة في مقابل ما تأخذه الحكومة باسم الضريبة على الزرع سواء أُخذت قهراً أو دفعها باختياره.فان المقدار من الغلة إذا كانت قيمته أو ما يقابله أو نفسه ضريبة للحكومة لا يحسب من النصاب وليس عليه زكاة وانما تجب الزكاة فيما بقي بعد إخراجه إذا كان المال الباقي جامعاً لشروط الزكاة.

وأما ما قابل المؤونة من الغلة فالمشهور انه كذلك لا تجب فيه الزكاة ولكن التحقيق انه تجب فيه الزكاة ويحسب من النصاب وتكون المؤونة على المالك سواء كانت مؤونة الزرع كما لو جعل أجرة من الدراهم للفلاحة أو السقى أو الحرث كأجرة الدركترات وكثمن الأرض المشتراة للزراعة أو اجرتها للزراعة وكثمن مضخة الماء أو الدواليب وآلاتها أو أجرتها أو اجرة الثيران ونحوها التي يسقى بها الزرع أو يحرث عليها أو ثمن الزرع إذا شراه قبل تعلق وجوب الزكاة به ومصارف اخراج النهر وكريه أو بناء جدران البستان وتنقية مواضيع المياه وتسطيح الأرض وسواء كانت مؤونة حاصل الزرع كاجرة الحصاد والقطع والتصفية والحمالة وما نقص بسبب الزرع من الآلات والعوامل فان جميع ذلك يكون على المالك.

الفصل الرابع

في الفريضة الثابتة من الزكاة وأحكامها

 وقد عرفت في مبحث اشتراط النصاب مقدار ما يجب في كل نصاب من فريضة الزكاة.وحيث ان الزكاة حق مالي متعلق بعين النصاب وليس بنحو الشركة الحقيقية بل هي تشبه نذر دفع قيمة مقدار خاص للفقير من عين مال مخصوص أو تشبه حق الزوجة المتعلق بقيمة البناء والحاصل ان الشارع إنما فرض مقدارا من المالية غير مقيدة بخصوص نوع في عين النصاب وعليه فيجوز للمالك أن يعطي القيمة السوقية الثابتة وقت ادائها في بلد ادائها دراهما أو أعياناً خارجية كأن يعطي بقيمة الزكاة ثياباً أو كتابا أو دارا أو نحو ذلك أو دينا على الفقير يحتسبه منها.كما أنه يجوز له أن يعطي بدل الفريضة من نوعها بقيمتها وان لم يكن داخلاً في النصاب ولا فرق في ذلك بين زكاة الأنعام وبين زكاة النقدين والغلات.والبيع الصادر منه لما فيه الزكاة صحيح إذا أدى الزكاة ويحرم عليه البيع ونحوه إذا لم يؤدها كما يحرم على المشتري الشراء إذا علم ان في المال زكاة ولم يؤدها لا هو ولا البائع فالمعاملة صحيحة بشرط الاداء للزكاة والا فلا يجوز للمشتري أن يتصرف بمقدار الزكاة ولا للبائع أن يتصرف فيما هو عوض الزكاة.كما أنه ثبت شرعا في فريضة الزكاة في الإبل على من وجبت عليه سن منها ولم تكن عنده وعنده أعلى منها بسن دفعها وأخذ شاتين أو عشرين درهما فمثلا لو كان عنده جذعة وكان الواجب عليه حقة أعطى الجذعة وأخذ شاتين أو عشرين درهما وهكذا الكلام في الباقي.ولو فرض انه كان عنده اقل من الفريضة بسن دفعه وأعطى معه شاتين أو عشرين درهما كما لو فرض في المثال المذكور عنده حقة والواجب عليه جذعة.والخيار بين دفع الشاتين والدراهم للمالك لا للعامل ولا للفقير.كما أن أجزاء ما ذكرناه عن الفريضة في الإبل لا فرق فيه بين أن تكون القيمة السوقية للفريضة مساوية لما دفعه أم لا.ويختص هذا الحكم في الإبل بما كان التفاوت بسن واحد أما لو كان التفاوت بأزيد من ذلك فلا يصح وان تضاعف التقدير على نسبته.ولا يجزي عن اناث الإبل في الفريضة ذكورها وان كانت الذكور أكبر منها سنا فلا يجزي عن الجذعة الجذع ولا عن بنت المخاض ابن المخاض ويجزي الذكر عن الانثى في الغنم وبالعكس سواء كان النصاب كله ذكورا أو كله اناثا أو ملفقا بينهما ابلا كان أو غنما وهكذا في البقر يجزي التبيع عن التبيعة في النصاب الأول للبقر وفي النصاب السادس للابل يجزي ابن اللبون عن بنت المخاض إذا لم تكن موجودة عنده.والحاصل أنه لا بد في زكاة الانعام من دفع الاناث الا في الغنم والنصاب الأول للبقر والنصاب السادس للابل إذا  لم تكن عنده بنت مخاض فانه يجزي عنها ابن لبون.والمعروف ان الشاة التي تؤخذ في الزكاة سواء كانت في نصاب الغنم أو الإبل أو الغنم التي يجبر بها الناقص من اسنان الإبل هي الجذع من الضأن والثني من المعز وان الجذع ما دخل في السنة الثانية والثني ما دخل في الثالثة ولا دليل على ذلك بل يكفي مصداق الشاة.

وللمالك الخيار في دفع أي فرد من أفراد الفريضة شاء حتى لو كان النصاب مجتمعا من الضان مع المعز أو من البقر مع الجاموس أو من الإبل العراب أو البخاتي أو النجدي أو العراقي فان المالك بالخيار في إخراج الفريضة من أي فرد شاء وهكذا للمالك الخيار في عطاء الفرد الأدنى أو الوسط من الفريضة ولا يلزم عليه دفع الأعلى منها في الأنعام والنقدين والغلات بل يجوز له أن يدفع الفريضة من غير بلده وان كانت أدنى قيمة فلا يجب عليه دفع فحل الضراب ولا المعدة للأكل ولا الربى وهي القريبة العهد بالولادة التي اعدت للانتفاع بها لبيته وضيوفه ولا التي تجعل ليرضع منها ولد صاحبها وولدها ولا الحامل ولا الغلة التي اتخذها لنفسه أو ضيوفه ولا الدراهم والدنانير غير المغشوشة الصافية.

نعم ليس للمالك دفع الخبيث في زكاة الغلات وليس له دفع ذات العيب في زكاة الانعام حتى لو كان العيب فيها هو المرض ولا الكبيرة الطاعنة السن المسماة بالهرمة حتى لو كان النصاب كله كذلك الا أن يشاء الفقير والعامل اخذها من حقه,وليس النفاس من المرض الذي يمنع من الأخذ.ولا يجب دفع نماء الزكاة المتصل والمنفصل على المالك ولو تأخرت عنده الزكاة فلا يجب عليه دفع الدهن والصوف واللبن وأولادها إلا إذا عزل الزكاة.

والفريضة في الغلات نصف العشر فيما سقي بعلاج من مضخة ونحوها واما ما لا يسقى بعلاج كالمسقى سيحا وهو الماء الجاري على الأرض من دون واسطة أو بعلا وهو ما يمتص عروقه الماء من الأرض كما لو كانت الأرض قريبة من النهر أو عذيا وهو ما سقته السماء فان في جميع ذلك العشر وما شك فيه فالواجب إعطاء نصف العشر.وإذا سقي بغير علاج مرة وبعلا أخرى فان كان سقيه بكل منهما سقيا معتدا به في العرف أعطي من نصفه العشر ومن نصفه الآخر نصف العشر.فيكون الواجب فيه ثلاثة أرباع  عشر مجموع الزرع.واما إذا لم يكن السقي بالآخر معتدا به كما لو كان الزرع يسقى بالمضخة وأحيانا بالمطر أو بالسيح أو بالعكس كان الحكم تابعا للسقي لمعتد به دون غيره فيعطى نصف العشر في المثال الأول والعشر في المثال الثاني.ومع الشك فلا يجب أزيد من نصف العشر.

ولو كان عنده غلة في مواضع متقاربة أو بلدان متباعدة يتفاوت إدراكها فيها بالسرعة والبطء فان بلغ بعضها الحد الذي يتعلق به الوجوب وكان نصابا مستجمعا للشرائط أخذ منه الزكاة ثم أخذ من الباقي عند تعلق الوجوب به قل عن النصاب أو كثر.وأما ان كان ناقصا عن النصاب لم يؤخذ منه شيء بل يتربص إلى ان يدرك من الغلة ما يكمل به النصاب فيؤخذ منه الزكاة ثم تؤخذ الزكاة من الباقي قلّ عن النصاب أو كثر.والناقص عن النصاب من الغلات سواء كان موجوداً أو اتلفه باختياره ببيع أو أكل أو نحوه ذلك يكون مكملا له نعم لو غصب منه أو تلف بآفة سماوية لم يكن الباقي مكملا له نصابا بل بحسب الباقي على حده فان بلغ نصابا وجبت الزكاة وإلا فلا.

 

الفصل الخامس

في الخرص

وهو عبارة عن تخمين المحصول من الغلات الأربع التمر والزبيب والحنطة والشعير وتقديره بالظن والتقريب.بأن يدور الخارص بكل نخلة أو شجرة وينظر لمجموع الحنطة أو الشعير أو التمر أو الزبيب ليعين مقدار الزكاة فيه حتى يعين مقدار الزكاة على الزراعين ويخلى بينهم وبين المحصول وقت تعلق الوجوب به ويعتبر في الخارص ما يعتبر في أهل الخبرة من الوثوق بقوله.

فائدة الخرص

وفائدته إخراج الزكاة بحساب الخرص كما تخرج بحساب الكيل والميزان والتوسعة على المزارعين في التناول من المحصول عند تعلق الوجوب به.وحفظ الزكاة قبل أن تؤكل الثمار وتفرق فيما إذا لم يؤمن من ارباب الثمرة أن يفرطوا بها عند وجوبها.وتسهيل دفعها بحساب الخرص عند وجوبها قبل قطعها وتصفيتها فان كثيراً من النفوس لا ترغب في بقاء ذمتها مشغولة فإذا عين المقدار الواجب قبل وجوبه سهل عليه التأدية عند الوجوب وأمكنه المبادرة إليها.وقد منع الحنفية من الخرص بدعواهم انه يفضي إلى الربا وحملوا أحاديث الخرص على انها كانت قبل تحريم الربا.

وقت الخرص

     ووقته موسع يبدأ من حين بدو صلاح الثمرة وان لم تبلغ الثمرة حد تعلق الزكاة كأن ينظر الخارص في الرطب أو العنب أو الزرع انها لو صارت تمرا أو زبيبا أو حنطة أو شعيرا أي مقدار تكون زكاتها ليعينها على مالكي الثمر أو ينظر في نفس التمر أو الزبيب أو الحنطة أو الشعير ويعين ذلك فيه.ولا يجوز الإخراج للزكاة ان حصل الخرص قبل تعلق الوجوب إلا بعنوان الاقتراض للفقير.

الخرص ليس بمعاملة

   ويعتبر في نفوذ الخرص على المالك رضاه ولا يشترط فيه صيغة خاصة بل هو يتحقق بمجرد التباني عليه فانه طريق لمعرفة مقدار الزكاة نظير الكيل والميزان.وليس بمعاملة خاصة تشتمل على تضمين المالك مقدارا من المال في مقابل حصة الزكاة فلو ظهرت الزيادة في يد المالك وجب ردها وإن ظهرت النقيصة وجب دفعها نعم لو جيء بصيغة الصلح انطبق على المعاملات المتعارفة.ولا يلزم اتحاد العوض والمعوض لما اخترناه من ان الزكاة تتعلق بالمالية المعراة عن الخصوصية واعتبار الخصوصية في المقدار المخروص.ولا يلزم الجهالة للمشاهدة للثمر فيكون نظير بيع التمر على الشجرة في كفاية المشاهدة في رفع الجهالة فيضمن المالك الزكاة بمقدار من العين ويكون ذلك المقدار في عهدته سواء نقص عن مقدار الزكاة أو زاد فتكون الزيادة للمالك وليست النقيصة عليه.

 

 

الفصل السادس

   في موارد صرف الزكاة وهي ثمانية وشروط المستحقين لها وفيه بحثان الأول في موارد الصرف والثاني في الشروط العامة للمستحقين لها.

 

البحث الأول

في موارد صرف الزكاة وهي ثمانية

الفقراء والمساكين

 (الأول والثاني)الفقراء والمساكين والمراد بهم من لا يملك قوت السنة لنفسه وعياله سواء كانوا واجبي النفقة عليه أم لا من الطعام والشراب والفراش واللباس والمسكن والدواء وكل ما يحتاج إليه حتى أجرة الطبيب من غير إسراف ولا يمنع من أخذ الزكاة وجود دار له يسكنها و خادم يخدمه وأثاث بيت لائقة بالحال وكتب علم يشتغل بها لنيل العلم أو المال وكل ما احتاجه لعجزه بدونه أو لشرفه وعزه به وفي رواية إسماعيل بن عبد العزيز عن أبيه قال دخلت أنا وأبو بصير على أبي عبد الله عليه السلام فقال له أبو بصير ان لنا صديقا له دار تسوى أربعة آلاف درهم وله جارية وله غلام يستقي على كل جمل كل يوم ما بين الدرهمين إلى الأربعة سوى علف الجمل وله عيال أله أن يأخذ من الزكاة قال  عليه السلام نعم قال وله هذه العروض فقال  عليه السلام يا أبا محمد أفتأمرني ان آمره يبيع داره وهي عزه أو يبيع جاريته التي تقيه الحر والبرد وتصون وجهه ووجه عياله أو آمره أن يبيع غلامه أو جمله وهو معيشته وقوته بل يأخذ الزكاة فهي له حلال ولا يبيع داره ولا غلامه ولا جمله انتهى هذا الحديث وفيه ما يدل على مدى شفقة الأئمة   عليه السلام  على شيعتهم وحرصهم على منفعتهم.نعم الزائد على حاجته من دار أخرى أو عبد آخر أو غير ذلك وكان ثمنه يفي بمؤونة سنته مع ما عنده من القوت لم يجز له أخذ الزكاة واما إذا كان لا يفي بمؤونة سنته مع ما عنده من القوت جاز له أخذ الزكاة وان لم يبعه وكما لا يضر أعيان تلك الأشياء بالفقر كذلك لا يضر وجود أثمانها عنده مع الحاجة إليها كالمهر للزواج لأنها من المؤونة.ويشترط في الفقير والمسكين في أخذهما هذا السهم الحرية فلا يعطى المملوك حتى لو كان غير واجب النفقة كما لو كان آبقاً ويصح أن يعطى من باقي السهام ان دخل في مستحقها ولكن لا يحسب ذلك من نفقته الواجبة على مولاه.

الفرق بين الفقر والمسكنة

والفرق بين الفقر والمسكنة المأخوذين في مستحق الزكاة هو أن الأول من لم تبلغ به الحاجة إلى المعيشة إلى سؤال ما في أيدي الناس والثاني ما بلغت به الحاجة إلى المسكنة والذلة حتى صار يسأل ما في أيدي الناس.

من يحرم عليه ومن يجوز له الأخذ من الزكاة

من سهم الفقراء والمساكين

ولا يجوز أن يتناول الزكاة من سهم الفقراء والمساكين من كان يملك قوت السنة لنفسه وعياله بقدر حاجتهم من غير إسراف ولا ذو الصنعة المناسبة لحاله القادر فعلاً أن يمون نفسه وعياله منها بحسب حاجتهم طول سنته فانه يحرم عليه أن يتناول الزكاة من السهم المذكور سواء اشتغل بصنعته أم تركها ولا من يقدر على الاكتساب اللائق بشأنه الذي يكفيه وعياله طول السنة بحسب حاجتهم فانه يحرم عليه أن يتناول الزكاة من السهم المذكور سواء اكتسب أم لا واما غير اللائق بحاله كالاحتطاب والكنس والخدمة فالقدرة عليه لا تمنع من تناول الزكاة وهكذا القدرة على الكسب والصنعة والحرفة الشاقة التي لا تتحمل عادة وإن لم تكن منافية لشأنه كالبناء إذا كبر سنه فانه يجوز له أن يتناول الزكاة.

والحاصل ان الميزان في ذلك هو القدرة الفعلية على أن يكف نفسه عن الزكاة بكسب أو بصنعة لائقة بحاله.وعليه فلو فرض ان صاحب الحرفة المذكورة ترك الحرفة باختياره أو بسبب فقده الآلات أو عدم الطالب لها فاحتاج الزكاة في زمان لا يقدر على الحرفة أو لا تنفعه الحرفة فيه أو لا تفي بمؤونته كما لو ترك الحرفة نهارا واحتاج الزكاة ليلا أو ترك الحرفة صيفاً فاحتاج الزكاة شتاء جاز إعطاؤه الزكاة.وهكذا صاحب الاكتساب لأنه في هذه الحال لا يقدر أن يكف نفسه عن الزكاة باكتسابه ولا بحرفته.وبعبارة أخرى انه يجوز إعطاء الزكاة لكل من كان محتاجاً في آن حاجته إليها.كما يجوز إعطاؤها لمن يتمكن أن يتعلم الحرفة ولم يتعلمها لأنه غير قادر على أن يكف نفسه عن الزكاة في هذا الحين ولا يجب عليه أن يتعلم الحرفة لئلا يأخذ الزكاة.وهكذا يجوز إعطاء الزكاة لمن كان عنده مال يكتسب به أو مزرعة يستثمرها أو دار يؤجرها على زائري البلد إذا كانت الفائدة من ذلك لا تكفي قوت السنة له ولعياله وسد حاجاتهم ولا فرق في ذلك بين أن يكون أصل المال الذي يتجر به أو قيمة المزرعة أو الدار التي يستغلها يملك بها قوت سنته أم لا وهكذا يجوز إعطاء الزكاة لصاحب الحرفة والصنعة والكسب والقوة إذا كان يقصر التكسب بها عن كفاية السنة.

تنبيهات مهمة

دعوى الفقير الفقر مسموعة

(أحدها)انه يكفي في إثبات الفقر للإنسان ليعطى الزكاة في صورة عدم العلم بحاله من الغنى والفقر مجرد دعواه الفقر مع أدنى وثوق بها ولا يحتاج إلى اقامة بينة ولا يمين سواء كان غنيا في السابق أم لا.

 

لا يجب إعلام الفقير

بأن المدفوع إليه الزكاة

(ثانيهما)يجوز إعطاء الفقير الزكاة بدون إعلامه بأن المدفوع له زكاة حتى للذي يترفع عنها حياء من الناس إلا إذا علم أن الفقير لا يرضى بأخذ الزكاة أصلا فلا يجوز إعطاؤه بدون إعلامه بانها زكاة.وبالجملة فرق بين الاستحياء من الناس وبين الاستنكاف من أخذ الزكاة ففي الأول يجوز الإعطاء بدون الإعلام دون الثاني.

يجوز إعطاء الفقير السائل بكفه

(ثالثها)يجوز إعطاء الفقير من الزكاة حتى السائل بكفه خلافا للمحكي عن ظاهر المجلسي S في كتابه زاد المعاد.

جواز اغناء الفقير من الزكاة

(رابعها)يجوز إعطاء الزكاة للفقير باقسامه المذكورة بقدر ما يغنيه بل بقدر ما يزيد على غنائه وفي بعض الروايات انه يعطى من الزكاة ما يأكل ويشرب ويكتسي ويتزوج ويتصدق ويحج.نعم بعد غناه لا يجوز أن يدفع له شيئا من الزكاة إلا إذا إفتقر وفي رواية الحكم التي رواها الكليني عن عدة من أصحابه قلت لابي عبد الله الرجل يعطي الرجل الزكاة يحج بها قال  عليه السلام ماللزكاة يحج بها ان كان محتاجا فليعطه لحاجته وفقره ولا يقل له حج بها يصنع بها بعده ما يشاء.وهذه رواية ظاهرة في عدم جواز إعطاء سهم الفقراء للقيام بالاعمال العبادية كالحج والزيارة ونحو ذلك.

الشك في الفقر

(خامسها)لو شك في أن ما عنده من المال يكفي لمؤونة السنة لنفسه ولعياله حتى يجوز له أخذ الزكاة أم لا فان كان قبل الشك يعلم بوجود ما به الكفاية عنده حرمت عليه الزكاة وان كان قبل الشك يعلم بعدم وجود ما به الكفاية جاز له احذ الزكاة وان لم يعلم الحالة السابقة يمكن الرجوع إلى أصالة عدم تملك مقدار الكفاية المسبوق بالعدم الأزلي بناء على جريان الاستصحاب في الإعدام الازلية.وإن علم بسبق حالة الفقر فيه وحالة الغنى ولكن لا يعلم أيهما المتقدم مع شكه فعلا في فقره وغناه لا يجوز له الأخذ لعدم إحراز الشرط وهو الفقر.

جواز احتساب الدين على الفقير زكاة

(سادسها)انه لو كان عليه دين على مستحق الزكاة يجوز له أن يحتسبه من الزكاة بل يجوز له أن يعطيه بعنوان القرض ليحتسبه عليه وقت الزكاة.

الثالث من موارد صرف الزكاة عمالها

(الثالث)من الموارد عمال الزكاة من قبل الامام  عليه السلام أو لمجتهد النائب عنه وقد يسمونهم(بالمصدقين)جمع مصدق بكسر الدال مع تشديدها وهم الساعون في تحصيلها وتحصينها وجمعها وأخذها وكتابتها وحسابها وقسمتها بإفرازها عن مال المالك ونقلها وتفريقها بين المستحقين لها ونحو ذلك من الأعمال المتعلقة بها إلى ان تصل إلى مستحقيها.وهؤلاء يستحقون نصيباً من الزكاة وان كانوا أغنياء بشرط العمل قد جعله الله لهم في المال الزكوي الذي حصل بأيديهم من عملهم وليس هو عوضاً عن عملهم ولذا لا يلزم استيجارهم أو تعيين مقدار لهم من المال بنحو الجعالة بل حالهم حال باقي المستحقين للزكاة بمعنى انهم يستحقون سهما من الزكاة بشرط عملهم كالفقراء يستحقون سهما من المال بشرط فقرهم.

وعليه فلو دفع المجتهد أو المالك الزكاة لمستحقيها بدون توسط عمال الزكاة لم يستحقوا شيئا منها.ولا يدخل فيهم الإمام ولا المجتهد النائب عنه ولا المالك وان عملوا في إيصالها لمستحقيها.

 

شرط العامل

ويشترط في صحة جعل الشخص عاملا على الزكاة أن يكون ناصحا شفيقا امينا ثقة حفيظاً يرفق بالمال.وهذه الصفات بحسب المجرى الطبيعي لا تتوفر ولا يمكن إحرازها إلا في البالغ المؤمن العادل العارف باحكام الشرع التي تخص عمله عند قيامه بالعمل ولو عن تقليد إذ مع عدم المعرفة لا يؤمن من وقوعه في المفسدة المضرة بمال الفقير.

الرابع من موارد صرف الزكاة المؤلفة قلوبهم

(الرابع)من الموارد المؤلفة قلوبهم.وهم الذين قد اقروا لله تعالى بالطاعة والوحدانية ويكون العطاء لهم موجبا لميلهم لاعتناق الإسلام ومعرفتهم له أو موجبا لتثبيتهم عليه ورغبتهم فيه.فيشمل الكفار الموحدين والمسلمين المنافقين وبعبارة أوضح هذا السهم لا يعطى إلا للموحد لكن بشرط أن يرى بإعطائه أن يحصل له الميل لأعتناق الإسلام والألفة له أو باعطائه له يثبت على الإسلام ويرغب فيه ولا يخرج عنه ويجوز إعطاء هذا السهم لهذا الصنف وان لم يكونوا فقراء.

الخامس من موارد صرف زكاة الرقاب

 (الخامس)من الموارد العبيد المحتاجون في فك رقابهم إلى الزكاة وان تمكنوا من مؤونة سنتهم وهذا الصنف تصرف الزكاة في فكهم من رق العبودية ولا فرق بين المكاتب منهم وغيره ولا بين من كان تحت الشدة وغيره ولا بين صورة وجود مستحق للزكاة وبين صورة عدم وجود المستحق لها نعم يكره صرف مال الزكاة في فك الرقبة إذا لم تكن تحت الشدة مع وجود المستحق لها وكيف كان فالمكاتب ينعتق بمجرد تأدية المال الزكوي لسيده.وآخر وقت لنية الزكاة في المال المؤدى لفكه هو وقت التأدية لسيده لانه وقت صرف الزكاة في موردها.وأما غير المكاتب فانه يشترى من الزكاة ويعتق ووقت نية الزكاة بالمال الذي يشترى به العبد هو وقت صرف الزكاة في موردها وهو وقت شراء العبد.وهذا العبد المشترى لو مات وله مال ولا وارث له ورثه الفقراء.ولو دفعت الزكاة في فك الرقبة ولم تصرف فيه استرجعت منه ويجوز احتسابها عليه إذا كان من باقي الأصناف.

السادس من موارد صرف الزكاة الغارمون

(السادس)من الموارد الغارمون.وهم من عليهم الدين وهؤلاء يعطون هذا السهم من الزكاة لفك دينهم فلو صرفوه في غيره ارتجع منهم ولكن يشترط في جواز إعطائهم منها شرطان(أحدهما)أن يكونوا محتاجين في فك الدين إلى الزكاة حتى لو كانوا يتمكنون من مؤونة سنتهم إلا انها لا تفي مؤو نتهم بسد دينهم وعليه فلو كان المديون كسوبا يتمكن من معيشته وقضاء دينه تدريجا بحيث لا يرى العرف انه محتاج وفقير إلى الزكاة في قضاء دينه لا يجوز إعطاؤه من هذا السهم.كما لو كان الدين مؤجلا ولم يحل أجله لا يعطى من هذا السهم فعلا.نعم لو كان كسوبا يتمكن من المعيشة والوفاء تدريجا الا انه فعلا لا يسعه تأخير وفاء الدين كما لو خشي من الحبس أو التحجير جاز إعطاؤه من هذا السهم.كما ان تمكنه من وفاء الدين بعد حين كأن تدرك غلة بستانه لا يمنع من جواز إعطائه من هذا السهم(ثانيهما)عدم صرف الغارم الدين في معصية الله تعالى بدون عذر شرعي وان تاب بعد الصرف.وعليه فلو فرض انه صرف الدين في معصية الله لم يجز إعطاؤه من الزكاة لوفاء دينه واما لو كان معذورا شرعا في صرف الدين في معصية الله كما لو كان جاهلا أو ناسياً أو مضطراً أو مجنونا أو صغيرا جاز إعطاؤه من هذا السهم وهكذا الحال لو استدان بقصد الصرف في معصية الله ولم يصرفه فانه يجوز إعطاؤه من هذا السهم ولو شك في ان صرفه للدين كان في معصية الله أم لا جاز إعطاؤه.

من يجوز إعطاؤه من هذا السهم

يجوز أن يدفع سهم الغارمين إلى الدائن من دون إطلاع المديون ويجوز دفعه إلى المديون من دون اطلاع الدائن كما يجوز أن يعطى لوفاء دين الحي ودين الميت ولوفاء من تجب نفقته على المزكي أو لا تجب فلو فرض ان اباه مديون وكان لا يتمكن من وفاء دينه جاز للابن وفاء دين أبيه من الزكاة الواجبة عليه ولو كان شخصا ميتا وهو مديون جاز وفاء دينه من الزكاة ولكن بشرط أن يكون الميت لم يترك ما يفي بدينه أو ترك ما يفي بدينه لكن لم يمكن استيفاء الدين من التركة كما إذا جحد الورثة الدين او التركة وهكذا الكلام لو ترك ما يفي ببعض دينه اعطي الباقي من الزكاة لوفاء دينه كما في الصورة المتقدمة.

 

السابع من موارد صرف الزكاة سبيل الله تعالى

 (السابع)من موارد صرف الزكاة:سبيل الله تعالى وهو الأعمال الخيرية فانها الطرق والسبل التي توصل العبد لله تعالى حيث انها توجد القرب منه تعالى كالحج والجهاد والدعوة والإرشاد.وتأليف الكتب لدفع شبهة الحاد وطلب العلوم الدينية والمعارف الإلهية.والدفاع عن المسلمين.وتخليص المؤمنين من يد الظالمين.وإنقاذ الأبرار من الأشرار.وتعظيم العلماء والصلحاء.أهل المنابر والخطباء.والبناء للمساجد المعظمة والمشاهد المشرفة وتشييد المدارس والخانات وشق الأنهار والقنوات.واصلاح ذات البين.ومساعدة الحجاج والزائرين إلى غير ذلك من الأعمال الخيرية.والمبرات الإلهية ويشترط في المدفوع له هذا السهم من الزكاة ان يكون محتاجا إلى الزكاة في فعل الخير وان كان غنيا يملك قوت سنته إلا انه لا يتمكن من القيام بالعمل الخيري بدون الزكاة كما لو فرض ان شخصاً يتمكن من قوت سنته ولكنه لا يتمكن من الحج أو الزيارة أو الزواج بمعنى انه لو صرف ما عنده فيها اصبح فقيرا لا يملك قوت سنته أو كان كسبه لا يفي الا بمعيشته فانه يعطي من الزكاة لصرفها في ذلك.واما المصالح العامة كبناء القناطر والمساجد والمستشفيات فحيث انها ترجع لمصلحة المسلمين العامة ولا شك ان شخصيتهم العامة فقيرة محتاجة إلى الزكاة وغيرها في الصرف في مصالحها الشاملة ومنافعها العامة.وعليه فالمسجد المبني من هذا السهم والقنطرة المشيدة منه يجوز للمسلم حتى لو كان غنيا يتمكن من بناء المسجد والقنطرة ان ينتفع بهما بل والمجاهد والمدافع عن المسلمين يعطى من هذا السهم حتى لو كان غنيا لا يحتاج في الجهاد والدفاع إلى المال لأن هذا العمل راجع لشخصية المسلم العامة وهي فقيرة إلى مثل ذلك كما عرفت.وإذا كان المدفوع له من هذا السهم لم يأتِ بالعمل كما لو أعطى للحج ولم يحج أو اعطى للجهاد ولم يجاهد ارتجع منه ويكون المدفوع من هذا السهم بقدر الحاجة على حسب حاله شرفا وضعة وقرب المسافة وبعدها وغير ذلك.ويرتجع الزائد على المصرف هذا كله إذا أعطى للصرف في عمل الخير واما لو آجره عليه كما لو آجره على الحج أو على الجهاد واطعام الحجاج والزائرين فيعطيه من الزكاة بمقدار ما عينه من الاجرة ولا يرجع الزائد.ومثل الإجارة هو الإعطاء من هذا السهم للتشجيع على عمل الخير والترغيب فيه فانه يعطيه ما يحصل به ذلك ولا يسترجع الزائد على العمل.واعلم انه لا يلزم صرف نفس عين الزكاة في سبيل الله تعالى بل يجوز تبديلها بجنس يصلح للصرف في السبيل المقصود فعله فمثلاً يباع الشعير بالنقدين لتعمير المسجد ولا يلزم صرف نفس الشعير في بناء المسجد.

الثامن من موارد صرف الزكاة ابن السبيل

(الثامن)من الموارد ابن السبيل وهو المسافر الذي احتاج إلى الزكاة في سفره لنفقته أو راحلته أو غير ذلك من شؤون حياته بحيث يكون التكسب أو الدين أو بيع ما عنده فيه حرج عليه فيدفع له من الزكاة قدر الحاجة اللائقة بحاله من الملبوس والماكول والمركوب وغير ذلك مما يحتاجه في سفره إلى أن يصل إلى بلده أو إلى المحل الذي يستغنى فيه عن الزكاة بالقرض أو البيع.والحاصل انه يجوز إعطاء الزكاة لابن السبيل سواء كان احتياجه لها في الطريق أو في البلد المسافر إليه أو في خروجه منها لبلد أخرى أو في رجوعه لبلده وسواء قصد الإقامة في سفره أم لا وسواء كان سفره إلى ما دون المسافة الشرعية الموجبة للقصر أم لا وسواء كان فقيرا في بلده أم كان غنيا فيها وسواء كان ضيفا أم لا وسواء كان كثير السفر أم لا.ويشترط في جواز إعطائه الزكاة أن يكون سفره الذي سمي بواسطته ابن السبيل ليس بمعصية الله تعالى.ولو تاب أو عدل عن قصده المحرم جاز إعطاؤه.ولو بقي عنده شيء من الزكاة بعد وصوله لبلده ولو بتضيقه على نفسه أو تيسر له في الاثناء المال ولو بالقرض رد الزائد عنده إلى ولي الزكاة ويعلمه بأنه من الزكاة المعطاة لابن السبيل سواء كان الزائد عنده من عين الزكاة أو ما اشتراه من الثياب و الأدوات.والولي للزكاة هو صاحب المال فان تعذر ايصال المال إليه أو إلى وكيله دفعه لحاكم الشرع فان تعذر يصرفه بنفسه في ابناء السبيل ومع عدمهم يصرفه في المستحقين للزكاة.

 

البحث الثاني في الشروط العامة للزكاة وهي ثلاثة

الشرط الأول

الإيمان

(الشرط الأول)أن يكونوا من أهل المعرفة والإيمان أي من الشيعة الاثني عشرية سواء كانوا عدولا أو فساقا إذا لم يكن فيها إعانة على المعصية نعم في المحكي عن المفيد وعن الكليني في الصحيح كما وصفه المجلسي S وعن محمد بن الحسن(ان داود الصرمي قال سألته عن شارب الخمر يعطى من الزكاة شيئاً قال لا)ولا يجوز اعطاؤها لغير الشيعة الاثني عشرية مطلقا حتى ان الشخص الذي لم يكن على هذا المذهب ثم استبصر لم يعد صلاته ولا صومه ولا حجه إذا أتى بها على طبق مذهبه ويعيد زكاته ولو أتى بها على طبق مذهبه لأنه دفعها إلى أهل نحلته اما لو دفعها للمؤمنين أو صرفها في مصالحهم فلا تجب عليه إعادة الزكاة.والمشكوك إيمانه لا يعطى من الزكاة ما لم يثبت إيمانه بالشياع أو البينة أو دعوى انه مؤمن أو بالأصل.ويدخل في الشيعة من إذا سئل أجاب بأنه شيعي ولم يدن بدين مناف للمذهب الاثني عشري بحيث يؤمن بكل ما لو عرفه انه من المذهب الاثني عشري وبالجملة انه يؤمن بالتشيع الاثني عشري على سبيل الاجمال وان لم يدرِ ما معنى الشيعي ولم يعرف الأئمة   عليه السلام  باسمائهم واحسابهم كاغلب أهل البادية والسواد.وتعطى الزكاة لاطفال المؤمنين من غير الزنا وان كان اباؤهم فساقا أو امهاتهم ليست من الشيعة ولكن الذي يعطى من الزكاة للاطفال اما ان يسلم إلى وليهم ليصرفه في مصالحهم أو هو صاحب الزكاة يصرفه في مصالحهم أو يعتمد على الثقة في صرفه على مصالحهم.

وهذا الوصف معتبر في جميع أصناف المستحقين للزكاة ما عدا المؤلفة قلوبهم وفك الرقاب للخبر الصحيح سهم المؤلفة قلوبهم وسهم الرقاب عام.وهكذا يجوز أن يعطى من سهم سبيل الله لغير المؤمن إذا كان فيه نفع للمؤمن كتخليصه منه وإذا لم يوجد المؤمن في بلده وتعذر صرف الزكاة في باقي الموارد كسبيل الله وفك الرقاب بعثها إلى بلد المؤمنين مع الأمن من التلف وإلا حفظها عنده حتى يحصل من يصح صرفها عليه.

الشرط الثاني

عدم وجوب النفقة

(الشرط الثاني)ألا يكون واجب النفقة على صاحب الزكاة كالأبوين والأولاد والزوجة حتى المطلقة الواجبة النفقة عليه ويجوز لهؤلاء أن يأخذوا الزكاة من غير الشخص الذي تجب نفقتهم عليه إذا كانوا مستحقين للزكاة كأن كانوا لا يملكون قوت سنتهم بقطع النظر عن الإنفاق عليهم من الغير.والحاصل ان هؤلاء إذا كانوا في حد ذاتهم لا يملكون قوت سنتهم فانفاق الغير عليهم لا ينفع من اعطائهم الزكاة ففي الخبر الصحيح(يأخذ وعنده قوت شهر ما يكفيه لسنة من الزكاة)والمذكورون ليس عندهم قوت الغد فضلا عن الشهر.ويجوز لصاحب الزكاة أن يعطي زكاته لمن يعول به إذا كان غير واجب النفقة عليه كأخيه وعمه وخاله.كما يجوز له أن يعطي زوجته المتمتع بها أو الناشز.نعم لا يجوز له أن يعطي زوجته المتمتع بها المشروط نفقتها عليه بحيث تكون من عياله.وهكذا لا يجوز أن يعطي زكاته لمن وجبت عليه نفقته بنذر ونحوه أو بمعاملة كالصلح وغيره كما لو كان عنده خادم وجبت عليه نفقته بالمصالحة ونحوها.ويجوز للزوجة أن تعطي زكاتها لزوجها إذا كان مستحقا للزكاة كما لو كان فقيرا وان كان ينفق عليها منها.ويجوز إعطاء واجب النفقة من غير سهم الفقراء والمساكين إذا كان من باقي الأصناف وينطبق عليه أحد عناوينهم كما لو كان عاملا أو في سبيل الله ولكن لا يجوز أن يحسب ذلك من نفقته الواجبة عليه بل يعطيه مما يستحق من الزكاة زائداً على نفقته الواجبة عليه فيجوز أن يشتري من سهم سبيل الله كتاباً ويوقفه على أولاده وغيرهم ممن تجب نفقته عليه.ولا يجوز أن يشتري من هذا السهم عقاراً أو نحوه ويوقفه على من تجب نفقته عليه لصرف نمائه في نفقتهم نعم يجوز أن يوقفه بنحو الانتفاع به على جهة العموم كأن يوقفه على طلاب العلوم الدينية وابنه يكون أحدهم.

 

الشرط الثالث

عدم الانتساب لهاشم

(الشرط الثالث)ألا يكون هاشميا فانه لو كان هاشميا لا تحل له إلا زكاة الهاشمي واما زكاة غير الهاشمي فلا تحل للهاشمي إلا عند الاضطرار فانه مع الاضطرار يجوز إعطاء الهاشمي زكاة غيره ولو بأزيد من الضرورة إذا كان في دفعة واحدة لا في دفعات متعددة يخرج فيما بينها عن الاضطرار.ولا فرق في ذلك بين السهام جميعها في عدم جواز إعطاء الهاشمي من زكاة غيره:وتقبل دعوى الشخص انه هاشمي بالبينة والشياع ودعواه ذلك مع عدم مظنة الكذب:وتحل زكاة غير الهاشمي على موالي بني هاشم وهم عتقاؤهم: كما يجوز الانتفاع للهاشمي بما يتخذ من زكاة غير الهاشمي من القناطر والمدارس والخانات وسائر الأمور العامة كما يجوز له اخذ الزكاة بعد إعطائها لمستحقها والمراد بالهاشمي من انتسب من طرف الأباء إلى هاشم بن عبد مناف جد النبي  صلى الله عليه وآله وسلم  وقد انحصرت ذريته بعبد المطلب كما انحصرت ذرية عبد المطلب باولاد أبي طالب والعباس والحارث وأبي لهب واما ولده عبد الله فليس له الا النبي  صلى الله عليه وآله وسلم  ولا يعرف اليوم غير ذرية أبي طالب والعباس.واما أولاد المطلب أخي هاشم فيجوز إعطاؤهم زكاة غيرهم وكذا من انتسب إلى هاشم من طرف الام  فقط يجوز إعطاؤه للزكاة.

الصدقة المحرمة على بني هاشم

خصوص الزكاة

إنما يحرم من صدقات غير الهاشمي على الهاشمي خصوص الزكاة الواجبة المفروضة على الناس لأنها هي أوساخ الناس وهي التي عوض الهاشميون عنها بالخمس:واما باقي الصدقات المندوبة والواجبة كالكفارات والمنذورة والموصى بها والهدي في الحج والمظالم المسماة برد المظالم وغير ذلك من الصدقات فيجوز إعطاؤها للهاشمي وتناول الهاشمي لها وان كانت من غيره.

الفصل السابع

في إخراج الزكاة ووقت تسليمها والمتولي للإخراج ولزوم نية القربة وفيه مباحث

البحث الأول

في المتولي لإخراج الزكاة

ان المتولي لإخراج الزكاة من المال هو الإمام  عليه السلام أو عماله أو المالك ولا يتعين الدفع إلى الإمام بل يجوز للمالك أن يصرف الزكاة في مواردها بنفسه كما يجوز له أن يستنيب عنه من يخرج الزكاة ويفرقها بين المستحقين الا انه يشترط في النائب أن يكون ثقة.

البحث الثاني

في وقت تسليم الزكاة وفوريته

وقد عرفت ان وقت وجوب الزكاة في الغلات هو عند صدق أسمائها عليها من تمر وزبيب وحنطة وشعير ووقت وجوب الزكاة في غيرها من الأنعام والنقدين هو عند دخولها في الشهر الثاني عشر:ويجب إخراجها ولو بعزلها فورا بحسب عادة ما يخرج من الحقوق المنجزة من العين.وأما أداؤها وإعطاؤها للفقراء فيجوز تاخيره إلى حد لا يبلغ معه صدق الاهمال ولكنه يضمنها عند التأخير مع تمكنه من إعطائها فعلا كما لو كان المستحق لها موجودا يتمكن من دفعها له ولم يدفعها له واما إذا كان موجوداً ولكن المالك لا يعرفه فلا يضمن لو تلفت الزكاة إلا إذا فرط بها.

عدم جواز إعطاء الزكاة

قبل وجوبها       

ولا يجوز تقديم الزكاة قبل وقت وجوبها فانها مثل الصلاة اليومية وصوم شهر رمضان لا يجوز تقديمها على وقتها:ويجوز إعطاؤها قبل وقتها بنحو القرض ويكون حكمها حكم القرض:نعم له أن يحتسبها عليه وقت الوجوب وله أن يسترجعها منه لأنه له الولاية عليها يدفعها لمن يشاء:وينبغي لمقرض الزكاة التي يحل وجوبها عليه في الوقت الفلاني حتى إذا صار غنيا في ذلك الوقت أرجعها إلى صاحب المال ولئلا يجعل صاحب الزكاة يحتسبها عليه كما إذا فقد شرط وجوبها استعاده منه.

 

البحث الثالث

في اعتبار النية في الزكاة وتعين المنوي

ولا بد في الزكاة من النية بان يقصد القربة بها إلى الله تعالى في عزلها أو دفعها للمستحق أو للمجتهد بعنوان الولاية أو الساعي عن المجتهد المذكور ولا يجب على هؤلاء النية.نعم للمسالك أن يوكل عنه من يثق به في دفعها للمستحقين فينوي الوكيل نيابة عن المالك إذ كان وكيلا في اداء الزكاة عنه واما إذا كان من قبيل الآلة الموصلة للزكاة للفقير كما لو أعطي الزكاة للمكاري ليوصلها إلى مستحق معين فالنية متعينة على لمالك.ويجب استمرار النية إلى حين الايصال ولو حكما ولو نوى المالك وحده عند دفع الوكيل عنه للمستحق أجزأ لأن المالك تعلق به الخطاب وقد نوى عند وصول المال لمستحقه:وزكاة الصبي والمجنون يتولى فيها النية الولي عليهما ولا بد في النية من تعين كونها زكاة لاحقا آخر:مندوبة أو واجبة:مالية أو فطرة ان اشتغلت ذمته بأمور متعددة من زكاة وخمس وحق امام ارواحنا فداه ونحو ذلك:ويكفي التعين ولو بالاشارة بأن ينوي ما وجب عليه أولا أو اليوم الفلاني أو بسبب بلوغ الغلة النصاب:ولا يعتبر في النية قصد الوجوب ولا الندب إلا إذا توقف تعيين نوع الزكاة على قصد أحدهما.ولا تعيين الجنس الذي يدفع من الزكاة انه من الانعام أو الغلات أو النقدين:نعم لو كانت عنده اجناس مختلفة تعلقت بكل منها الزكاة كان عليه تعيين ما يخرج الزكاة منه إذا لم يكن معيناً هناك في الخارج كما لو وجب عليه شاة في أربعين شاة وشاة في خمس من الإبل فانه لو أراد دفع شاة واحدة لابد له من تعين ما يدفع عنه فان دفعها عن الشياه لم يرجع إليه المشتري في زكاتها ولم تجب عليه زكاة الإبل مع تلفها لا بتفريط وهكذا لو دفعها عن الإبل.ولو دفع شاتين دفعة واحدة ونوى كونهما زكاة عنهما من دون تعين اجزأ ذلك وهكذا لو كانت ذمته مشتغلة بزكوات متعددة من أجناس مختلفة في أزمنة متفاوتة وأراد أن يخلص نفسه منها فانه يعطي عما في ذمته منها ولا يلزم عليه التعيين:ولو علم إجمالا بوجوب شاة عليه ولكنه لا يعلم انها من اربعين شاة أو من خمسة ابل جاز إعطاؤه شاة عما في ذمته من دون تعيين:وتجزي النية بعد الدفع إذا كان له استرجاع الزكاة عينا أو قيمة وإلا فلا تجزي ووجب عليه الدفع مرة ثانية.ولو اخذت الزكاة قهراً من شخص فلا يعتبر نيته والمعتبر نية الآخذ والدفع وتبرأذمة المالك إلا انه آثم.

البحث الرابع

في إخراج زكاة المال الغائب

إذا كان لشخص مال غائب فنوى انه أن كان موجوداً فهذه زكاته وأن لم يكن موجوداً فهو صدقة أو هدية جاز ويكون ما أعطاه زكاة على تقدير وجوده وصدقة أو هدية على تقدير عدمه.ولو كان عنده مال حاضر ومال غائب فأخرج الزكاة ونواها عن الغائب أن كان موجوداً والا فهي عن الحاضر صح ذلك وكان زكاة عن الغائب على تقدير وجوده والا فهو زكاة عن الحاضر.ولو كان عنده مال غائب وتخيل وجوده وأخرج زكاته ثم تبين انه تالف أو فاقد لشرط الزكاة جاز له احتساب ما أخرجه زكاة عن مال أخر إذا كان له ارجاعه.ولو كان له مال لا يتمكن من التصرف فيه الا أنه يرجو وصوله له فأعطى له زكاته قبل وصوله لم يجز ذلك لانه يكون من قبيل تعجيل الزكاة قبل وقتها.

الفصل الثامن

في الشكوك في الزكاة

إذا شك في تعلق الزكاة بماله فلا تجب عليه زكاته واما إذا شك في اخراج الزكاة بعد اليقين بتعلقها بماله وجب عليه إخراجها إلا إذا كان شكه بالنسبة إلى السنين الماضية بحيث يصدق عليه عرفاً انه شك في شيء قد جاز وقد مضى فأنه لا يجب عليه إخراجها لما في الموثقة(إنما الشك إذا كنت في شيء لم تجزه)ويجوز في هذه الحالة أن يعطي شيئا للفقراء وينوي انه ان كان عليه زكاة فهو منها وان كان عليه مظالم فهو منها وان كان عليه كفارة فهو منها وان كان على أبيه زكاة فهو منها أو غير ذلك فهو منها والا فهو صدقة:وإذا علم بتعلق الزكاة بالمال ولكنه شك في انها تعلقت به زمان ملكه

 

أو بعد انتقاله منه للغير فان علم زمان التعلق وشك في زمان الانتقال وجبت عليه الزكاة ولو بدفع القيمة واما إذا لم يعلم زمان التعلق فلا تجب عليه الزكاة واما المنتقل إليه فلا تجب عليه الزكاة مع الشك المذكور حتى إذا علم زمان الانتقال إليه من الغير الا إذا علم بأن هذا المال الذي بيده تعلقت به الزكاة ولم يزك أصلا.واما لو علم المنتقل إليه المال ببيع اوهبة أو نحو ذلك بتعلق الزكاة بالمال المذكور ولكن شك في ان المنتقل منه زكاة أم لا فلا يجب عليه اخراج زكاته حتى لو كان المال باقيا لأن اليد امارة على الملكية وعلى عدم تعلق حق الغير به في المقام حتى لو قلنا بأن اليد المسبوقة بالامانة ليست بحجة لحجية اليد في خصوص الزكاة ولذا لو ادعى المالك الاخراج قبل قوله وهكذا لو ولى عن المصدق لا يطالبه بالزكاة.ولو علم الوارث بان الزكاة قد وجبت على مورثه وشك في ان مورثه أداها أم لا فلا يجب على الوارث تأديتها من التركة حتى لو كانت عين المال باقية كما هو الشأن في سائر التكاليف التي علم بثبوتها ولم يعلم تأديتها منه لقوله  عليه السلام في موثقة عبد الرحمن(والا فلا حق له لأنا لا ندري لعله قد وفاه في تعليل لزوم اليمين على المدعي المقيم للبينة على دعواه)

الفصل التاسع

في نبذة من أحكام الزكاة تكليف الكفارة بالزكاة

 (منها)ان الكافر مكلف بالزكاة بحيث لو مات وتمام النصاب موجود وكان وارثه مسلماً وجب عليه أداء الزكاة ولو باعه الكافر على المسلم وجب على المسلم أداؤها وللمسلم الرجوع عليه.وتصح منه إذا تأتى منه قصد القربة كما لو كان معتقداً بالصانع وبنينا على ان الإسلام ليس بشرط شرعي لصحة العبادة كما حكي الفتوى عن الشهيد الثاني S بصحة الوقف والصدقة مع انها من العبادات يعتبر فيها قصد القربة عند تحققها والمحكي عن الشهيد الأول S انه استقرب صحة العتق من الكافر مع اشتراطه القربة في العتق والمحكي عن الشهيد الثاني S الفتوى بصحة العتق من الكافر أو كيف كان إذا اسلم الكافر بعد وجوبها عليه سقطت عنه سواء كان المال باقيا أو تالفا بتفريط أو بغير تفريط ولا ضمان عليه.ولا يجوز أخذ الزكاة من الكافر غير الحربي بالقهر ولا سرقتها منه لأن المعاهدة معه ودخوله في الذمة تجعل أمواله محترمة لا يجوز التعدي عليها أصلا.نعم إذا اشترط عليه الزكاة كان لولي المسلمين أخذها منه قهراً.وإذا ارتد المسلم عن فطرة قبل الحول ولم تجب الزكاة في ماله لانقطاع الملك عنه وأستأنف الورثة الحول من حين تمكنه من التصرف فيه.وإن كان الارتداد بعد الحول وجبت الزكاة في ماله وعلى من يرجع المال إليه إخراجها.وإذا كان الارتداد لا عن فطرة وجبت الزكاة عند تمام الحول لأنه لا دليل على منعه من التصرف كما حققناه في كتاب الحدود.وأما المرأة المرتدة عن فطرة فحالها حال المرتد عن فطرة لظهور الأدلة في منعها عن التصرف.

ضمان المسلم للزكاة

(ومنها)انه قد تقدم ان القدرة على امتثال أمر الزكاة شرط عقلي نظير سائر التكاليف وانها عبارة عن التمكن من أدلتها ولو بعد سنين.وعليه فإذا حصل التمكن المذكور وكان المال مستجمعا لشرائط الزكاة تكون واجبة عليه فلو أهمل بغير مسوغ شرعي ولم يؤدها وتلفت منه يكون ضامنا لها.واما إذا لم يتمكن من أدائها فعلا فانه لا يضمنها إلا أن يفرط بها بعد وجوبها عليه.وإذا لم يجد من يدفعها إليه وبعثها لتصرف في مواردها فتلفت فلا ضمان عليه.ولو تلف من النصاب شيء بعد وجوب الزكاة فان فرط المالك ولو بتأخير الاداء مع التمكن منه بلا مجوز شرعي كان عليه اداء زكاة ذلك المال تماما.وان كان تلف بعض النصاب بعد وجوبها بدون تفريط سقط من المقدار المقرر لذلك النصاب من الزكاة بنسبة التالف فمثلا إذا وجب العشر فيما حل عنده من الغلة ثم سرق منها مقدار أو اخذه الجائر باسم الخراج أو المقاسمة أو احترق وجب عليه العشر فيما حصل بيده من الغلة بعد ذلك ولا يجب عليه اخراج عشر ما حصل عنده من الغلة قبل ذلك وهكذا لو كان عنده اربعمائة من الغنم فتلف منه بعد الحول واحدة بدون تفريط فيسقط من الاربع شياه الواجبة فيه أربعة أجزاء من اربعمائة جزء ولو تلف منه اثنان سقط منها ثمانية أجزاء من أربعمائة جزء ولو تلف من الخمس من الإبل واحدة سقط جزء من خمسة أجزاء الشاة الواجبة فيها ولو تلف النصاب كله بلا تفريط سقط الكل.وأما لو كان على النصاب زيادة معفو عنها كما لو كانت الغنم اربعمائة وعشرين وتلف منها واحدة أو عشرة أو عشرون لم يدخل النقص على الزكاة ولو كان التلف بدون تفريط.ولو عزل الزكاة فتلفت بدون تفريط ولو بالتاخير مع عدم وجود المستحق لم يضمنها بخلاف ما لو فرط فيها أو كان المستحق لها موجودا فانه يضمنها.

 

الزكاة في العين بيد أي شخص صارت

 (ومنها)ان العين الزكوية يجب فيها الزكاة في يد أي شخص صارت فلو اشترى تمام النصاب بعدم تعلق الزكاة به ولم يكن البائع قد أدى الزكاة سواء كان البائع مسلما أو كافرا أخذت الزكاة من المشتري وهو يتبع البائع بها أو يؤدي الزكاة البائع والبيع حرام إذا لم يؤدها البائع والمشتري حرام عليه الشراء إذا لم يؤدها والمعاملة صحيحة ولازمة بالنسبة إلى الزكاة إذا أدى البائع أو المشتري الزكاة والا حرم التصرف بمقدار الزكاة للمشتري وبما قابله من الثمن للبائع.هذا يخلاف ما لو باع بعض النصاب إلى أن يبقي عند البائع مقدار الزكاة فانه يتبع في الزكاة البائع لا المشتري لأن لصاحب المال الحق في التصرف في ماله ما عدا مقدار الزكاة.ولو باع المال قبل تعلق الزكاة به فزكاته على المشتري إذا تعلقت به الزكاة عند المشتري.ولو مات المالك وقد تعلقت الزكاة بماله وهو حي ولم يؤدها وجب اخراجها من المال الزكوي ولو كان عليه دين يستغرق التركة لأن الزكاة تعلقت بالمال قبل تعلق الدين به.نعم لو كان المال الزكوي تالفا والزكاة في ذمته صار حالها حال سائر الديون أما لو مات المالك قبل تعلق الزكاة بماله وانتقل المال إلى الورثة ولم يكونوا ممنوعين من التصرف في المال فالزكاة تجب في كل من بلغت حصته النصاب مع جامعيتها لباقي الشرائط.

اشتراط الزكاة على الغير

(ومنها)لا يجوز الاشتراط على المشتري اداء زكاة المال التي وجبت على البائع لأن المخاطب بالزكاة التي هي الأمر العبادي هو المالك نعم يجوز أن يشترط على المشتري أن ينوب عنه في اخراج الزكاة.

جواز النيابة عن الزكاة

وعدم وجوب الترتيب فيها

(ومنها)ان الزكاة من العبادات التي يجوز ان ينوب الشخص عن الحي في ادائها واخراجها ويشترط في النائب ان يكون ثقة يضعها في مواضعها ولو تلف من النائب مع تمكن المالك من ادائها مواضعها أو بتفريط منه لم تبرأ ذمة المالك وكان عليه اداؤها مرة ثانية نعم لو اعطاها للامام باعتبار ماله من الولاية أو من جعله نائبا عنه أو الساعي برئت ذمة المالك ولو تلفت منهم بتفريط.ولا يجب الترتيب في اداء الزكاة بأن يؤدي ما وجب عليه منها أولاً فأولا بل يصح له ان يعطي زكاة السنة الحاضرة قبل عطاء زكاة السنة السابقة عليها نعم يحرم عليه التأخير للزكاة لما عرفت من فورية وجوبها.

جواز احتساب الدين زكاة على مستحقها

(ومنها)انه لو كان له دين على مستحق الزكاة ولم يعلم بأنه صرفه في معصية الله يجوز له أن يحتسبه من الزكاة بان يبرىء ذمة المديون من الدين على وجه الزكاة كأن يعين المال الذي له بذمة المديون من الزكاة ثم يحتسبه على المديون.ويمكن أن يقاصه بأن يعين المزكي في الخارج مالا من الزكاة بقدر الذي له بذمة المديون ثم يقبله عن المديون فيصبح المال ملكا للمديون ثم يأخذ الدائن ذلك المال مقاصة عماله في ذمة المديون.ولا فرق في جواز الاحتساب بين أن يكون المديون حيا أو ميتا نعم يعتبر في الحي أن يكون وقت الاحتساب مستحقا للزكاة لأنه وقت اداء الزكاة سواء كان وقت الاقتراض مستحقا أم لا.كما يعتبر في الميت ألا تكون تركته تفي بدينه والا فلا يجوز الاحتساب

 

عليه ولو فرض ان التركة تفي ببعضه جاز احتساب باقي الدين من الزكاة عليه نعم إذا لم يمكن استيفاء الدين من التركة كما لو جحد الورثة الدين أو امتنعوا عن ادائه فيجوز له احتساب الدين من الزكاة وان كانت التركة تفي بدينه ومنه يظهر جواز إعطاء الفقير القرض ليحتسبه من الزكاة وقت وجوبها عليه وفي خبر عقبة بن خالد قال دخلت أنا والمعلى وعثمان بن عمران على أبي عبد الله  عليه السلام قال مرحبا بكم وجوه تحبنا ونحبها جعلكم الله معنا في الدنيا والاخرة فقال له عثمان جعلت فداك ، فقال ابو عبد الله  عليه السلام : نعم مه ؟ قال اني رجل موسر ،فقال له  عليه السلام : بارك الله تعالى لك في يسارك ، قال : فيجيئني الرجل ويسألني الشيء وليس هو إبان زكاتي ، فقال له ابو عبد الله  عليه السلام القرض عندنا بثمانية عشر و الصدقة بعشر وماذا عليك اذا كنت كما تقول موسراً أعطيته فاذا كان إبان زكاتك احتسبت بها من الزكاة ، يا عثمان لا ترده فان رده عند الله عظيم ، يا عثمان انك لو علمت ما منزلة المؤمن من ربه ما توانيت في حاجته ومن ادخل على مؤمن سروراً فقد ادخل على رسول الله 2 وقضاء حاجة المؤمن يدفع الجنون و الجذام و البرص.

المستحق يملك الزكاة بعزلها

(ومنها)يجوز للمالك عزل الزكاة من العين أو القيمة بل العزل افضل سواء وجد المستحق أم لم يوجد وإذا عزلها يملكها المستحقون لها قهرا أو يكون نماءها المتصل والمنفصل لهم وتصير يد المالك عليها يد امانة.ولا يجوز له تبديلها بعين أخرى.ولا يضمنها إذا تلفت من غير تفريط نعم لو عزلها ولم يدفعها لمستحقها مع وجوده فتلفت منه ضمنها.

إعطاء الزكاة لغير مستحقها

باعتقاد انه مستحقها

(ومنها)لو دفع الزكاة إلى غير مستحقها باعتقاد انه مستحقها كما لو دفعها غير الهاشمي إلى الهاشمي باعتقاد انه ليس هاشمياً أو دفعها إلى الكافر باعتقاد انه مؤمن أو إلى الغني باعتقاد انه فقير فان كانت عين الزكاة باقية عند المدفوع له استرجعها منه ولا يجوز للمدفوع له تصرفه بها سواء كان القابض جاهلا بحرمة الزكاة عليه أم لا وسواء يعلم بان ما دفع له زكاة أم لا.وإذا لم يتمكن المالك من استرجاع العين فان كان قد طلب واجتهد فلم يجد مستحقا للزكاة في نظره غير هذا الشخص المدفوع له فلا ضمان عليه.واما ان فرط بها وتسامح واعطاها اياه بدون قيام حجة شرعية على استحقاقه أو كان يعرف غيره مستحقا لها ودفعها للذي انكشف له عدم استحقاقه لها فهو لها ضامن وعليه أن يدفع بدلها لمستحق الزكاة.واما ان كانت العين قد اتلفها المدفوع له فان كان المالك دفعها له على وجه الزكاة أو على وجه يحتمل فيه انها زكاة فترك المدفوع له التفحص عن حالها واتلفها كان المدفوع له ضامنا لها سواء كان المدفوع له عالما بانه لا يجوز له اخذ الزكاة أم لا واما ان كان دفعها له على نحو لا يحتمل انها زكاة كما لو اعطاها اياه على وجه الصلة لم يضمنها المدفوع له لكونه مغرورا بفعل الدافع فليس له تغريمه.واما المالك فحكمه حكم ما سبق هذا كله إذا كانت الزكاة قد اخرجها المالك من المال الزكوي أو لم يدفعها للمجتهد أو وكيله.واما إذا لم يخرجها من المال كما لو كانت بنحو القرضة أو كان المالك بذمته الزكاة فاراد تخليص نفسه منها فدفع المال لمن تخيل استحقاقه وجب عليه أن يدفع الزكاة مرة ثانية إذا لم يتمكن من استرجاع ما دفعه واما إذا دفعها للمجتهد أو وكيله فقد برئت ذمته ولا ضمان على المجتهد أو وكيله إذا لم يفرطا بها.

الاشتباه في إعطاء الزكاة للمستحقين

(ومنها)لو دفع المالك الزكاة إلى بكر وتخيل انه زيد مع ان كلا منهما مستحق للزكاة أو دفعها إلى بكر بتخيل انه عالم فظهر انه جاهل أو بتخيل انه مريض فبان انه صحيح فان كان تخيله ذلك داعيا محضا بحيث يكون اعطاؤه انه فرد من افراد المستحق للزكاة ولكن الذي دعاه إلى الإعطاء له تخيل كونه زيدا أو مريضا أو عالما أجزأه ذلك ولم يجز له استرجاعه وان كان تخيله ذلك على نحو التقيد والعنوانية بان اعطاه له بعنوان انه عالم أو انه مريض أو انه زيد كان له استرجاعه أو احتسابه عليه من الزكاة بنية جديدة مع بقاء العين واما مع تلف العين فان كانت مضمونة على الدافع والمدفوع له بأن أخرج الزكاة الدافع وفرط في معرفة زيد أو المرض أو العلم والمدفوع له علم انه ان اعطي بعنوان انه زيد أو انه عالم او مريض وهو ليس كذلك وهو ليس كذلك وجب على المدفوع له ان يرجعها والا على الدافع أن يدفعها مرة ثانية واما إذا كانت مضمونة على المدفوع له فقط ولم يفرط الدافع فيها كأن تفحص الدافع وطلب واجتهد واخرج الزكاة فلم يشخص الا بكرا بأنه عالم أو مريض أو انه زيد والمدفوع له وهو بكر اخذها بعنوان انه زيد أو مريض أو عالم وهو ليس كذلك لم يجب على الدافع المخرج للزكاة من ماله الزكاة مرة ثانية ولا احتسابها عليه ووجب على الآخذ أن يرجعها للدافع واما إذا كانت مضمونة على الدافع فقط كما لو فرط في المعرفة ودفعها إلى بكر بعنوان انه زيد ولكنه لم يطلع بكر بذلك ولم يحتمل بكر ذلك وقد اتلفت العين وجب على الدافع أن يعطي الزكاة مرة ثانية ولم يضمنها بكر.

استحباب الاعلان بدفع الزكاة

(ومنها)يستحب الاعلان باعطاء الزكاة الواجبة فقد ورد ان الزكاة المفروضة تخرج علانية وتدفع علانية وغير الزكاة ان دفعه سرا فهو افضل وفي رواية أخرى لو ان رجلا حمل زكاة ماله على عاتقه فقسمها علانية كان ذلك حسنا جميلا.

 

الأولى دفع الزكاة إلى المجتهد

(ومنها) المحكي عن الغنية الإجماع على عدم وجوب دفع الزكاة إلى الفقيه في زمن الغيبة إلا مع فقد المعرفة الا ان الظاهر الأولى دفع الزكاة إلى المجتهد العادل البصير بالشؤون الإسلامية لانه ابصر بمواقعها واعرف بمواضعها ومع ذلك ابعد عن التهمة واردع للنفس عن هواها وميلها لاختصاص من تحبه وتفضله على من لا تهواه مع انه لو قبضها من المالك بعنوان الولاية على الفقراء أو على صرفها في مواردها كالامام عليه السلام برئت ذمة المالك ولو تلفت بتفريط من المجتهد أو دفعها المجتهد لغير المستحق.ثم الدفع إلى المجتهد تارة بعنوان انه وكيل عن المالك وحينئذ فعلى المجتهد نية القربة وتارة بعنوان الولاية فعلى المالك نية القربة أو على المجتهد.هذا ولكن لو طلبها ولي المسلمين العادل الملتزم باعاشة فقراء المسلمين دفعها إليه.

يجوز إعطاء الزكاة من غير تعيين الجهة

  (ومنها)إذا علم استحقاق الشخص للزكاة لكن لا يعلم جهة استحقاقه جاز إعطاؤه الزكاة من غير تعيين الجهة ولكن بمقدار اقل الجهات المحتملة فمثلا لو علم أن زيدا يستحق الزكاة ولم يعلم انه فقير أو مسكين أو ابن السبيل ولكن على تقدير كونه ابن السبيل فمقدار كفايته من الزكاة عشرة دراهم جاز إعطاؤه عشرة دراهم من دون قصد عنوان ابن السبيل ولا يجوز إعطاؤه اكثر منها.

عدم وجوب بسط الزكاة على الأصناف الثمانية

(ومنها)انه لا يجب بسط الزكاة سواء كانت واجبة أو مندوبة على الأصناف الثمانية بل يجوز تخصيص صنف واحد منها بها كإعطائها للفقراء فقط بل يجوز تخصيصها بشخص واحد فقط.كما ان المستحق إذا اجتمع فيه سببان أو اكثر يستحق بهما الزكاة يجوز أن يعطي بحسب كل سبب نصيب من الزكاة كما لو كان المستحق فقيرا وكاتبا ومغرما مع عدم حصول المانع من إعطائه لنصيب أحدهم.وفي بعض الأخبار تفضيل إعطاء الذي لا يسأل على الذي يسأل.وفي بعضها يظهر منه استحباب إعطاء زكاة الانعام لذوي التجمل من الفقراء واعطاء صدقة الذهب والفضة والحنطة والشعير والتمر والزبيب للفقراء المدقعين الشديدي الفقر.وفي بعضها ما يدل على تفضيل ذي الرحم على غيره وتفضيل أهل الفقه والعقل على غيرهم.

نقل الزكاة إلى غير بلده

(ومنها)كما يجوز أن يعدل بالزكاة إلى غير من حضره من الفقراء كذلك يجوز أن ينقلها إلى غير بلده ولو كان يوجد المستحق فيها ولكن اجرة النقل على المالك.نعم يضمن الزكاة لو تلفت بالنقل مع وجود المستحق لها في بلده.واما مع عدمه فلا يضمنها إذا تلفت بدون تفريط منه وهكذا لو دفعها للفقيه والفقيه وكّله في نقلها.

الزكاة على الميت وجواز احتسابها على ورثته

(ومنها)ان من عليه الزكاة إذا أدركته الوفاة وظن الموت وجب عليه الوصية بالزكاة سواء كانت الزكاة في عين ماله أو في ذمته ولو كانت الورثة محاويج جاز احتسابها عليهم بعد موته وان كانوا ممن تجب نفقتهم عليه الا انه يستحب دفع شيء من الزكاة لغيرهم ولو لم يوص بها وجب عليه إخراجها من تركته فان كانت في ذمته كانت كسائر الديون مقدمة على الوصايا والمواريث وان كانت متعلقة بالعين أخرجت فبل الديون والوصايا والمواريث لأن الزكاة تعلقت بالعين قبل تعلقها.

وارث المملوك المشترى بالزكاة

(ومنها)إذا مات المملوك الذي يشترى من الزكاة ولا وارث له لا بنسب ولا بسبب ورثه أرباب الزكاة.

مصاريف إعطاء الزكاة

(ومنها)ان مصاريف ما يتوقف عليه ايتاء الزكاة من الكيل والوزن والنقل على المالك ولا تخرج من الزكاة.

 

اقل ما يعطى للفقير من الزكاة وأكثره

(ومنها)لا حد لأقل ما يعطى الفقير من الزكاة نعم الأفضل ألا يعطى أقل من مقدار خمسة دراهم وهي عبارة عن عشرة قراريط من الذهب وهكذا لا حد لاكثر ما يعطى من الزكاة فيجوز أن يعطى دفعة بمقدار ما يصير به غنيا ولو كان اكثر من مؤونة سنته نعم لو أعطى بمقدار ما يفي بمؤونته السنوية فلا يجوز بعد هذا اعطاؤه من الزكاة حتى يفتقر.

تكرر الزكاة في المال بممر الأحوال

(ومنها)تكرر الزكاة في الأنعام والنقدين بتكرار الأحوال ما لم تنقص عن النصاب ولا تتكرر في الغلات بتكرر الأحوال وتوضيح ذلك انه إذا كان عنده النصاب الأول من النقدين أو الأنعام لا يزيد عليه شيء من المال كأربعين شاة فحال عليها أحوال فان كان يخرج زكاته من غيره بحيث لم ينقص المال عن النصاب المذكور وجب إعطاء زكاته فيما يستقبل من الأحوال فتتكرر الزكاة بتكرر الأحوال.واما لو اخرج زكاته من نفس النصاب لم يجب عليه زكاة هذا النصاب فيما يستقبل من الأحوال لانه  نقص عن النصاب بإخراج الزكاة بالحول الأول.واما إذا لم يخرج زكاته عدة أحوال فلا يجب فيه الا زكاته لحول واحد هذا كله إذا لم يكن يزيد على النصاب شيء عنده.واما إذا كان عنده أزيد من النصاب الأول كما لو كان عنده خمس واربعون شاة فحال عليها أحوال دون أن يخرج زكاتها وجب عليه الزكاة بمقدار ما مضى عليه من الأحوال ما لم ينتقل الزائد بأجمعه للفقراء كما لو مضى عليه خمسة أحوال فإذا انتقل الزائد بأجمعه صار حكمه حكم النصاب الذي لا زائد عليه واما لو كان عنده نصاب غير النصاب الأول فحال عليه أحوال دون ان يخرج زكاته وجب ان يخرج الزكاة بعدد الأحوال حتى يبلغ النصاب الذي دونه ثم يخرج الزكاة للذي دونه وهلمجرا حتى يبلغ للنصاب الأول فيكون حكمه حكم النصاب الأول.فلو كان عنده مائتان واثنتان من الشياه ومضى عليها واحد واربعون حولا دون أن يزكيها وجب عليه ثلاث شياه للحول الأول وثمانون شاة لاربعين سنة عن كل سنة شاتان ثم فيما يستقبل من الأحوال شاة واحدة حتى تنقص عن الأربعين شاة فلا شيء عليه إذا مد الله في عمر المالك وحفظ له ماله.هذا كله في الأنعام ومثلها في النقدين:وأما الغلات فلا تتكرر زكاتها بممر السنين عليها بل يزكي حاصل الزرع المستجمع للشرائط مرة واحدة ثم لا يجب عليه الزكاة ولو بقي مئات السنين.

أخذ الزكاة قهراً

(ومنها)لا يجوز أن يأخذ الفقير الزكاة قهراً من المالك الممتنع عن أدائها لانه لا يملكها إلا بعد أن يقبضها ولا ولاية له عليها:وللمجتهد الجامع للشرائط أن يأخذها قهراًمن الممتنع عن أدائها وعلى المجتهد نية القربة عند الأخذ والدفع وتبرأ ذمة المأخوذ منه قهراً نعم لو أدعى المالك عدم وجوب الزكاة في ماله أو عدم حلول الحول عليه أو أن المال عنده وديعة أو انه أعطى زكاة المال أو نحو ذلك قبل قوله ولا يكلف بالبينة ولا اليمين.

يجوز للوكيل أخذ الزكاة لنفسه

(ومنها)إذا وكل المتولي لصرف الزكاة شخصاً في إعطاء الزكاة للمستحقين مطلقاً بدون تقيد أو تخصيص وكان الوكيل من المستحقين جاز له أن يأخذ منها ألا إذا علم بأن المتولي لا يرضى بأخذه.

الزكاة فيما يأخذه الفقير من الزكاة

(ومنها)إذا أخذ الفقير الزكاة أنعاماً أو نقداً ولو من أشخاص متعددين وقد بلغت النصاب وحال عليها الحول مستجمعة للشرائط وجب عليه أن يزكيها ولو كان باقياً على حال الفقر.

إعطاء الزكاة في المكان المغصوب

(ومنها)يجوز إعطاء الزكاة في المكان المغصوب ولا ينافي ذلك عبادية الزكاة لأن الواجب هو تمكين المستحق منها وإيصالها له وهو ليس بتصرف في المكان المغصوب.

 

ما يأخذه الجائر باسم الزكاة

(ومنها)ما يأخذه الجائر باسم الزكاة من مال يجوز أن يحتسبه المالك من زكاة ذلك المال الواجبة وتبرأ ذمة المالك منها وتسقط عنه.ولكن يجب على المالك أن يخفيها على الجائر مهما أمكن.ولا يعطيها له مهما أستطاع.

إذا علم الوارث بأن مورثه قد اشتغلت

ذمته بالزكاة

(ومنها)أنه لو علم الوارث بأن على مورثه الزكاة ولم يؤدها وجب عليه إخراجها من التركة كسائر ديونه.ولو شك في أن مورثه أداها أم لا لم يجب عليه تأديتها من تركته وان علم بأن ذمته قد اشتغلت بالزكاة وقد تقدم سابقاً توضيح ذلك.

الباب الثاني

في زكاة الفطرة

وتسمى بزكاة الأبدان وصدقة الفطرة وزكاة رمضان وصدقة الرؤوس والخلقة.وشرعت على ما نفل في السنة التي فرض فيها صوم رمضان قبل زكاة الأموال وفي إرشاد الساري كان فرضها في السنة الثانية من الهجرة في شهر رمضان قبل العيد بيومين وتسمى بصدقة الفطر لكونها تجب بالفطر منه.وأوجبها الشرع الشريف عندما يستقبل المسلمون العيد ليشاطر أهل الغناء والثروة الفقراء والمساكين في البهجة والمسرة ويواسوهم في الحبور والغبطة بعد أن وصل بينهم بعقدة الإخاء الاخوة.وقد ورد في حقها أن(من تمام الصوم إعطاء الزكاة)أشعاراً بأن الصوم لا يزال معلقاً بين السماء والأرض يقرع أبواب الرحمن فلا يؤذن له حتى يختم بالزكاة منه الأيام وانه لا ينجو به العبد من العذاب ما لم يعقب بالصدقة على الفقراء سيما الأرحام والأيتام وقد قال تعالى :" وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ" وقد بدأ الله في قرآنه المجيد بزكاة الفطر قبل الصلاة بقوله تعالى: " قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى(14)وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى"إيذانا منه بان الصلاة لا توجب الفلاح والفوز بالجنان ما لم يزك ماله الإنسان.وان بالصلات تقبل الصلات كما ورد أن من صلى ولم يزك لم تقبل منه الصلاة قال تعالى :" فَأَنْذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّى لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى وَمَا لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى  إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى وَلَسَوْفَ يَرْضَى"وفي الخبر عن الصادق  عليه السلام انه قال لمعتب أذهب فاعط عن عيالنا الفطرة ولا تدع منهم أحداً فانك أن تركت منهم أنسانا تخوفت عليه الموت والكلام يقع فيها في فصول.

الفصل الأول

في وجوب زكاة الفطرة واعتبار النية في إخراجها

وهي واجبة على كل مكلف سواء صام الشهر أم لا وسواء كان حاضراً أو مسافراً وسواء كان كافراً أو مخالفاً أم لا.نعم إذا اسلم الكافر بعد دخول ليلة عيد الفطر سقط وجوبها عنه وأما المخالف فإذا أستبصر فلا تسقط عنه سواء أداها أم لا ويعتبر في أدائها وسقوطها عن المكلف قصد القربة بإتيانها لأنها من العبادات ويلزمه تعيين أنها زكاة فطرة لا زكاة مال ولا رد مظالم ولا كفارة وإذا أخرجها بنية أنها زكاة الفطرة لا يلزمه عند دفعها أن يعين من يزكي عنه فلو كان عليه فطرة أشخاص وقد أخرجها بنية القربة على أنها زكاة فطرة لم يلزم عند دفعها لمستحقها أن يعين ان هذه فطرة ابني وهذه فطرة زوجتي وهذه فطرة غلامي وقد تقدم ما ينفعك في زكاة المال سابقاً.ويشترط في وجوبها على المكلف شروط ستة.

الشرط الأول البلوغ

(الشرط الأول)البلوغ فلا تجب على الصبي ولا على وليه أن يخرج عنه الفطرة لا عن الصبي ولا عن عياله:نعم يجب على البالغ الجامع لباقي الشرائط الذي يعول بالصبي ان يعطي عن الصبي الفطرة الا ان يكون أنفاقه على الصبي من مال نفس الصبي فلا تجب الفطرة عليه أيضا.

 

الشرط الثاني العقل

(الشرط الثاني)العقل فلا تجب على المجنون ولا على وليه أن يخرج عنه الفطرة لا عن نفس المجنون ولا عن عياله.نعم يجب على العاقل الجامع لباقي الشرائط الذي يعول بالمجنون أن يعطي عن المجنون الفطرة ألا أن يكون أنفاقه على المجنون من مال نفس المجنون فلا تجب الفطرة عليه أيضا.

الشرط الثالث عدم الإغماء

(الشرط الثالث)عدم الإغماء فلا يجب على من دخل عليه غروب ليلة عيد الفطر وهو مغمى عليه أن يعطي الفطرة لا عن نفسه ولا عن عياله وان كان يجب على من يعول بالمغمى عليه الجامع لباقي الشرائط أن يعطي الفطرة عن المغمى عليه.

الشرط الرابع الحرية

(الشرط الرابع)الحرية فلا تجب الفطرة على العبد لا عن نفسه ولا عن عياله سواء كان قنا أو مدبرا أو مكاتبا مطلقا أو مشروطا تحرر بعضه أم لا نعم يجب على من يعول به الجامع لباقي الشرائط أن يعطي عنه الفطرة.

الشرط الخامس الغنى

(الشرط الخامس)الغنى وهو أن يملك الإنسان قوت سنته لنفسه وعياله سواء كانوا واجبي النفقة عليه أم لا كما تقدم في مبحث الزكاة المالية سابقاً ولا يعتبر الزيادة على قوت السنة ولو بمقدار الفطرة فلا يجب على الفقير أن يخرجها عن نفسه ولا عن عياله:نعم يجب على من يعول بالفقير الجامع لباقي الشرائط أن يعطي عنه الفطرة:ويستحب للفقير إعطاء الفطرة عن نفسه وعن عياله وفي الخبر الموثق قلت لأبي عبد الله  عليه السلام الرجل لا يكون عنده شيء من الفطرة ألا ما يؤدي عن نفسه من الفطرة وحدها أيعطيه غريباً أو يأكل هو وعياله قال  عليه السلام يعطي بعض عياله ثم يعطي الآخر عن نفسه يرددونها فتكون عنهم جميعاً فطرة واحدة.

الشرط السادس

دخول غروب ليلة شوال

(الشرط السادس)دخول غروب ليلة عيد فطر وهو جامع للشرائط المذكورة فلو دخل الغروب وهو لم يتصف بواحد منها لم تجب عليه الفطرة لا عن نفسه ولا عن عياله وهكذا لو كان بعد غروبها قد بلغ أو اسلم أو صار حرا أو عقل أو أفاق من إغمائه أو صار غنياً لم تجب عليه الفطرة لا عن نفسه ولا عن عياله:وأما لو بلغ قبل الغروب أو اسلم أو عقل أو أفاق من إغمائه أو صار حرا أو ملك قوت سنته وجبت عليه زكاة الفطرة.

فيمن تجب عليه أو عنه الفطرة

يجب على كل من اجتمع فيه الشرائط الستة المذكورة حتى لو لم يكن صائما أن يعطي بقصد القربة لله تعالى الفطرة عن نفسه وعمن كان حين دخول ليلة الفطر يعول به سواء كان المعال به ذكرا أو أنثى وسواء كان حرا أو مملوكا وسواء كان عاقلا أو مجنونا وسواء كان يتيما أو غيره وسواء كان كبيرا أو صغيرا حتى الرضيع إذا تكفل بشؤونه وهو ينفق على مرضعته أو مستأجر لها على رضاعته بحيث يعد ممن يعول به فانه تجب عليه فطرته وسواء كان المعال به مؤمنا أو مخالفا أو كافرا وسواء كان واجب النفقة عليه أم لا وسواء كان ضيفا عليه أم لا وسواء كان غنيا أو فقيرا وسواء كان رحما أو غيره وسواء كان صائما أو مفطرا وسواء كان مع الذي يعول به أو مفارقا له كما لو كان له زوجة أو ولد أو خادم ونحو ذلك قد سافر على نفقته وكان متكفلا لشؤونه فانه يعد ممن يعول به فتجب فطرته عليه وهكذا لو سافر هو عنهم وهم على نفقته قد تكفل شؤونهم فان فطرتهم عليه لأنه يعول بهم :فان جميع أولئك إذا كانوا يعدون عرفا انهم يعول بهم حين دخول ليلة الفطر يجب عليه أن يعطي الفطرة عنهم حتى انه لو تبرع المعال به في إخراج الفطرة عن نفسه بدون أذن الذي يعول به لم تبرأ ذمة من يعول به من التكليف بإخراج الفطرة عنه:وحتى المطلقة إذا كان قائما بشؤونها

 

بحيث تعد ممن يعول بها وجب عليه إخراج فطرتها من عنده ولا تجب الفطرة عن الجنين الذي في بطن أمه وان كان حيا ولا تجب على من يعول فطرة من حدثت عيلولته بعد دخول ليلة الفطر كما لو ولد له ولد أو أضافه شخص أو تزوج بزوجة بعد دخول ليلة الفطر ولا تجب الفطرة عمن ينفق عليه الإنسان ولكن ليس ممن يعول به ألا انه يتكفل له كسوته ونفقته دون باقي شؤون حياته كالمنزل ونحوه ومنه يظهران الشخص إذا عال به اثنان كالعبد بين الشريكين لم تجب عليهما فطرته لان كلا منها لم يكن قد عال به واغلق عليه بابه بل يكون كل منهم يحكم المنفق عليه وهكذا لو شارك المعال المعيل به في نفقة نفسه وجبت فطرة المعال على نفسه لعدم تمامية العيلولة وفي المحكي عن هداية الصدوق S عن الصادق  عليه السلام انه قال(وإذا كان المملوك بين نفرين فلا فطرة عليه ألا أن يكون لرجل واحد)

ولا تجب الفطرة عمن زاره أو أولم له وليمة ودخلت ليلة الفطرة عليه وهو عنده ولا تجب الفطرة عن الضيف النازل عنده بعد دخول ليلة الفطر وان كان متوجها إليه أو مدعوا عنده قبل دخولها.ولا تجب فطرة الزوجة على الزوج إذا لم تكن ممن يعول بها سواء كانت واجبة النفقة عليه أم لا وسواء كانت دائمة أم منقطعة دخل بها أم لم يدخل مؤسرة أو معسرة ولا يجب فطرة المملوك على المولى اذالم يكن ممن يعول به سوا ء كان حاضراً أو غائباً أبقا أو لا مغصوبا أو  لا صغيراً أو كبيراً تجب نفقته أو لا عبد تجارة أو  لا ولا تجب فطرة الابن على الأب على الابن إذا لم يعل أحدهما بالاخر و (الحاصل) ان الميزان هو العيلولة الفعلية بالنسبة إلى المذكورين وزكاة الفطرة إنما تجب على الذي يعول بهم ولا تجب عليهم أداؤها سواء أداها الذي يعول بهم أم لا نعم في صورة ما إذا كان الذي يعول بالشخص لا تجب عليه الفطرة لفقد شرط من شروطها وكان الشخص المعال به جامعاً لشروط وجوب الفطرة الستة المتقدمة وجب على الشخص المعال به أن يعطي الفطرة عن نفسه كما لو فرض أن الذي نزل عنده الضيف كان فقيرا وكان الضيف جامعا لشرائط وجوب الفطرة الستة المتقدمة وجب على الضيف أن يخرج الفطرة عن نفسه:ثم ليعلم أن وجوب الفطرة على الذي يعول إنما يوجب سقوط الفطرة عن نفس الشخص المعال به دون عياله.فالضيف الجامع لشرائط وجوب الفطرة إنما يسقط وجوبها عن نفسه ولا يسقط وجوب فطرة عياله عنه بل يجب عليه أن يعطي الفطرة عن عياله:ولو شك الذي يعول بان المعال به باقٍ على عليولته عنده أم لا استصحب إعالته واعطى الفطرة عنه.

النيابة في الفطرة وحكمها بعد الموت

يجوز لمن وجبت عليه الفطرة أن ينيب شخصاً عنه في أدائها عن نفسه وعمن يعول به.ولا يجزي إخراج الفطرة من ماله بدون أذنه ولا يجزي التبرع بها عنه بدون أذنه لأنها من العبادات التي يعتبر فيها قصد القربة ولو مات من كان مشغولا بالفطرة أخرجت من تركته عن نفسه وعمن كان يعول به وكان حكمها حكم سائر الديون المتعلقة بالذمة:والنية حسب ما تقدم في زكاة الأموال سابقاً.

في جنس الفطرة ومقدارها

الجنس الذي يعطى منه الفطرة هو ما كان يتغذى به قومه غالبا اعني القوت المتعارف في مكان إخراجها ووقت أخرجها كالحنطة والشعير والتمر والزبيب والحليب والرز ونحو ذلك من الأجناس التي يؤخذ منها الغذاء لا المستخرج منها بعد الطبخ أو المزج كالسويق والحلوى والخبز ونحو ذلك ولا غير المتعارف الفوت به كالخضروات والفواكه ويجوز أن يعطي النقود وغيرها من الماليات كالثياب والخبز والفاكهه بعنوان القيمة للجنس الذي يريد أن يعطيه فطرة على أن تكون قيمة الجنس وقت إخراج الفطرة لا وقت وجوبها وقيمته في البلد التي يخرج بها الفطرة لا قيمة البلد التي فيها عياله ووطنه.ويشترط في الجنس المخرج فطرة كونه صحيحاً سالماً فلا يجزي المعيب ولا الممتزج بالتراب ونحوه مزجا غير متعارف فيه ولا المخلوط من جنسين كان يعطي

 

الفطرة صاعاً مركباً من التمر والزبيب والحنطة والشعير:ولا يشترط أن يكون جنس الفطرة التي يعطيها عن نفسه عين ما يعطيه عمن يعول به بل يجوز أن يعطي عن نفسه حنطة وعمن يعول به شعيراً أو قيمة الشعير أو بالعكس:وأما مقدارها فهو صاع على كل شخص من أي جنس كانت حتى الحليب.وهو يبلغ بعيار النجف الاشرف نصف حقه ونصف وقية وواحدة وثلاثين مثقالا صيرفيا ألا مقدار حمصتين:ويبلغ بالعيار الصيرفي ستمائة واربعة عشر مثقالا صيرفيا وربع المثقال:ويبلغ بالكيلوات كيلوين وثلاثة أرباع الكيلو وستة وسبعين غرام ألا خمس الغرام:وللفرار من الكسر والحساب يعطي نصف حقه وثلاثة أرباع الوقية بعيار النجف الاشرف:أو يعطي ثلاثة كيلوات أو يعطي قيمتها.

مبدأ وجوب الفطرة ووقت إخراجها

مبدأ وجوب الفطرة وجواز إخراجها واحد وهو غروب ليلة عيد الفطر فإذا جاء الغروب وجبت الفطرة على من جمع الشرائط الستة عن نفسه وعن عياله وجاز له إعطاؤها ولا يجب عليه تأخير إعطائها إلى طلوع الفجر الثاني ليوم العيد:ولا يجوز له تقديم إخراجها على غروب تلك الليلة ألا بنحو القرض كان يقرضه شيئا من الأجناس التي تعطى فطرة أو قيمتها قبل شهر رمضان أو في أثنائه ويحتسبه عليه فطرة بعد دخول غروب ليلة العيد:كما يجوز أن يقرضه نفس الفطرة بان يعطيه المال بعنوان أن يكون فطرة عنه عند وجوبها عليه على سبيل القرض لها وهذا غير التعجيل للفطرة إذ لو قلنا بجواز التعجيل يملك القابض الفطرة بالفعل بخلاف هذه الصورة فانه لا يملكها وللمالك أن يسترجعها منه كما نقدم ذلك في زكاة المال ويستحب إخراجها يوم الفطر قبل صلاة العيد ولو بعزلها ينتظر بها رجلا أو يطلب لها مستحقا حيث إنما يجتمع فيها عنوانان مطلوبان للشارع أحدهما إنها صدقه من الصدقات الواجبة وثانيهما تفطير المعطي لغيره قبل صلاة العيد فانه قد تظافرت الأخبار على استحباب أن يفطر الرجل غيره ويطعم شيئا قبل الخروج إلى صلاة العيد وإذا لم يؤدها يوم الفطر وجب عليه أداؤها كسائر الواجبات المالية:نعم يظهر من كلمات الفقهاء اتفاقهم على حرمة تأخيرها عن يوم العيد إذا لم تعزل واما إذا عزلت جاز تأخيرها ولو مات الإنسان ولم يؤدِ ما عليه من الفطرة أخرجت من تركته كسائر ديونه.ولو ظهر العيد بعد الزوال كما لو قامت البينة عليه في ذلك الوقت لم يسقط وجوبها وكان عليه أداؤها:ويستحب حينئذ إخراجها في اليوم الثاني قبل صلاة العيد.

مصرف الفطرة

ينبغي أن تعطى الفطرة لمن كان على صفات المستحق للزكاة المالية من الفقر والإيمان وعدم وجوب النفقة على المزكي وإذا كان المعطي لها غير هاشمي وجب أن يكون الأخذ غير هاشمي وقد تقدم بيان هذه الشروط في الزكاة المالية سابقاًويجوز صرف زكاة الفطرة على أطفال المؤمنين أو دفعها لاوليأئهم لا نفاقها عليهم ويجوز دفع الفطرة على فقراء المخالفين من الاقرباء والجيران في مقام التقية كما يجوز دفعها للمخالفين مع عدم وجود فقراء المؤمنين ويجوز للمالك أن يصرفها بنفسه ألا أن الأولى له إعطاؤها إلى  الفقيه من الأمامية لأنه أعرف بمواقعها وأبصر بمواضعها كما تقدم في زكاة المال سابقاً.

مقدار ما يعطى من الفطرة للفقير

ينبغي أن لا يعطى الفقير اقل من فطرة شخص واحد سواء أعطي فطرة شخص واحد أو فطرة شخص واحد مع بعض فطرة شخص أخر فلو كان عنده فطرة خمسة أشخاص وأعطاها ثلاثة فقراء على أن لا تنقص حصة كل واحد منهم عن صاع كان ذلك مجزياً له ألا إذا اجتمع عدة من الفقراء لا تسع لهم فتوزع عليهم ولو كان فطرة شخص واحد تعميما للنفع وحتى لا يتأذى واحد منهم بالمنع:ولا حد لأكثرها فيجوز أن يعطي المزكي فطرة للفقير الواحد فطرة أشخاص كثيرين حتى يستغني فإذا استغنى لا يجوز أن يعطى منها لخروجه عن حد الفقر وقد عرفت معنى الفقر سابقاً.

 

أحكام زكاة الفطرة

عزل زكاة الفطرة

(منها)جواز عزل الفطرة من الأجناس المتقدمة أو عزل قيمتها من نقود وغيرها للمكلف بها ينتظر بها رجلا أو يطلب لها مستحقا ويجوز له عزل قسم منها دون قسم كان يعزل فطرة بعض عياله ويدفع فطرة الباقين منهم فورا:كما يجوز له أن يعزلها باكثر من مقدارها مع نية أن الزائد على مقدارها لمستحقيها وإذا عزلها لا يجوز له تبديلها لتعينها زكاة فطرة يستحقها الغير:ومجرد عزلها لا يوجب براءة ذمته منها حتى يؤديها لأربابها ألا أنها لو تلفت منه بعد العزل بدون تفريط لا يضره شيئاً بمعنى أنه لا يضمنها ألا إذا كان مستحقاً موجوداً ولم يدفعها إليه بخلاف ما إذا لم يعزلها فانه يضمنها حتى لو تلف ماله بأجمعه بدون تفريط وحتى مع عدم وجود المستحق لديه.

جواز نقل الفطرة لبلد أخرى

(ومنها)جواز نقلها لبلد آخر كما دل على ذلك صحيح بن بزيغ وصحيح ايوب ابن نوح ألا أن الأفضل توزيعها في البلد الذي كلف بالفطرة فيه وان كان ماله ووطنه في بلد أخر.

اختصاص ذوي القرابة والجيران بها

(ومنها) انه يستحب ان يخص بها الفقراء المؤمنين من قرابته وجيرانه

استحباب إخراج الفقير للفطرة

(ومنها) انه يستحب للفقير أن يخرجها ولو بصاع واحد عن عياله ونفسه بالإدارة يعطيه لبعض عياله ثم يعطي الآخر عن نفسه يرددونها فتكون عنهم جميعا فطرة واحدة:كما يستحب لمن يعول بشخص بعد دخول ليلة الفطر قبل الزوال ان يعطي الفطرة عنه كما إذا ولدله ولد أو تزوج بامرأة.

كتاب الخمس

وهو حق مالي ثبت لبني هاشم في مال مخصوص بالأصالة لا بالنذر أو بالوقف ونحوه عوضا عن الزكاة إكراما وتنزيها لهم عن أن يأكلوا من أوساخ الناس بأخذ الزكوات وليغنيهم به عن الذل والمسكنة بطلب ما في أيدي الناس من الصدقات وقد الزم بادائه الله تعالى في قرآنة الشريف بقوله تعالى في سورة الأنفال : " أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى" الآية وبقوله تعالى في سورة الحشر: " مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى" الآية وبقوله في سورة النحل :" إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى" الآية وفي الأخبار ما يدل على لعن الغاصب له وان الأئمة الأطهار خصماؤه يوم القيامة:وفي الخبر عن ولي العصر  عليه السلام تمحضونا المودة بألسنتكم وتزوون عنا حقاً جعله الله لنا وجعلنا له وهو الخمس:ومن أكل من أموالنا شيئا فإنما يأكل في بطنه ناراً وسيصلى سعيراً.وفي خبر آخر لا يحل لاحد أن يشتري من الخمس شيئا حتى يصل إلينا حقنا.وعن الحجة (عجل الله فرجه)لعنة الله والملائكة والناس أجمعين على من أكل من مالنا درهماً وفي كتاب عن الرضا  عليه السلامما يدل على أن منع الخمس موجب لحرمان الإنسان من دعاء الأئمة الأطهار وان إخراجه مفتاح للرزق وتمحيص للذنب(وأنى لا عجب ممن)يصب اللعن على من غصب حق الزهراء عليها السلام ويظهر الجزع والحزن على ذلك وهو غاصب لخمس السادة الأطهار الذين اصبحوا يتوسدون التراب لفقرهم ويأكلون خشن العيش لفاقتهم تصهرهم الشمس بأشعتها والرمضاء بلفح هجيرها قد فتك بهم المرض فتك الطاغية المستبد وسار بهم نحو الفناء سير العاجل المستحث فالويل ثم الويل لمن منعهم حقهم الذي فرضه الله لهم في الأموال والخزي والعذاب لمن غصبه يوم الحساب والكلام فيه يقع في ثلاثة فصول.

 

الفصل الأول

فيما يجب فيه الخمس

وهو واجب في كل مغنم والأرض التي يشتريها الذمي من المسلم والمال المختلط بالحرام وتوضيح ذلك ببيان تلك الأمور وأقسامها وأحكامها

أحدها غنيمة دار الحرب

وهي ما يغنمه ويستفيده المسلمون بالحرب مع الكافرين أو مع بغاة المسلمين على الامام سواء حواه العسكر أم لم يحوه سواء كان قليلا أو كثيراً وسواء كان منقولا كالاموال والسلاح والخيل أو غير منقول كالارض والدور والمساكن أو ما هو سبي كالنساء والاطفال.ومن الغنيمة ما صولحوا عليه بعد الحرب أو أخذ على سبيل الفداء.والأرض الخراجية وان كان فيها الخمس ألا أنه لا يجب على المؤمنين الذي يتقبلونها من السلطان سوى أجرتها للسلطان دون أجرة خمسها لارباب الخمس.كما أنه يجوز الحكم بملكية بعضها فيما إذا وجد تحت يد مسلم بنحو الملكية إذا احتمل انتقاله إليه من سهم الخمس بوجه سائغ بأن يكون بامضاء الإمام  عليه السلام أو نائبه المفوض على ذلك.ولا يشترط في وجوب الخمس في الغنيمة الحرية ولا البلوغ ولا العقل.والمكلف بإخراج الخمس هو الولي فيما كان على صاحب المال ولي

المستثنيات من الغنيمة

ويستثني من الغنيمة أمور(أحدها)صفو مال الغنيمة حيث للامام أن يصطفي لنفسه من الغنيمة قبل قسمتها ما يختاره منها كالجارية الفتية الحسناء والسيف القاطع والفرس الجواد والدرع(ثانيها)قطائع الملوك وهي ما كان من الأموال خالصا لسلطان المحاربين فانه للامام يأخذه من الغنيمة ولا خمس فيه سواء كان من الأموال المنقولة وهو المعبر عنها بالصوافي أو غير المنقولة كالاراضي وهي المعبرة عنها بالقطايع بشرط ان لا تكون مغصوبة من محترم المال فانه مردود على مالكه(ثالثها)المؤن التي انفقت على الغنيمة لا على الجيش المحارب من جمع الغنيمة وحفظها وحملها ورعي مواشيها فانها تخرج قبل الخمس(رابعها)الجعائل التي يجعلها الامام على فعل مصلحة من مصالح المجاهدين كالدلالة على مواطن الضعف في الجيش أو باب الحصن أو نحو ذلك فانها تخرج قبل الخمس وان كان يجب فيها الخمس على أخذها من جهة أخرى وهي من جهة كونها من المكاسب والفوائد له(خامسها)السلب فانه لو صار للقاتل يجعل الامام يخرج من الغنيمة ولا خمس فيه ألا انه يجب على آخذه الخمس من جهة أخرى وهي من جهة كونه من الفوائد والمكاسب لآخذه بجعل الامام له(سادسها)الرضائخ وهو ما جعله الامام من العطاء اليسير للنساء والعبيد ونحوهم ممن لاحق لهم في الغنيمة فانه لا خمس فيها من جهة الغنيمة.

شروط وجوب الخمس في الغنيمة

ويشترط في وجوب الخمس في الغنيمة أمور(الأول)ان تكون بالحرب:و أما ما يؤخذ من المحاربين بغير حرب كالسرقة والغيلة والاختلاس والدعوى الباطلة فليس فيه الخمس من جهة كونه غنيمة دار الحرب بل من جهة كونه من الفوائد والمكاسب  فيكون حكم حكمها ومثل أموال أهل الحرب أموال الناصبي والخارجي وسائر من يحل ماله ممن انتحل الإسلام.و أما أموال المخالفين وغيرهم ممن لا يرى رأي الأمامية ولكنه لم ينصب العداوة لاهل البيت ولشيعتهم فلا يجوز أخذها ولا سرقتها ولا التعدي عليها فان لهم الحرمة والكرامة والاخوة والمحبة(الثاني)ان تكون الحرب بإذن الامام   عليه السلام أو من قام مقامه فانه لو كان الغزو بغير اذن الإمام  عليه السلام كانت الغنيمة للامام  عليه السلام الا انه  عليه السلام قد أحل ما يصيبه المؤمن الغانم معهم له إذا أدى خمسه(الثالث)ألا تكون أموال الغنيمة مغصوبة من مسلم أو معاهد أو ذمي أو نحوهم من محترمي المال والا فانه يرجع لصاحبها.

ثانيها غنيمة المعادن

 فانه يجب الخمس في كل معدن ملكه الإنسان قبل ملك أحد له قبله سواء كان اخرجه من محل تكوينه في الأرض أو أخرجه حيوان أو سيل منها واستولى هو عليه وسواء استخرجه بطريق محرم أو محلل من دون فرق بين البالغ والصبي والعاقل والمجنون فانه يجب على وليهما اخراج الخمس من ماله ومن دون فرق بين المسلم والكافر نعم إذا اسلم الكافر مع عدم بقاء المعدن عنده سقط الخمس عنه(والحاصل)ان المعدن كالذهب والفضة والصفر والحديد والزئبق والرصاص والملح والكبريت والقير والاثمد والنفط والياقوت والعقيق والدر ونحو ذلك يجب فيه الخمس بمجرد ملك أي إنسان له سواء كان صغيرا أو كبيرا عاقلا أو مجنونا حرا أو عبدا:ويتولى اخراج الخمس الولي فيما كان على صاحب المال ولي:والمعدن من المواضيع العرفية يرجع في تشخيصها إلى العرف:وما شك في كونه من المعدن مما له قيمة كالعنبر وطين الغسل وارض النورة والجص لا يجب فيه الخمس من حيث كونه من المعدن وانما يجب فيه من حيث كونه من الفوائد والمكاسب.

 

ما يستثنى من المعدن

ويستثنى من ذلك المؤونة التي يتوصل بها إلى تحصيل المعدن كاجرة اخراجه وسبكه والحفر والتصفية وآلة العمل المحتاج إليها فانه لا يجب في مقدارها الخمس ولا يستثنى مؤونة سنته كما انه لو عمل بالمعدن عملا أوجب زيادة قيمته كأن صاغ الذهب فالخمس إنما يكون ثابتا في نفس المعدن لا مع نقشه.

ما يشترط في وجوب الخمس في المعدن

ويشترط في وجوبه في المعدن شرطان(أحدهما)ملك الإنسان له مع عدم سبق ملك عليه فلو أخرجه من ارض الغير بدون اذنه لم يجب عليه الخمس وانما يجب على صاحب الأرض لانه الذي ملكه.وهكذا لو أستاجر لاخراج المعدن كان الخمس على المؤجر لا على المستأجر لانه هو الذي ملكه وهكذا لا يجب على الإنسان خمس المعدن الذي كان مملوكاً للغير وقد خمسه فان ملك الشخص الآخر له لا يوجب ثبوت الخمس عليه(ثانيهما)بلوغ النصاب وهو عشرون دينارا فصاعدا اما عينا ان كان المعدن ذهبا أو قيمته ان كان غيره بعد اخراج المؤونة وتقدم بيان العشرين دينارا في مبحث نصاب الذهب في الزكاة ولا يعتبر بلوغه النصاب لمذكور دفعة واحدة بل لو اخرج دفعات متعددة من مكان واحد على سبيل التدريج ولو طال بينها الزمن ضم بعضها إلى بعض إذا كانت باجمعها موجودة وإذا تلف بعضها ضم قيمة التالف إلى الموجود منها فإذا بلغ المجموع النصاب خمس المجموع حتى الزائد على النصاب وهكذا لا يعتبر وحدة المعدن في بلوغ النصاب المذكور بل لو كان قد اخرج عدة معادن من مكان واحد وبلغ مجموعها النصاب المذكور وجب الخمس.ولو اشترك جماعة في المعدن وجب اخراج خمسه على من بلغت حصته النصاب المذكور.ولو شك في بلوغه النصاب لم يجب الخمس والفحص.

وقت اخراج الخمس من المعدن

يجوز إخراج الخمس من المعدن بعد التصفية ويجوز اخراجه قبل التصفية إذا علم بلوغ ما في المخرج من المعدن إذا صفي مقدار الخمس للمعدن المستخرج

ملك المعدن

يملك ما يخرج من المعادن إذا أخذه الإنسان من ارض يباح له اخذه منها كما لو كانت الأرض من المباحات العامة أو كانت ملكه سواء كان اخذه منها بالواسطة أو بدون واسطة و أما لو أخذه شخص من ملك الغير بدون إذنه فهو ملك لصاحب الأرض ولهذا الأراضي التي هي من الأنفال يكون المعدن فيها للامام  عليه السلام لكونها ملكا للإمام  عليه السلام .

ثالثها غنيمة الكنز

فانه يجب الخمس في كل كنز ملكه الإنسان سواء اخرجه الإنسان بنفسه أو اخرجه غيره من حيوان أو سيل أو نحو ذلك وسواء اخرجه بطريق محلل أو محرم من دون فرق بين الصبي وغيره والمجنون وغيره كما تقدم في المعدن:والكنز من المواضيع المعروفة يرجع في تشخيصها إلى العرف.وما شك في كونه كنزا كالمذخور تحت الحطب أو في بطن الشجر لا يجب فيه الخمس من حيث كونه كنزاً وان كان قد يجب فيه الخمس باعتبار كونه فائدة من الفوائد.ويستثنى من ذلك المؤونة التي ينفقها على تحصيله من اجرة اخراجه وآلته ونحو ذلك فيجب الخمس فيه بعد اخراج المصارف المنفقة عليه ولا يستثنى مؤونة سنته ولا يشترط في وجوبه الحرية ولا العقل ولا البلوغ وعلى الولي اخراج خمس المال فيما كان له الولاية على صاحبه.

 

شرائط وجوب الخمس في الكنز

(أحدها)أن يكون الكنز من جنس النقدين الذهب والفضة لا غيرها من الأحجار الكريمة أو الحديد أو الصفر أو الخزف(ثانيها)ان كان الكنز ذهبا فلا بد ألاَّ ينقص عن عشرين دينارا وان كان فضة فلا بد ألاَّ ينقص عن مائتي درهم و قد تقدم بيان مقدارهما في نصاب الذهب والفضة في الزكاة فان نقص عن ذلك فلا خمس فيه من حيث كونه كنزا وانما يجب فيه من حيث كونه فائدة من الفوائد.و لو و جد كنوزا متعددة كان لكل منها حكم نفسه في عدم وجوب الخمس فيها إذا لم يبلغ كل منهما المقدار المذكور وان يبلغ مجموعهما المقدار المذكور:ولو وجد الذهب والفضة في مكان واحد وكان كل منهما اقل من المقدار المذكور لم يجب فيهما الخمس وان بلغ مجموعهما قيمة عشرين دينارا أو مائتي درهم.ولو اشترك جماعة في إخراج الكنز كان اللازم بلوغ حصة كل منهم المقدار المذكور.ولو شك في بلوغه المقدار المذكور لم يجب الخمس ولا يجب الفحص(ثالثها)ملكيته الكنز فلو استأجر لاخراجه كان الخمس على من آجره لانه هو الذي يملكه.

ملكية الكنز

و حيث ان الكنز هو المال المذخور تحت الأرض الذي لا يرى العرف له مالك لمرور زمان طويل عليه أو في ارض خربة باد أهلها أو تركها أهلها وأعرضوا عنها كان من المباحات يملكه من وجده لا نه من سبق إلى ما لم يسبق إليه أحد فهو له:مع ان الشارع قد أمضى بناء العقلاء في الكنوز وهو تملكها لمن وجدها لانه لم يصدر منه ردع عن ذلك بل يستفاد من فرض الخمس فيها على مالكها من دون بيان منه لمالكها و أسباب ملكيتها ان الشارع قد قرر بناء العقلاء فيها وهي ملكيتها لمن وجدها ولمن وضع يده عليها وفي بعض الأخبار ما يظهر منه ذلك كالذي رواه الصدوق S باسناده عن حماد بن عمرو وأنس بن محمد عن أبيه جميعا عن الصادق  عليه السلام عن آبائه   عليه السلام  في وصية النبي  صلى الله عليه وآله وسلم  قال يا علي ان عبد المطلب سن في الجاهلية خمس سنن اجراها الله في الإسلام إلى أن قال  صلى الله عليه وآله وسلم  ووجد كنزا فأخرج منه الخمس وتصدق به فأنزل الله تعالى وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ" الآية.و أما المال المذخر تحت الأرض الذي يرى العرف انه له مالك ولا ينفي ملكيته عن مالكه كما لو وجد صرة فيها دراهم قد سكت عن قريب في دار معمورة فان كانت ضائعة عن مالكها فهي لقطة وان كانت مدفونة فهي مجهولة المالك و كيف كان فالمال المذكور ليس من الكنز أصلا فلا يجري عليه أحكام الكنز(و الحاصل)ان الكنوز مطلقا يملكها واجدها و يجب فيها الخمس كما تقدم من دون فرق بين التي وجدت في دار الحرب أو دار الإسلام وسواء كان عليها أثر الإسلام ككتابة الشهادتين أو أسماء أحد ولاة المسلمين أم لا وسواء كانت من كنوز الجاهلية أو من كنوز الأمويين أو من كنوز العباسيين أو غيرهم.نعم لو وجد الكنز في ارض يملكها فعلا الغير ممن هو محترم المال حرم عليه أخذه بدون الإذن منه كالمعادن لكونه مملوكا بالتبع لصاحب المال.و أما لو وجد الكنز في ملكه المنتقل إليه من الغير فان علم بتملك شخص لذلك الكنز باستخراجه أو استخرج مورثه دفعه لذلك الغير.وان لم يعلم ذلك اخذ الكنز الواجد له سواء احتمل تملك الغير له أم لا كما هو الشأن في سائر المباحات التي يملك بالأخذ والاستيلاء عليها.

ما يوجد في جوف الدابة من الأموال

ان ما يوجد في جوف الدابة من الأموال كالدراهم أو الدنانير أو الجواهر أو غير ذلك من الأشياء ذات القيمة فان كانت الدابة قد ملكها بالحيازة كبقرة الوحش والطير والغزال والسمكة إذا ملكها بالصيد فان ما يوجد في جوفها يكون ملكا لمن حازها وليس عليه أن يعرفه لأحد.وان كان قد أخذها من شخص آخر وقد انتقل إليه بالبيع أو الهبة أو الإرث أو نحو ذلك فان أحتمل انه ملك للمأخوذ منه قد ابتلعته الدابة كالجزور أو البقرة والشاة التي أخذها من شخص كانت ترتع عنده أو سمكة كانت تعيش في حوض له أو طير كان يقتات عنده وجب عليه أن يعرفه للمأخوذ منه.وان كان المأخوذ منه قد وضع يده عليها بنحو الغصب أو الإعارة فان عرفه كان له وإلا فهو يملكه.وان لم يحتمل ذلك لم يجب عليه تعريفه ويملكه الآخذ ويجب عليه خمسه ان كان ما في جوف الدابة من الأمور التي يجب فيها الخمس وإلا فهو كسائر ما يمتلكه مما لا يخمس فيه:و لا يجب تتبع من جرت يده على الدابة بل إنما يعرفه للذي أخذها منه فقط إذا احتمل ان ما في جوفها له والا فلا يجب عليه تعريفه ولا تعريف من سبق له يد عليها قبله وان احتمل انه له.

 

رابعها غنيمة ما في البحر

وهو ما يخرج من البحر بواسطة النزول في داخله والغطس به كما في الغوص أو بواسطة الآلة كالشبكة ونحوها كما في اصطياد السمكة منه أو بواسطة اخراج البحر له على ظهر مائه أو الساحل كما في العنبر سواء كان محل تكوينه في البحر كاللؤلؤ ونحوه لو و قع في البحر و رسب فيه و قد أعرض أهله عنه كالذهب والفضة و نحو ذلك وسواء كان عليه آثار الإسلام أم لم يكن و سواء كان حيوانا أو غيره(ويستثنى من ذلك)المؤن التي صرفت على اخراجه.و لا يشترط في وجوبه البلوغ أو العقل أو الحرية وعلى الولي إخراج خمس ما له الولاية عليه.و أما ما يخرج من النهر كالفرات و دجلة فلا يجب فيه الخمس من هذه الجهة و ان كان قد يجب فيه الخمس من جهة أخرى ككونه من الارباح والمكاسب:وإذا وجد في البحر معدن و أخرج كالذهب و الياقوت و المرجان على القول بأنه معدن وجب فيه الخمس من جهة كونه مما يخرج من البحر لا من جهة كونه معدنا كما يقتضيه خبر محمد بن علي بن أبي عبد الله عن أبي الحسن عليه السلام وعليه فلا يعتبر فيه شرائط الخمس في المعدن كبلوغه عشرين دينارا و إنما يعتبر فيه شرائط الخمس فيما يخرج من البحر.

شرائط الخمس فيما يخرج من البحر

يشترط في وجوب الخمس فيه أمران(أحدهما)ألا ينقص ما يخرج من البحر عن قيمة دينار بعد إخراج المؤن التي صرفت على إخراجه(وقد تقدم في نصاب الذهب في الزكاة بيان مقدار الدينار).فإذا نقص عن الدينار لم يجب فيه الخمس من هذه الجهة وان ثبت فيه الخمس من جهة أخرى ككونه من الأرباح والفوائد(والميزان)بلوغ مجموع ما يخرج ديناراً فصاعدا ولو كان أجناسا متعددة في دفعات متعددة مع عدم الإعراض عن الإخراج فيما بينها بحيث يراه العرف محصولا واحدا من البحر.ولو اشترك جماعة في الإخراج من البحر أعتبر بلوغ حصة الواحد منهم ديناراً ولا يكفي بلوغ المجموع.

الشرط الثاني ملكيته

فلو استأجر شخصا على الاستخراج من البحر لا يجب على الأجير الخمس وانما يجب على المالك.

ملكية ما يخرج من البحر

ان كل ما يتكون في البحر يملك بحيازته إلا إذا كان مستأجرا لإخراجه وهكذا كل ما وقع في البحر واعرض عنه مالكه كالسفينة تنكسر ويسقط ما فيها في البحر ويتركه أهله فمن يحوزه بإخراجه يملكه و كيفما كان ففيما يخرج من البحر الخمس.

خامسها غنيمة الفائدة وكسبها

وهي الفائدة التي يصدق عليها عند العرف انها غنيمة وان مستفيدها غانم فان المتحصل من الأخبار والاجماعات بعد ضم بعضها إلى بعض هو هذا المعنى.والفوائد التي يصدق عليها الغنيمة على قسمين(أحدها)أن تكون الفائدة غير محتسبة كالإرث من الذي لم يترقب انه يرثه وكالجائزة العظيمة وكالهدية الخطيرة وكالعدو يموت فيأخذ أمواله وكالمال الذي يلتقط ولا يعرف صاحبه وكالمال الخطير أوصي به له ونحو ذلك فان في جميع ذلك الخمس فيما فضل منها عند انتهاء سنته للصدق عند العرف على مستفيدها انه قد غنم حيث انه قد حصلت لديه بدون بذل مال منه بازائها ولم تقتضيها ذاته و إنما ملكه بواسطة أمور خارجية(ثانيها)أن تكون الفائدة مكتسبة فان الفائدة المكتسبة تسمى عند العرف غنيمة بأي نوع كان اكتسابها كحاصل الاراضي من الغلات والثمار والمخضرات ونحو ذلك على اختلاف اجناسها وكربح التجارات بجميع وجوهها وكعوض الصناعات بسائر اقسامها وكاجور العمال والاموال بجميع أنواعها وكالمباحات المحازة بسائر ضروبها كالسمك والقصب والبردي والعسل والمن والمسك والصمغ ونحو ذلك.(والحاصل)ان الفوائد المكتسبة سواء كانت حاصلة بوجوه المعاملات كارباح التجارات أو بكد اليمين كالأصطياد والاحتطاب والصناعات والاحتشاش والاستقاء أو بالأختلاس والدعوى الباطلة ممن يحل ماله كاهل الحرب والناصبي أو باجارة الأموال كاجارة عقار أو حيوان أو اراضي أو نحو ذلك حتى اجارة الإنسان نفسه لتعليم الاطفال وللصلاة أو للصوم أو للحج عن الغير أو تعزية أبي عبد الله الحسين  عليه السلام أو لقراءة القرآن على المقابر ونحو ذلك من العبادات و من ذلك مال الناصبي فهذه الفوائد الحاصلة بتلك الأمور يجب فيها الخمس فيما فضل منها عند انتهاء سنته للصدق على مستفيدها عند العرف(انه قد غنم)حيث لم تقتضيها

 

ذات المالك وانما ملكها بواسطة أمور خارجية كعمله وحيازته وكانت فوائد محضة  لانه لم يبذل بازائها المال حتى أرباح التجارات لانه في الحقيقة ان الذي بذله هو أصل المال الذي تاجر به و اما ربحه فجاءه زيادة على اصل ماله فكان له غنيمة(و اما الفوائد)المحتسبة التي تقتضيها ذات الإنسان ولم تكن مكتسبة فلا يصدق عليها الغنيمة كالإرث ممن يحتسب انه يرثه.والهدية المتعارفة.والديون التي له على الناس ولم تكن من الارباح أو مما يجب فيه الخمس و الحقوق الشرعية الواردة عليه.والأوقاف المنطبقة عليه.والمال غير الخطير الموصى به إليه والنذور المعطاة له.والمهر للزوجة المتعارف.وكأصل المال الذي تاجر به فلا يجب عليه في ذلك الخمس وان فضل عن مؤونة سنته لانه لا يصدق على مستفيدها انه قد غنمها.ومثل ذلك في عدم وجوب الخمس ما لو اتخذ شيئا للاستفادة بحاصلاته كما لو بنى دارا بيده لاجارتها وصنع آلة بيده للاستفادة من عملها أو غرس بستانا للاستفادة من ثمارها أو اشترى ذلك بمال لا خمس فيه فان نفس الدار والآلة والبستان لا خمس فيها وان فضلت عن مؤونة سنته نعم ما يستفيده منها لو فضل عن مؤونة سنته وجب عليه الخمس.ومثل ذلك ما لو اتخذ غنما أو نحوها للاستفادة بحاصلاتها من صوفها ولبنها ودهنها واولادها فان نفس الغنم لا خمس فيها وانما الخمس فيما يفضل من حاصلاتها عند انتهاء سنته.ولا يشترط في وجوب الخمس في الفوائد المغتنمة الحرية ولا البلوغ ولا العقل بل يجب على الولي اخراج الخمس فيما له الولاية عليه.

زيادة المال الذي لا خمس فيه

إذا زاد ما لا خمس فيه كالمال المخمس اوكالارث أو الهبة فزيادته تارة بزيادة قيمته السوقية بأن صارت أكثر من السابق كما لو كان عنده بيت فصار الطريق العام عليه أو كان عنده غنماً فترقت قيمتها لكثرة طلبها فلا خمس في هذه الزيادة لعدم صدق الغنيمة عليها بمجردها نعم لو باعه أو عوضه بمال و كان ما يقابل الزيادة قد فضل عن مؤونة سنته وجب فيه الخمس.وعليه لو زادت القيمة السوقية في السنة لماضية إلا انه لم يبعه وباعه في السنة الحالية عدت قيمة الزيادة من ارباح هذه السنة ولا فرق في ذلك بين ما اتخذه للتجارة والاسترباح وبين ما اتخذه للاقتناء والانتفاع و تارة يزداد المال الذي لا خمس فيه زيادة منفصلة بالغرس أو التوليد أو متصلة كالنماء والسمن وفي هذه الصورة يجب الخمس فيما يفضل من مؤونة سنته من هذه الزيادة هذا إذا كان قد اتخذ اصل المال للتكسب فيه كما لو كان عنده غنم ليس عليها خمس ولكنه اتخذها للتجارة بها فزادت نموا أو توليدا ففي هذه الزيادة الخمس فيما يفضل عن مؤونة سنته منها:و اما لو اتخذه للاكتساب بفوائده دون اصله كما لو كان عنده بستانا اتخذه للتكسب بثمره وحاصلاته فزادت أعيانه بالغرس أو بإضافة بعض القطع إليه أو بنمو ما فيه من الاشجار فلا يجب في هذه الزيادة الخمس نعم يجب فيما انتجه من الاثمار والعشب والدغل ونحو ذلك الخمس فيما يفضل من مؤونة سنته منها وهكذا لو كان عنده غنم أتخذها للتكسب بفوائدها لا بنفسها نعم لو باع تلك الزيادة وجب الخمس فيما يفضل عن مؤونة سنته من ثمنها.

 

زيادة المال الذي فيه الخمس

إذا كان عنده مال فيه خمس فزاد زيادة متصلة أو منفصلة بالقيمة السوقية أو غيرها فالزياة بالنسبة إلى خمسه ترجع للمالك وليست بتابعة للخمس فلا يجب دفعها مع الخمس.وعليه فلو كان عنده مال فيه خمس فاتجر به فربح فالذي عليه اخراج خمس المال وخمس ربحه فمثلا لو كان عنده خمسمائة دينار وفيها الخمس فاتجر بها دون أن يخمسها و كان عند انتهاء سنته ربحها خمسمائة فيجب عليه إخراج خمس أصل المال وهو مئة وإخراج خمس الربح وهو مئة فيكون الواجب عليه مئتين وليس يجب عليه أن يخرج ربح خمس أصل المال حتى يكون الواجب عليه مئتين وثمانين كما قيل:مئة من اصل المال ومئة ربح خمسه وثمانين خمس الاربعمائة التي هي الربح.

الشراء بالمال الذي لا خمس فيه

لو اشترى من ماله الذي لا خمس فيه شيئا لقوة سنته أو حاجة للزية أو دارا أو طعاما فلا يجب الخمس فيما يفضل منه عن مؤونة سنته نعم لو اشترى به شيئا للتجارة فربح به وجب الخمس في خصوص ما يفضل عن مؤونة سنته من الربح فقط دون اصل المال.

ما لا يجب فيه الخمس من الفوائد المغتنمة

 يستثنى من الفوائد المغتنمة أمران لا يجب فيهما الخمس(أحدهما)مؤونة الصرف وهو سائر ما صرفه على تحصيلها حتى ضرائب السلطان فلا يجب إلا بعد اخراج جميع ما انفقه في تحصيلها حتى آلات الصناعة و ادواتها لعدم تحقق مسمى الغنيمة بدونها إذا لا يصدق الغنم على ما يكون في مقابل الغرم و لما ورد الفائدة مما يفيد اليك في تجارة أو حرث بعد الغرام(ثانيهما)مؤونة السنة البالغة اثنى عشر شهرا هلالية له و لعياله فانه لا يجب في مقدار المؤونة من الفوائد المغتنمة الخمس و إنما يجب في الفاضل منها على مؤونة سنته.

المراد بالعيال

والعيال من كفل الإنسان مصارفه ومعاشه وتحملها سواء كان رحماً أو غيره واجب النفقة أم لا فقيرا أو غنيا صغيرا أو كبيرا عاقلا أو مجنونا حتى الخدم فهؤلاء لا يجب الخمس في مؤنتهم على المعيل بهم في فوائده المغتنمة.

المراد بالمؤونة

والمؤونة هي مصارف الإنسان الفعلية في شؤون حياته و ما يحتاجه في تعيشه من أنواع النفقات كالمساكن والملابس والاطعمة والفرش وسائر أثاث البيت والخدم والكتب والدواب وما يصرفه من العطايا والصدقات والنذور والكفارات والديون والحقوق والواجبات والهدايا والصلات وقيم المتلفات وأرش الجنايات وما ينفقه في الضيافة والاسفار كالحج والزيارة وما يدفع به الشرور والآلام والأمراض و ما يأخذه الظالم منه قهرا أو مصانعة و ما يحتاج إليه لتزويجه أو تزويج أحد عياله أو لختنهم الىغير ذلك مما يحتاجه الإنسان في أطوار وجوده وشؤون حياته مما يسمى عرفا مؤونة له ما لم يصل إلى حد الإسراف أو كان ممنوعا منه شرعا كالصرف في الزنا والقمار فإذا بلغ الصرف حد الإسراف أو كان في أمر محرم وجب في مقدار الإسراف والصرف في المحرم الخمس عند انتهاء السنة وإذا شك في شيء انه من المؤونة عرفا أم لا لم يستثنَ من الربح ووجب الخمس فيه.

ما ليس من المؤونة

ليس من المؤونة الا ما صرفه على نفسه أو عياله بالفعل حتى انه لو تبرع متبرع بمؤونة أو قتر على نفسه أو كان الزوج قائما بنفقة زوجته وجب الخمس في جميع ما بقي عنده من الربح ولا يستثنى منه مقدار مؤنته.وهكذا لو قصر في بعض التكاليف المتوقفة على صرف المال فلم يفعلها وجب الخمس فيما فضل عنده من الربح و لا يستثني مقدار الصرف لو فعل ذلك التكليف.وليس من المؤونة شراء ضيعة له أو دار للاستفادة بايجارها ولا غرس أشجار أو شراء بستان أو غنم للتجارة بها أو بحاصلاتها فلو اشتراها من الربح وجب فيها الخمس عند انتهاء سنته.وليس من المؤونة رأس المال أو تتميمه إذا صرفه في تحصيل الربح واما إذا صرفه على نفسه لم يخرجه من الربح فان المؤونة المخرجة من الربح هي ما صرفت بالفعل وليس من المؤونة جبر الخسارات أو تدارك النقص الوارد عليه بسرقة أو غصب أو نحو ذلك نعم يجبر خسران التجارة المعدة عند العرف انها تجارة واحدة بربحها كما لو سرق من مال التجارة أو غصب أو بيع قسم منها بأقل من رأس ماله ثم ترقى الباقي باضعاف مضاعفة لعدم صدق الغنيمة والفائدة بدون ملاحظة خروج الخسارة من الربح.وليس من المؤونة شراء دار للسكنى إذا كانت عنده دار للسكنى و لا شراء أطعمة وأفرشة وعنده أطعمة معدة لاكله وافرشة لبيته تكفيه مؤونة سنته.وليس من المؤونة مؤونة السنة الثانية فلو كان عنده ضيعة تزرع سنة وتعطل سنة ليكمل استعدادها للزراعة فعليه الخمس لسنة زراعتها في فاضل مؤنتها و ان كان الفاضل لا يفي بمؤونة السنة اللاحقة كما يظهر ذلك من صحيح ابن مهزيار.

 

ما يبقى عنده من مؤونة سنته

   إذا أشترى أو ادخر من ارباح سنته اعيانا لمؤونة سنته وبقيت عنده بعد انتهاء سنته فان كان انتفاعه بها باستهلاك اعيانها كالأطعمة والاشربة والفحم والملح فالباقي منها بعد انتهاء سنته يحسب من فاضل مؤونته ويعطى خمسة.وان كان الانتفاع بها بغير استهلاك اعيانها كالدار والالبسة والفرش و الفرس و العبد و الجارية والاواني والكتب والحلي والمصابيح فالباقي منها بعد انتهاء السنة لا يجب فيه الخمس سواء استغنى عنه قبل انتهاء السنة أو بعدها أم لا.

مؤونة الواجبات و الحقوق اللازمة عليه

قد عرفت انه من المؤونة مصاريف التكاليف وحقوقه اللازمة من حج أو دين أو نذر أو كفارة أو قيم المتلفات أو أرش الجنايات سواء سبق الملزم بها على عام الربح أو كان في عام الربح و أما ما تجدد بعد عام الربح فالخمس مقدم عليه لسبق التكليف به وعليه لو استطاع في عام أخرج مؤونة الحج من ربح ذلك العام ذهابا وايابا الا إذا تم عامه في أثناء سفره فيجب اخراج خمس ما بقي عنده من الربح وتخرج مصاريف بقية السفر العام الآتي لانها من مؤونته لا من مؤونة العام الماضي ولو قصر واخر الحج عن عام الاستطاعة أخرج مؤونة الحج من ربح العام الثاني لان ذمته قد اشتغلت به ويكون الخمس في جميع ما فضل من ربح العام الأول حتى المقدار الذي كان عليه أن يصرفه في الحج لعدم صرفه في مؤونة الحج.و أما ما سبق على عام الاستطاعة من الاعوام فلا يستثنى منها مؤونة الحج لتعلق الخمس في فضلاتها من الارباح  قبل حدوث سبب الحج وهو الاستطاعة و اما لو وجب عليه الحج و لم يفعله و كان ربح السنة الاتية لا يكفيه ادخره و ضمه لربح السنة الثانية و هكذا حتى يتمكن من الحج و لا يجب عليه خمس هذه الارباح لكونه قد صرفها في مؤونة سنته بادخارها لوفاء ما اشتغلت ذمته به.ومثل الحج الذي اشتغلت ذمته به كل واجب صار في ذمته بنذر ونحوه مما لا يكفي بالقيام به إلا ارباح سينين متعددة كما لو كان عليه عتق رقبة وكان ربحه في هذا العام لا يفي به ادخره وضمه لربح العام الثاني وهكذا حتى يتمكن من شرائها ولا يجب عليه خمس هذه الارباح لكون الربح قد صرفه في مؤونة عامه بادخاره لوفاء ما وجب عليه من العتق وبهذا ظهر لك حال الدين فانه سواء كان من السنة السابقة أو التي هو فيها و سواء صرفه فيما يحتاجه أم لا فان وفاءه أو ادخار المال لوفائه يكون من مؤونة السنة فان صدر منه الوفاء أو الادخار قبل انتهاء سنته استثنى ذلك من ربحها واما إذا آخره إلى ما بعد انتهاء السنة وجب اخراج الخمس أولا و كان الوفاء أو الادخار من مؤونة السنة اللاحقة هذا كله في الدين الذي صرفه في غير تحصيل الربح كمنافع نفسه أو عياله و اما الدين الذي صرفه في تحصيل الربح واستفادته فهو يخرج من الربح سواء كان وفاؤه في اثناء سنة الربح أو بعد انتهائها لانه يكون من مؤونة الربح لا من مؤونة نفسه وقد تقدم ان مؤونة الصرف على تحصيل الربح تخرج من أصله ثم ان الشيء الذي يشتريه بالدين وان كان وفاؤه من مؤونة السنة الا ان ذلك الشيء ان كان يحتاجه في شؤون حياته فلا خمس فيه لانه من مؤونته و اما ان كان غير محتاج له في شؤون حياته كما لو اخذه للبيع والتجارة به أو بثماره اخرج خمسه كفاضل مؤونته.

عدم وجوب إخراج مؤونته من الأموال التي عنده

إذا كان لشخص أموال لا يتعلق بها الخمس كالمواريث والهبات وعنده أرباح أيضا فله ان يخرج مؤونته من الأرباح فان فضل منها وجب في الفاضل الخمس وإلا فلا.و لا يجب عليه أن يخرج مؤونته أو بعضها من الأموال التي لا خمس فيها.نعم لو اخرج مؤونته من تلك الأموال أو كانت هي مؤونة له كان الخمس في مجموع ما فضل عنده من الربح.

 

مبدأ السنة التي يجب الخمس في ما فضل من أرباحها

قد عرفت فيما سبق ان الخمس يتعلق بفاضل مؤونته سنته البالغة اثنى عشر شهراً هلالية اما مبدأ السنة فهو من حين ظهور الفائدة فإذا ظهرت عنده الفائدة يحسب رأس السنة من عندها.فما يصرفه من الربح من هذا الوقت إلى مضي اثنى عشر شهرا هلالية في مؤونته ليس فيه الخمس و إنما الخمس على الفاضل عنده من الربح بعد انقضاء الاثنى عشر شهرا سواء كان الربح من نوع واحد ودفعة واحدة كما لو حصل له حنطة من زراعة أو ربح بيع شيء معين يكفيه سنة ويفضل منه و سواء كانت أرباح متعددة من أنواع مختلفة في أزمنة متفاوتة كالعامل بيده مرة في البناء ومرة في النجارة ومرة في الحياكة وكما لو حصل لشخص مقدار من الحنطة ومقدار من ربح التجارة ومقدار من الرز ومقدار من الغنم فانه يحسب رأس سنته من حين ظهور الربح الأول والذي يفضل عنده من هذه الأرباح بعد مضي اثني عشر شهرا هو الذي يجب فيه الخمس فالواجب على المكلف أن يضبط أول ظهور ربح عنده فإذا جاء ذلك الوقت من السنة المقبلة فان كان عنده فاضل من الأرباح أعطي خمسه وإلا فلا خمس عليه في ما ربحه وحينئذ يستأنف العمل فأول ربح يظهر عنده يحسب رأس سنته منه.

من أغفل نفسه ولم يعرف رأس سنته

و اما من أغفل نفسه أو كان غافلا عن ذلك و لم يعلم بوقت أول ربح ظهر عنده عندما اشتغل بالتكسب والاستفادة و كان عنده أموال يعلم بأنها فاضل مؤونة السنة ألا انه لا يدري أنها لسنة واحدة أو اكثر فعليه أن يعطي الخمس الذي يعلم اشتغال ذمته به و ما يبقى من الأرباح التي لم يخرج خمسها لعدم علمه بمضي سنة عليها يجب عليه أن يخرج خمسها عندما يجيء وقت يقطع بمجيء سنة عليها ثم يستانف العمل فيحسب رأس سنته من أول ما يظهر عنده الربح.

الشرائط لوجوب الخمس في الفوائد المغتنمة

يشترط في وجوب الخمس في الفوائد المغتنمة(أولا)استقرار ملكها عند انتهاء سنته فلو كان الربح غير مملوك له لم يجب عليه خمسه كما لو كان وكيلا في التجارة و إنما يجب على المالك له وهكذا لو كان غير مستقر ملكه له كما لو اشترى ما فيه الربح ولكن كان البائع له الخيار فانه لا يجب عليه خمسه عند انتهاء سنته إذا لم يلزم البيع و أما لو صار البيع لازما قبل انتهاء سنته فانه يجب الخمس ولو استقاله البائع فأقاله بعد انتهائها.و أما لو صار لازما بعد انتهائها صار من أرباح السنة اللاحقة(وثانيا)مضى سنته فلا يتعلق الخمس الا بالفاضل من الأرباح بعد انقضاء سنته:وعليه فلا يصح دفع الخمس قبل انقضائها الا بعنوان القرض:وهكذا لو مات المكتسب في أثناء الحول بعد حصول الربح لم يجب الخمس لعدم مضي سنته وهكذا جميع المعاملات والتصرفات صحيحة في الأرباح قبل مضي السنة و إنما يتعلق الخمس بالفاضل من مؤونته منها بعد مضي السنة ما لم يكن قد بذر بها أو صرفها في الحرام فانه بعد مضي السنة يجب عليه خمس ذلك أيضا.

سادسها الأرض التي تنتقل بالمعاوضة من المسلم للذمي

فانه يجب على الذمي الخمس في رقبة كل ارض سواء كانت بسيطة أو مشغولة بزرع أو بناء كالدكان والخان والدار وسواء كانت الأرض مما فيها الخمس كما لو كانت من الغنائم أم لا كالأرض التي اسلم عليها أهلها طوعا وسواء كان الذمي صغيرا أو كبيرا عاقلا أو مجنونا حرا أو عبدا بشرط أن تكون تلك الأرض قد انتقلت إليه من مسلم بالشراء أو غيره من المعاوضات ولا يجب الخمس على ما فيها من زرع أو بناء أو آلة:ومصرف هذا الخمس مصرف الخمس في باقي الموارد.والنية المعتبرة في أداء الخمس على من يتولى أخذ الخمس من الذمي.ولا يسقط هذا الخمس بإسلام الذمي بعد الانتقال بخلاف ما لو اسلم قبل الانتقال سواء كان قبل العقد أو قبل تمامه أو قبل القبض فيما كان القبض شرطا للانتقال فانه يجب الخمس على الذمي.وهكذا لا يسقط هذا الخمس بانتقالها من الذمي للمسلم ثانيا.ويتخير الذمي بين إعطاء خمس الأرض عينا أو قيمة:وليس عليه بعد دفع القيمة خمس هذا الخمس.ولو أعطى الخمس عينا فلأرباب الخمس الخيار بين إجارته عليه وبين أخذه وإذا أخذه من الذمي فليس لهم قلع ما عليه من الغرس والبناء بعد ما كان موضوعا بحق و إنما لهم أجرة اشغاله بذلك.ولا يصح اشتراط الذمي عدم الخمس إذا اشترى الأرض من مسلم لأنه شرط منافٍ للشرع.

 

سابعها الحلال المختلط بالحرام

وهو ألا يتميز الحرام من الحلال في المال وهو يتصور على صور أربعة(الأولى)أن يجهل مقدار الحرام ويجهل صاحبه وفي هذه الصورة يجب تخميس مجموع المال المختلط بالحرام بعد اليأس من صاحبه ويحل المال الباقي بعد التخميس لصاحب المال الحلال وان احتمل وجود الحرام فيه بل وحتى إذا انكشف بعد إعطائه الخمس أن فيه حراما أزيد من الخمس فالمال له حلال.ولو انكشف مالك الحرام بعد التخميس لم يضمن له المخمس و أما لو انكشف قبل التخميس وجب دفع ماله له:ولو تصرف بالمال المذكور قبل إعطائه خمسه انتقل الخمس إلى ذمته و أما نفس المال لحرام إذا كان في ذمته ولم يعلم مقداره ولا صاحبه فحكمه حكم مجهول المالك فيجب أن يتصدق بالقدر الذي يتقن اشتغال ذمته به و لا يحل بتخميسه:وإذا كان الحلال الذي اختلط بالحرام فيه الخمس أو الزكاة كما لو كان فاضل المؤونة من التجارة أو علم بان غنمه المختلطة بالحرام تبلغ في حد ذاتها النصاب وجامعة لباقي شرائط الزكاة اخرج الخمس الثابت من جهة الاختلاط فإذا حل المال وطهر يخرج بعد ذلك زكاة ذلك المال الحلال أو خمسه بمقدار المتيقن انه حلاله الذي تعلق به الخمس أو الزكاة ولو كان عنده مال حرام متميز مجهول المالك أو زكاة أو حق السادة من الخمس أو حاصل وقف للفقراء ثم خلطه أو أختلط بماله الحلال فلا يحل بتخميسه لكون المستحق له معلوم وهم الفقراء فيكون حكمه حكم الصورة الثانية ان كان مقداره معلوماً وحكم الصورة الرابعة ان كان مقداره مجهولاً ولا يشترط في وجوب الخمس في هذه الصورة الحرية ولا البلوغ ولا العقل بل على الولي ان يخرج الخمس فيما له الولاية عليه.

الصورة الثانية

أن يعلم مقدار الحرام ويعلم صاحبه وحكمها أن يدفع المال لصاحبه إلا أن يكون الخليط مما يستهلك بالاختلاط بحيث لا يعد مالا في العرف فانه يجب أن يدفع قيمته الذي خلطه لانه أتلفه بهذا الاختلاط.

الصورة الثالثة

أن يعلم مقدار الحرام و لم يعرف صاحبه سواء كان بقدر الخمس أو أزيد منه أو اقل وفي هذه الصورة يعزل المقدار المعلوم حرمته و يفحص عن صاحبه و مع اليأس عنه يتصدق به إذا كان المال تحت يده و أما إذا كان خارجا عن يده و يعلم بأنه أقل من الخمس أو يعلم بأنه اكثر ولكن لم يدرِ مقداره فيجب عليه أن يتصدق بالمقدار المعلوم حرمته ويقسم الزائد المردد بين أن يكون له أو لصاحب الحرام نصفين نصف يكون له ونصف يتصدق به أيضا.هذا كله إذا لم يعلم المالك أصلا بان تردد بين غير محصورين و أما إذا علم المالك وكان مرددا بين محصورين كشخصين أو ثلاثة فحينئذ ان أمكن التصالح بينهم في مقدار الحرام فهو.لانه قد حصل رضا المالك وإلا فان كان أخذه بنحو العدوان أو مزجه بسوء اختياره وتفريطه فيدفع مثل المال إلى كل واحد من الأشخاص المردد بينهم المال وان كان أخذه لا بنحو العدوان ولا كان مزجه واختلاطه بسوء اختياره كما لو كان الغير قد مزجه فيقسم المال بينهم نصفين فان تنازعا رجعا إلى حكم القضاء بينهم من العمل بالبينة ومع التساوي في البينة القرعة والتحالف ومع النكول التنصيف على ما سيجيء إن شاء الله تعالى في كتاب القضاء و أما إن علم المالك وعرفه ولكنه كان مفقوداً لا يدري مكانه أين هو ولا يعرف وارثه كان حكمه حكم المال الغائب ولو تردد المال الحرام بين شخص حاضر وشخص مفقود قسم بينهما نصفين نصف للحاضر ونصف يجرى عليه أحكام مجهول المالك ان كان الشخص المفقود لا يعرف من هو وحكم المال للغائب ان كان الشخص المفقود يعلم شخصه ولم يعرف محله أو وارثه.

الصورة الرابعة

أن يجهل مقدار الحرام ويعرف صاحبه فان كان المال تحت يده دفع لصاحب الحرام ما يتيقن بأنه له وان كان المال ليس تحت يده فان أمكن التصالح معه فهو وإلا فالحكم في هذه الصورة أن يأخذ ما يعلم بأنه له ويدفع لصاحب الحرام ما يعلم بأنه له ويقسم الذي بيده المال المقدار المردد بينهما نصفين ومع ترافعهما يرجعان لأحكام القضاء.

 

الفصل الثاني

في قسمة الخمس ومصرفه

الخمس بأقسامه السبعة ينقسم إلى ستة سهام سهم لله تعالى وسهم لرسوله  صلى الله عليه وآله وسلم  وسهم لذي القربى   عليه السلام  وهو الإمام والحجة في زمانه وسهم لليتامى وهم من لا آباء لهم وسهم للمساكين وهم الفقراء الذين لا يملكون قوة السنة لأنفسهم ولعيالهم وسهم لأبناء السبيل وهم المسافرون الذين صدق عليهم عنوان ابن السبيل بغير سفر المعصية: ويشترط في اليتامى والمساكين وأبناء السبيل أمور(الأول)أن يكونوا منتسبين لبني هاشم من طرف الأب و لا يكفي الانتساب من طرف ألام كما تقدم توضيح ذلك في مبحث الزكاة  (الثاني)أن يكونوا من أهل الإيمان الذي تقدم معناها في مبحث الزكاة  و لا يعتبر فيهم العدالة إلا أن الأقوى عدم إعطاء المتجاهر بالفسق حيث أن الخمس كما تضافرت به الأخبار انه جعل كرامة لهم والمتجاهر بالفسق لا حرمة له فلا يكون له كرامة(الثالث)الفقر في اليتامى والمساكين والحاجة للمال في ابن السبيل في بلد التسليم بحيث يكون التكسب والدين و بيع ما عنده فيه حرج عليه(الرابع)ألا يكون ممن تجب نفقتهم عليه كالزوجة والمملوك والوالد والولد كما تقدم في الزكاة سابقاً .

مصرف الخمس

قد عرفت ان الخمس ينقسم إلى ستة سهام ثلاثة منها وهو سهم الله وسهم رسوله وسهم ذوي القربى يعطى للحجة في زمانه أو نائبه فنصف من الخمس يكون له عليه السلام فإذا قبضه كان كسائر أملاكه ينتقل لورثته حسب موازين الإرث نظير من يقبض الزكاة ونظير المساكين الهاشميين إذا قبضوا الخمس ومن قبضوا الأوقاف العامة فانه تصير كسائر أملاكهم وتنتقل لوارثهم وفي هذا العصر يسلم هذا النصف للمجتهد النائب عن ولي العصر أرواحنا فداه القائم بشؤون الإمامة والزعامة الدينية.والأسهم الثلاثة الأخر التي هي النصف الثاني من الخمس لليتامى والمساكين و أبناء السبيل من بني هاشم بشرط كونهم من الشيعة الاثني عشرية ومن أهل الفقر والحاجة وغير واجبي النفقة:ولا يجب توزيع هذا النصف عليهم بل يجوز أن يقتصر على واحد منهم:ويجوز أن يعطي الواحد منهم ما زاد على مؤونة سنته دفعة واحدة:نعم من يتولى أمور المسلمين بحق حيث انه قائم بأمر الرعية وشؤونهم الحيوية ويتكفل بمعاشهم وتجبى له أخماسهم أن يقسم هذا النصف على يتاماهم ومساكينهم وأبناء سبيلهم ما يستغنون به في سنتهم فان فضل منه شيء أخذه له وان نقص عن كفايتهم أتمه من عنده حتى لا يبقى هاشميٌّ محتاجا ويستعفون عن أيدي الناس من الزكاة والصدقات كما هو شأن والي المسلمين المذكور بالنسبة إلى الزكاة فانه يقسمها على أصناف المستحقين بقدر ما يستغنون به في سنتهم بلا ضيق ولا تقتير فان فضل من ذلك شيء رد إلى الوالي وان نقص من ذلك شيء ولم يكتفوا به كان على الوالي أن يمونهم من عنده بقدر سعته حتى يستغنوا ولا يبقى فقير من المسلمين فهذا وظيفة من يتولى أمور المسلمين ويتعهد بشؤونهم وكان فيه أهلية للولاية عليهم نظير ما تضافرت به الأخبار آن على والي المسلمين لو ترك الناس الحج أن يجبرهم على ذلك وعلى المقام عنده و هكذا لو تركوا زيارة النبي  صلى الله عليه وآله وسلم  فان لم يكن لهم أموال أنفق عليهم من بيت المال فهذه وظائف المتولي للمسلمين على وجه الصحة كالرسول  صلى الله عليه وآله وسلم  وكأمير المؤمنين  عليه السلام والحسن  عليه السلام في زمن خلافتهما وعلى صاحب الخمس أن لا يتصرف فيه إلا بأذن المتولي المذكور وأما فيما بعد زمان الأئمة   عليه السلام  حيث لم يكن المتولي لشؤون المسلمين يتمتع بالصفات المؤهلة له ولم يتكفل شؤونهم فيجوز لصاحب الخمس أن يدفعه لأربابه ولصاحب الزكاة أن يدفعها لأربابها.

الفصل الثالث

في أحكام الخمس:تعلق الخمس بالعين

(أحدها)أن الظاهر أن الخمس حق مالي متعلق بعين المال ولكن ليس بنحو الشركة الحقيقية بمعنى أن الشارع فرض مقدارا من المالية غير مقيدة بنوع خاص في عين المال نظير ما قررناه في الزكاة.

يجوز دفع الخمس عيناً أو قيمة

(ثانيها)المالك مخير بين دفع عين الخمس وبين دفع القيمة السوقية الثابتة للخمس وقت أدائه أو احتساب دين على أرباب الخمس من دون فرق بين أقسام الخمس السبعة.

 

عدم جواز التصرف بالمال قبل أداء الخمس

(ثالثها)لا يجوز له التصرف بالمال بأجمعه قبل أداء الخمس و يجوز له التصرف فيما عدا مقدار الخمس.

تلف الخمس قبل أدائه

(رابعها)ان الخمس لو تلف بعد وجوبه عليه مع عدم تمكنه من أدائه لم يضمنه و أما مع التمكن من أدائه فيضمنه.

الاتجار بالخمس

 (خامسها)لو أتجر بالخمس كان حراماً عليه كمن أكله ألا أن المعاملة صحيحة بشرط أداء الخمس من البائع أو المشتري.

لا يتبع ربح الخمس الخمس

(سادسها)لا يتبع ربح الخمس الخمس بل الربح للمالك إلا إذا عزل الخمس وأخرجه من ماله ولا يجب عليه دفع نماء الخمس المتصل أو المنفصل لو تأخر عنده فلا يجب دفع اللبن والصوف والأولاد الحاصلة من الخمس وغير ذلك الا إذا عزله وأخرجه من ماله.

الخمس يتبع عين المال

(سابعها)انه لو باع أو وهب ما فيه الخمس أخذ الخمس من المشتري وهو يتبع البائع به أو يؤدي نفس البائع الخمس والبيع حرام والشراء حرام إذا علم ان في المال الخمس و لا يحل المشتري الخمس بمجرد شرائه له ما لم يصل الخمس لاهله بخلاف ما لو باع ما عدا مقدار الخمس فانه يتبع البائع في الخمس لا المشتري لان لصاحب المال الحق في التصرف بماله بما عدا مقدار الخمس.

موت من عليه الخمس

(ثامنها)انه لو تعلق الخمس بماله ولم يؤده حتى مات وجب إخراجه من تركته كسائر الديون نعم لو كان عليه دين يستغرق التركة وكان المال المتعلق به الخمس موجوداً إخراج الخمس قبل الديون أما لو كان تالفا والخمس في ذمته صار حاله حال سائر الديون.

عوض ما فيه الخمس

(تاسعها)ان المعاملة على ما فيه الخمس لا تجوز التصرف بالخمس للمشتري ولا عوضه للبائع فلا يجوز وطء الجارية المشتراة بالمال الذي فيه الخمس و لا يجوز الوضوء من الماء المشتري بالمال الذي فيه الخمس و لا تجوز الصلاة في الثوب المشترى بالمال الذي فيه الخمس كما في الزكاة.

عدم وجوب الخمس في المال مرتين

(عاشرها)إذا خمس المال مرة باعتبار انه أحد الأنواع السبعة التي يجب فيها الخمس فلا يجب عليه الخمس مرة ثانية بذلك العنوان فالمعدن إذا خمسه لا يجب فيه الخمس مرة ثانية بعنوان انه معدن ولو مضت عليه سنون عديدة وهكذا باقي أنواع الخمس السبعة.وهكذا لو اجتمع عنوانان على المال فلا يجب فيه الخمس إلا مرة واحدة فلو فرض إن الغوص الذي أعطى خمسه صار فاضل مؤونة سنته من أرباح مكاسبه فلا يجب عليه فيه الخمس مرة ثانية أو أخرجه آخر سنته فلا يعطى عنه الخمس من جهتين من جهة كونه غوصا ومن جهة كونه فاضل ربح سنته وهكذا لا يجب عليه الخمس مرتان فيما لو كان الحلال المختلط بالحرام فاضل ربح سنته لأن الله قد رضي عنه بالخمس:وفي مقام العطاء ينوي عطاء ما تعلق بهذا المال من الخمس من دون تعين انه خمس فاضل المؤونة أو خمس الغوص أو خمس الحلال المختلط بالحرام أو غير ذلك.

 

التركة التي فيها الخمس

(الحادي عشر)إذا ورث أموالا يقطع بان الخمس قد تعلق بها فتارة يعلم بان خمسها لم يؤده الوارث إلى زمن موته ففي هذه الصورة يجب عليه أن يؤدي خمسه وهكذا لو علم اشتغال ذمة المورث بالخمس حتى مات وجب عليه أن يؤدي ما اشتغلت به الذمة من الخمس مثل سائر الديون و أما لو شك في إخراج الوارث لخمسها فلا يجب عليه أداء خمسها وهكذا لو علم اشتغال ذمة المورث بالخمس لشيء ولكنه شك في انه فرغ ذمته من الخمس أم لا فانه لا يجب عليه أداء الخمس.

المقدم عند اجتماع الخمس مع الزكاة

 (الثاني عشر)إذا اجتمع الزكاة والخمس في مال واحد كما لو حصل عنده حنطة عند انتهاء سنته أو كمن كمل حول غنمه عند انتهاء سنته كان الواجب أولا إخراج الزكاة ثم تخميس المال لأن المال لا يكون غنيمة وفائدة إلا بعد إخراج ما تعلق به.

 تسليم المالك الخمس لأربابه

(الثالث عشر)يجوز للمالك أن يسلم النصف الثاني من الخمس اعني سهم السادات من بني هاشم لأربابه بنفسه كما يسلم بنفسه سهم الإمام أرواحنا فداه لصاحبه من دون توقف في ذلك على إذن الحاكم الشرعي نعم الأولى دفعه للفقيه العادل المأمون لكونه ابصر به وأعرف بمواقعه وأبعد عن الرياء فيه كما تقدم ذلك في الزكاة.

نقل الخمس إلى غير بلده

(الرابع عشر)يحمل الخمس إلى مستحقه من الإمام  عليه السلام أو نائبه أو السادة المستحقين إلى اقرب مكان إذا لم يوجدوا عنده وحينئذ لا يضمن إذا تلف من غير تعد و لا تفريط ولو أخره مع التمكن من الأداء ثم تلف ضمنه مصرف نقل الخمس على صاحب الخمس.

مقدار ما يعطى من الخمس

(الخامس عشر)لا يجب في النصف الذي يخص اليتامى والمساكين و أبناء السبيل أن يستوعب بعطائه جميعهم ولا بسطه عليهم بل يجوز أن يخص به شخصا واحدا منهم ولا يتقدر المدفوع من الخمس بقدر بل يجوز أن يدفع للمستحق ما يوجب غناه بل وأزيد من مؤونة سنته ولكن بدفعة واحدة لا بدفعات.

عدم حلية شراء الخمس

(السادس عشر)لا يحل لأحد أن يشتري من الخمس شيئاً حتى يصل إلى أربابه حقهم فقد ورد بأن من اشترى شيئاً من الخمس لم يعذره الله تعالى اشترى ما لا يحل:وفي خبر آخر لا يعذر عبد اشترى من الخمس شيئاً أن يقول أني اشتريته بمالي:وفي أخبار متعددة لا يحل لأحد أن يشتري من الخمس شيئاً حتى يصل إلينا حقنا:وفي بعضها نصيبنا.والظاهر من جميع هذه الأخبار هو الشراء مستحلا له بقرينة حتى يصل إلينا حقنا وعليه فالشراء مع أداء الخمس لا مانع منه كما ان هذه الأخبار لا تدل على فساد المعاملة حتى لو أدى المشتري الخمس وانما تدل على حرمة أكل الخمس المتعلق بعين المال.

ما يأخذه الجائر باسم الخمس 

(السابع عشر)في كتاب من لا يحضره الفقيه لشيخينا الصدوق S قال سئل أبو عبد الله  عليه السلام عن رجل يأخذ منه هؤلاء زكاة ماله أو خمس غنيمته أو خمس ما يخرج من المعادن ايحسب ذلك له في زكاته أو خمسه فقال  عليه السلام نعم:وهو بظاهره يدل على جواز احتساب ما يأخذه الجائر باسم الخمس من الخمس كما تقدم ذلك في الزكاة.ويدل على هذا الحكم إطلاق رواية سليمان بن خالد قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول ان أصحاب أبي أتوه فسألوه عما يأخذ السلطان فرق لهم وانه ليعلم ان الزكاة لا تحل الا لأهلها فأمرهم ان يحتسبوا به فقلت له يا أبه ان سمعوا لم يزك أحد فقال  عليه السلام يا بني حق احب الله ان يظهره.ودلالة هذه الرواية باعتبار أن إطلاق ما يأخذه السلطان يشمل الخمس.و الإمام  عليه السلام إنما اعترض على أبيه  عليه السلام في خصوص الزكاة لان الزكاة بحسب التشريع(الإلهي)ليس للإمام  عليه السلام حتى يعفوهم عنها ويبيحها لهم بخلاف الخمس فانه له ذلك ولذا أجابه أبوه  عليه السلام بان ذلك ليس بإباحة حتى يرد الاعتراض و إنما هو حكم واقعي لما يأخذه السلطان:وهكذا يمكن أن يدل على المطلب رواية عبيد الله ابن علي الحلبي قال سألت أبا عبد الله  عليه السلام عن صدقة المال يأخذها السلطان فقال لا آمرك أن تعيد بناء على شمول صدقة المال للخمس كما يدل عليه قوله تصدق بخمس مالك في كثير من الروايات ويدل عليه أيضا استشهاد الإمام  عليه السلام بقول الله تعالى خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ  وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ على ايجاب الخمس كما في صحيحة ابن مهزيار ويؤيد ذلك أن الخمس عوض الزكاة كما

 

دلت على ذلك الكثير من الروايات وقد ورد في الزكاة أخبار كثيرة تدل على احتسابها إذا أخذها الجائر و لم يمكن التخلص منه:نعم في مصحح الحلبي عن أبي عبد الله  عليه السلام في رجل من أصحابنا يكون في لوائهم ويكون معهم فيصيب غنيمة قال يؤدى إلينا خمسنا ويطيب له ولعله في ذلك الزمان لم يأخذ السلاطين الخمس من الغنيمة كما تقل عنهم ويحتمل أن الغنيمة في الرواية من الأنفال لكونها بغير أذن الإمام  عليه السلام فتكون للإمام وقد أباح له ما عدا الخمس ولو دلت فتكون مخصصة لتلك الأخبار المتقدمة بغير خمس غنيمة الحرب دون غيرها من الغنائم.

كتاب الأنفال والفيء

الأنفال جمع نقل بالفتح وسكون الفاء وهي الزيادة ذات الفائدة والنفع ومنه نافلة الصلاة ومنه قوله تعالى : " وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً" أي زيادة على ما سأله.والمراد بها هنا الأموال التي هي هبة من الله تعالى للنبي  صلى الله عليه وآله وسلم  زيادة على ما جعله له من الشركة في الخمس إكراما له وتفضلا عليه وتشريفا له على غيره قال الله تعالى : يَسْأَلُونَكَ عَنْ الْأَنْفَالِ قُلْ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ"وبهذا التعريف للأنفال تعرف أن النذر للإمام عجل الله فرجه أو العطية أو الهدية له ليس من الأنفال والفيء لانه هبة من الناس لا من الله تعالى.والفيء وأن فسر بالغنيمة التي لا مشقة فيها ألا أن الظاهر من بعض الأخبار انه يطلق على كل ما أخذ من الكفار باعتبار معناه اللغوي وهو الرجوع إلى محله لأن جميع ما بين السماء والأرض لله تعالى ولرسوله وللمؤمنين الموصوفين بالتائبين العابدين الآية فيكون ما بيد الكفار حقهم فإذا غلبهم الرسول  صلى الله عليه وآله وسلم  عليه بحرب كان حكمه ما قال الله تعالى واعلموا إنما غنمتم الآية وأما إذا أخذه من دون حرب فهو الأنفال لله ورسوله خاصة فكل من القسمين يكون من الفيء لانه قد رجع إلى محله فالفيء اعم من الأنفال من وجه أن قلت أن هذا ينافي عد بطون الأودية من الفيء في موثق محمد بن مسلم قلنا ليس الموثق ظاهر في ذلك لأنه بعد ما عد فيه الأرض المسلمة طوعاً والأرض الخربة وبطون الأودية قال  عليه السلام فهذا كله من الفيء والأنفال فلعله أراد به  عليه السلام على سبيل

 

التوزيع:وكيف كان فالأنفال بعد رسول الله  صلى الله عليه وآله وسلم  للإمام  عليه السلام خالصة له ليس للناس فيها شيء يضعها حيث يشاء وحيث يحب ويريد وهي أمور عشرة.

أحدها

الأرض التي لم يوجف عليها بخيل و لا ركاب

وهي الأرض التي استولى عليها المسلمون من غير قتال سواء انجلى عنها أهلها خوفا من المسلمين أو سلموها طوعا مع بقائهم فيها و سواء كانت عامرة أو مواتا:و ليست هي ارض الصلح التي قد تسمى بأرض الجزية لكون ارض الصلح المحكومة بأنها للمسلمين تارة و لأهلها أخرى عبارة عن الأرض التي صالح أهل الكتاب المسلمين على أن الأرض لهم وعليهم الجزية أو على أن الأرض للمسلمين فإذا عقد الإمام معهم الصلح على إحدى هاتين الصورتين لزمهم:و في الأخبار ان فدك من الأنفال وهكذا البحرين ولكن المعروف ان أهل البحرين أسلموا طوعا فتكون أرضهم لهم كما ذكروه في المدينة المنورة.

 

ثانيها

الأرض التي لا رب لها   

وهي الأرض التي لا مالك لها سواء كانت مواتا أو محياة وسواء ملكت سابقا أو لم تملك أصلا كالمفاوز وسيف البحار وسواحلها وشواطئ الأنهار التي برزت بعد نزول آية الأنفال أو كانت بارزة ولكنها لم تكن مملوكة والجزر التي تظهر في وسطها.

ثالثها

رؤوس الجبال 

وهي قمم الجبال الكبيرة والصغيرة ويتبعها ما يكون فيها من حجارة أو شجر أو معادن أو عين ماء أو نحو ذلك سواء كانت واقعة في الأرض المملوكة للإمام  عليه السلام أو المملوكة للمسلمين أو مملوكة لشخص معين وسواء كانت محياة أم لا و سواء كانت ملكا للغير فصارت جبلا أم لا الا إذا كان النبي  صلى الله عليه وآله وسلم  أو الإمام  عليه السلام ملكها للغير.

رابعها

بطون الأودية       

وهي كل منفرج بين الجبال ويتبعها ما يكون فيها من شجر وغيره سواء كانت بطون الأودية واقعة في الأراضي المملوكة للإمام  عليه السلام أو المملوكة للمسلمين أو لشخص معين و سواء محياة أم لا و سواء كانت ملكا للغير فصارت بطنا للوادي أم لا الا أن يكون النبي  صلى الله عليه وآله وسلم  أو الإمام قد ملكها لشخص.

خامسها

الآجام

والآجام جمع أجمة والأجمة كقصبة بفتح الهمزة و الجيم هي الشجر الكثير الملتف بعضه ببعض لتقاربه سواء كان قصبا أو غيره ويسمى فعلا بالزور:ويتبعها ما فيها من المعادن وغيرها:والآجام من الأنفال سواء كانت واقعة في الأرض المملوكة للإمام  عليه السلام أو المملوكة للمسلمين أو لشخص معين وسواء كانت ملكا للغير ثم صارت أجمة أم لا الا أن يكون النبي  صلى الله عليه وآله وسلم  و الامام  عليه السلام قد ملكها للغير.

سادسها

صفو الغنيمة 

 وهو ما يصطفيه الامام  عليه السلام ويختاره لنفسه من الغنيمة قبل قسمتها مما يحب ويشتهي كالجارية الحسناء والسيف القاطع والدابه الفاره والدرع الدلاس.

سابعها

قطائع الملوك وصفاياهم

وهي ما كان في الغنيمة من المال الخالص لسلطان المحاربين فانه للامام  عليه السلام و سواء كان مما ينقل ويحول ويسمى بالصفايا أم لا كالارضين ويسمى بالقطائع ويشترط ألا تكون مغصوبة من مسلم أو معاهد مما يكون محترم المال فانه يرجع لمالكه.

ثامنها

الغنيمة بغير أذن الإمام  عليه السلام

وهو ما يغنمه المسلمون عند غزوهم بدون أذن الإمام  عليه السلام فانه للإمام  عليه السلام سواء كانت أراضي أو غيرها وسواء كان الإمام حاضراً أو غائبا و سواء كان الغزو للدعاء للإسلام أو للملك والسيطرة والسلطان:نعم هذا مخصوص بصورة الغزو و أما في صورة الدفاع عن الإسلام والنفس فالظاهر ان الغنيمة ليست للامام  عليه السلام بل يكون حكمها حكم الغنيمة بأذن الامام  عليه السلام للأذن العام منه  عليه السلام بذلك.

تاسعها

ارث من لا وارث له

وهو المال الذي مات مالكه و لا وارث له من قرابة أو زوج أو مولى عتق أو ضامن جريرة ولم يكن مشترى بمال الزكاة فانه من الأنفال ومصرفه مصرفها.

عاشرها

البحار

كما حكى عن جماعة وذهب إليه في المستند والظاهر ان مرادهم من البحار ما يشمل الأنهار.

مصرف الأنفال

يجب على الإنسان أن يرجع في أمرها لفتوى مقلده أو يسلمها لخصوص المجتهد النائب عن ولي العصر أرواحنا فداه القائم بشؤون الإمامة والرياسة والزعامة الدينية والتدبير لشؤون الرعية الحجة في زمانه والقائم بأمور المسلمين في أوانه بل الذي حققناه ان للمجتهد المذكور أخذها بالقهر من الغير نعم ما أحلوه صلوات الله عليهم من الأنفال لشيعتهم من ارض أو مال أو نحو ذلك فانه حلال لهم ولذراريهم إلى يوم القيامة وانما لأنفال لتي يحتاج إلى المراجعة في شانها هي ما تجدد منها أو لم يعلم بصدور التحليل في أعيانها منهم   عليه السلام .

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 


(1) إن قلت أن هذه الأخبار لا تثبت المراد أعني إمامة الحسن والحسين وأولاده التسعة لعدم كونهم من عترة النبي  ومن أهل بيته قلنا كفى شاهداً على كونهم عترة النبي ومن أهل بيته ما ورد ان المهدي المنتظر من ولد فاطمة ومن أهل بيت النبي وعترته فانه قد روى محمد الكنجي الشافعي في كتاب البيان في أخبار صاحب الزمان وابن ماجه في سننه وأبو داود في سننه أن رسول الله   صلى الله عليه وآله وسلم   قال المهدي من ولد فاطمة.روى مسلم وأبو داود وابن ماجه والنسائي والكنجي والبهيقي أن رسول الله قال المهدي من عترتي.وروى الحاكم في صحيحه أن النبي   صلى الله عليه وآله وسلم   قال يبعث الله رجلاً من عترتي أهل بيتي وروى ابن ماجة في سننه وأبو نعيم الحافظ في مناقب المهدي منا أهل البيت وكيف يعتريك الشك في ذلك والحال ان عترة الرجل ذريته وأولاد فاطمة من ذرية النبي لأنهم أولاد بنته وفي القرآن المجيد حجة واضحة تشهد بصحة هذه الدعوى حيث عد الله في سورة (الأنعام) عيسى من ذرية نوح وهو لا اتصال له به إلا من جهة أمه مريم. 

(1) بضم الباء وتشديد الكاف ومعناه إذا اعطيت أول الصباح.

 
 
البرمجة والتصميم بواسطة : MWD