بحوث في علوم القرآن

الهادي

فيما يحتاجه التفسير من المبادئ

تأليف

الشيخ هادي كاشف الغطاء

مكتبة كاشف الغطاء                                                                                   النجف الأشرف

1423هـ                                                                                                                    2002م

بسم الله الرحمن الرحيم

      المقدمة

الحمد لله الذي جعل الحمد ثمنا لنعمائه ومعاذاً من بلائه أكرم الإنسان علمه البيان وجعله على هداية من أمره,إذ قال في محكم كتابه (إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً) وبعد,فقد توكلت على الله وتشفعت بالنبي المختار والأئمة الأطهار في تأليف كتابي هذا ليتضمن شذرات علمية ومباحث فنية ونبذ قيمة تاريخية جمعتها بعد جد وجهد وعناية وكد من محاضرات الوالد عند حضوري في تفسير القرآن الكريم على يديه,ومن كتب قيمة ذات أهمية لديه وسميته (الهادي فيما يحتاجه التفسير من المبادئ) الحقته بفوائد جليلة وثمرات جميلة في القرآن والذكر والدعاء اقتطفتها من كتاب (كشف الغطاء) لجدي الأعلى  الشيخ جعفر الكبير  قدس سره  ومن الواجبات والمستحبات المتعلقة بالقرآن لجدي الشيخ هادي من كتابه (العبادات اللسانية من هدى المتقين إلى شريعة سيد المرسلين) وقد جعلته مرتبا على بحوث وأتممته بعناية الله في يوم 9 ذي القعدة سنة 1390 هجرية.

المبحث الأول

تعريف القرآن المجيد

القرآن هو ذلك الكتاب لذي لا ريب فيه هدى للمتقين, نزل به الوحي المبين على قلب نبينا محمد   صلى الله عليه وآله وسلم  معجزة خالدة على ممر الدهور والعصور,ويدل دلالة واضحة على صدق دعواه للرسالة من رب العالمين إلى الخلق أجمعين.وقد بحث القوم في بيان حقيقة القرآن الكريم,ولهم في ذلك بيانات مختلفة وتعاريف متغايرة لعروض الاشتباه لهم,بأن مصداقه وكهنه,هل الرسوم والنقوش التي بين الدفتين كما يستفاد جملة منهم؟إذ عرفوا القرآن: بأنه ما بين دفتي المصحف,أو أنه الألفاظ  المدلول عليها بالرسوم والخطوط,كما يدل عليه تعريف آخرين له:بأن الكلام المنزل للإعجاز بسورة أو عبارة عن المعاني التي دلت عليها ألفاظ الكتاب الشريف,كما دل عليه تعريف بعض المحققين,كما عرض الاشتباه لهم من جهة ما صار إليه الأشاعرة من إطلاق القرآن على الكلام اللفظي وعلى الكلام النفسي الذي هو عندهم على ما ذكره بعضهم عبارة عن صورة الكلام في ذهن الإنسان قبل أن يتكلم به,بحيث إذا تلفظ بالكلام كان على طبقها,ففسره بعضهم بالكلام النفسي,وبعضهم بالكلام اللفظي, وجعل الثمرة تظهر في منسوخ التلاوة,وهو ما أنزل من القرآن الشريف,كما يقال إنه كان في ما أنزل من القرآن(الشيخ والشيخة إذ زنيا فارجموهما البتة أن الله عزيز حكيم)فإن هذه الآية لم يعد لها وجود بين دفتي المصحف,ولا على ألسنة القراء ونسخت تلاوتها,فعلى تفسيره بالكلام النفسي يكون المذكور من القرآن الكريم وعلى تقدير تفسيره بالكلام اللفظي الموجود بين الدفتين او بالكتابة بين الدفتين لا يكون منه.ولكن التحقيق أن الأول باطل لوضوح إن النقوش والرسوم والكتابة تختلف فقد تكون بأحرف عربية,وقد تكون بأحرف فارسية,وقد تكون بأحرف عربية,وقد تكون كوفية,فلو كان القرآن هو النقوش لكان يختلف باختلافها ويتبدل بتبدلها.

إن قلت إن القرآن يدل على كونه عبارة عن النقوش هو حرمة مس كتابة القرآن.

 

قلنا هذا حكم تعبدي لا دلالة فيه على ذلك.

ويبطل الثاني: إن ألفاظ القرآن التي تتلى مما تجدد آنا فآنٍ وتختلف باختلاف اللهجات,فيلزم أن يكون القرآن متعدداً بتعددها.

ويرد على الثالث: إن القرآن إنما جاء للإعجاز ولو عبرت معانيه بألفاظ أخرى لما صار فيه إعجاز.ويرد على الرابع: وهو تفسيره بالكلام النفسي هو عدم ثبوت الكلام النفسي كما أقيم عليه البرهان في كتب العقائد والأصول,كما أن منسوخ التلاوة ليس ثابتا عندنا.فالحق أنّ القرآن المجيد عبارة عن الكلام المنزل على النبي المرسل بهذه التراكيب الخاصة,وهذه الصياغة المخصوصة التي من شأنها أن ينطق بها من حيث هي هي مع قطع النظر عن تصورها في الذهن وبروزها في الخارج,فعلى كل ما ينطق به الناس ويتلفظون به من القرآن مظاهر للقرآن وبروزات له نظير نقل الناس لكلام الخطيب وشعر الشاعر فالقرآن الشريف يظهر وجوده بصوت زيد وعمرو وخالد وخويلد الذي يكون بتلك الكيفيات الخاصة والصياغة المخصوصة المعلومة,كما يظهر وجوده بالكتابة بالاحرف العربية والكوفية واللاتينية ونحوها.ويرشد لما ذكرناه من أنه عبارة عن نفس الكلام العربي المنزل على النبي الأعظم من الرب الأكرم قوله تعالى في سورة الشعراء ( وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ  نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ بلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ) وعليه فالنقوش ونطق الناس به مظاهر للقرآن الكريم ونحو بروزات له.

الفرق بين القرآن والسنة النبوية والحديث القدسي

الفرق بين القرآن والسنة النبوية إنّ القرآن نزل بهذه الألفاظ المخصوصة والتراكيب الموجودة على النبي   صلى الله عليه وآله وسلم ,والسنة نزل مضمونها ومعناها على النبي   صلى الله عليه وآله وسلم  لا ألفاظها وتعابيرها.

والفرق بين القرآن الشريف والحديث القدسي وسائر الكتب المنزلة: كالتوراة والإنجيل  ونحوهما,إن القرآن الكريم نزل للإعجاز بفصاحته وبلاغته,والحديث القدسي وسائر الكتب المنزلة لم تنزل للإعجاز.وعليه أن القرآن المجيد والحديث القدسي الشريف والكتب المنزلة من السماء كلها قد نزلت بألفاظها وعباراتها على قلوب الأنبياء  عليهم السلام  إلا أن القرآن يفترق عنها بأن إنزاله كان للإعجاز بفصاحته وبلاغته دون غيره.

والحاصل إن الحديث القدسي: ألفاظ ينسبها الرسول إلى الله عز وجل بأسلوب يختلف اختلافاً ظاهراً عن أسلوب القرآن الكريم,ولكن فيه نفحة من نفحات الملكوت الأعلى وروعة من روائع العالم لأسمى بعبارة يحرص النبي   صلى الله عليه وآله وسلم  على نسبتها إلى الله,وحكايتها عنه بأسلوب يختلف اختلافاً واضحاً عن أسلوب القرآن الكريم,ولتوضيح الحال نضرب لك مثلا للحديث القدسي عن (أبي ذر)  رضي الله عنه  عن النبي   صلى الله عليه وآله وسلم  في ما يرويه عن الله عز وجل (يا عبادي إني حرَّمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا يا عبادي كلكم ضال إلا من هديته فاستهدوني اهدكم).

وأنت ترى إن هذا الحديث قد صدر برواية النبي   صلى الله عليه وآله وسلم  عن الله عز وجل,وقد تعارف عند (السلف) في رواية الأحاديث القدسية أن يقولوا:قال رسول الله أو النبي  صلى الله عليه وآله وسلم  في ما يرويه عن ربه,وأما (الخلف) فلهم طريقة خاصة في التعبير عن هذه الأحاديث القدسية,فهم يقولون: قال الله تعالى في ما رواه عنه رسول الله,أو قال الله تعالى في الحديث القدسي.

والمراد في كلتا العبارتين واحد,وقد خالف في ذلك أبو البقاء في (كلياته) فقال:إن الحديث القدسي ليست ألفاظه من الله بل هي من محمد رسول الله   صلى الله عليه وآله وسلم  .

 

المبحث الرابع

أول ما نزل من القرآن وآخر ما نزل منه

إن أول ما نزل من القرآن الشريف هذه الآيات وهي قوله تعالى (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الإنسان مِنْ عَلَقٍ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَم ِعَلَّمَ الْإنسان مَا لَمْ يَعْلَمْ) ,فكانت هذه الآيات أول ما نزل من القرآن الشريف,وكان ذلك في غار حراء في صبيحة السابع والعشرين من رجب,على ما روي عن أهل بيت النبوة  عليهم السلام  وفي بعض الروآيات ما يدل على ان ذلك قد وقع في صبيحة يوم السبت من اليوم المذكور من الشهر المذكور في السنة الحادية والأربعين من ميلاده الكريم   صلى الله عليه وآله وسلم  وعمره إذ ذاك أربعون سنة وستة أشهر وثمانية أيام,ولا يتخيل إن هذا ينافي قوله تعالى: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ القرآن) وإن ليلة القدر قد نزل فيها القرآن الكريم وهي في شهر رمضان ، وما ذكرناه يقتضي نزول القرآن رفي رجب في غير ليلة القدر,وذلك لما سيأتي من أن المراد بنزوله في شهر رمضان وفي ليلة القدر هو نزوله بكامله إلى سماء الدنيا لا على صدر نبينا محمد   صلى الله عليه وآله وسلم  ,فإنه قد أنزل على صدره  صلى الله عليه وآله وسلم  قِطَعاً متفرقة في شهور متفرقة وسنين متعددة,وكان أول ما نزل منه الآيات المذكورة في صبيحة السابع والعشرين من رجب.وقيل ان ابتداء الوحي كان بمكة عام 611 ميلادي.وروي عن جابر بن عبد الله:إن أول ما نزل من القرآن قوله تعالى( يا أيها المدثر )، وروي الحاكم بإسناده عن أبي مسيرة:ان أول ما نزل من القرآن فاتحة الكتاب،ويحكى عن صاحب الكشاف إن هذا القول قال به اكثر المفسرين،ولكن الحق أن المشهور هو القول الأول.وأول سورة اعلنها الرسول بمكة هي سورة ( والنجم إذا هوى ) وأول سورة نزلت بالمدينة هي سورة (وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ) وأما  آخر ما نزل منه،آية ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُم)  بعد خطبة حجة الوداع في غدير خم التي نصب فيها علي عليه السلام  خليفة على المسلمين في اليوم الثامن عشر من ذي الحجة السنة العاشرة من الهجرة.وروى مسلم عن أبي عباس:إن آخر سورة نزلت منه سورة ( إذا جاء نصر الله ) ،وروي ان آخر آية نزلت من آيات الأحكام هي آية الكلالة في سورة النساء آية (175)،وعلى هذا فتكون آخر آية نزلت هي (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُم) وهو المشهور عند المسلمين ومجمع عليه عند الإماميين،واخر سورة نزلت منه هي (إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ) وآخر حكم شرعي نزل منه هو حكم الكلالة.وبعد ذلك اختار الله النبي محمدا   صلى الله عليه وآله وسلم  إلى جواره سنة 11 من الهجرة المصادفة لعام 632 من الميلادي.

المبحث الخامس

بيان أسماء القرآن الكريم

أسماء  القرآن الكريم:يسمى بـ (القرآن) بالهمزة مع الألف،ومعناه في اللغة القراءة وهو مصدر قرأت أي تلوت من قبيل تسمية اسم المفعول بالمصدر،ونظير التسمية بالخلق والمراد منه المخلوق ونظير تسمية الملفوظ باللفظ.وعند الأشعري  بغير همزة،لأنه  مشتق من قرن الشيء بالشيء إذا ضمه إليه،لان السور والآيات تقترن فيه ويضم بعضها إلى بعض.

والحاصل:إن لفظ القرآن مصدر على وزن فعلان إذا تلفظنا به بالهمزة يكون معناه التلاوة،وإذا قرأناه بدون همزة يكون معناه الجمع والضم من قرن الشيء بالشيء إذا جمعه وضمه إليه،وكيف كان فلفظ القرآن علم شخصي لهذا الكلام المنزل بهذه الصيغ المخصوصة،ويكون علماً منقولاً لا مرتجلاً،وتكون(ال)الداخلة عليه ليست للتعريف وإنما هي للمح الأصل أو لتزيين اللفظ كـ(آل)الموجودة في الحسن والحسين والعباس،وهذه التسمية من الله عز وجل بقوله تعالى: (إنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ)  وقوله تعالى: ( وَالقرآن الْمَجِيدِ) وقوله تعالى: ( وَالقرآن ذِي الذِّكْر).

ومن أسماء القرآن (الكتاب) وهو في اللغة مصدر(كتب)ثم نقل في عرف الشرع إلى القرآن المجيد،كما نقل لفظ الكتاب في عرف أهل النحو من.معناه الأصلي إلى كتاب سيبويه،وقد سماه الله بذلك بقوله تعالى في سورة الكهف :(الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجَا) .

ومن أسمائه(الفرقان)سمي بذلك،لأنه يفرق بين الحق والباطل بالأدلة والشواهد والأمثلة الدالة على الحق والمبطلة للباطل،وقد سماه الله تعالى بذلك بقوله تعالى : (تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِه).

ومن أسمائه(التنزيل)فقد سماه الله تعالى بذلك في سورة(يس)بقوله تعالى : (تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيم).

ومن أسمائه(الذكر)وقد سماه الله بذلك بقوله تعالى في سورة يوسف وسورة الحجر (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) ،وإنما سمي بالذكر باعتبار ان فيه تذكير الله لعباده بالفرائض والأحكام.

ومن أسمائه(المصحف)وهذه التسمية حدثت في عهد أبي بكر،ففي المحكي عن هذا كتاب (الاتقان) للسيوطي إنه لما جمعوا القرآن وكتبوه على الورق قال أبو بكر:التمسوا له اسما،فقال بعضهم: (السفر) قال:ذلك اسم تسميه اليهود،فكرهوا ذلك،وقال بعضهم: (المصحف) على وزن مفعل بفتح الميم اسم مكان من اصحف أي جمع فيه الصحف،والصحف جمع صحيفة والصحيفة قطعة من جلد أو ورق يكتب فيه،وقد يقال مصحف بكسر الميم.

ومن أسمائه(الروح)قال الراغب(في كتاب مفردات القرآن)سمي القرآن روحا في قوله تعالى : (وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أمرنَا ) ونقل عن البيضاوي في تفسيره احتمال إرادة القرآن من الروح في قوله تعالى في سورة النحل: (يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أمرهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِه) كما احتمله الطبرسي في (كتاب مجمع البيان)في قوله تعالى في سورة المؤمن:(يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ) وفي قوله تعالى في سورة الشورى: (وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْه) وعلى هذا يمكن ان يفسر(الروح)بالقرآن في قوله تعالى في سورة الإسراء :( وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أمر رَبِّي) وهذه الأسماء تطلق على المجموع ما بين الدفتين،كذلك تطلق على بعض القرآن نظير لفظ الماء فإنه يطلق على البحر وعلى القطرة منه.

وقد تقدم منا الإشارة  إلى ان أسماء القرآن أعلام شخصية،و(ال)الداخلة عليها للمح الأصل أو لتزيين اللفظ.

إن قلت إن هذا اللفظ المنزل يختلف باختلاف المتلفظين ويتعدد بتعدد المتكلمين،وعليه تكون أسماء القرآن نكرة.

قلنا إن أسماء القرآن هي لذلك الكلام الخاص الذي نزل به جبرائيل على نبينا محمد   صلى الله عليه وآله وسلم  وتلفظ المتلفظين بالقرآن هو من قبيل مظاهر للفظ المنزل فلا يوجب تكثير القرآن،وإنما تتكثر وتختلف مظاهر القرآن نظير(زيد)عندما يكون طفلاً وشاباً وشيخاً وهرماً،فإن ذاته واحدة وإنما مظاهره اختلفت وأدواره تفاوتت.

 

المبحث السادس

تعريف السورة وبيان أسماء سور القرآن وعددها

المراد بالسورة من القرآن عبارة عن مجموعة آيات ذات مطلع ومقطع مسماة باسم خاص مصدره:بترجمة،والمراد بالترجمة ما هو مكتوب في صدرها من عدد آيات السورة والنسبة إلى أحد الحرمين الشريفين من كونها مكية أو مدنية،وإنما سميت السورة سورة،لأنها تشبه سور المدينة باعتبار انها معجزة ترد شبه الكفار وسهامهم نحو الدين الإسلامي،فهي سور للشرع الإسلامي والدين المحمدي يدفع بها شبه الكافرين عن الدين المبين،كما ان سور المدينة يدفع اعتداء المعتدين عليها.ويقال إن سورة القرآن تجمع على(سور)ولكن سور المدينة لا يجمع على ذلك وإنما يجمع على أسوار)،وبعضهم من همز السورة فقال(سؤرة) والسؤرة هي القطعة،وعليه فيكون إطلاقها  على سورة القرآن بمعنى القطعة من القرآن،والتسمية بالسورة أمر من الله عز وجل بقوله تعالى :( فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّنْ مِثْلِه)(1) وإنما سميت السور بالأسماء الخاصة باعتبار ما فيها من الأسماء البارزة،مثلا سميت سورة البقرة بالبقرة باعتبار ذكر البقرة فيها،وسميت سورة الكوثر بالكوثر باعتبار الاسم البارز فيها وهو الكوثر.

وقد حكي:أن في بعض المصاحف يكتب في ترجمة السورة هكذا،السورة التي يذكر فيها البقرة،والسورة التي يذكر فيها آل عمران وهلم جرا،وقيل إن تسمية السور بهذه الأسماء من النبي   صلى الله عليه وآله وسلم  ،ثم انه تسمى البقرة وآل عمران والنساء والمائدة والأنعام والأعراف والأنفال مع التوبة باعتبار أن التوبة لم يفصل بينها وبين الأنفال بالبسملة،فألحقت بالأنفال وتسمى هذه السور بالسبع الطوال،لأنها أطول سور القرآن،وتسمى السور التي أولها سورة يونس وآخرها سورة النحل بالمثاني جمع(مثنى)مثل معاني ومعنى.وسميت مثاني،لأنها ثنت السبع الطوال أي تلتها وصارت بعدها،وتسمى بالسبع المثاني سورة الفاتحة وسميت بسبع،لأن آياتها سبع،وسميت مثاني لأنها تقرأ مرتين في الصلاة،وتسمى السور التي أولها سورة بني إسرائيل وآخرها المؤمنون بالمئين وإذا  أردت  رفعها قلت مئون لأن آياتها تكون مائة آية أو فوق ذلك أو دونه بقليل،وتسمى السور القصار التي بعد الحواميم مبدؤها من سورة محمد   صلى الله عليه وآله وسلم  إلى آخر القرآن الكريم بـ(المُفصّل)بضم الميم وتشديد الصاد مع فتحها لكثرة الفصول بين سورها بالبسملة .وتسمى بالمحكم لما قيل من إنها لم تنسخ وهذه سور المفصلات قسمها الفقهاء إلى ثلاثة أقسام:الأول:من سورة محمد   صلى الله عليه وآله وسلم  إلى عم،وسموه بمطولات المفصل،والثاني:من عم إلى والضحى،سموه بمتوسطات المفصل،والثالث:من والضحى إلى آخر القرآن سموه بقصار المفصل،وتسمى السور المبدوءة(بطسم) بالطواسين والطواسيم،وتسمى السور المبدوءة(بالحاميم) بالحواميم وتسمى بعرائس القرآن،وعن ابن عباس(إن لكل شيء لباباً وأن لباب القرآن الحواميم)،وتسمى سورة(آلم)السجدة و(حم)السجدة و(النجم)و(اقرأ باسم ربك)تسمى هذه السور بالعزائم الأربع ،وإنما سميت بذلك لأن السجود فيها عزيمة واجبة لا مستحبة،وتسمى سور الحديد والحشر والصف والجمعة والتغابن والأعلى بسور المسبحات،لأن في فواتحهن ما يدل على التسبيح،وقيل افضل سور المسبحات سورة (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى) ، وتسمى سورة(الكافرون) و(الاخلاص). (المقشقشتين) لأن القشقشة من الشيء(البرء منه)يقال:قشقش المريض من علته إذ برأ منها والسورتان المذكورتان تبرأ قارئها من النفاق والشرك.

وتسمى سورة الفلق والناس بالمعوذتين وقد يضم إليها الإخلاص  فيقال المعوذات.

وإنما قسم القرآن إلى سور،لأنه أشهى للنفس وأحلى لها إذ يخرج القارئ من فن إلى فن،ولأنه لا يدعو إلى الملل في قراءته لان القارئ إذا كان يرغب في قراءة شيء يسير من القرآن قرأ السور القصار،وإن رغب في قراءة الشيء الكثير قرأ السور الكبار،ولأن الآثار الشرعية والخواص للقراءة مرتبة على كل من هذه السور،فأثر قراءة سورة الأنعام غير اثر قراءة سورة الواقعة.

وفي الحقيقة ان هذا أمر يرجع إلى الله تعالى إذ قد عرفت ان هذا التقسيم إلى هذه السور أمر  من الله،ولم نظفر بما يوضح لنا سببه في أخبار أهل العصمة،وما ذكرناه من قبيل التخمين والحدس.

أما عدد سور القرآن فهي 114 سورة على قول زيد بن ثابت،وهو القول المشهور المعروف،وعلى قول ابن مسعود(113) سورة،لأنه جعل المعوذتين معوذة واحدة.وعند أبي وراق أيضا(113) سورة،لأنه جعل الأنفال والبراءة سورة واحدة.وعلى قول أبي بن كعب(116) سورة،لأنه كتب في آخر القرآن سورة الخلع وسورة(المحفد)أما سورة الخلع فهي.

 

بسم الله الرحمن الرحيم

(اللهم انا نستعينك ونستغفرك ونثني عليك ولا نكفرك ونخلع ونترك من يعجزك).

 

 

أما سورة المحفد فهي:

بسم الله الرحمن الرحيم

(اللهم إياك نعبد ولك نصلي ونسجد واليك نسعى ونحفد ونرجوا رحمتك ونخشى عذابك إن عذابك للكفار ملحق).

ولكن التحقيق أنهما ليستا من القرآن.وروي عن متقدمي أصحابنا الإمامية،وبه صرح الشيخان والصدوق والمرتضى،إن الضحى والم نشرح سورة واحدة،وإن الفيل ولإيلاف قريش سورة واحدة،والمشهور بين المتأخرين  من أصحابنا ومنهم المحقق وربما كان أولهم خلاف ذلك قال المحقق في المعتبر بعد البحث في المسألة:ولقائل ان يقول لا نسلم انهما سورة واحدة،بل لِمَ لا يكونان سورتين وإن لزم قراءتهما في الركعة الواحدة على من ادعوا.وقد تضمنت رواية المفضل تسميتها بسورتين،وقال في كتاب الشرائع روى أصحابنا ان الضحى والم نشرح سورة واحدة وكذا الفيل لإيلاف فلا يجوز إفراد إحدهما عن صاحبتها في كل ركعة،فلا يفتقر إلى البسملة بينهما على الاظهر،وقد علق صاحب المدارك على عبارة الشرائع المذكورة ما صورته:على ما ذكره المصنف  رحمه الله  من رواية الأصحاب أن الضحى وألم نشرح سورة واحدة،وكذا الفيل ولإيلاف،لم اقف عليه في شيء من الأصول ولا نقله ناقل في كتب الاستدلال،وتحقيق ذلك وتنقيحه يطلب من كتب الفقه في مبحث القراءة في الصلاة.

المبحث السابع

عدد آيات وكلمات وحروف وأعجام القرآن الكريم

الآية في علم التفسير:هي عبارة عن جملة من كلام القرآن الشريف يتبين أولها من آخرها،وسميت آيات القرآن بالآية لأنها علامات على المطالب الإلهية.

وهي عند الكوفيين(6236) آية، وقيل عندهم(6229)آية، وعند البصريين(6216)آية،وقيل عندهم(6205)آية، وعند المكيين(6220)آية، وعند بعض أهل المدينة(6217)آية، وعند بعضهم الآخر (6214) آية،وعند الشاميين(6226)آية.وأطول آية في القرآن هي آية(الدين)في سورة البقرة،وأقصر آية(يس.وحم)وفي(مجمع البيان)إن اصح الأعداد هو عدد أهل الكوفة،لأنه مأخوذ عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام  ،وعدد أهل المدينة منسوب إلى أبي جعفر يزيد بن القعقاع القارئ وشبية بن نصاح،وعدد أهل البصرة منسوب إلى عاصم بن أبي الصباح وأيوب بن المتوكل،وعدد أهل مكة منسوب إلى مجاهد بن جبر والى اسماعيل المكي،وقيل لا ينسب عددهم إلى احد،بل وجد في مصاحفهم على رأس كل آية ثلاث نقاط وعدد أهل الشام منسوب إلى عبد الله بن عامر.

 

وتسمى أواخر الآيات برأس الآي،لأنه يتصل بأول الآية التي بعدها وتسمى بعض الآيات بالاسم البارز فيها كآية الكرسي وآية النور.

وأما عدد كلماته فهو(77464)عند البصريين و(77430)عند الكوفيين والشاميين و(77489)عند أهل الحرمين وذكر بعضهم ان كلمات القرآن(77934)كلمة.

وأما عدد حروفه فهو(321250)حرفاً عند أهل الحرمين و(321200)عند البصريين و(321181)عند الكوفيين و(321188)عند الشاميين.

وأما عدد حروف الهجاء في القرآن فهي حسب الجدول الآتي:

العدد

الحرف

العدد

الحرف

48892

الألف

2270

الطاء

12428

الباء

862

الظاء

2400

التاء

9417

العين

1454

الثاء

1217

الغين

4041

الجيم

8112

الفاء

2243

الحاء

6313

القاف

2505

الخاء

10522

الكاف

5693

الدال

33800

اللام

4709

الذال

26900

الميم

2343

الراء

26055

النون

3680

الزاي

25570

الواو

5700

السين

18070

الهاء

2115

الشين

4709

لا

2680

الصاد

25711

الياء

2037

الضاد

 

 

 

عدد إعجام القرآن

عدد الفتحات الموجودة في القرآن الكريم(73243)فتحة وعدد الضمات(4814)ضمة وعدد الكسرات الموجودة في القرآن الكريم(39583)كسرة وعدد النقطات(15681)نقطة وفي رواية(41637)وفي رواية أخرى (17913)نقطة وعدد المدات(1771)وعدد التشديدات(1925)مدة وعدد الهمزات(3273).

هذا ما وجدناه في بعض المصاحف،ولكن الذي وجدناه في كتاب الوافي للملة محسن الفيض عن السيد حيدر العلوي في تفسيره الموسوم بالمحيط الأعظم إن أكثر القراء ذهبوا إلى أن سور القرآن بأسرها(114)سورة والى أن آياته(6666)آية والى ان كلماته(77437)كلمة والى ان حروفه(322670)حرفاً والى ان فتحاته(93243)والى ان ضماته(40804)ضمة والى أن كسراته(39586)كسرة والى أن شداته(19253)شدة والى أن مداته(1771)مدة والى أن همزاته(3273)همزة،وعلى هذا القول فتكون أخماسه(1333)زائدا آية واحدة.وتكون اعشاره(666)زائدا ست آيات والله العالم.

وركوعات القرآن،عددها(557)ركوعا:وهو عبارة عن كل ركوع عند تمام القصة في القرآن الكريم أو تمام الكلام منه،وهي ليست بثابتة عند أصحابنا والمعروف أن ذلك من صنع عثمان بن عفان،فإنه يحكى عنه أنه كان يركع عند تمام القصة أو تمام الكلام.

 

المبحث الثامن

سجدات القرآن

سجدات القرآن:هي الآيات التي إذا قرأت يسجد قارئها،وسامعها لله تعالى،ويسمى هذا السجود بسجود التلاوة وهو يجب على الفور بعد قراءتها أو استماعها،بل عند سماعها في الأحوط لكل من آيات السجدة لسور العزائم الأربع،وهي سورة السجدة(آلم تنزيل)وآية السجدة فيها هي آية(15)عند قوله تعالى: (لا يَسْتَكْبِرُونَ)،وسورة فصلت(حم،تنزيل)وآية السجدة فيها(37)عند قوله تعالى: ( تعبدون ) وسورة النجم وآية السجدة فيها(62)عند ختمها،وسورة العلق(اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ) وآية السجدة فيها(19)عند ختمها.وذكر جدي الهادي  قدس سره  في رسالته انه لا يجب السجود المذكور على من كتب آيات السجدة من سور العزائم أو تصورها أو نظرها مكتوبة أو أخطرها بالبال،وإن الواجب مجرد السجود وإن كان الأولى أن يأتي بالمأثور من الذكر،وهو ان يقول في سجوده(سجدت لك يا ربي تعبداً ورقاً لا مستكبراً عن عبادتك ولا مستنكفاً ولا متعظماً،بل أنا عبد ذليل خائف مستجير)، ولا ينبغي ترك قول الله اكبر بعد رفع رأسه من السجود،ولا يحتاج هذا السجود إلى الطهارة ولا استقبال القبلة ولا إلى ما يصح السجود عليه،فيصح هذا السجود من المحدث بالحدث الأكبر والأصغر ،نعم يعتبر فيه النية وإباحة محل السجود وعدم علو المسجد بما يزيد على أربعة أصابع،ولو نسي السجود سجد متى ذكر وجوباً.وفي الأخبار الصحيحة ما يدل على عدم مشروعية التكبير عند افتتاحه ومشروعية التكبير عند رفع الرأس منه،وذكر المجلسي ذهاب جماعة من الأصحاب إلى استحباب التكبير عند رفع الرأس منه،ذكر انه ير قائلا بوجوب التكبير عند رفع الرأس وأن الأحوط عدم ترك التكبير والظاهر عدم اعتبار ستر العورة فيه وعدم اشتراط خلو الثوب والبدن عن النجاسة فيه.وذكر الشيخ  قدس سره  عدم وجوب السجود على السامع لآيات السجدة في سور العزائم،واستدل عليه بالإجماع والروآيات،وإنما يجب على المستمع والقارئ.

وأما الدعاء في السجدة،فقد ذكر المجلسي أن المشهور يقولون باستحبابه وهو الحق.وذكر المحقق الهمداني أنه لم ينقل القول بوجوب الدعاء في السجود عن الأصحاب.ثم ذكر جدي الهادي  قدس سره  :أنه يستحب سجود التلاوة المذكورة في أحد عشر موضعاً من القرآن في(الأعراف)عند قوله تعالى :( وَلَهُ يَسْجُدُونَ) وفي (الرعد)عند قوله تعالى :( وَظِلالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ)وفي(النحل)عند قوله تعالى :(  وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ) وفي(بني إسرائيل)عند قوله تعالى :( وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً)وفي سورة(مريم)عند قوله تعالى :( وَخَرُّوا سُجَّداً وَبُكِيّاً) وفي(الحج)في موضعين عند قوله تعالى :(  يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ) وعند قوله تعالى :(افعَلُوا الْخَيْر) وفي(الفرقان)عند قوله تعالى: ( وَزَادَهُمْ نُفُوراً) وفي(النحل)عند قوله تعالى : ( رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ)  وفي سورة(ص)عند قوله تعالى: (وَخَرَّ رَاكِعاً وَأَنَاب) وفي(الانشقاق)عند قوله تعالى :( وإذا قُرِئَ القرآن ) والأولى السجود عند كل آية أمر فيها بالسجود.

المبحث التاسع

الاستعاذة

أمر الله بالاستعاذة من الشيطان إذ لا يكاد يخلو الإنسان،من وسوسته(فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم).

ومعنى الاستعاذة الاستجارة ومصدرها العوذ أو العياذ أي(الالتجاء) ومعناها(التجئ إلى الله من شر الشيطان الرجيم)، والمراد بالشيطان: هو كل متمرد من الجن والأنس ، كما جاء في القرآن الكريم :(  شَيَاطِينَ الإنْسِ وَالْجِن)،ووزنه(فيعال) من(شطنت) أي بعدت،ومعناه البعيد عن الخير المفارق أخلاقه أخلاق جميع جنسه.وقيل المبعد من رحمة الله وقيل لفظ الشيطان على وزن فعلان من شاط يشيط إذا بطل.ولكن المعنى الأول أصح من الثاني لكونه أنسب في المستعمل فيه وهو المتمرد والمراد(بالرجيم)المطرود من السماء المرمي بالشهاب الثاقب.وقيل المرجوم باللعنة والرجيم على وزن(فعيل)بمعنى(مفعول)من الرجم وهو الرمي.

وقد اتفق العلماء على التلفظ بالتعوذ قبل التسمية لكنهم اختلفوا في الصيغة فالمشهور(أعوذ بالله من الشيطان الرجيم)قال الشهيد الثاني في شرح النفلية:إن هذه الصيغة محل وفاق وقد رواها أبو سعيد الخدري عن النبي   صلى الله عليه وآله وسلم  وعن ابن كثير وأبي عاصم وأبي عمرو(أعوذ بالله من الشيطان الرجيم إن الله هو السميع العليم)وعن حمزة(نستعيذ بالله من الشيطان الرجيم)وعن الشيخ المفيد وأبي حاتم(أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم)والمعروف هو القول الأول.

 

حكم الاستعاذة

نقل عن الشيخ في الخلاف الإجماع على استحباب الاستعاذة وفي كتاب مجمع البيان قال:الاستعاذة عند التلاوة مستحبة غير واجبة بلا خلاف في الصلاة وخارج الصلاة.وفي الخبر الصحيح أو الحسن عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام  قال:تعوذ بالله من الشيطان الرجيم ثم إقرأ فاتحة الكتاب.وقد روي ترك رسول الله والأئمة الأطهار عليهم السلام  التعوذ في الصلاة،فلو صحت الرواية فإنما يكون ذلك منهم،لأن ليس للشيطان عليهم سبيل فلا يثبت استحباب الاستعاذة في الصلاة بالنسبة اليهم ولو صدرت منهم الاستعاذة فإنما يكون الغرض منها هو تعليم المسلمين وإقامة سنة رب العالمين.

المبحث العاشر

الكلام في البسملة

اختلفوا في جزئية البسملة في أوائل السور،بعد الاتفاق على البسملة الواقعة في وسط سورة النحل جزء من سورة النحل،وكان اختلافهم يرجع إلى خمسة أقوال:

القول الأول:أنها جزء من كل سور القرآن إلا البراءة،وقد روي عن ابن عباس عن الإمام أمير المؤمنين علي عليه السلام  أن البسملة(أمان)،وأن البراءة قد نزلت بالسيف،فلم يكن في نزولها معها مناسبة فنزلت البراءة ولم تنزل معها البسملة،والى ذلك ذهب أصحابنا الإمامية قاطبة،ويحكى هذا القول عن بعض الشافعية.

القول الثاني:أنها جزء من الحمد فقط،وليست جزءاً من باقي السور،ويحكى هذا القول عن بعض الشافعية.

القول الثالث:أنها ليست جزءاً من كل سورة،بل هي آية واحدة من القرآن كررت للفصل بين السور للتبرك والتيمن،وجاز تكرارها في أوائل السور لأنها نزلت لذلك،وينسب هذا القول لمتأخري الحنفية.

القول الرابع:أنها ليست من القرآن أصلا،وعليه قدماء الحنفية.

القول الخامس:أنها من القرآن أنزلت بعدد السور المصدرة بها من غير أن يكون شيء منها جزء من السور،وينسب هذا القول إلى احمد وداود إمام أهل الظاهر،والأصح هو القول الأول لإجماع علمائنا عليه ولورود الأخبار به عن أئمتنا عليهم السلام  وعليه فمن ترك البسملة عمداً في الصلاة بطلت صلاته فرضاً أو نفلاً.

المبحث الحادي عشر

التأمين

التأمين:هو قول آمين بعد الفاتحة في الصلاة،أو بعد الدعاء وتلفظ الهمزة بالقصر وبالمد فيقال أمين وآمين وليس المدلغة فيه بل هو إشباع لفتح الهمزة أوجب حدوث الألف  بعدها بدليل انه لا يوجد في لغة العرب كلمة على وزن فاعيل،وعن بعضهم إن أمين بالقصر لغة الحجاز وتشديد الميم فيها خطأ.وهو مبني على الفتح كأين وكيف لاجتماع الساكنين،وهي اسم فعل بمعنى استجب.

وعن أبي حاتم إن معناها(كذلك يكون)،وقيل معناها(كذلك فليكن)،والأصح أنها اسم فعل بمعنى(إستجب)إذا إستعملت بداعي الدعاء وإذا استعملت بداعي التصديق بمنزلة قول المخاطب(صح)كانت بمعنى (كذلك يكون).

وهذه الكلمة ليست من القرآن إتفاقاً كما في تفسير البيضاوي قال:ليس من القرآن وفاقاً لكن يسن ختم السورة بها لقوله   صلى الله عليه وآله وسلم  : (علمني جبرائيل(آمين)عند فراغي من قراءة الفاتحة)،وقال(إنه كالختم على الكتاب)وفي معناه قول علي عليه السلام  آمين خاتم رب العالمين ختم به دعاء عبده.

 

قال جدي الهادي  قدس سره  اختلف المسلمون في قول آمين بعد الفراغ من قراءة الفاتحة،في الصلاة مع اتفاق الجميع على عدم الوجوب،فذهبت طائفة منهم وهم فقهاء المذاهب إلى الاستحباب،وذهب آخرون وهم فقهاء الإمامية إلى التحريم،بل في روض الجنان بعد قول العلامة ويحرم قول آمين في أثناء الصلاة سواء في ذلك آخر الحمد وغيرها حتى القنوت وغيره من مواطن الدعاء.وتبطل الصلاة بتعمده اختياراً على المشهور بين الأصحاب،بل ادعى الشيخ وغيره الإجماع عليه والمستند له قوله   صلى الله عليه وآله وسلم  (إن هذه الصلاة لا يصح فيها شيء من كلام الآدميين)وآمين من كلامهم إذ ليست بقرآن ولا ذكر ولا دعاء،وإنما هي اسم للدعاء والاسم مغاير لمسماه الوضعي،ثم ذكر استدلال بعض القائلين بالبطلان،بأن القارئ إن قصد مجرد القراءة لم يكن للتأمين محل،وإن قصد الدعاء ليس غير لم تصح الصلاة،وإن قصدهما معاً لزم استعمال المشترك في كلا معنييه،إلى آخر ما ذكروه في هذا المقام من الأمور التي تصلح مستنداً للحرمة وللبطلان،ولكن التحقيق في المقام أن مستند فقهاء الإمامية هي الأخبار الخاصة الواردة عن أئمتهم التي يرون صحتها وصراحتها في التحريم والبطلان،كحسنة جميل بن دراج عن الإمام الصادق(جعفر بن محمد)  عليه السلام  قال:إذا كنت خلف إمام فقرأ الحمد وفرغ من قراءتها فقل أنت :(الحمد لله رب العالمين)ولا تقل آمين،والمروي عن الإمام أبي جعفر عليه السلام  لا تقولن إذا فرغت من قراءتك آمين فإن شئت قلت : (الحمد لله رب العالمين)إلى غير ذلك من الأخبار كما لا يبعد أن يكون مستند القائلين بالجواز هي الأخبار النبوية الخاصة الواردة في المقام والتي رواها أبو هريرة ونحوه،الصريحة في ذلك وبما ان كلا من الفريقين لا يعول على ما يرويه الآخر  بطرقه المعتبرة عنده ولا يراها حجة عليه حصل الخلاف بينهما ولا فائدة في الرجوع إلى أمور أُخر يكثر فيها الكلام ويطول فيها النقض والإبرام ولكن الاحتياط وطلب البراءة اليقينية يحصل بالترك كما لا يخفى.انتهى كلام جدي الهادي في التأمين من كتابه قاموس المحرمات.

المبحث الثاني عشر

تقسيم سور القرآن وآياته إلى مكي ومدني

قيل إن المراد بـ (المكي):هو ما نزل بمكة وضواحيها كالآيات المنزلة على النبي بمنى وعرفات والحديبية.

والمراد بـ (المدنية):هو ما نزل بالمدينة وضواحيها كالآيات المنزلة عليه   صلى الله عليه وآله وسلم  ببدر وأحد,وقد أورد على هذا التقسيم,بأنه غير حاصر لأن هناك من الآيات ما نزل بغير مكة والمدينة وضواحيهما مع أنه عدت من المكي أو المدني كقوله تعالى في سورة التوبة : (لَوْ كَانَ عَرَضاً قَرِيباً وَسَفَراً قَاصِداً لَاتَّبَعُوكَ)، فإن المعروف أنها نزلت بتبوك وقوله تعالى في سورة الزخرف: (وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا) ،فإنه قد ذكر أنها نزلت ببيت المقدس ليلة الإسراء.

وقيل إن المراد بالمكي ما نزل خطاباً لأهل مكة,والمدني ما نزل خطاباً لأهل المدينة,وذكروا أن ما صدر في القرآن بلفظ يا أيها الناس أو يا بني آدم فهو خطاب لأهل مكة,وما صدر بلفظ يا أيها الذين آمنوا فهو خطاب لأهل المدينة.

ويرد على هذا التفسير ما أورد على التفسير الأول,فإنّ من الآيات ما لم يصدر بذلك الخطاب كقوله تعالى : (إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّه) كما أن هناك آيات وصفها القوم بأنها مدنية مع أنها صدرت بـ(يا أيها الناس) كقوله تعالى  (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ)وكقوله تعالى في سورة البقرة (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ ) فإن هاتين الآيتين مدنيتان,والخطاب كان فيها لأهل المدينة مع أنهما صدرتا بـ (يَا أَيُّهَا النَّاسُ),وتوجد أيضا من الآيات ما هي مكية وكان الخطاب لأهل مكة مع أن فيها (يَا أَيُّهَا الذين آمنوا ) كقوله تعالى في سورة الحج : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا).

وقيل إن المراد بالمكي ما نزل قبل هجرة النبي   صلى الله عليه وآله وسلم  إلى المدينة وإن كان نزوله بغير مكة .والمدني ما نزل بعد هجرة النبي إلى المدينة وإن كان نزوله بمكة,ونسب هذا التفسير إلى المشهور,وقد اعتمد عليه أكثر العلماء وهو مطرد لا تشذ عنه آية من الآيات وعليه  فآية  ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإسلام دِيناً ) تكون آية مدنية,لأنها نزلت بعد هجرته   صلى الله عليه وآله وسلم  إلى المدينة,وإن كان محل نزولها بغدير خم وهو على ما يقال من توابع مكة,وكذا قوله تعالى :( إِنَّ اللَّهَ يَأمركُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا) فإنها وإن نزلت بمكة في جوف الكعبة عام الفتح الأعظم إلا أنها مدنية,لأنها كانت بعد هجرة النبي   صلى الله عليه وآله وسلم  إلى المدينة هذا ما يرجع إلى آيات القرآن الشريف بحسب وصفها بأنها مكية أو مدنية.

 

وأما وصف السور بأنها مكية أو مدنية فإنه يكون تبعا لما يغلب فيها أو تبعا لآياتها الأولى فيقال إن السور الفلانية مكية أو مدنية إلا آية كذا فيستثنون الآيات  التي ليست موصوفة بهذا الوصف,وقد ذكروا لتمييز السور المدنية عن المكية أموراً:

منها: إن كل سورة ورد فيها لفظ (كل) فهي مكية,وكل سورة فيها سجدة فهي مكية,وكل سورة أولها حروف التهجي فهي مكية,وكل سورة فيها قصص الأنبياء والأمم السالفة فهي مكية,وكل سورة فيها قصة آدم وإبليس فهي مكية,واستثنوا من ذلك سورة البقرة وآل عمران فإنهما مدنيتان بالإجماع وفي الرعد خلاف وكل سورة فيها الحدود والفرائض فهي مدنية,وكل سورة فيها إذن للجهاد وبيان أحكام الجهاد فهي مدنية,وتفصيل ذلك وتحقيقه يحتاج إلى إطالة تليق بهذا المختصر.

المبحث الثالث عشر

تقسيم القرآن الكريم وتجزئته

لا شك في أنّ تجزئة القرآن وتقسيمه إلى سور,كان في عهد الرسول   صلى الله عليه وآله وسلم  ثم تطور الحال فجزؤه إلى ثلاثين قسماً أطلقوا على كل قسم منه (جزء) ،ثم قسَّم العلماء الجزء إلى (حزبين),ثم قسموا الحزب إلى أربعة أقسام أطلقو على كل قسم منها (ربع) (بضم الراء وسكون الباء أو بضمها) باعتبار ان الربع جزء من أربعة أجزاء من الحزب.

والصندوق الذي توضع فيه أرباع أحزاب القرآن يسمى بـ (ربعة) تشبيها لها بربعة العطار,وبعض العلماء قسموا القرآن إلى أخماس وأعشار فقد وضعوا بعد كل خمس آيات من السور لفظة (خمس),وكل عشر آيات كلمة (عشر) ثم بعد العشر إذا انقضت خمس آيات أعادوا كلمة (خمس) فإذا  صار هذا الخمس عشرا أعادوا كلمة (عشر) وهكذا إلى آخر السورة وبعضهم يكتب (رأس الخاء) بدلا من كلمة خمس.

ويكتب رأس العين بدلا من كلمة عشر.قال جدي الهادي إن تجزئة القرآن وتقسيمه أجزاء وأحزابا وغير ذلك,لم نقف في أخبارنا على ما يتعلق بذلك ولا على خصوصية للأجزاء والأحزاب المعروفة في المصاحف التي في أيدينا,ويقال إن تجزئته إلى ثلاثين جزءا للقراء الذين كانوا في عصر الحجاج,وإنه أحضرهم فعدوا الكلمات والحروف وقسموه إلى أجزاء,نعم في أخبارنا ما يظهر منه ان التعشير والتختيم كانا في زمان الأئمة   عليهم السلام  ,ففي خبر الوراق إنه عرض على الإمام أبي عبد الله الصادق عليه السلام  كتابا فيه قرآن مختم معشر بالذهب,وفي خبر آخر قال قلت في كم أقرأه يعني(القرآن)؟قال: (اقرأه أخماساً اقرأه أسباعاً أما أنا عندي مصحفاً مجزئا أربعة عشر جزءاً.

المبحث الرابع عشر

تشكيل القرآن وتنقيطه

في الاصطلاح أنّ تنقيط الكتاب يسمى بـ(الإعجام) ومنه تسمى الحروف المنقطة بالمعجمة.وأن جعل حركة أو سكون على الحرف يسمى بـ(التشكيل)، والمشهور أن أبا الأسود الدؤلي أول من نقط القرآن وشكله ،ويقال إن عبيد الله بن زياد المتوفي سنة 67هجرية أمر رجلا فارسي الأصل,بإضافة ألف إلى ألف كلمة حذفت منها,فمثل(كانت)و (قالت) كانت مكتوبة (قلت)و (كنت) فأبدلهما (بقالت وكانت)إلا أن هذا القول لم يثبت عندنا على وجه الصحة.

 

ويذكر عن الحجاج بن يوسف الثقفي المتوفي سنة 95هجرية أنه غَيّر الرسم القرآني بأمر عبد الملك بن مروان في اثني عشر موضعاً,وذلك بتكليفه لنصر بن عاصم الليثي ويحيى بن يعمر العدواني,وهما تلميذا أبا الأسود الدؤلي وكان التغيير في هذه السور بهذا النحو ففي سورة البقرة آية (259) ( لم يتسن ) فغيرها إلى( لم يتسنه ) بالهاء وفي سورة المائدة آية (48)( شريعة ومنهاجا ) فغيرها إلى( شرعة ومنهاجا ) وفي سورة يونس آية (22) ( هو الذي ينشركم ) فغيرها إلى ( يسيركم ) وفي سورة يوسف آية (45) ( أنا آتيكم بتاويله ) فغيرها إلى ( أنا أنبئكم بتاويله ) وفي سورة المؤمنين آية (87) ( سيقولون لله ) فغيرها إلى ( سيقولون الله ) وفي سورة الشعراء في قصة نوح  عليه السلام  آية (116) ( من المخرجين ) وفي السورة نفسها في قصة لوط عليه السلام  آية (117) (من المرجومين ) وجعل التي في قصة لوط ( من المخرجين ) وفي سورة الزخرف آية (32) ( نحن قسمنا بينهم معايشهم ) فغيرها بـ ( معيشتهم ) وفي سورة الحديد آية (7) (الذين آمنوا منكم أتقو ) فغيرها ( وأنفقوا ) وفي سورة التكوير آية(24)( وما هو على الغيب بضني ) فغيرها إلى ( بضنين ) وهكذا ذكره بعضهم،إلا أنه لم يثبت عندنا ذلك،كيف يحدث هذا وهو يقتضي التحريف والتبديل والتغيير في القرآن الكريم؟وإن الوالد حفظه الله قد قام بعدة مذاكرات مع علماء المسلمين في طبع القرآن الكريم بنحو ينبه فيه إلى كل كلمة خالف رسمها قراءتها بجعل رقم عليها ويكتب في ذيل الصفحة رسم قراءتها ويجعل ذلك الرقم بجنبه،وبالفعل قامت بعض المطابع بذلك.

وفي نهاية القرن الثالث الهجري تحسن رسم القرآن جيلا بعد جيل،وقد روى لنا التاريخ كما في طبقات(السبكي – ج3 ص230)أنه اُهدي للوزير نظام الملك مصحف بخط أحد الكتاب المجودين بالخط الواضح،وقد كتب كاتبه اختلاف القراء بين سطوره بالحمرة،وتفسير غريبة بالخضرة،بالزرقة وكتب بالذهب علامات على الآيات التي تصلح لجعلها في العهود والمكاتبات وآيات الوعد والوعيد،وما يكتب في التعازي والتهاني.

وقد ذكر أن أول من وضع الهمزة والإشمام والتشديد والروم للقرآن الكريم هو الخليل بن احمد،وعن كتاب المحكم أنه قال خلف بن هشام البراز كنت أحضر بين يدي الكسائي وهو يقرأ على الناس وهم ينقطون مصاحفهم بقراءته عليهم.

المبحث الخامس عشر

جمع القرآن الشريف

إن محل البحث هو جمع القرآن بمعنى كتابته على الصحائف في مجموعة واحدة،ومصحف واحد وليس محل البحث هو جمعه في الصدور وحفظه عن ظهر الخاطر،فإن هذا الأمر لا ينكر تحققه ووجوده في وقت نزول القرآن وفي عصر الرسول  صلى الله عليه وآله وسلم  فإنه كان في عصره   صلى الله عليه وآله وسلم  حفظة القرآن من الكثرة بمكان،وإنما محل كلامنا هو جمعه بمعنى خطه وكتابته في الصحائف في مجموعة واحدة إذا عرفت ذلك فنقول:إن القرآن الشريف قد جمع وكتب في عهد رسول الله   صلى الله عليه وآله وسلم  في صحف وأوراق،وكان مرتباً كما هو الآن في سوره وآياته إلا أنه كان في صحف لا في مصحف واحد.فقد روى الطبراني وابن عساكر عن عامر الشعبي أنه قال:جمع القرآن على عهد رسول الله   صلى الله عليه وآله وسلم  ستة من الأنصار هم أبي بن كعب،وزيد بن ثابت،ومعاذ بن جبل،وأبو الدرداء،وسعد بن عبيد،وأبو زيد،وفي مسند النسائي عن عبد الله بن عمر قال:جمعت القرآن فقرأت به كل ليلة فبلغ النبي   صلى الله عليه وآله وسلم  فقال اقرأه في شهر.وعن المستدرك للحاكم عن زيد بن ثابت أنه قال:ألف القرآن في عهد رسول الله   صلى الله عليه وآله وسلم  ويؤيد ذلك ما نقله العلامة السيد عبد الرزاق المقرم عن مسند الطيالسي صفحة(270) ،وعن(المحبر) لابن حبيب صفحة(286) وعن تاريخ الشام(ج7ص210) وعن فتح الباري(ج7ص449) من أن القرآن المجيد قد جمعه الصحابة في إضبارة خاصة في زمن الرسول   صلى الله عليه وآله وسلم  انتهى.

وقد نقل الرواة وأهل التاريخ أن القرآن الشريف كانت كتابته في عصر الرسول  صلى الله عليه وآله وسلم  على(الرقاع) وهو جمع رقعة وهي إما إن تكون من جلد أو روق،وعلى(العسب)بضم أوله وثانيه جمع عسيب،وهو جريد النخل،وكذا كانوا يكتبونه على(اللخاف)بكسر أوله وسكون ثانيه جمع لخفة وهي الحجارة البيضاء الرقيقة،وكذا كانوا يكتبونه على(الأكتاف)جمع كتف وهو عظم البعير أو الشاة يكتبون عليه بعد ان يجف،وكانوا يكتبونه على(الأقتاب)وهي جمع قتب وهو الخشب الذي يوضع على ظهر البعير ويركب عليه،وكذا كانوا يكتبونه على قطع(الأديم)وهو الجلد المدبوغ وقد كان تأليف القرآن بهذا النحو.

وترتيب السور ووضع البسملة في أوائلها وترتيب الآيات فيها بإرشاد النبي  صلى الله عليه وآله وسلم  وأمره من دون خلاف في ذلك.وحكي في الإتقان عن أبي جعفر بن الزبير أنه قال ترتيب الآيات في سورها واقع بتوقيفه وأمره   صلى الله عليه وآله وسلم  من غير خلاف بين المسلمين،وعن تفسير القرطبي(ج1ص58)عن ابن العربي المالكي الأندلسي أنه كان يقول:إن القرآن ينزل من عند الله تعالى فيبينه النبي   صلى الله عليه وآله وسلم  لكتابه ويميزه لأصحابه ويرتبه على أبوابه إلا البراءة فإنه لم يذكر لهم شيئا ليتبين للخلق أن الله يفعل ما يشاء.وروي عن ابن عباس أنه قال:كان رسول الله   صلى الله عليه وآله وسلم  إذا نزلت عليه سورة دعا بعض من يكتب عنده فيقول:ضعوا هذه السورة في الموضع الذي يذكر فيه كذا وكذا،وتنزل عليه الآيات فيقول:ضعوا هذه الآية في السورة التي يذكر فيها كذاوكذا،وقيل إنما لم تتجه النفوس في عهد الرسول   صلى الله عليه وآله وسلم  إلى جمع القرآن في مصحف واحد لأنه كان من المحتمل أن تنزل سور أو آيات آخر ما دام الرسول حياً كما كان من المحتمل نزول الناسخ لبعض آياته كما انهم كانوا في غنى عن ذلك لحفظه في الصدور ووجود رسول الله بينهم حجة بالغة تبين لهم القرآن الكريم وتميزه عما عداه مضافاً،لوعد الله تعالى بحفظ القرآن بقوله تعالى : (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) مضافاً إلى أن الرسول   صلى الله عليه وآله وسلم  كان مأخذه على اليهود والنصارى بأنهم حرفوا كتبهم المنزلة،وأضاعوا الآيات المحكمات،فليس من المعقول أن يكون رسول الله   صلى الله عليه وآله وسلم  يفرط في الكتاب المنزل عليه بعدم جمعه وحفظه وكتابته ويترك الأمر عائدا لأهواء المسلمين ورغباتهم.

وأما بعد وفاته   صلى الله عليه وآله وسلم  فقد توافرت الدواعي على كتابته،وكان أهم تلك الدواعي خوفهم من ضياع شيء من القرآن بموت حملته وحفظته والرغبة في نشره في الأقطار الإسلامية لتقوية الدعوة الإسلامية،والحفظ للأحكام الإلهية فعمدوا إلى جمعه على الوجه الصحيح الذي لا يقبل الشك ولا الريب.

وهذا الرأي قد ناقش فيه المستشرقون،بأنه مخالف لما جاء في بعض الأحاديث أن رسول الله   صلى الله عليه وآله وسلم  قد قبض ولم يجمع القرآن في شيء،ويخالف أيضا ما روي من خوف أبي بكر وعمر بن الخطاب لما اشتد القتل بالقراء في يوم اليمامة على ضياع القرآن الكريم،فإنه لو كان القرآن قد جمع وكتب في أيام الرسول   صلى الله عليه وآله وسلم  ما كان هناك وجه لخوفهما.

والجواب عن الأول أن ما نقل من عدم جمع القرآن ينفيه ما نقل على سبيل الكثرة والتضافر بأن القرآن قد جمع في عهد رسول الله   صلى الله عليه وآله وسلم  فينبغي طرحه كما هو الشأن في الأخبار المتعارضة على إنها ظاهرة في أنه لم يجمع القرآن في مصحف واحد كما جمع بعد الرسول   صلى الله عليه وآله وسلم  ليست ظاهرة في أنه لم يجمع في صحف متعددة.

وأما خوف أبي بكر وعمر،فلأن المصحف الواحد الذي جمع في أيام الرسول كان محفوظاً عند أهل بيته ويخشى عليه لو جعل في أيدي الناس من التلف والتحريف.والقراء قد مات أكثرهم ويخشى أن يموت الباقون فيكون القرآن غير موجود لا في السطور ولا في الصدور.وفي سعد السعود للسيد الأجل ابن طاووس قدس سره  أن البلخي قال في تفسيره المسمى بـ(جامع علم القرآن) وإني :لأعجب من أن يقبل المؤمنون قول من زعم إن رسول الله   صلى الله عليه وآله وسلم  ترك القرآن الذي هو حجة على أمته،والذي تقوم به دعوته والفرائض التي جاء بها من عند ربه،وبه يصح دينه الذي بعثه الله داعياً إليه مفرقا في قطع الخزف ولم يجمعه ولم يصنه ولم يحفظه ولم يحكم الأمر في قراءته،وما يجوز من الاختلاف وما لا يجوز في إعرابه،وفي مقداره وتأليف سوره وآياته وهذا لا يتوهم على رجل من عامة المسلمين فكيف برسول رب العالمين؟

ومما يدل دلالة واضحة على جمع القرآن في عهد رسول الله،الحديث المشهور(إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي) ،فقد ذكر آية الله العظمى السيد الخوئي حفظه الله تعالى:أن هذا الحديث يدل دلالة صريحة على تدوين القرآن وجمعه في زمان النبي   صلى الله عليه وآله وسلم  لأن الكتاب لا يصدق على مجموع المتفرقات ولا على المحفوظ في الصدور.

المبحث السادس عشر

جمع القرآن بعد وفاة رسول الله

لا شك في أن أول من جمع القرآن هو علي بن أبي طالب عليه السلام  كما يظهر من ابن قتيبة في كتاب الإمامة والسياسة،ومن علي بن إبراهيم في تفسيره،ومن فرات الكوفي في تفسيره،ومن سليم بن قيس في كتابه،ومن العياشي في تفسيره،ومن الطبرسي في احتجاجه،ومن الصدوق في اعتقاداته.

والظاهر أنه هو المصحف عينه الذي بأيدينا،وبعد واقعة اليمامة سنة 12 هجرية.كانت الحرب بين المسلمين وأتباع مسليمة الكذاب والتي استشهد فيها سبعون أو أكثر من قراء القرآن وحفظته جمعه زيد بن ثابت،وهو في طليعة كتاب القرآن وحفظته عند رسول الله   صلى الله عليه وآله وسلم  بأمر من أبي بكر في صحف،وكانت تلك الصحف عند أبي بكر حتى توفي،ثم أخذها عمر بن الخطاب وصارت بعد وفاته عند ابنته حفصة،ثم أخذها عثمان بن عفان من حفصة وكتب عليها المصاحف التي أرسلها إلى الأقطار الإسلامية وبعد استنساخها رد الصحف المذكورة إلى حفصة،وروي أنه لما أنشئت الأمصار الإسلامية بعد فتح الشام والعراق كان كل فريق من المسلمين يحتاج إلى نسخة من القرآن،فاتفق أهل الكوفة على مصحف ابن مسعود،وأهل البصرة على مصحف أبي موسى الأشعري،وأهل حمص على مصحف المقداد بن الأسود الكندي،وأهل الشام على مصحف أبي بن كعب،وكانوا يختلفون في القراءات وقد سمع ذلك الاختلاف والجدال حذيفة بن اليمان عندما كان الجنود في فتح(أذر بيجان) فركب إلى عثمان بن عفان وقال له:أدرك هؤلاء القوم قبل أن يختلفوا في الكتاب اختلاف اليهود والنصارى،فوقف عثمان بين الناس وقال من بيده شيء من كتاب الله فليأت به،وقد شرع عثمان في أواخر سنة 24 من الهجرة بتنفيذ فكرة جمع القرآن،فأرسل إلى حفصة بنت عمر يطلب منها الصحف لينسخها وألف لجنة رباعية لتقوم بهذا العمل،فأرسل إلى زيد بن ثابت وأعد له رهطاً من قريش وهم عبد الله ابن الزبير وسعيد بن العاص وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام المخزومي وأمرهم بكتابة المصحف بلسان قريش،حتى إذا استنسخ هؤلاء الأربعة القرآن وكتبوه أمر عثمان بحرق ما عداه من المصاحف،ثم أرسل إلى الأقطار الإسلامية بمصاحف مما نسخه هؤلاء الأربعة،وقد روي أن عثمان كان يرسل مع المصحف الخاص لكل إقليم حافظاً يوافق قراءته،وينقل عن ابن حجر أن استنساخ مصاحف عثمان كان سنة 25 هجرية،ونقل عن عثمان بن سعيد في كتابه(المقنع)أنه ذكر أن عثمان لما كتب المصاحف جعلها على أربعة نسخ فبعث إلى كل من الكوفة والبصرة والشام بواحدة منها وترك واحدة عنده،وتسمى هذه التي بقيت عنده بالإمام،وكان زيد بن ثابت مقرئ المصحف المدني،والمغيرة بن شهاب مقرئ المصحف الشامي وأبو عبد الرحمن السلمي مقرئ المصحف الكوفي،وعمار بن عبد قيس مقرئ المصحف البصري،ثم كثر استنساخ القرآن الكريم وانتشر بين المسلمين،ولما نقل الخط من الكوفي إلى العربي الموجود بين أيدينا نقل خط القرآن من الكوفي إلى الخط العربي كما هو موجود بين أيدينا،وقد طبعت بعض المصاحف في إيران بالطبع الحجري بالخطين الكوفي والعربي.

المبحث السابع عشر

طبع القرآن الكريم والقراءة الموافقة له

لما ظهرت المطابع كان القرآن الشريف أول ما طبع،في(البندقية)في حدود عام 1530م،ولكن الكنيسة أصدرت أمراً بإتلافه حال ظهوره.ثم قام(أهنك لمان) بطبع القرآن في مدينة(هامبور) عام1614م ثم تلاه (ماركي) بطبعه في(بادو) عام1698م.ولم يكن لهذه الطبعات الثلاث اثر يذكر في العالم الإسلامي،ثم قام بطبعه عثمان في مدينة(سانت بترسبور)بروسيا عام1787م وظهر مثلها في قازان،ثم تقدمت إيران بطبع القرآن الشريف طبعة حجرية في طهران عام 1248هجرية الموافق عام 1828م ، وبطبعه أخرى في تبريز عام 1253هجرية الموافقة لعام 1833م،وقام(فلوجل)بطبعه عام 1834م في ليبيزير،ثم ظهرت بعد هذا طبعات للقرآن وبعد هذا قامت(الأستانة)بطبعها للقرآن عام 1877م،ثم قامت القاهرة بطبعه عام 1342هجرية الموافقة عام 1923م تحت إشراف مشيخة الأزهر بإقرار اللجنة المعينة من قبل الملك فؤاد الأول،وقد طبعت هذه المصاحف التي بأيدينا على ما يوافق رواية حفص لقراءة عاصم وأصبحت هذه القراءة هي المتداولة بين أقطار العالم الإسلامي.

 

المبحث الثامن عشر

ترجمة القرآن الشريف والآثار المرتبة عليها

المراد بالترجمة هنا نقل القرآن من لغته العربية التي نزل بها إلى لغة أخرى كنقله إلى الفارسية والتركية ونحوها من باقي اللغات على أن تقوم كلماتها مقام كلمات القرآن الكريم العربية،مع المحافظة على جميع معانيه ومقاصده ومدلولاته ومزاياه.وبهذا ظهر لك الفرق بين ترجمة القرآن الكريم وبين تفسيره بلغة أخرى،فإن التفسير هو بيان المراد والمعنى من تلك الكلمات والترجمة يكون القصد منها إبدال الكلمات بكلمات أخرى من غير لغة.والتفسير يكون القصد منه توضيح الكلمات وبيان معانيها ولذا يحتاج المفسر إلى نقل الأصل في تفسيره لبيان معناه.ولا ريب أن الترجمة للقرآن ترجمة صحيحة من الأمور غير الممكنة التحقق،لأن إعجازه يمنع من أن يأتي بمثله من أي لغة أخرى،ثم الظاهر أن الآثار المترتبة على القرآن الشريف من الأحكام التكليفية والوضعية،كوجوب قراءة سورة الفاتحة في الصلاة وعدم مس كتابته من غير المتطهر لا تثبت لترجمته.ويروى أن أول ترجمة للقرآن هي ترجمته للغة اللاتينية التي تعتبر أنها لغة العلم في أوربا وكان ذلك عام 1143م بقلم(روبرت كنت) ويقال إنه استعان في ترجمته هذه(ببطرس الطليطلي) وعالم آخر عربي،وعليه يكون القرآن قد دخلت ترجمته أوربا عن طريق الأندلس،ويقال كان الغرض من ترجمته المذكورة هو عرضه على(ديكلوني) بقصد الرد عليه وترجم باللاتينية أيضا عام 1509م وترجمه (بيب لياندر) باللاتينية أيضا في عام 1543م ولكن لم تسمح النصرانية بنشر هذه التراجم واقتنائها،لأنها لم تكن مصحوبة بالرد عليه.ثم قام(هنكلمان)في عام 1594م بترجمته مصحوبة بما لفقوه من الرد والاعتراض،وطبعت في عام 1598م مع الردود والاعتراضات طبعة مراتشي.وبالرغم مما بذله التبشير من الحيلولة دون ترجمة القرآن بالوجه الصحيح،فقد قام رجال من المستشرقين بترجمته،فقد ترجمه(لرودولل)إلى الإنكليزية وطبعت في لندن عام 1861م وترجمه(لبال مر)إلى الإنكليزية وطبعت في لندن عام 1928موترجمه(لسل)للإنكليزية وطبعت الترجمة في ليدن عام 1836م وترجمه(لكازي مرسكي)إلى الفرنسية وطبعت في باريس عام 1840م وترجمه(لساوارى)إلى الفرنسية وطبعت في باريس وهكذا ترجمه(لثران ميليا)إلى الفرنسية وترجمه(لكالا ندانتوان)إلى الفرنسية وغيرهم حتى كثرت ترجمة القرآن إلى لغات كثيرة حتى قيل إنها بلغت مئة وعشرين ترجمة،في خمس وثلاثين لغة ما بين شرقية وغربية وكان أكثر الترجمات طبعاً هي ترجمة(جورج سيل)الإنكليزي طبعت أربع وثلاثين مرة وقد ذكر صاحب المناهل أن أوفر هذه الترجمات وأكثرها طبعاً هي الترجمات الإنكليزية فالفرنسية فالألمانية فالإيطالية وهناك خمس ترجمات في كل من اللغتين الفارسية والتركية وأربع ترجمات باللغة الصينية وثلاثاً باللاتينية واثنتين بالأفغانية وواحدة بالجاوية وأخرى بالاوردية.ولكن الظاهر أن أكثر التراجم طبعا هي الترجمة بالفارسية،طبع أكثرها مع القرآن الشريف بالقطع الكبير والصغير وكتبت ترجمة كل فقرة من القرآن الكريم تحتها وما زالت متداولة حتى الآن،إلا أنه لم نعرف القائم بها وقد نسبت إلى الشيخ أبي الفتوح الحسين بن علي الخزاعي النيسابوري،ولكن المرحوم العلامة الكبير الإمام الشيخ(أغا بزرك)أنكر ذلك أشد الإنكار.وقد استغل التبشير الترجمة للقرآن الكريم ليظهره بمظهر غير لائق بكرامته القدسية حتى يكون مصدرا للتشكيك والإنكار للشريعة الإسلامية وكان في طليعة هؤلاء المطران(يعقوب بن الصليبي) فقد ترجم من القرآن أكثر آياته باللسان السرياني في القرن الثاني عشر الميلادي،ثم نشرت خلاصتها عام (1925م) نقلا عن نسخة مخطوطة بالمتحف البريطاني بلندن ومعه ترجمة إنكليزية لها.وهذا ما دعا جملة من المسلمين لترجمة القرآن باللغة الإنكليزية وغيرها من اللغات،لإيضاح الحال كالميرزا محمد خان والمولى محمد علي والسيد أولاد حيدر والمولى محمد جعفر واغا حسين بن جمال الدين النيسابوري ومحمد رضا الطوسي وغيرهم.

 

المبحث التاسع عشر

حجية القرآن الشريف

 اتفقت كلمة أصحابنا من قديم الدهر بل وسائر علماء الإسلام منذ كان للعلم حملة،على أن القرآن الشريف حجة،بمعنى أنه يجب الرجوع إليه ولكن صاحب الفوائد المدنية نفى عنه الحجية وذهب إلى أنه لا يجوز الأخذ بشيء منه إلا بتفسير من المعصومين  عليهم السلام  فلا يصح التفسير لكتاب الله إلا بالمسموع منهم،والظاهر أنه أول شخص قال بهذه المقالة وتبعه في ذلك جماعة منهم الشيخ(الحر العاملي)صاحب الوسائل والحق أن فهم القرآن الشريف والعلم بمعانيه ومقاصده على أقسام أربعة :

أحدها:مختص بالله تعالى وذلك كقوله تعالى : (يَسْأَلونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي) فإن هذه الآية الشريفة تدل على اختصاص بيان وقت الساعة الواردة في القرآن الشريف بالله تعالى.

ثانيها:ما هو مجمل غير ظاهر المراد مثل قوله تعالى : ( أَقمِ الصَلاةَ ) فإن تفصيل أعداد الصلاة وعدد ركعاتها وكيفيتها لابد من تفسير المعصوم وبيانه لها.

ثالثها:ما يكون اللفظ مشتركا بين معان كثيرة ويمكن أن يكون كل واحد منها هو المراد كلفظ(القرء)فإنه يطلق على الحيض والطهر،ففي هذه الصور الثلاث لا يجوز أن يؤخذ بأحد المعاني ويفسر اللفظ به إلا ببيان وتفسير من المعصوم لا بالرأي ولا بالفكر،وما ورد من الأخبار كقوله   صلى الله عليه وآله وسلم  (من فسر القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار)ناظرة للأقسام الثلاثة.

رابعها:ما يكون قطعي الدلالة واضح المعنى،ويسمى بالنص أو يكون ظاهر المعنى يتبادر لكل من عرف اللغة العربية وخوطب بها مثل قوله تعالى : (وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَق) فإنه ظاهر المعنى وهذه الصورة هي محط البحث وموضع النزاع.والحق أن ما كان من القرآن الشريف نصاً أو ظاهراً أو يرد نص معتبر في بيانه،حجة يجب العمل به مطلقاً ما لم يثبت كونه منسوخاً أو معروضاً عن ظاهره.وأما المجمل فيجب التوقف في تفسيره والعمل به إلا أن يرد تفسير وبيان له يعول عليه والدليل على أن ما ذكرناه حجة:أمور

(الأول) الإجماع الذي ذكرناه.

(الثاني) قول النبي   صلى الله عليه وآله وسلم  (أني مخلف فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي ما أن تمسكنتم بهما لن تضلوا بعدي أبداً)فإن القرآن الشريف إذا لم يكن حجة يتمسك به،فأي فائدة في تخليفه لنا وأي وجه للأمر بالتمسك به.

(الثالث) أن القرآن الشريف قد نزل لبيان الأحكام الشرعية والمواعظ الإلهية والدعوة للدين الحنيف والإرشاد لما فيه الخير،والإنذار بما فيه الشر.

(الرابع) سيرة المسلمين واحتجاج بعضهم على بعض بآياته الكريمة والسيرة حجة.

(الخامس) أنه ولو لم يكن حجة علينا،لما حصل به البيان للأحكام الشرعية ولا الإرشاد للدعوة الإسلامية ولا الوعد ولا الوعيد ولا البلاغ ولا التبليغ وفي خطبة فاطمة الزهراء J من الاستدلال بالآيات ما فيه غنى وكفاية يرشد إلى حجية القرآن،منها قوله تعالى :( هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدىً وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ)وقوله:( أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ القرآن أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا) فإن القرآن إذا لم يكن حجة عليهم،لما كان وجه لتوبيخ الله (عز وجل)للكفار على عدم تدبر القرآن.

ومما يدل على ذلك ما ورد من عرض الأخبار على كتاب الله وما خالف الكتاب منها فهو باطل وزخرف فإن الكتاب لو لم يكن حجة لما كان وجه للأمر بعرض الأخبار عليه،وأما ما ورد من الأخبار ما يتخيل فيه عدم حجية الكتاب فلابد من تأويله أو طرحه فإنها قد خالفت الآيات المتقدمة الدالة على حجية القرآن والإجماع والسيرة والأخبار الكثيرة. وسيأتي إن شاء الله في مبحث المحكم والمتشابه ما ينفعك في هذا المقام نفعاً تاماً.

 

المبحث العشرون

ترتيل القرآن الكريم

جاء في الصحاح(الترتيل)في القراءة الترسل فيها والتبين من غير تغن.وقال في الكشاف ترتيل القرآن قراءته على ترسل وتوأدة بتبين الحروف وإشباع الحركات تشبيهاً بالثغر المرتل وهو المفلج المشبه بورد الأقحوان.وقال الشيخ البهائي في حبل المتين الترتيل:التأني وتبين الحروف بحيث يتمكن السامع من عدها مأخوذ من قولهم ثغر مرتل إذا كان مفلجاً وبه فسر في قوله تعالى :( وَرَتِّلِ القرآن تَرْتِيلاً).

وقد نقل إجماع العلماء كافة على استحبابه في الصلاة وغيرها لقوله عز وجل: (وَرَتِّلِ القرآن تَرْتِيلاً) .قال الشيخ البهائي:ومن فسر الترتيل بإخراج الحروف من مخارجها على وجه تتميز به الحروف ولا يندمج بعضها مع بعض حمل الأمر في الآية على الوجوب.

وعن أمير المؤمنين عليه السلام  بَينّه تَبيياً ولا تَهِذّه هذَّ الشعر ولا تنثره نثر الرمل ولا يكن هَم أحدكم آخر السورة. وعن الصادق عليه السلام  الترتيل التمكث وتحسين الصوت.

المبحث الحادي والعشرون

آداب المستمع لقراءة القرآن الكريم

ينبغي للعبد إذا سمع قراءة القرآن أن يستمع له وينصت قال تعالى :(وإِذَا قُرِئَ القرآن فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) وإذا مرت عليه آية فيها ذكر الجنة سأل الله الجنة،وإذا مرت عليه آية فيها ذكر النار تعوذ بالله من النار،وإذا مرت عليه آية فيها ذكر يا أيها الناس أو يا أيها الذين آمنوا يقول لبيك ربنا،وإذا استمع لآية من سجدات العزائم الأربع وجب عليه السجود،وإذا مرت عليه آية فيها الأمر بالسجود استحب له السجود،وإذا مر بآية فيها مسألة أو تخويف يسأل الله خير ما يرجو ويسأله العافية والبعد من النار.

المبحث الثاني والعشرون

علوم القرآن الكريم

إن العلوم التي تخص القرآن من تفسيره ورسمه وتنزيله ونحو ذلك،مما يخص شؤون القرآن وأحواله تسمى بعلوم القرآن وهي علم رسم القرآن أو علم الرسم العثماني نسبة إلى عثمان بن عفان  وعلم تفسير القرآن.وعلم أسباب  النزول.وعلم المكي والمدني من الآيات.وعلم الناسخ والمنسوخ منها،وعلم غريب القرآن،وعلم إعجاز القرآن،وعلم بدائع القرآن وهو العلم الذي يبحث فيه عما ورد في القرآن الكريم من أنواع البديع ،وعلم(حجج) القرآن ويسمى بعلم(جدل القرآن) وهو العلم الذي يشتمل على أنواع البراهين والأدلة في القرآن الشريف على أساليب العرب ولا على طرائق المتكلمين والفلاسفة،وعلم أقسام القرآن وهو العلم الذي يشتمل على بيان القسم واليمين في القرآن،وعلم أمثال القرآن،وعلم محكم القرآن ومتشابهه،ويحكى أن اصطلاح علوم القرآن بالمعنى الجامع الشامل لم يبدأ ظهوره إلا بكتاب(البرهان في علوم القرآن)لعلي بن إبراهيم بن سعيد الشهير بالحوفي المتوفي عام 430 هجرية،ولكن التحقيق من أن محمد بن خلف المرزبان المتوفي عام 309 هجرية قد سبقه بتأليف كتاب(الحاوي في علوم القرآن) وسيأتي شرحه تفصيلاً.والظاهر أن أول من كتب في علوم القرآن من المستشرقين نولدكة الألماني وقد سمي كتابه(بتاريخ القرآن)طبعه عام1860م وهو آلان أساس كل بحث في علوم القرآن في أوربا ولم يكن في وسع(نولدكة)أن يقوم بطبعه مرة ثانية ففوض ذلك لتلميذه(شوالي)الذي ضم إليه نتائج التدقيقات الحديثة وتوفي(شوالي)في أثناء عمله فأخذ(برجشتراسر)في تكميله وبعد موت(برجشتراسر)أتم تلميذه(برتزل)الطبعة الثانية للكتاب المذكور.

 

المبحث الثالث والعشرون

رسم القرآن أو الرسم العثماني

المراد بالرسم هو كتابة القرآن بالحروف ويعبر عنه بالخط والمراد بالمصحف هو المصحف الذي كتب بأمر عثمان بن عفان،وهذا الرسم الموجود لدينا هو رسم كتابة كلمات القرآن وحروفه للمصاحف التي كتبت بأمر عثمان وينسب هذا الرسم للنبي  صلى الله عليه وآله وسلم  فإن ابن مبارك المغربي نقل عن شيخه عبد العزيز الدباغ أنه قال:ما للصحابة ولا لغيرهم في رسم القرآن ولا شعرة واحدة وإنما هو توقيفي من النبي   صلى الله عليه وآله وسلم  وهو الذي أمرهم أن يكتبوه بالهيأة المعروفة بزيادة الألف أو نقصانها أو غير ذلك لأسرار لا تهدي إليها العقول.

وقد عرفت فيما سبق أن مصحف عثمان مأخوذ من مصحف أبي بكر وأن مصحف أبي بكر قد جمعه زيد بن ثابت وكان من كتاب الوحي وقد تضافرت آراء العلماء على ضرورة الإلتزام بهذا الرسم وإن كان مخالفاً لقواعد الكتابة العربية ككتابة الصلاة والزكاة بالواو بدل الألف،ولذا قيل إن كتابة القرآن ليست بحجة وإنما قراءته حجة في القراعد العربية النحوية والصرفية والبلاغية ونحوها،وممن مال إلى هذا ابن خلدون في مقدمته ويحكى عن القاضي أبي بكر الباقلاني المتوفي سنة 403 هجرية في كتابه(الانتصار)المخالفة في ذلك،فجوز أن يكتب القرآن على خلاف الرسم العثماني على طبق قواعد الكتابة مدعياً أنه ليس في السنة ولا في إجماع الأمة  ما يحرم كتابته بغير الرسم العثماني بل زعم بأن السنة قد دلت على جواز رسمه بأي وجه سهل لأن رسول الله   صلى الله عليه وآله وسلم  كان يأمر برسمه ولم يبين له وجهاً معيناً ولا نهى أحداً عن كتابته بغير الرسم العثماني.وتوضيح المقام أن رسم القرآن بمعنى تغيير شكل كل حرف بحرف آخر يدل على ما دل عليه ذلك الحرف،كتغيير الحروف الكوفية بالحروف العربية الموجودة لدينا لاإشكال في جوازه وليس محل البحث بين العلماء.

ولذا تراهم قد غيروا رسم القرآن من الكوفية إلى العربية.وإنما محل الكلام هو مراعاة قواعد الكتابة في رسم القرآن،فمثلا لا إشكال في صحة تغيير رسم(الصلوة) من أحرف كوفية إلى أحرف عربية فيجوز تغيير الصاد واللام والواو والتاء من أحرف كوفية إلى أحرف عربية وإنما الكلام في(الصلوة)هل يجوز مراعاة قواعد الكتابة فيها بأن تحذف الواو ويوضح مكانها ألف فتكتب هكذا(الصلاة)في القرآن الشريف أم لا يجوز ذلك؟فنقول أنه لما لم يكن يضر اختلاف الرسم بالقراءة لحفظهم للقرآن في صدورهم،فكان المعول عليه هو قراءة الحفاظ وتعليمهم إياّه وكان الرسم اشبه شيء برموز مذكرة لهم لم يكن هناك ما يوجب تغيرها،بل كان مقتضى الاحتياط هو المحافظة على الرسم القرآني وعدم تغيره حسب قواعد الكتابة للمحافظة على القرآن الكريم من الزيادة والنقيصة وخوفاً من أن يتسرب إليه ما تسرب للكتب المنزلة من التحريف والتغير الذي أزال قيمتها الدينية وقداستها الإلهية.ولإجماع المسلمين على الإلتزام بهذا الرسم والمحافظة عليه خلفاً عن سلف من جميع الفرق الإسلامية.ثم أنا رأينا قواعداً لرسم المصحف اقتطفناها من كتاب مناهل العرفان في علوم القرآن وذكرناها هنا لما فيها من عظيم الفائدة وقد حصرها العلماء في ست قواعد،وهي الحذف،والزيادة،والهمز،والبدل والفصل والوصل،وما فيه قراءتان فقرئ على إحداهما.وهاك شيئاً منها بالإجمال،ليكون الفرق بينها وبين مصطلح الخطوط في عصرنا على بال منك:

قاعدة الحذف ــ خلاصتها أن الألف تحذف من ياء النداء نحو(يأيها الناس)ومن هاء التنبيه نحو(هأنتم)ومن كلمة(نا)إذا وليها ضمير نحو(أنجيناكم)ومن لفظ الجلالة(الله)ومن كلمة(إله)ومن لفظي(الرحمن،وسبحان)وبعد اللام نحو كلمة خلائف وبين اللامين في نحو(الكلالة)ومن كل مثنى نحو(رجلان)ومن كل جمع تصحيح لمذكر أو لمؤنث نحو(سمّاعون،المؤمنات)ومن كل جمع على وزن مفاعل وشبهه نحو(المساجد) و(النصارى) ومن كل عدد نحو(ثلاث) ومن البسملة ومن أول الأمر من سأل،وغير ذلك (إلا ما استثنى من هذا كله) وتحذف الياء من كل منقوص منون رفعاً وجراً، نحو (غير باغ ولا عاد) ومن هذه الكلمات (أطيعون،اتقون،خافون،إرهبون،فأرسلون،وأعهدون) (إلا ما استثنى).

وتحذف الواو:إذا وقعت مع واو أخرى في نحو(لا يستوون،فأووا إلى الكهف).

وتحذف اللام:إذا كانت مدغمة في مثلها نحو(الليل،والذي)(إلا ما استثنى).

وهناك حذف لا يدخل تحت قاعدة كحذف الألف من كلمة(مالك)وكحذف الياء من(إبراهيم)وكحذف الواو من هذه الأفعال الأربعة(ويدعو الإنسان،ويمحو الله الباطل،يوم يدعو الداعي،سندعو الزبانية).

قاعدة الزيادة – خلاصتها أن الألف تزاد بعد الواو في آخر كل اسم مجموع أو في حكم المجموع نحو(ملاقوا ربهم،بنوا إسرائيل)،(أولوا الألباب)وبعد الهمزة المرسومة واوا نحو(تالله تفتأ)فإنها ترسم هكذا(تاالله تفتوا)وفي كلمات(مائة ومائتين،والظنون،والرسول،والسبيل)في قوله تعالى :( وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا)  ، ( وَأَطَعْنَا الرَّسُولا) ، ( فَأَضَلُّونَا السَّبِيلا).

وتزاد الياء في هذه الكلمات(نبأ،أناء،من تلقاء،بايكم المفتون،بأيد)من قوله تعالى:( وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ ).

وتزاد الواو في نحو(أولو،أولئك،أولاء،أولات).

قاعدة الهمزة – خلاصتها أن الهمزة إذا كانت ساكنة تكتب بحرف حركة ما قبلها نحو ائذن،أؤتمن البأساء(إلا ما استثنى)أما الهمزة المتحركة فإن كانت أول الكلمة واتصل بها حرف زائد كتبت بالألف مطلقاً،سواء أكانت مفتوحة أم مكسورة نحو(أيوب،أولو،إذا سأصرف،سأنزل،فبأي)(عدا ما استثنى).

وإن كانت الهمزة وسطاً فإنها تكتب بحرف من جنس حركتها نحو (سأل،سئل،تقرؤه) (إلا ما استثنى) وإن كانت متطرفة كتبت بحرف من جنس حركة ما قبلها نحو(سبأ،شاطئ،لؤلؤ)(إلا ما استثنى)وإن سكن ما قبلها حذفت نحو(ملء الأرض يخرج الخبء)(إلا ما استثنى)والمستثنيات كثيرة في الكل.

قاعدة البدل-  خلاصتها أن الألف تكتب واوا للتفخيم في مثل الصلاة والزكاة والحياة(إلا ما استثنى)وترسم ياء إذا كانت منقلبة عن ياء نحو(يتفويكم،يا حسرتي،يا أسفي)وكذلك ترسم الألف ياء في هذه الكلمات(إلى ،على،أنى بمعنى(كيف)،متى،بلى،حتى،لدى،ما عداى،لدى الألباب)في سورة يوسف فإنها ترسم ألفاً.

وترسم النون الفاً في نون التوكيد الخفيفة,وفي كلمة (إذن).

وترسم هاء التأنيث تاء مفتوحة في كلمة (رحمة) بالبقرة والأعراف, وهود,ومريم,والروم,والزخرف.

وفي كلمة(نعمة)بالبقرة,وآل عمران,والمائدة,وابراهيم ،والنحل، ولقمان ،فاطر، والطور، وفي كلمة(لعنة الله).

وفي كلمة (معصية)في سورة قد سمع ،وفي هذه الكلمات:

(إن شجرة الزقوم,قرة عين,جنة نعيم,بقية الله) وفي كلمة(أمرأة)اضيفت إلى زوجها نحو(أمرأة عمران,أمرأة نوح)وفي غير ذلك.

قاعدة الوصل والفصل-  خلاصتها أن كلمة(أن) بفتح الهمزة توصل بكلمة (لا) إذا وقعت بعدها ويستثنى من ذلك عشرة مواضع.منها (أن لا تقولوا أن لا تعبدوا إلا الله).

وكلمة(من) توصل بكلمة (ما) إذا وقعت بعدها.

ويستثنى (من ما ملكت أيمانكم) في النساء والروم (ومن ما رزقناكم) في سورة المنافقين.وكلمة (مِن) توصل بكلمة (مَنْ) مطلقا وكلمة(عن) توصل بكلمة (ما) إلا قوله سبحانه(عن ما نهوا عنه) وكلمة (إن) بالكسرة توصل بكلمة (ما) التي بعدها,إلا قوله سبحانه (وإن ما نرينك),وكلمة (أن) بالفتح توصل بكلمة (ما) مطلقا من غير استثناء,وكلمة (كل)توصل بكلمة (ما) التي بعدها,إلا قوله سبحانه(كل ما ردوا إلى الفتنة,من كل ما سألتموه) وتوصل كلمات (نعما,وربما,وكأنما,ويكأن) ونحوها.

قاعدة ما فيه قراءتان- خلاصتها إن الكلمة إذا قرأت على وجهين,تكتب برسم أحدهما,كما رسمت الكلمات الآتية بلا ألف في المصحف وهي:(مالك يوم الدين,يخادعون الله,وواعدنا موسى,تفادوهم)ونحوها وكلها مقروءة باثبات الألف وحذفها,وكذلك رسمت الكلمات الآتية بالتاء المفتوحة,وهي (غيابة الجب,أنزل عليه آية) في العنكبوت(ثمرة من أكمامها)في فصلت,(وهم في الغرفة آمنون)في (سبأ)وذلك لأنها جمعاء مقروءة بالجمع والإفراد,وغير هذا كثير,وحسبنا ما ذكرناه للتذكير والتنوير.

مزايا الرسم العثماني

ذكر القوم لهذا الرسم فوائد:وقد اعتمدنا في شرحها على كتاب المناهل.

الفائدة الأولى:الدلالة في القراءات المتنوعة في الكلمة الواحدة بقدر الامكان,وذلك أن قاعدة الرسم لوحظ فيها أن الكلمة إذا كان فيها قراءتان أو اكثر,كتبت بصورة تحتمل هاتين القراءتين أو الأكثر.فإن كان الحرف الواحد لا يحتمل ذلك بأن كانت صورة الحرف تختلف باختلاف القراءات,جاء الرسم على الحرف الذي هو خلاف الأصل,وذلك ليعلم جواز القراءة به وبالحرف الذي هو الأصل.وإذا لم يكن في الكلمة إلا قراءة واحدة بحرف الأصل رسمت به.مثال الكلمة تكتب بصورة واحدة وتقرأ بوجوه متعددة قوله تعالى:(  إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَان) رسمت في المصحف العثماني هكذا(إن هذان لساحران) من غير نقط ولا شكل ولا تشديد ولا تخفيف في نوني(إن وهذان)ومن غير الف بعد الهاء ولا ياء بعد الذال من(هذان)ومجيء الرسم كما ترى,كان صالحا عندهم لأن يقرأ بالوجوه الأربعة التي وردت كلها بأسانيد صحيحة,(أولها)قراءة نافع ومن معه يشدون نون(إن)ويخففون نون(هذان)بالألف.

ثانيها:قراءة ابن كثير وحده,إذ يخفف النون في(إن)ويشدد النون في(هذان).

ثالثها:قراءة حفص إذ يخفف النون في(إن)و(هذان)بالألف.

رابعها:قراءة أبي عمرو بتشديد(إن)وبالياء وتخفيف النون في(هذين)فتدبر هذه الطريقة المثلى الضابطة لوجوه القراءة,لتعلم ان سلفنا الصالح كان في قواعد رسمه للمصحف أبعد منا نظراً وأهدى سبيلاً.

الفائدة الثانية:إفادة المعاني المختلفة بطريقة تكاد تكون ظاهرة,وذلك نحو قطع كلمة(أم)في قوله تعالى:( أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً) وصلها في قوله تعالى: (أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيّاً عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) إذا كتبت هكذا(أمّن)بادغام الميم الأولى في الثانية وكتابتهما ميما واحدة مشددة,فقطع(أم)الأولى في الكتابة للدلالة على إنها (أم المنقطعة)التي بمعنى(بل).ووصل(أم)الثانية لدلالة على أنها ليست كتلك.

الفائدة الثالثة:الدلالة على معنى خفي دقيق كزيادة الياء في كتابة كلمة(أيد)من قوله تعالى: (وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْد) إذ كتبت هكذا(بأييد)وذلك للايماء إلى تعظيم قوة الله التي بنى بها السماء,وإنها لا تشبهها قوة على حد القاعدة المشهورة وهي:زيادة المبنى تدل على زيادة المعنى.

ومن هذا القبيل كتابة هذه الأفعال الأربعة بحذف الواو وهي(ويدعو الإنسان,ويمحو الله الباطل,يوم يدعو الداعي,سندعو الزبانية)فإنها كتبت في المصحف العثماني هكذا(ويدع الإنسان,ويمح الله الباطل,يوم يدع الداع,سندع الزبانية)ولكن من غير نقط ولا شكل في الجميع.قالوا والسر هو الدلالة على ان هذا الدعاء سهل على الإنسان يسارع فيه كما يسارع إلى الخير بل إثبات الشر إليه من جهة ذاته أقرب إليه من الخير.والسر في حذفها من(ويدع الإنسان) هو الدلالة على أنّ هذا الدعاء سهل على الإنسان يسارع فيه كما يسارع إلى الخير بل إثبات الشر إليه من جهة ذاته أقرب إليه من الخير.والسر في حذفها من(ويمح الله الباطل)الإشارة  إلى سرعة ذهابه واضمحلاله.والسر في حذفها من(يوم يدع الداع)الإشارة إلى سرعة الدعاء وسرعة اجابة الداعين والسر في حذفها من(سندع الزبانية)الإشارة إلى سرعة الفعل وإجابة الزبانية وقوة البطش ويجمع هذه الأسرار  قول المراكشي:

والسر في حذفها من هذه الأربعة سرعة وقوع الفعل وسهولته على الفاعل وشدة قبول المنفعل المتأثر به في الوجود.انتهى.

الفائدة الرابعة:الدلالة على أصل الحركة مثل كتابة الكسرة ياء في قوله سبحانه: ( وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى) إذ تكتب هكذا (وايتائ ذي القربى)ومثل كتابة الضمة واو في قوله سبحانه: ( سَأُرِيكُمْ دَارَ الْفَاسِقِينَ) إذ كتبت هكذا(سأوريكم)ومثل ذلك الدلالة على أصل الحرف نحو الصلاة والزكاة إذ كتبا هكذا(الصلوة,والزكوة)ليفهم أن الألف  فيهما منقلبة عن واو(من غير نقط ولا شكل كما سبق).

الفائدة الخامسة:أفادت بعض اللغات الفصيحة مثل كتابة هاء التأنيث تاء مفتوحة دلالة على لغة طي وقد تقدمت الأمثلة لهذا النوع.ومثل قوله سبحانه:( يَوْمَ يَأْتِ لا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ) كتبت بحذف الياء هكذا(يأت)لدلالة على لغة هذيل.

الفائدة السادسة:حمل الناس على أن يتلقوا القرآن من صدور ثقات الرجال,ولا يتكلوا على هذا الرسم العثماني,الذي جاء غير مطابق للنطق الصحيح في الجملة وتنضوي تحت هذه الفائدة مزيتان:

المزية الأولى:التوثق من الفاظ القرآن وطريقة أدائه وحسن ترتيله وتجويده,فإنّ ذلك لا يمكن أن يعرف على وجه اليقين من المصحف,مهما تكن قاعدة رسمه واصطلاح كتابته.فقد تخطئ المطبعة في الطبع,وقد يخفى على القارئ بعض أحكام تجويده,كالقلقلة والإظهار والإخفاء والإدغام والروم والاشمام ونحوها,فضلا عن خفاء تطبيقها.ولهذا قرر العلماء أنه لا يجوز التعويل على المصاحف وحدها.بل لابد من التثبت في الأداء والقراءة,بالأخذ عن حافظ ثقة.

وإن كنت في شك, فقل لي بربك هل يستطيع المصحف وحده بأي رسم يكون, أن يدل قارئاً أياً كان على النطق الصحيح بفواتح السور الكريمة؟. مثل(كهيعص,حم,عسق,طسم)ومن هذا الباب الروم والاشمام في قوله سبحانه : ( مَا لَكَ لا تَأْمَنَّا عَلَى يُوسُفَ) من كلمة(لا تأمنا).

المزية الثانية:اتصال السند برسول الله   صلى الله عليه وآله وسلم  وتلك خاصة من خواص هذه الأمة الإسلامية امتازت بها على سائر الأمم.

قال ابن حزم:(نقل الثقة عن الثقة يبلغ به النبي    صلى الله عليه وآله وسلم  مع الاتصال خص الله به المسلمين دون سائر الملل,وأما مع الإرسال والإعضال فيوجد في كثير من كتب اليهود,ولكن لا يقربون فيه من موسى قربنا من محمد   صلى الله عليه وآله وسلم  بل يقفون بحيث يكون بينهم وبين موسى أكثر من ثلاثين عصرا.إنما يبلغون إلى شمعون ونحوه ثم قال.وأما النصارى فليس عندهم من صفة هذا النقل إلا تحريم الطلاق.وأما النقل المشتمل على طريق فيه كذاب أو مجهول العين,فكثير في نقل اليهود والنصارى وأما أقوال الصحابة والتابعين فلا يُمَكِن اليهود أن يبلغوا صاحب نبي أو تابعياً,ولا يُمَكِن النصارى أن يصلوا إلى أعلى من شمعون وبولص).

رسم هجاء المصاحف التي بأيدينا

والمراد بالهجاء عند علماء رسم القرآن,هو تبيين حروف الكلمات ورسم هجاء المصاحف التي بأيدينا مأخوذ عن المصاحف التي بعث بها عثمان بن عفان إلى البصرة والكوفة والشام,والمصحف الذي جعله عنده المسمى بالإمام وعن المصاحف المستنسخة منها.وأما الأحرف التي أختلف فيها وهي نادرة جداً,فكان القوم يتبعون فيها أصح الطرق لتعيينها من مراعاة القواعد والقراءات.

 

رموز رسم وضبط القرآن

والمراد بالضبط هو رسم حركات الكلمات وسكونها وادغامها وما يحذف من الحروف عند قراءة الكلمة والوقف عليها ونحو ذلك.والمصاحف التي بأيدينا كان ضبطها على ما يوافق رواية حفص بن سليمان بن المغيرة الأسدي الكوفي لقراءة عاصم بن أبي النجود الكوفي التابعي عن علي بن أبي طالب عليه السلام  وعثمان بن عفان وزيد بن ثابت وابي بن كعب عن النبي   صلى الله عليه وآله وسلم  .وإليك رموز هذا الضبط للمصاحف التي بأيدينا وما تدل عليه.

اصطلاحات الضبط

وضع الدائرة الصغيرة فوق حرف العلة يدل على زيادة ذلك الحرف فلا ينطق به في الوصل ولا في الوقف مثل الدائرة الموضوعة على الألف في سورة المزمل الآية العشرون في قوله تعالى:(ْ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ) ،وضع الدائرة البيضوية فوق ألف بعدها متحرك يدل على زيادتها وصلاً لا وفقاً كالدائرة المستطيلة الموضوعة على الألف في سورة الإنسان كالآية الخامة عشرة في قوله تعالى:( كَانَتْ قَوَارِيرَا) ولكنهم أهملوا هذه العلامة على الألف التي بعدها ساكن مثل(أنا النذير) لوضوح الحال فيها من أنها تثبت وقفاً وتسقط وصلاً فلذا لم يضعوها.

وضع رأس حاء صغيرة فوق أي حرف,علامة على سكون ذلك الحرف كالحاء الموضوعة على الحروف في سورة الإخلاص  في الآية الثالثة في قوله تعالى:(لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ).

وتعريف الحرف من علامة السكون مع تشديده يدل على إدغام ما قبله فيبه إدغاماً كاملاً بحيث ينقلب الحرف الأول إلى مثل الحرف المشدَّد ثم يُدغم فيه نحو(أُجيبت دعوتكما)إذ إن التاء تقلب إلى الدال وتدغم في دال دعوتكما.

وتعرية الحرف من علامة السكون مع عدم تشديد الحرف التالي يدل على إخفاء الأول عند التالي فلا هو مظهر حتى يقرعه اللسان,ولا هو مذغم حتى ينقلب إلى جنس تاليه نحو(من تحتها)في قوله تعالى:(  تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَار) فإنّ نون(من)لا تدغم إدغاماً كاملاً في التاء من تحتها.

ووضع ميم صغيرة بدل الحركة الثانية من المنون أو فوق النون الساكنة يدل السكن مع عدم تشديد الباء التالية,يدل على قلب التنوين أو النون ميما كالميم الصغيرة الموضوعة على الهمزة في قوله تعالى:(  جَزَاءً بِمَا كَانُوا) فإنها تدل على قلب تنوين الهمزة ميماً,وكالميم الموضوعة على النون في قوله(من بعد)فإنّها تدل على قلب النون ميماً.

وتركيب الحركتين يجعلهما ضمتين و فتحتين على خط افقي أو على الحرف نفسه أو كسرتين تحت خط افقي أو تحت الحرف ليدل على إظهار التنوين.

والحروف الصغيرة تدل على أعيان الحروف المتروكة في المصاحف العثمانية مع وجوب النطق بهل كالألف من ذلك(الكتب)ومن(الكتاب) في قوله تعالى: ( الم ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيه).

وكان علماء الضبط يلحقون هذه الأحرف بخط أحمر بقدر حروف الكتابة الأصلية ولكن تعسر ذلك في المطابع،فاكتفى بتصغيرها في الدلالة على المقصود.

وإذا كان الحرف المتروك له بدل في الكتابة الأصلية عول في النطق على الحرف الملحق لا على البدل،نحو : (الصلوة)و(كمشكوة) وإذا وضعت السين تحت الصاد دل على أن النطق بالصاد أشهر،نحو:المصيطرون.

ووضع هذه العلامة(آ) فوق الحرف يدل على لزوم مده مداً زائدا على المد الأصلي الطبيعي،نحو: (آلم الطامة) على تفصيل يعلم من فن التجويد.ولا تستعمل هذه العلامة للدلالة على ألف محذوفة بعد ألف مكتوبة مثل آمنوا كما وضع غلطاً في كثير من المصاحف بل تكتب(ءامنوا)بهمزة وألف بعدها.

والدائرة المحلاة التي في جوفها رقم تدل بهيأتها على انتهاء الآية وبرقمها على عدد تلك الآية في السورة،نحو: (إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (1) فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (2) إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ) ولا يجوز وضعها قبل الآية البتة،فلذلك لا توجد في أوائل السور،وتوجد دائماً في أواخرها.

 

وتدل هذه العلامة ! على ابتداء ربع الحزب وإذا كان أول الربع أول سورة فلا توضع.

ووضع خط أفقي فوق كلمة يدل على موجب السجدة.ووضع هذه العلامة(دائرة محشاة بخطوط صغيرة وفوقها علامة زائد وتحتها علامة زائد إلى - + -) بعد كل كلمة يدل على موضع السجدة نحو: (وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ دَابَّةٍ وَالْمَلائِكَةُ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ)(49) يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ).

ووضع النقطة الخالية الوسط بشكل المربع المعين تحت الراء في قوله تعالى:بسم الله مجراها يدل على إمالة الفتحة إلى الكسرة،وإمالة الألف إلى الياء،وكان النقاط يضعونها في دائرة حمراء،فلما تعسر ذلك في المطابع عدل إلى الشكل المعين.

ووضع النقطة المذكورة فوق آخر الميم قبيل النون المشددة من قوله تعالى :( مَا لَكَ لا تَأْمَنَّا عَلَى يُوسُف) يدل على الإشمام(وهو ضم الشفتين)كمن يريد النطق بضمة إشارة إلى أن الحركة المحذوفة ضمة(من غير أن يظهر لذلك أثر في النطق).

ووضع نقطة مدورة مسدودة الوسط فوق الهمزة الثانية كقوله تعالى: ( أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيّ) يدل على تسهيلها بين بين أي بين الهمزة والألف.

علامات الوقف

م:علامة الوقف اللازم،ونحو: (إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ وَالْمَوْتَى يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ).حيث الميم فوق نون يسمعون.

لا:علامة الوقف الممنوع،نحو: (الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ ) حيث وضعوا(لا) فوق(نون)طيبين.

ج:علامة الوقف الجائز،جوازا مستوى الطرفين،نحو: ( نحن نقص عليك نبأهم بالحق إنهم فتية أمنوا بربهم ) حيث وضعوا الجيم فوق القاف من كلمة حق.

صلى:علامة الوقف الجائز مع كون الوصل أولى نحو: ( وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) حيث وضعوا هذه العلامة فوق الواو من كلمة هو.

قلى:علامة الوقف الجائز مع كون الوقف أولى،نحو: (قل ربي اعلم بعدتهم ما يعلمهم إلا قليل فلا تمار فيهم إذ وضعوا مرة أخرى هذه العلامة فوق اللام من كلمة(قليل).

:علامة تعانق الوقف بحيث إذا وقف على أحد الموضعين لا يصح الوقف على الآخر ، نحو: (ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين). حيث وضعوا هذه العلامة فوق الياء من لا ريب وفوق الهاء من فيه.

(ط)علامة الوقف المطلق.

(ق)وقف عليه البعض.

(س)سكتة أي سكوت بلا تنفس.

(قف)قيل عليه الوقف وقيل سكوت مع التنفس.

(قفه)قيل عليه الوقف سكته.

(قلا)قيل وقف وقيل لا.

(ك)كذا كالرمز السابق.

 

المبحث الرابع والعشرون

المحكم والمتشابه

قد يطلق المحكم ويراد به الكلام المتقن الجميل النظم الحسن التعبير بحيث يكون خالصاً من الضعف في الألفاظ والمعاني.وهذا المعنى هو الذي أراده عز وجل من قوله تعالى في القرآن الكريم: ( كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آياته) وقد يطلق المحكم ويراد به الكلام الواضح الدلالة البين المعنى كما لو كان نصاً في معناه أو ظاهراً فيه وهذا المعنى هو الذي أراده عز وجل من قوله تعالى في كتابه الكريم: (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيات مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ).

والمتشابه قد يطلق ويراد به الكلام المتماثل في البلاغة والإعجاز وحسن النظم والسبك.وهذا المعنى هو الذي أراده تعالى في قوله: (اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُتَشَابِها) وقد يطلق المتشابه ويراد به الكلام غير الواضح الدلالة على المعنى المراد كالآيات المجملة التي تحتاج إلى تفصيل والآيات المؤولة التي لا تدل على معنى إلا بعد تأويلها وتفسيرها والآيات المشكلة التي خفيت الدلالة فيها للإلتباس والإبهام.وهذا المعنى هو الذي أراده الله بقوله في كتابه الشريف ( وَأُخَرُ مُتَشَابِهَات) وعليه فالنص والظاهر من أقسام المحكم بالمعنى الثاني والمجمل والمؤول والمشكل من أقسام المتشابه بالمعنى الثاني إذا عرفت ذلك فاعلم أنه لا خلاف بين كافة أصحابنا في عدم جواز الأخذ بالمتشابه بأقسامه الثلاثة من دون الرجوع إلى أهل العصمة  عليهم السلام  عدا ما يحكى عن المحدث الكاشاني،فإنه قد جوز ذلك لبعض أهل الكشف جرياً على الطريقة الصوفية،وإنما وقع الخلاف في المحكم فالذي عليه الأصوليون كافة جواز الاخذ به سواءاً كان نصا أم ظاهرا واستقامت طريقتهم على ذلك من غير نكير.وأما الأخباريون من أصحابنا،فاضطرب كلامهم في الأخذ بالمحكم واختلفوا في ذلك فمنهم من قال بعدم جواز التمسك بالقرآن مطلقاً من غير بيان من أهل العصمة  عليهم السلام . وقد حكى صاحب الحدائق في الدرة النجفية أن أول من فتح هذا الباب(الاسترابادي) صاحب الفوائد المدنية وقيل إنه يظهر من كلام الشيخ في التبيان ومن العلامة في نهاية الأصول وبعضهم من قال بجواز الأخذ بالنص من المحكم دون الظاهر ويحكى هذا القول عن صدر الدين في شرح الوافية ومنهم من وافق الأصوليين,كما يحكى ذلك عن المحدث(الجزائري)وعن(الفاضل القزويني)في كتابه شرح العدة وعن صاحب الفوائد الغروية ويدل على ما ذهب إليه الأصوليون أمور:

منها:بناء المسلمين من عهد النبي   صلى الله عليه وآله وسلم  إلى زماننا هذا على الرجوع لمحكم القرآن الكريم في معرفة أحكامهم الشرعية والقضايا التاريخية.

ومنها:قوله تعالى: (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ القرآن) فإنه يدل على حث الله تعالى على التدبير في القرآن الكريم والتفكر في معانيه.

ومنها:قوله تعالى:( ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ) فإنه لولا لزوم الاخذ به ،لما كان فيه الهداية للمتقين.

ومنها:قوله تعالى:(هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدىً وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ) فلو كان لا يصح العمل بالقرآن الكريم والأخذ به,لما كان بيانا للناس ولا فيه هدى لهم ولا موعظة للمتقين.

ومنها:الأخبار الدالة على ذلك كما في الكافي بإسناده عن السكوني عن الصادق عليه السلام  عن آبائه عن النبي   صلى الله عليه وآله وسلم  إنه قال في حديث(إذا التبست عليكم الفتن كقطع الليل المظلم فعليكم بالقرآن)وما رواه الصفار في البصائر والصدوق في المعاني والطبرسي في الاحتجاج عن الصادق عليه السلام  عن آبائه أن رسول الله   صلى الله عليه وآله وسلم  قال:(ما وجدتم في كتاب الله فالعمل به لازم لا عذر لكم في تركه)وما تواتر نقله عن رسول الله أنه قال   صلى الله عليه وآله وسلم  :(إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدا) وما روي عن المعصومين  عليهم السلام  من عرض الأخبار على القرآن فما وافق منها الكتاب يؤخذ به وما يخالفه لم يؤخذ به.فعن الصادق عليه السلام  (كل حديث لا يوافق كتاب الله فهو زخرف)فلو لم يكن المحكم حجة علينا فكيف نستطيع معرفة الموافقة والمخالفة.وقد تقدم في مبحث حجية القرآن ما ينفع في المقام.

 

المبحث الخامس والعشرون

علم تفسير القرآن الكريم

التفسير:هو البيان والكشف عن معنى اللفظ وإظهاره,من فسر الشيء إذا بينه وأوضحه بخلاف التأويل:فإنه الرجوع إلى الشيء,ومنه يقال للمرجع(مثال)من(آل)الأمر إلى كذا أي صار إليه ورجع إليه وتأويل الكلام هو إرجاعه إلى أحد المعاني المحتملة ومنه تأويل الرؤيا الذي هو تعبيرها,وقد عرَّفوا علم التفسير بأنه العلم الذي يعرف به معاني القرآن الشريف وذكروا أن موضوعه هو القرآن الشريف,وبينوا أن الفائدة منه معرفة معانيه على وجه الصحة,ولا ريب أنّ أول من فسر القرآن الكريم هو نبينا محمد   صلى الله عليه وآله وسلم  وأكثر الصحابة تفسيراً للقرآن هو علي بن أبي طالب عليه السلام  وكان عبد الله بن عباس المسمى بـ(ترجمان القرآن) قد أخذ الكثير من تفسير علي بن أبي طالب.وقال ابن مسعود إنّ القرآن نزل على سبعة أحرف ما منها حرف إلا وله ظهر وبطن وإنّ علياً عليه السلام  عنده من الظاهر والباطن.فيكون علي عليه السلام  في طليعة الصحابة الذين فسروا القرآن,ثم عبد الله بن عباس فقد كثرت منه الرواية في التفسير عنه حتى كاد يقارب النصف من الأحاديث الواردة في التفسير مسندة إليه,ثم عبد الله بن مسعود فإنه يعد بعد ابن عباس في كثرة التفسير للقرآن الكريم,وأبي بن كعب وهو أحد الأربعة الذين جمعوا القرآن على عهد النبي   صلى الله عليه وآله وسلم  والمقدم بين القراء وفي الصحابة الكثير ممن فسروا القرآن ولكن الرواية عنهم قليلة,وأجل التفاسير وأعظمها شأناً عندنا هو تفسير التبيان للشيخ الطوسي,ويأتي بعده مجمع البيان للشيخ الطبرسي:وعلى المفسر في تفسيره أن يعتمد على النقل الصحيح ويأخذ بالظاهر ولا يعتمد على التأويلات البعيدة والآراء الفاسدة وليس هنا محل البحث في تحقيق ذلك.هذا عند الإمامية,وأما عند إخواننا أهل السنة فإن في الرعيل الأول عندهم في التفسير هم:الخلفاء الأربعة,وابن عباس,وابن مسعود,وزيد بن ثابت,وأبو موسى الاشعري,وعبد الله بن الزبير,وأبي بن كعب,وكلهم من الصحابة وعلى رأس الذين قاموا بقسط وافر في التفسير من التابعين هم مجاهد,وعطاء,وعكرمة,وقتادة,والحسن البصري,وسعيد بن جبير,وزيد بن أسلم,وعلي بن أبي طلحة,وقيس بن مسلم الكوفي,وإسماعيل بن عبد الرحمن السدي الكوفي,وطاووس اليماني,ومحمد بن السائب الكلبي,وجابر بن يزيد الجعفي,وعامر بن شراحيل الشعبي. والذين ضربوا بسهم وافر في هذا الموضوع من تابعي التابعين هم عبد الرحمن بن زيد بن أسلم,ومالك بن أنس,وهؤلاء جميعا يعتبرون عند هل السنة والجماعة واضعي الأساس لما يسمى بعلم التفسير وعلم أسباب النزول وعلم الناسخ والمنسوخ وعلم غريب القرآن وغير ذلك من علوم القرآن.ويقال إن أول العلوم التي دونت في الإسلام هو علم تفسير القرآن,وإن أول الكاتبين في التفسير شعبة بن الحجاج وسفيان بن عيينة ووكيع بن الجراح وهو من علماء القرن الثاني,وكانت تفاسيرهم جامعة لأقوال الصحابة والتابعين ثم تلاهم محمد بن جرير الطبري.وأقدم التفاسير المدونة التي توجد لدينا هو تفسير فرات الكوفي من علماء القرن الثالث المطبوع في النجف الأشرف  وتفسير القرآن العظيم لأبي محمد سهل بن عبد الله التستري المتوفي سنة 283 هـجرية المطبوع في مصر وتفسير علي بن إبراهيم القمي وتفسير بن جرير الطبري وتنوير المقباس من تفسير بن عباس لصاحب القاموس وفي(الإتقان) للسيوطي إن أول كتاب ظهر في التفسير كان لسعيد بن جبير المتوفي سنة 64 الهجرية.ومما يناسب الإشارة إليه في هذا الباب ما يحكى عن أبي زكريا بن عدي المتوفي سنة 364 هجرية وكان من أكبر فلاسفة القرن الربع ومذهبه على ما قيل النصارى اليعقوبيين من أنه نسخ بخطه نسختين من تفسير الطبري للقرآن الكريم.

 

المبحث السادس والعشرون

كيفية نزول القرآن الكريم

المراد بالنزول هو ظهور القرآن المجيد بحسب الاحتياج إليه بواسطة وحي جبرائيل عليه السلام  للنبي الكريم   صلى الله عليه وآله وسلم  وإطلاق النزول على الظهور إطلاق مجازي,والمجاز بابه واسع وميدانه فسيح,وهو باعتبار أن ظهوره كان بسبب نزوله من العالم العلوي إلى العالم السفلي.ثم أن ابتداء نزول القرآن الكريم في السابع والعشرين من رجب عند الإمامية بأجمعهم,وأما عند أهل السنة فقد ذهب علماؤهم إلى أن ابتداء نزول القرآن في ليلة القدر لقوله تعالى:(إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ) وكان ذلك في شهر رمضان لقوله تعالى: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ القرآن) وتوضيح الحال أن القرآن قد نزل من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا فحفظته الملائكة الحفظة وكتبته الملائكة الكتبة,ثم أنزل إلى الأرض نجوماً أي قطعاً متفرقة لقوله تعالى : (وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْث) فكان القرآن ينزل على النبي   صلى الله عليه وآله وسلم  على شكل قطع متفرقة,فقد ينزل منه سورة بأجمعها كالفاتحة والمدثر,وقد ينزل منه آية واحدة أو خمس آيات أو عشر آيات.وكانت تنزل حسب الأحداث والوقائع والمناسبات الفردية والاجتماعية وما زال الأمر كذلك حتى بلغ القرآن الكريم هذا المبلغ من الآيات والسور.

هذا ما ذكره علماء نزول القرآن وهو يرجع إلى أن القرآن له تنزلات ثلاثة:

التنزل الأول:من ذات الله المقدسة إلى اللوح المحفوظ بدليل قوله تعالى: (بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ) .

التنزل الثاني:من اللوح المحفوظ إلى سماء الدنيا فحفظته الملائكة الحفظة وكتبته الملائكة الكتبة بدليل قوله تعالى: (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَة) وقوله تعالى: (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْر) وقوله تعالى: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ القرآن) فإن هذه الآيات الشريفة ظاهرة في كون القرآن الشريف . نزل مجموعة وكله دفعة واحدة في هذا الوقت وفي هذا الظرف الخاص,وهذا المعنى لا يتصور في نزوله على صدر نبينا لأنه لم يكن قد نزل على نبينا دفعة واحدة بمجموعه وكله فلابد من أن يكون المراد نزوله من اللوح المحفوظ إلى سماء الدنيا المسمى ببيت العزة وبعبارة أخرى إنا نقطع بأنه غير مراد من هذه الآيات الكريمة نزوله على النبي لأن نزوله على النبي كان متفرقاً في شهر رمضان وفي غيره ولم يكن في ليلة واحدة فلابد من أن يكون المراد بهذه الآيات هو نزوله من اللوح المحفوظ إلى سماء الدنيا المسمى ببيت العزة وكان ذلك في ليلة واحدة هي ليلة القدر الواقعة في شهر رمضان.

التنزل الثالث:هو نزوله بواسطة جبرائيل على النبي   صلى الله عليه وآله وسلم  قطعا متفرقة والدليل عليه هو بداهة نزوله على صدر النبي   صلى الله عليه وآله وسلم  كذلك وإجماع المسلمين عليه,وقوله تعالى في سورة الشعراء: (نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ) هذا ما ذكره القوم ولكن يمكن أن يقال: إن للقرآن تنزلين فقط :-

التنزل الأول:من ذات الله المقدسة إلى اللوح المحفوظ والآيات الثلاث المتقدمة ناظرة إلى هذا التنزل.

والتنزل الثاني:هو تنزله من اللوح المحفوظ بواسطة الوحي على نبينا محمد  صلى الله عليه وآله وسلم  ولعل الاعتبار يساعد على ذلك ولعل ما ورد في الأخبار من ذكر نزوله إلى سماء الدنيا هو نزوله إلى اللوح المحفوظ.وتحقيق ذلك وتنقيحه ليس يترتب عليه أثر شرعي والله أعلم بالصواب.ثم إن المنزل به على النبي   صلى الله عليه وآله وسلم  هو تلك الألفاظ بتلك الهيئات من أول الفاتحة إلى آخر سورة الناس,وهي كلام الله وحده خلقها وأوجدها ولا دخل لجبرائيل ولا لمحمد في إنشائها وترتيبها لقوله تعالى: (وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى القرآن مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ) فليس لجبرائيل ولا لرسول الله   صلى الله عليه وآله وسلم  في هذا القرآن سوى حكاية ألفاظه.ثم إن عند الشيعة أن نزوله على نبينا   صلى الله عليه وآله وسلم  كان في مدة عشرين سنة كما في الكافي وفي من لا يحضره الفقيه والمشهور عند العامة كان نزوله بمدة ثلاث وعشرين سنة تدريجاً.ثلاث عشرة سنة منها في مكة وطنه الذي ولد فيه وربى ونشأ فيه,وعشر سنين بعد ذلك كان يقيم بالمدينة بعد هجرته   صلى الله عليه وآله وسلم  من مكة.وعن ابن عباس أنه بعث رسول الله لأربعين سنة فمكث في مكة ثلاث عشرة سنة يوحى إليه ثم أمر بالهجرة إلى المدينة فمكث فيها عشر سنين ومات وهو ابن ثلاث وستين سنة وبعضهم قدر نزول القرآن بخمس وعشرين سنة,ولعل سبب هذا الاختلاف هو الاختلاف في مدة اقامته   صلى الله عليه وآله وسلم  بمكة المكرمة. إذ لا ريب في أن مدة نزول القرآن كانت من مبعثه   صلى الله عليه وآله وسلم  إلى قرب انتهاء حياته.

وقد اختلفوا في مقدارها من عشرين أو ثلاث وعشرين أو خمس وعشرين عاماً تبعا للخلاف في مدة إقامته في مكة بعد البعثة في أنها كانت عشر سنين أو ثلاث عشرة سنة أو خمس عشرة سنة.أما مدة إقامته بالمدينة فعشر سنين اتفاقاً.

وإلى القارئ الكريم ننقل رواية العياشي,فإنها تعطينا صورة عن حالة النبي عند نزول الوحي بالقرآن عليه قال في مجمع البيان في سورة المائدة:روى العياشي بإسناده  عن عيسى بن عبد الهاشمي عن أبيه عن جده عن علي عليه السلام  قال كان القرآن ينسخ بعضه بعضاً,وإنما يأخذ من أمر رسول الله بأخذه وكان من آخر ما نزل عليه سورة المائدة نسخت ما قبلها ولم ينسخها شيء لقد نزلت عليه وهو على بغلة شهباء وثقل عليه الوحي حتى وقفت وتدلى بطنها حتى رأيت صرتها تكاد تمس الأرض وأغمى على رسول الله   صلى الله عليه وآله وسلم  حتى وضع يده على رأس شيبة بن وهب الجمحي,ثم رفع ذلك عن رسول الله فقرأ علينا سورة المائدة.

الحديث:ولا ينافي هذا الحديث ما تقدم منا من أن آخر سورة نزلت سورة (إذا جاء نصر الله)لأن هذه الرواية جعلت سورة المائدة من السور التي نزلت أخيراً على النبي بقرينة(من)في قوله(من آخر)لأنها لبيان الجنس.

 

المبحث السابع والعشرون

علم إعجاز القرآن

ليس بأيدينا من كتب المتقدمين في هذا الموضوع إلا كتاب دلائل الإعجاز لعبد القاهر الجرجاني المتوفي سنة 471 الهجرية,وأحسن من تعرض لهذا الموضوع وكتب عنه كتابة تسحر الألباب وتذهل النفوس يقف البليغ والفصيح منها موقف الاعجاب  والذهول. هو عمنا المرحوم الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء فقد راح  رحمه الله  يتحدث عن الإعجاز بأسلوب شعري يستهوي المشاعر ويرشدها إلى جمال نظم القرآن الكريم في كتابة(الدين والإسلام)في الجزء الثاني تحت عنوان(محمد)وقد رأيت نقله في هذا المقام لأهميته واحتياج القارئ لمعرفته فإليك ما خطه بنانه في بيان ما اشتمل عليه القرآن من مواد العلوم والأخلاق والفصاحة والبلاغة قال  قدس سره  إن رسول الله   صلى الله عليه وآله وسلم  محمد بن عبد الله,قد ادعى النبوة وتحدى على قومه بالمعجزة وطلب من أهل زمانه المعارضة.وأتى بما هو الشائع في وقته,والمتنافس عليه عند قومه وما يتفاخرون بإتيانه,ويترفعون بشأنه من الكلام الفصيح.والقول البليغ وكانت بلدته أملك البلدان لاساطين تلك الصنعة وأجمعها لمشاهير تلك البضاعة والسلعة.وزمانه أبهج الازمنة بمهرة الكلام وقد اجتمع منهم في أيامه وما قاربها ما لم يجتمع في غيرها من الأزمنة والأيام. ولما دعاهم إلى تلك الدعوة المقدسة طغوا وبغوا أشد البغي عليه وشق ذلك عليهم غاية المشقة حتى تخاوصوا بحماليق الحنق إليه(1) وما دعاهم إلا إلى هداهم ومذ كذبوه تحداهم,وما تحداهم إلا بالمألوف لهم والمعتاد لديهم,المأخوذ عنهم والمسوق إليهم الذي يمسون ويصبحون عليه,ويروحون ويغدون إليه,لا بأمر لم يمارسوه,وحال لم يعرفوه,من علوم غامضة وأسرار خفية طبيعية أو رياضية.ولم يزل   صلى الله عليه وآله وسلم  يتقاضى منهم ذلك ويلح عليهم في ما هنالك بأنحاء شتى وطرق مختلفة وعبارات متفاوتة.حتى اعترف بالعجز عرّيفهم وتلدد تليدهم(2) وطريفهم.وصقع مصاقعهم وأشاع شنائعهم, وكسد بضائعهم,وعاد لبيدهم بليدا وشيبتهم وليدا وقائمهم حصيدا,وعالمهم أبا جهل وسهيلهم على السهل,وعتبتهم اعتاهم وأبو لهبهم أخمدهم وأخزاهم وعبد شمسهم آفل,ونابغتهم خامل,وحي أخطبهم ميتا وابن أبي معيطهم أخفضهم صوتا,وهشامهم مخزوما,ومخزومهم مهشوما,وسراتهم أسارى,وكبارهم من الصغار صغارا,قد وسموا جباههم بنار العار والعيار,ورسموا على محاسنهم وسم السوء بالذل والصغار وجعلت كلماته في أعناقهم أغلالا فظلوا لها خاضعين,وطاشت ألبابهم فقالوا ما هذا إلا سحر مبين.ثم قنع منهم بعشر سور من سوره المنزلة,ثم تنزل معهم وهو الرفيع إلى أدنى منزلة,فقنع منهم بأن ياتوا بعشر آيات فأجمعوا أمرهم وما كان عاقبة جمعهم إلا إلى الخيبة والشتات وحين بدت عليهم المفحمة البليدة,رضي منهم بسورة واحدة فالتجؤوا إلى مفاوضة الحتوف عن معارضة الحروف,وعقلوا الألسنة والعقول وأعتقلوا الأسنة والنصول.ورضوا بكلم الجراح عن الكلم الفصاح وفروا إلى سعة آجالهم من ضيق مجالهم وتنصلوا بنصالهم ورأوا أن ذلك أقوى لهم من أقوالهم حتى هلكت على ذلك طواغيتهم وفراعنتهم وتفانت فيه عفاريتهم وثعابينهم,ودرجت وتحطمت قرومهم(1) وقرونهم وباءت بالوباء والوبال عليهم أعوامهم وسنينهم,وتبدلوا بعز الملك ذلا وما انجلت غبرة الضلال عن جبهة الحق إلا وهم بأسرهم أسرى أو قتلى إلى أن عادت كلمة الله العليا وكلمة أعدائه السفلى,كل ذلك فرارا عن المعارضة ونقضا لحبال الرد والمناقضة تشهد لك بذلك التواريخ والسير والآثار والعبر من جميع الأمم المليين لا خصوص المسلمين والمنتحلين كيف ولو كان لبان,ولو وجد لحصله الوجدان ولتعين أن يقع عليه العيان,إذ الدواعي متوفرة على نقله أشد الوفور متوجهة إلى اذاعته ونشره من ذلك اليوم إلى يوم النشور,فإنه صلوت الله عليه قد زاحم جميع ملوك الأرض,واستطالت دعوته في الطول والعرض وناطحت كباش كتائبه جميع الأمم  من العرب والعجم وكاسر كسرى وقيصر وبلغ بريد محبراته البر والبحر وانتصر بالله على اليهود والنصارى وحلق نسر قهره حتى اصطاد الصقور والحبارى,وقد حفظ الله شريعته وأعلى كلمته,في جميع ذلك يدعو إلى كتابه ويتحدى بمعجز خطابه,فلو نوقض أو عورض لخفت مؤونته ولهانت بلواه,ولبطلت وحاشا ساحته المقدسة دعواه ثم لم تزل تلك المعجزة الباهرة والآية القاهرة.باقية على مر الدهور وخوالي الأعوام ومواضي الحقب والأيام,لا تزاد على طول المدة إلا جدة,وعلى شدائد الجاحدين والمنكرين إلا شدة,ولا يزيدها التكرار والاستملاء,إلا حسنا وبهاء وجاء وما تصدى في الأزمنة المتأخرة عن زمان نزوله لمعارضته,إلا مأفون الرأي ما ئق العقل.حتى أن من الأعاجيب,وأي شيء منه تقدست آياته ليس بعجيب أنك ترى الرجل في جميع المقامات من النظم والنثر والخطب كخطيب مصقع.فارسا في كل حلبة ولدى كل موضع,فاذا تصدى من أجل ضعف في دينه أو خور في عود يقينه,أو زندقة في هواه أو وصم عهار في عصاه,إلى مقاومة ذلك المقام.ومعارضة معجز ذلك النظام,أفحم وتبلد,وأبكم وتلدد هذا مسيلمة وسجاح وأمثالهم من الأولين,والمتنبي والمعري وأضرابهم من الآخرين كل بزعمه جاء بقرآن وبينات,وسور وآيات ولكن دونك فاضرب فكرك في ما يحكى عنهم من تلك المزخرفات,فهل تجد إلا ما يضحك الصبيان في مكاتبها,وتسخر ربات الحجال منه في مضاربها,ولعمر الله ولعمر الله قسم عظيم,أن هذا الكتاب الكريم,والفرقان العظيم.لو أبدت عجائبه جميع الأنام,بجميع الطروس والأقلام في ذكر معجزاته الدهور والأعوام ،لما جمع من عظيم قدره إلا أقل مقدار,ولا وقع صيرفي المعرفة من نحو اعشاره إلا على عشر معشار.

هذه العزة والمنعة,والسمو والرفعة,والحمد والثناء,والمجد والبهاء,العَجَبُ والعُجَب(1) والإطراء والطرب والإعجاز والغلب,وما يقصر عنه اللسان ولا يحيط به البيان,ولا تصل إليه الأذهان إنما هو في إحدى طوائله,وأدنى فضائله,وأول آياته.وأسهل معجزاته,وهي معجزة الأسلوب والبيان,هي الصياغة والنظام هي التركيب والانسجام هي الأقوال والكلمات,هي فرائد الألفاظ والمفردات,هي جهة التعبير بنفسه مع قطع النظر عن سائر الجهات أما لو صرفنا الأفكار,وعطفنا الأنظار,إلى ما في تلك المباني من الأسرار والمعاني,والحقائق والدقائق والمعارف واللطائف والأغراض والمقاصد,والمصادر والموارد,وما أحاط به من الشأو المنيع.بنكات المعاني والبيان والبديع,فهناك تنقطع الإشارات , وتحيا العبر وتموت العبارات,هناك تحار العقول وتذهل النفوس,هناك تخضع الرقاب وتطأطأ الرؤوس هناك العضات والزواجر والنواهي والأوامر.هناك هبة الملكوت وهيبة الجبروت ولوامع حضائر القدس,وطوالع محاضر الأنس,هناك الفزة والهزة,والعظمة والعزة والنفائس والبزة,القرآن المجيد الفرقان الحميد,الوعد والوعيد,الترغيب والترهيب,التعليم والتأديب التصفية والتهذيب,التبعيد والتقريب,الأمثال والحكم,الحظوظ والقسم,  البلايا والنقم والنعيم والنعم,ووقائع الله في الأمم, وما أصابها من النكال والبلاء,في تكذيبها الأنبياء,وما حل بالظالمين,من أهل السموات والأرضين,حرية العقل والمعقولات, توسعة نطاق العلم والمعلومات,روابط عرى الأخوة والمساواة,عواطف المروة والمواساة,الشرائع الإلهية القوانين السياسية,الفنون الطبيعية والرياضية,الحكمتان العلمية والعملية,دقائق أسرار التوحيد,حقائق أنوار الثناء والتمجيد,الرقى والعزائم,المغيبات والملاحم,التسخيرات والطلاسم,أخبار الصدق عن المغيب,أنوار الحق بلا ريب,أسباب السعادة والنجاة,أبواب الدعاء والمناجاة, علوم الأديان والأبدان,حقائق المعرفة والإيمان,الجفر والرمل وأمثالها من أسرار طبائع الحروف.إلى غير ذلك مما لا يحصيه للرائي من عيون الرجال ألوف,فكم ثمّ من معادن وكنوز تحت إشارات ورموز,كل ذلك في كلام يدل بنفسه على نفاسة قائله,وجلالة جاعله,وملاءة ممليه ونفوذ مشيئة منشية ويميح اليقين ويزيح الشكوك,بأنه كلام قاهر قادر,هو سلطان السلاطين,وملك الملوك,فجاء ملء إهاب الهيبة والفخامة وحشو ثياب العظمة والكرامة,يعرف ذلك من له أدنى معرفة بعلوم العربية والفنون الأدبية,فيا من ذاق منها ولو جرعة,واستضاء منها ولو بلمعة,أقصد بندائي,وأخص بدعائي.علماء المسيحية وأحبار النصرانية,الذين فجروا اليوم من العربية جدأول وأنهارا،وجلوا من خرائدها ثيبات وأبكارا,وأجروا المحيط بأقرب الموارد من قاموس لغاتها,وجاءوا بالوسيط والبسيط في مجمع البحرين من حريري مقاماتها,إلى غير ذلك مما ينيف على الألوف في العربية من مؤلفاتها,وأنا ملتمس سائل,ولكل واحد منهم قائل إلا بذمة الإنصاف عليك,إلا بما أسدى الخلق والحقيقة من الفضائل إليك,ألا بحرمة شرف الإنسانية ألا بذمة دين النصرانية,ألا بالمروءة والكرم,ألا بشرف العلم والتعلم,ألا بحقوق البشرية ألا بالجامعة العصرية,ألا بعلاقة أدبية,ألا بروابط عرى العربية ألا بوحدة السنخية,ألا بجدة الجنسية,ألا بالجامعة الكتابية ألا بالعرفان واليقين ألا بالتمدن والدين ألا ببيت اللحم المعظم ألا بروح القدس ومريم ألا بكل الأقانيم ألا بالعلم والتعليم ألا بيوحنا وبولس ألا بالمسجد المقدس,ألا بكل الأناجيل أقسمت عليك إلا ما طالعت وتطلعت.وراجعت ما استطعت,ورفعت عصابة العصبية عن عين بصيرتك,وأحضرت الإنصاف وطلب الحق في طويتك راغبا في إصابة الحق لك كان أو عليك,واضعاً في التأمل رأسك بين ركبتيك.متوسعا في الفكر والتدبر مجالا.ناظرا في قوله تعالى: (وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاءُ وَقُضِيَ الْأمر وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْداً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) أنظرها وهي في مقامها واختبرها في عقد نظامها,ثم استقصاها أثرا،وتعرفها خبرا وخبرا.ثم انظر ماذا تسمع وماذا ترى.أما هذا الضعيف الذي لا يذكر،والطفيف الذي هو أحقر من أن يستحقر.على ما في الذهن من الخمود،وما بالقريحة من الجمود أجدني عند ذلك وكأني قد امتلأت نوراً،وأوشكت ان تجافي عن الأرض خفة وسرورا،ولربما تنوبني الفزة،ويصيبني مثل الرعشة والهزة،وأحس من نفسي معنى لا أستطيع عنه تعبيرا،وحرية حال تسترقني فلا أملك لها تحريراً،ولو ذهبت إلى ما في خصوص هذه الآية الباهرة،ومظهر القدرة القاهرة،ومن الإيجاز والإعجاز وشرف المعاني والمباني وبلاغة التفريع والترتيب، وفصاحة النظم والتركيب،وما اشتملت عليه من أنواع البديع،وغرائب الأساليب . لما أجزتني الجزوات بل احتجت إلى مجلدات،وقد قامت عنا مهرة الصناعة وحملة تلك البضاعة بكثير هو منها قليل وحقير بالإضافة إليها وإن كان في نفسه جليل.ولا تحسين إن هذه الآية الكريمة عديمة النظائر والأضراب في ذلك الكتاب،ضع نظرك أنى شئت من بيناته.وسرح فكرك في أية آية أردت من محكماته تجدها لتلك شقيقة إن لم تكن بالتقدم حقيقة: (وَمَا نُرِيهِمْ مِنْ آيَةٍ إِلَّا هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِهَا) أو حاكية في الإعجاز عنها.و (مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا) وما هي بواحدة ولا اثنين ولا ولا.هاك انظر في قوله عز من قائل وعلا (يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَاباً وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئاً لا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ) الله اكبر وسبحان الله ألفا ألفا،عدد ما أنزل الله حرفا حرفا. ما ادري ماذا أجرى قلم القدرة. وماذا أنشأ لسان القوة وماذا حوى وحمل لوح العظمة والسطوة،يمينا بمفيض هذا الشابيب ومبدع تلك التراكيب،ومعجز هاتيك الأساليب ما ادري كيف اسبغها وأساغها،وفي أي قالب صبها وصاغها،والى أي حد من البلاغة أنهى بلاغها. تاهت العقول،وتناهت الألباب وعجزت الأفهام،وحجزت الأوهام  وكلت الألسن وأعشت الأعين،وانقطعت العبارات وامتنعت الإشارات،فنكصا على الأعقاب،وحصا لأجنحة الألباب ،يا هل ترى كيف ابتدأ براعة استهلالها بعموم النداء ومفاجأة الدعاء وعقبه بطلب الإصغاء والإنصات،والاستماع والالتفات،إشعارا في صدر الكلام وقبل الشروع في المرام،إن ما هنالك شيء عجيب،وشأن غريب.هو بمثابة من العجب والغرابة،وأما وعيش أبيك أن ذلك لكذلك أفليس أمرا عجيبا يذر الولدان شيبا،أن ترى من ذوي العقل جماعة،يخصون بالعبادة وينقادون بالطاعة،لمخلوق مثلهم قطعاً لا يملك لنفسه فكيف لغيره ضراً أو نفعاً،وهو من الضعف والعجز في حال يعجز عن صنع مثل اصغر الحيوانات،بل أخس الهوام والحشرات،تلك التتمة بل التكملة المهمة وهي قوله تعالى: ( وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ) فإنه بمحل ومكان لا يأتي عليه الحسن ولا الاستحسان,ثم انظر إلى ما وراء ذلك من الترقي والمبالغة زيادة في التشنيع والتقريع لهم والتفضيع في عبارة ذلك الخلق الوضيع وهو قوله تعالى: ( وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئاً لا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ) فإنه الغاية في إهانتهم,والكشف عن عجزهم ومهانتهم,وما هو من المبالغة والإغراق الذي هو فوق الواقع,بل ترق في تصريف المعاني على نحو من البيان بديع بارع.ثم انظر كيف عقب ذلك بما يزيد الحال في الشناعة والفضاعة,وأعطى فذلكة المقام فلخص أجمل,في كلمة ضربها ضرب المثل فقال عز شأنه,(ضعف الطالب والمطلوب) ثم بعد استيفاء الغرض من تصوير تلك الحالة الهائلة,والكشف عن غاية قبحها وشناعتها وأنها معبودات باطلة. أوصل القول بذكر المعبود بالحق وجهلهم به وتقصيرهم في طاعته وقصورهم عن تعظيمه ومعرفته كما هو واجب حقه,وعلى ما ينبغي من عظيم شأنه,فقال جلّت عظمته وعلت كلمته(وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِه) ونظرا إلى إلصاقها بالكلام الأول وشدة ارتباطها به لم يفصل بينهما وبينه حتى بحرف العطف لتظهر المقابلة ولتبين المباينة. ويتضح الفرق ويتجلى الحق.وحيث كان الشأن والغرض المقصود بالبيان,هو إظهار عجز تلك المعبودات من دونه تعالى وضعفها وضعتها ناسب أن يجعل ختام الكلام بذكر تأكيد القوة والعزة له واختصاصهما به لتجمع بين حسن الابتداء وحسن الختام فقال عزة عظمته وعظمت عزته: ( إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ) عزت اللهم آلاؤك وعظمت نعمائك أثني عليك ممجدا,وأمجدك موحدا,وأوحدك بالعبودية.وأعبدك بالوحدانية, وأنا وما أنا بل جميع الفصحاء والبلغاء وأئمة الكلام.جباهنا في السجود لآياتك موضع الأقدام اعترافا وإذعانا.وإيمانا وإيقانا.إلى غير من عظيم مزاياها وعلى ما ذكرناه فقس ما سواها.وقد أعجزنا استيفاء خواصها ولطائفها,ومعجز بلاغتها وفصاحتها, وذاك يا ابن ودي ما لعلك سمعته من الأمر الذي هو فوق طوق البشر ووراء طور العقل وما أكثر أمثال هذه الآية من معجز آياته.وزبر بيناته.مما لا يتسع  لعده وسعي وفراغي.ولا يبلغ أدناه أقصى جهدي وبلاغي,لا واستغفر الله واستعفيه وأتوب إليه وأستكفيه من كل حمدي وثنائي,وجميع مدحي وإطرائي وما جمعت وأوعيت, وكدحت وسعيت . فقد تقحمت يا خراشة على منيع سور وتهجمت يا فراشة على بركان نور،فما أجراك يا هذا على أن تخترق،وما أحراك بأن تحترق،ومن أين وأنى،وكيف لي أن أتسنم أو أتسنى لصعود تلك المزالق،ورقي هاتيك الشواهق والوصول إلى تلك الرقائق والحقائق من بيان عظمة القرآن وما فيه وإعجازه في مبانيه ومعانيه وذكر علومه وتعاليمه،وشرف مناطيقه ومفاهيمه.

 

المبحث الثامن والعشرون

الناسخ والمنسوخ

النسخ:لغة يطلق على معاني.

منها:الازالة ومنه نسخة الشمس الظل أي أزالته,وفي الاصطلاح إزالة حكم ثابت في الشريعة الإلهية بواسطة انقضاء زمانه وأمده كما أزالة الشريعة الإسلامية الصلاة من بيت المقدس إلى الصلاة إلى الكعبة.ولا ريب في وقوعه في الشريعة الإسلامية كالمثال المتقدم ولكن وقع الاختلاف في نسخ  بعض الآيات القرآنية الشريفة وفي كتب التفسير المطولة إشارة إلى تلك الآيات وقد جمع الآيات المدعى نسخها أبو بكر النحاس في كتابه(الناسخ والمنسوخ)فبلغت(138)آية وتحقيق هذا المبحث وتنقيحه يطلب من كتب علم أصول الفقه.

المبحث التاسع والعشرون

ما يدعى به من آيات القرآن الكريم

إن ما يدعى به من آيات القرآن الكريم في القنوت وغيره وفي بعض الأحوال المناسبة آيات كثيرة,نذكر منها ما وجدناه بخط جدنا الأعلى الشيخ هادي صاحب كتاب مستدرك نهج البلاغة وما أخذناه عن غيره وقد أضفنا لكل ذلك بعض ما وصل إلى ذهننا القاصر وللقارئ أن يستنبط الدعاء منها.

سورة الفاتحة

1.اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ

سورة البقرة

1.رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ

2.سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ

3.رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلا تُحَمِّلْنَا مَا لا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ

4.رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَداً آمِناً وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِر

5.رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ

6.رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ

7.( رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّار

سورة آل عمران

1.رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ

2.رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ

3.(قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ )تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَنْ تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ

4.رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ

5.رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ

6.رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أمرنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ

7.رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ

8.رَبَّنَا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ

9.رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِياً يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ

10.رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ

سورة النساء

1.رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيّاً وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيراً

سورة المائدة

1. رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ

2.اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيداً لِأولنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِنْكَ وَارْزُقْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّازِقِين

 

سورة الأعراف

1. رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ

2.رَبَّنَا لا تَجْعَلْنَا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ

3. رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ

4.رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ

5.رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِأَخِي وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ

سورة يونس

1ـ   (عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا لا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ وَنَجِّنَا بِرَحْمَتِكَ مِنَ الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ).

2ـ   (وَقَالَ مُوسَى رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالاً فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ).

سورة هود

1.قَالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخَاسِرِينَ

2.إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ

سورة يوسف

1.رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ

سورة إبراهيم

1. رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ

2.رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ

3.رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ

4.رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ

سورة الإسراء

        1ـ    (رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً).

        2ـ   (رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطَاناً نَصِيراً).

سورة الكهف

1ـ   ( رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَداً).

سورة مريم

         1ـ    ( رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيّاً ) .                   

2ـ   ( فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيّاً).

3ـ  (وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيّاً).

سورة طه

1ـ  (قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي  وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي  وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي يَفْقَهُوا قَوْلِ

   2ـ (وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً).

                   سورة الأنبياء

(رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ).

2ـ   (ُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ).                            سورة المؤمنون

1ـ  (وَقُلْ رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلاً مُبَارَكاً وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ).

2ـ  (رَبِّ فَلا تَجْعَلْنِي فِي الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ).

3ـ  ( رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ).

4ـ  (وَقُلْ رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ)

5ـ  (وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ).

                سورة الفرقان

1ـ  ( رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَاماً).

2 ـ  ( رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً).

                            سورة الشعراء

1.رَبِّ هَبْ لِي حُكْماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ  وَاجْعَلْنِي مِنْ وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ وَاغْفِرْ لِأَبِي إِنَّهُ كَانَ مِنَ الضَّالِّينَ وَلا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ

2.قَالَ رَبِّ إِنَّ قَوْمِي كَذَّبُونِ فَافْتَحْ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ فَتْحاً وَنَجِّنِي وَمَنْ مَعِيَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ

3.رَبِّ نَجِّنِي وَأَهْلِي مِمَّا يَعْمَلُونَ

سورة النمل

1.فَتَبَسَّمَ ضَاحِكاً مِنْ قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ

2.قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ

سورة القصص

1.رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي

2.رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ

3.  رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ

4.رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيراً لِلْمُجْرِمِينَ

سورة ص

1.قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ

سورة القمر

1.فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّيمَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ

سورة الحشر

1.رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْأِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ

2.رَبَّنَا لا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ

سورة التحريم

1.رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ

سورة نوح

1. رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّاراً

2.رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِناً وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَاراً

 

المبحث الثلاثون

ما يحتاجه المجتهد من القرآن الكريم

المجتهد من حيث اجتهاده يحتاج القرآن لاستنباط الأحكام منه لاحتياجه إلى معرفة الآيات الدالة على الأحكام,وأما غير ذلك من الآيات فلا يحتاج إلى معرفته لعدم تعلق غرضه به والذي يدل على الأحكام من الآيات خمسمائة آية تقريبا المعبر عنها بآيات الأحكام وقد ألف فيها جماعة من القوم وقد ذكر بعضهم أن الآيات التي جاءت في العبادات نحو مائة وأربعين آية وفي الأحوال الشخصية من زواج وطلاق ومظاهرة وإرث ووصية وحجر وغير ذلك نحو سبعين آية وفي الأحكام المدنية من بيع وشراء وإجارة ورهن وشركة ودين وغيرها نحو سبعين آية.وفي الأحكام الجنائية من عقوبات وجنآيات وحدود ثلاثين آية وفي أحكام القضاء والشهادات وتوابعهما عشرين آية وإذا أردت تفصيل ذلك فارجع إلى آيات الأحكام للمرحوم الاردبيلي والجزائري والمقداد والراوندي والشافعي جمع الحافظ البيهقي والجصاص وأبي بكر العربي وعبد الله القرطبي.

المبحث الحادي والثلاثون

حدوث القرآن وقدمه

اختلف المسلمون في حدوث القرآن وقدمه,فقالت المعتزلة بحدوث القرآن وقالت الاشاعرة بقدمه,ولكن الجميع اتفقوا بأن القرآن باعتبار هذا الصوغ والتأليف  والتركيب حادث لأنه قد وجد بنزول القرآن لا قبله كما أنهم اتفقوا بوصف الله تعالى بأنه متكلم,وإنما وقع النزاع بين المعتزلة والاشاعرة في ان اتصاف الله بأنه متكلم باعتبار صوغ الألفاظ وتأليفها وتراكيبها فيكون معنى متكلم هو خالق الكلام كما خلقه في الشجرة عند خطابه لموسى عليه السلام  واليه ذهبت المعتزلة.وعلى هذا فيكون القرآن حادثاً,لأن القرآن عند المعتزلة هو كلام الله وقد عرفت إن كلام الله عندهم عبارة عن الاصوات المركبة من الحروف وهي أمر حادث لأنها وجدت بعد أن كانت معدومة.أو أن تصافه بأنه متكلم باعتبار أمر آخر وراء ذلك قائم بذاته تعالى قديم بقدمه نظير اتصافه بالعلم فإن العلم قديم بقدمه وإليه ذهبت الاشاعرة وسمّوا هذا المعنى الذي ادعوا قيامه بذاته تعالى بالكلام النفسي وقالوا إنه أولى باسم الكلام كما قال الشاعر:

إن الكلام لفي الفؤاد وإنما
 

 

جعل اللسان على الفؤاد دليلا
 

 

وعلى مقالتهم فيكون معنى متكلم من قام به الكلام نظير ميت أي من قام به الموت لا من أوجده وكونه وخلقه.وعلى هذا فيكون القرآن عند الاشاعرة قديما لأنه هو كلام الله وقد عرفت أن كلام الله عندهم أمر نفسي قديم بقدم ذاته تعالى.

ونحن معاشر الإمامية نختار الأمر الأول لإنكارنا للكلام النفسي, كما حققه أساطين علمائنا في علم الأصول وعلم الكلام ولقد كان النزاع في خلق القرآن وحدوثه سببا لإثارة الفتنة في عصر المأمون فقد ذكر التأريخ أن فتنة خلق القرآن ظهرت سنة 218 هجرية وقد حمل المأمون الناس فيها على القول بخلق القرآن فأرسل إلى والي بغداد وهو في حملته الاخيرة على الروم,بأن يجمع كبار العلماء والفقهاء ويمتحنهم في هذه المسألة الخطيرة ويرسل إليه اجابتهم وقد تأثر الكثير من العلماء في مجلس المناظرة حتى أظهروا القول بخلق القرآن إلا أن البعض بقي ثابتا على عقيدته بأن القرآن غير مخلوق كأحمد بن حنبل صاحب المذهب الحنبلي,الأمر الذي أوجب حمله مكبلا إلى معسكر الخليفة بالحديد وأرسل عشرون من العلماء تحت خفارة وحراسة لينتظروا في طر سوس عودة المأمون من حروبه ولكن جائتهم الأنباء في أثناء سيرهم في الطريق بموت المأمون وبقت الفتنة مستعرة إلى سنة 233 هجرية وهي السنة التي أبطل فيها المتوكل تلك الفتنة وترك الناس أحرارا في آرائهم وقد روى ابن الاثير:أن الجعد بن درهم قد اظهر مقالته بخلق القرآن أيام هشام الخليفة الأموي,فأخذه وأرسله إلى خالد القسري أمير العراق وأمره بقتله ولكن خالد حبسه ولم يقتله فبلغ الخبر هشاما فكتب إلى خالد يلومه ويعزم عليه أن يقتله فأخرجه خالد من الحبس في وثاقه فلمى صلى خالد يوم عيد الاضحى قال في آخر خطبته انصرفوا وضحوا يقبل الله منكم فإني اريد أن أضحي اليوم بالجعد بن درهم ثم نزل وذبحه.

 

المبحث الثاني والثلاثون

لغات القرآن الكريم

لا ريب في أن القرآن قد نزل بلسان عربي مبين وهذا من خواص القرآن الكريم إذ إن الله تعالى لم ينزل كتاباً من السماء إلا بالعبرانية وربما تخيل متخيل أنه في القرآن غير العربي من لغة النبط أو العبرانية أو السريان أو القبط أو الفرس أو الروم أو الحبشة ولكن التحقيق إن ما توهم أنه من قبيل ذلك هو ألفاظ عربية وافقت الفاظ اللغات الأعجمية كما توجد بعض الألفاظ التي تتفق فيها بعض اللغات فإنا نجد من الألفاظ ما يشترك فيها لغة فارس واللغة الانكليزية والتركية والفارسية ، وكيف يعقل أن تكون تلك الألفاظ غير عربية في كتاب الله المجيد الذي أخرس الفصحاء ببلاغته وأعجزهم بفصاحته وأن يتضمن ألفاظا من غير لغته فإنّ أبسط البلغاء لا يستعمل الألفاظ الأجنبية في خطاباته لأداء مقاصده وبيان مطالبه.نعم لو كان الكلام احتاج إلى ذكر أعلام وأسماء شخصية يستشهد بكلماتهم ذكرت في الكلام لكن هذا ليس من استعمال لغة في لغة أخرى هذا مضاف إلى تصريح القرآن الشريف بأنه عربي مبين لقوله تعالى: (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) وعن ابن عباس تفسيره بلغة قريش ومن الواضح البين أن استعمال الألفاظ الأجنبية فيه ينافي عروبته البينة.وقد ذكر القوم أن القرآن اشتمل على الفاظ عربية من قبائل متعددة ومرادهم بذلك أنها استعملت في معانيها المقصودة في الكتاب الكريم بحسب وضع واستعمال تلك القبيلة في هذا المعنى المستعمل فيه دون باقي القبائل فمثلا أن لفظ (رجس)استعمل في القرآن بمعنى العذاب وهو إنما يستعمل بهذا المعنى في لغة طي على ما ذكروه ونحو(حمأ)و(مسنون)استعملا في الطين المنتن وهو لغة حمير على ما قيل ونحو(حدائق غلبا)فإن معنى الغلب الملتفة بلغة قريش وقيس وعيلان إلى غير ذلك مما ذكره القوم.ويظهر من الكتب التي تعرضت لهذا الموضوع أن القرآن اشتمل على الفاظ القبائل العربية الجنوبية القحطانية والشمالية العدنانية أما القحطانية الجنوبية فهم الاوس وحمير وحضرموت وخثعم والأزد وخزاعة والخزرج وسبأ ودوس وسعد العشيرة وطي وكنانة وأزد شنوءة وأشعر وجرهم وغسان وكندة ولخم ومذحج وهمدان فإن أصل هذه القبائل من الجنوب وأما القبائل الشمالية العدنانية فهم قريش وتغلب وثقيف وبنو حنيفة ومزينة وبنو عامر وقيس وعيلان وهذيل وهذه أصلها من الشمال وذكروا ن القرآن قد أخذ من القبائل الشمالية ألفاظاً أكثر من القبائل القحطانية وأن اشتمال القرآن على لغات العرب مما يدل على النظرة فيه إلى توحيد العرب وجعله كتابا يشتمل على ألفاظ تخص كل قبيلة من قبائل العرب يكون من مجموعه لغة واحدة للعرب جميعاً وقد ذكروا أن أكثر القبائل ألفاظاً في القرآن هي فبيلة قريش ثم هذيل ثم كنانة ثم حمير ثم جرهم.

المبحث الثالث والثلاثون

قراءات القرآن

قيل إن القبائل العربية التي نزل القرآن بلهجتها هي:

1-قريش 2-سعد 3-ثقيف 4-خزاعة 5-هذيل 6-كنانة 7-أسد 8-ضبة 9-قيس وأحلافها.

ثم تركت هذه اللغات في قراءة القرآن وأصبح يقرأ بلغة قريش وحدها فإن مثل(ضنين)بلغة قريش بالضاد بمعنى بخيل وبالضاء بمعنى متهم بلغة هذيل وكان ذلك بأمر من عثمان بن عفان لما أمر زيد بن ثابت مع رهط من قريش بكتابة المصحف بلسان قريش.وقد بينا هذا الموضوع في مبحث(جمع القرآن بعد وفاة رسول الله   صلى الله عليه وآله وسلم  فليراجع)والمصحف اليوم يقرأ على رواية حفص بن سليمان بن المغيرة الأسدي الكوفي لقراءة عاصم بن أبي النجود الكوفي التابعي عن أبي عبد الرحمن عبد الله بن حبيب السلمي عن علي بن أبي طالب عليه السلام  وعثمان بن عفان وزيد بن ثابت وأُبي بن كعب عن النبي   صلى الله عليه وآله وسلم  حسب ما هو موجود في تعريف المصاحف.

 

المبحث الرابع والثلاثون

القراء السبعة أو العشرة

المعروف إن قراء القرآن سبعة وهم:

القارئ الأول:عبد الله بن عامر الدمشقي اتخذوه إماماً في قراءته,أهل الشام ولد سنة 8 من الهجرة وتوفي سنة 117 هجرية,ويروي قراءته راويان هما هشام بن عمار وابن ذكوا ن عبد الله بن أحمد وروايتهما لقراءته بوسائط.

القارئ الثاني:ابن كثير الملكي واسمه عبد الله ولد بمكة سنة 45 هجرية وتوفي سنة 120 هجرية,والراوي لقراءته بواسطتين هما أحمد البزي ومحمد قنبل.

القارئ الثالث:عاصم بن بهدلة الكوفي توفي سنة 127 هجرية أو سنة 128 هجرية,ولقراءته راويان بغير واسطة هما حفص بن سليمان الأسدي وأبو بكر شعبة بن عياش الأسدي الكوفي.

القارئ الرابع:هو أبو عمرو البصري واسمه زبان بن العلاء بن عمار المازني البصري ولد سنة 68 هجرية وتوفي سنة 154 هجرية,ولقراءته راويان بواسطة يحيى بن مبارك هما حفص بن عمرو بن عبد العزيز الدوري والثاني السوسي المكنى بأبي شعيب والمسمى بصالح.

القارئ الخامس:حمزة بن حبيب بن عمارة بن اسماعيل الكوفي التميمي ولد سنة 80 هجرية وتوفي سنة 156 هجرية,ولقراءته راويان بواسطة هما خلف بن هشام والثاني خلاد بن خالد.

القارئ السادس:نافع بن عبد الرحمن بن أبي نعيم المدني مات سنة 159 هجرية ولقراءته راويان بلا واسطة هما قالون والثاني ورش.

القارئ السابع:علي بن حمزة الكسائي الكوفي توفي سنة 159 هجرية ولقراءته راويان بلا واسطة هما الليث بن خالد وحفص بن عمرو.

وهؤلاء القراء يسمونهم بالسبعة وألحق بهولاء القراء ثلاثة:أولهم خلف بن هشام الذي تقدم أنه يروي قراءة حمزة الكوفي بلا واسطة ولد سنة 150 هجرية ومات سنة 229 هجرية,لقراءته راويان إسحاق وإدريس.والثاني يعقوب بن إسحاق الحضرمي ولد سنة 117 هجرية وتوفي سنة 205 هجرية,ولقراءته راويان هما رويس وروح.الثالث:يزيد بن القعقاع توفي بالمدينة سنة 130 هجرية,ولقراءته راويان هما عيسى بن وردان وسليمان بن مسلم بن جمار.فالسبعة الأولى يسمونهم بالقراء السبعة والمجموع يقال لهم القراء العشرة والمشهور إن الشاذ من القراءات ما عدا القراءات السبع وقيل إن الشاذ ما عدا القراءات العشر.

المبحث الخامس والثلاثون

عدم تواتر القراءات السبع

المعروف أن القراءات السبع متواتر نقلها عن النبي   صلى الله عليه وآله وسلم  إلى القراء السبعة المتقدم ذكرهم,وإنها متواترة عنهم إلينا وإنها هي القراءات الصحيحة وإنها هي التي أشار إليها النبي   صلى الله عليه وآله وسلم  بقوله(أنزل القرآن على سبعة أحرف)أي أنه أنزل بهذه القراءات السبع.والكتب المعروفة المؤلفة فيها هما كتاب الشاطبية وكتاب التيسير حتى إن بعضهم قال ما لم يوجد في هذين الكتابين من القراءات فهو شاذ والتحقيق أن هذه القراءات السبع لا نسلم أنها متواترة عن النبي   صلى الله عليه وآله وسلم  إليهم بل هي أما أن تكون منقولة لهم عن النبي   صلى الله عليه وآله وسلم  بالآحاد وإما أن تكون اجتهادات من القرّاء أنفسهم كما إننا لا نسلِّم إنها متواترة عنهم إلينا. أما الدعوة الأخيرة فالوجدان شاهد عليها وإلا لحصل لنا القطع بثبوت هذه القراءات عنهم وأما الدعوة الأولى فيكذبها وجود قراءات كثيرة قبل السبعة,فإنه حكي عن ابن الجزري أنه قال:إنّ أول إمام معتبر جمع القراءات في كتاب هو أبو عبيد القاسم بن سلام وجعلهم فيما أحسب خمسة وعشرون قارئاً مع هؤلاء السبعة وتوفي سنة 224 هجرية وكان بعده أحمد بن جبير بن محمد الكوفي نزيل أنطاكيا,جمع كتابا في القراءات الخمس ذكر من كل مصر واحدا وتوفي سنة 258 هجرية,وكان بعده القاضي إسماعيل  بن إسحاق الأزدي الفقيه المالكي صاحب قالون ألف كتاباً في القراءات جمع فيه قراءة عشرين إماماً منهم هؤلاء السبعة توفي سنة 282 هجرية، وكان بعده الإمام أبو جعفر محمد بن جرير الطبري جمع كتاباً حافلاً سماه(الجامع)فيه نيف وعشرون قراءة توفي سنة 310 هجرية,وبعده جمع أبو بكر محمد بن عمر الداجوني كتاباً في القراءات وأدخل معهم أبا جعفر أحد العشرة وتوفي سنة 324 هجرية,وكان في أثره أبو بكر أحمد بن موسى بن عباس بن مجاهد أول من اقتصر على قراءات هؤلاء السبعة فقط وتوفي سنة 324 هجرية انتهى.

وبهذا يكون ترجيح اختيار القراء السبعة مستنداً لأبي بكر المذكور استناداً منه إلى الحديث المشهور من أن النبي   صلى الله عليه وآله وسلم  قال:(أنزل القرآن على سبعة أحرف)ولكن العلماء لم يقبلوا هذا الاختيار من أبي بكر فاستحسن بعضهم قراءة أبي جعفر المدني وآخر قراءة يعقوب البصري وثالث قراءة خلف الكوفي واعتمد الكثير من العلماء على قراءة القراء العشرة وذهبوا إلى ان كل قراءة رويت عن العشرة هي قراءة متواترة,ثم لا يخفى أن القراءات السبع كان معمولا بها في كل عصر إلى أن فاقت ثلاث منها على غيرها وهي رواية الدوري عن أبي عمرو البصري ورواية ورش عن نافع المجني ورواية حفص عن عاصم الكوفي ثم تغلبت رواية حفص على رواية الدوري وتغلبت أيضا على رواية ورش إلا في المغرب فصارت رواية حفص عن عاصم الكوفي هي القراءة المشهورة والمستعملة في أيامنا في أكثر بلاد العالم الإسلامي.وبهذا نقول إن القراءات ليست متواترة عن النبي وإنما يظن ذلك بعض العلماء فمن تعدد القراءات يعلم عدم تواتر القراءات السبع إذ لو كانت متواترة عن النبي لحصل التواتر للقراء الباقين فلا يجوز لهم لقراءة بغير السبع وأما استدلالهم بالحديث أعني حديث (أنزل القرآن على سبعة أحرف)المتقدم ذكره على إنها القراءة بالسبع فلا نسلّم أن المراد به ذلك لما ورد عن أئمتنا  عليهم السلام  إن القرآن نزل على حرف واحد وحكي عن(الإتقان)أن أبا شامة قال ظن قوم أن القراءات السبع الموجودة الآن هي التي أريدت في الحديث وهو خلاف إجماع أهل العلم قاطبة وإنما يظن ذلك بعض أهل الجهل.والحاصل إن هذا الحديث وإن أدعى بعضهم تواتره إلا أنهم اختلفوا في معناه على ما يقرب أربعين قولا وقد روي عنه   صلى الله عليه وآله وسلم  أنه قال(أُنزل القرآن على سبعة أحرف)أمر وزجر وترغيب وترهيب وجدل وقصص وفي رواية أخرى زجر وأمر وحلال وحرام ومحكم ومتشابه وأمثال,وعلى هذا فيكون المراد بالأحرف هو الإشارة إلى أقسام القرآن وأنواعه.ويدل على عدم تواتر هذه القراءات عن النبي وجود الاختلاف في المعنى بينها مثل مالك وملك فلا يعقل أن النبي قرأها بهاتين القراءتين لأن المنزل واحد منهما ثم لا يخفى أنه يجوز قراءة القرآن في الصلاة بإحدى هذه القراءات السبع للقطع بموافقة الأئمة  عليهم السلام  على قراءة القرآن بها وإلا لردعوا عنها فإنها كانت في زمان الأئمة وكان باستطاعة الأئمة  عليهم السلام  أن يردعوا عنها أو عن بعضها ويؤيد ذلك ما في الكافي ما ورد عنهم  عليهم السلام  (اقرأ كما يقرأ الناس واقرؤوا كما علمتم) فتلخص .إن الذي يصح أن يقرأ به هو المتواتر وهو ما نقله جمع لا يمكن تواطئهم على الكذب على النبي   صلى الله عليه وآله وسلم  وغالب القراءات كذلك والثاني ما وافق العربية وأعلى قواعد الفصاحة والبلاغة ووافق رسم القرآن أما ما نقل بطريق الآحاد ولم تقم بينة ولا دليل معتبر على قراءة الرسول به أو أحد المعصومين وخالف الرسم أو العربية فلا يجوز القراءة به.

المبحث السادس والثلاثون

عدم تحريف القرآن الكريم

 

التحريف هو تغيير الشيء عما هو عليه فتحريف القرآن هو تغيره عما هو عليه وهو يتصور على وجوه.(أحدها)أن يفسر القرآن بغير معناه الحقيقي بلا قرينة على ذلك ولا شاهد,فإنه على هذا يكون قد غير القرآن عما هو عليه باعتبار معناه ولا ريب في حرمة التحريف بهذا المعنى فقد وبخ الله اليهود بقوله تعالى: ( وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ) فإن المراد به تفسير الكلام بغير معناه الظاهر فيه بلا شاهد ولا دليل وقد حرف بعض أهل المذاهب الفاسدة القرآن بتفسيرهم آيات القرآن بآرائهم الفاسدة ومعتقداتهم الباطلة.(الثاني)إن التحريف بالنقص أو بزيادة أو بتبديل في الحروف أو في الحركات مع حفظ أصل الكلمة كتحريف مالك إلى ملك وكتحريف تحسسوا عن يوسف إلى تجسسوا,وهذا التحريف في القرآن جائز إذ قرأ به أحد القراء السبعة.(الثالث)التحريف بنقص و بزيادة بكلمة أو كلمتين أو في الآيات أو في السور,والصحيح عندنا عدم وقوعه في القرآن الشريف الذي هو بأيدينا فإنا نعتقد أن هذا القرآن هو الذي نزل على صدر نبينا محمد   صلى الله عليه وآله وسلم  وليس فيه كلمة زائدة ولا آية زائدة ولا سورة زائدة,كذلك ليس منه كلمة ناقصة ولا آية ناقصة ولا سورة ناقصة كما هو رأي جدنا الشيخ جعفر كاشف الغطاء في كتابه(كشف الغطاء)وسبقه إلى ذلك الشيخ الصدوق محمد بن بابويه,فإنه  رحمه الله  عدّ القول بعدم التحريف من المعتقدات الإمامية والى ذلك ذهب أيضا شيخ الطائفة بو جعفر محمد بن الحسن الطوسي في تفسيره التبيان والسيد المرتضى وغيرهم من علماء الشيعة ومحققيهم ،والدليل على ذلك قوله تعالى: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) فإنّ هذه الآية الشريفة تدل على ان القرآن محفوظ من قبل الله تعالى ومن لوازم حفظه عدم وقوع التحريف فيه,ويدل على ذلك ما رواه الفريقان من قوله   صلى الله عليه وآله وسلم  (إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي وإنهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض) فإنّ الكتاب لو كان محرفاً فلا فائدة في تركه لنا لعدم صحة الرجوع إليه لاحتمال أن كل مورد نرجع إليه قد حرف وما ورد من الروايات التي يشم منها التحريف لابد من تأويلها وينسب القول بالتحريف لأكثر الأخباريين ولعلي بن إبراهيم في تفسيره والكليني وصاحب الاحتجاج الشيخ أحمد بن علي بن أبي طالب الطبرسي,ويقال إن الظاهر من كلام المحقق القمي أن التغيير والنقصان قد وقعا في القرآن الشريف,وحيث أن الغرب قد أفتتن به بعض قراء العربية بأقواله وآمن بعض المتطرفين من شبابنا بآرائه نذكر للقارئ الكريم اعتراف فلاسفتهم ومؤرخيهم بأن القرآن الموجود بين أيدينا ليس بمحرف ولا بمغير قال نولد كي في كتابه(تأريخ القرآن)في الجزء الثاني ص93:

إن القرآن هو اليوم الكتاب الرباني الوحيد الذي ليس فيه أي تغيير يذكر.وقال(و.موير)في كتابه ان المصحف الذي جمعه عثمان قد تواتر انتقاله من يد إلى يد حتى وصل إلينا بدون أي تحريف.ولقد حفظ بعناية شديدة بحيث لم يطرأ عليه أي تغيير يذكر بل نستطيع أن نقول أنه لم يطرأ عليه أي تغيير على الإطلاق.

المبحث السابع والثلاثون

في فائدة سور القرآن الكريم                                          

أما سورة الفاتحة فهي شفاء من كل داء إلا السام,وإن كتبت في إناء طاهر ومحيت الكتابة بماء المطر وغسل المريض بها وجهه بريء وإن شرب هذا الماء من يجد في قلبه وجيبا وخفقانا زال.سورة البقرة تعلق على الموجوع والمعيون والقرع والمصروع والذي يشكو الفقر يزول ما بهم.سورة آل عمران تكتب بزعفران وماء ورد وتعلق على الشجرة تثمر وعلى المرأة تحبل,سورة النساء من دفن شيئا وضاع فليكتب منها(إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا) الآية في إناء جديد ويمحوه بماء المطر ويرشه في المكان الذي فيه المدفون يظفر به إن شاء الله,ومن قرأ منها على ثمرة ثلاثاً بعد البسملة (رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا ) الآية على المعدة الموجوعة برأت.سورة المائدة من كتبها وجعلها في منزله أو صندوقه لم يسرق له شيء.سورة الأنعام من كتب منها ليلا في قرطاس وقت السحر قوله: (وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَه) الآية وعلقها على وجع الجنب واليد برأ.سورة الأعراف  من كتبها بماء ورد وزعفران وعلقها عليه أمن من الحية والسبع والعدو والضلال في الطريق.سورة الأنفال من علقها عليه ووقف بين يدي حاكم قضى له على خصمه.سورة التوبة من جعلها في تجارته أو قلنسوته أمن من اللصوص والحريق.سورة يونس يكتب قوله تعالى:( وإذا مَسَّ الْإنسان الضُّرُّ دَعَانَا) الآية لوجع الرجلين والساقين والجنب في فخر طرية تملئ الفخارة زيتاً طيباً وتغلى على نار لينة وتدهن هذه الاوجاع بالزيت المذكور.سورة هود من نقش قوله تعالى: (وَقَالَ ارْكَبُوا فِيهَا بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا ) الآية في لوح ساج ويسمر في مقدمتها حفظ السفينة في البحر.سورة يوسف من كتبها وجعلها في منزله ثلاثة أيام وأخرجها إلى جدار البيت من خارجه ودفنها لم يشعر إلا ورسول السلطان يدعوه إلى النصرة وصار له حضوة وجاه,ومن كتبها وشربها سهل الله له الرزق من كل أحد.سورة إبراهيم عن علي عليه السلام  من به الثالول فليقرأ عليها هذه الآيات سبعاً في نقصان الشهر(ومثل كلمة خبيثة)الآية وآية(وبست الجبال بسا فكانت هباء منبثا)ومن كتبها في خرقة حرير بيضاء وعلقها على عضد الطفل أمن الفزع والبكاء والتوابع وجميع الأسواء.سورة الحجرات من كتبها بزعفران وسقاها لامرأة قليلة اللبن كثر لبنها ومن جعلها في جيبه أو عضده كثر بيعه وكسبه ورزقه.سورة النحل من جعلها في حائط بستان لم يبق فيه شجرة إلا وسقط حملها وانتشر,وإن جعلت في منزل قوم بأعيانهم وأسمائهم بادوا.سورة الاسرى من حرزها وعلقها عليه في خرقة حرير خضراء لم يخط رمية.سورة الكهف من جعلها في إناء زجاج ضيق ورش ما فيه في البيت أمن في منزله من الدَيْن والفقر.سورة مريم من جعلها في إناء زجاج نظيف في منزلة كثر خيره ومنع منه طوارق السوء ومن شربه وهو خائف أمن.سورة طه من جعلها معه ومضى إلى قوم يريد التزويج معهم زوجوه وإن قصد الإصلاح بين المتناقضين تألفوا وإن مشى بها بين عسكرين افترقوا ومن كتبها وشربها ودخل على سلطان أمن منه وأدناه.سورة الأنبياء تكتب للمريض ومن طال فكره وسهره.سورة الحج من كتبها على رق غزال وجعلها في جنب مركب أتته الرياح ولم يسلم منها ومن كتبها ورشها في موضع والٍ أو قاض لم يهنأ بعيش فيه إلا أن يخرج منه.سورة المؤمنون من كتبها ليلاً وجعلها في خرقة حرير خضراء وعلقها عليه لم يشرب الخمر.سورة النور من جعلها في فراشه الذي ينام فيه لم يحلم ومن كتبها في طشت نحاس ومحاها وسقاها للدابة المريضة ويرش عليها من الماء برئت.سورة الفرقان من كتبها ودخل على قوم بينهم بيع أو شراء تفرقوا ومن كتبها ورشها في موضع فيه هوام لم يقرب الهوام ذلك الموضع.سورة الشعراء من علقها على ديك أبيض أفرق ثم أطلقه فإنه يمشي ويقف فحيث ما وقف وجد كنزاً أو سحراً.سورة النمل من أراد أن لا يخرج عليه الدرهم اللازم فليقرأ آخر آية من النمل.سورة القصص من كتبها وعلقها على عبد أمن عليه من الزنا والهرب والخيانة وكذا إذا علقت على وجع الكبد والبطن والمطحول ومن شربها بماء المطر نفعته من جميع الأسقام.سورة العنكبوت من كتبها وشربها زالت عنه حمى الربع والأوجاع.سورة الروم من جعلها في إناء زجاج ضيق الرأس في منزل قوم اعتل من فيه وإن دخل إليه قريب اعتل.سورة لقمان تكتب لمن فيه نزف الدم والأوجاع.سورة السجدة من جعلها في منزل وال عزل في سنته ومن علقه عليه أمن من الحمى والشقيقة.سورة الأحزاب من كتبها في رق ظبي وجعلها في خفي في منزله تزوجت بناته سريعاً سورة سبأ من كتبها في قرطاس وجعلها في خرقة بيضاء وحملها أمن من الهوام ومن العقوبة والنبل والحجارة والحديد.سورة فاطر من كتب منها (إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّه) الآيتين في أربع خرق قدن جديدة طاهرة وجعلها في تجارته نمت وربحت.سورة يس من سقاها لامرأة كثر لبنها ومن حملها أمن من العين والجن ويكون كثير المنامات الصالحة.سورة الصافات من اغتسل بمائها زالت أوجاعه.سورة ص قوله تعالى: (ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ) من أكثر تلاوة هذه الآية وهو يحفر بئراً حسن نبعها.سورة الزمر من جعلها على عضده كان محبوباً في أعين الناس وأثنوا عليه خيراً.سورة غافر من كتبها ليلاً وجعلها في دكان كثر زبونه أو بستان كثرة ثمره وإن حملها ذو قروح أو دمل برئ بإذنه تعالى.سورة فصلت من كتبها بماء المطر ومحاها وسحق بمائها كحلاً واكتحل به نفع من الرمد والبياض وأوجاع العين.سورة الشورى من كتبها وشربها في سفره قل عطشه وإن رش هذا الماء على مصروع احترق شيطانه ولم يعد إليه.سورة الزخرف من سقاها للزوجة المخالفة أطاعته,وماؤها ينفع المعصوم من البطن ويسهل المخرج,ومن حملها أمن من كل شر وإن وضعت تحت رأس نائم لم ير في نومه إلا خيراً.سورة الدخان من حملها كان مهيبا محبوباً أمن من شر كل ملك,ومن شربها أمن من كل نمام,وإن علقت على طفل حين ظهوره أمن من الجن والهوام,سورة الجاثية من حملها أمن من كل محذور ومن جعلها تحت رأسه كفى شر الجن.سورة الأحقاف من كتبها في صحيفة وغسلها بماء زمزم وشربها كان وجيهاً محبوباً حافظاً.سورة محمد من علقها عليه في القتال نصر ومن شرب ماءها ذهب عنه الرعب والزجر ومن قرأها في البحر أمن منه.سورة الفتح من علقها عليه أمن من السلطان وإن علقت على حائط أو بيت لم يقربه وإن شربت المرأة ماءها زاد لبنها.سورة الحجرات إذا علقت في مكان لم يقربه شيطان وإن علقت على متبوع لم يعد إليه شيطانه.سورة ق من كتبها في صحيفة ومحاها بماء المطر وشربها الخائف والولهان والشاكي بطنه وفمه زال ألمه,وإن غسل بمائها فم الطفل الصغير خرجت أسنانه بغير ألم.سورة الذاريات إذ علقت على من أخذها الطلق وضعت سريعاً.سورة الطور ذا أدمن قراءتها المسجون خرج والمسافر أمن وحرس.سورة النجم قوله تعالى: (أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ وَتَضْحَكُونَ وَلا تَبْكُونَ  وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ) يكتب ويعلق لبكاء الأطفال .سورة القمر من كتبها يوم الجمعة وقت الظهر وجعلها تحت عمامته كان محبوباً مقبولاً.سورة الرحمن يشرب للطحال ووجع الفؤاد وتعلق على الرمد والمصروع ويكتب على حائط البيت فيذهب هوامه.سورة الواقعة تسهل الولادة تعليقاً.سورة الحديد من علقها عليه أمن من الحديد في القتال وإذا قرأت على الحديد خرج من غير ألم,وتغسل الحمرة والورم والجروح والقروح تبرأ بإذن الله تعالى,ومن حملها لم يره خصمه.سورة المجادلة تقرأ عند المريض يسكن وعلى ما يخزن يحفظ ولم يفسد ومن قرأها حفظ من كل سوء.سورة الحشر من كتبها في جام زجاج وغسلها بماء المطر وشربها وزرق الحفظ والفطنة.سورة الممتحنة تكتب ثلاثة أيام متوالية وتسقى للمطحول يزول ألمه.سورة الصف من أدمن على قراءتها في سفر حفظ فيه إلى أن يرجع.سورة الجمعة من أدمن على قراءتها ليلاً ونهاراً وصباحاً ومساءً وأمن من وسوسة الشيطان.سورة المنافقون تقرأ على الدمل يبرئ بإذنه تعالى.سورة التغابن من قرءها ودخل على حاكم وكانت خصومة بينه وبين امرأته كفاه الطلاق وإذا كتبت على سقف بيته وسحقت ورميت في بيت أو رش ماؤها في موضع لم يسكن وإن رش في موضع مسكون أثار القتال والبغضاء وربما كان الفراق.سورة التحريم تقرأ على المريض والمصروع والملسوع وعلى السهران والرجفان يذهب ما بهم ومن أدمن قراءتها لم يبق عليه دَيْن.سورة الملك تخفف عن الميت وتنجية من عذاب القبر.سورة القلم إذا علقت على من به وجع الضرس أو الصداع سكن.سورة الحاقة تحفظ الجنين تعليقاً من كل آفة,وإذا سقى الجنين منها في ساعة وضعه صار ذكياً وحفظ من الهوام والشيطان.سورة المعارج من قرأها أمن من الاحتلام والأحلام المفزعة وحفظ إلى ان يصبح.سورة نوح من أدمن على قراءتها ليلاً ونهاراً ومشى في حاجة قضيت.سورة الجن من شربها وعى كل شيء يسمعه وغلب من يناظره وهي تهزم الجن في الموضع الذي تتلى فيه ومن قرأها ودخل على حاكم أمن أو على مخزون حفظ أو أسير فك أو دين قضي.سورة المزمل من أدمن على قراءتها رأى النبي   صلى الله عليه وآله وسلم  في نومه.سورة المدثر من أدمن على قراءتها وسأل الله تعالى في آخرها حاجة قضيت أو حفظ القرآن حفظه.سورة القيامة قراءتها تقوي القلب وشرب ماءها يقوي الضعيف.سورة المرسلات من قرأها في خصومة قهر خصمه وتزيل الدمل تعليقاً.سورة النبأ من كتبها على رق ظبي بزعفران وماء ورد وحملها قل نومه وسهر وحفظ وقل قمله وإن علقت على ذراع كان فيه قوة عظيمة وشرب ماءها يزيل مرض البطن.سورة النازعات من قرأها مواجها لعدوه أو سلطانه أمنته.سورة عبس من حملها أصاب الخير في طريقه وكفى ما أهمه ومن قرأها على مدفون قد ضل عنه أرشده الله تعالى إليه.سورة كورت من قرأها على العينين يقوى بصرهما وتزول الغشاوة.سورة الانفطار قراءتها تخرج المسجون وتؤمن الخائف.سورة المطففين تقرأ على المخزون يحفظ.سورة الانشقاق تسهل الولادة تعليقاً فإذا وضعت الحامل تنزع عنها فوراً وتقرأ على الدابة تحفظ وعلى اللسعة تسكن وإذا كتبت على حائط منزل ذهب هوامه.سورة البروج من قرأها في فراشه حفظ أو على منزله عند خروجه حرس هو ومن في البيت من الأهل والمال,ومن قرأ من أولها إلى قوله(قتل أصحاب الأخدود)كفى شر الزنابير.سورة الطارق من غسل بماءها الجرح سكنت ولم تقيح ومن قرأها على أي مشروب كان أمن فيه من القي.سورة الأعلى تقرأ على الأذن  وعلى البواسير وعلى الموضع المنتفخ يزول ذلك.سورة الغاشية إذا قرأت على ما يؤكل أمن من النكد وعلى ما يؤم يسلمه الله.سورة الفجر من قرأها إحدى عشرة مرة على ما ذكره ثم جامع رزق ولداً تقر عينه به.سورة البلد يسعط من ماءها من في خياشيمه ألم وإذا علقت على الطفل أول ما يولد أمن من النقص.سورة الشمس الشرب من مائها يسكن الرجيف والزحير.سورة الليل تقرأ في إذن المصروع يفق.سورة الضحى تقرأ على الشيء المنسي يذكره.سورة الانشراح شرب مائها يفتت الحصاة ويفتح المثانة وينفع من البرودة وقراءتها على الصدر والفؤاد تسكن ألمهما.سورة التين من قرأها على طعام جعل فيه الشفاء.سورة العلق من قرأها في البحر سلم منه.سورة القدر من قرأها على ما يذخر حفظ ومن شرب من مائها وهب الله له النور في بصره واليقين في قلبه ورزق الحكمة,وإن قرأها مهموم أو مريض أو مسافر أو مسجون نال مطلبه وإن قرأت على زرع بورك فيه وإذا قرأت على دهن ورد وخلط بلبن امرأة وشرب منه صاحب البلغم نفعه ومن قرأها عند زوال الشمس مائة مرة رأى النبي   صلى الله عليه وآله وسلم  في نومه وإن كتبت في فخار حديد وغسلت بماء المطر وجعل فيه شيء من سكر وشربه من به وجع الكبد برئ بإذنه تعالى ومن أراد الحج فليلبس ثوبا جديدا ويأخذ قدح ماء ويقرأه عليه خمسا وثلاثين مرة ويرشه عليه ثم يصلي أربع ركعات بتسليمتين يقرأ فيهن ما شاء ثم يسأل الحج فإنه يرزقه.سورة البينة تسلم الحامل إذا شربت من مائها وتعلق على صاحب اليرقان وعلى صاحب بياض العين بعد أن يشربا من مائه وتدفع قراءتها شر الطعام المسموم وإذا أخذت كف تراب من مفرق أربع طرق قرأ عليه السورة ورشه بين المجتمعين على الضلالة فإنهم يتفرقون وإذا كتبت على جميع الأورام أزيلت.سورة الزلزلة تؤمن قارئها من السلطان.سورة العاديات قراءتها تطمئن الخائف الولهان والجائع والعطشان والمديون.سورة القارعة تعلق على من قل عليه الرزق.سورة التكاثر نافعة للصداع إذا قرأت عليه.سورة العصر تقرأ على المخزون يحفظ وعلى المهموم يبرئ ومن كتبها ليلة الجمعة بعد العشاء الآخرة وحملها ودخل على حاكم أمن منه.سورة الهمزة تقرأ على العين الموجوعة تبرئ.سورة الفيل من قرأها في الحرب قوي على القتال وإذا قرأت بين عسكرين انهزم الباغي فيهما وإذا علقت على الرماح التي تصادم كسرت ما تصدمه.سورة قريش من قرأها على طعام أمن من ضرره,وإن قرأها جائع قبل طلوع الشمس سهل الله عليه من يطعمه.سورة الماعون من قرأها بعد صلاة الفجر مائة مرة كان في حفظ الله.سورة الكوثر إذا ملغت الدابة فأقرأها في إذنها اليمنى ثلاثاً وفي اليسرى ثلاثاً ثم اضربها في جنبها برجلك تقم.سورة الكافرون من قرأها عند طلوع الشمس عشراً ثم دعا بما أراد استجيب دعاؤه.سورة النصر من قرأها في صلاة سبعاً قبلت وحبب الله إليه الصلاة في أوقاتها.سورة تبت تقرأ على الأوجاع والأمراض تشفى إن شاء الله.سورة الإخلاص تقرأ على العين الرمدة تبرئ بإذن الله تعالى.سورتا المعوذتين من قرأهما كل ليلة أمن من الجن والوسوة ومن علقهما على طفل أمن من الجن والهوام إن شاء الله تعالى.

 

ما كتبه الحجة الكبرى والآية العظمى العابد الورع

جدنا الشيخ هادي كاشف الغطاء في القرآن                   

ششش

والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطاهرين (اما بعد) فهذا كتاب العبادات اللسانية وأهمها التلاوة والذكر والدعاء التي هي من أعظم العبادات وأجل الطاعات وفيها فصول:

(الأول) في المهم من الأمور المتعلقة بالقرآن الشريف الذي هو افضل من جميع الكتب السماوية وفيه مباحث.

 

المبحث الأول:في جملة مما يتعلق به من الواجبات,يجب تعليم القرآن,وتعلمه كفاية.ويجوز أخذ الأجرة عليه ويجب تعلم قدر الواجب عيناً وإكرام القرآن وتعظيمه وقراءته بإحدى القراءات المشهورة على المشهور وتجنب اللحن فيه بقدر الإمكان وسجود التلاوة للعزائم الأربع على القارئ والمستمع,وإن تكرر ذلك في مجلس واحد قيل ويجب إصلاحه على الكفاية وقد يجب عيناً كما هو شأن كل واجب كفائي عند الانحصار,فيجب المس عند توقفه عليه وتجب له الطهارة ولكن الظاهر أن الإصلاح إنما يجب إذا توقف عليه صون المعجزة أو مست الحاجة إليه في التلاوة أو الاستدلال ونحوهما وانحصر الأمر في قرآن واحد,وقد يجب المس لرفعه من المحل النجس واستنقاذه من يد الكافر ولنذر المس تبركاً,فتجب الطهارة.ولو مسه محدث سهواً سقط به الفرض بخلاف ما لو تعمد المس محدثاً لعدم حصول الامتثال بذلك ولا يحرم المس على الصبي مطلقاً.وهل يجب على الولي منعه منه وعن اللعب به واصابته بالنجاسة المتعدية وعما يقضي بإهانته؟الأحوط إن لم يكن الأقوى هو الوجوب.

المبحث الثاني:في جملة مما يتعلق به من المحرمات والمكروهات:يحرم الغناء بالقرآن والرياء بقراءته وما يكون منها مؤذيا للمصلين ومزعجاً للنائمين وما يفضي إلى فساد نظم الصلاة,كقراءة العزائم فيها أو فوات وقتها كالسور الطوال وما يكون في وقت واجب مضيق وما يكون بلسان مغصوب أو في مكان مغصوب على الأحوط وما يرفع زائداً على العادة بحيث لا تبقى للقرآن حرمة وما يكون من العزائم على المجنب ونحوه,ويحرم على المحدث مس كتابته ولا يختص بباطن الكف ولا بظاهر البشرة ويعم التحريم ما كتب في المصحف والكتب والألواح والدراهم وغيرها,والمكتوب قد يتعين كونه قرآناً فلا يتوقف على العلم بقصد الكاتب وقد لا يتعين فيتوقف عليه ولا يترك الاحتياط في ما يؤتى به منه في الكتب والرسائل والعهود لا على جهة الاستشهاد بل لفصاحته وحسن تأديته وفيما يقتبس منه في الشعر والنثر,ولا تحرم على المحدث كتابة القرآن على الأقوى.وإن كان الأحوط له الترك ولا سيما بإصبعه ولا يحرم مس جلده وهامشه ونحوهما ويكره له حمله وتعليقه.وفي جواز مسه بالعضو النجس مع عدم التعدي إشكال أحوطه إن لم يكن أقواه العدم ويحرم بيعه على المسلم فضلاً عن الكافر بل لا يجوز رهنه ولا إثبات السبيل له عليه إذا نافى ذلك احترامه وتعظيمه أو استوجب إهانته أو ترتب على بيعه فساد بل مطلقاً وإنما يحل بيع الورق والجلد وما فيه من حلية وعمل يد ولا يجوز أن يجعل الثمن بازاء ما على الورق من القرآن مستقلا أو بالانضمام إلى المجموع,فإنّ الخط لا يدخل في الملك وكما يحرم البيع يحرم الشراء والأولى لمن أراد استكتابه أن لا يستكتبه باجرة بل بلا شرط ثم يعطيه ما يرضيه وإن جاز ذلك ويستحب تحسين الكتابة وتبيينها ولا بأس بالتشكيل كما هو المتعارف وأن تكون الكتابة بالسواد لما في الكافي بإسناده عن محمد الوراق قال:عرضت على أبي عبد الله عليه السلام  كتاباً فيه قرآن مختم معشر بالذهب وكتبت في آخره سورة بالذهب فأريته إياه فلم يعب فيه شيئاً إلا كتابة القرآن بالذهب,وقال لا يعجبني أن يكتب القرآن إلا بالسواد كما كتب أول مرة ونهى عن السفر به إلى ارض العدو مخافة أن يناله العدو والمراد به الكفار.والظاهر أن الحكم دائر مدار خوف ذلك مطلقاً ويكره ترك القراءة في القرآن قال عليه السلام  ثلاثة يشكون إلى الله تعالى:مسجد خراب لا يصلي فيه أهله وعالم بين جهال ومصحف معلق قد وقع عليه الغبار ولا يقرأ فيه.وتكره القراءة من سبعة:من الراكع والساجد وفي الكنيف والحمام ومن الجنب والنفساء والحائض.

المبحث الثالث: (في جملة مما يتعلق من المستحبات)

يستحب تعلمه وتعليمه عينا مباشرة وتسبيباً فعنه   صلى الله عليه وآله وسلم  :خياركم من تعلم القرآن وعلّمه.وعن الصادق عليه السلام  :ما من رجل علّم ولده القرآن إلا توج الله أبويه يوم القيامة بتاج الملك.(الخبر)، ويستحب أن يكون في البيت وأن يعلق فيه فإن كلا منهما يطرد الشياطين وتستحب تلاوته والاكثار منها في جميع الأزمان  والأحوال إلا ما استثنى فإنها قسم من أقسام الذكر يشملها ما ورد فيه من الحث والترغيب ونحوهما بل أفضل من الذكر كما في الخبر.ويستحب ختمه ففي الخبر أن من ختم القرآن فكأنما ادرجت النبوة بين جنبيه ولكنه لا يوحى إليه وعن زين العابدين عليه السلام  :إن أفضل الأعمال الحال المرتحل فقيل له ما الحال المرتحل فقال فتح القرآن وختمه.وعن الكاظم عليه السلام  :إنّ درجات الجنة على قدر آيات القرآن.وروي بعض أصحابنا عن رسول الله   صلى الله عليه وآله وسلم  أنه قال افضل عبادة أمتي تلاوة القرآن نظراً.ويتأكد استحباب تلاوته في شهر رمضان,فإن لكل شيء ربيعاً وربيع القرآن شهر رمضان وأقل ما ينبغي أن يقرأ منه في كل يوم خمسون آية وفي كل ليلة عشر آيات.فإن من قرأ في كل ليلة عشر آيات لم يكتب من الغافلين ومن قرأ خمسين كتب من الذاكرين ومن قرأ مائة كتب من القانتين ومن قرأ مائتين كتب من الخاشعين ومن قرأ ثلاثمائة كتب من الفائزين والأولى أن يكون ذلك زيادة على ما هو الموظف في الصلوات.ولا يبعد أن تلاوته أفضل من تلاوة الدعاء والأذكار والأحاديث القدسية وغيرها.وهي سنة في نفسها لا تتوقف على فهم المعاني إجمالا ولا تفصيلا بعد فهم القرآنية ، فإن الأظهر اعتباره فيها والأحوط عدم الاكتفاء عن ذلك بمجرد العلم بأنه مما يتقرب به.وتتحقق التلاوة للقادر عليها بالنطق بالكلمات على النحو العربي المألوف مادة وهيئة,ولا ينافيها القليل من اللحن الجلي فضلا عن الخفي ولا تقطيع الكلمات ما دام صدق القرآنية على المتلو وصدق التلاوة له باقيا عرفاً,فإن الأمر هنا أوسع منه في الصلاة فلا بأس هنا بالفعل والقرأة كالقراءة والسكوت بين الكلمات والآيات ونحوهما,إلا أن يكون ذلك مخرجاً عن اسم القرآن والقراءة له كالقراءة المقلوبة وإدخال كلمات من غيره بين كلماته ولو على جهة التفسير والبيان لها,فإن ذلك مما يخرجه عن كونه قرآناً.كما لا يجزي في القراءة حديث النفس بل لابد من التلفظ وأقله أن يسمع نفسه وتلزم المحافظة على الحروف بالإتيان  بما يدخل تحت اسمها بأن يخرجها من مخارجها الطبيعية والمحافظة على الحركات والسكنات.ولا بأس لو ترك ما بعد تركه لحنا خفيا من المحسنات كالإمالة والترقيق والإشباع والتفخيم والمد والإدغام والوقف وغيرها,وإن استحب ذلك.كما أنه لا تجب معرفة القراءات السبع ولا العشر ولا الفحص عنها وإنما اللازم هو القراءة على نحو ما هو في المصاحف التي تقرؤها الناس ويجوز حيث لا تقية أن يقرأ بما صح من قراءة أهل البيت  عليهم السلام  بل لعلها أفضل من غيرها.ثم إنه لا يبعد وجوب الترتيب بين آيات كل سورة وبين كلمات كل آية لا بين السور ونحوها,وإذا انقطع النفس على كلمة لا يلزم الوقف عليها والنطق بها ساكنة ولا اعادة الآية من أولها.وتتادى القراءة بالتلاوة عن ظهر القلب وبالتلاوة في المصحف,وهي أفضل من الأولى وإن كان لا يجزي غيرها في الصلاة إلا مع العجز عن المتابعة على ما فصل في محله.ولا تجب تلاوة شيء من القرآن إلا ما قرر منه في الفرائض.نعم قد تجب لعارض كالنذر وما أشبهه وكالإجارة عليها واشتراطها في ضمن عقد ونحو ذلك,فيأتي بما التزمه على نحو ما التزمه زماناً ومكاناً ومقداراً بأي كيفية من الكيفيات المشروعة,وفي المصحف أو مطلقاً,وإن كان المنصرف إليه في ما لو أوصى بختمه أو أستؤجر عليها أن يكون ذلك في المصحف,مبتدءاً بالفاتحة منتهياً بسورة الناس.ولو نذر أن يقرأ القرآن أو سورة منه بقراءة عاصم مثلا فلا يبعد الانعقاد ويتخير في القراءة بين قراءتي راوييهما وبين الملفق منهما.ولا تجب الطهارة للتلاوة الواجبة إلا مع الشرط أو ملزم آخر.وتمتاز القراءة في المصحف عن القراءة عن ظهر القلب بأمور أربعة.(الأول)أن فيها نظراً في المصحف والنظر في المصحف عبادة.(الثاني)أن من قرأ فيه متع ببصره.(الثالث)أن من قرأ فيه يخفف عن والديه وإن كان كافرين.(الرابع)أنه ليس شيء أشد على الشيطان من القراءة في المصحف نظراً وتستحب أيضاً قراءته نظراً من غير صوت فتكتب له بكل حرف حسنة وتمحى عنه سيئة وترفع له درجة.ويستحب مؤكداً استماعه والانصات إليه فعن الصادق عليه السلام  (استحباب الاستماع في الصلاة وغيرها) (ثم اعلم) إن للتلاوة آداباً وسنناً.

منها:أن يكون القارئ على طهارة متطيباً في ثياب طاهرة على هيأة الأدب والسكون قائماً أو جالساً مستقبلاً القبلة غير متربع ولا متكئ في مسجد أو مشهد أو في بيته,فإنه أبعد من الرياء وفي الخبر نوّروا بيوتكم بتلاوة القرآن إلى ان قال فإن البيت إذا أكثرت فيه تلاوة القرآن كثر خيره واتسع أهله وأضاء لأهل السماء كما تضيء النجوم لأهل الدنيا.وقريب منه أخبار أخر وفي بعضها اجعلوا لبيوتكم نصيباً من القرآن ويظهر من الأخبار إن القراءة في البيت لها خواص.

(الأولى)أنها توجد فيه نوراً حتى يكون البيت كالكوكب الدري.(الثانية)أنها تكثر فيه البركة ولخير واليسر على أهله.(الثالثة)أنها توجب الزيادة في سكانه عدداً أي تكثر النسل والذرية وإذا لم يقرأ فيه القرآن ضيق على أهله وقلَّ خيره وكان سكانه في نقصان.ثم أن أفضل أحوال التلاوة أن يقرأ قائما في الصلاة فإن له بكل حرف مائة حسنة كما في الخبر وفيه أيضا أن من قرأ وهو جالس في الصلاة فله بكل حرف خمسون حسنة ومن قرأه في غير صلاة وهو على وضوء فخمس وعشرون وعلى غير وضوء عشر حسنات.

ومنها:ترتيله كما قال تعالى: ( وَرَتِّلِ القرآن تَرْتِيلاً) والترتيل:هو التأني في القراءة وتبيين الحروف وتوفيتها حقها بحيث يتمكن السامع من عدها من قولهم ثغر مرتل أي مفلج لا يركب بعضه بعضاً.وعن أمير المؤمنين عليه السلام  (بينّهُ بياناً ولا تهذه هذّا الشعر ولا تنثره نثر الرمل ولكن اقرع به القلوب القاسية ولا يكونن هم أحدكم آخر السورة) وروي أيضا أن الترتيل حفظ الوقوف وبيان الحروف والظاهر أنه مستحب لذاته تعبداً لا لأجل تدبر القرآن والتفكر في معانيه ولا لأنه أقرب إلى التوقير والاحترام,وأشد تأثيراً في القلب من الهذرمة والاستعجال وإن كان لا يبعد أن تكون هذه وأمثالها حكمة في استحبابه.

ومنها:الاستعاذة قبل القراءة فيقول(أعوذ بالله من الشيطان الرجيم)بل الأحوط عدم تركها قبلها.ونقل عن بعض علمائنا وجوبها ولو أضاف إلى ذلك(رب أعوذ بك من همزات الشياطين وأعوذ بك رب أن يحضرون) فلا بأس.وليدع عند أخذه القرآن للقراءة وبعد فراغه منها بالمأثور وإذا مر بـ(يا أيها الناس) و(يا أيها الذين آمنوا)قال لبيك ربنا وكذلك يقول ما ورد عند قراءة غيرها من الآيات ويقول بعد فراغه من الإخلاص كذلك الله ربي,ولختم القرآن دعوات مشهورة وأكملها ما في الصحيفة السجادية.

ومنها:تحسين القراءة فإن لكل شيء حلية وحلية القرآن الصوت الحسن وعنه  صلى الله عليه وآله وسلم  أنه قال:اقرؤا القرآن بألحان العرب وأصواتها وإياكم ولحون أهل الفسق والكبائر فإنه سيجيء بعدي أقوام يرجّعون القرآن ترجيع الغناء والنوح والرهبانية,ولا يجوز تراقيهم,قلوبهم مقلوبة,وقلوب من يعجبه شأنهم.ويروى مفتونة.

ومنها:استحباب الحزن عند القراءة بالبكاء أو التباكي والكآبة لقوله عليه السلام  إن القرآن نزل بالحزن فأقرءوه بالحزن.وعن حفص بن غياث أن قراءة موسى بن جعفر  عليه السلام  كانت حزنا.

ومنها:أسرار القراءة ويدل على استحبابه ما روي عنه   صلى الله عليه وآله وسلم  أنه قال:فضل قراءة السر على قراءة العلانية,كفضل صدقة السر على صدقة العلانية.وفي رواية أخرى(الجاهر بالقرآن كالجاهر بالصدقة والمسر به كلمسر بالصدقة) وفي الخبر العام(يفضل عمل السر على عمل العلانية سبعين ضعفاً)ولا ينافي ذلك ما روي عنه  صلى الله عليه وآله وسلم  من أنه سمع جماعة من أصحابه يجهرون في صلاة الليل فصوب ذلك وأنه قال إذا قام أحدكم من الليل يصلي فليجهر بقراءته فإن الملائكة وعمار الدار يستمعون إلى قراءته ويصلون بصلاته,مما يدل على استحباب الجهر لأن المراد بالجهر ما قابل الإخفات وبقراءة السر ما قابل العلانية كما أن المراد بالجاهر بالقرآن المتجاهر به المتظاهر بقرائته,وإن أخفت بالقراءة.والحاصل أن المراد بالإسرار التكتم بالعبادة وعدم التجاهر بها بين الناس في المجتمعات والمحافل ولا دخل للأخبار هنا بكيفية القراءة جهراً وإخفاتاً,بل لا يبعد أن الجهر بها أفضل من الاخفات لاستحباب الاستماع واستحباب تحسين الصوت ولما روي من أن علي بن الحسين عليه السلام  كان أحسن الناس صوتاً بالقرآن وكان السقاؤون يمرون فيقفون ببابه يستمعون قرائته وغيره من الأخبار.نعم قد يعرض للجهر في القراءة ما يزيل رجحانه من إيذاء المصلي أو إزعاج النائم ونحوهما وهو أمر آخر فما يظهر من المنافات بين أخبار استحباب الإسراء واستحباب الجهر كما جزم به في أحياء الأحياء لا وجه له.قال فالوجه في الجمع بين هذه الأحاديث إن الاسراء أبعد عن الرياء والتصنع فهو أفضل في حق من يخاف ذلك على نفسه فإن لم يخف ولم يكن في الجهر ما يشوش الوقت على مصلٍ آخر,فالجهر أفضل لأن العمل فيه أكثر إلى آخر ما ذكره من مرجحات الجهر الاعتبارية.

ومنها:مراعات ما يجب ويستحب قولاً وفعلاً من حق الآيات,فيسجد وجوباً على الفور لقراءة كل من آيات العزائم الأربع عند قوله تعالى(ولا يستكبرون)(في الم تنزيل)وقوله تعالى(تعبدون)(في حم فصّلت)وعند ختم سورتي(والنجم والعلق)ولاستماعها,بل ولسماعها على الأحوط.ولا يجب على من كتبها أو تصورها أو نظرها مكتوبة أو أخطرها بالبال ويقول في سجوده(سجدت لك تعبدا ورقاً لا مستكبراً عن عبادتك ولا مستنكفا ولا متعظماً بل أنا عبد ذليل خائف مستجير)فإذا رفع رأسه قال(الله أكبر)ويجزي غير ذلك من الذكر والواجب مجرد السجود وإن كان الأولى أن يأتي بالمأثور من الذكر وأما التكبير,للرفع فلا ينبغي تركه ولا يحتاج بعد إباحة محل السجود وعدم علو المسجد بما يزيد على أربعة اصابع وبعد النية إلى طهارة ولا استقبال ولا إلى ما يصح السجود عليه فيسجد المحدث بالاصغر والأكبر كالجنب والحائض ولو نسيها سجد متى ذكر وجوباً,ويستحب السجود في أحد عشر موضعاً من القرآن:

(في الأعراف) عند قوله تعالى: ( وَلَهُ يَسْجُدُونَ) (وفي الرعد)عند قوله تعالى: (وَظِلالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ) (وفي النحل)عند قوله تعالى: ( وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ) (وفي بني إسرائيل)عند قوله تعالى:(  وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً) (وفي سورة مريم)عند قوله تعالى: (خَرُّوا سُجَّداً وَبُكِيّاً) (وفي الحج)في موضعين عند قوله تعالى: ( يَفْعَلُ مَا يَشَاء) وعند قوله تعالى: (وَافْعَلُوا الْخَيْرَ) (وفي الفرقان)عند قوله تعالى:( وَزَادَهُمْ نُفُوراً) (وفي النمل)عند قوله تعالى: ( رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ) (وفي ص)عند قوله تعالى:( وَخَرَّ رَاكِعاً وَأَنَابَ ) (وفي الانشقاق) عند قوله تعالى:( وإذا قُرِئَ) والأولى السجود عند كل آية أمر فيها بالسجود وعن الصادق عليه السلام  :إنه ينبغي لمن قرأ القرآن إذا مر بآية فيها مسألة أو تخويف أن يسأل الله عند ذلك خير ما يرجو ويسأله العافية من النار ومن العذاب.

ومنها:مراعاة مقدار ما تكون فيه القارءة من الزمان أما أقل ما ينبغي أن يقرأ في كل يوم وليلة فقد مر ذكره وأما مقدار الزمان الذي ينبغي أن يختم فيه فقد قدر في مكة المشرفة بأسبوع أو أقل أو اكثر فعن أبي جعفر عليه السلام  قال من ختم القرآن بمكة من جمعة إلى جمعة أو أقل من ذلك أو اكثر وختمه في يوم الجمعة كتب له من الأجر والحسنات من أول جمعة كانت في الدنيا إلى آخر جمعه تكون فيها وإن ختمه في سائر الأيام فكذلك.وأما في غير مكة فعن الصادق عليه السلام  أنه قال:لمن قال له اقرأ القرآن في ليلة,لا يعجبني أن يقرأ القرآن في أقل من شهر.وقال أبو بصير جعلت فداك أقرأ القرآن في شهر رمضان في ليلة,فقال:لا.قال ففي ليلتين,قال لا .ففي ثلاث,قال ها.وأشار بيده,ثم قال يا أبا محمد إن لرمضان حقاً وحرمة ولا يشبهه شيء من الشهور وكان أصحاب محمد   صلى الله عليه وآله وسلم  يقرأ أحدهم القرآن في شهر وأقل,إن القرآن لا يقرأ هذرمة ولكن يرتل ترتيلا وإذا مررت بآية فيها النار فقف وتعوذ بالله من النار.وأما تجزئة القرآن وقسمته أجزاء وأحزابا وغير ذلك,فلم نقف في أخبارنا على ما يتعلق بذلك ولا على خصوصية للأجزاء والأحزاب المعروفة في المصاحف التي في الأيدي.ويقال إن تجزئته إلى ثلاثين جزء للقراء الذين كانوا في عصر الحجاج وإنه أحضرهم فعدوا الكلمات والحروف وقسموه إلى الأجزاء.نعم في أخبارنا ما يظهر منه إن التعشير والتختيم كانا في زمن الأئمة  عليهم السلام  كما مر في خبر الوراق أنه عرض على أبي عبد الله عليه السلام  كتاباً فيه قرأن مختم ومعشر بالذهب إلى آخره وفي خبر آخر,قال قلت:في كم أقرأ القرآن؟قال اقرأه أخماسا اقرأه أسباعاً أما إن عندي مصحفاً مجزءاً أربعة عشر جزءاً.والحاصل إن للتالي القرآن أن يقرأ بلا تجزئة,وله أن يجزئه بحسب ما يتهيأ له ويتسع له وهو قد يكون نافذ الفكر في معاني القرآن سريع التدبر فيها طلق اللسان كثير المزاولة له فيكتفي في ختمه بالمدة القليلة وقد لا يكون كذلك فيحتاج إلى الشهر ونحوه,ثم إن هناك آدابا باطنية ينبغي لتالي القرآن أن لا يخلو منها,ونعني بها فهم عظمة الكلام وعلوه وعظمة المتكلم فيحضر في قلبه ذلك ويترك حديث النفس فيكون متجرداً من كل شاغل,مقبلا على قرائته منصرفاً عن غيره إليه,متدبرا لمعانيه أي متفكرا متأملاً فيها(وأصله من تدبر الأمر والنظر في إدباره وعواقبه)فعنه عليه السلام  لا خير في عبادة لا فقه فيها ولا في قراءة  لا تدبر فيها.ولو احتاج التدبر إلى ترديد الآية أو السورة رددهما, وإن يستوضح من كل آية ما يليق بها فيستوضح من بعضها قدرته تعالى وعظمته وشدة بأسه وسطوته وسعة رحمته ونحو ذلك,وأن يتخلى عن موانع الفهم فلا يكون همه منصرفاً إلى تحقيق إخراج الحروف من مخارجها,مشغولا بذلك عن تدبر المعاني ولا معتقد الأمر ركزته في نفسه عصبية الاتباع أو تقليد المفسرين من غير دليل عليه ولا برهان وأن ما ورائه من التفسير بالرأي,ولا مصراً على ذنب ومتصفا بكبر ونحوه مما يوجب ظلمة القلب وغشاوته,فإن جميع ذلك من موانع الفهم وحجبه واستاره.وينبغي للتالي أن يتأثر بحسب اختلاف الآيات,فعند ذكر صفاته ونعوت جلاله يتصاغر لعظمته ويتطأطأ خضوعا لجلاله وعند الوعيد والتهديد يتضائل من الخيفة وعند ذكر المغفرة والرحمة يظهر الاستبشار والمسرة ونحو ذلك.

روى بعض علمائنا الأعلام العارفين عن الصادق عليه السلام  فصلا يتعلق بما نحن فيه قال عليه السلام  :من قرأ القرآن ولم يخضع له ولم يرق عليه ولم ينشأ حزنا ووجلا في سره فقد استهان بعظم شأن الله وخسر خسراناً مبيناً فقارئ القرآن يحتاج إلى ثلاثة أشياء قلب خاشع وبدن فارغ وموضع خال,فإذا خشع لله فرّ منه الشيطان الرجيم وإذا تفرغت نفسه من الأسباب تجرد قلبه للقراءة,فلا يعرضه عارض فيحرمه نور القرآن وفوائده وإذا اتخذ مسجداً خالياً واعتزل من الخلق بعد أن أتى بالخصلتين الأوليين استأنس سره وروحه ووجد حلاوة مخاطبات الله عباده الصالحين وعلم لطفه بهم ومقام اختصاصه لهم بقبول كراماته وبدائع إشاراته فإذا شرب كأساً من هذا المشرب,فحينئذٍ لا يختار على ذلك الحال حالاً ولا على ذلك الوقت وقتاً,بل يؤثره على كل طاعة وعبادة لأن فيه المناجاة مع الرب بلا واسطة,فانظر كيف كتاب ربك ومنشور ولايتك وكيف تجيب أوأمره ونواهيه وكيف تمثل حدوده فإنه كتاب عزيز لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد,فرتله ترتيلاً وقف عند وعده ووعيده وتفكر في أمثاله ومواعظه واحذر أن تقع من اقامتك حروفه في إضاعة حدوده وهذا آخر الفصل للكلام.

المبحث الرابع:في جملة من الأمور المتعلقة بالقرآن المجيد وهي كثيرة:

منها:الاستشفاء به والاسترقاء والاستكفاء.ففي الخبر أنه شكا إليه رجل وجعاً في صدره فقال عليه السلام  استشف بالقرآن فإن الله عز وجل يقول(وشفاء لما في الصدور)وقال  عليه السلام  شفاء أمتي في ثلاث,وعدّ منها آية من كتاب الله العزيز.إلى غير ذلك.وكيفية الاستشفاء على ما يظهر من الأخبار قد تكون بقراءة الآية وقد تكون بكتابة آية على العضو السقيم ولا بد قبل الكتابة من الوضوء أو الغسل أو التيمم,وقد تكون بكتابة الآية في إناء أو في قرطاس ثم تغسل بماء فيشرب كما ورد فيمن في بطنه ما أصفر أن تكتب على بطنه آية الكرسي ويشربها ويجعلها ذخيرة في بطنه فيبرأ بإذن الله تعالى,وأما الاستكفاء والاحتجاب فيحصل ذلك بالحمل والتعليق وبقراءة التوحيد عن اليمين والشمال والأمام والخلف والتحت والفوق,وعند الدخول على سلطان جائر يقرؤها ثلاث مرات حين ينظر إليه ويعقد بيده اليسرى ثم لا يفارقها حتى يخرج من عنده وهناك آيات تقرأ للحفظ ونحوه تطلب من مظانها كعدة الداعي وغيرها.

ومنها:الاستخارة بأن يفتح المصحف وينظر إلى أول ما يرى فيه فيأخذ به.كيفيات أخر وأما التفاؤل به فهو وإن كان مما لا بأس به للرواية وعدم اعتبار ما يعارضها إلا أن الأولى تركه.

ومنها:استحباب إهداء ثواب القراءة إلى النبي   صلى الله عليه وآله وسلم  والأئمة الأطهار والزهراء والمؤمنين ليكون معهم في الجنة.

ومنها:استحباب قراءة بعض السور بخصوصها مطلقاً,أو في أوقات خاصة أو في الصلاة خاصة,وهي كثيرة تطلب من مواضعها.

الفصل الثاني

في الذكر وهو بجميع أقسامه من أفضل العبادات وأعظم الطاعات ويكفي فيه من القرآن الشريف قوله تعالى: (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُم) ومن السنة ما روي عن الصادق عليه السلام  قال:قال الله تعالى من ذكرني في ملأ من الناس ذكرته في ملأ من الملائكة.وعنه  عليه السلام  أن شيعتنا الذين إذا خلوا ذكروا الله كثيراً.وروي أن موسى عليه السلام  سأل ربه فقال:يا رب اقريب أنت مني فأناجيك أم بعيد فأناديك؟فأوحى الله إليه يا موسى أنا جليس من ذكرني.وبالإسناد إلى ابن أبي عمير عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه السلام  قال:إن الله تعالى يقول من شغل بذكري عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي من سألني.إلى غير ذلك من الأخبار التي لا يسعها هذا المضمار والكلام هاهنا في أمور.

(الأول) الذكر مستحب في كل وقت,وفي كل حال فقد روي أنه  لا بأس بذكر الله وأنت تبول فإن ذكر الله حسن على كل حال.وروي أن موسى عليه السلام   قال:إلهي تأتي علي مجالس أعزك وأجلك أن أذكرك فيها,فقال يا موسى حسن على كل حال.ويتأكد استحبابه بين الغافلين,فعنه   صلى الله عليه وآله وسلم  ذاكراً الله في الغافلين كالمقاتل في الفارين والمقاتل في الفارين له الجنة.

(الثاني) أفضل الأوقات عند الإصباح والإمساء وبعد الصبح والعصر,ففي الحديث القدسي يا إبن آدم أذكرني بعد الصبح ساعة وبعد العصر ساعة أكفك ما أهمك.

(الثالث) الإسرار بالذكر مستحب لأنه أقرب إلى الإخلاص وأبعد من الرياء,ففي الحديث القدسي من ذكرني سراً ذكرته علانية وقال   صلى الله عليه وآله وسلم  لأبي ذر أذكر الله خاملا فقال ما الخامل قال الخفي وقال تعالى(واذكر ربك في نفسك).

(الرابع) أقسام الذكر كثيرة منها:التحميد وله كيفيات مروية فعن الصادق عليه السلام  أنه من قال إذا أصبح أربع مرات(الحمد لله رب العالمين) فقد أدى شكر يومه ومن قالها إذا أمسى فقد شكر ليله,وإن قال(الحمد لله كما هو أهله) فعلى الله ثوابها.ومنها:التمجيد والتعظيم من نفي الشريك ووصفه تعالى بما أهله من صفات الجلال والكمال.

ومنها:التهليل والتكبير فإن قول(لا إله إلا الله)خير العبادة,وأنه ليس شيء أحب إلى الله من التكبير والتهليل.ومنها:التسبيح فمن قال سبحان الله مئة مرة كان ممن ذكر الله كثيراً.ومنها:أن يقول(أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إلها واحداً أحد فردا صمداً لم يتخذ صاحبة ولا ولدا)خمسا وأربعين مرة.

ومنها:الكلمات الخمس الخفيفات على اللسان الثقيلات في الميزان اللواتي يرضين الرحمان ويطردن الشيطان وهن من كنوز الجنة ومن تحت العرش ومن الباقيات الصالحات وهي(سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم).ومنها:أن يقول بعد الفراغ من الفريضة ثلاثين مرة(سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله اكبر)فإن أصلهن في الأرض وفروعهن في السماء وهن يدفعن الهم والهدم والحرق والغرق والتردي في البئر وأكل السبع وميتة السوء والبلية التي تنزل من السماء في ذلك اليوم على العبد وهن الباقيات الصالحات. ومنها: الاستغفار فإن أكثر منه رفعت صحيفته وهي تتلألأ وكان   صلى الله عليه وآله وسلم  يستغفر الله غداة كل يوم سبعين مرة ويتوب إلى الله سبعين مرة وأفضل أوقات الاستغفار أوقات الأسحار قال تعالى: (كَانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) وقال تعالى:(وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ) والاستغفار(طلب المغفرة) والغفر(بمعنى الستر) والمراد منه طلب العبد غفران الذنب من الرب وهو حقيقة في القول دون غيره من أسباب المغفرة وفي الصحيح في قوله تعالى: (وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ)في الوتر سبعين مرة.والظاهر أنه الفرد الأكمل فتتأدى وظيفته استغفر الله,وربي اغفر لي مع التكرار وعدمه في صلاة الوتر وغيرها ويستحب الإكثار منه ي جميع الأوقات والأصل فيه الندم والتوبة وإصلاح الباطن,فالمستغفر من الذنب المصر عليه كالمستهزئ بربه نعوذ بالله من ذلك.

(الخامس)للذكر أوقات خاصة يتأكد استحبابه فيها.منها ما تقدم ومنها السحر وهو السدس الأخير من الليل وآخره متصل بالصبح وربما قيل إنه أوسع من ذلك وهو من الأوقات الشريفة لجملة من الطاعات كالإيثار والاستغفار طول العام والسحور والدعاء المأثور في شهر الصيام.ومنها:الزوال وأول ما تفعله عند تحقق الزوال أن تقول ما علمه الباقر عليه السلام  لمحمد بن مسلم وقال له حافظ عليه كما تحافظ على عينيك وهو(سبحان الله ولا إله إلا الله والحمد لله الذي لم يتخذ صاحبة ولا ولداً ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولي من الذل وكبره تكبيراً)ثم بادر إلى الوضوء.ومنها:إذا إحمرت الشمس.ومنها:عشر ذي الحجة ولها تهليل معروف.

ومنها:عند النوم ومن أهم الأذكار عنده تسبيح سيدتنا الزهراء J وهو أحد الوقتين اللذين يستحب فيهما,والثاني بعد الصلاة وقد وردت أذكار خاصة لجملة من الأفعال والأحوال والمخاوف والأمراض ووردت أدعية وأذكار كذلك للقيام إلى الصلاة والتوجه إلى القبلة,وبعد التكبيرات الافتتاحية وفي باقي أحوال الصلاة كالركوع والسجود تطلب من مظانها كخلاصة الأذكار وغيرها.

(السادس)لا ينبغي ترك الذكر بل ربما محرم لأن الشكر قسم من الذكر وشكر المنعم واجب.وفي الخبر ما من قوم اجتمعوا في مجلس ولم يذكروا الله ولم يصلوا على نبيهم إلا كان ذلك المجلس حسرة ووبالاً عليهم يوم القيامة وعنه عليه السلام  في ما أوحى إلى موسى عليه السلام  يا موسى لا تفرح بكثرة المال ولا تدع ذكري على كل حال,فإن كثرة المال تنشئ الذنوب وإن ترك ذكري يقسي القلوب.فلا ينبغي للإنسان أن يخلى مجلساً من ذكر الله ويقوم منه بغير ذكر وليقل إذا أراد القيام من مجلسه(سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين).

الخاتمة

قد يكون الذكر جهراً وقد يكون سراً وهناك قسم ثالث وهو الذكر الذي يكون في نفس الرجل لا يعلمه غير الله وقد أشار عليه السلام  إليه فيما رواه زراره قال عليه السلام  فلا يعلم ثواب ذلك الذكر في نفس الرجل غير الله لعظمته,وهناك قسم رابع قيل إنه أفضل منها بأجمعها وهو ذكر الله سبحانه عند أوامره فيفعلها وعند نواهيه فيتركها خوفاً ومراقبة,فعنه   صلى الله عليه وآله وسلم  من أطاع الله فقد ذكر الله كثيراً وإن قلت صلاته وصيامه وتلاوته القرآن.الخبر,وعلى هذا الذكر مدار قبول الأعمال وهو التقوى ولما سئل الصادق عليه السلام  عن تفسير التقوى.قال:لا يفقدك الله حيث أمرك ولا يراك حيث نهاك)والحاصل أن الكثير من الذكر اللساني ومن جميع العبادات مع عدم التقوى وعدم اجتناب النواهي غير مجد ولا مقبول.

الفصل الثالث

في الدعاء الذي هو سلاح المؤمن وترسه ومفتاح كل رحمة ونجاح كل حاجة إذا صدر من كل قلب تقي وصدر نقي.وقد ورد من الترغيب فيه والحث عليه وبيان فضله ما لا يحصى,وقد أمر به الله تعالى في كتابه المجيد فقال:(ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ) فجعله عبادة وجعل المستكبر عنه بمنزلة الكافر يدخل جهنم ذليلاً صاغراً وقال تعالى: (وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعا) وقال : (قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلا دُعَاؤُكُمْ ) إلى غير ذلك مما في بعضه كفاية وإتمام حجة وسبب منع الاجابة من كثير من الداعين الإخلال بشروط الدعاء وآدابه أو عدم الوفاء بعهد الله قال تعالى: (وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ) ويخطر في البال أن ذلك مروي عنهم عليهم السلام  او ان الإجابة خلاف مصلحة الداعي أو غير ذلك,فينبغي للداعي إذا تأخرت عنه الإجابة أن يرضى بقضاء الله ويجعل عدم الإجابة عين الصلاح له فعنه   صلى الله عليه وآله وسلم  أنه قال:(يا عباد الله أنتم كالمرضى ورب العالمين كالطبيب وصلاح المرضى فيما يعلم الطبيب ويدبره لا فيما تشتهيه المرضى وتقترحه ألا فسلّموا لله أمره تكونوا من الفائزين)وأما ما دل من الأخبار على فضل الدعاء وتأكد استحبابه فيفضي استقصاؤه إلى إطناب لا يسعه المجال والغرض بيان ما ينبغي للداعي رعايته وملاحظته من أسباب الإجابة وهي أمور:

(الأول) رعاية أوقات الإجابة كليلة الجمعة فإن الدعاء فيها ولا سيما في سحرها مستجاب ويوم الجمعة الذي هو سيد الأيام بل في بعض الأخبار أنه أعظم من يومي الفطر والأضحى وكشهر رمضان وليلة القدر وليالي الأحياء الأربع ويوم عرفة وعند هبوب الرياح وزوال النهار وزوال الليل ونزول الأمطار ونحو ذلك.

(الثاني)ما يرجع إلى المكان كعرفة والمشعر الحرام والحطيم والمستجار والكعبة والمساجد والمشاهد ومن أشرف أماكن الدعاء عند قبر سيدنا سيد الشهداء الحسين  عليه السلام  فإنّ الله عوضه عن قتله بخصال:(منها)إجابة الدعاء تحت قبته ويروى أن الصادق  عليه السلام  أصابه وجع,فأمر أن يستأجروا له أجيراً يدعو له عند قبر الحسين عليه السلام  ، فقال رجل أنا أمضي ولكن الحسين إمام مفترض الطاعة وهو إمام مفترض الطاعة فرفعوه عليه السلام  قوله فقال عليه السلام  : هو كما قال لكن ما عرف أن لله تعالى بقعاعاً يستجاب فيها الدعاء فتلك البقعة من تلك البقاع.

(الثالث) ما يتعلق بالأفعال والأحوال كوقوعه بعد الصلاة وعن الصادق عليه السلام  أنه يستجاب الدعاء في أربعة مواطن في الوتر وبعد الفجر وبعد الظهر وبعد المغرب, وكوقوعه حال السجود وعقيب قراءة مئة آية منه وبين الآذان والإقامة وعند رقة القلب وجريان الدمع وفي حال الصيام,فإن دعاء الصائم مستجاب ودعوته لا ترد وفي حال التختم بالفيروزج أو العقيق فإن الله يستحي من عبد يرفع يده وفيها خاتم فيروزج أن يردها خائبة وأنه لم ترفع كف إلى الله أحب من كف فيها عقيق وممن يستجاب دعاؤه الحاج والمعتمر والغازي والمريض والمظلوم والولد الصالح لوالديه والوالد الصالح لولده ودعوة المؤمن لأخيه بظهر الغيب.(الرابع)في آداب الدعاء وهي أقسام:الأول:ما يكون قبل الدعاء كالطهارة وشم الطيب واستقبال القبلة والصدقة والاعتراف بالذنب ورد المظالم والتوبة والاعتقاد بقدرته تعالى على فعل مطلوبة وحسن الظن به قال  صلى الله عليه وآله وسلم  ادعوا الله وأنتم موقونون بالإجابة ومن الشروط أن لا يسأل محرماً ولا قطيعة رحم ولا ما يتضمن قلة الحياء وسوء الأدب.

القسم الثاني: ما يقارن حال الدعاء من التريث به وترك الاستعجال فيه ومن الإلحاح بالدعاء وتسمية الحاجة والإسرار به ولتعميم والاجتماع من أربعة إلى أربعين وإظهار الخشوع وتقديم المدحة لله والثناء عليه وتقديم الصلاة على النبي وآله الطاهرين وختام الدعاء بها فإن الدعاء لا يزال محجوباً حتى يصلي على محمد وآل محمد فإذا كانت لك حاجة فأبدء بالصلاة على محمد وآله واسأل حاجتك ثم اختم بالصلاة على محمد وآله,فإن الله أكرم من أن يقبل الطرفين ويدع الوسط إذ كانت الصلاة على محمد وآله لا تحجب عنه وأن لا يدعو بشيء ليس فيه صلاحه ولا يسأل فوق قدره ولا يلحن بالدعاء ولا يتكلف السجع.

الآداب التي تقارن حالة الدعاء:

منها:البكاء وهو سيد الآداب فما من قطرة أحب إلى الله من قطرة دمع في سواد الليل مخافة من الله لا يراد بها غيره والباكي من خشية الله في الرفيع الأعلى,فإنّ لم يجئك البكاء فتباك فإنْ خرج منك مثل رأس الذباب فبخ بخ (ومنها)الاعتراف بالذنب قبل المسألة.(ومنها)الإقبال بالقلب فإنّ من لا يقبل عليك لا يستحق إقبالك عليه.(ومنها)اشتمال الدعاء على الأسماء الحسنى فعنه   صلى الله عليه وآله وسلم  أن لله تسعة وتسعون اسماً من دعا الله تعالى بها استجيب له ومن أحصاها دخل الجنة.(ومنها)الدعاء للمؤمنين والمؤمنات ليقال له ولك مثلاه.(ومنها)رفع اليدين ناظراً إليهما لا إلى السماء فإن كان متعوذاً استقبل القبلة بباطنهما وإن كان مسترزقاً أو راغباً بسط كفيه وأفضى بباطنهما إلى السماء وإن كان راهباً خائفاً بسطهما وجعل ظاهرهما إلى السماء وإن كانت متضرعاً حرك السبابة اليمنى يميناً وشمالاً وجعل باطنهما إلى السماء وإن أراد الاستكانة جعلهما على منكبيه إلى غير ذلك من كيفيات رفع اليدين التي تختلف باختلاف حال الداعي وحال دعوته وقد تكلفت بذلك الأخبار.(الثالث)في الآداب المتأخرة وهي أمور(منها)معاودة الدعاء وملازمته مع الإجابة وعدمها فيدعو في الرخاء كما يدعو عند نزول البلاء.(ومنها)أن يمسح الداعي بيديه على رأسه ووجهه وصدره.(ومنها)أن يختم بالصلاة على النبي   صلى الله عليه وآله وسلم  كما مر.(ومنها)أن يقول عقب دعائه(ما شاء الله لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم).(الخامس)من الأدعية الفاضلة المأثورة التي يؤجر الداعي بها الصلاة على محمد وآله وفضلها عظيم فإنّ من صلى على النبي صلاة واحدة صلى الله عليه ألف صلاة في ألف صف من الملائكة ولم يبق شيء مما خلفه الله تعالى إلا صلى على العبد لصلاة الله وصلاة ملائكته وهي من أفضل العبادات.وعنه   صلى الله عليه وآله وسلم  من أراد التوسل إليّ,أن تكون له عندي يد أشفع له بها يوم القيامة,فليصل على أهل بيتي ويدخل السرور عليهم.إلى غير ذلك من الأخبار الواردة في فضلها وزيادة الأجر عليها ويستحب رفع الصوت بها وتقديمها على الصلاة على الأنبياء ومن خواصها أنها تذكر الرجل ما كان نسي وقد وردت أخبار كثيرة تدل على وجوب الصلاة عليه إذا ذكر فلا ينبغي ترك ذلك وأقل ما يجزي من كيفياتها أن يقول اللهم صلي على محمد وآله وسلم وعنه   صلى الله عليه وآله وسلم  لا تصلوا علي صلاة مبتورة بل صلوا على أهل بيتي معي.وعن الصادق عليه السلام  أنه قال لرجل قال اللهم صل على محمد وأهل بيت محمد يا هذا لقد ضيقت علينا أما علمت ان أهل البيت خمسة أصحاب الكساء قل اللهم صل على محمد وآل محمد فنكون نحن وشيعتنا قد دخلنا فيه.

خاتمة وفيها فوائد

(الأولى)أحسن الأدعية القرآنية,لجمعها بين الوظيفتين,ثم الأدعية المأثورة عن النبي والأئمة  عليهم السلام  ,فإنّ فيها نجاحاً لمطالب العابدين وشفاء لصدور العارفين وبلاغاً للمؤمنين,فينبغي أن يختار منها ما يوافق مطلوبه ويناسب حاجته فيدعو به.وما ورد منها في أوقات مخصوصة فلا بأس بالدعاء به في أوقات أُخر لا من باب الخصوصية والورود بل من باب الدعاء المطلق.

(الثانية)المؤمن والداعي شريكان في الأجر.

(الثالثة)يستحب التماس الدعاء من المؤمنين ليكون داعياً بلسان لم يذنب به ويتأكد استحباب إجابة الإلتماس.

(الرابعة)في الحديث القدسي:من شغله ذكري عن مسألتي أعطيه أفضل ما أعطي السائلين.

(الخامسة)يظهر من بعض الأخبار أن الدعاء أفضل من القرآن وحمل ذلك على أنه أبين في العبودية والخضوع وأفضل في الإنقياد والخشوع والقرآن أفضلها كلاماً,والذكر أرفعها مقاماً.وبهذا الاعتبار تجمع الأخبار.

(السادسة)لا بأس بالقراءة خلف شخص لا يرضى باستماع غيره كما لا بأس لو فتح كتابه للنظر فيه بدون واسطة ضوء مغصوب الأنية أو الزيت أو الفتيلة فوافقه كما لا تحرم الاستضاءة بضوء في آنية ذهب أو فضة لو أنفق له الاستضاءة بما فيها.

(السابعة) لو زاحم ذلك طلب العلم قدم عليه جعلنا الله من العالمين العاملين الراضين المرضيين بمحمد وآله الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين إنه أرحم الراحمين وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.

 

ما كتبه المرجع الأعلى أستاذ الفقهاء جدنا الأعلى الشيخ الكبير الشيخ جعفر كاشف الغطاء  قدس سره  في القرآن

قال:القرآن هو الكتاب المنزل من السماء على سيد الرسل وخاتم الأنبياء مفصلاً سوراً وآيات,معدوداً من أكبر الآيات والمعجزات راجحة قراءته حيث تكون غير منسوخة تلاوته فخرجت باقي الكتب السماوية والأحاديث القدسية ومنسوخ التلاوة وإن كان في مبدأ خلقه محتسباً منه,وفي كونه حقيقة في المجموع فقط أو مشتركاً معنوياً أو لفظياً بينه وبين البعض وجهان:أقواهما الأول وفيه مباحث:-

المبحث الأول حدوث القرآن الكريم

في حدوثه لا ريب أنه من مقولة الأصوات وهي من الأعراض الطارئة على الذوات المستحيل وجودها مع عدمها,والحروف الناشئة عن تقطيع تلك الأصوات والكلمات المركبة من تلك الحروف والحركات مع الماهيات فهو من المخلوقات المحدثات ولا يمكن وجوده إلا في بعض الجسميات والكلام النفسي كاللفظي من المركبات لأن هذه الألفاظ الصورية منطبقة على التصويرية,فحقيقة الكلام لا تخرج عن الوجهين المذكورين على أنه مجاز في القسم الثاني وإلا دخلت في العلم والإدراك وليسا من الكلام بل من كلام فلو جاز القدم في الأصوات والحروف والكلمات لجاز القدم في جميع أنواع المركبات ومن تتبع الأخبار ظهر له ذلك ظهور الشمس في رابعة النهار.

المبحث الثاني إعجاز القرآن الكريم

في إعجازه أصل الإعجاز في الجملة مما أذعنت به فصحاء اليمن ونجد والعرق والحجاز.واختاروا المحاربة عجزا عن المعارضة,وهو مما اتفقت عليه كلمات أهل الإسلام وتواترت به أخبار النبي   صلى الله عليه وآله وسلم  والأئمة  عليهم السلام  ودل عليه صريح الكتاب ولا يلزم من ذلك دور لأن طريق إثبات النبوة غير منحصر فيه,وإنما الكلام في أن إعجازه للصرف عن مباراته أو لما اشتمل عليه من الفصاحة والبلاغة في سوره وآياته,ثم هل ذلك من مجموع المباني والمعاني أو في كل واحد منها؟وهل ذلك مخصوص بالجملة أو يتمشى إلى السور الطوال أو إليها وإلى القصار؟وهل يتسرى إلى الآيات أو لا؟وأما الكلمات والحروف فلا.ولا يبعد القول بالصرفة بالنسبة إلى بعض السور القصار وبالأمرين معاً في حق الكبار أو المجتمع مع الصغار,وربما يوجه بذلك التعجيز بسورة مرة وبعشر أخرى وإن كانت له وجوه أُخر. وقد يقال بثبوت الإعجاز في صغار السور إذا ظهر ما اشتملت عليه من المحكم وكان يظهره لمن ينكره.

المبحث الثالث خطاب القرآن الكريم

في كيفية الخطاب قد دلت الأخبار على تقدم خلقه على زمان البعثة بما لا يخفى حتى على العوام فلا معنى لتوجيه الخطاب حين الخلق إلى أهل الإسلام فيكون حينئذٍ خطاب وضع لا خطاب مشافهة,إلى حين حمل جبرائيل ثم بتلاوته على النبي   صلى الله عليه وآله وسلم  يكون جبرائيل مخاطباً له إذ من البعيد أن يقال بخلقه مرة ثانية على لسانه,وإنما هو حاك للخطاب ثم النبي   صلى الله عليه وآله وسلم  حاك أيضا,لبعد كونه مخلوقاً مرة ثالثة على لسانه على نحو الخلق الأول فهو المخاطب حينئذٍ للمكلفين فعلى مذهبنا من اشتراط موجودية المخاطب وحضوره وسماعه وفهمه وإقباله كما دل عليه صريح العقل,لا يكون الخطاب من الله خطابا شفاهاً وكذا من النبي   صلى الله عليه وآله وسلم  بالنسبة إلى الأعقاب وجميع من لم يكن حاضراً وقت الخطاب.فالبحث في خطاب المشافهة مبني على خطاب النبي   صلى الله عليه وآله وسلم  للحاضرين على وجه الرسالة وإنما تسيره الأحكام بنص النبي   صلى الله عليه وآله وسلم  والأئمة  عليهم السلام  ولو كان وضعه لا على وضع المرسلات بل على وضع الصكوك والسجلات ساوى الحاضرون والغائبون, غير أن الأول أقرب إلى الصواب ولذلك أدخلوه في مشافهة الخطاب وجعلوا ثبوت الحكم لغير المشافهين من الضرورة والإجماع والأخبار,وعلى كل حال لا يتمشى إلا في المماثل المتحد في النوع.والقول بأن الخطاب في الأخبار لأشخاص بأعيانهم من قبيل الوضع العام وان خطاب المعنى من قبيل المثال مما لا ينبغي أن يخطر في البال.ثم يبقى الكلام في أن صدق الحقيقة والمجاز وحكمهما يلحق زمان الوضع فلا ينزل على حين التبليغ أو بالعكس,ويختلف الحكم فيما كان حقيقة في أيام النبي   صلى الله عليه وآله وسلم  وليس بحقيقة قبله ويختلف الحال أيضا باختلاف زمن النبي   صلى الله عليه وآله وسلم  وما بعده باختلاف احتمالي الوضع والرسالة ثم يجري في الأحاديث القدسية نحو ما جرى في القرآن والظاهر أن المدار على حين التبليغ واصطلاح الحاضرين عنده وتبدل الحقيقة بعده ولو في زمن النبي   صلى الله عليه وآله وسلم  لا يغير حكمه.

المبحث الرابع أفضلية القرآن الكريم

إنه أفضل من جميع الكتب المنزلة من السماء ومن كلام الأنبياء والأصفياء وليس بأفضل من النبي   صلى الله عليه وآله وسلم  وأوصيائه  عليهم السلام  وإن وجب عليم تعظيمه واحترامه,لأنه مما يلزم على المملوك وإن قرب من المالك نهاية القرب تعظيم ما ينسب إليه من أقوال وعيال وأولاد وبيت ولباس وهكذا لأن ذلك تعظيم للمالك فتواضعهم لبيت الله وتبركهم بالحجر والأركان وبالقرآن وبالمكتوب من أسمائه وصفاته من تلك الحيثية لا يقضي لها بزيادة الشرفية.

المبحث الخامس تلاوة القرآن الكريم

إن تلاوته أفضل من تلاوة الدعاء والأذكار والأحاديث القدسية وغيرها,وإن ورد العكس في الدعاء وهي في نفسها سنة من دون حاجة إلى فهم المعاني مجملاً وتفصيلاً,نعم يعتبر فيها القرآنية كما يعتبر في الذكر والدعاء فهم الذكرية والدعائية ونحوها في نحوها(1) وربما يكفي مجرد العلم مما يتقرب به.

المبحث السادس متشابه القرآن الكريم

إن فيه المتشابه الذي لا يعلم إلا بتعليم,كأسماء العبادات من الصلاة والصيام والحج وأسماء لا تعرفها العرب,كالحروف في مفتتح السور وأسماء أشياء توجد في الآخرة,وفيه المبين الذي يعرفه العرب بلسانهم وبه عرف الإعجاز وحج الخصوم(2)من غير أهل الإسلام وبه يتضح حال الصحيح من الأخبار بعرضها عليه,وعليه مدار الضرورة والسيرة واحتجاج النبي   صلى الله عليه وآله وسلم  والأئمة  عليهم السلام  والأصحاب سلفاً بعد سلف,وعليه بنى عمل الاستخارة وما يكتب من الهياكل من غير رجوع إلى تفسير,وحجيته من ضروريات الدين وقد مر الكلام فيه مفصلاً.

المبحث السابع لا زيادة في القرآن الكريم

في زيادته,لا زيادة من سورة ولا آية من بسملة وغيرها لا كلمة ولا حرف وجميع ما بين الدفتين مما يتلى كلام الله تعالى بالضرورة من المذهب بل الدين وإجماع المسلمين وأخبار النبي   صلى الله عليه وآله وسلم  والأئمة الطاهرين  عليهم السلام  وإن خالف بعض من لا يعتد به في دخول بعض ما رسم في اسم القرآن.

المبحث الثامن لا نقيصة في القرآن الكريم

في نقصه لا ريب في أنه محفوظ من النقصان بحفظ الملك الديان,كما دل عليه صريح القرآن وإجماع العلماء في جميع الأزمان,ولا عبرة بالنادر وما ورد من أخبار النقيصة تمنع البديهة من العمل بظاهرها ولا سيما ما فيه نقص ثلث القرآن أو كثير منه,فإنه لو كان ذلك لتواتر نقله لتوافر الدواعي عليه ولأتخذه غير أهل الإسلام من أعظم المطاعن على الإسلام وأهله,ثم كيف يكون ذلك وكانوا شديدي المحافظة على ضبط آياته وحروفه وخصوصاً ما ورد أنه صرح فيه بأسماء كثير من المنافقين في بعض السور ومنهم فلان وفلان,وكيف يمكن ذلك وكان من حكم النبي الستر على المنافقين ومعاملتهم بمعاملة أهل الدين ثم كان   صلى الله عليه وآله وسلم  يخشى على نفسه الشريفة منهم حتى أنه حاول عدم التعرض لنصب أمير المؤمنين عليه السلام  حتى جاءه التشديد التام من رب العالمين, فلابد من تأويلها بأحد وجوه أحدها:النقص مما خلق لا مما انزل.ثانيها:النقص مما انزل إلى السماء لا مما وصل إلى خاتم الأنبياء.ثالثها:النقص في المعاني.رابعها:إن النقص من الأحاديث القدسية.والذي أختاره أن المنزل من الأصل ناقص في الرسم وما نقص منه محفوظ عند النبي   صلى الله عليه وآله وسلم  وآله  عليهم السلام  وأما ما كان للإعجاز الذي شاع في الحجاز وغير الحجاز فهو مقصور على ما اشتهر بين الناس لم يغيره شيء من النقصان من زمن النبي   صلى الله عليه وآله وسلم  إلى هذا الزمان وكل ما خطب أو خاطب به النبي   صلى الله عليه وآله وسلم  على المنبر لم يتبدل ولم يتغير.

المبحث التاسع معنى القراءة في القرآن الكريم

في بيان معنى القراءة والتلاوة وتحقق للقادر بالإتيان بالحروف على النحو المألوف والنطق بالكلمات على نحو ما صنعت عليها من الهيئات فلا عبرة بأحاديث النفس ولا بالصوت الخارج من الفم ولا يدعي حرفاً عرفاً ولا بالحروف المقطعات التي لم يحصل بها هيأت الكلمات ولا مع الفصل بسكوت أو كلام طويلين بين الحروف أو الكلمات حتى يكونا عن اسم القرآن والقراءة مخرجين ويكتفي من العاجز عن البعض بقدر المقدور منها ومن العاجز عن الكل بلوك اللسان مع الإشارة بدلا عنها و لا اعتبار بالحروف المنثورة ولا بالقراءة المقلوبة ولا بالمشتركة التي قصد بها غيرها وهذا جار في جميع الكلمات الداخلة في الأذكار والدعوات.

المبحث العاشر ما يحرم في القرآن الكريم

في بيان ما يحرم منها وهو أقسام منها(1)ما يشتمل على الغناء(2) وقد سبق تحقيق معناه ومنها ما يكون مؤذياً للمصلين ومزعجاً للنائمين ونحو ذلك, ومنها ما يرفع زائدا على العادة(3) حتى لا يبقى للقرآن حرمة(4) ومنها ما يفضي إلى فساد الصلاة أو خروج وقتها كقراءة سور العزائم في الفرائض أصلية أو عارضية أو ما يفوت وقت الفريضة الواجبة, ومنها ما يكون بلسان مغصوب كلسان العبد مع منع مولاه, ومنها ما يكون في مكان مغصوب في وجه قوي. أما ما كان في آلة معدة للتصويت فلا شك في تحريمه ومنها ما يتلذذ فيه بالسماع من الأجانب لترطيب الصوت وتلطيفه,
ومنها(5)يكون في وقت عبارة مضيقة وإن لم تكن حرمته أصلية في أحد الوجوه,ومنها ما يكون في حالة ينهى عنها بسببها كقراءة العزائم للجنب ونحوه,ومنها ما يحرم لندر عدمه ونحوه حيث يعارضه أرجح منه وهذا الحكم متمش في جميع أقسام القراءة في ذكر ودعاء ومدح وثناء وغيره من باقي الأشياء.

المبحث الحادي عشر استحباب تعليق القرآن الكريم في البيت

في استحباب أن يكون في البيت وان يعلق فيه والظاهر أن المراد منه مجرد الوجود لأن كلا منهما ينفي الشياطين ويكره ترك القراءة فيه لقول الصادق عليه السلام  (ثلاثة يشكون إلى الله تعالى،مسجد خراب لا يصلى فيه أهله وعالم بين جهال ومصحف معلق قد وقع عليه الغبار ولا يقرأ فيه).

المبحث الثاني عشر تعلم وتعليم القرآن الكريم

في تعلمه أو تعليمه للصبيان وغيرهم،فعن النبي   صلى الله عليه وآله وسلم  (خياركم من تعلم القرآن وعلمه)وعنه   صلى الله عليه وآله وسلم  (إذا قال المعلم للصبي قل بسم الله الرحمن الرحيم فقد كتب الله براءة للصبي ولأبويه وللمعلم)وعنه   صلى الله عليه وآله وسلم  (ما من رجل علم ولده القرآن إلا توج الله أبويه يوم القيامة بتاج الملك وكساه حلتين لم ير الناس مثلهما) وعن الصادق عليه السلام  (ينبغي للمؤمن أن لا يموت حتى يتعلم القرآن أو يكون في تعليمه إلى غير ذلك وعن أمير المؤمنين عليه السلام  (إن الله ليهم بعذاب أهل الأرض فلا يحاشي منهم أحداً فينظر إلى أهل الشيب ناقلي أقدامهم إلى الصلاة والوالدان يتعلمون القرآن فيؤخر ذلك عنهم)وعن الصادق عليه السلام  (لا تنزلوا النساء الغرف ولا تعلموهن الكتابة ولا سورة يوسف وعلموهن المغزل(1)وسورة النور).

المبحث الثالث عشر إكرام القرآن الكريم

في إكرامه وعدم إهانته ففي الرواية أنه يجيء يوم القيامة فيقول الله وعزتي وجلالي وارتفاع مكاني لأكرمن اليوم من أكرمك ولأهينن من أهانك.وبيعه من الكافر ومطلق تمليكه وتمكينه منه برهانه وإعارة أو أمانة من الإهانة حرام وعقده فاسد وفي إلحاق من فسدت عقيدته به وجه والأقوى خلافه لأنه يرى تعظيمه واحترامه.وبيعه ومطلق المعاوضة عليه مع إدخال الكتابة من مكروه الإهانة وبيع الجلد والورق ونحوهما مغن عن تعلق البيع به وهل هو من المجاز فالإكرام يتجنب الصورة أو من الحكم لا من الاستعمال أو من الإشارة كذلك وجوه أوجهها الأول والنقش والكتابة بالذهب منافيان للأدب لأن العظمة تأبى ذلك وربما ألحق به جميع التحسينات ولعل ذلك هو الباعث على كراهة ذلك في المساجد أو من جهة نقص الدنيا وزينتها وفي تمشية ذلك إلى الكتب المحترمة وجه.

المبحث الرابع عشر في إكرام أهله في القرآن الكريم

في إكرام أهله وعدم إهانتهم فعن النبي   صلى الله عليه وآله وسلم  أن أهل القرآن في أعلى درجة من الآدميين ما خلا النبيين والمرسلين فلا تستضعفوا أهل القرآن حقوقهم فإن لهم من الله العزيز الجبار لمكانا.

المبحث الخامس عشر في شرف حملة القرآن الكريم

في شرف حملته فعن النبي   صلى الله عليه وآله وسلم  أشراف أمتي حملة القرآن مما وجد وأصحاب الليل.وعنه   صلى الله عليه وآله وسلم  حملة القرآن في الدنيا عرفاء أهل الجنة يوم القيامة.وعنه   صلى الله عليه وآله وسلم  حملة القرآن المخصوصون برحمة الله تعالى الملبسون نور الله تعالى المعلمون كلام الله تعالى المقربون عند الله تعالى من والاهم فقد والى الله تعالى ومن عاداهم فقد عادى الله تعالى.

المبحث السادس عشر حفظ القرآن الكريم

في حفظه عن الصادق عليه السلام  الحافظ للقرآن العامل به مع السفرة الكرام البررة.وعنه أن الذي يعالج القرآن ويحفظه بمشقة منه لقلة حفظه له أجران.

المبحث السابع عشر ترك السفر بالقرآن إلى ارض العدو

في ترك السفر به إلى أرض العدو،وروي أن النبي   صلى الله عليه وآله وسلم  نهى أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو مخافة أن يناله العدو ويراد بهم الكفار.والظاهر أن الحكم دائر مدار خوف ذلك.

المبحث الثامن عشر الإسرار في القرآن الكريم

  في الإسرار به وروي أن النبي   صلى الله عليه وآله وسلم  قال لأبي ذر اخفض صوتك عند الجنائز وعند القتال وعند القرآن.وروي ما يعارضه وينزل على اختلاف الجهات والنيات.

المبحث التاسع عشر الطهارة في قراءة القرآن الكريم

في الطهارة حال قراءته فعن أبي الحسن عليه السلام  لا تقرؤوا من غير وضوء. وعن علي عليه السلام  مثله وروي أن للقارئ المتطهر في غير صلاة خمساً وعشرين حسنة ولغير المتطهر عشر حسنات.

المبحث العشرون الخضوع والخشوع عند قراءة القرآن الكريم

 في الخضوع والخشوع والتذلل روي أن النبي   صلى الله عليه وآله وسلم  نادى بأعلى صوته يا حامل القرآن تواضع به،يرفعك الله تعالى ولا تعزز به فَيُذِلُّكَ الله،يا حامل القرآن تزين به لله يزينك الله تعالى،ولا تتزين به للناس فيشينك الله تعالى،من ختم القرآن فكأنما أدرجت النبوة بين جنبيه ولكنه لا يوحى إليه.

المبحث الحادي والعشرون البكاء والتباكي عند قراءة القرآن الكريم

  البكاء والتباكي عند سماع قراءته.روي أن النبي   صلى الله عليه وآله وسلم  أتى شباباً من الأنصار فقال إني أريد أن أقرأ عليكم فمن بكى فله الجنة ومن تباكى فله الجنة.

المبحث الثاني والعشرون الاستخارة في القرآن الكريم

  الاستخارة به بفتحه وملاحظة أول ما يقع عليه النظر والتفاؤل به للرواية.والمعارض للتفاؤل لا نعتبره.

المبحث الثالث والعشرون الرقة والخوف عند قراءة القرآن الكريم

 أنه يستحب للقارئ والمستمع استشعار الرقة والخوف دون إظهار الغشية ونحوها.فقد روي عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام  قال:قلت له إن قوماً إذا ذكروا شيئاً من القرآن أوحد ثوابه صعق أحدهم حتى يرى أن أحدهم لو قطعت يداه ورجلاه لم يشعر فقال سبحان الله تعالى ذلك من الشيطان.

المبحث الرابع والعشرون العوذة والرقية في القرآن الكريم

  العوذة والرقية والنشرة إذا كانت من القرآن،وكذا إذا كانت من الذكر أو مروية عنهم لا بأس بها دون غيرها من الأشياء المجهولة،ولا بأس بتعليق التعويذ من القرآن والدعاء والذكر كما ورد في الأخبار.

المبحث الخامس والعشرون كتابة شيء في القرآن الكريم

كتابة شيء من القرآن وغسله وشرب مائه كما في الأخبار،وروي أن من كان في بطنه ماء أصفر فليكتب على بطنه آية الكرسي ويغسلها ويشربها ويجعلها ذخيرة في بطنه فإنه يبرئ بإذن الله،وإنه نهى عن كتابة شيء من كتاب الله بالبزاق(1)وأن يمحى به.

المبحث السادس والعشرون الحزن عند قراءة القرآن الكريم

  قراءة الحزن روي أن قراءة موسى بن جعفر عليه السلام  كانت حزناً فإذا قرأ فكأنه يخاطب إنساناً.

المبحث السابع والعشرون النظر عند قراءة القرآن الكريم

استحباب القراءة بالمصحف نظراً،فعن الصادق عليه السلام  من قرأ القرآن بالمصحف متع ببصره وخفف عن والديه وإن كانا كافرين.وعن النبي   صلى الله عليه وآله وسلم  ليس شيء أشد على الشيطان من قراءة المصحف نظراً.وسأل الصادق عليه السلام  رجل فقال إني أحفظ القرآن على ظهر قلبي أفضل أو أنظر في المصحف؟فقال له بل اقرأه وانظر في المصحف فهو أفضل أما علمت أن النظر في المصحف عبادة.وروي أن النظر في المصحف من غير قراءة عبادة.

المبحث الثامن عشر الإنصات عند قراءة القرآن الكريم

أنه يجب الإنصات للقراءة على المأموم إذا سمع قراءة الإمام كما في الأخبار.

المبحث التاسع والعشرون التفكر في معاني القرآن الكريم

يستحب التفكر في معاني القرآن،وأمثاله ووعده ووعيده،وما يقتضي الاعتبار والتأثر والاتعاظ وسؤال الجنة والاستعاذة من النار عند سماع آياتهما،كما في الأخبار وروي عن ابن عباس أن أبا بكر قال:يا رسول الله أسرع إليك الشيب فقال   صلى الله عليه وآله وسلم  :شيبتني هود والواقعة والمرسلات وعم يتساءلون وعنه   صلى الله عليه وآله وسلم  قال أني لأعجب كيف لا أشيب إذا قرأت القرآن.

المبحث الثلاثون المواضع التي لا ينبغي قراءة القرآن الكريم فيها

روي أنه لا ينبغي قراءة القرآن من سبعة:الراكع والساجد وفي الكنيف وفي الحمام والجنب والنفساء والحائض.

المبحث الحادي والثلاثون حكم العربية في قراءة القرآن الكريم

حكم العربية وشهرة القراءة وأحكام العجز والقدرة واعتبار السبعة أو العشرة لا فرق فيها بين الصلاة وغير الصلاة، وقد مر تحقيقه فلا حاجة إلى الإعادة ويفرق بين المقامين باشتراط التوالي في القسم الأول بين الحروف والكلمات والآيات والسور في مقام جواز القرآن مثلاً وإنما يعتبر هنا في القسم الأول بلا ريب وأما في غير الصلاة فيعتبر فيه الضرب الأول بلا ريب وفي الثاني في وجه قوي وفي الثالث والرابع لا عبرة به فلو قطع قراءته على آية أو سورة ثم عاده بعد زمان فأتم ثم استمر إلى آخر القرآن فقد ختم ولو كان أجيراً القراءة أو قراءة سور فانكشف مع الفاصلة غلطة في بعض آياتها جاء بآية الغلط فقط ولا يجوز الاقتصار على حرف أو كلمة ولو نزلها إلى الاخر عن محل الغلط كان أحوط.

المبحث الثاني والثلاثون الاستعاذة عند قراءة القرآن الكريم

أنه يستحب الإستعاذة من الشيطان عند قراءة أي سورة كانت وعند القراءة مطلقاً ويكفي مطلق التعوذ وعن العسكري عليه السلام  أنه قال لشخص إن الذي ندبك الله إليه وأمرك به عند قراءة القرآن أن تقول أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم.

المبحث الثالث والثلاثون كراهية ترك قراءة القرآن الكريم

أنه يكره ترك القراءة حتى يبعث على النسيان وفي الأخبار أن المنسي يأتي بصورة حسناء يوم القيامة ثم يخاطب الناسي ويلومه على النسيان وحرمانه.

المبحث الرابع والثلاثون ترتيل القرآن الكريم

ترتيل القراءة فعن أمير المؤمنين عليه السلام  بيّنه تبينا ولا تهذه هذّ الشعر وتنثره نثر الرمل ولا يكن هم أحدكم آخر السورة وعن الصادق عليه السلام  أعرب القرآن فإنه عربي وعنه عليه السلام  أنه يكره أن تقرأ الفاتحة وقل هو الله أحد أو خصوص قل هو الله في نفس واحد وعنه عليه السلام  أنه التمكث وتحسين الصوت وروي أن النبي   صلى الله عليه وآله وسلم  كان يقطه آية آية.

المبحث الخامس والثلاثون ثواب إهداء قراءة القرآن الكريم

أنه يستحب إهداء ثواب القراءة إلى النبي   صلى الله عليه وآله وسلم  والأئمة والزهراء J والمؤمنين ليكون معهم في الجنة.

المبحث السادس والثلاثون تأكيد استحباب تلاوة القرآن الكريم

يستحب قراءته استحباباً مؤكداً ففي وصية النبي   صلى الله عليه وآله وسلم  لأمير المؤمنين عليه السلام  عليك بتلاوة القرآن على كل حال.وعن أبي جعفر عليه السلام  من قرأ القرآن قائماً في صلاته كتب له الله بكل حرف مائة حسنة.وفي خبر آخر إضافة(ومحا عنه مائة سيئة ورفع له مائة درجة)ومن قرأه جالساً كتب الله له بكل حرف خمسين ومن قرأه في صلاته كان له بكل حرف عشر حسنات.

المبحث السابع والثلاثون استحباب سماع القرآن الكريم

إنه يستحب استماع قرائته,فعن الصادق عليه السلام  أنه من استمع حرفاً منه من غير قراءة كتب الله له حسنة ومحا عنه سيئة ورفع له درجة. وروي أن لمستمع قراءة الفاتحة ما لقارئها من الثواب.

المبحث الثامن والثلاثون استحباب الإكثار من قراءة القرآن الكريم

إنه يستحب كثرة القراءة فعن الكاظم عليه السلام  أن درجات الجنة على قدر آيت القرآن.وسئل زين الساجدين عليه السلام  أي الأعمال أفضل؟فقال الحال المرتحل,فقيل له ما الحال المرتحل؟فقال فتح القرآن وختمه.وسئل النبي   صلى الله عليه وآله وسلم  أي الرجال خير ؟ فقال الحال المرتحل,فسئل وما الحال المرتحل؟فقال الذي يفتح القرآن ويختمه.وعن أبي جعفر عليه السلام  إنما شيعة علي عليه السلام  الناجون الناحلون الذابلون إلى أن قال كثيرة صلاتهم كثيرة تلاوتهم للقرآن.

المبحث التاسع والثلاثون استحباب تعليم القرآن الكريم

إنه يستحب تعليم الأولاد للقرآن,فقد روي أن الله يدفع عن أهل الأرض العذاب بعد استحقاقهم,إلا أن يبقى منهم أحد بنقل أقدام الشيب إلى الصلاة وتعلم الأولاد القرآن.

المبحث الأربعون قراءة القرآن تُكثِّر الرزق

روي أن كل من دخل الإسلام طائعاً وقرأ القرآن طاهراً فله في كل سنة مائتا دينار في بيت مال المسلمين,فإن منع أخذها في الدنيا أخذها يوم القيامة(1).

المبحث الحادي والأربعون استحباب الإكثار من قراءة بعض السور

إنه يستحب الاكثار من قراءة بعض السور منها سورة الفاتحة,روي أنه لو قرئت على ميت سبعين مرة ثم ردت فيه الروح لم يكن عجباً وان من لم تبرءه الفاتحة لم يبرءه شيء,وإن من لم يقرأ الحمد وقل هو الله أحد لم يبرءه شيء وأن النبي   صلى الله عليه وآله وسلم  إذا أصابته عين أو صداع بسط يديه فقرأ الفاتحة والمعوذتين ثم يمسح بهما وجهه فيذهب ما فيه.وأن الصادق عليه السلام  قال إن النبي قال من نالته علة فليقرأ في جيبه الحمد سبع مرات(2) وإلا فليقرأها سبعين مرة ثم قال وأنا الضامن له العافية.وعن النبي   صلى الله عليه وآله وسلم  أنه قال لجابر أفضل سورة في الكتاب الفاتحة وهي شفاء من كل داء عدا الموت,وهي أشرف ما في كنوز العرش.ومنها سورة الاخلاص فإنه يستحب الإكثار من قراءتها فعن الباقر عليه السلام  من قرأها مرة بورك عليه ومرتين عليه وأهله وثلاث مرات عليه وأهله وجيرانه واثنتي عشر مرة بني له اثنا عشرة قصراً في الجنة ومئة مرة غفرت ذنوب خمس وعشرين سنة ما خلا الدماء والأموال وأربعمئة مرة له ثواب أربعمئة شهيد كلهم عقر جواده وأريق دمه وألف مرة لم يمت حتى يرى مقعده من الجنة.وروى أن سعد بن معاذ صلى عليه سبعون ألف ملك لأنه كان يقرأ سورة التوحيد قائماً وقاعداً وراكباً وماشياً وذاهباً وجائياً.وروى أنها مرة ثلث القرآن ومرتين ثلثان وثلاثة كله,وأنها ثلث التوراة وثلث الانجيل وثلث الزبور.وقال عليه السلام  المفضل احتجب عن الناس كلهم بقراءة التوحيد عن يمينك وعن شمالك ومن قدامك وورائك وفوقك وتحتك وإذا دخلت على سلطان جائر فاقرأها حين تنظر إليه ثلاث مرات وأعقد بيدك اليسرى ثم لا تفارقها حتى تخرج من عنده وعنه عليه السلام  (من مضت له جمعة ولم يقرأ فيها قل هو الله أحد ثم مات مات على دين أبي لهب)وعنه(من أصابه مرض أو شدة ولم يقرأ في مرضه أو شدته قل هو الله أحد فهو من أهل النار)وعنه عليه السلام  (أنه قال من مضت به ثلاث أيام ولم يقرأ فيها قل هو الله أحد فقد خذل ونزعت ربقة الإيمان من عنقه وإن مات في هذه الأيام الثلاثة مات كافراً بالله العظيم) ولابد من تنزيل هذه الأخبار على من استهان بها أو تركها لعدم تصديق قول المعصوم في أمر ثوابها ومنها سورة الأنعام فإنه يستحب الإكثار من قراءتها،فعن الصادق عليه السلام  أنها نزلت جملة يشيعها سبعون ألف ملك حتى أنزلت على محمد   صلى الله عليه وآله وسلم  فعظموها وبجلوها فإن اسم الله في سبعين موضعاً منها ولو يعلم الناس ما في قراءتها ما تركوها.ومنها سورة الملك فإنه يستحب الإكثار من قراءتها روي أن من قرأها قبل أن ينام فهو في أمان حتى يصبح وفي أمان يوم القيامة ومن قرأها أمن في قبره من منكر ونكير إن أتوه من رجليه أو من جوفه أو من لسانه قلن هذا العبد كان يقرأ من قبلنا سورة الملك ومنها التوحيد فإنه يستحب قراءتها عند النوم مائة مرة لتغفر له ذنوبه خمسين عاماً مما سبق أو خمسين أو إحدى عشرة لأن من قرأها إحدى عشرة حفظته في داره ودويرات أهله ومنها قراءة آية آخر الكهف عند النوم وهو(قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ)  الآية ليسطع له نور إلى المسجد الحرام وفي آخر إلى بيت الله الحرام ومنها آية السبحات عند النوم لا يموت حتى يدرك القائم عليه السلام  ومنها سورة يس فإنه يستحسب الإكثار من قراءتها فعن الصادق عليه السلام  إن لكل شيء قلباً وقلب القرآن يس من قرأها قبل أن ينام أو في نهاره قبل أن يمسي كان في نهاره من المحفوظين والمرزوقين حتى يمسي ومن قرأها في ليله قبل أن ينام وكل الله به ألف ملك يحفظونه من كل شيطان رجيم ومن كل آفة وإن مات في يومه أدخله الله الجنة.وعن جابر عن أبي جفعر عليه السلام  (أن من قرأ يس في عمره مرة واحدة كتب الله له بكل خلق في الدنيا وكل خلق في الآخرة وفي السماء بكل واحدة ألف حسنة)ومحي عنه مثل ذلك ولم يصبه فقر ولا عدم ولا هدم ولا نصب(1)ولا جنون ولا جذام ولا وسواس ولا داء يضره وخفف الله عنه سكرات الموت وأهواله وتولى الله قبض روحه وكان ممن يضمن الله السعة في معيشته والفرج عند لقائه والرضا بالثواب في آخرته وقال الله تعالى لملائكته أجمعين من في السماوات ومن في الأرضين قد رضيت عن فلان فاستغفروا له.

المبحث الثاني والأربعون استحباب قراءة وختم القرآن الكريم

   إنه يستحب ختمه في كل شهر مرة أو في كل سبعة أيام وفي كل ثلاثة أيام أو في ليلة واحدة مع الترتيل والتأمل في المعاني وسؤال الجنة والتعوذ من النار عند قراءة آيتيهما.وعن الصادق عليه السلام  أنه قال لا يعجبني أن يقرأ القرآن في أقل من شهر، وأن أصحاب محمد   صلى الله عليه وآله وسلم  يقرأه أحدهم في شهر أو أقل.

المبحث الثالث والأربعون استحباب قراءة القرآن الكريم في البيت

إنه يستحب قراءته في البيت،فعن الصادق عليه السلام  أن البيت إذا كان فيه مسلم يقرأ القرآن تراءى لأهل السماوات كما يتراءى الكوكب الدري لأهل الأرض وتنزل البركة وتحضر الملائكة فيه.وقال النبي   صلى الله عليه وآله وسلم  نوروا بيوتكم بتلاوة القرآن ولا تتخذوها قبورا(1)كما فعلت اليهود والنصارى ولا تكونوا كاليهود عطلوا توراتهم واستعملوا الكنائس.

المبحث الرابع والأربعون استحباب قراءة بعض السور

إنه يستحب قراءة شيء من القرآن كل ليلة،فعن أبي جعفر عليه السلام  وعن النبي  صلى الله عليه وآله وسلم  أن من قرأ عشر آيات في كل ليلة لم يكتب من الغافلين ومن قرأ خمسين كتب من الذاكرين ومن قرأ مائة كتب من القانتين ومن قرأ مائتين كتب من الخاشعين ومن قرأ ثلاثمئة كتب من الفائزين ومن قرأ خمسمائة كتب من المجتهدين ومن قرأ ألف آية كتب له قنطار من تبر.والقنطار خمسة عشر ألف مثقال من الذهب والمثقال أربعة وعشرون قيراطاً أصغرها مثل جبل أحد وأكبرها ما بين السماء والارض.

المبحث الخامس والأربعون استحباب قراءة القرآن الكريم في شهر رمضان 

إنه تستحب قراءته في شهر رمضان,فإن لكل شيء ربيعاً وربيع القرآن شهر رمضان.

المبحث السادس والأربعون استحباب قراءة بعض الآيات في القرآن الكريم

قراءة خمسين آية في كل يوم لقول الصادق عليه السلام  القرآن عهد الله إلى خلقه فقد ينبغي للمرء المسلم أن ينظر إلى عهده ويقرا منه كل يوم خمسين آية.

المبحث السابع والأربعون استحباب ختم القرآن الكريم بمكة

ختمه بمكة، فعن أبي جعفر من ختم القرآن بمكة من جمعة إلى جمعة أو أقل من ذلك أو أكثر وختمه في يوم جمعة كتب له من الأجر والحسنات من أول جمعة كانت في الدنيا الى آخر جمعة تكون فيها,وكذلك ختمه في سائر الأيام.

المبحث الثامن والأربعون استحباب قراءة السور مرتبة في القرآن الكريم

في بيان ما نص على استحبابه من السور مرتبا,ويتوقف على بيانها ذكر أمور منها سورة البقرة وآل عمران ليجيء يوم القيامة مظللا على رأسه بعمامتين أو مثلهما ومنها قراءة أربع آيات من أول البقرة وآية الكرسي وآيتين بعدها وثلاث آيات من آخرها حتى لا يرى في نفسه وماله شيئاً يكرهه ولا يقربه الشيطان ولا ينسى القرآن,ومنها سورة المائدة في كل خميس فقارئها كذلك لم يلتبس إيمانه بظلم ولم يشرك به أبداً,ومنها سورة الأنفال وسورة براءة فإنّ من قرأهما في كل شهر لم يدخله نفاق أبداً وكان من شيعة أمير المؤمنين عليه السلام  ومنها سورة يونس فإن قرأها في كل شهر أو ثلاثة لم يخف عليه أن يكون من الجاهلين وكان يوم القيامة من المقربين,ومنها سورة يوسف فإنّ من قرأها في كل يوم أو في كل ليلة بعثه الله تعالى إلى يوم القيامة وجماله مثل جمال يوسف ولا يصيبه فزع يوم القيامة وكان من خيار عباد الله الصالحين وقال إنها كانت في التوراة مكتوبة,ومنها سورة الرعد فإن من اكثر قرائتها لم يصبه الله بصاعقة أبداً ولو كان ناصبياً وإذا كان مؤمناً أدخل الجنة بغير حساب وينتفع في جميع من يعرف من أهل بيته وإخوانه,ومنها سورة النحل فإن من قرأها في كل شهر كفي الغُرم في الدنيا وسبعين نوعا من أنواع البلاء أهونها الجنون والجذام والبرص وكان مسكنه في جنة عدن وهي وسط الجنان,ومنها سورة مريم فإن من أدمن قرائتها لم يمت حتى يصيب منها ما يعينه في نفسه وماله وولده وكان في الآخرة من أصحاب عيسى بن مريم وأعطي في الآخرة مثل ملك سليمان في الدنيا، ومنها سورة طه فإن الله تعالى يحبها ويحب قراءتها ومن أدمن قراءتها أعطاه الله تعالى يوم القيامة كتابه بيمينه ولم يحاسبه بما عمل في الإسلام وأعطي في الآخرة من الأجر حتى يرضى,ومنها سورة الأنبياء فإن من قرأها حباً لها كان ممن رافق النبيين أجمعين في جنات النعيم وكان مهيبا في أعين الناس في الحياة الدنيا,ومنها سورة الحج فإن من قرأها في كل ثلاثة أيام لم تخرج سنة حتى يخرج إلى بيت الله الحرام وإن مات في سفره دخل الجنة وإن كان مخالفا خفف عنه بعض ما هو فيه,ومنها سورة النور ليحصن بها الأموال والفروج والنساء فإن من أدمن قراءتها في كل يوم وفي كل ليلة لم يزن أحد من أهل بيته أبداً حتى يموت فإذا هو مات شيعه إلى قبره سبعون ألف ملك كلهم يدعون ويستغفرون الله له حتى يدخل إلى قبره,ومنها سورة الفرقان الآية (تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ) فإن من قرأها في كل ليلة لم يعذبه الله تعالى أبداً ولم يحسابه وكان منزله في الفردوس الأعلى,ومنها سورة لقمان فإن من قرأها في كل ليلة أو في ليلة على اختلاف النسختين وكّلَ الله تعالى به في ليلته ملائكة يحفظونه من إبليس وجنوده حتى يصبح فإذا قرأها بالنهار لم يزالوا يحفظونه من إبليس وجنوده حتى يمسي,ومنها سورة الأحزاب فإن من كان كثير القراءة لها كان يوم القيامة بجوار محمد   صلى الله عليه وآله وسلم  وأزواجه,ومنها سورتا الحمدين حمد سبأ وحمد فاطر فإن من قرأهما في ليلة واحدة لم يزل في ليلته في حفظ الله تعالى ومن قرأهما في نهاره لم يصبه في نهاره مكروه وأعطي من خير الدنيا وخير الآخرة ما لم يخطر على قلبه ولم يبلغ مناه,ومنها سورة الزمر فإن من قرأها أعطاه الله تعالى من شرف الدنيا والآخرة وأعزه بلا مال ولا عشيرة حتى يهابه من يراه وحرم جسده على النار وبني له في الجنة ألف مدينة,ومنها سورة (حم المؤمن) فإن من قرأها في كل ليلة غفر الله ما تقدم من ذنبه وما تأخر وألزمه كلمة التقوى وجعل الآخرة خيراً له من الدنيا,ومنها سورة (حم السجدة) فإن من قرأها كانت له نوراً يوم القيامة مدّ بصره وسرورا وعاش في الدنيا محموداً مغبوطاً, ومنها سورة الشورى(حم، عسق) فإن من قرأها تعالى يوم القيامة ووجهه كالثلج أو كالشمس حتى يقف بين يدي الله تعالى فيقول عبدي أدمنت قراءة(حم عسق) إلى أن يقول ادخلوه الجنة,ومنها سورة (حم الزخرف)فإن من أدمن قراءتها آمنه في قبره من هوام الأرض ومن ضمة القبر حتى يقف بين يدي الله تعالى ثم يجيء حتى تكون هي التي تدخله الجنة بأمر الله تعالى,ومنها سورة الجاثية فإن من قرأها كان ثوابها أن لا يرى النار أبداً ولا يسمع زفير جهنم ولا شهيقها وهو مع محمد   صلى الله عليه وآله وسلم  ومنها سورة محمد (الذين كفروا)فإن من قرأها لم يذنب أبدا ولم يدخله شك في دينه أبداً ولم يبتله الله تعالى بفقر أبداً ولا خوف من سلطان أبداً ، ومنها سورة الفتح (إنا فتحنا) لتحصين الأموال والنساء وما ملكت اليمين من البنين وإن من أدمن قراءتها ناداه مناد يوم القيامة حتى تسمع الخلائق:أنت من عبادي المخلصين ألحقوه بالصالحين،ومنها سورة الحجرات فإن من قرأها في كل يوم او ليلة كان من زوار محمد   صلى الله عليه وآله وسلم  ،ومنها سورة الذاريات فإن من قرأها في يومه أو ليلته أصلح الله له معيشته وأتاه برزق واسع ونور له في قبره بسراج مزهر إلى يوم القيامة،ومنها سورة الطور فإن من قرأها جمع الله له خير الدنيا والآخرة،ومنها سورة النجم فإن من قرأها مدمنا لها في كل يوم أو ليلة عاش محموداً بين يدي الناس وكان مغفوراً له وكان محبوباً بين الناس،ومنها سورة القمر(اقتربت) فإن من قرأها أخرجه الله من قبره على ناقة من نوق الجنة،ومنها سورة الحشر فإن من قرأها لم تبق جنة ولا نار ولا عرش ولا كرسي ولا الحجب ولا السماوات السبع ولا الأرضون السبع والهوى والريح والطير والشجر والجبال والشمس والقمر والملائكة إلا صلوا عليه واستغفروا له وإن مات من يومه أو ليله مات شهيداً،ومنها سورة المعارج(سأل سائل)فإن من أكثر قراءتها لم يسأله الله تعالى عن ذنب عمله وأسكنه الجنة مع محمد  صلى الله عليه وآله وسلم  إن شاء الله تعالى،ومنها سورة الجن (قل أوحى) فإن من أكثر قراءتها لم يصبه في الحياة الدنيا شيء من أعين الجن ولا نفثهم ولا سحرهم ولا من كيدهم وكان مع محمد   صلى الله عليه وآله وسلم  فيقول يا رب لا أريد به بدلاً ولا أريد أن أبغي عنه حولاً،ومنها سورة القيامة(لا أقسم)فإن من أدمن قراءتها وكان يعمل بها بعثه الله تعالى مع رسول الله  صلى الله عليه وآله وسلم  في أحسن صورة ويبشره ويضحك في وجهه حتى يجوز على الصراط والميزان،ومنها سورة المرسلات فإن من قرأها عرف الله بينه وبين محمد   صلى الله عليه وآله وسلم  ،ومنها سورة النبأ (عم) فإن من أدمنها كل يوم لم تخرج سنة حتى يزور بيت الله الحرام إن شاء الله تعالى،ومنها سورة النازعات فإن من قرأها لم يمت إلا رياناً ولم يبعثه الله إلا رياناً ولم يدخله الجنة إلا رياناً،ومنها سورة (عبس)وسورة كورت (إذا الشمس كورت)فإن من قرأهما كان تحت جناح الله تعالى من الجنان وفي ظل الله وكرامته في جناته ولا يعظم ذلك على الله إن شاء الله تعالى،ومنها سور الشمس والليل والضحى والشرح (وألم نشرح)فإن من أكثر قراءتها في يومه وليلته لم يبق شيء بحضرته إلا شهد له يوم القيامة حتى شعره وبشره ولحمه ودمه وعروقه وعصبه وعظامه وجميع ما أقلت الأرض منه ويقول الرب تعالى قبلت شهادتكم لعبدي وأجزتها له،ومنها سورة العلق (اقرأ) فإن من قرأها في يومه أو ليلته ثم مات في يومه أو ليليته مات شهيداً وبعثه الله شهيداً وأحياه شهيدا وكان كمن ضرب بسيفه في سبيل الله مع رسول الله   صلى الله عليه وآله وسلم ,ومنها سورة البينة (لم يكن) فإن من قرأها كان بريئاً من الشرك وادخل في دين محمد  صلى الله عليه وآله وسلم  وبعثه الله مؤمناً وحاسبه حساباً يسيراً,ومنها سورة العاديات فإن من أدمن قراءتها بعثه الله مع أمير المؤمنين عليه السلام  يوم القيامة خاصة وكان في حجره ورفقائه,ومنها سورة القارعة فإن من أكثر قراءتها آمنه الله من فتنة الدجال أن يؤمن به ومن قيح جهنم يوم القيامة إن شاء الله تعالى,ومنها سورة  قريش (لإيلاف) فإن من أكثر قراءتها بعث يوم القيامة على مركب من مراكب الجنة حتى يعقل على موائد النور يوم القيمة.

 

المبحث التاسع والأربعون ما يستحب قوله بعد قراءة القرآن الكريم

في بيان ما يستحب أن يقال بعد السور وهو أقسام:

منها:ما بعد ختم التوحيد وهو(كذلك الله ربي)مرتين وفي بعضها ثلاثاً وفي بعضها قول(الله أحد)وفي بعض الروايات(كذلك الله ربي)مرة واحدة.ومنها:ما بعد ختم والشمس وضحاها وهو يقول(صدق الله وصدق رسوله).ومنها:ما بعد قراءة(الله خيرا ما يشركون)وهو أن يقول(الله خير الله خير الله أكبر).ومنها:ما بعد قراءة (الذين كفروا بربهم يعدلون) وهو قول(كذب العادلون بالله). ومنها:ما بعد قراءة(الحمد لله الذي لم يتخذا ولدا ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولي من الذل وكبره تكبيرا)وهو أن يقول(الله اكبر)ثلاثا.ومنها:ما في قراءة سورة الرحمن وهو أن يقول بعد كل قول(فبأي آلاء ربكما تكذبان)(لا بشيء من آلائك رب أكذب)وهذا وارد في قراءتها بعد الغداة وفي مطلق قراءتها إنه مع إضافته إنه إذا فعل ذلك ليلا ثم مات مات شهيدا وإذا فعل نهاراً فكذلك.ومنها:بعد قراءة السبحات الأخيرة وهو أن يقول(سبحان الله الأعلى)وفي رواية(سبحان ربي الأعلى).ومنها:ما بعد قراءة(إن الله وملائكته يصلون على النبي)وهو أن يصلي عليه في الصلاة أو في غيرها.ومنها:بعد قراءة والتين وهو أن يقول(بلا ونحن على ذلك من الشاهدين)وفي الأخبار(بلى بلى).ومنها:ما بعد قراءة(آمنا بالله)وهو أن يقول(آمن بالله)حتى يبلغ إلى قوله مسلمون.ومنها:ما بعد قراءة(تبت يدا أبي لهب)وهو أن يدعو على أبي لهب فإنه كان من المكذبين بما جاء به النبي   صلى الله عليه وآله وسلم  .ومنها:ما بعد قراءة الجحد وهو أن يقول سراً(يا أيها الكافرون)فإذا فرغ منها قال(الله ربي وديني الإسلام)ثلاثا.ومنها:ما بعد قراءة(لا أقسم بيوم القيامة)وهو أن يقول(سبحانك الله ويليّ).ومنها:ما بعد قراءة الفاتحة وهو أن يقول(الحمد لله رب العالمين).ومنها:ما بعد قراءة(يا أيها الذين آمنوا)وهو أن يقول (لبيك اللهم لبيك) سراً.ومنها:ما بعد قراءة(قل يا أيها الكافرون) وهو قول(يا أيها الكافرون)وبعد قول(لا اعبد ما تعبدون)يقول(أعبد الله وحده)وبعد قول(لا أعبد ما تعبدون)يقول(أعبد الله وحده)وبعد قول(لكم دينكم ولي دين)يقول(ربي الله وديني الإسلام).ومنها:بعد قراءة(اليس كذلك بقادر على أن يحي الموتى) وهو أن يقول(سبحانك اللهم وبلى).

المبحث الخمسون ما يستحب قراءته في الصلاة من السور

فيما يستحب قراءته في الصلاة من السور وهو أقسام:

القسم الأول:ما يستحب قراءته في مطلق الصلاة فرضها ونفلها وهي عدة,منها:المعوذتان وقد غلط ابن مسعود في إخراجهما من القرآن,ومنها:سورة التوحيد وسورة القدر في كل ركعة,فقد روي عن العالم عجباً لمن يقرأ إنا أنزلناه في صلاته كيف لا تقبل,وروي ما زكت صلاة لم يقرأ فيها قل هو الله أحد ومنها:قراءة الدخان(وسورة ق)والممتحنة والصف(وسورة ن)والحاقة ونوح والمزمل والانفطار والانشقاق والأعلى والغاشية والفجر والتين والتكاثر وأرأيت والكوثر والنصر ومنها قراءة التوحيد لمن غلط في السورة.

القسم الثاني:ما يستحب في مطلق الفريضة وهي عدة,منها:القدر والتوحيد والحجر ومنها:الحديد والمجادلة والتغابن والطلاق والترحيم والمدثر والمطففين والبروج والبلد والقدر والهمزة والجحد والتوحيد.

القسم الثالث:ما يستحب في مطلق النافلة من السور وهي عدة,منها:التوحيد والقدر وآية الكرسي في كل ركعة من التطوع ومنها:الزلزلة والعصر,والظاهر إلحاق الحواميم والرحمن بهما.

القسم الرابع:ما يستحب في خصوص بعض الفرائض وهي أمور,منها:قراءة التوحيد والجحد في ركعتي الطواف,والظاهر شمول النافلة وركعتي الفجر إذا أصبح بها.روي أنهما يقرءان في سبعة مواضع الركعتين قبل الفجر وركعتي الزوال وركعتين بعد المغرب وركعتين من أول صلاة الليل وركعتي الإحرام والفجر إذ أصبحت بها وركعتي الطواف,وفي خبر آخر أنه يبتدأ في هذا كله بقل هو الله أحد وفي الثاني بقل يا أيه الكافرون إلا في الركعتين قبل الفجر فإنه يبتدأ فيها بقل يا أيها الكافرون وفي الثانية التوحيد ومنها قراءة الجمعة والأعلى ليلة الجمعة ومنها قراءة الجمعة والمنافقين في عشاء الجمعة وظهرها وصبحها وصلاة الجمعة وصلاة عصرها ومنها قراءة الجمعة والتوحيد ليلة الجمعة ومنها قراءة الجمعة والأعلى في صبح يوم الجمعة ومنها قراءة الجمعة والتوحيد في مغرب يوم الجمعة ومنها قراءة الجمعة والأعلى في عشاء ليلة لجمعة ومنها قراءة هل أتى وهل أتاكَ في صبحي الاثنين والخميس الأولى في الركعة الأولى والثانية في الثانية ومنها قراءة عم وهل أتى ولا أقسم وشبهها في الغداة وسبح أو الشمس أو هل أتاك ونحوها في الظهر والعشاء والتوحيد والنصر والزلزال ونحوها في المغرب والعصر.

القسم الخامس:ما يستحب في خصوص بعض النوافل وهي أمور,منها:قراءة سورة الجحد في الأولى والتوحيد في الثانية من المغرب,وفيما عداهما ما اختار.وروي أنه يقرأ في الثالثة الفاتحة وأول الحديد إلى قوله تعالى(عليم بذات الصدور)وفي الرابعة الفاتحة وآخر الحشر.ومنها:قراءة التوحيد في الأولى والجحد في الاخيرة في الركعتين قبل الفجر وركعتي الزوال وركعتين بعد المغرب وركعتين من أول صلاة الليل وركعتي الإحرام. ومنها:أن يقرأ في نوافل الزوال في الركعة الأولى الفاتحة والتوحيد وفي الثانية الفاتحة والجحد وفي الثالثة الفاتحة والتوحيد وآية الكرسي وفي الرابعة الفاتحة والتوحيد وآخر البقرة (آمَنَ الرَّسُولُ ) الآية وفي الخامسة الفاتحة والتوحيد وخمس آيات من آل عمران(إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْض) إلى قوله تعالى: (ِ إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ) وفي السادسة الفاتحة والتوحيد وآية السحرة(إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْض) إلى قوله تعالى: ( إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِين) وفي السابعة الفاتحة والتوحيد وآيات من سورة الأنعام(وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ الْجِنَّ ) إلى قوله تعالى: ( وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ) وفي الثامنة الفاتحة والتوحيد وآخر سورة الحشر من قوله تعالى: (لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا القرآن عَلَى جَبَلٍ) الآية قال فإذا فرغت فقل:اللهم مقلب القلوب والأبصار ثبت قلبي على دينك ولا تزغ قلبي بعد إذ هديتني وهب لي من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب سبع مرات ثم تقول أستجير بالله من النار سبع مرات وروي أنه يستحب في كل ركعة قراءة الفاتحة والقدر والتوحيد وآية الكرسي وروي أنه يقرا في كل ركعة الحمد والتوحيد حتى تكون قراءته في الجميع ثمانين آية ومنها قراءة الجحد والتوحيد في ركعتي الفجر ومنها قراءة سورة الواقعة والتوحيد في صلاة نافلة العشاء وفي الخبر:من اشتاق إلى الجنة وصفتها فليقرأ الواقعة ومن أحب أن ينظر إلى صفة النار فليقرأ سورة لقمان ومن قرأ الواقعة كل ليلة قبل أن ينام لقى الله ووجهه كالقمر ليلة البدر.وفي خبر آخر من قرأ الواقعة كل ليلة أحبه الله وأحبه الناس أجمعون ولم ير في الدنيا بؤساً أبداً ولا فقراً ولا فاقة ولا آفة من آفات الدنيا وكان من رفقاء أمير المؤمنين عليه السلام  خاصة(هذه اللفظة الشريفة مما وجد في بعض نسخ الأصل إذ إن كثيراً من النسخ التي عثرنا عليها مع الاعتماد عليها خالية منها وعن كثير من مصححاتنا لهذا الكتاب على بعض نسخ الأصل وذلك من فضل الله تعالى علينا والحمد لله تعالى شأنه خاصة لم يشركه فيها أحد(ومنها قراءة هل أتى في الركعة الثانية من صلاة الليل ومنها قراءة الإخلاص في الركعتيين الأوليين من صلاة الليل في كل واحدة ثلاثين مرة لينفتل وليس بينه وبين الله ذنب.ومنها:قراءة التوحيد مرة مرة أو ثلاثا ثلاثا في كل واحدة من ثلاث الوتر وكل ما فرغ من الثلاث قال:  ذا كذاك أو كذلك الله ربي.ومنها:قراءة المعوذتين في الشفع الفلق في الأولى والناس في الثانية والتوحيد في الوتر.ومنها:قراءة المعوذتين والتوحيد في الوتر ليقال له يا عبد الله قد قبل الله وترك.ومنها:قراءة تسع سور رويت عن النبي   صلى الله عليه وآله وسلم  في ثلاث ركعات الوتر في الأولى والتكاثر والقدر والزلزال وفي الثانية العصر والنصر والكوثر وفي المفرد من الوتر الجحد والتوحيد وتبت.ومنها:أن يقرأ في صلاة الليل الجمعة في الأولى الحمد والتوحيد وفي الثانية الحمد والجحد وفي الثالثة الحمد والم سجدة وفي الرابعة الحمد والمدثر وفي الخامسة الحمد وحم السجدة وفي السادسة الحمد والملك وفي السابعة الحمد ويس وفي الثامنة الحمد والواقعة والم ثم يوتر بالمعوذتين والإخلاص وفي رواية أن في السابعة منها الحمد وسورة الملك والثامنة الحمد وهل أتى.انتهى ما في كتاب جدنا  رحمه الله  كشف الغطاء.

 

خاتمة في الاستخارة

وحيث أن الاستخارة تقع بالقرآن الكريم,وهي محل حاجة لأكثر المؤمنين رأينا اللازم أن لا نهمل البحث عنها والبحث عن الاستخارة مطلقاً إتماماً للفائدة فنقول الاستخارة في اصطلاح المتشرعة:طلب معرفة الخبر والصلاح في العمل من الله تعالى.وقد جربناها وجربها الثقاة فكانت أشبه بالوحي وإنها لأعظم دليل على وجود الله تعالى ووحدانيته وإنما يصح صدورها من الإنسان الجاهل بالعمل من حيث صلاحه وفساده وخيره وشره ونفعه وضره.وبالاستخارة يميز الجاهل المذكور صلاح العمل من فساده.وعليه فلا تصح من العالم بصلاح العمل أو فساده فليس تصح في شرب السم ولا في إلقاء الإنسان نفسه من الشاهق ولا في الواجبات ولا في المحرمات بل ولا في فعل المندوبات ولا في ترك المكروهات لمعرفة الصلاح فيها والفساد فلا معنى لاستشارة الله تعالى واستخارته فيها فهي خارجة عن مورد الاستخارة وإنما تصح في المباحات والمستحبات المتزاحمة لتميز ما هو الأصلح والأرجح وهكذا في الواجبات والمحرمات والمكروهات إذا تزاحمت صح الاستخارة في تعيين ما هو الأصلح والأرجح منها بل مع احتمال الضرر والشر في فعل المندوبات أو ترك المكروهات تصح أيضاً الاستخارة والاستخارة لمعرفة ما إذا كان الضرر والفساد موجوداً أم لا.

وفي الرسالة الغروية للمفيد أنه لا ينبغي للإنسان أن يستخير الله في شيء نهاه عنه ولا في أداء فرض وإنما الاستخارة في المباح وترك نفل إلى نفل لا يمكن الجمع بينهما كالحج والجهاد تطوعا أو لزيارة مشهد دون آخر أو صلة أخ دون آخر وفي الحدائق أن المستفاد من الأخبار استحباب الاستخارة في كل شيء وتأكدها حتى في المستحبات وأن الأفضل وقوعها في الأوقات الشريفة والأماكن المنيفة والرضا بما خرجت له وإن كرهته النفس.انتهى.   

شرائط الاستخارة

لما كانت الاستخارة من مقولة الدعاء لأنها يطلب بها معرفة صلاح العمل وفساده من الله وعليه فلابد فيها من مراعاة شرائط استجابة الدعاء من حيث المكان والوقت والشخص وقد ذكر الفيض الكاشاني في تقويم المحسنين إذا أردت أن تستخير بكلام الله الملك العلام فاختر ساعة تصلح لذلك ليكون على حسب المرام على ما هو المشهور وإن لم يوجد على ذلك حديث عن أهل البيت  عليهم السلام  يوم الأحد جيد إلى الظهر ثم من العصر إلى المغرب يوم الاثنين جيد إلى طلوع الشمس ثم من الضحى إلى الظهر ومن العصر إلى لعشاء الآخرة.يوم الثلاثاء جيد من الضحى إلى الظهر ثم من العصر إلى العشاء الآخرة.يوم الأربعاء جيد إلى الظهر ثم من العصر إلى العشاء الآخرة.يوم الخميس جيد إلى طلوع الشمس ثم من الظهر إلى العشاء الآخرة.يوم الجمعة جيد إلى طلوع الشمس ثم من الزوال إلى العصر.يوم السبت جيد إلى الضحى ثم من الزوال إلى العصر وهذا الجدول مأخوذ من مدخل المنظوم للمحقق الطوسي طاب ثراه.

فضل الاستخارة

عن الكافي عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام  قال:من استخار الله راضيا بما صنع خار الله له حقاً.وعن ابن طاووس بإسناده عن الصدق قال:كنا نتعلم الاستخارة كما نتعلم السورة من القرآن,ثم قال عليه السلام  ما أبالي إذا استخرت الله على أي جنب وقعت.وفي رواية أخرى على أي طريق وقعت وفي المحاسن عنه عليه السلام  قال:من دخل في أمر بغير استخارة ثم ابتلى لم يؤجر.وفي المجالس عن أمير المؤمنين عليه السلام  قال:بعثني رسول الله إلى اليمن فقال لي وهو يوصيني يا علي ما حار من استخار ولا ندم من استشار.وفي المكارم عن الإمام الصادق عليه السلام  إذا أردت أمراً فلا تشاور فيه أحداً حتى تشاور ربك,قال قلت له وكيف أشاور ربي قال تقول(استخير الله) مئة مرة ثم تشاور الناس فإن الله يجري لك الخيرة على لسان من أحب وعن(المقنعة)عنه عليه السلام  قال يقول الله عز وجل من شقاء عبدي أن يعمل الأعمال ولا يستخيرني.

 

أقسام الاستخارة

وحيث أن المعرفية من الله تعالى للمستخير لصلاح عمله أو فساده إنما تكون بالأمارات المنصوص عليها من الله تعالى بواسطة الشارع كانت أنواع الاستخارة ستة أقسام بحسب الاستقراء.

الأول:منها ما كانت الآيات القرآنية فيها هي الإمارة الكاشفة عن صلاحية لعمل وفساده.

الثاني:منها ما كان الكاشف فيها رقاع مشتملة على(افعل أو لا تفعل)أو (نعم أو  لا).

الثالثة:منها ما كان الكاشف فيها هو العدد مشتملة على(افعل ولا تفعل)أو(نعم أو لا).

الرابع:منها ما كان الكاشف فيها الفردية والزوجية في السبحة ونحوها.

الخامس:منها ما كان الكاشف منها جواب الغير عند مشاورته.

السادس:منها ما كان الكاشف منها ميل القلب وإرادته بعد طلب المعرفة.

السابع:منها ما كان الكاشف فيها هو البنادق مشتملة على (افعل و لا تفعل) و(نعم أو لا).

أما القسم الأول من الاستخارة فهو الاستخارة بالقرآن الكريم ولها عدة كيفيات:

ما نقله العلامة المجلسي  رحمه الله  عن دعوات الخطيب المستغفري مسنداً عن النبي  صلى الله عليه وآله وسلم  أنه قال إذا أردت أن تتفائل بكتاب الله عز وجل فاقرأ سورة الإخلاص (ثلاث مرات)ثم صل على النبي وآله(ثلاثاً)ثم قل اللهم إني تفاءلت بكتابك وتوكلت عليك فأرني من كتابك ما هو مكتوب من سرك المكنون في غيبك. ثم افتح الجامع(الجامع هو القرآن التام لجميع السور والآيات) وخذ الفال من الخط الأول من الجانب الأول من غير أن تعد الأوراق والخطوط.

الثانية:ما نقله أيضا العلامة المجلسي عن بعض مؤلفات الأصحاب عن خط الشيخ يوسف بن الحسين القطيفي  رحمه الله  عن خط آية الله لعلامة الحلي  رحمه الله  عن الصادق  عليه السلام  قال إذا أردت الاستخارة من الكتاب العزيز فقل بعد البسملة(إن كان من قضائك وقدرك أن تمن على شيعة آل محمد  عليهم السلام  بفرج وليك وحجتك على خلقك فأخرج إلينا آية من كتابك نستدل بها على ذلك ثم تفتح المصحف وتعد ست ورقات وفي السابعة ستة أسطر وتنظر ما فيه.

الثالثة:ما نقله السيد ابن طاووس في كتاب الاستخارات إن المتفائل بالمصحف يقرأ الحمد وآية الكرسي وآية وعندهُ مفاتح الغيب الآية ثم يقول اللهم إن كان قضاؤك وقدرك أن تمن على أمة نبيك بظهور وليك وابن بنت نبيك فعجل ذلك وسهله ويسره وكمله واخرج لي آية استدل على أمر فائتمر أو نهي فأنتهي أو ما أريد الفال فيه في عافية.ثم افتح المصحف وعد سبع قوائم وعد ما في الصفحة اليمنى من الورقة السابعة وما في اليسرى من الورقة الثامنة من لفظ الجلالة ثم عد قوائم بعدد الجلالة ثم عد من الصفحة اليمنى من القائمة التي ينتهي إليها العدد أسطراً بعدد لفظ الجلالة وتتفائل بآخر سطر من ذلك يتبين لك الفال إن شاء الله تعالى.

الرابعة:ما نقله العلامة المجلسي  رحمه الله  في البحار قال وروى لي بعض الثقاة عن الشيخ الفاضل الشيخ جعفر البحراني  رحمه الله  إنه رأى في بعض مؤلفات أصحابنا الإمامية إنه روي مرسلا عن الصادق عليه السلام  قال ما لأحدكم إذا ضاق بالأمر ذرعاً أن لا يتناول المصحف بيده عازما على أمر يقتضيه من عند الله ثم يقرأ فاتحة الكتاب (ثلاثاً) والإخلاص (ثلاثا) وآية الكرسي(ثلاثا) وعنده مفاتح الغيب (ثلاثا) والقدر (ثلاثا) والجحد وهي سورة قل يا أيها الكافرون(ثلاثا) والمعوذتين(ثلاثا ثلاثا) ويتوجه بالقرآن قائلاً اللهم إني أتوجه إليك بالقرآن العظيم من فاتحته إلى خاتمته وفيه اسمك الأكبر وكلماتك التامات يا سامع كل صوت ويا جامع كل فوت ويا بارئ النفوس بعد الموت يا من لا تخشيه الظلمات ولا تشبه عليه الأصوات أسألك أن تختر لي ما أشكل علي به فإنك عالم بكل معلوم غير معلم بحق محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين وعلي بن الحسين ومحمد الباقر وجعفر الصادق وموسى الكاظم وعلي الرضا ومحمد الجواد وعلي الهادي والحسن العسكري والخلف الحجة من آل محمد عليه وعليهم السلام ثم تفتح المصحف وتعد الجلالات التي في الصفحة اليمنى ثم تعد بقدرها أوراقاً ثم تعد بعددها أسطراً من الصفحة اليسرى ثم تنظر آخر سطر تجده كالوحي في ما تريد إن شاء الله.

القسم الثاني:من الاستخارة هو الاستخارة بذات الرقاع مروية عن الكافي عن غير واحد من الأصحاب بسنده عن الصادق عليه السلام  وقد رجحها السيد ابن طاووس على سائر الاستخارات وقال إنها أضبط الاستخارات وأحسنها وعن كتاب المختلف للعلامة الحلي أن هذه الاستخارة مقبولة عند نوع من علمائنا.وعن منهاج الهداية للكلباسي  رحمه الله  أنه حصل له من استخارة ذات الرقاع أمور غريبة عجيبة.وعن روض الجنان للشهيد الثاني  رحمه الله  أنها أشهر الاستخارات وقال الكفعمي في مصباحه هي أعظم الاستخارات مروية عن الصادق عليه السلام  قال إذا أردت أمراً فكتب في ست رقاع بسم الله الرحمن الرحيم خيرة من الله العزيز الحكيم(لفلان بن فلانة)في ثلاث منها افعل وفي ثلاث لا تفعل ثم ضع الست تحت مصلاك ثم صلِّ ركعتين فإذا فرغت فاسجد وقل(مائة مرة) أستخير الله برحمته خيرة في عافية ثم اجلس وقل اللهم خر لي واختر لي في جميع أموري في يسر منك وعافية ثم اضرب بيدك إلى الرقاع فشوشها وأخرج واحدة واحدة فإن خرج ثلاث متواليات افعل فافعل وإن خرج ثلاث متواليات لا تفعل فلا تفعل وإن خرج واحدة افعل والأخرى لا تفعل فاخرج من الرقاع إلى خمس فأنظر أكثرها فاعمل به ودع السادسة وقال السيد ابن طاووس إذا تواى الأمر في الرقاع فهو خير محض وإن توالى النهي فشر محض وإن تفرقت كان الخير والشر موزعا على الزمان بحسب ترتيبها وقال الشهيد الثاني  رحمه الله  جربنا ذلك فوجدناه كما قال.

(وهناك كيفية أخرى للاستخارة بالرقاع عن الكراكجي  رحمه الله  إنه روي أن تكتب رقعتين إحداهما(افعل) والأخرى(لا تفعل) واسترهما عن نفسك ثم تصلي ركعتين وتطلب من الله الخير بعد هذا أخرج واحدة منها واعمل بما فيها.

القسم الثالث:من الاستخارة هو الاستخارة بالسبحة وهي بكيفيات متعددة:

(الأول) الاستخارة بالسبحة التي نقلها العلامة المجلسي  رحمه الله  في البحار قال سمعت والدي  رحمه الله  يروي عن شيخه البهائي نور الله ضريحه أنه كان يقول سمعنا مذاكرة عن مشايخنا عن القائم صلوات الله عليه في الاستخارة بالسبحة أنه يأخذها ويصلي على النبي وآله(ثلاث مرات)ويقبض على السبحة ويعد اثنتين فإن بقيت واحدة فهو افعل وإن بقيت اثنتان فهو لا تفعل.

الثانية:الاستخارة بالسبحة التي نقلها أيضا العلامة المجلسي  رحمه الله  في البحار قال وجدتُ في مؤلفات أصحابنا نقلا عن كتاب السعادات مرويا عن الصادق عليه السلام  قال يقرأ الحمد مرة والإخلاص ثلاثاً ويصلي على محمد وآله(خمس عشرة مرة) ثم يقول الله إني أسألك بحق الحسين وجده وأبيه وأمه وأخيه والأئمة التسعة من ذريته أن تصلي على محمد وآل محمد وأن تجعل لي الخيرة في هذه السبحة وأن تريني ما هو أصلح لي في الدين والدنيا اللهم إن كان الأصلح في ديني ودنياي وعاجل أمري وآجله فعل ما أنا عازم عليه فأمرني وإلا فانهني إنك على كل شيء قدير.ثم يقبض قبضة من السبحة ويعدها ويقول سبحان الله والحمد لله ولا اله إلا الله إلى آخر القبضة فإن كان الأخيرة(سبحان الله)فهو مخير بين الفعل والترك وإن كان(الحمد لله)فهو أمر وإن كان لا إله إلا الله)فهو نهي.

الثالثة:الاستخارة بالسبحة التي ذكرها الشيخ الفقيه محمد حسن النجفي في(الجواهر)قال  رحمه الله  وهناك استخارة أخرى مستعملة عند أهل زماننا وربما نسبت إلى مولانا القائم(عجل الله فرجه) وهي إن تقبض على السبحة بعد قراءة ودعاء وتسقط ثمانية ثمنية فإن بقي واحد فحسنة في الجملة وإن بقي اثنان فنهي واحد وإن بقي ثلاثة فصاحبها بالخيار لتساوي الأمرين وإن بقي أربعه فنهيان وإن بقي خمسة فعند بعض أنها يكون فيها تعب وعند بعض إن فيها ملامة وإن بقي ستة فهي الحسنة الكاملة التي يجب العجلة وإن بقي سبعة فالحال فيها كما ذكر في الخمسة من اختلاف الرأيين والروايتين وإن بقي ثمانية فقد نهى عن ذلك أربع مرات إلى آخره.

القسم الرابع:من الاستخارة بالعدد وقد ذكرها الشهيد  رحمه الله  في كتاب الذكرى قال  رحمه الله  ومن الاستخارات الاستخارة بالعدد ولم تكن هذه مشهورة في العصور الماضية قبل زمان السيد الكبير العابد رضي الدين محمد بن محمد الراوي الحسيني المجاور بالمشهد المقدس الغروي  رضي الله عنه  وقد رويناها عنه وجميع مروياته عن عدة من مشايخنا عن الشيخ الكبير الفاضل جمال الدين المطهر عن والده رضي الله عنهما عن السيد رضي الدين عن صاحب الأمر عليه الصلاة والسلام يقرأ الفاتحة(عشراً)وأقله(ثلاث مرات) ودونه(مرة) ثم يقرأ القدر(عشراً) ثم يقول هذا الدعاء(ثلاثا) اللهم إني استخيرك لعلمك بعقبة الأمور أستشيرك لحسن ظني بك في المأمول والمحذور اللهم إن كان الأمر الفلاني مما قد أنيطت بالبركة أعجازه وبواديه وحفت بالكرامة أيامه ولياليه فخر لي اللهم فيه خيرة ترد شموسه ذلولا وتقعض أيامه سرورا اللهم إما أمر فائتمر وإما نهي فأنتهي اللهم إني استخيرك برحمتك خيرة في عافية ثم يقبض على قطعة من السبحة ويضمر حاجته إن كان عدد تلك القطعة زوجا فهو إفعل وإن كان فرداً لا تفعل أو بالعكس.والظاهر أن ذكر السبحة على سبيل المثال.

القسم الخامس:من الاستخارة الاستخارة بجواب الغير عند مشاورته وكيفيتها كما عن مكارم الأخلاق عن الصادق عليه السلام  إذا أردت أمرا فلا تشاور فيه أحداً حتى تشاور ربك قال قلت له وكيف أشاور ربي قال تقول (أستخير الله)مائة مرة ثم تشاور الناس فإن الله يجري لك الخيرة على لسان من أحب.

القسم السادس:من الاستخارة الاستخارة بميل القلب وأردته بعد طلب المعرفة من الله تعالى وله عدة كيفيات:(إحداها)كما عن الفقيه عن الصادق عليه السلام  قال استخر الله في آخر ركعة من صلاة الليل وأنت ساجد(مائة مرة ومرة) قال كيف أقول قال  عليه السلام  تقول أستخير الله برحمته أستخير الله برحمته.

(الثانية)كما عن الفقيه عنه عليه السلام  قال في الاستخارة أن يستخير الرجل في آخر سجدة من ركعتي الفجر(مائة مرة ومرة)تحمد الله وتصلي على النبي ثم تستخير الله(خمسين مرة)ثم تحمد الله وتصلي على النبي وتتم المائة والواحدة.

(الثالثة)كما رواه الحميري في(قرب الإسناد )بسند صحيح عن الصادق عليه السلام  أيما عبد استخار الله تعالى في أمر من أموره,بأن يقف فوق رأس الحسين عليه السلام  ويقول الحمد لله ولا إله إلا الله وسبحان الله,ويتذكر عظمة الله ويحمده ويثني عليه بما هو أهله ويطلب الخيرة منه مائة مرة أعطاه الله الخيرة في ذلك الأمر,والظاهر أن المراد بطلب الخيرة أن يقول أستخير الله برحمته خيرة في عافية.

الرابع:كما روي عن الرضا عليه السلام  أن تقول في المناجاة اللهم إن خيرتك في ما استخرتك فيه تنيل الرغائب وتجزل المواهب وتغنم المطالب وتطيب المكاسب وتهدي إلى أجمل المذاهب وتسوق إلى أحمد العواقب وتقي مخوف النوائب اللهم إني استخيرك في ما عزم رأيي عليه وقادني عقلي إليه وسهل الله فيه ما توعر ويسر منه ما تعسر واكفني فيه المهم وأدفع به عني كل ملم وأجعل يا رب عواقبه غنما ومخوفة سلما وبعده قربا وجدبه خصباً وأرسل الله إجابتي وأنجح طلبتي وأقض حاجتي واقطع عني عوائقها وامنع عني بوائقها وأعطني اللهم لواء الظفر والخيرة في ما استخرتك ووفور المغنم في ما دعوتك وعوائد الأفضال فيما رجوتك وأقرنه اللهم بالنجاح وخصه بالصلاح وأرني أسباب الخيرة فيه واضحة وأعلام غنمها لائحة وأشدد خناق تعسيرها وأنعش صريع تيسيرها وبين اللهم ملتبسها وأطلق محتبسها ومكن أسها حتى تكون خيرة مقبلة بالغنم مزيلة للغرم عاجلة للنفع باقية الصنع إنك مليء بالمزيد مبتدئ بالجود.

القسم السابع:من الاستخارة الاستخارة بالبنادق فإنه ذكر إنه مروية عن أمير المؤمنين عليه السلام  وعن السيد ابن طاووس  رحمه الله  أنها مروية عن صاحب الزمان عليه السلام  وكيفيتها أن تكتب في رقعتين(خيرة من الله ورسوله لفلان بن فلان)وفي إحدى الركعتين(إفعل)وفي الثانية (لا تفعل)وتضع كل واحدة من الركعتين في بندقه ثم تضع البندقتين في قدح ماء.ثم توضأ وصلِ ركعتين وبعدها تقرأ هذا الدعاء(اللهم إني أستخيرك خيار من فوض إليك أمره,واسلم إليك نفسه وتوكل عليك في أمره اللهم خر لي ولا تخر علي وأعني ولا تعن علي ومكني ولا تمكن مني وأهدني للخير ولا تضلني وأرضني بقضائك وبارك لي في قدرتك إنك تفعل ما تشاء وتعطي ما تريد اللهم إن كانت الخيرة لي في أمري هذا وهو(كذا وكذا)مكني منه وأقدرني عليه بفعله وأوضح لي طريق الهداية إليه وإن كان اللهم غير ذلك فصرفه عني إلى الذي هو خير منه فإنك تقدر ولا أقدر وتعلم وأنت علام الغيوب يا أرحم الراحمين)وبعد هذا تسجد وتقول في سجودك(استخير الله خيرة في عافية مائة مرة)ثم ترفع رأسك من السجدة وانتظر أي البندقتين تطفح على سطح الماء تأخذها وتعمل طبق ما فيها فإن كان(افعل)فعلت وإن كان(لا تفعل)فلا تفعل.

 

الاستنابة في الاستخارة

لقد قامت السيرة من المتدينين على استنابت الغير في الاستخارة قال السيد ابن طاووس إني ما وجدت حديثا صريحاً إن الإنسان يستخير لسواه لكن وجدت أحاديث كثيرة تتضمن الحث على قضاء حوائج الأخو

 

 

 

 

ان بالدعوات وسائر التوسلات حتى رأيت في الأخبار من فوائد الدعاء للإخوان ما لا أحتاج إلى ذكره الآن لظهوره بين الأعيان والاستخارة هي من جملة الحاجات ومن جملة الدعوات واستخارة الإنسان لغيره داخلة في عموم الأخبار الواردة بما ذكرناه لأن الإنسان إذا كلفه غيره من الإخوان الاستخارة له فقد صارت الحاجة للذي يباشر الاستخارات فيستخير لنفسه أو للذي يكلفه الاستخارة أما استخارته لنفسه بأنه هل المصلحة له في القول لمن يكلفه الاستخارة أفعل أم لا وأما استخارته للذي يكلفه الاستخارة في الفعل أو الترك وهذا مما يدخل تحت عموم الروايات بالاستخارات وبقضاء الحاجات.قال العلامة المجلسي:ما ذكره السيد يعني ابن طاووس من جواز الاستخارة للغير لا يخلو من قوة للعمومات ولا سيما إذا قصد النائب لنفسه أن يقول للمستخير أفعل أم لا كما أومئ إليه السيد وهو حيلة لدخولها تحت الأخبار الخاصة لكن الأولى والأحوط أن يستخير صاحب الحاجة لنفسه لأنا لم نر خبراً ورد فيه التوكيل في ذلك ولو كان ذلك جائزاً أو راجحاً لكان الأصحاب يلتمسون من الأئمة ذلك ولو كان ذلك لكان منقولاً لا أقل في رواية مع أن المضطر أولى بالإجابة ودعاؤه أقرب إلى الخلوص.

التفاؤل بالقرآن الكريم

الظاهر جواز التفأل بالقرآن الكريم والفرق بين التفأل والاستخارة ان التفأل هو استكشاف حال الأمر المجهول ومعرفة وجوده أو عدمه في عالم الغيب من الله تعالى مثل أن هذا المريض يبرأ أو لا وهذا الحمل ذكر أو أنثى والظاهر أنه مكروه لمن لا يعرف معاني القرآن معرفة دقيقة حسنة وفي بعض الأخبار أن علي بن الحسين عليه السلام  تفأل بالقرآن الكريم.      

 

 

 

 

 

 

 

 

 


(1) وعلى هذا جرى العلامة السيد الشريف الرضي الموسوي المتوفي سنة 406 هجرية في كتابه كتاب(حقائق التأويل في متشابه التنزيل)المطبوع بشرح العلامة الشيخ محمد رضا نجل الإمام  الهادي من آل كاشف الغطاء.

(1) حملق:نظر بطرف العين شزرا.الحنق شدة الغيض.

(2) التلدد التلفت يمينا وشمالا من الحيرة التليد القديم ويقابله الطارف وهو الجديد المستحدث.

(1) أي شجعانهم.

(1) الأمر الذي يتعجب منه.

(1) قوله ونحوها في نحوها)أي نحو الذكر والدعاء في نحو فهم الذكرية والدعائية.

(2) (قوله وحج الخصوم)من المحاجة.

(1) (قوله منها) الضمير عائد للقراءة.

(2) (قوله ما تشتمل على الغناء) وهو قراءة الآيات بأحد أساليب الغناء.

(3) (قوله ومنها ما يرفع زائدا على العادة) أي ومن القراءة ما يرفع القارئ صوته ويضخمه وهو يجعله خلافاً للعادة الجارية لقراءة القرآن من تحسين الصوت والتريث بقراءته.

(4) (قوله حتى لا يبقى للقرآن حرمة) أي حتى لا يبقى لذة وميزة لسمع الآيات.

(5) (قوله ما كان في آلة معدة للتصويت فلا شك في تحريمه)وهي آلة الغناء (كالمزمار)ونحوه فإظهار قراءة القرآن في هذه الآلة حرام.

(1) (قوله وعلموهن المغزل)أي صناعة الغزل والحياكة.

(1) البزاق:أي اللعاب الخارج من الفم.

(1) (قوله أخذها يوم القيامة)أي أخذ ما يعادلها من الحسنات والأجر والثواب والرفعة في يوم القيامة.

(2) (قوله فليقرأ في جيبه الحمد سبع مرات)الجيب وهو شق الثوب من وسط الرقبة إلى نهاية السرة.

(1) (قوله ولا نصب)بفتح النون والصاد أي المشقة والتعب.

(1) (قوله ولا تتخذوها قبورا كما فعلت اليهود)الضمير راجع إلى البيت.

 
 
البرمجة والتصميم بواسطة : MWD