الآيات المرسلة للتخويف

الآيات المرسلة للتخويف

  كثر الحديث في نشرات الأخبار عن الكوارث الطبيعية في هذا الزمان من فيضانات وحرائق غابات وزلازل وبراكين وكسوف وخسوف حتى أطلق عليها بجنون الطبيعة، فكأن الطبيعة أصبحت مجنونة والتحقت بركب السياسة في هذا العصر لما انقلبت فيها الموازين وضياع الحق وطمس العدل من قبل طواغيت الأرض. ولكن من استقرأ التاريخ وسبر غوره تتحصل عنده نتيجة بأنه كلما ازدادت أمة ما طغيانا وعتوا واستكبارا وظلماً للآخرين أرسل الله عليها آيات تذكرهم بقدرة الله وقوته وجبروته فما أصاب البلدان الغربية من فيضانات وحرائق وأعاصير في أيامنا هذه تذكير لهم بقدرة الله تعالى، فإنّ زلزالا أو إعصارا أو فيضانا واحدا قد يؤدي إلى تدمير وخسائر كبيرة لهؤلاء المستكبرين والمتجبرين بأسلحتهم الحديثة على المستضعفين ما يعادل آلاف القنابل والصواريخ التي يرمونها على المسلمين لتخويفهم وسلب حقوقهم، فقد روي عن حبر الأمة عبد الله بن عباسرضي الله عنه في تفسير قوله تعالى: [وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا] قال: (الموت)وإرسال الآيات للتخويف من قبل الله جل جلاله يخوف الناس بما يشاء من آياته لعلهم يعتبرون أو يذكرون ويرجعون عن غيهم وضلالتهم، فإنّ الله عز وجل قد أحاط بالناس في قبضته فمن يريد أن يذل خلق الله أذله لله فإنّ لله العزة وللمؤمنين، ومن يريد أن يغلب الناس فإنّ الله غالبه وهو محيط بالكافرين.وجاء في الحديث الشريف: (إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، وإنهما لا ينكسفان لموت واحد ولا لحياته، ولكن لله عز وجل يخوف بهما عباده، فإذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى ذكره ودعائه واستغفاره). فهل ترعوي هذه الأمم الظالمة عن غيها وترجع إلى رشدها، وتترك عبادة لذاتها وشهواتها وتعبد الواحد الأحد القاهر الجبار؟

إن كثرة المعاصي في تلك البلاد الغربية من الأسباب الرئيسة لإرسال الآيات الربانية لتخويفهم، وقد ذكرت كتب التفسير أن الله سبحانه وتعالى رفع الطور وهو جبل فوق بني إسرائيل -اليهود- كالسحابة فقيل لهم لتؤمنن أو ليقعن عليكم فما آمنوا إلا بالتخويف. فالتخويف الواقع عليهم لينزجروا عما هم عليه مقيمون من الكفر بالله. قال الله تعالى في محكم كتابه العزيز: [وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ] فلا نكبة ولا فيضان ولا حريق إلا عقوبة بذنوب المستكبرين حيث عملوا المعاصي ولم ينههم الربانيون والأحبار والقسسة ورجال الدين عن ذلك، بل تمادوا في المعاصي والظلم، فقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وىله وسلم: (المعصية مصيبة).

إن الكفار أشد إعجابا بالدنيا وزينتها فيعملون ويكدحون لبنائها كأنهم مخلدون فيها، فيرسل الله تعالى الآيات ليبين لهم أن هذه الدنيا ليست دار قرار بل دار فناء ليذكرهم بنهايتهم، كما أن إرسال الآيات تخويفاً لتطهير الخاطئين والمجرمين الذين ازداد عددهم في البلاد الغربية، حتى أصبحت الرذيلة منتشرة في مجتمعهم باسم الحرية وحقوق الإنسان، وأما ما يقال عن تلوث البيئة وارتفاع درجات حرارة الأرض والغلاف الجوي وغيرها فهذا مما يتعذر به الإنسان ويرضي به نفسه كما يتعذر بالأسباب والموت واحد.

فالحاصل عندما يكون منطق القوة هو السائد والبديل عن منطق الحق وطمس معالمه، وفرض الإرادة بالقوة وإن كانت منافية للعدل فإنّ الله يرسل آياته الكونية الجبارة حتى تظهر قوته أعلى من قوتهم وسلطته أعلى من سلطتهم وأرادته أعلى من أرادتهم فتكون يد الله فوق أيديهم،وإن الله محيط بالكافرين.

 
 
البرمجة والتصميم بواسطة : MWD