جهود

علماء آل كاشف الغطاء

في إثراء علوم العربية والحفاظ عليها

 

 

الباحث

مصطفى ناجح الصراف

مؤسسة كاشف الغطاء العامة

العراق - النجف الأشرف

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

مقدّمة

الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على نبيه الكريم محمد الرسول الأمين, وسيد العالمِينَ, وعلى آله الطيبين الطاهرين, لاسيّما ابن عمّه سيّد العرب أجمعين.

ارتبطت أسرة آل كاشف الغطاء بالعلم والتأليف منذ نشوئها مع غض الطرف عن أصولها, فمسمّاها الذي اشتهرت به كان عنواناً لكتابٍ عليه المعوّل وإليه المرجع في مهمّات أمور المسلمين, مع كون مؤلّفه مرجعاً للطائفة, وقد لُقِّب بالكبير والأكبر, وكذا الحال مع أبنائه, فقد توارثوا العلم كابر عن كابر, وما فتأت الأسرة ولاّدة للعلماء الذين استُجيبت فيهم دعوة أبيهم, وهو متشبّثٌ بأستار الكعبة: بأنْ لا يُخلي اللهُ بيتَهُ من العلم، وأنْ يَجْعَلَ في ذرّيته من يُقتدى به إلى ظهور الحجة عَجَّلَ اللهُ فَرَجَه.([1])

على أن العلوم التي كتب بها علماء الأسرة وخاضوا شعابها لم تقتصر على مجال معيّن, فلهم في الفقه وأصوله, وعلوم القرآن وتفسيره, وأصول المذهب وعقائده, وأخلاقيات الدين وآدابه, والأدب بنثره وشعره, ولهم في الفيزياء والكيمياء والاقتصاد والفلسفة والمنطق والتراجم, ووجهوا أقلامهم للدفاع عن المبادئ الدينية في إفتاءاتهم ونقدهم وردودهم, كما أغنوا المكتبة الإسلامية بتحقيقاتهم وترجماتهم, وغيرها مما يطول المقام بذكره تفصيلاً, فضلا عن مساعيهم العلمية بإنشاء وترويج ميادين المعرفة.

أما اللغة فلم يكونوا بمنأى عنها, كيف وهي تمثّل الأداة التي تحمل الأفكار، وتنقل المفاهيم, فتقيم بذلك روابط الاتصال بين أبناء الأمة الواحدة، وبها يتم التقارب والانسجام بينهم, وقد حبى الله العربية منها بأن أنزل بها كتابه الخالد على رسوله الكريم, وإن للمباحث اللغوية أهمية بالغة الأثر في دراسات علماء الحوزة العلمية لما لها من مساس متميز ومدخلية فاعلة في غير ما جانب من جوانب العلوم الأخرى.

وهنالك عدّة أمور شهدتها الساحة النجفية ساعدت في تبلور الحركة الفكرية لعلماء آل كاشف الغطاء ونشوء تيار فكري إصلاحي أدبي من داخل العمل الديني الحوزوي ومن خارجه، ساعدتها عوامل داخلية تتميز فيها مدينة النجف الأشرف, منها وجود المرقد العلوي الشريف ووجود الحوزة العلمية إلى جانبه، ثم المجالس الأدبية التي تسمى (الدواوين), إضافة إلى مجالس العزاء الحسيني.([2]) ثم توسعت تلك الحركة وساعدتها النهضة العلمية في الوطن العربي والعالم, وكذلك النهضة الأدبية, وتأثّر النجف بالنهضة الأدبية واضح من خلال المراسلات بين علماء وأدباء النجف والعالم العربي, ساعدتها كذلك تأسيس المدارس في النجف.([3]) وكان لتأثير الصحافة دور متميز في ذلك, فقد صدرت في النجف عدة صحف ومجلات منها "الغري" التي أنشأها الشيخ عبد الرضا كاشف الغطاء.([4]) أما المكتبات فتعد رافداً مهماً في الحركة العلمية الأدبية في النجف, ومنها مكتبة الإمام كاشف الغطاء التي أسسها الشيخ علي كاشف الغطاء صاحب الحصون سنة 1350هـ ومكتبة الشيخ هادي كاشف الغطاء التي ورثها من آبائه.([5]) ومن عوامل الحركة الفكرية ظهور الطباعة في النجف الاشرف ومنها مطبعة دار النشر والتأليف للشيخ عبد الرضا كاشف الغطاء.([6])

تلك هي أهم العوامل التي ساعدت على نمو البيئة الفكرية, والتي أسهمت في بلورة الوعي الأدبي وتألّق علوم العربية في ربوعها, وقد كان لعلماء آل كاشف الغطاء الدور البارز في جميع مفاصلها, فقد سخّروا أقلامهم في خدمتها, وصدحت بها حناجرهم من على منصّاتها, وقد حاولتُ جاهدا أن أستقصي هذه الجهود ببحث قوامه ثلاثة مباحث, الأول منه: في علوم العربية التي كتب فيها علماء آل كاشف الغطاء, كالنحو والبلاغة واللغة والأدب بنثره وشعره والخط العربي, والثاني: في الميادين الأدبية التي أنشأها علماء الأسرة وساهم فيها, كالجمعيات والمجلات ودور النشر والمكتبات والمدارس والمؤسسات المختصّة, أما المبحث الثالث والأخير ففي تصدي علماء آل كاشف الغطاء للدفاع عن اللغة العربية والمحافظة عليها, فضلاً عن خاتمة للبحث, وقد جاز لنا من خلال هذه الجولة تسميته بـ(جهود علماء آل كاشف الغطاء في إثراء علوم العربية والحفاظ عليها).

وما تجدر الإشارة إليه في هذا العمل أمور:

إنّ الأعمال المختصة بعلوم العربية والممتدة من حياة الشيخ الكبير جعفر كاشف الغطاء إلى الآن سقط منها الكثير, ولم تصل إلينا كاملة؛ لأسباب عديدة إرادية وغير إرادية, والباقي هو ما اجتهدنا في استحصاله وتدوينه في هذه العجالة من كتابة البحث.

من الأعمال ما له مدخلية بعلوم العربية من قريب أو بعيد كـ"الكشكول" للشيخ هادي كاشف الغطاء
(ت 1361هـ), و"نظرات وتأملات" و"الكلم الطيب"  للشيخ علي كاشف الغطاء (ت 1411هـ), عزفنا عن ذكرها, واقتصرنا على الكتب المختصة بالعربية.

الاقتصار في التوثيق على الآثار المجموعة منها, من كتاب أو رسالة, مخطوطاً كان أم مطبوعاً, أما المقالات المنشورة في المجلات والصحف فهي من الكثرة ما تستحق عملاً استقصائياً آخراً.

وقد دوّنا فيه (65) مؤلفاً, والعديد من المشاريع الأدبية, والتي أسهمت في الحفاظ على اللسان العربي, تاركين المجال لإضافات غفلنا عنها تصُبُ في ذا المجال, فلا ندّعي كمال العمل ولا اكتماله, بل هو تصفّح سريع في مطويات خزائنهم بحاجة إلى مزيد إمعان.  

 وفيه نتوكل على الواهب المنان.

 

 

المبحث أول

علوم العربية التي كتب فيها علماء آل كاشف الغطاء

لما كانت علوم العربية هي ما يُحترز بها عن الخلل في كلام العرب لفظاً أو كتابة, وهي أيضاً علم إصلاح اللّسان والخطاب وإصابة مواقعه، وتحسين ألفاظه عن الخطأ والخلل, وهي شعبةٌ من الأدب العام, صنّفه العلماء إلى أصول هي العمدة في ذلك الاحتراز, وإلى فروع, يندرج تحتهما اثني عشر علماً.

فالبحث في الأصول إما عن المفردات من حيث جواهرها وموادها فعلم اللغة، أو من حيث صورها وهيئاتها فعلم الصرف، أو من حيث انتساب بعضها إلى بعض بالأصلية والفرعية فعلم الاشتقاق، وإما عن المركبات على الإطلاق، فإما باعتبار هيئاتها التركيبية وتأديتها لمعانيها الأصلية فعلم النحو، وإما باعتبار إفادتها لمعان زائدة على أصل المعنى فعلم المعاني، أو باعتبار كيفية تلك الفائدة في مراتب الوضوح فعلم البيان، وإما عن المركبات الموزونة، فإما من حيث وزنها فعلم العروض، أو من حيث أواخر أبياتها فعلم القافية.

والبحث في الفروع إما أن يتعلق بنقوش الكتابة فعلم الخط، أو يختص بالمنظوم فعلم عروض الشعراء، أو بالمنثور فعلم إنشاء النثر من الرسائل، أو من الخطب، أو لا يختص بشيء منهما فعلم المحاضرات ومنه التواريخ؛ وأما البديع فقد جعلوه ذيلا لعلمي البلاغة لا قسما برأسه.([7])

وقد خاض علماء آل كاشف الغطاء غمار هذه الأقسام في دراسات موعبة ومصنفات مبسوطة, من متون وشروح وحواش, ودراسات علمية, ونظم تعليمية, وشعر ونثر أدبي, هي وفق الأقسام آنفة الذكر كالتالي:

أولاً: النحو:

اهتم علماء الإسلام عامّة بدراسة النحو لما له من مدخلية في فهم الخطاب الشرعي, وقد كتب علماء الأسرة فيه فضلاً عن دراستهم له وتدريسهم إياه, ومن هذه المصنّفات:

الفائقة في النحو, للشيخ عباس بن حسن كاشف الغطاء (ت 1323هـ), وهي نظم لمتن الآجرومية وصلت إلى (300) بيت, مع إضافة جملة من الأبواب التي لم يذكرها صاحب الآجرومية, وقد طُبعت سنة (1414هـ) بتحقيق الشيخ أسعد كاشف الغطاء.

بلغة النحاة في شرح الفائقة, للشيخ هادي بن عباس كاشف الغطاء (ت 1361هـ), شرح فيها منظومة الفائقة لابن عم والده, جمع فيها أغلب الآراء النحوية راداً عليها ومقيّما لها, وطبع الكتاب في مطبعة ثامن الحجج عليه السلام.

نظم الزهر من نثر القطر, للشيخ هادي كاشف الغطاء, وهي منظومة من الشعر التعليمي, تقع في (520) بيتاً, وافق ناظمها ابن هشام في مواطن عديدة وخالفه في أخرى ليست بالقليلة, وزادت على "القطر" بعض الأبواب, ولا زالت مخطوطة ضمن دليل مخطوطات مؤسسة كاشف الغطاء العامة.

حاشية على شرح ابن الناظم, للشيخ محمد رضا بن هادي كاشف الغطاء (ت 1366هـ), وهي تعليقات حول كتاب شرح ابن الناظم الذي طبع سنة (1313هـ) في جامعة القديس جاورجيوس في بيروت، كتبها في شعبان سنة (1322هـ).([8])

النور المستطيل علـى شرح ابن عقيل, للشيخ محمد رضا كاشف الغطاء, وهي حاشية على شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك, وقد احترقت حين احترقت مكتبة كاشف الغطاء, واستُدل عليها من فهرس المكتبة القديم.([9])

 نهج الصواب إلى حل مشكلات الإعراب, للشيخ علي بن محمد رضا كاشف الغطاء (ت 1411هـ), جمع فيه المشكلات النحوية والشواذ الاعرابية والآراء المختلفة, مضيفاً إليها بعض آرائه النحوية, وللكتاب عدة طبعات, أولها سنة (1960م), وآخرها ما تعمل عليه مؤسسة كاشف الغطاء العامة لطباعته مجموعاً مع كتابه اللاحق.

 الكواكب الدرّية في الأحكام النحوية, للشيخ علي كاشف الغطاء, ويمثّل منهجاً تعليمياً, أحصى فيه أبواباً من النحو العربي تُعَدُّ أُمات الأبواب, نهج فيه نهج القدماء الذين ألفوا المختصرات, وقد طبعته مؤسسة الذخائر (كاشف الغطاء سابقاً) سنة (1421هـ).

حاشية على شرح ابن الناظم, للشيخ علي كاشف الغطاء (ت 1411هـ), كتبها سنة (1345هـ), استشهد فيها بحاشية والده, وأورد ما لم يورده, ولا زالت مخطوطة ضمن حاشية والده على الشرح نفسه.

ثانياً: اللغة:

لقد واكب غير واحد من علماء الأسرة حركة التطور اللغوي, ولهم مؤلفات مختصة فيه, ومنها:

رسالة في فن التجويد للشيخ هادي كاشف الغطاء, طبعتها مؤسسة كاشف الغطاء بتحقيق الدكتور خليل إبراهيم المشايخي, وكان يرجح فيها ما يراه مناسبا إذا اضطر لعرض خلاف ما بين العلماء([10]), وعلل سبب استعماله عبارة (فن التجويد) بدلا من عبارة (علم التجويد)، بقوله: (وهذا العلم هو نتيجة فنون القراءة وثمرتها، وهو كالموسيقى، من جهة أنّ العلم لا يكفي فيه، بل هو عبارة عن ملكة حاصلة من تمرن امرئ بفكه، وتدربه بالتلقف عن أفواه معلميه)([11]).

الصوت وماهيته والفرق بين الضاد والظاء وما يلحق بذا اللفظ من الفوائد, للشيخ محمد رضا كاشف الغطاء, درس فيه الصوت الإنساني واللغوي دراسة علمية منهجية، جاعلا من هذه الدراسة مدخلا لبحث قضية الضاد والظاء، وقد طبعتها مؤخراً مؤسسة كاشف الغطاء بتحقيق مشترك للأساتذة: محمد كاظم البكاء وفضيلة عبوسي العامري ورفاه عبد الحسين الفتلاوي.

الفصول الرائقة في الأمثال العامية الشائعة, للشيخ محمد رضا كاشف الغطاء، درسَ فيه الأمثال العامية النجفية، دراسة وصفية، محللا ألفاظها، وشارحاً معانيها، ومشيراً إلى الظواهر الصوتية والصرفية فيها، ومحدداً الألفاظ الدخيلة والأعجمية الواردة في هذه الأمثال, وطبعته مؤسسة كاشف الغطاء بتحقيق الدكتور خليل المشايخي.

رسالة في اللغة, وهي النقد على الاقتراحات المصرية, والتي طبعتها مؤسسة  كاشف الغطاء العامة سابقا, إذ جمعت فيها تقرير لجنة النظر في التيسير, ورَدّ الشيخين محمد رضا وابنه الشيخ علي كاشف الغطاء عليه.

تعليقات على معجم مقاييس اللغة لأحمد بن فارس (ت 395هـ), تأليف الشيخ محمد الحسين كاشف الغطاء (ت 1373هـ), وهي مجموعة مآخذ صوتية وصرفية أثبتها الشيخ في هذا البحث, نُشر في مجلة العرفان في العدد العاشر سنة (1343هـ).

النشاشيبي في البوتقة, أو لمحة في خطبته (كلمة في اللغة العربية), واسمه: إسعاف النشاشيبي, عضو المجمع العلمي في دمشق, للشيخ محمد الحسين كاشف الغطاء, نشرها في جريدة النجف في العدد (50) وما يليه, سنة (1345هـ).

القرآن وبليغ أثره في فصاحة اللسان, مجموعة من المقالات والبحوث التي نشرها الشيخ محمد الحسين كاشف الغطاء في جريدة الجامعة الإسلامية في فلسطين في العدد (591) وما يليه سنة (1934م).

ثالثاً: الأدب:

يُقسّم الأدب بصفته العامة على نثر ومنه الخطب والرسائل والقصص والسير والنقد والمقالة والتعليق, وعلى شعر ومنه الوجداني والتعليمي والتمثيلي والقصصي أو الملحمي.

النثر الأدبي:

وإذا كان النثر الأدبي يشمل جميع ما تقدّم, فلعلماء كاشف الغطاء (مئات البحوث والمقالات والكلمات والخطب مما نُشر في الصحف والمجلات والمنشورات ومقدمات الكتب والتقاريظ, مما ينهض بعدّة مؤلفات)([12]), فضلاً عن الكتب التي نذكر منها:

أسنى التحف في شرح قصيدة العلامة الشيخ محمد طه نجف, والتي أولها:

تمامُ الحجَّ أن تقف المطايا على أرضٍ بها النبأ العظيم

للشيخ مرتضى بن عباس كاشف الغطاء (ت 1349هـ).([13])

النوافح العنبرية في المآثر السرية, للشيخ علي بن محمد رضا كاشف الغطاء صاحب الحصون (ت1350هـ), وهو ما قيل في (سري باشا) من المديح والتهاني وما قاله هو. وقد قرّظهُ السيد جعفر الحلي فقال:

هذي النوافح فانشقّ طيبُها العطراواستَجْلِها سترى ألفاظها زهرا([14])

سمير الحاضر وأنيس المسافر, وهو كشكول في خمس مجلدات كبار, للشيخ علي صاحب الحصون.([15])

مجموعة كبيرة دوّن فيها الشيخ علي صاحب الحصون جميع ما قاله الناس في آل كاشف الغطاء من المدائح والتهاني والمراثي والتعازي وتقاريظ الكتب والرسائل وغيرها، وما قاله شعراؤهم أيضاً، وقد نقلت عنها كثير من كتب التراجم.([16])

شوقي إلى بغداد, وهي رسالة شوق وجهها الشيخ علي صاحب الحصون إلى بلاده بعد أن ألمّت به الغربة وكثرة السفر.([17])

مستدرك ومدارك نهج البلاغة للشيخ هادي كاشف الغطاء, وللمؤلف فضل السبق في ذلك, وقد طبعته مؤسسة كاشف الغطاء مفصولين سنة (1437هـ), الأول بتحقيق السيد أبي الحسن البغدادي والثاني بتحقيق الباحث.

لمحة العين في حل البيتين, للشيخ هادي كاشف الغطاء, فرغ منه في (1314هـ), حققها الدكتور خليل المشايخي, والبيتان قول القائل:

من قصر الليل إذا زرتني
عدو شانيك وشانيهما
ججججججججج

 

أشكو وتشكين من الطول
أصبح مشغولاً بمشغول

 

مناهل الأدب العربي, وهي ترجمة الشيخ محمد رضا كاشف الغطاء للسيد محمد بن الحسين الشريف الرضي (ت 403هـ), طبعت في دار النشر والتأليف في النجف الأشرف والتابعة لمجلة الغري.

تعليقات الشيخ محمد الحسين كاشف الغطاء على كتاب شرح نهج البلاغة لمحمد عبدة, أعدّها السيد هاشم الميلاني وطبعتها العتبة العلوية في سنة (2012م).

العبقات العنبرية في الطبقات الجعفرية, ألفها الشيخ محمد الحسين كاشف الغطاء وهو ابن إحدى عشرة سنة, والكتاب في التاريخ والأدب والتراجم والنوادر, تعمل مؤسسة كاشف الغطاء على إعادة تحقيقه وطباعته كاملاً, بعد أن طُبع الجزء الأول منه فقط فيما سبق.

المراجعات الريحانية, مجموعة حوارات فكرية وأدبية ولغوية بين الشيخ محمد الحسين كاشف الغطاء وطائفة من العلماء والأدباء, حققها السيد محمد عبد الحكيم الصافي وطُبعت سنة (2003م).

نقد كتاب ملوك العرب للريحاني, منشور على شكل مقالات للشيخ محمد الحسين كاشف الغطاء في مجلة النجف سنة (1331هـ).

تعليقة الشيخ محمد الحسين كاشف الغطاء على "أدب الكاتب" لابن قتيبة (ت 276هـ), طبعتها العتبة العباسية بتحقيق الدكتور منذر ابراهيم الحلي سنة (1437هـ).

تعليقة الشيخ محمد الحسين كاشف الغطاء على كتاب "المقامات الحريرية".([18])

مغني الغواني عن الأغاني "مختصر أغاني أبي الفرج الإصفهاني", قال الشيخ محمد الحسين كاشف الغطاء: (ومما ألفته في الدور الثالث كتاب مختصر الأغاني, وسمّيته "مغني الغواني عن الأغاني", انتخبتُ فيه الأشعار الجيدة, والحكايات النافعة, والقصص الرائعة, وحذفت الأسانيد والمكررات والقصص التافهة, وأوردنا فيه بعض التحقيقات والمناقشات الأدبية, فجاء في مجلد واحد ضخم).([19])

الكنّاشة, وهي مختارات من الأدب العربي القديم, للشيخ محمد الحسين كاشف الغطاء, اشتملت على نوادر وطرائف وقصص وروايات بالأسماء والأماكن, وموضوعات عن الفصاحة والبلاغة وفضل العلم والتعلّم, والشعر ونقده, وأغلاط الشعراء وآثار اللحن. مخطوط.[20]))

تعليقة الشيخ محمد الحسين كاشف الغطاء على كتاب "الأمالي" للسيد المرتضى (ت 436هـ).([21])

تعليقة الشيخ محمد الحسين كاشف الغطاء على كتاب "الاقتضاب" للبطليوسي (ت 521هـ).([22])

تعليقة الشيخ محمد الحسين كاشف الغطاء على كتاب "الوساطة بين المتنبي وخصومه" للقاضي الجرجاني (ت 392هـ).([23])

نزهة السمر ونهزة السفر, كتبها الشيخ محمد الحسين كاشف الغطاء في أثناء سفره إلى مكة للحج وإلى مصر ولبنان وسوريا.([24])

تعليقة الشيخ محمد الحسين كاشف الغطاء على ديوان السيد حيدر الحلي المسمّى "سحر بابل وسجع البلابل", وقد نشره الشيخ بعد تصحيحه والتعليق عليه بجملة من الفوائد والشروح وترجمة أكثر من ذُكروا في أصل الديوان.([25])

تعليقة الشيخ محمد الحسين كاشف الغطاء على "ديوان السيد محمد سعيد الحبوبي", وقد أشرف على طباعته في لبنان بعد تصحيحه والتعليق عليه.([26])

تعليقات على "معالم الكتابة ومغانم الإصابة" لعبد الرحيم ابن شيث القرشي (ق 6هـ), وهو كتاب في الأدب العربي يبحث في فنون الإنشاء وطرق الكتابة،  كتبها الشيخ محمد الحسين كاشف الغطاء.([27])

تعليقات كتبها الشيخ محمد الحسين كاشف الغطاء على كتاب "الكلم الجامعة والحكم النافعة" لأستاذه السيد محمد كاظم اليزدي الطباطبائي (ت 1337هـ).([28])

تعاليق على كتاب "نهج البلاغة", للشيخ محمد الحسين كاشف الغطاء.([29])

مائة كلمة وكلمة من الحكم والأمثال باللغة العربية والانكليزية. للشيخ عبد الرضا كاشف الغطاء (ت 1388هـ).([30])

شرح ديوان السيد حيدر الحلي، لصالح الجعفري([31]) (ت 1399هـ).

الشعر:

وفقهاء هذه الأسرة شعراء مكثرون, لهم قصائد في جميع أغراض الشعر, إلا أن الواصل إلينا لا يتناسب مع قرائحهم, ومن أسباب ذلك أنهم لم يبالوا بالاحتفاظ به, فالشيخ جعفر الكبير قال عنه صاحب "شعراء الغري": أنه كان (أديباً وشاعراً يحفظ ديوان المتنبي, وهو مكثر مجيد, إلا أنه كان يحرق كل ما كتبه؛ لأن الشعر في نظره: ينقص الكامل ويكمل الناقص, ولو بقي شعره لكان ديواناً عامراً, إلا أن لديه مقطوعات كثيرة)([32]), وهو القائل:

أنا أشعر الفقهاء غير مدافع
 

في الدهر بل أنا أفقه الشعراء([33])
 

وكذا الشيخ كاظم كاشف الغطاء (ت 1379هـ), فقد تذوّق الشعر ونظمه وقاله في دور الشباب وساجل فريقاً من أخدانه، وجرى في حلبات الشعر وربما تفوّق، وقد نظم الكثير, غير أنه لم يعبأ به وفُقِدَ منه خلال فقدانه لبعض آثاره عند اختلافه على أراضيه.([34])

أما الشيخ جعفر الصغير ابن الشيخ علي صاحب الخيارات (ت 1290هـ) فقد قال عنه صاحب العبقات: (فكم له من مقاطيع وقصائد، وأبيات هي لجباه البلغاء مساجد.. وكان في حسن السبك والمتانة وطول الباع وحيد، فهو على أنه مكثر مجيد، وقلّما اجتمعت هاتان لإنسان، من أهل هذا الميدان.. وكان يأبى أن يحفظ له شعر، أو ينشر له في هذا الأمر ذكر، ويجهد في إتلاف ما يقول).([35])

وأيضاً ما جاء في وصف شاعرية الشيخ محمد رضا كاشف الغطاء: (وكما رأيناه وقرأنا شعره ووقفنا على محاكماته الأدبية ونقده لأساليب الشعر وإظهاره السقطات لكثير من الشعراء يفهمنا أنه شاعر مجيد غير أنَّ الهدف الذي حاول أن يصل إليه واستطاع أخيراً أن يظفر به منعه من الاستمرار في نظم الشعر.. ولاحتياطه أن لا يعرف كشاعر فقد كان يكثر من النشر بتوقيع (م.ر.ج) في المقتطف والعرفان والنجف ولغة العرب)([36]).

وبعد هذه الحرب التي شنّها المُنشدون أنفسهم على نظمهم, وصل إلينا مجموعاً ما ذكرناه في بابه, ونذكر منه أيضاً:

منظومة في الحج والصيام والخمس للشيخ عباس بن حسن كاشف الغطاء (ت 1323هـ), انتهى منها سنة (1314هـ). يقول في مقدمتها:

منظومة العباس خير معجز                     تقرب الأقصى بلفظ موجز([37])

شرح الدرة النجفية, وهي منظومة السيد بحر العلوم, شرحها الشيخ عباس بن حسن كاشف الغطاء نظماً.([38])

أرجوزة في الخلل, للشيخ مرتضى بن عباس كاشف الغطاء (ت 1349هـ).([39])

أرجوزة في مقادير النصب الزكوية, للشيخ مرتضى بن عباس كاشف الغطاء.([40])

ديوان الشيخ علي كاشف الغطاء صاحب الحصون (ت 1350هـ), وأكثره في المدائح والمراثي.([41])

المقبولة الحسينية, لناظمها الشيخ هادي كاشف الغطاء, وهي منظومة في أحداث واقعة الطف, طبعتها مؤسسة كاشف الغطاء سنة (1434هـ) مع بعض رسائل ومراثي المؤلِّف.

ديوان الشيخ هادي كاشف الغطاء, وقد عملتُ على جمعه ولم أنته منه بعد.

المحمود من شعر أحمد, أو الطيب من شعر أبي الطيب, فقد كان الشيخ هادي كاشف الغطاء مولعاً بشعر المتنبي, وهذه المجموعة مما انتخبه من شعره.

الحسن من شعر الحسين, ديوان شعر الشيخ محمد الحسين كاشف الغطاء.

منتخب الحماسة من الحماسة, وهي استدراكات الشيخ محمد الحسين كاشف الغطاء على "ديوان الحماسة" لأبي تمام, مخطوط.  

ديوان شعر الشيح محمد رضا بن هادي كاشف الغطاء (ت 1366هـ), حققه الدكتور خليل المشايخي.

أرجوزة في الشكوك, للشيخ موسى بن مرتضى كاشف الغطاء (ت 1397هـ).([42])

ديوان الجعفري, صالح بن عبد الكريم كاشف الغطاء (ت 1399هـ)([43]), جمعه وحققه وأشرف عليه الأستاذان علي جواد الطاهر وثائر حسن جاسم, ومما قاله عنه الأستاذ الطاهر في مقدمته: (خاض في الاصلاح الاجتماعي والسياسي ورأى الاصلاح الشعري أن يتخلى عن أغراضه القديمة الميتة, ويُقبل على أخذ مادته من الحياة, ويقدّمها سهلة سلسة مفهومة مؤثرة)([44]).

رابعاً: العروض:

ومما كتبوه في العروض:

الوجيزة الكافية في العروض والقافية للشيخ محمد الحسين كاشف الغطاء, وهي رسالة في العروض, حققها ونشرها الدكتور فلاح رسول حسين في مجلة جامعة كربلاء سنة (2010هـ).

خامساً: البلاغة:

ومن كتبهم في البلاغة:

مقالة في البديع في الرد على رسالة "السيف الصنيع لرقاب منكري علم البديع" للشيخ محمد رضا النجفي الإصفهاني (ت 1362هـ), تأليف الشيخ محمد الحسين كاشف الغطاء, طُبِعت بتحقيق مجيد هادي زاد سنة (1427هـ).

حاشية على مختصر المعاني للتفتازاني, للشيخ علي بن محمد رضا كاشف الغطاء (ت 1411هـ), مخطوطة ومحفوظة في مؤسسة كاشف الغطاء العامة فرغ منها مؤلفها سنة (1348هـ).

سادساً: الخط العربي:

ولهم في هذا الفن:

نهج الصواب في المكاتب والكتابة والكتاب, للشيخ علي كاشف الغطاء صاحب الحصون, جمعه على إثر كتابة فهرس لمكتبته, وسلّط الضوء فيه على ما يجري من تفاعلات ثقافية مصدرها خزائن الكتب والمكتبات الشخصية والرسمية بما تنتجه من نشاط يتعلق بالكتاب والقلم وآلات الكتابة وكيفية التعامل معها.([45])

رسالة في الخط العربي (مخطوط), للشيخ محمد رضا كاشف الغطاء، فقدت هذه الرسالة في السنوات الأخيرة.

سابعاً: الخطب:

إن لعلماء آل كاشف الغطاء مئات الخطب المتفرقة هنا وهناك, وقد ذكرنا فيما سبق بأنّا في هذه العجالة نقتصر على ما جُمع ككتاب, وهي:

1. الخطب الأربع, وهي الخطب الارتجالية التي ألقاها الشيخ محمد الحسين كاشف الغطاء عند عودته من إيران, وقد جمعها نوري كاشف الغطاء وطُبِعت في مطبعة الراعي في النجف الأشرف.

2. الخطبة التاريخية في القدس, والتي ألقاها الشيخ محمد الحسين كاشف الغطاء.([46])

3. خطبة الاتحاد والاقتصاد, ألقاها الشيخ محمد الحسين كاشف الغطاء في مسجد الكوفة.([47])

4. خطبة باكستان, للشيخ محمد الحسين كاشف الغطاء وترجمتها بالفارسية.([48])

5. خطب الشيخ علي كاشف الغطاء (ت 1411هـ), والتي ضُمّنت في كتابه "الكلم الطيب".

 

 

المبحث الثاني

الميادين الأدبية التي أنشأها علماء الأسرة وساهم فيها

لم يقتصر دور علماء الأسرة على التأليف في العربية, بل أسدوا إليها خدماتهم من خلال عدّة أعمال أنشأوها أو ساهموا في تأسيسها, ومن هذه الميادين:

أولاً: الجمعيات الأدبية:

ومن هذه الجمعيات (جمعية الرابطة العلمية الأدبية في النجف), وهي من أولى الجمعيات الثقافية الفكرية في العراق, والتي تركت آثارها وبصماتها على المسيرة الطويلة الفكرية الثقافية في جيل من الرواد الأوائل الذين كانت آثارهم الجليلة علامات بارزة على فكر الأمة وتراثها، فكان لها الفضل في تعريف أهل العلم والأدب بالأدب النجفي بخاصة، والأدب العراقي بعامة.

كان الشيخ صالح الجعفري في مقدمة مؤسسيها ممن كانوا أو أصبحوا أعلام الأدب والفكر في العراق، يقول حميد المطبعي: (وكان معه - يقصد الدكتور عبد الرزاق محيي الدين - في هذا الجو الفكري المفعم بآمال الحركة والتجديد شاعران لهما نفس السليقة ونفس اللهجة في تحدّي التزمت والتقليد وهما (محمود الحبوبي1906-1969م) و(صالح الجعفري1908-1979م) وشكّل الثلاثة جيلا شعرياً ثالثاً في مدرسة الشعر النجفي، وهم من أرقى الأسرِ العلميَّةٍ في الجامعة النجفيَّة الكبرى، واخذوا ينشرون مبادئ الحركة التجديدية في الأدب أو في الشعر وفي إيصال كلمةِ العصر, وعندما حوصر الثلاثة وسدّت بوجوههم منافذ ومنابر الخطاب الشعري -والشعر النجفي كله فكر وخطابة سياسية- اجتمعوا وأسّسوا (جمعية الرابطة الأدبية العلمية) سنة (1932م) وهي الفكرة التي طرحت على الملك فيصل الأول أثناء زيارته لمجلس العلامة عبد الكريم الجزائري وأيدهما بحماسة وأوعز بإجازتها، وبعد وفاته عام 1933م جاء ابنه الملك غازي ليعزِّز من مكانة الرابطة فأهدى لها مكتبة كبيرة وخصص لها معونة مالية (مئة دينار سنويا) فوجد الثلاثةُ الحريَّةَ في أن يرفعوا أصواتهم، ثم أصبحت الجمعية ليست لسانهم المعبر وحدهم, بل كانت لسان الشعر العربي الحديث في عراق آنئذ، وكانت مجرد عضويّة الرابطة تعني شهادة تمنح لأدباء، ثم انتخبوا للجمعية عبد الوهاب الصافي وبعده انتخبوا رئيسا جديدا لها هو محمد علي اليعقوبي -الخطيب الكبير والشاعر الكبير-.([49])

ثانياً: المجلات الأدبية:

كان للصحافة في النجف دور اعلامي كبير، في ترسيخ المبدأ الديني والانساني, وقد اسهمت في تحديث العقل وتنمية التعليم وترقية الثقافة العربية وصقل العديد من المواهب الصحفية والادبية المتجلية في رقي الاسلوب، كما عبرت على نحو واضح عن الرأي العام في النجف، ومحيطها الاجتماعي، من قضايا وطنية وقومية واسلامية دللت على عمق التواصل بين النجف والعالم الخارجي وتأثيرها فيه.([50])

ويمكن القول إن الصحف والمجلات الأدبية التي ظهرت في الوطن العربي ومنها تلك التي ظهرت في العراق ساهمت الى حد كبير في بلورة رأي عام موحد تجاه الكثير من القضايا التي كانت تهم الشارع العربي.([51])

مجلة الغري: مجلة ادبية، اجتماعية، دينية، مصوّرة، نصف شهرية لها ملاحق للاعلانات، صاحب امتيازها الشيخ عبد الرضا كاشف الغطاء الملقّب (بشيخ العراقين) صدر العدد الاول منها في شعبان 1358هـ، ايلول 1939م, وتوقفت عن الصدور عندما المّ المرض بصاحبها وجعله يلزم الفراش حتى توفي رحمه الله في يوم الخميس 18/4/1968, وكان نصيبه من المقالات الأدبية فيها (14 مقال).([52])

 لواء الوحدة الإسلامية: مجلة دينية اسلامية ثقافية اسبوعية، لسان حال جمعية الوحدة الاسلامية في النجف، صاحبها الشيخ عبد الرسول كاشف الغطاء, صدر عددها الاول في بغداد  في 23 شوال 1368 / 8 آب 1949م، وطبعت في  مطبعة دار النشر والتأليف بالحجم الوزيري, ومطبعة الغري الحديثة في السنة الثانية.

مجلة أقلام الطلبة: أصدرها الشيخ صالح الجعفري من سنة 1945م الى سنة 1950م.

مجلّة الجامعة: وكانت تصدر شهرياً عن جامعة الإمام الشيخ علي كاشف الغطاء (ت 1411هـ) في النجف الأشرف, وتُعنى بالثقافة الدينية للآداب والعلوم والاجتماع.

صحيفة السُلَّم: أسسها جعفر ابن الشيخ محمد رضا كاشف الغطاء وتصدر أسبوعياً وبشكل سرّي.([53])

ثالثاً: دور النشر والتأليف:

شهدت النجف الأشرف نشاطاً واسعاً في مجال التأليف والطباعة والنشر, وذلك بعد أن تهيأت الظروف المناسبة من خبرة وكفاءة وأيدي عاملة ورؤوس أموال وتسهيلات فنية ساهمت في جلب المطابع إلى النجف لدعم الحركة الدؤوبة للتأليف من قبل علمائها, وقد زاولت تلك المطابع عملها في طبع الكتب وآثار العلماء قديما وحديثا، وطبع المجلات والجرائد والدوريات, ومنها:

دار النشر والتأليف: كانت من المطابع الحديثة الممتازة ومن أنفس المطابع في حينها, تأسست سنة 1943م, صاحبها الأستاذ شيخ العراقين عبد الرضا آل كاشف الغطاء
وعاشت سنين طويلة وكانت تطبع فيها "مجلة الغري" فضلاً عن العديد من المؤلفات القيمة, وعلى أثر
مرض صاحبها وتركه العمل تعطّلت المطبعة عن أعمالها وبيعت
وانقرضت آثارها.([54])

ومما قاله مديرها بمناسبة قيامها بطبع ترجمة "الشريف الرضي" للشيخ محمد رضا كاشف الغطاء: (تغتبط دار النشر والتأليف في النجف الأشرف لمؤسسها شيخ العراقين بأنها قد وفقت للقيام بطبع "ترجمة الشريف الرضي" للعلامة الكبير سماحة الأستاذ الشيخ محمد رضا آل كاشف الغطاء و"أدب الشبيبي", كما إنها قررت نهائياً الشروع بطبع "ديوان الشريف الرضي" و"ديوان أبي فراس الحمداني" مشروحين شرحاً كاملاً, ومضبوطين كذلك, وسيقع "ديوان الشريف الرضي" بأربعة أجزاء. وهي بهذه المناسبة تظهر استعدادها لطبع الكتب الأدبية والعلمية, على نفقتها الخاصة, فيما إذا كانت هذه الكتب تتفق والخطة التي قررت الإدارة سلوكها بشأن رفع المستوى الأدبي في هذه الربوع, والله من وراء القصد)([55]).

قسم الطباعة والنشر: وهو من الأقسام التي ألحقها الشيخ الدكتور عباس كاشف الغطاء إلى جملة أقسام مؤسسة كاشف الغطاء, أقسام مؤسسة كاشف الغطاء, إيإيماناً ظإيماناً منه بضرورة إظهار تراث آبائه الذي بقي مخطوطاً لحقب عديدة ونشره محقَّقاً, فضلاً عن طباعة الدراسات التي تناولت علماء الأسرة, وقد وصلت المؤلّفات التي طُبِعت في المؤسسة إلى يومنا هذا (148) كتاباً.

رابعاً: إنشاء مكتبات:

كان لإنشاء المكتبات العامّة أثر كبير في نمو الحركة الأدبية, حيث اشتهرت النجف بمكتبات عامة وخاصة تضم أحدث ما يصدر في الوطن العربي, بينها أهم المجلات والدوريات, وكانت المكتبة العلوية أول مكتبة عامّة أنشئت في النجف في القرن الرابع الهجري، واحصى جعفر الخليلي في موسوعة العتبات المقدسة أكثر من ثلاثين مكتبة كان لها شأن يذكر حتى نهاية القرن الثالث عشر وبداية القرن الرابع عشر للهجرة.([56]), ومن المكتبات العامّة التي تضم المصنّفات الأدبية والتي أنشأها علماء الأسرة:

مكتبة الشيخ علي كاشف الغطاء: إحدى مكتبات النجف الأشرف الأسرية العريقة, أسسها الشيخ عليّ كاشف الغطاء صاحب الحصون (ت 1350هـ)ـ كمكتبة خاصة, وقد غذّى المكتبة بعددٍ كبيرٍ من المخطوطات والمطبوعات، وأصبحت أكبر المكتبات العامة في مدينة النجف الأشرف حينها، وأضاف إليها ولده الشيخ محمد الحسين كاشف الغطاء (ت 1373هـ) كتباً كثيرة، وبنى جناحاً في مدرسته العلمية للمكتبة، وقدّرت محتوياتها بعشرة آلاف كتاب([57]), من بينها المدونات الكبرى في التاريخ، والأدب، واللغة، والمخطوطات المهمة فيها.

مكتبة الشيخ هادي كاشف الغطاء: وهي مكتبة ضخمة انتقلت إلى الشيخ هادي (ت 1360هـ) بالإرث من آبائه، وقد زاد عليها بعض المخطوطات، وكثيراً من المطبوعات، فكان جمّاعاً للكتب، وبعد وفاته انتقلت إلى ولده الشيخ محمّد رضا (ت 1366هـ) ثم إلى حفيده الشيخ علي كاشف الغطاء  
(ت 1411هـ)، وتشتمل على آلاف المجلّدات بين مخطوط ومطبوع, وقد وُصِف صاحبها بأنّه: (كان أديبا, شاعراً, لغوياً, بليغ التتبع في المِلَلِ والنِّحَلِ والسِّيَر والعربية ومتن اللغة)([58]), (وكانت له مكتبة خاصة تعد من أنفس مكتبات النجف الاشرف وأكثرها قيمة, وفيها عدد غير يسير من المخطوطات والنوادر).([59]) والمكتبة اليوم ضمن أقسام المؤسسة التي يتولّاها الشيخ الدكتور عباس كاشف الغطاء, وتفتح أبوابها بشكل منتظم لاستقبال الباحثين وروّاد العلم, وقد بلغت كتبها ما يناهز العشرين ألف, منها كثير من مؤلفات علوم العربية.

خامساً: المدارس الدينية:

 هي نوع من المدارس التي تركّز مناهجها على الموضوعات الدينية بجانب العلوم الأخرى في مناهجها وعلى رأسها علوم العربية, وهي تقابل المدرسة المدنية, فبعد قدوم الشيخ الطوسي إلى النجف (في القرن الخامس الهجري) أصبحت النجف مركزاً علمياً مهمّاً، فأُنشأت فيها كثير من المدارس الدينية, وقد أشار الرحالة إلى مدارسها هذه,([60]) ومدارس النجف الدينية لسُكنى الطلاب أيضاً, ومن هذه المدارس التي أنشأها علماء الأسرة:

مدرسة كاشف الغطاء، وكانت تعرف بـ(مدرسة المعتمد) أسسها معتمد الدولة عبّاس قلي خان حدود سنة (1250)هـ، وتشمل على (20) غرفة, وقد بناها على ترتيبها الحالي الشيخ مهدي كاشف الغطاء (ت 1286هـ),([61]) ثمّ عمّرها الشيخ محمد الحسين كاشف الغطاء عمارة حسنة بعد خرابها, وأسكنها طلبة العلوم الدينية, وجعلها مدرسة رسمية دينية, وأقام فيها ملحقا لمكتبته الشهيرة, فنسبت المدرسة إليه، وتقع في محلة العمارة.

المدرستان المهديتان: وتقع الأولى في النجف الأشرف محلة المشراق مقابل مقبرة السيد مهدي بحر العلوم وشيخ الطائفة الشيخ الطوسي, مجاورة لمدرسة (القوام), أسسها وشيّدها الشيخ مهدي كاشف الغطاء (ت 1289هـ) في عام 1284هـ بأموال كثيرة أرسلت إليه من بلدة (قره داغ) في آذربيجان, وها أنا اليوم أكتب سطور البحث فيها. أما الثانية فبناها الشيخ نفسه في كربلاء المقدّسة, وهما معروفتان باسمه, ذكرهما الشيخ محمد الحسين كاشف الغطاء في "العبقات" مستعرضاً آثار الشيخ مهدي المشيّدة قائلاً: (منها: المدرسة الكبيرة الواقعة في النّجف الأشرف، مقابل قبر الشيخ الطوسي S، وهي من المدارس التي ليس لها نظيرٌ في النجف, ومنها: مدرسته الواقعة في كربلاء وهي من المدارس المعروفة)([62]).

سادساً: الترجمة:

التَّرْجَمَة أو النَّقْل: هي عملية تحويل نص أصلي مكتوب (ويسمى النص المصدر) من اللغة المصدر إلى نص مكتوب (النص الهدف) في اللغة الأخرى, فتعد الترجمة نقل للحضارة والثقافة والفكر,([63]) وما نعنيه في هذا البحث هو الترجمة إلى العربية, وعلى المترجِم أن يتصف بالصفات المؤهّلة ليكون عمله ذا قيمة, يقول الجاحظ في قيمة الترجمة: (ولا بد للترجمان من أن يكون بيانه في نفس الترجمة، في وزن علمه في نفس المعرفة، وينبغي أن يكون أعلم الناس باللغة المنقولة والمنقول إليها، حتى يكون فيهما سواء وغاية)([64]).

وقد برع بعض علماء الأسرة في هذا المجال كالشيخ محمد الحسين كاشف الغطاء والشيخ صالح الجعفري والأستاذ علي كاشف الغطاء, فكان من أعمالهم:

كتاب في الهيئة القديمة, كان يدرّس في النجف بعد " تشريح الأفلاك" للشيخ البهائي, عرّبه من الفارسية الشيخ محمد الحسين كاشف الغطاء.

رسالة "حجة السعادة في حجة الشهادة" تأليف صنيع الملك, ألفها بطلب السلطان ناصر الدين شاه, حيث اقترح عليه أن يشرح له وضعية العالم والممالك والأمم في سنة احدى وستين التي وقعت فيها حادثة الطف مع ذكر الشهادة ووصفها من كتب الأجانب, ترجمة الشيخ محمد الحسين كاشف الغطاء.

رحلة ناصر خسرو العلوي من وطنه بلخ إلى الحجاز سنة (437هـ) وتمام سفره إلى سبع سنوات, مر على عواصم الإسلام: كمصر وسوريا وفلسطين, ترجمها الشيخ محمد الحسين كاشف الغطاء باختصار .

رباعيات حسين قدس نخعي, وهو من رواد الشعر الفارسي الصوفي, عرّبها من الفارسية الأستاذ صالح الجعفري.

رباعيات الخيام, ترجمها شعراً صالح الجعفري, وطبعت طبعة جديدة في بيروت سنة 2007م.

رسالة "تـنـبـيـه الأمـة وتـنـزيـه الـملـة" التي كانت تـعالـج مـوضـوعـا ً كان سـاخـنا ً يـومذاك وهـو "الـمـشروطـة والـمسـتـبــدة", ترجمها صالح الجـعـفــري إلى الـعــربـيـة مـوشحـاً إيـاهـا بـعـنـوان عـصـري هــو "الاستبداد والــديـمـقـراطـيـة".

رباعيات بابا طاهر عريان الهمداني, ترجمها شعراً صالح الجعفري, أعدّها وقدّم لها رياض صالح الجعفري, راجعها نعمة رحيم العزاوي, ط1, مطبعة الديوان, بغداد, 2012م.

رواية الأخوة السبعة للأديب الفلندي ألكسس كيفي, والتي نُشرت أولاً سنة 1870م, وهي من روائع الأدب العالمي, ترجمها الأستاذ علي ابن الشيخ عبد الرسول كاشف الغطاء, وطبعتها منشورات وزارة الثقافة والاعلام العراقية سنة 1983م.

 

 

 

المبحث الثالث

تصدي علماء آل كاشف الغطاء للمحافظة على اللغة العربية

لم يكتفِ علماء آل كاشف الغطاء بالتأليف في علوم العربية وتأهيل الميادين التي تربو بها وتنتعش, بل كان لهم صولاتٍ للحفاظ عليها والدفاع عنها, وظهر ذلك جلياً في موقفهم من جملة المقترحات التي ناشدت بها لجنة النظر في تيسير قواعد النحو والصرف والبلاغة المصرية, يُشاطرون بذلك غيرهم من علماء النجف الأشرف الذين تصدّوا لإبداء آرائهم كالشيخ محمد جواد الجزائري والأستاذ عبد الرزاق محي الدين والأستاذ محمد صالح شمسة, فحين وصلت هذه الاقتراحات الى الشيخ محمد رضا كاشف الغطاء في كتاب رسمي معنون من وزارة المعارف العراقية([65]) بتاريخ 28/ جمادى الأول/ 1357هـ تضمّن دعوته لتقييم تلك الاقتراحات، أصدر الشيخ جملة ردود على الاقتراحات نُشرت تباعا في صحيفة العراق منذ 1357هـ، وجمعت بعد ذلك في كتاب سمّي "نقد الاقتراحات المصرية", أما الشيخ علي كاشف الغطاء فهو الآخر صدّر ردوداً نشرتها صحيفة العراق بتاريخ 1357هـ وجمعت في كتاب "نظرات وتأملات" فضلاً عن الكتاب السابق.

بدأ الشيخ محمد رضا كاشف الغطاء نقده بالثناء على جهود اللجنة المذكورة ومن ثم صار يسرد آراء لغوية تتلخص في عدة أمور منها:

1. وجوب استئصال اللغة العامّية في كافة الاقطار العربية؛ لتماسك الاقطار العربية, فإن اختلاف اللهجات سبب في تفكّكها.([66])

2. يجب أن تَنتخب المعاجمُ العربية ألفاظاً رقيقة, بعيدة عن الوحشية في شتى انواع المسميات المستخدمة في الحياة اليومية.([67])

3. إنّ من أهم أسباب ضعف الطالب في اللغة العربية في رأيه ما يأتي:([68])

اولا: إنّ الطالب لا يجد للّغة العربية تلك الأهمية التي يجدها في باقي العلوم كالفيزياء والهندسة وغيرها.

ثانيا: ضعف المنهج في تدريس قواعد اللغة العربية وقلّة التطبيق.

4. تأسيس نوادِ عامّة تُلقى فيها خطب ومحاضرات في اللغة العربية الفصحى.

وقد كان لنقدهما الأثر البالغ الذي أدّى إلى إلغاء كتاب "النحو الواضح" الذي وضعه ابراهيم مصطفى بعد أن أُقرّت تلك المقترحات، ولكن لم تظهر تلك النقود في كتاباتهم ولم يشيروا إليها، ويعلل الأب انستانس الكرملي ذلك: بأنّ القوم لا يعيرون أهمية لكل من كان غير مصري مهما كان ومهما بلغ.([69])

وسنشير هنا إلى مجمل النقاط التي استشكل عليها, وللتوسعة مواطن أخر.

أولاً: النحو: ترى اللجنة إنّ ما يعسّر النحو على المعلمين والمتعلمين منشؤه الأسباب الثلاثة التالية:

فلسفة حملت القدماء على أن يفترضوا ويعللوا ويسرفوا في الافتراض والتعليل.

إسراف في القواعد نشأ عنه إسراف في الاصطلاحات.

إمعان في التعمّق العلمي باعد بين النحو وبين الأدب.  

وقد أبدى الشيخ محمد رضا كاشف الغطاء اعتراضه على كل واحدة منهن, فأما النقطة الأولى فلا يجد الشيخ أثراً للفلسفة في الكتب الدراسية, بل هو تهويل من اللجنة الكريمة, وحتى الإسراف والافتراض في التعليل لم يكن من قدماء النحويين كالخليل بن أحمد وسيبويه وأبو علي الفارسي وأبو القاسم الزجاج, وإنما نشأ من بعدهم لمّا نشأ الخلاف بين الكوفيين والبصريين.

وأما النقطة الثانية فقد مثّلت لها اللجنة في التعمّق في معنى الحرف وصيغه, وقد أبدى الشيخ استغرابه من عدّهما من أسباب العسر, وأن اللجنة لجأت لحذفها وإلغائها وإهمالها طلباً للتيسير, ذلك أنها مهملة ومحذوفة ملغاة قبل ذلك في كتب الدراسة ومناهجها, ولا يُظن أنها سبباً في فشل دراسة العربية, ولم تُفرض على الطالب كي يقع في عُسر منها, (فهذا تهويل لا يحسن من اللجنة الكريمة, التي تعاني إبداء الحقائق, وتحاول أن تقوم بمشروع يخدم العربية وأبناءها كافة).([70])

وأما النقطة الثالثة فالشيخ واللجنة على طرفي نقيض, فاللجنة تراه من عيوب النحو التي لابد أن يخلص منها, والشيخ يوجبه في الكتب الدراسية, فإذا ما خلت منه وقع الطالب من أجله في ارتباك عظيم.

أما الشيخ علي كاشف الغطاء فلم ير مما سلكته اللجنة في تيسير القواعد النحوية لتسهيل دراستها إلا تكثير اصطلاح, وزيادة تكلف وعناء, حيث أنه يرجعها إلى أمور ثلاثة:

حذف بعض المطالب النحوية.

اختصارهم لأبواب النحو.

إهمال أعراب بعض الأساليب العربية.

ويتعرض الشيخ لكل هذه الأمور مُبيناً الفائدة التي يجنيها الطالب من دراستها.

ثانياً: الصرف: وهنا الشيخ محمد رضا لا يوافق عدول اللجنة عن تعليم الصرف من حيث هو علم, بادعائها أنه بفقه اللغة أشبه, وأن دراسته المستقصاة أحرى بالذين يفرغون لتعمق اللغة العربية والتخصص فيها؛ وذلك لأهمية الصرف وفائدته, واللجنة نفسها تعترف بذلك ضمناً.

فأما كونه بفقه اللغة أشبه فهذه لا تقضي بمحوه والاستغناء عنه, ما دامت له فائدة في إتقان اللغة العربية ومعرفتها, وليدوّن بما هو فرع من فقه اللغة, وليسم بذلك ولا تهمنا الأسماء, ما دمنا نسعى وراء الفائدة, وهو يرى أن أهمية علم الصرف لا تنقص عن أهمية علم النحو, وربما تكون الحاجة إليه أشد, (فعلم النحو يعتصم به عن الخطأ في الحرف الأخير من الكلمة العربية, والصرف يحترز به عن الخطأ في كل أحرف الكلمة, ومن لم يكن له حظ في هذا العلم لم يكد ينطق بكلمة على وجهها, وإن أصاب في جهة إعرابها, ولابد للمبتدئ فيه, وليست الحاجة إليه تخص من يروم التفقه في اللغة, ولا يجوز أن يؤخر درسه إلى محله في معاهده المتخصصة للغة وفقهها وتاريخها).([71])

أما الشيخ علي فلا يرى فيما قررته اللجنة في تيسير الصرف من الاقتصار على بعض أبوابه وحذف أبواب أخر بتعليلهم أن ذلك لا يحتاج إليها المبتدئ ولا يصل فهمه إليها, بل على العكس من ذلك, إن لها فوائد لا يسع المقام لذكرها, ويردف قائلا: (ولست مجازفاً إذا  قلت أن الفساد الذي دخل على ألفاظ اللغة العربية, يرجع أكثره إلى إهمال القواعد الصرفية, حيث أنّ أكثره ينشأ من تغيير هيئة الكلمة, أو تبديل حروفها, أو حذفها, أو الزيادة عليها, دون مراعاة للقواعد الصرفية).([72])

ثالثاً: البلاغة: لا يرى الشيخ محمد رضا مسوّغاً لما طلبته اللجنة من إلغاء البلاغة بحجّة أن العرب قد استغنت عنها عصراً طويلاً, أو أن الأجانب عدلوا عنها, ذلك أنّ لكل لغة مزايا وخصوصيات, فما كل ما يجوز على بعضها يجوز على البعض الآخر, ولا يمكن القياس مع من تكونت لهم الفصاحة بالغريزة ومهروا ببلاغته بمنحة إلهية, أو مع الذين درسوا علم البلاغة وعرفوا دقائق البيان العربي ومزاياه.

ويشخّص الشيخ هنا الفارق بين أغراض البلاغة بين القدماء والمحدثين, فقد ألف القدماء كتب البلاغة وتبسطوا في مسائلها, وبالغوا في التعمق والتدقيق في مباحثها, وغرضهم معرفة الكلام البليغ, والاطلاع على دقائق البلاغة وأسرارها فيه والمزايا التي صيرته متصفاً بنعت البلاغة, وانتهوا في أغراضها إلى الغرض الأسمى وهو إثبات الإعجاز في كتاب الله المستلزم لا ثبات النبوة, أما غرض اللجنة ومن سبقها من المتأخرين من دروس البلاغة فهو البلاغة العملية, أي أننا ندرس البلاغة لنكون بلغاء, ذا ملكات على إيراد الكلام البليغ والبيان الفصيح.

وبما أن لكل من المنهاجين غرض لا يصح استبداله بالآخر, يوجب الشيخ المحافظة عــلى حـصول الغرض الأول, بل لابد من الاعتناء به, وربما لزم الجمع ما بين المنهاجين لإيجاد طبقة عالية من الكتّاب والخطباء والمنشئين, وهو يعتقد أن طريقة المتأخرين, والسير عليها ألزم لحياتنا الأدبية, سواء أكان ذلك على طبق ما نهجته اللجنة, أم على طبق منهاج آخر.([73])

أما الشيخ علي فقد قابل اللجنة بذكر فائدتين لعلم البلاغة هما:

الأولى: معرفة معاني التراكيب العربية وأسرارها والاطلاع على دقائق اللغة ومزاياها.

الثانية: القدرة على تأدية الكلام, وصوغه بصورة مقبولة ومَعرض حسن تسيغه النفس ويقبله الطبع.

وبهذه الفائدتين يُعرف وجه الحاجة للبلاغة, وضرورة الاطلاع عليها, فبالأولى منهما توجب الاحــتراز عــن الخطأ في تأدية المعنى المقصود, فلها من الأهمية ما للقواعد النحوية والصرفية من التحفظ بها عن الخطأ في مقام البيان والإفصاح, والثانية منهما بها حياة اللغة العربية وجمالها, ومعها يستطيع المتكلم أن يفهم مراده بصيغة عربية سهلة المثال, لا يمجها الطبع ولا ينبو عنها السمع, ولولاها لكان الكلام برطانه الاعجمي أشبه, وبمجمجة السوقي ألصق.([74])

مآخذ أخر وتوصيات:

صرّح الشيخ محمد رضا كاشف الغطاء تعقيباً على مقترحات اللجنة قائلاً: (هذه الأبواب التي رأت اللجنة درسها, تحقيقاً لما أريد من التيسير, لاشك أنا لا نوافق عليها بهذا الموضع للمحاذير التي لاحظناها في مقترحاتها, وللاستدراكات التي سنوردها)([75]).

وفي الوقت ذاته لا يعدمهم الفضل لما أرشدت إليه من المبادئ الأساسية التي وضعت على طبق منهاجها, ورأت أن تكون الدراسة على منوالها, وليس في الكثير مما رأته واقترحته مجال للشك أو الطعن, فليس الاختلاف فيما بينهم وبينه في المبادئ والأسس, بل في الطرق المؤدية لذلك, وما هو الأجــدى, وفــيما ذكــره من المحاذير, مشخّصاً المشاكل التي تعاني منها وهي: (فساد طرق التعليم, وكثرة الخلط والتشويش, ولابد من حذف المماحكات اللفظية, والمنازعات القليلة الجدوى وما يقاسى في سبيل تعلمها من الأتعاب, وما ينجم من المشاق من غير جدوى)([76]).

ويعلن الشيخ كاشف الغطاء استعداده لوضع منهاجاً لدراسة علوم العربية فيما إذا تبنّت الوزارة العراقية خطوة مشابهة لما ذهبت إليه نظيرتها المصرية, قائلاً: (ولو عمدت الوزارة العراقية الجليلة, لما عمدت اليه الوزارة المصرية, وقامت هذه بما قامت به تلك في قرارها, لتكلفنا وضع منهاجا لدراسة علوم اللغة العربية على اساس ما استصوبناه من مقترحات اللجنة, وما لاحظناه عليها, وما عندنا من مقترحات لم نذكرها هنا)([77]).

 

 

خاتمة

لقد خلص البحث الرامي إلى بيان الدور الذي أولوه علماء آل كاشف الغطاء في علوم العربية, وذلك بعد تصفّح رفوف المكتبات والبحث في خزائن المؤلفات وقراءة ما كتبوا وكُتِب عنهم في الببلوغرافات, ظهر جلياً أن اللغة العربية أخذت شطراً كبيراً من اهتمامهم, ولها نصيبٌ وافر في مؤلفاتهم, ففي الوقت الذي عُدّ لهم مئات البحوث والمقالات الأدبية المنشورة في المجلات, أحصى هذا البحث (65) مؤلفاً في علوم العربية, والعديد من المشاريع الأدبية, ومواقف جسّدت حرصهم على أن تكون اللغة العربية لها من المكانة والمحافظة وإعطاء النصيب الكافي من التدريس, وتوفير السبل لانتشارها ومداولتها وتأصيلها, ونبذ ما يشوبها من لهجات وألفاظ ما يتناسب وكونها لغة الكتاب المُنزل على رسولنا الكريم, والتي خُتِمت به شرائع رب العالمين.

فظهر بهم وبأمثالهم من علماء النجف الأشرف ما يُبرّز الدور الذي أدّته هذه المدينة المقدّسة وهذه الأسرة الكريمة في الحفاظ على اللغة العربية وإثرائها, أصولا وامتدادا.

والحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على أفصح من نطق بالضاد رسولنا الكريم محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين المعصومين.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

[1]. ظ: كاشف الغطاء, محمد الحسين, العبقات العنبرية في الطبقات الجعفرية, تح: كريم الكمولي, نشر مؤسسة كاشف الغطاء: ج1, ص186.

[2]. ظ: البهادلي، د. محمد باقر احمد, الحياة الفكرية في النجف الاشرف 1921م – 1945م، ط1، احقاف للنشر والتوزيع، قم، 1425هـ - 2004م: 83.

[3]. ظ: الهلالي, عبد الرزاق, تاريخ التعليم في العراق في العهد العثماني: 60.

[4]. ظ: الحياة الفكرية: 111.

[5]. ظ: الحياة الفكرية: 120.

[6]. ظ: الحياة الفكرية: 133.

[7]. ظ: التهانوي, محمد علي, كشاف اصطلاحات الفنون والعلوم، تح: رفيق العجم/علي دحروج, الناشر: مكتبة لبنان, 1996م, ط1: ج1، ص17.

[8]. ظ: كاشف الغطاء, محمد رضا, حاشية على شرح ابن الناظم: المقدمة.

[9]. أفادنا بها مشافهة الشيخ الدكتور عباس كاشف الغطاء.

[10]. ظ، كاشف الغطاء, هادي, رسالة في فن التجويد, تح: خليل المشايخي, نشر وطباعة مؤسسة كاشف الغطاء العامة, طباعة شركة صبح للطباعة والتجليد, لبنان, ط2, 1434هـ: 54.

[11]. رسالة في فن التجويد: 60.

[12]. الصغير, محمد حسين, أساطين المرجعية العليا في النجف الأشرف: 256.

[13]. تراجم مشايخ آل كاشف الغطاء, إعداد مؤسسة كاشف الغطاء العامة: 169.

[14].  الحلي, جعفر: سحر بابل وسجع البلابل, ديوان  السيد جعفر الحلي: 232.

[15]. ظ: أحمد ناجي, تاريخ من لم ينصفه التاريخ, الشيخ علي كاشف الغطاء صاحب الحصون وجهوده العلمية, مطبعة الميزان في النجف الأشرف, ط1, 1436هـ: 49.

[16].  ظ: حرز الدين, محمد, معارف الرجال في تراجم العلماء والأدباء, تعليق: محمد حسين حرز الدين, مطبعة الولاية في قم, 1405هـ: ج2, ص137.

[17]. ظ: تاريخ من لم ينصفه التاريخ: 43.

[18]. ظ: مقدمة تحقيق كتاب "تعليقة على أدب الكاتب": 36.

[19]. كاشف الغطاء, محمد الحسين, عقود حياتي من العقد الأول إلى العقد الثامن, تح: امير كاشف الغطاء, نشر مكتبة ومدرسة الامام كاشف الغطاء, 1433هـ: 75.

[20]. ظ: مقدمة تحقيق كتاب "تعليقة على أدب الكاتب": 32.

[21]. ظ: م.ن: 30.

[22]. ظ: م.ن. 

[23]. ظ: م.ن.

[24]. ظ: م.ن. 

[25]. ظ: م.ن. 

[26]. ظ: م.ن. 

[27]. ظ: م.ن. 

[28]. ظ: م.ن. 

[29]. ظ: مقدمة تحقيق كتاب "تعليقة على أدب الكاتب": 30. 

[30]. تراجم مشايخ آل كاشف الغطاء: 202.

[31]. صالح الجعفري: أحد أعلام الأسرة الذين لهم دَوْرٌ كبيرٌ في الحياة الأدبية النجفية, وأبرز أعماله تأسيس (جمعية الرابطة الادبية في النجف الاشرف), وترجمته كثير من الشعر الفارسي الى العربية ونشره مقالات في صحف ومجلات, وقد خرج عن الأسرة بنسبة نفسه إلى الشيخ الكبير نفسه, و(يعد من الجيل الثالث من الشعراء المجددين في النجف، لولاه لما وصل الشعر في التجديد الى هذه المرحلة, فتحمل النقد والتشهير والتكفير من الجماعات المحافظة). ظ: شكر, كاظم, النجف رجال وافكار ومواقف: ق1, ص89.

[32]. الخاقاني, علي, شعراء الغري: ج2، ص40.

[33]. كاشف الغطاء, محمد الحسين, العقبات العنبرية في الطبقات الجعفرية, تح: كريم الكمولي, مؤسسة كاشف الغطاء العامة, قيد الطبع: ج1، ص157.

[34].  ظ: شعراء الغري: ج7, ص165؛ ماضي النجف وحاضرها: ج3, ص179.

[35].  العبقات العنبرية: 448.

[36].  شعراء الغري: ج8, ص421.

[37]. كاشف الغطاء, عباس, أرجوزة في الحج والصيام والخمس, مخطوط: 3.

[38]. ظ: تراجم مشايخ آل كاشف الغطاء: 122.

[39]. م.ن: 169.

[40]. م.ن.

[41]. تاريخ من لم ينصفه التاريخ: 38.

[42]. ظ: تراجم مشايخ آل كاشف الغطاء: 244.

[43].  يعد من الجيل الثالث من الشعراء المجددين في النجف، لولاه لما وصل الشعر في التجديد الى هذه المرحلة فتحمل النقد والتشهير والتكفير من الجماعات المحافظة. ينظر: النجف رجال وافكار ومواقف ق1: 89.

[44]. مقدمة تحقيق ديوان الجعفري، علي جواد الطاهر, مطبعة دار الحرية, 1985م.

[45]. تاريخ من لم ينصفه التاريخ: 43.

[46]. ظ: مقدمة تحقيق كتاب "تعليقة على أدب الكاتب": 28. 

[47]. ظ: م.ن.

[48]. ظ: م.ن.

[49]. المطبعي, حميد, عبد الرزاق محيي الدين من بناة المدرسة الفكرية، جريدة الزمان العدد 230 في 5/1/2006.

[50]. الحياة الفكرية في النجف الاشرف: 20.

[51]. علي شمخي جبر, أضواء على الصحافة النجفية ودورها الفكري والاصلاحي (1910 – 1968), مجلة أهل البيت عليهم السلام, العدد 10.

[52]. الشبلي, هلال كاظم, مجلة الغري ودورها الثقافي السياسي في العراق خلال الحرب العالمية الثانية, رسالة ماجستير مقدمة الى كلية التربية جامعة القادسية: 27.

[53]. ظ: الموسوعة الوثائقية, قسم الوثائق في مؤسسة كاشف الغطاء: ج1, ص174, وثيقة 3048.

[54]. الاميني, محمد هادي, معجم المطبوعات النجفية, مطبعة الآداب في النجف الأشرف, ط1, 1966م: 39.

[55].  كاشف الغطاء, محمد رضا, مناهل الأدب العربي, الشريف الرضي, مكتبة صادر, بيروت: 203.

[56]. ظ: الخليلي، جعفر، موسوعة العتبات المقدسة، منشورات الاعملي، بيروت، قسم النجف الثاني: ج3, ص7.

[57]. الحكيم, حسن عيسى, مكتبة أسرة آل كاشف الغطاء, مجلة الولاية.

[58]. ظ: الخوئي, محمد أمين, مرآة الشرق: ج2, ص1384.

[59]. ظ: ماضي النجف وحاضرها: ج3, ص213.

[60]. ظ: ابن بطوطة, محمد بن عبد الله اللواتي، "تحفة النظار في غرائب الامصار وعجائب الاسفار"، مطبعة مصطفى محمد، مصر، 1357هـ/ 1938 م: 127.

[61]. ظ: العبقات العنبرية: ج3, ص62.

[62]. العبقات العنبرية: ج3, ص62.

[63]. مندي، جرمي. مدخل إلى دراسات الترجمة نظريات وتطبيقات, ترجمة هشام علي جواد, مراجعة عدنان خالد عبد الله. أبوظبي: كلمة. 2009: 18.

[64]. الجاحظ، كتاب الحيوان، تحق: محمد عبد السلام هارون، دار الجيل، 1955م، ج1، ص 75.  

[65]. ظ: نقد الاقتراحات المصرية، جمع: مؤسسة كاشف الغطاء العامة: 24.

[66]. ظ: نقد الاقتراحات المصرية: 28.

[67]. نقد الاقتراحات المصرية: 21. وقد اقترح الأستاذ ابراهيم مصطفى تلك المعاجم على المجامع العلمية لاحقا لكنه لم يذكر انها من اقتراحات الشيخ. ينظر: تعاون المجامع العلمية على عمل المعاجم اللغوية، ابراهيم مصطفى، مجلة المجمع العلمي العربي.

[68]. نقد الاقتراحات المصرية: 30.

[69]. ظ: كمال الدين, محمد علي, تيسير العربية: 2.

[70]. نقد الاقتراحات المصرية: 32.

[71]. م.ن: 47.

[72]. نقد الاقتراحات المصرية: 65.

[73]. ظ: م.ن: 52.

[74]. ظ: م.ن: 66.

[75]. م.ن: 52.

[76]. م.ن: 53.

[77]. م.ن: 49.

 

 

 

 

 

 

 

المصادر والمراجع

ابن بطوطة, محمد بن عبد الله اللواتي، "تحفة النظار في غرائب الامصار وعجائب الاسفار"، مطبعة مصطفى محمد، مصر، 1357هـ/ 1938م.

 أحمد ناجي, تاريخ من لم ينصفه التاريخ, الشيخ علي كاشف الغطاء صاحب الحصون وجهوده العلمية, مطبعة الميزان في النجف الأشرف, ط1, 1436هـ.

الاميني, محمد هادي, معجم المطبوعات النجفية, مطبعة الآداب في النجف الأشرف, ط1, 1966م.

البهادلي، د. محمد باقر احمد, الحياة الفكرية في النجف الاشرف 1921م – 1945م، ط1، احقاف للنشر والتوزيع، قم، 1425هـ - 2004م.

 تراجم مشايخ آل كاشف الغطاء, إعداد مؤسسة كاشف الغطاء العامة.

ابراهيم مصطفى، تعاون المجامع العلمية على عمل المعاجم اللغوية، مجلة المجمع العلمي العربي.

 التهانوي, محمد علي, كشاف اصطلاحات الفنون والعلوم، تح: رفيق العجم/علي دحروج, الناشر: مكتبة لبنان, 1996م, ط1.

الجاحظ، كتاب الحيوان، تح: محمد عبد السلام هارون، دار الجيل، 1955م.

حرز الدين, محمد, معارف الرجال في تراجم العلماء والأدباء, تعليق: محمد حسين حرز الدين, مطبعة الولاية في قم, 1405هـ.

الحكيم, حسن عيسى, مكتبة أسرة آل كاشف الغطاء, مجلة الولاية.

الحلي, جعفر: سحر بابل وسجع البلابل, ديوان السيد جعفر الحلي.

الخاقاني, علي, شعراء الغري.

الخليلي، جعفر، موسوعة العتبات المقدسة، منشورات الاعملي، بيروت، قسم النجف الثاني.

الخوئي, محمد أمين, مرآة الشرق.

الطاهر, علي جواد, ديوان الجعفري، مطبعة دار الحرية, 1985م.

 الشبلي, هلال كاظم, مجلة الغري ودورها الثقافي السياسي في العراق خلال الحرب العالمية الثانية, رسالة ماجستير مقدمة الى كلية التربية جامعة القادسية.

شكر, كاظم, النجف رجال وافكار ومواقف.

الصغير, محمد حسين, أساطين المرجعية العليا في النجف الأشرف.

علي شمخي جبر, أضواء على الصحافة النجفية ودورها الفكري والاصلاحي (1910 – 1968), مجلة أهل البيت عليهم السلام, العدد 10.

 كاشف الغطاء, عباس, أرجوزة في الحج والصيام والخمس, مخطوط.

 كاشف الغطاء, محمد الحسين, العقبات العنبرية في الطبقات الجعفرية, تح: كريم الكمولي, مؤسسة كاشف الغطاء العامة, قيد الطبع.

كاشف الغطاء, محمد الحسين, عقود حياتي من العقد الأول إلى العقد الثامن, تح: امير كاشف الغطاء, نشر مكتبة ومدرسة الامام كاشف الغطاء, 1433هـ.

كاشف الغطاء, محمد رضا, حاشية على شرح ابن الناظم.

 كاشف الغطاء, محمد رضا, مناهل الأدب العربي, الشريف الرضي, مكتبة صادر, بيروت.

كاشف الغطاء, هادي, رسالة في فن التجويد, تح: خليل المشايخي, نشر وطباعة مؤسسة كاشف الغطاء العامة, طباعة شركة صبح للطباعة والتجليد, لبنان, ط2, 1434هـ.

كمال الدين, محمد علي, تيسير العربية.

المطبعي, حميد, عبد الرزاق محيي الدين من بناة المدرسة الفكرية، جريدة الزمان العدد 230 في 5/1/2006.

مندي، جرمي. مدخل إلى دراسات الترجمة نظريات وتطبيقات, ترجمة هشام علي جواد, مراجعة عدنان خالد عبد الله. أبوظبي: كلمة. 2009.

 الموسوعة الوثائقية, قسم الوثائق في مؤسسة كاشف الغطاء.

 نقد الاقتراحات المصرية، جمع: مؤسسة كاشف الغطاء العامة.

الهلالي, عبد الرزاق, تاريخ التعليم في العراق في العهد العثماني.

 
 
البرمجة والتصميم بواسطة : MWD